" بسم الله " لطيف يعلم خفايا تصنع العابدين، غافر لجلائل ذنوب العاصين.
ﰡ
ق مفتاح أسمائه :" قوي وقادر وقدير وقريب ". . . أقسم بهذه الأسماءِ وبالقرآن المجيد.
وجوابُ القسَم محذوف ومعناه لَتُبْعَثُنَّ في القيامة.
ويقال جوابه :﴿ قَدْ عِلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مْنْهُمْ وَعِندَنَا كتابٌ حَفِيُظ ﴾ أي لقد علمنا. . وحذفت اللام لمَّا تطاول الخطاب.
ويقال : جوابه قوله :﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ﴾.
﴿ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ﴾ : هو محمد صلى الله عليه وسلم.
والتعجُّبُ نوعٌ من تعبير النَّفْسِ عن استبعادها لأمرٍ خارج العادة لم يقع به عِلْمٌ من قَبْل. وقد مضى القولُ في إنكارهم للبعث واستبعادهم ذلك :
﴿ أَئذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴾.
﴿ قَدْ عَلِمْنا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظُ ﴾.
﴿ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظُ ﴾ : وهو اللَّوحُ المحفوظ ؛ أَثْبَتنا فيه تفصيل أحوالِ الخَلْقِ من غير نسيانٍ، وبيَّنَّا فيه كلَّ ما يحتاج العبدُ إلى تَذكُّره.
﴿ مَّريجٍ ﴾ أي مختلط ومُلتبس ؛ فهم يتردَّدون في ظُلُمات تحيُّرهم، ويضطربون في شكَّهم.
أَوَلَمْ يعتبروا ؟ أَوَ لَمْ يَسْتَدِلُّوا بما رفعنا فوقهم من السماء، رفعنا سَمْكها فَسَوَّيْناها، وأثبتنا فيها الكواكبَ وبها زَيَّناها، وأَدَرْنا فيها شَمْسَها وقمرَها ؟ أو لم يروا كيف جَنَّسْنا عَيْنَها ونَّوعْنا أَثَرَها ؟
﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴾.
أنزلنا من السماء ماءً مباركاً كثيرَ النفعِ والزيادة، فأنبتنا به ﴿ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾ :
أي الذي يُحْصَد - كما تقول مسجد الجامع.
الأجزاء متجانسة. . ولكنَّ أوصافَها في الطعوم والروائحِ والألوانِ والهيئاتِ والمقادير مختلفة.
والنخلُ باسقاتٌ : طويلاتٌ، لها طَلْعٌ منضود بعضُه فوق بعض لكثرة الطَّلْع أو لما فيها مِن الثمار. وكيف جعلنا بعض الثمار متفرقة كالتفاح والكمثرى وغيرهما، وكيف جعلنا بعضها مجتمعة كالعنب والرطب وغيرهما. . كلًَّ ذلك جعلناه رزقاً للعباد ولكي ينتفعوا به.
إنا لم نَعْجزْ عن هؤلاء - الذين ذكر أسماءَهم - وفيه تهديدٌ لهم وتسليةٌ للرسول.
إنا لم نَعْجزْ عن هؤلاء - الذين ذكر أسماءَهم - وفيه تهديدٌ لهم وتسليةٌ للرسول.
إنا لم نَعْجزْ عن هؤلاء - الذين ذكر أسماءَهم - وفيه تهديدٌ لهم وتسليةٌ للرسول.
نعلم ما توسوس به نَفْسُه من شهواتٍ تطلب استنفاذها، مثل التصنُّع مع الخَلْق، وسوءِ الخُلُق، والحقد. . وغير ذلك من آفات النَّفْس التي تُشَوِّش على القلب والوقت.
﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ فَحَبْلُ الوريد أقربُ أجزاءِ نَفْسِه إلى نَفْسِه، والمرادُ من ذلك العلم والقدرة، وأنه يسمع قولهم، ولا يشكل عليه شيءٌ من أمرهم.
وفي هذه الآية هَيْبَةٌ وفَزَعٌ وخوفٌ لقومٍ، ورَوْحٌ وسكونٌ وأُنْسُ قلبٍ لقومٍ.
خوَّفَهم بشهود الملائكة وحضور الحَفَظَة، وبكتابتهم عليهم أعمالَهم، فهما قَعيدا كلِّ أحدٍ : ويقال : إذا كان العبدُ قاعداً فواحدٌ عن يمينه يكتب خيراته، وواحد على يساره يكتب معاصيه، وإذا قام فواحد عند رأسِه وواحد عند قَدَمِه، وإذا كان ماشياً فواحدٌ قائم بين يديه وآخرُ خَلْقَه.
ويقال : هما اثنان بالليل لكلِّ واحدٍ، واثنان بالنهار.
ويقال : بل الذي يكتب الخيراتِ اليومَ يكون غيره غداً، وأمَّا الذي يكتب الشر والمعصية بالأمس فإنه يكون كاتباً للطاعة غداً حتى يشهد طاعتك.
ويقال : بل الذي يكتب المعصية اثنان ؛ كل يوم اثنان آخران وكل ليلةٍ اثنان آخران لئلا يُعْلَمَ من مساويك إلا القليل منها، ويكون عِلْمُ المعاصي متفرقاً بهم.
إذا أشرفت النَّفْسُ على الخروج من الدنيا فأحوالُهم مختلفة ؛ فمنهم مَنْ يزداد في ذلك الوقت خوفُه ولا يَتَبيَّنُ إلا عند ذهابِ الروح حالَه. ومنهم مَنْ يُكاشَفُ قبلَ خروجه فَيسكن رَوْعُه، ويُحْفَظُ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فيُسْلِمَ الرُّوحَ على مَهَلٍ مِنْ غير استكراهٍ ولا عبوس. . . ومنهم، ومنهم. . . وفي معناه يقول بعضهم :
أنا إنْ مِتُّ - والهوى حشو قلبي- | فبِداءِ الهوى يموت الكرامُ |
سائقٌ يسوقها إمّا إلى الجنة أو إلى النار، وشهيدٌ يشهد عليها بما فعلت من الخير والشرِّ.
سائقٌ يسوقها إمّا إلى الجنة أو إلى النار، وشهيدٌ يشهد عليها بما فعلت من الخير والشرِّ.
المؤمنون - اليومَ بَصَرُهم حديد ؛ يُبصرون رُشْدَهم ويحذرون شرَّهم.
والكافر يقال له غداً :﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ أي : ها أنت عَلِمْتَ ما كنتَ فيه من التكذيب ؛ فاليومَ لا يُسْمَعُ منكَ خطابٌ، ولا يُرْفَعُ عنكَ عذابٌ.
لا يَخْفَى من أحوالهم شيءٌ إلى ذُكِرَ، إنْ كان خيراً يُجَازون عليه، وإن كان غير خيرٍ يُحَاسَبونَ عليه : إِمَّا برحمةٍ منه فيغفر لهم وينجون، وإمَّا على مقدار جُرْمِهم يُعَذَّبون.
منَّاعٍ للزكاة المفروضة.
ويقال : يمنع فَضْلَ مائِه وفَضْلَ كَلَئِه عن المسلمين.
ويقال : يمنع الناسَ من الخيرِ والإحسان، ويسيءُ القول فيهما حتى يُزَهّدُ الناسَ فيهما.
ويقال : المناعُ للخير هو المِعْوانُ على الشَّرِّ.
ويقال : هو الذي قيل فيه :﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [ الماعون : ٧ ].
﴿ مُرِيبٍ ﴾ : أي يُشَكِّكُ الناسَ في أمره لأنه غير مخلص، ويُلَبِّسُ على الناس حالَه لأنه منافق.
منَّاعٍ للزكاة المفروضة.
ويقال : يمنع فَضْلَ مائِه وفَضْلَ كَلَئِه عن المسلمين.
ويقال : يمنع الناسَ من الخيرِ والإحسان، ويسيءُ القول فيهما حتى يُزَهّدُ الناسَ فيهما.
ويقال : المناعُ للخير هو المِعْوانُ على الشَّرِّ.
ويقال : هو الذي قيل فيه :﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [ الماعون : ٧ ].
﴿ مُرِيبٍ ﴾ : أي يُشَكِّكُ الناسَ في أمره لأنه غير مخلص، ويُلَبِّسُ على الناس حالَه لأنه منافق.
يقول المَلَكُ من الحَفظَةِ المُوَكَّلُ له : ما أَعْجَلْتُه على الزَّلَّة.
وإنما كَتَبْتُها بعدما فَعَلَها - وذلك حين يقول الكافر : لم أفعلْ هذا، وإنما أعجلني بالكتابة عليّ، فيقول المَلكُ : ربَّنا ما أعجلته.
ويقال : هو الشيطانُ المقرونُ به، وحين يلتقيان في جهنم يقول الشيطانُ : ما أكرهته على كفره، ولكنه فعل - باختياره - ما وسوسْتُ به إليه.
لا تختصموا لديَّ اليومَ وقد أَمَرْتُكم بالرُّشْدِ ونَهَيْتُكم عن الغَيّ.
لا تختصموا لديَّ اليومَ وقد أَمَرْتُكم بالرُّشْدِ ونَهَيْتُكم عن الغَيّ.
﴿ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ ﴾ ﴿ وَتَقُولًُ ﴾ : القولُ هنا على التوسُّع ؛ لأنه لو كانت جهنم ممن يجيب لقالت ذلك بل يُحْييها حتى تقولَ ذلك.
﴿ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ : على جهة التغليظ، والاستزادة من الكفار.
ويقال : بل تقول :﴿ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ : أي ليس فيَّ زيادة كقوله عليه السلام لمَّا قيل له :
يومَ فتح مكة : هل ترجع إلى دارك ؟ فقال :" وهل ترك لنا عقيل داراً " ؟ ! أي لم يترك، فإن الله – تعالى - يملأ جهنمَ من الكفارِ والعصاةِ، فإذا ما أُخرِجَ العصاةُ من المؤمنين ازدادَ غيظُ الكفارِ حتى تمتلئ بهم جهنم.
يقال : إنَّ الجنَّةَ تُقَرَّبُ من المتقين، كما أَنَّ النّار تُجَرُّ بالسلاسل إلى المحشر نحو المجرمين.
ويقال : بل تقرب الجنة بأن يسهل على المتقين حشرهم إليها. . . وهم خواص الخواص.
ويقال : هم ثلاثةُ أصناف : قوم يُحْشَرون إلى الجنة مشاةً وهم الذين قال فيهم :
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] - وهم عوام المؤمنين وقوم يحشرون إلى الجنة ركبانا على طاعاتهم المصوَّرة لهم بصورة حيوان، وهم الذين قال فيهم جَلَّ وعلا :﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إلَى الرَّحْمَانِ وَفداً ﴾ [ مريم : ٨٥ ]- وهؤلاء هم الخواص وأمَّا خاص الخاص فهم الذين قال عنهم :﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقَينَ ﴾ أي تُقَرَّبُ الجنةُ منهم.
وقوله :﴿ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ : تأكيدٌ لقوله :" وأزلفت ".
ويقال :﴿ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ : من العاصين تطييباً لقلوبهم.
الأوَّابُ : الراجعُ إلى الله في جميع أحواله.
﴿ حَفِيظُ ﴾ : أي محافظ على أوقاته، ( ويقال محافظ على حواسه في الله حافظ لأنفاسه مع الله ).
الخشيةُ من الرحمانِ هي الخشية من الفراق. ( والخشية من الرحمان تكون مقرونة ) بالأُنْس ؛ ولذلك لم يقل : من خشي الجبَّار ولا من خشي القهَّار ".
ويقال الخشية من الله تقتضي العلم بأنه يفعل ما يشاء وأنه لا يسْأَلُ عمَّا يفعل.
ويقال : الخشيةُ ألطفُ من الخوف، وأنها قريبةٌ من الهيبة.
﴿ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾ : لم يقل بَنَفْسٍ مطيعة بل قال : بقلبٍ منيب ليكونَ للعصاةِ في هذا أملٌ ؛ لأنهم - وإن قَصَّروا بنفوسهم وليس لهم صِدْقُ القَدَمِ - فلهم الأسفُ بقلوبهم وصدق الندَّم.
أي يقال لهم : ادخلوها بسلامةٍ من كل آفةٍ، ووجودِ رضوان ولا يسخطُ عليكم الحقُّ أبداً.
ومنهم مَنْ يقول له المَلَكُ : ادخلوها بسلامٍ، ومنهم من يقوله له : لكم ما تشاؤون فيها - قال تعالى :
﴿ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾.
﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ : اتفق أهل التفسير على أنه الرؤية، والنظر إلى الله سبحانه وقومٌ يقولون : المزيد على الثواب في الجنة - ولا منافاة بينهما.
أي اعْتَبِروا بالذين تَقَدَّموكم ؛ انهمكوا في ضلالتهم، وأَصَرُّوا، ولم يُقْلِعوا. . فأهلكناهم وما أَبْقَيْنَا منهم أحداً.
قيل :﴿ لِمَن كَانَ لهُ قَلْبٌ ﴾ : أي من كان له عقل. وقيل : قلب حاضر. ويقال قلبٌ على الإحسان مُقْبِل. ويقال : قَلْبٌ غيرُ قُلَّب.
﴿ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ﴾ : استمع إلى ما يَنادى به ظاهرُه من الخَلْق وإلى ما يعود إلى سِرِّه من الحق. ويقال : لمن كان له قلبٌ صاح لم يَسْكر من الغفلة. ويقال قلبٌ يعد أنفاسَه مع الله. ويقال : قلبٌ حيٌّ بنور الموافقة. ويقال : قلبٌ غيرُ مُعْرِضٍ عن الاعتبار والاستبصار.
ويقال :" القلبُ - كما في الخبر- بين إصبعين من أصابع الرحمان " : أي بين نعمتين ؛ وهما ما يدفعه عنه من البلاء، وما ينفعه به من النَّعماء، فكلُّ قلب مَنَعَ الحقُّ عنه الأوصافَ الذميمَةَ وأَلْزَمَه النعوتَ الحميدةَ فهو الذي قال فيه :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾.
وفي الخبر :" إن لله أوانيَ ألاَ وهي القلوب، وأقربها من الله مارقَّ وصفا ". شبَّه القلوب بالأواني ؛ فقلبُ الكافرِ منكوسٌ لا يدخل فيه شيء، وقلبُ المنافقِ إناء مكسور، ما يُلْقى فيه من أوَّله يخرج من أسفله، وقلبُ المؤمنِ إناءٌ صحيح غير منكوس يدخل فيه الإيمانُ ويَبْقَى.
ولكنَّ هذه القلوبَ مختلفةٌ ؛ فقلبٌ مُلَطَّخٌ بالانفعالات وفنون الآفات ؛ فالشرابُ الذي يُلْقَى فيه يصحبه أثر، ويتلطخ به.
وقلبٌ صفا من الكدورات وهو أعلاها قَدْراً.
وأَنى يَمَسُّه اللُّغوبُ. وهو صَمَدٌ لا يحدث في ذاته حادث ؟ !
إِنْ تَأذَّ سَمْعُكَ بما يقولون فيَّ من الأشياء التي يتقدَّس عنها نَعْتي فاصبِرْ على ما يقولون، واستروِحْ عن ذلك بتسبيحك لنا.
فالليلُ وقتُ الخلوة - والصفاءُ في الخلوة أتَمُّ وأصْفى.
النداءُ من الحق - سبحانه - واردٌ عليهم، كما أنَّ النجوى تحصل دائماً بينهم. والنداءُ الذي يَردُ عليهم يكون بغتةً ولا يكون للعبد في فِعْلِه اختيارٌ.
النداءُ من الحق - سبحانه - واردٌ عليهم، كما أنَّ النجوى تحصل دائماً بينهم. والنداءُ الذي يَردُ عليهم يكون بغتةً ولا يكون للعبد في فِعْلِه اختيارٌ.
إلينا مَرْجِعُ الكُلِّ ومصيرُهم.
هذا يسيرٌ علينا : سواء خلقناهم جملةً أو فرادى ؛ قال تعالى :﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسِ وَاحِدَةٍ ﴾ [ لقمان : ٣١ ].
ما أنت عليهم بُمتَسَلِّطٍ تُكْرِههم.
وإنما يُؤَثِّرُ التخويفُ والإنذارُ والتذكيرُ في الخائفين، فأمّا مَنْ لا يخاف فلا ينجحُ فيه التخويف - وطيرُ السماء على أُلاَّفها تقعُ.