تفسير سورة القمر

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة القمر من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ كذّبت قبلهم قوم نوح فكذّبوا عبدنا... ﴾ [ القمر : ٩ ].
إن قلتَ : ما فائدة إعادة التكذيب فيه ؟   !
قلتُ : فائدته حكاية الواقع، وهو أنهم كذّبوا تكذيبا بعد تكذيب، أو الأول تكذيبهم بالتوحيد، والثاني بالرسالة، أو الأول تكذيبهم بالله، والثاني برسوله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى :﴿ فالتقى الماء على أمر قد قُدر ﴾ [ القمر : ١٢ ].
إن قلتَ : القياس " فالتقى الماءان " –كما قرئ به شاذا- أي ماء السماء، وماء الأرض ( ١ ) ؟
قلتُ : أراد به جنس الماء، ووحّده موافقة لقوله قبلُ ﴿ بماء منهمر ﴾ [ القمر : ١١ي.
١ - التعبير هنا يوحي الهول الشديد، والمعنى: أرسلنا عليهم المطر غزيرا متدفّقا، منصبا بشدّة وكثرة، كأنه أفواه القُرب، بشكل لم تعهده الأرض قبل ذلك، وأصبحت الأرض عيونا متفجرة بالمياه، فالتقى ماء السماء، وماء الأرض، على حال عجيبة قدّرها الله لإهلاك الطغاة المكذبين..
قوله تعالى :﴿ تجري بأعيننا جزاء لمن كان كُفِر ﴾ [ القمر : ١٤ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك، والجزاء إنما يكون للكافر لا للمكفور ؟
قلتُ : إن قُرئ " كفر " بالبناء للفاعل شاذا، فالخبر للكافر، أو بالبناء للمفعول، والأصل : كُفر به، حُذف الجار وأوصل بمجروره الفعل، فالجزاء للمكفور به، وهو الله تعالى، أو نوح عليه السلام، والجزاء لكونه مصدرا( ١ ) يضاف تارة للفاعل، وتارة للمفعول.
١ - في المُصَوّرة "قصد وإنصاف" والصواب: مصدرا يضاف، كما في مخطوطة جامعة أم القرى..
قوله تعالى :﴿ كأنهم أعجاز نخل منقعر ﴾ [ القمر : ٢٠ ]. ذكّر وصف النخل هنا ب " مُنْقَعِر " وأنّثه في الحاقة ب " خاوية " ( ١ ) رعاية للفواصل فيهما، وجاز فيه الأمر نظرا إلى " لفظ " النخل تارة فيُذكّر، وإلى " معناه " أخرى فيؤنّث.
١ - أشار إلى قوله تعالى: ﴿فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية﴾..
Icon