تفسير سورة القمر

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة القمر من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة اقتربت الساعة وهي مكية كلها.

قَوْله: ﴿اقْتَرَبت السَّاعَة﴾ أَي دنت. يحيى: عَن أبي الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ السَّاعَةِ كَهَاتَيْنِ، فَمَا فَضَّلَ إِحْدَاهُمْا عَلَى الأُخْرَى، وَجَمَعَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي يَقُول النَّاس السَّبَّابة ".
﴿وَانْشَقَّ الْقَمَر﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: " انْشَقَّ الْقَمَر شقين حَتَّى رَأَيْت أَبَا قبيس بَينهمَا "
﴿وَإِن يرَوا آيَة﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين ﴿يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمر﴾
315
ٌ ذَاهِب
316
﴿وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقر﴾ لأَهله من الْخَيْر وَالشَّر.
قَالَ محمدٌ: يَقُول: يسْتَقرّ لأهل الْجنَّة عَمَلهم، وَلأَهل النَّار عَمَلهم. وَالِاخْتِيَار لِأَنَّهُ ابْتِدَاء.
﴿وَلَقَد جَاءَهُم من الأنباء﴾ يَعْنِي: أَخْبَار الْأُمَم (ل ٣٤٥) فأهلكهم اللَّه ﴿مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾ عَمَّا هم عَلَيْهِ من الشّرك
﴿حِكْمَة بَالِغَة﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن.
قَالَ محمدٌ: (حِكْمَةٌ بَالِغَة) بِالرَّفْع على معنى: فَهُوَ حِكْمَة بَالِغَة.
﴿فَمَا تغن النّذر﴾ عَمَّن لَا يُؤمن
﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ﴾ عَظِيم، والداع هُوَ صَاحب الصُّور.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿يدع﴾ كتب بِحَذْف الْوَاو على مَا يجْرِي فِي اللَّفْظ لالتقاء الساكنين الْوَاو من (يَدْعُو) وَاللَّام من (الداع) وَقَوله: (نكر) بِضَم الْكَاف وإسكانها، والنكر وَالْمُنكر واحدٌ.
316
قَالَ النَّابِغَة:
317
قَوْله: ﴿خشعا أَبْصَارهم﴾ يَقُول: فتولَّ عَنْهُم فستراهم يَوْم الْقِيَامَة ذليلة أَبْصَارهم، وَكَانَ هَذَا قبل أَن يُؤمر بِالْقِتَالِ ﴿يَخْرُجُونَ من الأجداث﴾ من الْقُبُور ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾ تَفْسِير الْحسن شبَّههم بالجراد إِذا أدْركهُ اللَّيْل لزم الأَرْض، فَإِذا أصبح وطلع عَلَيْهِ الشَّمْس انْتَشَر
﴿مهطعين﴾ مُسْرِعين ﴿إِلَى الداع﴾ صَاحِبِ الصُّورِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ﴿يَقُول الْكَافِرُونَ﴾ يَوْمئِذٍ ﴿هَذَا يَوْم عسر﴾ يعلم الْكَافِرُونَ يومئذٍ أَن عسر ذَلِك الْيَوْم عَلَيْهِم، وَلَيْسَ لَهُم من يسره شَيْء.
تَفْسِير سُورَة الْقَمَر من الْآيَة ٩ إِلَى الْآيَة ١٧.
﴿وَقَالُوا مَجْنُون وازدجر﴾ تُهُدِّدَ بِالْقَتْلِ فِي تَفْسِير الْحسن
﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾ أَي: فانتقم لي من قومِي.
قَالَ محمدٌ: من قَرَأَ ﴿أَنِّي﴾ بِالْفَتْح للألف - وَهُوَ الأجود - وَالْمعْنَى: دَعَا
317
ربه بِأَنِّي مغلوب.
318
﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ بعضه على بعض وَلَيْسَ بمطر.
قَالَ محمدٌ: يُقَال: همَر الرجُلُ إِذا أَكثر من الْكَلَام وأسرع.
﴿وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ﴾ مَاء السَّمَاء وَمَاء الأَرْض ﴿عَلَى أَمر قد قدر﴾ على هَلَاك قوم نوح
﴿وحملناه﴾ يَعْنِي: نوحًا ﴿عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ﴾ يَعْنِي: السَّفِينَة ﴿ودسر﴾ الدُّسُر: المسامير؛ فِي تَفْسِير قَتَادَة.
قَالَ محمدٌ: وَاحِدهَا دِسارٌ، مثل حمَار وحمر.
﴿تجْرِي بأعيننا﴾ كَقَوْلِه: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾.
﴿جَزَاء لمن كَانَ كفر﴾ جَزَاء لنوحٍ كفره قوْمُه، وجحدوا مَا جَاءَ بِهِ إنجاء اللَّه إِيَّاه فِي السَّفِينَة
﴿وَلَقَد تركناها آيَة﴾ لمن بعدهمْ، يَعْنِي: السَّفِينَة.
قَالَ محمدٌ: قَوْله: (آيَة) يَعْنِي: عَلامَة؛ ليعتبر بهَا.
﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ أَي: متفكر، يَأْمُرهُم أَن يعتبروا وَيَحْذَرُوا أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نزل بهم.
قَالَ محمدٌ: مُدَّكِر أَصله مذتكر مفتَعِل من الذِّكْرِ، فأدغمت الذَّال فِي التَّاء ثمَّ قلبت دَالا مشدودة.
﴿فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر﴾ إنذاري أَي كَانَ شَدِيدا
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ
318
لِلذِّكْرِ} لِيذكرُوا اللَّه ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ وَهِي مثل الأولى.
تَفْسِير سُورَة الْقَمَر من الْآيَة ١٨ إِلَى الْآيَة ٢٢.
319
﴿كَذَّبَتْ عَادٌ﴾ أَي: فأهلكتهم ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ أَي: كَانَ شَدِيدا
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ والصرصر: الْبَارِدَة الشَّدِيدَة الْبرد، وَهِي ريح الدَّبور ﴿فِي يَوْمِ نَحْسٍ﴾ أَي: مشئوم ﴿مُّسْتَمِرّ﴾ اسْتمرّ بِالْعَذَابِ، وَكَانَ ذَلِك من يَوْم الْأَرْبَعَاء إِلَى يَوْم الْأَرْبَعَاء.
﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾ شبّههم فِي طولهم وعظمتهم بالأعجاز، وَهِي النّخل الَّذِي قد انقلعت من أُصُولهَا فَسَقَطت على الأَرْض.
قَالَ مُحَمَّد: قَوْله: ﴿منقعر﴾ قَالُوا: قعرتُ النَّخْلَة أَقْعَرُها - بِفَتْح الْعين - إِذا قطعتَها قَعْرًا. وقعَرْتُ الْبِئْر أَقْعِرُها - بكسْر الْعين - إِذا بلغت قعرها بنزول أَو حفر. وَالنَّخْل تذكر وتؤنث؛ يُقَال: هَذَا نخل وَهَذِه نخل، فمنقعر على من قَالَ: هَذَا نخلٌ، وَمن قَالَ هَذِه نخل مثل قَوْله. ﴿كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل خاوية﴾.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:﴿ فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ﴾ إنذاري أي كان شديدا.
وَمعنى ﴿يَسَّرْنَا﴾ أَي: سهلنا، وَرُوِيَ أَن كتب أهل الْأَدْيَان نَحْو التَّوْرَاة
319
وَالْإِنْجِيل إِنَّمَا يتلوها أَهلهَا (نظرا) وَلَا يكادون يحفظونها من أوَّلها إِلَى آخرهَا؛ كَمَا يحفظ القرآنُ.
تَفْسِير سُورَة الْقَمَر من الْآيَة ٢٣ إِلَى الْآيَة ٣٢.
320
﴿كذبت ثَمُود بِالنذرِ﴾ بالرسل
﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ﴾ أَي: أنتَّبع بشرا منا وَاحِدًا ﴿إِنَّا إِذا لفي ضلال﴾ فَلَا (نهتدي) (ل ٣٤٦) ﴿وسعر﴾ أَي: وشقاء؛ فِي تَفْسِير مُجَاهِد.
قَالَ مُحَمَّد: قَوْله: (وسعر) أصل الْكَلِمَة من [سعرت] النَّار إِذا التهبت.
320
﴿أَأُلْقِيَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا﴾ على الِاسْتِفْهَام مِنْهُم، وَهَذَا الِاسْتِفْهَام على إِنْكَار أَي: لمْ ينزل الذّكر عَلَيْهِ من بَيْننَا يجحدون مَا جَاءَ بِهِ صَالح ﴿بَلْ هُوَ كَذَّاب أشر﴾ من بَاب الأشر
320
﴿ أألقي الذكر عليه من بيننا ﴾ على الاستفهام منهم، وهذا الاستفهام على إنكار أي : لم ينزل الذكر عليه من بيننا يجحدون ما جاء به صالح ﴿ بل هو كذاب أشر( ٢٥ ) ﴾. من باب الأشر.
﴿سيعلمون غَدا﴾ يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة ﴿مَنِ الْكَذَّابُ الأشر﴾.
قَالَ محمدٌ: الأَشِرُ فِي اللُّغَة: البَطِر المتكبر، يُقَال: أَشِرَ يأشَرُ أَشَرًا فَهُوَ
320
أَشِر، وَقَالُوا أَيْضا: أَشْرَان وَامْرَأَة أشرى.
321
﴿إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ﴾ أَي: مخرجوها ﴿فتْنَة لَهُم﴾ أَي: بلية ﴿فارتقبهم﴾ أَي: انظرْ مَاذَا يصنعون ﴿وَاصْطَبِرْ﴾ على مَا يصنعون وعَلى مَا يَقُولُونَ، أَي: إِذا جَاءَت النَّاقة. وَقد مضى تَفْسِير أَمر النَّاقة فِي سُورَة الشُّعَرَاء
﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ﴾ وَهَذَا بعد مَا جَاءَتْهُم النَّاقة ﴿كل شرب محتضر﴾ تشرب النَّاقة المَاء يَوْمًا ويشربونه يَوْمًا.
قَالَ محمدٌ: معنى ﴿مُحْتَضَرٌ﴾ يحضر القومُ الشِّرْبَ يَوْمًا، وتحضره النَّاقة يَوْمًا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:﴿ فكيف كان عذابي ونذر( ١٦ ) ﴾ إنذاري أي كان شديدا.
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ والصيحة: الْعَذَاب ﴿فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ﴾ وَهُوَ النَّبَات إِذا هاج فَذَرَتْهُ الرياحُ فَصَارَ حظائر، تَفْسِير من قَرَأَ (المحتظِر) بكسْر الظَّاء، وَمن قَرَأَهَا (المحتظَر) بِفَتْح الظَّاء فَالْمَعْنى جعل حظائر.
قَالَ مُحَمَّد: وَقيل: الهشيم: مَا يبس من الْوَرق وتكسر وتحطم، أَي: فَكَانُوا كالهشيم الَّذِي يجمعه صَاحب الحظيرة فِي تَفْسِير من قَرَأَهُ (المحتظر) بِكَسْر الظَّاء يَقُول: احتظر حَظِيرَة، وَمن قَرَأَ (المحتظر) بِفَتْح الظَّاء فَهُوَ اسْم للحظيرة.
تَفْسِير سُورَة الْقَمَر من الْآيَة ٣٣ إِلَى الْآيَة ٤٠.
﴿كذبت قوم لوط بِالنذرِ﴾ بالرسل يَعْنِي لوطا
﴿إِنَّا أرسلنَا عَلَيْهِم حاصبا﴾ يَعْنِي: الْحِجَارَةَ الَّتِي رُمِيَ بِهَا من كَانَ مِنْهُم خَارِجا من الْمَدِينَة وَأهل السّفر مِنْهُم، وَأصَاب مدينتهم الخسفُ ﴿إِلا آلَ لُوطٍ﴾ يَعْنِي من آمن ﴿نَّجَّيْنَاهُم﴾
قَوْله: ﴿من شكر﴾ يَعْنِي: من آمن.
قَالَ محمدٌ: تَقول: أتيتُ فلَانا سَحَرًا أَي: سحرًا من الأسحار، وَإِذا أردْت سحر يَوْمك قلت: أَتَيْته بِسَحَرٍ، وأتيته سَحَرَ، ونصْبه على الظّرْف.
﴿نِعْمَةً من عندنَا﴾ بِمَعْنى: نجيناهم بالإنعام عَلَيْهِم.
قَوْله: ﴿وَلَقَد أَنْذرهُمْ بطشتنا﴾ أَي: عذابنا ﴿فتماروا بِالنذرِ﴾ كذبُوا بِمَا قَالَ لَهُم لوطٌ
﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا﴾ وَقد مضى تَفْسِير كَيفَ أهلكوا فِي سُورَة هود
﴿وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ﴾ استقرَّ بهم الْعَذَاب.
قَالَ محمدٌ: (بكرَة) هَا هُنَا نكرَة، وَإِذا أردْت بكرَة يَوْمك لم تَصْرِفْها وَكَذَلِكَ (غدْوَة) فِي مثل هَذَا.
تَفْسِير سُورَة الْقَمَر من الْآيَة ٤١ إِلَى الْآيَة ٤٨.
﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ﴾ يَعْنِي مُوسَى وَهَارُون
﴿كذبُوا بِآيَاتِنَا كلهَا﴾ يَعْنِي التسع آيَات، وَقد مضى ذِكْرُها ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾ على خلقه، عذبهم بِالْغَرَقِ
﴿أكفاركم﴾ يَعْنِي أهل مَكَّة ﴿خَيْرٌ مِنْ أولئكم﴾ يَعْنِي: مِنْ أُهْلِكَ مِنَ الْأُمَمِ السالفة، أَي: لَيْسُوا بِخَير مِنْهُم، يَعْنِي: كَانُوا أَشد مِنْهُم قُوَّة وَأكْثر أَمْوَالًا وأولادًا ﴿أَمْ لَكُمْ بَرَاءَة﴾ أَي: من الْعَذَاب ﴿فِي الزُّبُرِ﴾ فِي الْكتب
﴿نَحن جَمِيع منتصر أم يَقُولُونَ﴾ بل يَقُولُونَ
﴿سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر﴾ يَعْنِي: يَوْم بدر
﴿بل السَّاعَة موعدهم﴾ أَي: بِعَذَاب الاستئصال، يَعْنِي: كفار آخر هَذِه الْأمة؛ فِي تَفْسِير الْحسن ﴿والساعة أدهى﴾ من تِلْكَ الأخذات الَّتِي أهلك بهَا الْأُمَم السالفة ﴿وَأمر﴾ أَي: وَأَشد.
﴿إِن الْمُجْرمين﴾ الْمُشْركين ﴿فِي ضلال﴾ عَن الْهدى ﴿وسعر﴾ أَي: شقاء فِي تَفْسِير مُجَاهِد
﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوههم﴾ تسحبهم الْمَلَائِكَة أَي: تجرهم ﴿ذُوقُوا مس﴾ يُقَال لَهُم فِي النَّار: ذوقوا مسَّ سَقر، وسقر اسمٌ من أَسمَاء جَهَنَّم.
تَفْسِير سُورَة الْقَمَر من الْآيَة ٤٩ إِلَى الْآيَة ٥٥.
﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ تَفْسِير سعيد بْن جُبَير عَن عَليّ قَالَ: كل شَيْء
323
بِقدر حَتَّى هَذِه، وَوضع إصبعه السبابَة على طرف لِسَانه، ثمَّ وَضعهَا على ظهر إبهامه الْيُسْرَى.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿كُلُّ شَيْءٍ﴾ منصوبٌ بِفعل مُضْمر، الْمَعْنى: إِنَّا خلقنَا كلَّ شيءٍ خلقناه بِقدر.
324
﴿وَمَا أمرنَا﴾ (ل ٣٤٧) يَعْنِي مَجِيء السَّاعَة ﴿إِلا وَاحِدَةٌ كلمح بالبصر﴾ تَفْسِير الْحسن يَعْنِي: إِذا جَاءَ عَذَابَ كُفَّارِ آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بالنفخة الأولى.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنى: أَنه إِذا أَرَادَ هلاكهم كَانَت سُرْعة الاقتدار على الْإِتْيَان بِهِ كسُرعة لمح الْبَصَر، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ الْحسن، وَمعنى لمح الْبَصَر: أَن البصَرَ يلمحُ السَّمَاء وَهِي مسيرَة خَمْسمِائَة عَام، وَهَذَا من عَظِيم الْقُدْرَة.
وَقَوله: ﴿إِلَّا وَاحِدَة﴾ فَإِن الْمَعْنى: إِلَّا قَوْله وَاحِدَة
﴿وَلَقَد أهلكنا أشياعكم﴾ يَعْنِي: مِنْ أُهْلِكَ مِنَ الْأُمَمِ السالفة يَقُوله للْمُشْرِكين
﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ﴾ فِي الْكتب قد كُتِب عَلَيْهِم
﴿وكل صَغِير وكبير مستطر﴾ مَكْتُوب.
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ يَعْنِي: جَمِيع الْأَنْهَار.
قَالَ محمدٌ: وَهُوَ واحدٌ يدل على جمع.
﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مقتدر﴾ يَعْنِي: نَفسه تبَارك اسْمُه.
324
تَفْسِير سُورَة الرَّحمن وَهِي مَكِّيَّة كلهَا

بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير سُورَة الرَّحْمَن من الْآيَة ١ إِلَى الْآيَة ١٦.
325
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(أَبَى اللَّهُ إِلَّا عَدْلَهُ ووَفَاءَهُ فَلَا النُّكْرُ مَعْروفٌ وَلَا الْعرف ضائع)