ﰡ
إن قلت : كيف قال ذلك، مع أن الضلالة والغواية متحدتان ؟
قلتُ : لا نسلّم اتحادهما إذ الضلالة ضدّ الهدى، والغِواية ضدّ الرشد.
أو المعنى : ما ضلّ في قوله، ولا غوى في فعله.
وبتقدير اتّحادهما، يكون ذلك من باب التأكيد باللفظ المخالف، مع اتحاد المعنى.
إن قلت : كيف أدخل كلمة الشكّ، وهو محال عليه تعالى ؟
قلتُ : " أو " للتخيير لا للشكّ، أي إن شئتم قدّروا ذلك القرب بقاب قوسين، أو بأدنى منهما، أي هي بمعنى " بل "، أو للتشكيك لهم في قدر القرب.
إن قلتَ : " رأى " هنا من رؤية القلب، فأين مفعولها الثاني ؟
قلتُ : هو محذوف تقديره : أفرأيتموها بنات الله وأنداده ؟ والمعنى : أخبروني ألهذه الأصنام قدرة على شيء ما فتعبدونها، دون القادر على كل شيء ؟ !
فإن قلتَ : كيف وصف الثالثة بالأخرى، مع أنه إنما يوصف بها الثانية، وظاهر اللفظ يقتضي أن يكون قد سبق ثالثة، ثم لحقها أخرى، ليكون ثالثتين ؟
قلتُ : " الأخرى " صفة للعزّى، وإنما أخّرها رعاية للفواصل، أو صفة ذم للات، والعزى، ومناة التي هي ثالثة اللتين قبلها، فالأخرى على هذا من التأخر في الرتبة.
إن قلتَ :" رأى " هنا من رؤية القلب، فأين مفعولها الثاني ؟
قلتُ : هو محذوف تقديره : أفرأيتموها بنات الله وأنداده ؟ والمعنى : أخبروني ألهذه الأصنام قدرة على شيء ما فتعبدونها، دون القادر على كل شيء ؟ !
فإن قلتَ : كيف وصف الثالثة بالأخرى، مع أنه إنما يوصف بها الثانية، وظاهر اللفظ يقتضي أن يكون قد سبق ثالثة، ثم لحقها أخرى، ليكون ثالثتين ؟
قلتُ :" الأخرى " صفة للعزّى، وإنما أخّرها رعاية للفواصل، أو صفة ذم للات، والعزى، ومناة التي هي ثالثة اللتين قبلها، فالأخرى على هذا من التأخر في الرتبة.
قاله هنا وبعدُ، وليس بتكرار، لأن الأول متصل بعبادتهم اللات والعزى ومناة، والثاني بعبادتهم الملائكة، والظن فيها مذموم بقوله :﴿ وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ﴾ [ يونس : ٣٦ ] أي لا يقوم مقام العلم.
فإن قلتَ : كيف لا يقوم مقامه، مع أنه يقوم مقامه في كثير من المسائل كالقياس ؟
قلتُ : المراد هنا : الظن الحاصل من اتّباع الهوى، دون الظن الحاصل من الاستدلال والنظر، بقرينة قوله :﴿ إن يتّبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ﴾.
إن قلتَ : ثواب الصّدقة، والقراءة، والحج، والدعاء، يصل إلى الميت، وليس من سعيه ؟
قلتُ : ما دلّت عليه الآية مخصوص بقوم إبراهيم، وموسى، وهو حكاية لما في صحفهما، أما هذه الأمة فلها ما سعت وما سُعي لها، أو هو على ظاهره، ولكن دعاء ولد الإنسان، وصديقه، وقراءتهما وصدقتهما عنه، من سعيه أيضا، بواسطة اكتسابه القرابة، والصداقة، أو المحبّة من الناس، بسبب التقوى والعمل الصالح.
فإن قلتَ : كيف قال تعالى ذلك، بعد تعديد النّقم، والآلاءُ النِّعمُ ؟
قلتُ : قد تقدم أيضا تعديد النِّعم، مع أن النّقمة في طيّها نعمة، لما تضمّنته من المواعظ والزواجر، والمعنى : فبأي نعم ربك، الدالة على وحدانيته، تشك يا وليد بن المغيرة ؟