ﰡ
قوله: (تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة) أي وبأرواح الكفار إلى النار، في الكلام اكتفاء، وحينئذ فتلك الأوصاف الأربعة للملائكة التي تقبض الأرواح. قوله: (الملائكة تدبر أمر الدنيا) أي وهم جبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل، فجبريل موكل بالرياح والجنود، وميكائيل موكل بالقطر والنبات، وعزرائيل موكل بقبض الأرواح، واسرافيل موكل بالصور، قوله: (أي تنزل بتدبيره) أشار بذلك إلى أن اسناد التدبير إلى الملائكة مجاز؛ والمدبر حقيقة الله تعالى، فهم أسباب عادية مظهر للتدبير، قوله: (لتبعثن يا كفار مكة) خصهم وإن كان البعث عاماً للمسلم والكافر، لأن القسم إنما يكون للمنكر، والمسلم مصدق بمجرد الإخبار، فلا يحتاج للإقسام. قوله: (بها يرجف كل شيء) أي فهذا وجه تسميتها راجفة. قوله: ﴿ تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ ﴾ سميت بذلك لأنها تردفها وتأتي بعدها، ولا شيء بينهما. قوله: (فاليوم واسع) الخ، جواب عما يقال: إن وقت الراجفة موت لا بعث، فكيف يجعل ظرفاً لتبعثن المقدر؟ وإيضاح جوابه: البعث يحصل في الوقت الذي يجمع النفختين إذ هو متسع، فكأنه قال: تبعثن وقت حصول النفخة الأولى المتبوعة بالنفخة الثانية. قوله: (للبعث) أي المقدر جواباً للقسم.
قوله: (جمع السحرة) أي للمعارضة، وقوله: (وجنده) أي للقتال، وكان السحرة اثنين وسبعين، اثنان من القبط، والسبعون من بني إسرائيل، وتقدم في الأعراف جملة أقوال في عددهم، وكانت عدة بني إسرائيل ستمائة ألف وسبعين ألفاً، وعدة جيش فرعون ألف ألف وستمائة ألف. قوله: ﴿ فَنَادَىٰ ﴾ أي نفسه أو بمناديه. قوله: ﴿ فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ ﴾ أي بعد ما قال له موسى: رب أرسلني إليك، فإن آمنت بربك تكون أربعمائة سنة في النعيم والسرور، ثم تموت فتدخل الجنة، فقال: حتى أستشير هامان، فاستشاره فقال: أتصير عبداً بعدما كنت رباً؟ فعند ذلك جمع السحرة والجنود، فلما اجتمعوا قام عدو الله على سريره فقال: ﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ ﴾.
قوله: ﴿ نَكَالَ ﴾ منصوب على أنه مصدر لأخذ، والمعنى: أخذه أخذ نكال، أو مفعول لأجله، أي لأجل نكاله. قوله: (أي هذه الكلمة) أي قوله: ﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ ﴾.
قوله: (المذكور) أي من التكذيب والعصيان والإدبار والحشر والنداء الواقع من فرعون. قوله: ﴿ لِّمَن يَخْشَىٰ ﴾ أي لمن كان من شأنه الخشية، وخصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بذلك.
قوله: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ﴾ مقابل قوله: ﴿ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ ﴾ الخ، واعلم أن الخوف من الله تعالى مرتبتان: مرتبة العامة وهي الخوف من العذاب، ومرتبة الخاصة وهي الخوف من جلال الله تعالى، والآية صادقة بهما، وأضيف المقام لله تعالى، وإن كان وصفاً للعبد، من حيث كونه بين يديه ومقاماً لحسابه. قوله: (الأمارة) قيد بها لأنها هي تكون مذمومة الهوى، وأما غيرها فهواها محمود، لما في الحديث:" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تابعاً لما جئت به ". قوله: (المردي) أي المهلك، قوله: (باتباع الشهوات) متعلق بالمردي والباء سببية. قوله: (وحاصل الجواب) الخ، أشار بذلك إلى أن ﴿ أَمَّا ﴾ لمجرد التأكيد وليست للتفصيل، لعدم تقدم مقتضيه، وصار المعنى (فالعاصي في النار) الخ، وفيه أنه يحوج لتكلف، فالأحسن ما قدمناه من أن الجواب محذوف، والآية دليل عليه.