تفسير سورة المعارج

معاني القرآن
تفسير سورة سورة المعارج من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم.
قوله :﴿ سَأَلَ سَائلٌ ﴾.
دعا داعٍ بعذاب واقع، وهو : النضر [ بن الحارث ] بن كَلدةَ، قال : اللهم إن كان ما يقول محمد هو الحق من عندك فأمطرْ علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم، فأُسر يوم بدر، فقتل صبرا هو وعقبة.
وقوله :﴿ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾.
يريد : للكافرين، والواقع من نعت العذاب. واللام التي في الكافرين دخلت للعذاب لا للواقع.
وقوله :﴿ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾.
من صفة الله عز وجل ؛ لأن الملائكة تعرُج إلى الله عز وجل، فوصف نفسه بذلك.
وقوله :﴿ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾.
يقول : لو صعد غير الملائكة لصعدوا في قدر خسمين ألف سنة، وأما ( يعرج )، فالقراء مجتمعون على التاء، وذكر بعض المشيخه عن زهير عن أبي إسحاق الهمداني قال : قرأ عبد الله «يعرج » بالياء وقال الأعمش : ما سمعت أحداً يقرؤها إلا بالتاء. وكلٌّ صواب.
وقوله :﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ﴾.
يريد : البعث، ونراه نحن قريباً ؛ لأن كلّ ما هو آت : قريب.
وقوله :﴿ ولا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيما ﴾.
لا يَسْأَل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم يُعَرَّفُونهم [ بالبناء للمجهول ] ساعة، ثم لا تعارف بعد تلك الساعة، وقد قرأ بعضهم :( ولا يُسْأَلُ حَميمٌ حَمِيما ) لا يقال لحميم : أين حميمك ؟ ولست أشتهي ذلك ؛ لأنه مخالف للتفسير، ولأن القراء مجتمعون على ( يَسأَل ).
وقوله :﴿ وَفَصِيلَتِهِ ﴾ هي أصغر آبائه الذي إليه ينتمي.
وقوله :﴿ ثُمَّ يُنجِيهِ ﴾ أي : ينجيه الافتداء من عذاب الله.
قال الله عز وجل :﴿ كَلاَّ ﴾ أي : لا ينجيه ذلك، ثم ابتدأ، فقال :﴿ إِنَّها لَظَى ﴾ ولظى : اسم من أسماء جهنم ؛ فلذلك لم يُجِرْه.
وقوله :﴿ نَزَّاعَةٌ لِّلشَّوَى ﴾.
مرفوع على قولك : إنها لظى، إنها نزاعة للشوى، وإن شئت جعلت الهاء عمادا، فرفعت لظى بنزاعة، ونزّاعة بلظى ؛ كما تقول في الكلام : إِنَّه جاريتُك فارهة، وإنها جاريتُك فارهة. والهاء في الوجهين عماد. والشَّوَى : اليدان، والرجلان، وجلدة الرأس يقال لها : شواة، وما كان غير مقتَل فهو شوًى.
وقوله :﴿ تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ﴾.
تقول للكافر : يا كافر إليّ، يا منافق إليّ، فتدعو كل واحد باسمه.
وقوله :﴿ وَجَمَعَ فَأَوْعَى ﴾.
يقول : جمع فأوعى، جعله في وعاء، فلم يؤد منه زكاة، ولم يصل رحما.
وقوله :﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾.
والهلوع : الضجور وصفته كما قال الله :﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾ ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾ فهذه صفة الهلوع، ويقال منه : هلِع يهلَع هلَعاً مثل : جزِع يجزَع جزعا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:وقوله :﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾.
والهلوع : الضجور وصفته كما قال الله :﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾ ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾ فهذه صفة الهلوع، ويقال منه : هلِع يهلَع هلَعاً مثل : جزِع يجزَع جزعا.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:وقوله :﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾.
والهلوع : الضجور وصفته كما قال الله :﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾ ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾ فهذه صفة الهلوع، ويقال منه : هلِع يهلَع هلَعاً مثل : جزِع يجزَع جزعا.

ثم قال :﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾ فاستثنى المصلين من الإنسان، لأن الإنسان في مذهب جمع، كما قال الله جل وعز :﴿ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفي خُسْرٍ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾.
وقوله :﴿ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾.
الزكاة ؛ وقال بعضهم : لا، بل سوى الزكاة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقوله :﴿ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ ﴾.
يقول القائل : هل يجوز في الكلام أن تقول : مررت بالقوم إِلاَّ بزيد، تريد : إلاَّ أني لم أمرر بزيد ؟ قلت : لا يجوز هذا، والذي في كتاب الله صواب جيد ؛ لأن أول الكلام فيه كالنهي إذ ذُكِر :﴿ والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون ﴾ يقول : فلا يلامون إلاّ على غير أزواجهم، فجرى الكلام على ملومين التي في آخره. ومثله أن تقول للرجل : اصنع ما شئت إلا [ على ] قتل النفس، فإنك معذب، أو في قتل النفس، فمعناه إلا أنك معذب في قتل النفس.

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:وقوله :﴿ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ ﴾.
يقول القائل : هل يجوز في الكلام أن تقول : مررت بالقوم إِلاَّ بزيد، تريد : إلاَّ أني لم أمرر بزيد ؟ قلت : لا يجوز هذا، والذي في كتاب الله صواب جيد ؛ لأن أول الكلام فيه كالنهي إذ ذُكِر :﴿ والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون ﴾ يقول : فلا يلامون إلاّ على غير أزواجهم، فجرى الكلام على ملومين التي في آخره. ومثله أن تقول للرجل : اصنع ما شئت إلا [ على ] قتل النفس، فإنك معذب، أو في قتل النفس، فمعناه إلا أنك معذب في قتل النفس.

وقوله :﴿ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ ﴾.
والعزون : الحلق، الجماعات كانوا يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد صلى الله عليه وسلم لندخلنها قبلهم، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم، فأنزل الله :﴿ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴾.
﴿ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴾ قرأ الناس :«أن يُدخَل » لا يسمّى فاعُله [ ٢١٧/ا ] وقرأ الحسن :«أن يَدخُلَ »، جعل له الفعل.
ثم بيّن الله عز وجل فقال : ولم يحتقرونهم، وقد خَلَقْناهم جميعاً «مما يعلمون » من تراب ؟.
وقوله :﴿ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ﴾. الإيفاض : الإِسراع. وقال الشاعر :
لأنْعتنْ نعامةً ميفاضا خَرْجاء ظلت تطلبُ الإضاضَا
قال : الخرجاء في اللون، فإذا رُقِّعَ القميص الأبيض برقعةٍ حمراء فهو أخرج، تطلب الإضاضا : أي تطلب موضعا تدخل فيه، وتلجأ إليه. قرأ الأعمش وعاصم :«إلى نَصْبٍ » إلى شيء منصوب يستبقون إِليه، وقرأ زيد بن ثابت :«إلى نُصُب يوفضون » فكأنّ النُّصبَ الآلهة التي كانت تعبد [ من دون الله ]، وكلٌّ صواب، وهو واحد، والجمع : أنصاب.
Icon