ﰡ
قوله عز وجل: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١).
قاف: فيها المعنى الذي أقسم به [١٨١/ ب] ذكر أنها قُضى والله كما قيل فِي حُمَّ: قُضى والله، وحُمَّ والله: أي قضى.
وَيُقَال: إن (قاف) جبل محيط بالأرض، «١» فإن يكن كذلك فكأنه فِي موضع رفع، أي هو (قاف والله)، وكان [ينبغي] «٢» لرفعه أن يظهر لأنَّه «٣» اسم وليس بهجاء، فلعل القاف وحدها ذكرت من اسمه كما قَالَ الشَّاعِر:
قلنا لها: قفي، فقالت: قاف «٤» ذكرت القاف أرادت القاف من الوقوف «٥»، أي «٦» : إنى واقفة.
وقوله إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً (٣).
كلام لم يظهر قبله ما يكون هَذَا جوابًا لَهُ، ولكن معناه مضمر «٧»، إنَّما كان- والله- أعلم:
«ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ» لتبعثن «٨». بعد الموت، فقالوا: أنبعث إِذَا كُنَّا ترابا؟ فجحدوا البعث
(٢) الزيادة من ب.
(٤) هو للوليد بن عقبة بن أبى معيط أخى عثمان (رضى الله عنه) لأمه، وكان يتولى الكوفة فاتهم بشرب الخمر، فكتب إليه الخليفة يأمره بالشخوص إليه، فخرج فى جماعة، ونزل الوليد يسوق بهم، فقال:
قلت لها: قفى، فقالت: قاف... لا تحسبينا قد نسينا الإيجاف
والنشوات من معتق صاف... وعزف قينات علينا عزاف
والإيجاف: العدو، وهو أيضا: الحمل عليه (انظر المحتسب ٢/ ٢٠٤ والخصائص ١/ ٣٠).
(٥) فى ح، ش: الوقف. [.....]
(٦) سقط فى ب.
(٧) فى (ا) مضمرا، تحريف.
(٨) فى ب ليبعثن.
وقوله: قَدْ عَلِمْنا مَا تَنْقُصُ «٣» الْأَرْضُ مِنْهُمْ (٤) ما «٤» تأكل منهم.
وقوله: فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥).
فى ضلال.
وقوله: ما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦).
ليس فيها خلل ولا صدع.
وقوله: وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩).
والحب هُوَ الحصيد، وهو مما أضيف إلى نفسه مثل قوله: «إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ» «٥»، ومثله: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» (١٦).
والحبلِ هُوَ الوريد بعينه أضيف إلى نفسه لاختلاف لفظ اسميه، والوريد: عرق بين الحلقوم والعلباوين «٦».
وقوله: وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ (١٠).
طوال، يقال: قد بسق طولا، فهن طوال النخل.
وقوله: لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠).
يعني: الكفُرَّى «٧» ما كَانَ فِي أكمامه وهو «٨» نضيد، أي منضود بعضه، فوق بعض، فإذا خرج من «٩» أكمامه فليس بنضيد.
(٢) زيادة فى ب، ش.
(٣) فى ش: ينقص: تحريف.
(٤) سقط فى ح، ش.
(٥) سورة الواقعة: ٩٥.
(٦) جاء فى اللسان: العلباء: ممدود، عصب العنق، قال الأزهرى: الغليظ خاصة، وهما علباوان يمينا وشمالا بينهما منبت العنق.
(٧) الكفرى: وعاء الطلع وقشره الأعلى.
(٨) فى ب، ش: فهو.
(٩) فى ش: فى.
يَقُولُ: كيف نعيا عندهم بالبعث ولم نعي بخلقهم أولًا؟ ثُمَّ قَالَ: «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ»، أي هُمْ فِي ضلال وشك.
وقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ (١٦).
الهاء لما، وَقَدْ يكون ما توسوس أن تجعل الهاء للرجل الَّذِي توسوس بِهِ- تريد- توسوس إِلَيْه وتحدثه.
وقوله: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧).
يقال «١» : قعيد، «٢» ولم يقل: قعيدان «٣». حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَعِيدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ يُرِيدُ- قَعُودٌ، فَجَعَلَ الْقَعِيدَ جَمْعًا، كَمَا تَجْعَلَ الرَّسُولَ لِلْقَوْمِ وَالاثْنَيْنِ «٤». قال الله تعالى: ِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ»
«٥» لموسى وأخيه، وقال الشَّاعِر:
ألِكْني إليها، وخيرُ الرسو | ل أعلَمُهم بنواحيِ الْخَبَرْ «٦» |
نَحْنُ بما عندنا، وأنت بما | عندك راض، والرأي مختلف «٧» |
إنّي ضمنت لمن أتاني ما جَنَى | وأبي، «٨» وكان وكنت غير غدور «٩» |
(٢، ٣) ساقط فى ب، ح، ش. وجاءت العبارة بعد الآية مباشرة فى ش هكذا: ولم يقل قعيدون. [.....]
(٤) فى ش: للاثنين، تحريف وفى ب وللاثنين.
(٥) سورة الشعراء الآية ١٦.
(٦) انظر معانى القرآن ٢/ ١٨٠، وتفسير القرطبي ١٧/ ١٠ واللسان (رسل).
(٧) انظر معانى القرآن ٢/ ٣٦٣، وإعراب القرآن ٢/ ٦١١، وتفسير الطبري ١٧/ ١٠.
(٨) سقط فى ش.
(٩) فى ب، ش غدوّر، ولم يقل غدورين. وانظر معانى القرآن ٢/ ٣٦٣ ونسب في كتاب سيبويه إلى الفرزدق ١/ ٣٨.
وقوله. وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (١٩) وفي قراءة عبد الله: سكرة الحق بالموت «١»، فإن شئت أردت (بالحق) أَنَّهُ اللَّه عزَّ وجلَّ، وإن شئت جعلت السكرة هِيَ الموت، أضفتها إلى نفسها كأنك قلت: جاءت السكرة الحقّ بالموت، وقوله: «سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ» يَقُولُ: بالحق الذي قَدْ كَانَ غير متبين لهم من أمر «٢» الآخرة، ويكون الحق هُوَ الموت، أي جاءت سكرة الموت بحقيقة الموت.
وقوله: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢).
يَقُولُ: قَدْ كنت تُكذب، فأنت اليوم عالم نافذ البصر، والبصر هاهنا: هو العلم ليس بالعين.
[١٨٢/ ا] وقوله: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤).
العرب تأمر الواحد والقوم بما يؤمر بِهِ الاثنان، فيقولون للرجل: قوما عنا، وسمعت بعضهم:
ويحكَ! ارحلاها وازجراها «٣»، وأنشدني بعضهم:
فقلت لصاحبي لا تحبسانا «٤» | بنزع أصوله، واجتزَّ «٥» شيحا «٦» |
وإن تزجراني يا ابْنُ عفان أنزجر | وإن تدعاني أَحْمِ عرضًا ممنَّعًا «٨» |
يا صاحبىّ، يا خليلى، فقال امرؤ القيس:
(٢) سقط فى ح.
(٣) أوردها القرطبي فى تفسيره: ويلك ارحلاها وازجراها. (تفسير القرطبي ١٧/ ١٦).
(٤) ش: لا تحسبانا.
(٥) فى ح: واحتز.
(٦) فى ا، ش: شيخا.
(٧) وهى كذلك فى ش.
(٨) يروى: فإن. انظر تفسير القرطبي ١٧/ ١٦، والمخصص ٢: ٥ [.....]
(٩) فى ب: ما يكون.
(١٠) فى ش: عن، تحريف.
خليليّ، مرّا بِي عَلَى أم جندب | نُقضِّي لبانات الفؤاد المعذب «١» |
ألَمْ تَرَ أنى كلما جئت طارقًا | وجدت بها طيبا وإن لم تطيب |
خليليّ قوما فى عطالة فانظرا | أنارًا «٢» ترى من نحو بابَيْن «٣» أَوْ برقا |
وقوله: ما أَطْغَيْتُهُ يقوله «٤» الملَك الَّذِي كَانَ يكتب السيئات للكافر، وذلك أن الكافر قَالَ: كَانَ يعجلني عَنِ التوبة، فَقَالَ: ما أطغيته «٥» يا رب، ولكن كَانَ ضالًا. قَالَ اللَّه تبارك وتعالى:
«مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» (٢٩). أي: ما يُكْذَب عندي لعلمه عزَّ وجلَّ بغيب ذَلِكَ.
وقوله: هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ (٣٣).
إن شئت جعلت (مَن) خفضا تابعة لقوله: (لكُلّ)، وإن شئت استأنفتها فكانت رفعا يراد بها الجزاء. من خشي الرَّحْمَن بالغيب قيل له: ادخل الجنة، و (ادخلوها) جواب للجزاء أضمرتَ «٦» قبله القول وجعلته فعلًا للجميع لأن مَن تكون فِي مذهب الجميع.
وقوله: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ (٣٦).
قراءة القراء يَقُولُ: خرّقوا البلاد فساروا فيها، فهل كَانَ لهم من الموت «٧» من محيص؟
أضمرت كَانَ هاهنا كما قَالَ: «وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ» «٨»، والمعنى: فلم يكن لهم ناصر عند إهلاكهم «٩». ومن قرأ: (فنقّبوا)
(٢) فى (ا) أثرا، تحريف.
(٣) فى ب: أم ورواية اللسان من ذى أبانين وجاء باللسان: قال الأزهرى: ورأيت بالسودة من ديارات بنى سعد جبلا منيفا يقال له: عطالة، وهو الذي قال فيه القائل، وأورد البيت.
(٤) فى ا، ب يقول.
(٥) فى ش: ما اصطفيته، تحريف.
(٦) فى ش: ضمرت، تحريف.
(٧) سقط فى ح، ش: من الموت.
(٨) سورة محمد الآية: ١٣.
(٩) فى ش: هلاكهم.
وقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ (٣٧).
يَقُولُ: لمن كَانَ لَهُ عقل «٢»، وهذا «٣» جائز فى العربية أن تقول: مالك قلب «٤» وما قلبك معك، وأين ذهب قلبك؟ تريد العقل لكل ذَلِكَ.
وقوله: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ (٣٧).
يَقُولُ: أَوْ ألقى سمعه إلى كتاب اللَّه وهو شهيد، أي شاهد ليس بغائب.
وقوله: وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٧).
يقول: من إعياء، وذلك أن يهود أهل المدينة قَالُوا: ابتدأ خلق السموات والأرض يوم لأحد، وفرغ يوم الجمعة، فاستراح يوم السبت «٥»، فأنزل اللَّه: «وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ» إكذابًا لقولهم «٦»، وقرأها أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي: من «٧» لَغوب «٨» بفتح اللام وهي شاذة.
وقوله: وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (٤٠).
وإدبار. من قرأ: وأدبار جمعه «٩» عَلَى دُبُر وأدبار، وهما الركعتان بعد المغرب، جاء ذلك عن على ابن أبى طالب أنه قال، [١٨٢/ ب] وأدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، (وإِدْبارَ النُّجومِ) «١٠».
الركعتان (قبل الفجر) وكان عاصم يفتح هَذِهِ التي فِي قاف، وبكسر التي فِي الطور، وتكسران جميعا، وتنصبان جميعا جائزان «١١».
وهى أيضا قراءة ابن عباس، وأبى العالية، ونصر بن سيار، وأبى حيوة، والأصمعى عن أبى عمرو (تفسير البحر المحيط ٨/ ١٢٩).
(٢) فى ش: قلب.
(٣، ٤) سقط فى ح، ش. [.....]
(٥) سقط فى ب، ح، ش: يوم السبت.
(٦) فى ب، ح، ش: لهم.
(٧) فى ش: السلمى لغوب.
(٨) وهى قراءة على، وطلحة، ويعقوب (البحر المحيط ٨/ ١٢٩)، وانظر (المحتسب ٢/ ٢٨٥).
(٩) أي جمعه على أنه دبر وأدبار.
(١٠) سورة الطور الآية ٤٩.
(١١) اختلف القراء فى قراءة قوله: «وإدبار السجود»، فقرأته عامة قراء الحجاز والكوفة سوى عاصم والكسائي:
وإدبار السجود بكسر الألف، وقرأه عاصم، والكسائي، وأبو عمرو: وأدبار بفتح الألف. (وانظر الاتحاف:
٣٩٧).
يُقال: إن جبريل عَلَيْهِ السَّلام يأتي بيت المقدس فينادي بالحشر، فذلك قوله: «مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ».
وقوله: يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً (٤٤).
إلى المحشر وتُشقَق، والمعنى واحد مثل: مات الرجل وأميت.
وقوله: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ (٤٥).
يَقُولُ: لست عليهم بمسلَّط، جعل الجبار فِي موضع السلطان من الجَبْريّة، قَالَ أنشدني المفضل:
ويوم الحَزن إذ حشَدَت مَعدٌّ | وكان الناسُ إلا نَحْنُ دينا |
عصينا عزمةَ الجبار حَتَّى | صبحنا «١» الجوفَ ألفا مُعْلمينا «٢» |
وقال الكلبي بإسناده: لستَ عَلَيْهِمْ بَجَبّار «٥» يقول: لم تبعث «٦» لتجُبرهم عَلَى الْإِسْلَام والهدى إنَّما بعثت «٧» مُذَكِّرًا فذكّر، وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم.
والعرب لا تَقُولُ: فعّال من أفعلت، لا يقولون: هَذَا خَرّاج ولا دَخّال، يريدون مُدْخِل ولا مُخرِج من أدخلت وأخرجت، إنَّما يقولون: دخال من دخلت، وفعّال من فعلت. وَقَدْ قَالَتِ العرب: درّاك من أدركت، وهو شاذ، فإن حملت الجبار على هذا المعنى فهو «٨» وجه.
وَقَدْ سمعت بعض العرب يَقُولُ: جبره عَلَى الأمر يريد: أجبره، فالجبار من هَذِهِ اللغة صحيح يراد بِهِ «٩» : يقهرهم ويجبرهم.
(٢) لم أعثر فى نسخة المفضليات التي لدى على هذين البيتين.
(٣، ٤) ساقط فى ح، ش.
(٥) فى ش: لست عليهم بجنا، تحريف.
(٦) فى ش: لا تبعث، تحريف.
(٧) فى ح: بعث، تحريف.
(٨) فى ش: وهو، تحريف. [.....]
(٩) فى ش: ويريد.