مكية، عددها ست وأربعون آية كوفي
ﰡ
﴿ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً ﴾ [آية: ١١] يعني بالية، أى: أنا لا نبعث خلقاً كما كنا ﴿ قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ﴾ [آية: ١٢] قالوا إن بعثنا، بعد الموت إنا إذا لخاسرون يعني هالكون، ثم قال الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ [آية: ١٣] يقول: فإنما هي صيحة واحدة من إسرافيل، عليه السلام، فيسمعونها وهم في بطن الأرض أمواتاً ولا ثنيها ﴿ فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ ﴾ [آية: ١٤] يعني الأرض الجديدة التي تبسط على هذه الأرض فيسلها الله عز وجل من تحتها كما يسل الثوب الخلق البالى، فذلك قوله: ﴿ فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ ﴾ يقول بالأرض الأخرى واسمها الساهرة.
﴿ ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴾ [آية: ١٧] يقول: إنه قد بلغ من طغيانه أنه عبد، وفى قراءة ابن مسعود " طغى " لأنه لم يعبد صنما قط ولكنه دعا الناس إلى عبادته، فذلك قوله: ﴿ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴾ ﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ ﴾ [آية: ١٨] يقول: هل لك أن تصلح ما قد أفسدت، يقول: وأدعوك لتوحيد الله ﴿ وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ ﴾ إلى عظمته ﴿ فَتَخْشَىٰ ﴾ [آية: ١٩] يخبر الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وسلم بخبره، قال له فرعون: ما هى؟ قال: ﴿ فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾ [آية: ٢٠] وهي اليد والعصا أخرج يده بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر، فكانت اليد أعظم وأعجب من العصا من غير سوء يعني من غير برص، قال: ﴿ فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ ﴾ [آية: ٢١] وزعم أنه ليس من الله عز وجل ﴿ وَعَصَىٰ ﴾ فقال: إنه سحر.
﴿ وَعَصَىٰ ﴾ أيضاً يعني استعصى عن الإيمان، قال: ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ ﴾ عن الحق ﴿ يَسْعَىٰ ﴾ [آية: ٢٢] يعني في جمع السحر فهو قوله:﴿ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ﴾[طه: ٦] ثم أتى بهم ﴿ فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ﴾ [آية: ٢٣] يقول حشر القبط ﴿ فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ ﴾ [آية: ٢٤] وذلك أن موسى صلى الله عليه وسلم قال لفرعون: لك ملكك فلا يزول، ولك شبابك فلا تهرم، ولك الجنة إذا مت، على أن تقول ربي الله وأنا عبده، فقال فرعون: إنك لعاجز بيننا يكون الرجل ربا يعبد حتى يكون له رب، فقال، فرعون: ﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ ﴾ يقول: ليس لي رب فوق، فذلك الأعلى ﴿ فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ ﴾ بعقوبة قوله: ﴿ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ ﴾ [آية: ٢٥] وكان بينهما أربعين سنة، الأولى قوله:﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي ﴾[القصص: ٣٨] والآخرة قوله ﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ ﴾ ثم قال: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ يقول: إن في هلاك فرعون وقومه ﴿ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ ﴾ [آية: ٢٦] يعني لمن يذكر الله تعالى، يقول: لمن يخشى عقوبة الله تعالى، مثل ما فعل آل فرعون فلا يشرك، يخوف كفار مكة لئلا يكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم فيجازيهم مثل ما حل بقوم فرعون من العذاب.