تفسير سورة فاطر

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة فاطر من كتاب مجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ مَثْنَى وثُلاَثَ وَرْبَاعَ ﴾ مجازه : اثنين وثلاثة وأربعة فزعم النحويون أنه مما صرف عن وجهه لم ينون فيه قال صخر بن عمرو :
ولقد قتلْتُكمُ ثُناءَ ومَوحَدا وتركتُ مُرّةَ مثل أمْسِ المُدْبِرِ
﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فإنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يشَاءُ ﴾ مجازه مجاز المكفوف عن خبره لتمامه عند السامع فاختصر ثم استأنف فقال :﴿ فإن اللّه يضل من يشاء ﴾.
﴿ أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتثُيِرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ ﴾ فتثير أي تجمع وتجيء به وتخرجه ومجاز ﴿ فسقناه ﴾ مجاز فنسوقه والعرب قد تضع " فعلنا " في موضع " نفعل " قال الشاعر :
إِن يَسمعوا رِيبة طاروا بها فَرَحاً منِي وما يَسمعوا من صالحٍ دَفَنَوا
في موضع " يطيروا " و " يدفنوا ".
﴿ النُّشُورُ ﴾ مصدر الناشر قال الأعشى :
حتّى يقول الناسُ ممَّا رأوا يا عجبا لِلمِّيت الناشرِ
﴿ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ ﴾ يكسبون ويجترحون.
﴿ هَذَا عَذْب فراتٌ سَائغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾ الفرات أعذب العذب والأجاج أملح الملوحة.
﴿ فِيهِ مَوَاخِرَ ﴾ تقديرها فواعل مِن " مخرت السفنُ الماءَ " والمعنى : شقَّت.
﴿ كُلٌّ يَجْرِي لأَجِلٍَ مُسَمَّى ﴾ مجازه مجاز ما خرج من الحيوان والموات مخرج الآدميين.
﴿ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾ وهو الفوفة التي فيها النواة.
﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ مجازه : ولا تحمل آثمة إثم أخرى، وزرته أي فعلته أي أثمته هي.
﴿ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ ﴾ الحرور بالنهار مع الشمس هاهنا وكان رؤبة يقول : الحرور بالليل والسموم بالنهار ؛
وَنسَجتْ لَوَامِعُ الحَرورِ بِرَقْرَقَانِ آلهاً المَسْجُورِ
سَبائباً كسَرَقِ الحرير ***
﴿ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ أي فعاقبت.
﴿ فَكَيْفَ كَانَ نِكيرِ ﴾ أي تغيري وعقوبتي.
﴿ وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾ مقدم ومؤخر لأنه يقال : أسود غربيب.
﴿ وَمنَ النَّاسَ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِف أَلْوَانُهُ ﴾ مجازه : من هؤلاء جميع مختلف ألوانه ومن أولئك جميع، كذاك وقد جاءت الدواب جملة لجميع الناس والحيوان في آية أخرى قال ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةِ في الأرْضِ إلاّ عَلَى اللِه رِزْقَها ﴾ ثم هذه الآية ملخصة مفرقة فجاءت الدواب ما خلا الناس والإبل.
﴿ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ ﴾ مجازه : ويقيمون الصلاة ومعناه : وأداموا الصلاة لمواقيتها وحدودها.
﴿ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ أي لن تكسد وتهلك ويقال : نعوذ بالله من بوار الأيم ويقال : بار الطعام وبارت السوق.
﴿ مُصَدِّقاًَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ أي لما كان قبله وما مضى.
﴿ أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن ﴾ وهو الحزن مثل البَخل والبُخل والنَّزل والنُّزل
لاَ يُقْضَي عَلَيْهِم فَيَمُوتُوا } منصوب لأن معناه : " ليموتوا " وليس مجازه مجاز الإخبار لأنهم أحياء لا يموتون فيقضى عليهم، وقال الخليل لم ينصب فعل قط إلا على معنى " أن " وموضعها وإن أضمروها فقيل له قد نصبوا ب " حتى " و " كي " و " لن " و " اللام المكسورة " فقال : العامل فيهن " أن "
﴿ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذكَّرُ فِيهِ مْن تَذَكَّرَ ﴾ مجاز الألف هاهنا مجاز التقرير وليس باستفهام والواو التي بعدها مفتوحة لأنها ليست بواو " أو " ومجاز " ما " هاهنا مجاز المصدر : أو لم نعمركم عمراً يتذكر فيه ؛ ﴿ مَنْ تَذَكَّر ﴾ أي يتوب ويراجع.
﴿ إنَّ اللّهَ يَمْسِكُ السَّمَواتِ والأرْضَ أَنْ تَزُولاَ ﴾ مجازه مجاز قوله ﴿ أنَّ السَّمَوَاتِ والأرْضَ كَانَتَا رتَقْاً فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ ثم جاء ﴿ ولَئِنْ زاَلتَاَ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحِدٍ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ مجازه : لا يُمِسكهما أحد و " إن " في موضع آخر معناه معنى " ما " ؛ ﴿ وَإنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الِجْبَالُ ﴾ معناه : " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال ".
﴿ وَلاَ يَحيقُ الْمَكْرُ السِّيِّءُ إلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ مجازه : لا ينزل ولا يجاوز ولا يحيط إلا بأهله.
﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ ﴾ مجازه : إلَا دأب الأولين وفعلهم وصنيعهم وله موضع آخر كقولك : هل ينظرون إلا أن يلقوا مثل ما لقى الأولون من الموت وصنوف العذاب والتغيير.
﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللِه ﴾ أي في خلقه الأولين والآخرين :﴿ تَبْدِيلاً ﴾.
﴿ وَمَا كانَ اللهُ لِيعُجَزُه مِنْ شَيْءٍ ﴾ أي ليسبقه ولا يفوته ولا يخفي عليه.
﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُسَمىً ﴾ مجاز " يؤاخذ " يعاقب ويكافئ ومجاز دابة هاهنا إنسان و " من " من حروف الزوائد ﴿ على ظهرها ﴾ أي ظهر الأرض ولم يظهرها وأظهر كنايتها.
Icon