تفسير سورة النازعات

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة النازعات من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ والنازعات غرقا والناشطات نشطا ﴾ [ النازعات : ١، ٢ ].
الواو فيه للقسم، وجوابه محذوف أي لتبعثنّ( ١ )، والمراد بالنازعات وما عُطف عليه : الملائكة، وذُكروا بلفظ التأنيث، مع أنهم ليسوا إناثا، لأنه تعالى أقسم بطوائفها، والطائفة مؤنثة.
١ - أقسم الله في هذه السورة بخمسة أصناف من الملائكة: "ملائكة العذاب" التي تنزع أرواح الكفار بشدة وعسر، و"ملائكة الرحمة" التي تنزع أرواح المؤمنين بلطف ولين، و"ملائكة الوحي" التي تنزل بأمر الله ووحيه على أنبيائه ورسله، و"ملائكة الرضوان"، التي تسبق بأرواح المتقين إلى الجنان، و"ملائكة التدبير" التي تدبر شؤون الكون... أقسم على أن القيامة حث والبعث لا بدّ منه، فجواب القسم محذوف "كما نبّه المصنف رحمه الله"..
قوله تعالى :﴿ أبصارها خاشعة ﴾ [ النازعات : ٩ ] أي ذليلة لما ترى.
فإن قلتَ : كيف أضاف الأبصار إلى القلوب، مع أنها لا تضاف إليها ؟
قلتُ : فيه حذف مضاف أي أبصار أربابها.
قوله تعالى :﴿ فأراه الآية الكبرى ﴾ [ النازعات : ٢٠ ] أي العصا، واليد.
قلتُ : كيف قال ذلك، مع أنه أراه الآيات كلّها، لقوله تعالى :﴿ ولقد أريناه آيتنا كلّها ﴾ [ طه : ٥٦ ] وكلّ آياته كبرى.
قلتُ : الإخبار هنا عما أراه أَوَّل ملاقاته إياه، وهو العصا، واليد، وأطلق عليهما ﴿ الآية الكبرى ﴾ لاتحاد معناهما، أو أراد بالكبرى : العصا وحدها، لأنها كانت مقدّمة على الأخرى.
قوله تعالى :﴿ وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ﴾ ( ١ ) [ النازعات : ٢٩ ].
أضاف الليل إلى السماء، مع أنه إنما هو في الأرض، لأنه هو أول ما يظهر عند الغروب من أفق السماء.
١ - معنى "أغطش ليلها" أي جعل ليلها مظلما حالكا "وأخرج ضحاها" أي جعل نهارها مشرقا مضيئا، قال ابن عباس: أظلم ليلها وأنار نهارها. اﻫ وانظر كتابنا صفوة التفاسير ٣/٤١٥..
قوله تعالى :﴿ فإذا جاءت الطامة الكبرى ﴾ [ النازعات : ٣٤ ] أي الداهية العظمى التي تطمّ على غيرها، وهي " النفخة الثانية "، وخصّ ما هنا بالطامة، موافقة لما قبله من داهية فرعون، وهي قوله :﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ [ النازعات : ٢٤ ] ولنذلك وصفت الطامة بالكبرى، موافقة لقوله قبل ﴿ فأراه الآية الكبرى ﴾ بخلاف ما في " عبس " لم يتقدمه شيء من ذلك، فخُصّت بالصاخّة، وإن شاركت الطامة في أنها النفخة الثانية، لأنها الصوت الشديد، والصوت يكون بعد الطمّ، فناسب جعل الطمّ للسابقة، والصخّ للاحقة، وجواب " إذا " قوله :﴿ فأما من طغى ﴾ [ النازعات : ٣٧ ] الخ، وقيل : محذوف ( ١ ) تقديره : فإن الجحيم مأواه.
١ -ما قاله الشيخ فيه نظر، فإن جواب "إذا" وهو قوله تعالى: ﴿يوم يتذكر الإنسان ما سعى﴾ والمعنى: فإذا جاءت القيامة، التي تغطي بأهوالها على كل أمر هائل فظيع، في ذلك اليوم يتذكر الإنسان ما عمله من خير أو شر، فيراه مدوّنا في صحيفة أعماله، فلا حاجة إلى الحذف والتقدير..
Icon