ﰡ
قوله: ﴿ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ أي بأي فرد من أفراد تلك النعم المذكورة تكذبان؟ أي تنكرانها وتكابران فيها، وذلك شأن الكفار، أولا تشكران ربكما عليها، وذلك شأن العصاة، و ﴿ آلاۤءِ ﴾ جمع ألى أو إلى كمعى وحصى، وإلى كحمل، وألى كأصل. قوله: (أيها الإنس والجنس) أي فالخطاب للثقلين، كما يشعر به قوله فيما يأتي﴿ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ ﴾[الرحمن: ٣١].
قوله: (ذكرت إحدى وثلاثين مرة) ثمانية منها عقب آيات تعداد النعم، ثم سبعة عقب ذكر النار وشدائدها على عدة أبوابها، لأن التخلص منها نعمة، ثم ثمانية عقب وصف الجنتين الأولين كعدة أبوابها، ثم ثمانية عقب وصف الجنتين اللتين هما دون الجنتين الأوليين. قوله: (والاستفهام للتقرير) ويصح أن يكون للتوبيخ على ما فصل من فنون النعم الموجبة للشكر والإيمان. قوله: (ثم قال ما لي أراكم سكوتاً) الخ، يؤخذ من ذلك أن ينبغي لسامع هذه السورة أن يجيب بهذا الجواب. قوله: (كانوا أحسن منكم رداً) أي في الجواب، فلا ينافي أن الإنس أحسن منهم فهذه مزية. قوله: (فبأي آلاء) الخ، بدل من هذه الآية. قوله: (إلا قالوا ولا بشيء من نعمك) الخ، ظاهره أن جميع ما في هذه السورة نعم، مع أن فيها﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ ﴾[الرحمن: ٣٥] الخ، و﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾[الرحمن: ٢٦] و﴿ هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ﴾[الرحمن: ٤٣] ونحو ذلك. وأجيب: بأن رفع البلاء وتأخير العذاب عن العصاة، والتسوية في الموت بين الشريف وغيره من جملة النعم، فحسن جواب الجن عقب كل واحدة. قوله: (آدم) أشار بذلك إلى أن أل في الإنسان للعهد بخلاف الإنسان المتقدم ففيه احتمالات ثلاثة. قوله: (إذا نقر) أي ليختبر هل فيه عيب أو لا.
قوله: (وهو منقوص كقاض) أي يقال: أنى يأتي، كقضى يقضي، فهو آن كقاض، وأصله أنيٌ، استثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان، حذفت الياء لالتقاء الساكنين.
قوله: ﴿ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ﴾ هذه الجملة صفة لفرش. قوله: (من السندس) أي وهو ما رق من الديباج. قوله: ﴿ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾ ﴿ جَنَى ﴾ مبتدأ بمعنى مجني خبره ﴿ دَانٍ ﴾ وأصله دانوا كغاز وقاض. قوله: (يناله القائم) الخ، قال ابن عباس: تدنو الشجرة حتى يجتنبها ولي الله، إن شاء قاعدا، وإن شاء قائماً، وإن شاء مضطجعاً، وقال الرازي: جنة الآخرة مخالفة لجنة الدنيا من ثلاثة أوجه: أحدها أن الثمرة على رؤوس الشجر، في الدنيا بعيدة عن الإنسان المتكئ، وفي الجنة يتكئ والثمرة تتدلى إليه، وثانيها أن الإنسان في الدنيا يسعى إلى الثمرة ويتحرك إليها، وفي الآخرة تدنو منه وتدور عليه، وثالثها أن الإنسان في الدنيا، إذا قرب من ثمرة شجرة بعد عن غيرها، وثمار الجنة كلها تدنو إليه في وقت واحد ومكان واحد. قوله: (في الجنتين) الخ، جواب عن سؤال مقدر حاصله: كيف أتى بضمير الجمع، مع أن المرجع مثنى؟ قوله: ﴿ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ ﴾ أي محبوسات على أزواجهن، لا يبغين بغيرهم بدلاً، لما روي أنها تقول لزوجها: وعزة ربي ما أرى في الجنة أحسن منك، فالحمد لله الذي جعلك زوجي، وجعلني زوجتك. قوله: ﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ ﴾ الطمث الجماع المؤدي إلى خروج دم البكر، ثم أطلق على كل جماع، والمعنى: لم يصبهن بالجماع قبل أزواجهن أحد. قوله: (من الحور) أي فيكن قسمين: إنسيات للإنس، وجنيات للجن. قوله: (أو من نساء الدنيا المنشآت) أي المخلوقات من غير واسطة ولادة، قوله: ﴿ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ أي أن كل واحد من أفراد النوعين، يجد زوجاته في الجنة اللاتي كن في الدنيا إبكاراً، وإن كن في الدنيا ثيبات لم يمسها غيره. قوله: ﴿ كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ ﴾ هذه الجملة نعت لقاصرات أو حال منه. قوله: (صفاء) أي فالتشبيه بالياقوت من حيث الصفاء لا من حيث الحمرة، وفلا يقال مقتضاه أن لون أهل الجنة البياض المشرب بالحمرة. قوله: (أي اللؤلؤ بياضاً) أي فالمرجان يطلق على الأحمر والأبيض، والمراد به هنا الأبيض، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن المرأة من نساء أهل الجنة، يرى بياض ساقها من وراء سعبين حلة حتى يرى مخها ".