تفسير سورة الكهف

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب مجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ مِنْ لَدُنْه ﴾ من عنده.
﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ﴾ مُهلِكٌ نفسَك، قال ذُو الرُّمَّة :
أَلا أيّهذا الباخع الوجد نَفْسَه **** لِشئٍ نَحَتْه عن يدْيه المَقادرُ
أي نحَّته مشدّد، ويقال : بخعتُ له نفسي ونُصْحي أي جهدت له.
﴿ بهِذَا الحْدِيث أَسَفاً ﴾ أي نَدَماً وتلهُّفاً، وأَسىً.
﴿ صَعِيداً ﴾ أي مستوياً، وجه الأرض.
﴿ جُرُزاً ﴾ أي غُلْظاً لا ينبت شيئاً والجميع أَرَضُون أجراز، ويقال للسنة المُجْدِبة : جرز وسنون أجراز لجدوبها ويبسها وقلة مطرها، قال ذُو الرُّمَّة :
طَوَى النَّخْرُ وَالأجْرازُ ما في عروضها فما بقيت إلا الصدورُ الجَراشُع
وقال :
قد جرّفتهن السِّنون الأجرازْ ***
﴿ وَالرَّقِيمِ ﴾ الوادي الذي فيه الكَهْف.
﴿ أَحْصى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً ﴾ أي غابة.
﴿ وَرَبَطْنَا على قُلُوبِهِمْ ﴾ مجازه : صبَّرناهم وألهمناهم الصبرَ.
﴿ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً ﴾ أي جوراً وغلوّاً قال :
ألا يالِقومٍ قد أشطَّتْ عواذِلي ويَزُعمن أن أوْدَى بحقِيَ باطلِي
ويَلْحَيْنَنِي في اللّهو أن لا أُحبّه وللَّهو داعٍ دائبٌ غير غافِل
﴿ وَيُهَيِّئ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً ﴾ هو ما ارْتُفق به ويقرؤه قوم مَرْفِقاً فأما في اليدين فهو مرفق.
﴿ تَزَاوَرُ عَنْ كَهفِهِمْ ﴾ أي تميل وتعدل وهو من الزور يعني العوج والمنيل، قال ابن مقبل :
فينا كَراكِرُ أَجْوازٍ مُضَبَّرةٍ ***فيها دروٌّ إذا شئنا من الزَّوَرِ
وقال أبو الزحف الكليبي :
ودون ليلى بَلَدٌ سَمَهْدرُ جَدْبُ المُنَدّى عن هوَانا أزوَرُ
بُنضِى المَطايا خِمْسُة العَشنَزرُ ***
العَشَنزر الشديد ؛ المندّى حيث يرتع ساعة من النهار.
﴿ تَقْرِضُهُم ذَاتَ الشِّمَالِ ﴾ أي تُخلِّفهم شِمالاً وتجاورهم وتقطعهم وتتركهم عن شمالها، ويقال : هل مررت بمكان كذا وكذا، فيقول المسئول : قرضته ذات اليمين ليلا، وقال ذو الرُّمَّة :
إلى ظُعُنٍ يَقرِضن أَجوازَ مُشرِفٍ شِمالاًوعن أَيمانهن الفوارسُ
﴿ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ ﴾ أي مُتَّسع، والجميع فَجَوات، وفِجاء مكسورة الفاءُ.
﴿ وَتَحْسِبُهُمْ أَيْقَاظاً ﴾ واحدهم : يَقِظٌ، ورجال أيقاظ، وكذلك جميع يَقظان أيْقاظ، يذهبون به إلى جميع يَقِظٍ، وقال رُؤْبَة :
ووَجَدوا إخوانَهم أَيقاظاً وسَيْفَ غَيّاظٍ لهم غياظا
﴿ وَنُقَلِّبُهمْ ذَاتَ اليَمِينِ وذَاتَ الشِّمَالِ ﴾ أي على أيمانهم وعلى شمائلهم.
﴿ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ ﴾ على الباب وبفناء الباب جميعاً لأن الباب يوصد، أي يغلق، والجميع وصائد ووصُدُ.
﴿ وَكَذلِكَ بَعَثْنَاهُمْ ﴾ أي أحييناهم، وهو من يوم البعث.
﴿ أَيُّهَا أَزْكىَ طَعَاماً ﴾ أي أكثر، قال :
قبائلنا سَبعٌ وأنتم ثلاثةٌ وللسَّبعُ أَزكَى مِن ثَلاثٍ وأَكثرُ
﴿ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ ﴾ لا يُعلمنَّ بكن، يقال : شَعرتُ بالأمر، أي علمت به، ومنه الشاعر.
﴿ رَجْماً بِالْغَيْبِ ﴾ والرجم ما لم تستيقنه، وقال : ظن مُرْجَّم لا يُدرَي أحق هو أم باطل ؛ قال زُهَيْر :
﴿ ثلثَمائَةٍ سِنِينَ ﴾ مقدَّم ومؤخَّر، مجازه : سِنين ثلثمائة.
﴿ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ﴾ أي مَعْدِلاً واللَّحد منه والإلحاد.
﴿ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾ جرم لأن مجازه مجاز النهى، والموضع : لا تجاوز عيناك، ويقال : ما عدوت ذلك أي ما جاوزته.
﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطا ﴾ أي سَرَفاً وتضييعاً.
﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا ﴾ من العَتاد وموضعه موضع أعددنا من العُدة.
﴿ أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُها ﴾ كسُرادق الفُسَطاط وهي الحجرة التي تطيف بالفُسطاط، قال رُؤْبة :
وما الجرب إلاّ ما رأيتم وذُقتُمُ وما هو عنها بالحديث المُرجَّمِ
يا حَكمَ بن المْنِذر بن الجارودْ أنت الجَوْاد بن الجَوْاد المَحْمودْ
سُرادِقُ المجْدِ إليك مَمْدودْ***
وقال سلامة بن جَنْدَل :
هو المُولِج النُّعمانَ بيتاً سَماؤُه صُدورُ بَعْد بيتٍ مُسَرْدَق
أي له سُرادق.
﴿ يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالمُهْلِ ﴾ كل شئ أَذَبته من نُحاس أو رصاص ونحو ذلك فهو مُهْل، وسمعت المُنْتَجِع بن نَبْهان يقول : والله لفلاَنٌ أبغض إلىّ من الطَّلياء والمُهْل، فقلنا : وما هما فقال الجَرْباءُ والملّة التي تنحدر عن جوانب الخبزة إذا مُلت في النار من النار كأنه مُهْلة حمراء مدقَّفة فهي جَمْرة.
﴿ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً ﴾ أي مُتَّكَئاً، قال أبو ذُؤَيب الهُذَلِيّ.
إنِّي أَرِقتُ فبتُّ الليلَ مُرتفَقاً كأنّ عَيْنَيَّ فيها الصابُ مذبوحُ
وذبحه : انفجاره، قال : وهو شديد وحُكى عن أبي عَمْرو بن العَلاء أو غيره يقال : انفقأت واحدة فقطّرت في عيني فكأنه كان في عيني وَتَدٌ.
﴿ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ﴾ واحدها : إِسْوار ومن جعلها سِوار فإن جمعه سُوْر وما بين الثلاثة إلى العشرة أَسْوِرة.
﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى اْلأرَائكِ ﴾ واحدتها أريكة وهي السُّرر في الحجال قال ذُو الرُّمَّة :
خدوداً جفَتْ في السَّير حتى كأنما يباشرن بالمَعْزَاءِ مَسَّ الأرائكِ
وقال الأعْشَى :
بَيْن الرِّواق وجانبٍ من سَترها منها وبين أَريكةِ الأنضادِ
﴿ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ ﴾ مجازه : اطفناهما وحجزناهما مِن جوانبهما قال الطِّرِمّاح :
تظلُّ بالأكمام مَحْفوفةً تَرمُقها أعيُنُ جُرَّامِها
﴿ وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً ﴾ ولم تَنقص، ويقال : ظلمني فلان حقي أي نقصني، وقال رجل لاِبنهِ :
تظلَّمني مالي كذا ولَوىَ يدي لَوىَ يده الله الذي لا يغالبُهْ
﴿ وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَراً ﴾ أي وَسطهما وبينهما، وبعضهم يسكّن هاء النهر.
﴿ وَكَانَ لهُ ثُمُرٌ ﴾ وهو جماعة الثَّمَر.
﴿ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ﴾ أي يكلّمه، ومعناه من المحاورة.
﴿ لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي ﴾ مجازه : لكن أنا هو الله ربي، ثم حذفت الألف الأولى وأُدغمت إحدى النونين في الأخرى فشددت، والعرب تفعل ذلك.
﴿ حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ مجازها : مَرامى، وواحدتها حُسْبانة أي ناراً تحرقها.
﴿ صَعِيداً زَلَقاً ﴾ الصعيد وجه الأرْض، والزَّلَق الذي لا يثبت فيه القدمُ.
﴿ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غّوْراً ﴾ أي غائراً، والعرب قد تصف الفاعل بمصدره وكذلك الأثنين والجميعَ على لفظ المصدر، قال عَمْرو بن كُلْثُوم.
تظلّ جِيادُه نَوْحاً عليه مُقلَّدةً أَعِنَّتُها صُفونا
أي ناحيات، وقال باكٍ يَبكيِ هِشامَ بن المُغِيرَة :
هَرِيقِي مِن دموعها سِجاما ***
ضُباعَ وجاوبِي نَوْحاً قياما ***
وقال لَقيط بن زُرارة يوم جَبَلةَ :
شتَّانَ هذا والعِناقُ والنَومْ والمَشرَبُ الباردُ والظِلُّ الدَّومْ
أي الدائم.
﴿ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا ﴾ أي فأصبح نادماً، والعرب تقول ذلك للنادم : أصبح فلان يقّلب كفيْه نَدماً وتلهُّفاً على ذلك وعلى ما فاته.
﴿ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾ مجازه : خالية على بيوتها.
﴿ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ ﴾ أي جماعة، وقال العَجّاج :
كما يَحُوز الفِئَةَ الكَمِيُّ ***
﴿ هُنَا لِكَ الْوَلاّيَةُ للهِ ﴾ مصدر الوَلِى، فإذا كسرتَ الواو فهو مصدر وليتَ العملَ والأمرَ تليه.
﴿ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقباً ﴾ مجازه مجاز العاقبة والعُقبيَ والعُقْبة، كلهن واحدة والمعنى الآخرة.
﴿ تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ﴾ أي تطيّره وتفرقه، ويقال : ذرته الريح تذروه وأَذرته تذرِيه.
﴿ هَشِيماً ﴾ أي يابساً متْفتِّتْا قال لَبِيد :
ولا للضَّيف إن طرقَتْ بَلِيِلٌ***بأفنانِ العِضاةِ وبالهَشِيمِ
﴿ وَتَرَى اْلأَرْضَ بَارِزَةً ﴾ أي ظاهرة.
﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ جار عنه وكفر به، وقال رُؤْبة :
يَهوين في نَجْدٍ وغوراً غائراً*** فواسقاً عن قصدها جَوائرا
﴿ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ﴾ أي أَنصاراً وعِزّاً وأعواناً، ويقال : فلان عضُدي أي ناصري وعِزّي وعوني، ويقال : قد عاضد فلان فلاناً وقد عضده، أي قوّاه ونصره.
﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً ﴾ أي مَوعِداً، قال :
وحاد شَرَوْرَي والسِّتارَ فلم يدع***تِعاراً له والواديَيْنِ بمَوْبِقِ
﴿ وَلمُ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً ﴾ أي مَعْدِلاً، وقال أبو كَبير الهُذَليّ :
أزُهَيْرُ هل عن شَيْبَةٍ مِن مَصْرِف***أم لا خلودَ لِباذلٍ متكلِّفِ
﴿ أَوْ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ قِبَلاً ﴾ أي أولاً يقال : من ذي قِبَلٍ، فإن فتحوا أولها فالمعنى : استئنافاً، قال :
لن يغلب اليوم جَبَاكم قبَلى ***
أي استئنافِي، وإن ضمَّوا أوّ لها فالمعنى : مقابلة، يقال : أُقبِلَ قُبُلُ فلانٍ : انكسَر، وله موضع آخر : أن يكون جميع قبيل فمعناه : أو يأتيهم العذاب قُبُلاً، أي قبيلاً قبيلاً، أي ضَرْباً ضَرْباً ولَوْناً لوْناً.
﴿ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ﴾ مجازه : ليُزِيلوا به الحق ويَذهبوا به، ودحَض هو ويقال : مكان دَحْضٌ، أي مَزِلٌ مزلق، لا يثبت فيه خُفّ ولا قَدم ولا حافر، قال طَرَفة :
ورَدتُ ونحّى اليَشْكِريَّ حِذارُهُ ***وحادَ كما حادَ البعيرُ عن الدَّحّضِ
﴿ لَنْ يَجِدوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً ﴾ مجازه مَنْجىً، وهو من قولهم :
فلا وأَلتْ نفسٌ عليها تحاذرُ ***
أي لا نجت. وقال الأعْشَى :
وقد أُخالسُ رَبَّ البيتِ غفلَتَه***وقد يحاذر منِّي تم ما يَئِلُ
أي لا ينجو.
﴿ أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً ﴾ أي زماناً وجميعه أحقاب، ويقال في معناه : مضت له حِقْبة والجميع حِقَب على تقدير كِسرة والجميع كِسَر كثيرةٌ.
﴿ فِي الْبَحْرِ سَرَباً ﴾ أي مَسلكا ومَذهباً أي يَسْرُبُ فيه، وفي آيةٍ أخرى ﴿ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾.
﴿ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارهِمَا قَصَصاً ﴾ مجازه : نَكَصا على أَدبارهما فرجعا قصصاً، رجعا يقصان الأّثر.
﴿ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ﴾ أَي داهيةً نُكْراً عظيماً، وفي آية أُخرى :﴿ شَيْئاً إِدّاً ﴾ قال :
قد لَقِيَ الأقْرانُ مني نُكْراً داهِيةً دَهْيَاءَ إدّاً إمْراً.
﴿ وَلاَ تُرْهِقْنِي ﴾ أي لا تُغْشِني وقال زُهَيْرٌ :
ومُرهِّقُ النَّيرانِ يحُمدَ في ال لأواءِ غيرَ مُلَعَّنِ القِدْرِ
﴿ زَكِيَّةٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾ أَي مُطَهَّرة.
﴿ شَيْئاً نُكْراً ﴾ أَي داهية : أَمْراً عظيماً.
﴿ فأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا ﴾ أي أن يُنزلوهما منزل الأضياف، ويقال : ضِفْتُ أَنا، وأَضافني الذي أنزلني.
﴿ يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ﴾ وليس للحائط إرادة ولا للموات ولكنه إذا كَان في هذه الحال مِن ربه فهو إرادته، وهذا قول العرب في غيره قال الحارِثيّ :
يريد الرمحُ صَدْرَ بني بَراءٍ ويَرْغَب عن دِماءِ بني عقيل
ومجاز ﴿ أن ينقضَّ ﴾ مجاز يَقَع، يقال : انقضت الدارُ إذا انهدمت وسقطت وقرأ قوم أَنْ يَنْقاضَّ ومجازه : أن ينقلع من أصله ويتصدع بمنزلة قولهم : قد انقاضت السن، أي انصدعت وتقلعت مِن أصلها، يقال : فراق كقَيْض السِّن أي لا يجتمع أهله، وقال :
فِراقٌ كقَيْضِ السِّنّ فالصّبرَ إنه لكل أناسٍ عثْرةٌ وجُبور
﴿ لوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ﴾ الخاء مكسورة، ومعناها معنى أخذت فكان مخرجها مخرج فعِلتَ تفعَل، قال المُمزِّق العَبْدِيّ :
وقد تخِذتْ رِجْليِ إلى جَنْب غَرْرها نَسِيفاً كأُفْحُوص القطة المطِّرقِ
النسِيف موضع العُقبِ الأثْر الذي يكون في خِلال الرجِل ؛ وأفحوص القَطاةِ : الموضع الذي تَبِيض فيه. والمطرق التي تريد أن تبيض، يقال : قد طرَّقت المرأة لولدها إذا استقام ليَخرُج.
﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ أي بين أيديهم وأمامهم، قال :
أَترجو بنو مروانَ سَمْعِي وطاعتِي وقومي تَمِيمٌ والفَلاةُ ورائيا
أي أمامي.
﴿ أَنْ يُرْهِقَهما ﴾ أي يَغشِيَهما.
﴿ وَأَقْرَبَ رُحْماً ﴾ معناها معنى رَحْماً مثل عمُرْ وعَمر وهُلْك وهَلْك، قال الشاعر :
فلا ومُنَزِّلِ الفُرقا *** نِ مالَكَ عندَها ظُلْمُ
وكيف بظلم جاريةٍ *** ومنها اللِّينُ والرُّحْمُ
قال العَجَّاج :
ولم تُعَوَّجْ رُحْمُ من تَعَوَّجا ***
﴿ فَأَتْبَعَ سَبَباً ﴾ أي طريقاً وأثراً ومَنْهَجاً.
﴿ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ﴾ تقديرها : فَعِلَةٌ ومَرسِة وهي مهموزة، لأن مجازها مجاز ذات حمأةٍ، قال :
تجئ بمِلْئها يوماً ويوماً تجئ بحمأةٍ وقليل ماءِ
وقال حاتِم طيّ :
وسُقيتُ بالماءِ النّميرِ ولم أترك الأُطم حمأةَ الْجَفْرِ
النمير الماء الذي تسمَن عنه الماشية. ومن لم يهمزها جعل مجازه مجاز فُعِلة من الحرّ الحامي وموضعها حامية.
﴿ بَيْنَ السُّدَّيْنِ ﴾ مضموم إذا جعلوه مخلوقاً من فعل الله وإن كان من فعل الآدميين فهو سَدّ، مفتوح.
﴿ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ ﴾ لا ينصرفان، وبعضهم يهمز ألقيهما وبعضهم لا يهمزها، قال رُؤْبة :
لو أن يأجُوجَ ومأجوج معا وعاد عادٌ واستجاشوا نُبَّعا
فلم يصرّفها.
﴿ زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾ أي قِطَع الحديد واحدتها زُبْرة.
﴿ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ﴾ فبعضهم يضمها وبعضهم يفتحها ويحرّك الدال، ومجازهما ما بين الناحيتين من الجبَلَيْنِ، وقال :
قد أخذتْ ما بين عَرْضِ الصُّدفيْنِ ناحيتيها وأعالي الرُّكْنَيَيْنِ
﴿ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ﴾ أي أَصُبَّ عليه حديداً ذائباً، قال :
حُساماً كَلَونِ الْمِلح صافٍ حديدُه جُرازاً من أقطارِ الحديد المُنعَّتِ
جمع قِطرٍ، وجعله قوم الرَّصاص النُّقر.
﴿ فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يظهَرُوهُ ﴾ أي أن يعلوه، ويقال : ظهرتُ فوق الجبل وفوق البيت، أي علوته.
﴿ جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾ أي تركه مدكوكاً أي ألزقه بالأرض، ويقال : ناقة دَكَّاءُ أي لا سَنامَ لها مستوية الظهر، قال الأَغْلَبُ :
هل غيرُ غارٍ دَكَّ غاراً فانهَدمْ ***
والعرب تصف الفاعل والمفعول بمصدرهما فمن ذلك ﴿ جَعَلهُ دكّاً ﴾ أي مدكوكاً.
﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ﴾ واحدتها صورة خرجت مخرج سُورة المدينة والجميع سور المدينة، ومجازه مجاز المختصر المضمر فيه أي نُفخ فيها أرواحها.
﴿ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾ أي عملاً والصنع والصنعة والصنيع واحد، ويقال فرس صنيع أي مصنوع.
﴿ لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً ﴾ أي لا يريدون ولا يُحبّون عنها تحويلاً.
تم الجزء الأول من مجاز القرآن.
Icon