ﰡ
١١٧٦- فيه من الأسئلة : كيف يكون إيجاد الله تعالى كله فعلة واحدة مع وقوع الكثرة في العالم ؟ وكيف يقع إيجاد الله تعالى كلمح البصر في جميع الأحوال لضرورة الحصر الواقع في الآية مع أن الولد يتخلق في تسعة أشهر وغير ذلك من الموجودات التي جرت عادة الله تعالى إنما يوجدها في الأزمنة المطاولة، حتى يقال : إن الذهب إنما يتم تكوينه في معدنه في أربعة آلاف سنة ؟ وما المراد بالأمر هاهنا ؟ هل هو الإيجاد أو الأمر بمعنى القول ؟ وهل هو حقيقة أو مجاز ؟ وما المستثنى والمستثنى منه ؟
والجواب : أما الأمر هاهنا فليس المراد به القول، بل الشأن، كقوله تعالى :﴿ وما أمر فرعون برشيد ﴾١. أي : من شأنه فيما يتدين به. واللفظ فيه مجاز لأنه قد تقرر في أصول الفقه أن الأمر حقيقة في القول الموضوع للوجوب. ومعنى الآية : " ما شأننا في إيجادنا لما نريده إلا ذلك ".
وقوله :﴿ إلا واحدة ﴾ على تقدير حذف مضاف تقديره : " ما أمرنا إلا ذو واحدة "، أي : مرة واحدة لا تتعدد بل تقع في الوقت الذي قدرناه والصفة التي أردناها دفعة، فإن قدرة في سنة وقع على ذلك الوجه من غير تراخ، أو في سنتين وقع على ذلك الوجه عند مجيء ذلك الأجل من غير تراخ. فهذا هو المراد بالوحدة لأن أفعاله تعالى واحدة، بل المقصود التنبيه على أن حال الربوبية في غاية النفوذ، بخلاف الذي يعتريه العجز، ربما شرع في الشيء مرارا وحينئذ يحصل، أما قدرة الله تعالى فلا يتأخر مقدورها عن حينه البتة، فهو ذو مرة واحدة بهذا التفسير.
وكذلك وصف بأنه " كلمح البصر " إشارة إلى عدم التأخير، فهذا وجه الحصر في المرة الواحدة.
وأما المستثنى والمستثنى منه في المعنى فهو أحوال المقدور الرباني أي : لا حالة إلا هذه الحالة. وأما أحوال التأخير والعجز عنه وعدم النفوذ فمنفية. ( الاستغناء : ٢٤٢-٢٤٣ )