تفسير سورة الذاريات

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة الذاريات من كتاب مجاز القرآن المعروف بـمجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة معمر بن المثنى . المتوفي سنة 209 هـ

«سورة الذاريات» (٥١)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

«وَالذَّارِياتِ ذَرْواً» (١) هى الريح وناس يقولون: المذريات للريح، ذر وأذرت لغتان..
«فَالْحامِلاتِ وِقْراً» (٢) السحاب..
«فَالْجارِياتِ يُسْراً» (٣) السّفن..
«فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً» (٤) الملائكة..
«وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ» (٧) الطرائق ومنها سمّى حباك الحائط الإطار وحباك الحمام طرائق على جناحيه، وطرائق الماء حبكه وقال زهير:
مكلل بأصول النّجم تنسجه ريح خريق لضاحى مائه حبك
«١» [٨٦٤].
«يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ» (٩) يدفع عنه ويحرمه كما تؤفك الأرض..
«قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ» (١٠) المتكّهنون..
«يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ» (١٢) يوم الحساب، متى يوم الدين. «٢»
(١). - ٨٦٤: ديوانه ص ١٧٦ والقرطبي ١٧/ ٣٢ وشواهد الكشاف ٢٠٩.
(٢). - ٨٦٥: ديوانه ص ٥٩٩.
«ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ» (١٤) تم الكلام ثم جاء هذا بعد ائتناف..
«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ» (١٥- ١٦) انتصب لأن الكلام قد تم خبره فإن شئت رفعته وإن شئت أخرجته إلى النصب..
«كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ» (١٧) أي يهجعون قليلا من الليل..
«وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ» (٢٢) فيه مضمر مجازه: عند من فى السماء رزقكم وعنده ما توعدون، وفى آية أخرى: «أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ» (١٢/ ٧٠)، «وسل القرية» (١٢/ ٨٢) فهذا كله فيه إضمار والعرب تفعل ذلك قال نابغة بنى ذبيان:
كأنك من جمال بنى أقيش يقعقع خلف رجليه بشنّ
(٥٤) أراد كأنك جمل من جمال بنى أقيش. وقال الأسدىّ:
كذبتم وبيت الله لا تنكحونها بنى شاب قرناها تصرّ وتحلب
(٥٥) فيه ضمير «التي» شاب قرناها. وقوله «وسل القرية» سل من فى القرية..
«إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ» (٢٣) مجازها: كما أنكم تنطقون..
«هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ» (٢٤- ٢٥) ضيف مثل خصم يقع على الواحد والجميع..
«فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ» (٢٥) قال تجىء للحكاية وفى موضع فعل يعمل فجاءت المنصوبة وقد عمل فيها «قالوا» وجاء المرفوع كأنه حكاية..
«فَراغَ إِلى أَهْلِهِ» (٢٦) عدل «١» إلى أهله.
(١). - ١٨ «فراغ... عدل» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة (فتح الباري ٨/ ٤٦٠).
«فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً» (٢٨) أضمر خيفة أي خوفا..
«فِي صَرَّةٍ» (٢٩) شدة صوت، يقال: أقبل فلان يصطر أي يصوت صوتا شديدا «١»..
«قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ» (٢٩) مختصر أي أنا عجوز عقيم.
«مُسَوَّمَةً» (٣٤) معلمة ويقال: إنه كان عليها مثل الخواتيم «٢»..
«فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ» (٣٩) وبجانبه سواء إنما هى ناحيته. «وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ» (٣٩) أو هاهنا فى موضع الواو التي للموالاة لأنهم قد قالوهما جميعا له قال جرير:
أثعلبة الفوارس أو رياحا عدلت بهم طهيّة والخشابا «٣»
(٧٣٨) الخشاب «٤» بنو رزام بن مالك وربيعة وكعب بن مالك بن حنظلة..
«أَتَواصَوْا بِهِ» (٥٣) أتواطئوا «٥» عليه وأخذه بعضهم عن بعض وإذا كانت
(١). - ٢ صرة... شديدا: رواه ابن حجر عنه (فتح الباري ٨/ ٤٦٠).
(٢). - ٤ «الخواتيم» : جمع الخاتام: وفى اللسان: وقال سيبويه: الذين قالوا خواتيم إنما جعلوه تكسير فاعال وإن لم يكن فى كلامهم وهذا دليل على أن سيبويه لم يعرف خاتاما.
(٣). - ٦- ٨ «أو هاهنا... والخشابا» : رواه الطبري (٢٧/ ٣) عن أبى عبيدة.
(٤). - ٨ «الخشاب» : قال الجوهري: وبنو رزام بن مالك بن حنظلة يقال لهم الخشاب (خشب).
وقال أبو عبيدة: والخشاب ربيعة ورزام أخوتهم بنو مالك بن حنظلة من غير طهية (النقائض ص ٤٣٤).
(٥). - ١٠ «تواصو به تواطئوا» : أخذ البخاري هذا الكلام بعد ذكره: وقال غيره... الكلام وقال ابن حجر:
شيمة غالبة على قوم قيل كأنما تواصوا بكذا وكذا..
«فَتَوَلَّ عَنْهُمْ» (٥٤) أي أعرض عنهم واتركهم قال حصين بن ضمضم
سقط هذا لأبى ذر وقد أخرجه ابن المنذر من طريق أبى عبيدة قول أتواصوا كأنما تواصوا به (فتح الباري ٨/ ٤٦١).
أمّا بنو عبس فإنّ هجينهم ولّى فوارسه وأفلت أعورا
«١» [٨٦٧] والأعور الذي قد عوّر فلم يقض حاجته ولم يصب ما طلب «٢» قال العجّاج:
وعوّر الرحمن من ولّى العور
«٣» [٨٦٨] وليس هو من عور العين ويقال للمستجيز الذي يطلب الماء فإذا لم يسقه قيل:
قد عوّرت شربه «٤» قال الفرزدق:
متى ما ترد يوما سفار تجد به أديهم يرمى المستجيز المعوّرا
«٥» [٨٦٩].
«فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ» (٥٩) أي نصيبا قال علقمة بن عبدة:
وفى كل يوم قد خبطت بنائل فحقّ لشأش من نداك ذنوب
«٦» [٨٧٠]
(١). - ٨٦٧: «حصين بن ضمضم» : له ذكر فى الأغانى ٩/ ١٤٢- ١٤٣. والبيت فى الطبري ٢٧/ ٧.
(٢). - ٤ «والأعور... طلب» : هذا الكلام فى الطبري (٢٧/ ٧) ببعض نقص وزيادة.
(٣). - ٨٦٨: ديوانه ص ١٥ واللسان (عور).
(٤). - ٦- ٧ «ويقال... شربه» : رواه الجوهري عن أبى عبيدة (عور).
(٥). - ٨٦٩: فى الصحاح واللسان (عور) ومعجم البلدان ٣/ ٩٥ وشواهد المغني ص ٩٩.
(٦). - ٨٧٠: ديوانه من الستة ص ١٠٧ والكتاب ٢/ ٤٧٣ والطبري ٢٧/ ٨ والشنتمرى ٢/ ٤٢٣ والقرطبي ١٧/ ٥٧ وشواهد الكشاف ٤٣. [.....]
228
فقال الملك وأذنبة «١»، أي نصيب. وإنما أصلها من الدلو والذنوب والسّجل واحد وهو ملء الدلو وأقل قابلا. قال الفضل بن عبّاس بن عتبة بن أبى لهب:
من يساجلنى يساجل ماجدا... يملأ الدلو إلى عقد الكرب
«٢» [٨٧١]
(١). - ١ «فقال... أذنبة» : هذا قول الحارث بن أبى شمس الغساني: وكان قد أوقع بينى تميم وأسر منهم تسعون رجلا فيهم شأس بن عبدة أخو علقمة فوفد عليه علقمة مادحا له وراغبا فى أخيه فلما أنشد القصيدة وانتهى منها إلى هذا البيت قال الحارث نعم وأذنبة... (الشنتمرى).
(٢). - ٨٧١: فى الكامل ص ١١٠ والأغانى ١٤/ ١٧١، ١٥/ ٣ والسمط ص ٧٠٠.
229
Icon