مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وجابر. وقال ابن عباس إلا آية وهي قوله تعالى :" يسأله من في السماوات والأرض ". الآية.
وقال ابن مسعود ومقاتل هي مدنية كلها١
بسم الله الرحمان الرحيم
بسم الله الرحمان الرحيم. الرحمن علم القرآن. انظر تفسير القرطبي ١٧، ١٥..
ﰡ
(ويثرب تعلم أنا بها | إذا التبس الأمر ميزانها) |
(مبارك الوجه يستسقى الغمام به | ما في الأنام له عدل ولا خطر) |
(جاد الإله أبا الوليد ورهطه | رب الأنام وخصه بسلام) |
(وذات أثارة أكلت عليها | نباتاً في أكمتة قفار) |
(سلام الإله وريحانه... ورخيته وسماء درر)
قاله الضحاك، ورخيته هي لغة حِمْيَر. الثاني: أن الريحان الزرع الأخضر الذي لم يسنبل، قاله ابن عباس. الثالث: أنه الريحان الذي يشم، قاله الحسن، والضحاك، وابن زيد. الرابع: أن العصف الورق الذي لا يؤكل والريحان هو الحب المأكول، قاله الكلبي. ﴿فَبِأَيِّءَالآءِ رَبِّكُمْا تُكّذِّبَانِ﴾ في الآلاء قولان: أحدهما: أنها النعم، وتقديره فبأي نعم ربكما تكذبان، قاله ابن عباس، ومنه قول طرفة:
(كامل يجمع الآلاء الفتى... بيديه سيد السادات خصم)
الثاني: أنها القدرة، وتقدير الكلام فبأي قدرة ربكما تكذبان، قاله ابن زيد، والكلبي.
أحدهما : علمه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أداه إلى جميع الناس.
الثاني : سهل تعلمه على جميع الناس.
أحدهما : يعني آدم، قاله الحسن وقتادة.
الثاني : أنه أراد جميع الناس وإن كان بلفظ واحد، وهو قول الأكثرين.
أحدها : أن البيان الحلال والحرام، قاله قتادة.
الثاني : الخير والشر، قاله الضحاك، والربيع بن أنس.
الثالث : المنطق والكلام، قاله الحسن.
الرابع : الخط، وهو مأثور.
الخامس : الهداية، قاله ابن جريج.
السادس : العقل لأن بيان اللسان مترجم عنه.
ويحتمل سابعاً : أن يكون البيان ما اشتمل على أمرين : إبانة ما في نفسه ومعرفة ما بين له.
وقول ثامن لبعض أصحاب الخواطر : خلق الإنسان جاهلاً به، فعلمه السبيل إليه.
أحدها : يعني بحساب، قاله ابن عباس، والحسبان مصدر الحساب، وقيل : جمعه.
الثاني : معنى الحسبان هذه آجالها، فإذا انقضى الأجل كانت القيامة، قاله السدي.
الثالث : أنه يقدر بهما الزمان لامتياز النهار بالشمس والليل بالقمر ولو استمر أحدهما فكان الزمان ليلاً كله أو نهاراً كله لما عرف قدر الزمان، قاله ابن زيد.
الرابع : يدوران، وقيل إنهما يدوران في مثل قطب الرحى، قاله مجاهد.
الخامس : معناه يجريان بقدر.
أحدهما : نجم السماء، وهو موحد والمراد به جميع النجوم، قاله مجاهد.
الثاني : أن النجم النبات الذي قد نجم في الأرض وانبسط فيها، ليس له ساق، والشجر ما كان على ساق، قاله ابن عباس.
وفي سجودهما خمسة أقاويل :
أحدها : هو سجود ظلهما، قاله الضحاك. الثاني : هو ما فيهما من الصنعة والقدرة التي توجب السجود والخضوع، قاله ابن بحر.
الثالث : أن سجودهما دوران الظل معهما، كما قال تعالى :﴿ يتفيأ ظلاله١ ﴾، قاله الزجاج.
الرابع : أن سجود النجم أفوله، وسجود الشجر إمكان الإجتناء لثمارها.
الخامس : أن سجودهما أنهما يستقبلان الشمس إذا أشرقت ثم يميلان معها إذا انكسر الفيء، قاله الفراء.
﴿ وَوَضَعَ المِيزَانَ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه الميزان ذو اللسان ليتناصف به الناس في الحقوق، قاله الضحاك.
الثاني : أن الميزان الحكم.
الثالث : قاله قتادة، ومجاهد، والسدي : أنه العدل، ومنه قول حسان :
ويثرب تعلم أنا بها *** إذا التبس الأمر ميزانها١
أي أهل عدل.
وشرب التعليم أنابها إذ النفس الحق ميزانها.
أحدها : أنه العدل وطغيانه الجور، قاله مجاهد.
الثاني : أنه ميزان الأشياء الموزونات وطغيانه البخس، قاله مقاتل، وقال ابن عباس : يا معشر الموالي وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم : المكيال والميزان.
الثالث : أنه الحكم، وطغيانه التحريف.
﴿ وَلاَ تُخْسِرُوا المِيزَانَ ﴾ أي لا تنقصوه بالبخس قيل : إنه المقدار : فالجور إن قيل : إنه العدل، والتحريف إن قيل : الحكم.
وفي وجه رابع : أنه ميزان حسناتكم يوم القيامة.
وفي الأنام ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم الناس، قاله ابن عباس، وفيه قول بعض الشعراء في رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(على أن ليس عدلاً من كليب | إذا ما ضيم جيران المجير) |
(على أن ليس عدلاً من كليب | إذا خرجت مخبأة الخدور) |
مبارك الوجه يستسقى الغمام به | ما في الأنام له عدل ولا خطر١ |
الثالث : أن الأنام جميع الخلق من كل ذي روح، قاله مجاهد، وقتادة والسدي، سمي بذلك لأنه ينام، قال الشاعر :
جاد الإله أبا الوليد ورهطه | رب الأنام وخصه بسلام |
أحدها : أن ذات الأكمام النخل، وأكمامها ليفها الذي في أعناقها، قاله الحسن.
الثاني : أنه رقبة النخل التي تكمم فيه طلعاً، ومنه قول الشاعر١ :
وذات أثارة أكلت عليها | نباتاً في أكمتة قفار |
الرابع : أن معنى ذات الأكمام أي ذوات فضول على كل شيء، قاله ابن عباس.
وأما العصف ففيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : تبن الزرع وورقه الذي تعصفه الريح، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه الزرع إذا اصفر ويبس.
الثالث : أنه حب المأكول منه، قاله الضحاك، كما قال تعالى :﴿ كَعَصْفٍ مَأكُولٍ ﴾.
وأما الريحان ففيه خمسة أوجه :
أحدها : أنه الرزق، قاله مجاهد، وسعيد بن جبير، والسدي، والعرب تقول : خرجنا نطلب ريحان الله أي رزقه، ويقال سبحانك وريحانك أي رزقك، وقال النمر بن تولب :
سلام الإله وريحانه *** ورخيته١ وسماء درر
قاله الضحاك، ورخينة هي لغة حِمْيَر.
الثاني : أن الريحان الزرع الأخضر الذي لم يسنبل، قاله ابن عباس.
الثالث : أنه الريحان الذي يشم، قاله الحسن، والضحاك، وابن زيد.
الرابع : أن العصف الورق الذي لا يؤكل والريحان هو الحب المأكول، قاله الكلبي.
أحدهما : أنها النعم، وتقديره فبأي نعم ربكما تكذبان، قاله ابن عباس، ومنه قول طرفة :
كامل يجمع الآلاء الفتى | بيديه سيد السادات خصم |
وفي قوله ربكما إشارة إلى الثقلين الإنس والجن في قول الجميع.
وقد روى محمد بن المنكدر عن جابر قال : قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها ثم قال :" مِا لِي أَرَاكُم سُكُوتاً ؟ ! الجِنُّ أَحْسَنُ مِنكُم رَداً، كُنتُ كُلَّمَا قَرأَتُ عَلَيهِم الآيةَ ﴿ فَبَأَيِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ قَالُوا : وَلاَ بِشَيءٍ مِن نِّعَمِكَ رَبَّنَا نُكّذِّبُ فَلَكَ الحَمْدُ١ ".
وتكرارها٢ في هذه السورة لتقرير النعم التي عددها، فقررهم عند كل نعمة منها، كما تقول للرجل أما أحسنت إليك حين وهبت إليك مالاً ؟ أما أحسنت إليك حين بنيت لك داراً، ومنه قول مهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليباً :
على أن ليس عدلاً من كليب | إذا ما ضيم جيران المجير |
على أن ليس عدلاً من كليب | إذا خرجت مخبأة الخدور |
٢ المراد تكرار: "فبأي آلاء ربكما تكذبان"..
(من كل مرجانة في البحر أخرجها | تيارها ووقاها طينة الصدف) |
(وإن صخراً لتأتم الهداة به | كأنه علم في رأسه نار) |
أحدها : أنه لهب النار، قاله ابن عباس.
الثاني : خلط النار، قاله أبو عبيدة.
الثالث : أنه [ اللهب ] الأخضر والأصفر [ والأحمر ] الذي يعلو النار إذا أوقدت ويكون بينها وبين الدخان، قاله مجاهد.
الرابع : أنها النار المرسلة التي لا تمتنع، قاله المبرد.
الخامس : أنها النار المضطربة التي تذهب وتجيء، وسمي مارجاً لاضطرابه وسرعة حركته.
وفي الجان المخلوق من مارج من نار قولان :
أحدهما : أنه أبو الجن، قاله أبو فروة يعقوب عن مجاهد.
الثاني : أنه إبليس، وهو قول مأثور.
وفي النار التي خلق من مارجها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها من النار الظاهرة بين الخلق، قاله الأكثرون.
الثاني : من نار تكون بين الجبال من دون السماء وهي كالكلة الرقيقة، قاله الكلبي.
الثالث : من نار دون الحجاب ومنها هذه الصواعق وترى خلق السماء منها، قاله الفراء.
أحدها : أن المشرقين مشرق الشمس في الشتاء والصيف، والمغربين مغرب الشمس في الشتاء والصيف، قاله ابن عباس.
الثاني : أن المشرقين مشرق الشمس والقمر، والمغربين مغربهما.
الثالث : أن المشرقين الفجر والشمس، والمغربين الشمس والغسق.
وأغمض سهل بن عبد الله بقول رابع : أن المشرقين مشرق القلب واللسان، والمغربين مغرب القلب واللسان.
أحدهما : أنه بحر السماء وبحر الأرض، قاله ابن عباس.
الثاني : بحر فارس والروم، قاله الحسن، وقتادة.
الثالث : أنه البحر المالح والأنهار العذبة، قاله ابن جريج.
الرابع : أنه بحر المشرق وبحر المغرب يلتقي طرفاهما.
الخامس : أنه بحر اللؤلؤ وبحر المرجان.
وأما ﴿ مَرَجَ البَحْرَيْنِ ﴾ ففيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : تفريق البحرين، قاله ابن صخر١.
الثاني : إسالة البحرين، قاله ابن عباس.
الثالث : استواء البحرين، قاله مجاهد.
وأصل المرج، الإهمال كما تمرج الدابة في المرج.
أحدها : أنه حاجز، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه عرض الأرض، قاله مجاهد.
الثالث : أنه ما بين السماء والأرض، قاله عطية، والضحاك.
الرابع : أنه الجزيرة التي نحن عليها وهي جزيرة العرب١، قاله الحسن، وقتادة.
وفي قوله :﴿ لاَ يَبْغِيَانِ ﴾ ثلاثة أقاويل :
أحدها : لا يختلطان لا يسيل العذب على المالح ولا المالح على العذب، قاله الضحاك.
الثاني : لا يبغي أحدهما على صاحبه فيغلبه، قاله مجاهد، وقتادة.
الثالث : لا يبغيان أن يلتقيا، قاله ابن زيد، وتقدير الكلام، مرج البحرين يلتقيان لولا البرزخ الذي بينهما لا يبغيان أن يلتقيا.
وقال سهل [ بن عبد الله ] : البحران طريق الخير وطريق الشر، والبرزخ الذي بينهما التوفيق والعصمة.
أحدها : عظام اللؤلؤ وكباره، وقاله علي وابن عباس، ومنه قول الأعشى :
من كل مرجانة في البحر أخرجها | تيارها ووقاها طينة الصدف |
الثالث : أنه الخرز الأحمر كالقضبان، قاله ابن مسعود.
الرابع : أنه الجوهر المختلط، مأخوذ من مرجت الشيء إذا خلطته.
وفي قوله :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا ﴾ وجهان :
أحدهما : أن المراد أحدهما وإن عطف بالكلام عليهما.
الثاني : أنه خارج منهما على قول ابن عباس أنهما بحر السماء وبحر الأرض، لأن ماء السماء إذا وقع على صدف البحر انعقد لؤلؤاً، فصار خرجاً منهما.
وفيه وجه ثالث : أن العذب والمالح قد يلتقيان فيكون العذب كاللقاح للمالح فنسب إليهما كما نسب الولد إلى الذكر والأنثى وإن ولدته الأنثى، ولذلك قيل إنه لا يخرج اللؤلؤ إلا من موضع يلتقي فيه العذب والمالح.
وأما المنشآت ففيها خمسة أوجه :
أحدها : أنها المخلوقات، قاله قتادة مأخوذ من الإنشاء.
الثاني : أنها المحملات، قاله مجاهد.
الثالث : أنها المرسلات، ذكره ابن كامل.
الرابع : المجريات، قاله الأخفش.
الخامس : أنها ما رفع قلعه منها وهي الشرع فهي منشأة، وما لم يرفع ليست بمنشأة، قاله الكلبي.
وقرأ حمزة ﴿ المُنشَئَاتُ ﴾ بكسر الشين، وفي معناه على هذه القراءة وجهان :
أحدهما : البادئات١، قاله ابن إسحاق والجارود بن أبي سبرة.
الثاني : أنها يكثر نشأً بجريها وسيرها في البحر كالأعلام، قاله ابن بحر.
وفي قوله :﴿ كَالأَعْلاَمِ ﴾ وجهان :
أحدهما : يعني الجبال سميت بذلك لارتفاعها كارتفاع الأعلام، قاله السدي. قالت الخنساء :
وإن صخراً لتأتم الهداة به | كأنه علم في رأسه نار |
أحدهما : يسألونه الرزق لأهل الأرض فكانت المسألتان جميعاً من أهل السماء وأهل الأرض، لأهل الأرض، قاله ابن جريج وروته عائشة مرفوعاً.
الثاني : أنهم يسألونه القوة على العبادة، قاله ابن عطاء، وقيل إنهم يسألونه لأنفسهم الرحمة، قاله أبو صالح.
قال قتادة : لا استغنى عنه أهل السماء ولا أهل الأرض، قال الكلبي : وأهل السماء يسألونه المغفرة خاصة لأنفسهم ولا يسألونه الرزق، وأهل الأرض يسألونه المغفرة والرزق.
﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأنٍ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه أراد شأنه في يومي الدنيا والآخرة، قال ابن بحر : الدهر كله يومان١ : أحدهما : مدة أيام الدنيا، والآخر : يوم القيامة، فشأنه سبحانه في أيام الدنيا الابتلاء والاختبار بالأمر، والنهي، والإحياء، والإماتة، والإعطاء، والمنع، وشأنه يوم القيامة الجزاء، والحساب، والثواب، والعقاب.
والقول الثاني : أن المراد بذلك الإخبار عن شأنه في كل يوم من أيام الدنيا.
وفي هذا الشأن الذي أراده في أيام الدنيا قولان :
أحدهما : من بعث من الأنبياء في كل زمان بما شرعه لأمته من شرائع الدين وكان الشأن في هذا الموضع هو الشريعة التي شرعها كل نبي في زمانه ويكون اليوم عبارة عن المدة.
والقول الثاني : ما يحدثه الله في خلقه من تبدل الأحوال واختلاف الأمور، ويكون اليوم عبارة عن الوقت.
روى مجاهد عن عبيد بن عمير قال : كل يوم هو في شأن، يجيب داعياً، ويعطي سائلاً، ويفك عانياً، ويتوب على قوم، ويغفر لقوم.
وقال سويد بن غفلة : كل يوم هو في شأن، هو يعتق رقاباً، ويعطي رغاباً، ويحرم عقاباً.
وقد روى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأنٍ ﴾ مِن شَأَنِهِ أَن يَغْفِرَ ذَنباً، وَيَفْرِجَ كَرْباً، وَيَرفَعَ قَوماً، وَيَضَعَ آخَرِينَ٢ "
٢ أخرجه ابن ماجه وابن حبان والطبراني والبزار وأبو يعلى..
(الآن وقد فرغت إلى نمير | فهذا حين كنت لها عذاباً) |
(همزتك فاختضعت بذل نفسٍ... بقافية تأجج كالشواظ)
الثاني: أنه قطعة من النار فيها خضرة، قاله مجاهد. الثالث: أنه الدخان، رواه سعيد بن جبير، قال رؤبة بن العجاج:
(إن لهم من وقعنا أقياظا... ونار حرب تسعر الشواظا)
الرابع: أنها طائفة من العذاب، قاله الحسن. وأما النحاس ففيه أربعة أقاويل: أحدها: أنه الصفر المذاب على رؤوسهم، قاله مجاهد، وقتادة. الثاني: أنه دخان النار، قاله ابن عباس، قال النابغة الجعدي:
(كضوء سراج السلي... ط لم يجعل الله فيه نحاساً.)
الثالث: أنه القتل، قاله عبد الله بن أبي بكرة. الرابع: أنه نحس لأعمالهم، قاله الحسن.
أحدهما : إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا، لن تعلموه إلا بسلطان، قاله عطية العوفي.
الثاني : إن استطعتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هرباً من الموت فانفذوا، قاله الضحاك.
﴿ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلطَانٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني إلا بحجة، قاله مجاهد، قاله ابن بحر : والحجة الإيمان.
الثاني : لا تنفذون إلا بمُلك وليس لكم مُلك، قاله قتادة.
الثالث : معناه لا تنفذون إلا في سلطانه وملكه، لأنه مالك السموات والأرض وما بينهما، قاله ابن عباس.
أحدها : أن الشواظ لهب النار، قاله ابن عباس، ومنه قول أمية بن١ أبي الصلت يهجو حسان بن ثابت :
(يمانياً يظل يشد كيراً | وينفخ دائباً لهب الشواظ) |
يمانياً يظل يشد كيراً | وينفخ دائباً لهب الشواظ |
همزتك فاختضعت بذل نفسٍ٢ | بقافية تأجج كالشواظ |
الثالث : أنه الدخان، رواه سعيد بن جبير، قال رؤبة بن العجاج :
إن لهم من وقعنا أقياظا | ونار حرب تسعر الشواظا |
وأما النحاس ففيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنه الصفر المذاب على رؤوسهم، قاله مجاهد، وقتادة.
الثاني : أنه دخان النار، قاله ابن عباس، قال النابغة الجعدي :
يضيء كضوء سراج السلي | ط لم يجعل الله فيه نحاساً٣ |
الرابع : أنه نحس لأعمالهم، قاله الحسن.
٢ في ك: فاجتمعت والتصويب من سيرة ابن هشام ١/ ٣٨٢. ومعنى اختضعت: تذللت. وقد جعل المؤلف بيت حسان هذا لأمية مع البيت الأول وليس كما ذكر..
٣ يصف الشاعر وجه محبوبته..
٤ في تفسير القرطبي١٧/ ١٧٢ عبد الرحمان وأنه قرأ "نحس" من حس يحس إذا استأصل ومنه قوله تعالى "إذ تحسنوهم بإذنه"..
(فلو كنت ورداً لونه لعشقتني | ولكن ربي شانني بسواديا) |
(وأجرد من فحول الخيل طرف | كأن على شواكله دهانا) |
(وتخضب لحية غدرت وخانت | بأحمر من نجيع الجوف آن) |
أحدها : كانت المسألة قبل، ثم ختم على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، قاله قتادة.
الثاني : أنه لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا، قاله ابن عباس.
الثالث : لا يسأل الملائكة عنهم لأنهم قد رفعوا أعمالهم في الدنيا، قاله مجاهد.
الرابع : أنه لا يسأل بعضهم بعضاً عن حاله لشغل كل واحد منهم بنفسه، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.
الخامس : أنهم في يوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه فهم معروفون بألوانهم فلم يسأل عنهم، قاله الفراء.
وفي قوله تعالى :﴿ ءَانٍ ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : هو الذي انتهى حره وحميمه، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي، ومنه قول النابغة الذبياني :
وتخضب لحية غدرت وخانت | بأحمر من نجيع الجوف آن |
الثاني : أنه الحاضر، قاله محمد بن كعب.
الثالث : أنه الذي قد آن شربه وبلغ غايته، قاله مجاهد.
أحدها : ذواتا ألوان، قاله ابن عباس.
الثاني : ذواتا أنواع من الفاكهة، قاله الضحاك.
الثالث : ذواتا أتا١ وسَعَةٍ، قاله الربيع بن أنس.
الرابع : ذواتا أغصان، قاله الأخفش وابن بحر.
والأفنان جمع واحده فنن كما قال الشاعر :
(ما هاج سوقك من هديل حمامة | تدعوا على فنن الغصون حماما) |
(تدعو أبا فرخين صادف ضارياً | ذا مخلبين من الصقور قطاما) |
ما هاج شوقك من هديل حمامة | تدعوا على فنن الغصون حماما |
تدعو أبا فرخين صادف ضارياً | ذا مخلبين من الصقور قطاما |
(هذا جناي وخياره فيه | إذ كل جان يده إلى فيه) |
(دفعن إليَّ لم يطمثن قبلي | وهن أصح من بيض النعام) |
﴿ لَمْ يَطْمَثهنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها١ : لم يمسسهن، قال أبو عمرو : والطمث المس، وذلك في كل شيء يمس.
الثاني : لم يذللهن إنس قبلهم ولا جان، والطمث : التذليل، قاله المبرد.
الثالث : لم يُدْمِهُنَّ٢ يعني بالنكاح إنس ولا جان، وذلك قيل للحيض طمث، قال الفرزدق :
دفعن٣ إليَّ لم يطمثن قبلي | وهن أصح من بيض النعام |
٢ المراد الافتضاض لأن به ينزل الدم..
٣ في اللسان: وقعن..
أحدها : هل جزاء الطاعة إلا الثواب.
الثاني : هل جزاء الإحسان في الدنيا إلا الإحسان في الآخرة، قاله ابن زيد.
الثالث : هل جزاء من شهد أن لا إله إلا الله إلا الجنة، قاله ابن عباس.
الرابع : هل جزاء التوبة إلا المغفرة، قاله جعفر بن محمد الصادق.
ويحتمل خامساً : هل جزاء إحسان الله عليكم إلا طاعتكم له.
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس وقتادة إلا آية منها نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى: ﴿وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون﴾. بسم الله الرحمن الرحيم
أحدها : أي خضراوان، قاله ابن عباس.
الثاني : مسودتان، قاله مجاهد، مأخوذ من الدهمة وهي السواد، ومنه سمي سود الخيل دهماً.
الثالث :[ خضروان من الرّي ] ١ ناعمتان، قاله قتادة.
أحدهما : ممتلئتان لا تنقطعان، قاله الضحاك.
الثاني : جاريتان، قاله الفراء.
الثالث : فوّارتان، وذكر في الجنتين الأوليين عينين تجريان، وذكر في الأخريين عينين نضاختين، والجري أكثر من النضخ.
وبماذا هما نضاختان ؟ فيه أربعة أوجه :
أحدها : بالماء، قاله ابن عباس.
الثاني : بالمسك والعنبر، قاله أنس.
الثالث : بالخير والبركة، قاله الحسن، والكلبي.
الرابع : بأنواع الفاكهة، قاله سعيد بن جبير.
أحدهما : الخير والنعم المستحسنة.
الثاني : خيرات الفواكه والثمار، وحسان في المناظر والألوان.
والقرءة الثانية بالتشديد، وفي المراد بها قولان :
أحدهما : مختارات.
الثاني : ذوات الخير وفيهن قولان :
أحدهما : أنهن الحور المنشآت في الآخرة.
الثاني : أنهن النساء المؤمنات الفاضلات من أهل الدنيا.
وفي تسميتهن خيرات أربعة أوجه :
أحدها : لأنهن خيرات الأخلاق حسان الوجوه، قاله قتادة وروته أم سلمة مرفوعاً :
الثاني : لأنهن عذارى أبكاراً، قاله أبو صالح.
الثالث : لأنهن مختارات.
الرابع : لأنهن خيرات صالحات، قاله أبو عبيدة.
أحدها : مقصورات الطرف على أزواجهن فلا يبغين بهم بدلاً، ولا يرفعن طرفاً إلى غيرهم من الرجال، قاله مجاهد.
الثاني : المحبوسات في الحجال لَسْنَ بالطوافات في الطرق، قاله ابن عباس.
الثالث : المخدرات المصونات، ولا متطلعات ولا متشوِّفات، قاله زيد بن الحارث، وأبو عبيدة.
الرابع : أنهن المسكنات في القصور، قاله الحسن.
ويحتمل خامساً : أن يريد بالمقصورات البيض، مأخوذ من قصارة الثوب إذا بيض، لأن وقوع الفرق بين المقصورات والقاصرات يقتضي وقوع الفرق بينهما في التأويل :
وفي الخيام ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الخيام هي البيوت، قاله ابن بحر.
الثاني : أنها خيام تضرب لأهل الجنة خارج الجنة كهيئة البداوة، قاله سعيد بن جبير.
الثالث : أنها خيام في الجنة تضاف إلى القصور.
روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال١ :" الخِيَامُ الدُّرُّ المُجَوَّفُ ".
قال الكلبي : وهن محبوسات لأزواجهن في الخيام من الدر المجوف.
روي عن أسماء بنت يزيد٢ الأشهلية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إننا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم وحوامل أولادكم، فهل نشارككم في الأجر ؟ فقال عليه السلام :" نَعَم إِذَا أَحْسَنْتُنَّ تَبَعُّلَ٣ أَزَوَاجِكُنَّ وَطَلَبْتُنَّ مَرْضاتُهُم ".
٢ في الأصول بنت عبد، والتصويب من التهذيب..
٣ أي أحسنتن مصاحبتهم في الزوجية والعشرة..
أحدها : أن الرفرف المحبس١ المطيف ببسطه، قاله ابن كامل.
الثاني : فضول الفرش والبسط، قاله ابن عباس.
الثالث : أنها الوسائد، قاله الحسن وعاصم الجحدري.
الرابع : أنها الفرش المرتفعة، مأخوذ من الرف.
الخامس : أنها المجالس يتكئون على فضولها.
السادس : رياض الجنة، قاله ابن جبير.
﴿ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾ فيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنها الطنافس المخملية، قاله الحسن.
الثاني : الديباج، قاله مجاهد.
الثالث : أنها ثياب في الجنة لا يعرفها أحد، قاله مجاهد [ أيضاً ].
الرابع : أنها ثياب الدنيا تنسب إلى عبقر.
وفي عبقري قولان :
أحدهما : أنه سيد القوم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر رضي الله عنه :" فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِياً مِنَ النَّاسِ يَفْري فَرِيَّه٢ " فنسبه إلى أرفع الثياب لاختصاصه.
الثاني : أرض عبقر.
وفي تسميتها بذلك قولان :
أحدهما : لكثرة الجن فيها.
الثاني : لكثرة رملها ويكون المراد بذلك أنها تكون مثل العبقري لأن ما ينسج بعبقر٣ لا يكون في الجنة إذا قيل إن عبقر اسم أرض.
٢ رواه البخاري في فضائل الصحابة، ومسلم في فضائل الصحابة أيضا والترمذي في الرؤيا..
٣ عبقر: قرية بالبحر يسبح فها بسط منقوشة (الصاوي على الجلالين ٤/ ١٦٠)..
أحدهما : معناه ثبت اسم ربك ودام.
الثاني : أن ذكر اسمه يمن وبركة، ترغيباً في مداومة ذكره.
﴿ ذِي الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ ﴾ في ﴿ ذِي الجَلاَلِ ﴾ وجهان :
أحدهما : أنه الجليل.
الثاني : أنه المستحق للإجلال والإعظام.
وفي ﴿ الإكْرَامِ ﴾ وجهان :
أحدهما : الكريم.
الثاني : ذو الإكرام لمن يطيعه.