تفسير سورة القمر

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة القمر من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
تفسير سورة القمر
أهداف سورة القمر
سورة القمر مكية، وآياتها ( ٥٥ ) آية، نزلت بعد سورة الطارق.
وهي سورة تمثل سياطا لاذعة للمكذبين المنكرين، وتعرض مشاهد خاطفة لما أصاب المكذبين السابقين، وتستعرض مواقف القيامة وأهوال الحشر، وأحوال المجرمين، وما يصبيهم من العذاب والنكال في الآخرة.
انشقاق القمر
يصف مطلع السورة حادثا فذا، هو انشقاق القمر بقدرة الله تعالى معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتى عن وقوع انشقاق القمر في مكة قبل الهجرة، حيث جاءت هذه الروايات في البخاري، ومسلم، ومسند الإمام أحمد، وغيرها من كتب السنة.
فقد روى الشيخان، عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما.
وروى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش : هذا سحر ابن أبي كبشةi، قال : فقالوا : انظروا ما يأتيكم من السُّفارii فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، قال : فجاء السُّفار فقالوا ذلك.
وهذه الروايات مع غيرها تتفق على انشقاق القمر بمكة.
كما ثبت أن أهل مكة قابلوا هذه الآية بالعناد، وادعوا أن محمدا سحر أهل مكة حتى يشاهدوا القمر منشقا، ثم اتفقوا على أن يسألوا عن الحادث المسافرين القادمين إلى مكة، وقد شهد المسافرون بأنهم شاهدوا القمر نصفين في ذلك اليوم، فادعى أهل مكة أن محمدا سحر الناس جميعا.
قال تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾. ( القمر : ١-٢ ).
ويرى بعض المفسرين أن الآية تخبر عن الأحداث الكونية المستقبلة، فعند قيام الساعة ستنشق الأرض والسماوات، كما قال سبحانه : إذا السماء انشقّت. ( الانشقاق : ١ ). كما ينشق القمر وينفصل بعضه عن بعض، وتتناثر النجوم، وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات غير السماوات.
سياق السورة وأفكارها
في الآيات ( ١-٨ ) وصف لجحود الكافرين، وعدم إيمانهم بالقرآن، وانصرافهم عنه إلى الهوى والبهتان.
وفي الآيات تهديد ووعيد لهؤلاء المشركين بيوم الجزاء، فهم يخرجون من قبورهم خاشعين من الذل، في حالة سيئة من الرعب والهول، فيسرعون الخطى ليوم الحشر كأنهم جراد منتشر، وقد أسقط في أيديهم فيقول الكافرون : هذا يوم صعب عسر.
خمس حلقات من مصارع المكذبين
الآيات من ( ٩-٤٢ ) تشتمل على عرض سريع لمصارع قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط، وفرعون وملئه، وكلها موضوعات سبقت في سورة مكية، ولكنها تعرض في هذه السورة عرضا خاصا، يحيلها جديدة كل الجدة، فهي تعرض عنيفة عاصفة، وحاسمة قاصمة يفيض منها الهول، ويتناثر حولها الرعب ويظللها الدمار والفزع.
وأخص ما يميزها في سياق السورة، أن كلا منها يمثل حلقة عذاب رهيبة سريعة لاهثة مكروبة، يشهدها المكذبون وكأنما يشهدون أنفسهم فيها، ويحسون إيقاعات سياطها، فإذا انتهت الحلقة وبدؤوا يتسردون أنفاسهم اللاهثة المكروبة عاجلتم حلقة جديدة أشد هولا ورعبا، حتى تنتهي الحلقات الخمس في هذا الجو المفزع الخانق.
١- قوم نوح ( الآيات ٩-١٧ ) :
وتلمح في الآيات مشهد المكذبين يتهمون نوحا بالجنون، ونوح يظهر لله ضعفه ويدعوه أن ينتصر له، وتستجيب السماء فينهمر المطر وتنفجر عيون الأرض، ويلتقي ماء السماء بماء الأرض، ثم يغرق الكافرون، وينجي الله نوحا ومن آمن معه، ويسأل القرآن سؤالا لإيقاظ القلوب إلى هول العذاب وصدق النذير، فيقول :﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾. ( القمر : ١٦ )
والقرآن كتاب إلهي سهل التناول ميسر الإدراك، فيه جاذبية الصدق والبساطة وموافقة الفطرة، لا تفنى عجائبه، ولا يَخلق على كثرة الرد، وكلما تدبره القلب عاد منه بزاد جديد، وكلما صحبته النفس زادت له ألفة وبه أنسا :﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾. ( القمر : ١٧ ).
هذا هو التعقيب الذي يتكرر بعد كل مصرع من مصارع السابقين.
٢- عاد قوم هود ( الآيات ١٨-٢٢ ) :
أرسل الله عليهم ريحا عاتية تدمر كل شيء بإذن ربها، وقد سلسلوا أنفسهم بالسلاسل حتى لا تعصف بهم الريح، وشقوا لأجسامهم شقوقا داخل الأرض، وتركوا رؤوسهم خارجها، فكانت الريح تكسر رؤوسهم وتتركهم كالنخيل التي قُطعت رؤوسها وتُركت أعجازها وجذورها.
٣- ثمود قوم صالح ( الآيات ٢٣-٣٢ ).
وقد أرسل الله إليهم نبيه صالحا ومعه الناقة، فأخبرهم بأن الماء قسمة بينهم وبينها، فللناقة يوم ولهم يوم، لها شِرب ولهم شِرب يوم معلوم.
وكان اليوم الذي ترد فيه ثمود البئر لا تأتي الناقة إليه ولا تشرب منه، ولكنها تسقيهم لبنا، وفي اليوم التالي تحضر شربها وحدها ومع وضوح هذه الآية، فإن ثمود ملّت هذه القسمة، وحرَّضوا شقيا من الأشقياء على قتل الناقة، فلما قتلها استحقوا عقاب الله، وأرسل الله عليهم صيحة واحدة فكانوا كفتات الحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لغنمه.
٤- قوم لوط ( ٣٣-٤٠ ).
اشتهر قوم لوط بالشذوذ الجنسي، حيث استغنى الرجال بالرجال، وهو انتكاس للفطرة وشرود في الرذيلة، ولقد حذرهم لوط مغبة فعلتهم، ، فكذبوه وجادلوا بالباطل، وجاءت الملائكة إلى نبي الله لوط في صورة رجال عليهم مسحة الجمال والجلال، فرغب قوم لوط في أن يفعلوا فعلتهم الشنعاء في الملائكة، وراودوه عن ضيفه ليفعلوا بهم اللواط، فاستحقوا عقوبة السماء، وأرسل الله عليهم حاصبا، أي ريحا تحمل الحجارة، ليذوقوا العذاب.
٥- ثم تعرض السورة حلقة قصيرة عن فرعون وجحوده وعقاب الله له حيث أخذه أخذ عزيز مقتدر.
وفي الآيات الأخيرة من السورة ( ٤٣-٥٥ ) تعقيب على هلاك السابقين، وتوجيه لأهل مكة بأنهم لن يكونوا أحسن حالا ممن سبقهم، ثم إن الساعة تنتظرهم وهي أدهى وأمر من كل عذاب شاهدوه فيما سبق، أو سمعوا وصفه فيما مرَّ، من الطوفان الذي أصاب قوم نوح، إلى الصرصر مع عاد، إلى الصاعقة مع ثمود، إلى الحاصب مع قوم لوط، إلى إغراق فرعون.
حكمة الخالق
وتشير الآيات إلى حكمة الله العالية، فتقول :﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾. ( القمر : ٤٩ ).
وهذه الحكمة تظهر في خلق الكون، وفي خلق السماء والأرض، وفي خلق الإنسان، وفي خلق الطيور والحيوانات، وفي سائر خلق الله :﴿ يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ﴾. ( النور : ٤٥ ).
إن قدرة الله تعالى وراء طرف الخيط البعيد لكل حادث، ولكل نشأة، ولكل مصير، ووراء كل نقطة وكل خطوة وكل تبديل أو تغيير، إنه قَدَر الله النافذ الشامل الدقيق العميق.
وأحيانا تخفى الحكمة على العباد فيستعجلون أمرا، والله لا يعجل لعجلة العباد، فالواجب أن يرضى المؤمن بالقضاء والقدر، وأن يحني رأسه أمام حكمة الله ومشيئته.
ثم يعرض الختام مشهد المجرمين يسحبون في النار على وجوههم ليذوقوا العذاب، كما يعرض مشهد المتقين في نعيم الجنة ورضوان الله العلي القدير.

انشقاق القمر وعناد المشركين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ( ١ ) وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ( ٢ ) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ( ٣ ) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ( ٤ ) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ( ٥ ) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ( ٦ ) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ( ٧ ) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ( ٨ ) ﴾
المفردات
اقتربت : دنت وقربت.
الساعة : القيامة.
انشق القمر : انفصل بعضه عن بعض وصار فرقتين.
سبب النزول :
روى البخاري، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهماiii.
وروى مسلم، والترمذي، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
قال : وقد كان ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، انشق القمر فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اشهد " iv
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتّى عن وقوع حادث انشقاق القمر بمكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة، إكراما من الله لرسوله وتصديقا له.
التفسير :
١- ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
اقتربت القيامة، فالباقي من عمر الدنيا أقل بكثير مما سبق منها، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين " v. وقرن بين أصبعيه الوسطى والسبابة. ( متفق عليه ).
وقد مرّ بعد الرسالة المحمدية أكثر من أربعة عشر قرنا، لكنها قليلة بالنسبة إلى عمر الدنيا وهو قرابة١٣ بليون سنة.
وفي عام ١٩٩٤م انعقد مؤتمر علمي في الولايات المتحدة الأمريكية بشأن معرفة عمر الكون وعمر الإنسان على هذه الأرض، وانتهى المؤتمر إلى أن عمر الكون ١٣ بليون سنة، وأن عمر الإنسان على هذه الأرض ٧ بلايين سنة.
وقد انشق القمر معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى رُئي جبل حراء بين الشقّين، فقال أهل مكة : انتظروا حتى يأتي السفّار، أي المسافرون خارج مكة، فلم قدم المسافرون قالوا : شاهدنا القمر قد انشق نصفين، فقال الكفار : إن محمدا سحر الناس جميعا.
وذهب بعض المفسرين على أن المعنى :
سينشق القمر عند قيام الساعة، حيث يكون من علامات الساعة تكوير الشمس وذهاب ضوئها، وانكدار النجوم، وانشقاق القمر.
ونحن أمام الأحاديث الصحيحة الواردة في الموضوع، وإشارة القرآن الكريم إلى ذلك، نصدق ونؤيد وقوع انشقاق القمر، معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقا له.
قال ابن كثير :
وهذا أمر متفق عليه بين العلماء، أنّ انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرة.
وقد أيد هذا المعنى الآلوسي في تفسيره فقال : والأحاديث الصحيحة في الانشقاق كثيرة، واختلف في تواترها، فقيل : هي غير متواترة، وفي شرح المواقف أنها متواترة، وهو الذي اختاره العلامة السبكي، فقد قال : الصحيح عندي أنَّ انشقاق القمر متواتر، منصوص عليه في القرآن، مروي في الصحيحين وغيرهما من طرق شتّى، لا يمترى في تواتره.
وقد جاءت أحاديثه في روايات صحيحة، عن جماعة من الصحابة، منهم : علي بن أبي طالب، وأنس، وابن مسعود. أ. ه.
والساعة لا يعلم وقت مجيئها إلا الله، واقتراب الساعة يمكن أن يراد به أن الباقي من عمر الدنيا قليل، بالنسبة لما مضى منها.
روى الحافظ أبو بكر البزار، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أصحابه ذات يوم، وقد كادت الشمس أن تغرب، فلم يبق منها إلا سف يسير، فقال : " والذي نفسي بيده، ما بقي من الدنيا فيما مضى منها، إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه "، وما نرى من الشمس إلا يسيرا. والمقصود حثّ الناس على التوبة والإنابة والإيمان قبل فوات الأوان.
وقريب من ذلك قوله تعالى :﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه... ﴾ ( النحل : ١ )
وقوله سبحانه : اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون. ( الأنبياء : ١ ).
وقوله تعالى :﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا. ﴾ ( الأحزاب : ٦٣ ).
والخلاصة : إن جمهور المحدثين والمفسرين على أن الانشقاق حقيقة، فقد قال القرطبي : ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره، وقيل : معناه : وضح الأمر وظهر، والعرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح، ثم علّق القرطبي قائلا : قد ثبت بنقل الآحاد العدول أن القمر انشق بمكة، وهو ظاهر التنزيل، ولا يلزم أن يستوي الناس في رؤيته، لأنها كانت آية ليلية، وأنها كانت باستدعاء النبي صلى الله عليه وسلم من الله عند التحدي...
سبب النزول :
روى البخاري، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهماiii.
وروى مسلم، والترمذي، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
قال : وقد كان ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، انشق القمر فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اشهد " iv
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتّى عن وقوع حادث انشقاق القمر بمكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة، إكراما من الله لرسوله وتصديقا له.
المفردات :
آية : دليلا على نبوتك.
سحر مستمر : مُطَّرد دائم.
التفسير :
٢- ﴿ وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾.
إذا رأى كفار مكة آية معجزة تؤيد النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه، مثل انشقاق القمر، أعرضوا عن الإيمان، وأحجموا عن الدخول في الإسلام، وقالوا : هذا سحر متتابع، أو مُسْتَمِرٌّ، بمعنى : باطل مضمحل زائل، لا دوام له، أو مُسْتَمِرٌّ. بمعنى : مرير على ألسنتنا لا تطيقه لهواتنا، أو مُسْتَمِرٌّ. بمعنى : محكم قوي، من المِرَّة بمعنى القوة.
سبب النزول :
روى البخاري، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهماiii.
وروى مسلم، والترمذي، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
قال : وقد كان ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، انشق القمر فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اشهد " iv
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتّى عن وقوع حادث انشقاق القمر بمكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة، إكراما من الله لرسوله وتصديقا له.
المفردات :
أهواءهم : ما زيَّنه لهم الشيطان من الوساوس والأوهام.
وكل أمر مستقرّ : وكل أمر لابد وأن يستقر إلى غاية، وينتهي إلى نهاية يستقرّ عليها.
التفسير :
٣- ﴿ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴾.
كذَّب المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يصدقوا القرآن، ولم يعترفوا بإعجازه، أو بمعجزة انشقاق القمر، واتبعوا ما زين لهم الشيطان من الباطل، وكل أمر من الأمور ينتهي إلى غاية يستقر عليها لا محالة، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
قال قتادة :
إنّ الخير يستقر بأهل الخير، والشر يستقرّ بأهل الشر، وكل أمر مستقر بأهله.
وقال مجاهد :
﴿ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴾. أي يوم القيامة. أ. ه.
حيث يستقر الأخيار في الجنة، والأشرار في النار.
سبب النزول :
روى البخاري، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهماiii.
وروى مسلم، والترمذي، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
قال : وقد كان ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، انشق القمر فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اشهد " iv
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتّى عن وقوع حادث انشقاق القمر بمكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة، إكراما من الله لرسوله وتصديقا له.
المفردات :
مزدجر : ازدجار وانتهار وردع عما هم فيه من الكفر والضلال.
التفسير :
٤- ﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ﴾.
ولقد جاء هؤلاء الكفار من أخبار الأمم السابقة، وما نزل بها من الهلاك والدّمار، عندما كذبت رسلها، أو جاءهم من أخبار القرآن وتشريعاته وهداياته، ما فيه زجر لهم عن اتباع الهوى والكفر والضلال.
سبب النزول :
روى البخاري، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهماiii.
وروى مسلم، والترمذي، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
قال : وقد كان ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، انشق القمر فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اشهد " iv
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتّى عن وقوع حادث انشقاق القمر بمكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة، إكراما من الله لرسوله وتصديقا له.
المفردات :
بالغة : واصلة غاية الإحكام والإبداع.
تغني : تفيد وتنفع.
النذر : الرُّسل أو الأمور المخوّفة لهم.
التفسير :
٥- ﴿ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ﴾
إن هذا القرآن حكمة بالغة، بلغت الغاية والنهاية في الهداية والبيان، حيث تكلم عن بدء الخليقة، ولفت الأنظار إلى الكون وجماله وإبداع خلقه، لكن الكفار أصمّوا آذانهم وأغلقوا عقولهم، وساروا وراء أهوائهم، فلم ينتفعوا بهدى القرآن.
قال تعالى :﴿ وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ﴾. ( يونس : ١٠١ ).
أي : ماذا تنفع الآيات الواضحة، والنُّذر جمع نذير، بمعنى منذر، أي : ماذا تفيد وسائل الهدى لقوم سدوا في منافذ الهداية، ورفضوا وسائل الإيمان ؟
قال تعالى :﴿ إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ﴾. ( البقرة : ٦ ).
وقال تعالى :﴿ لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها... ﴾ ( الأعراف : ١٧٩ )
وقال سبحانه وتعالى :﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِين ﴾. ( الزمر : ٢٢ ).
سبب النزول :
روى البخاري، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهماiii.
وروى مسلم، والترمذي، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
قال : وقد كان ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، انشق القمر فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اشهد " iv
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتّى عن وقوع حادث انشقاق القمر بمكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة، إكراما من الله لرسوله وتصديقا له.
المفردات :
شيء نكر : منكر فظيع، والمراد : هول القيامة.
التفسير :
٦- ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ﴾.
أي : عليك البلاغ، وليس عليك الهداية، فإذا أدّيت واجبك فلا تهتم بهم، وأعرض عنهم، وانتظرهم حين ينفخ إسرافيل في الصور، فيقومون من قبورهم في شدة الهول، حيث يُدعون إلى الحساب والجزاء وما في ذلك اليوم من الأهوال، التي لم تألفها النفوس، ولم تر لها مثيلا في الشدّة.
وليس المراد أن يترك الرسول صلى الله عليه وسلم البلاغ والدعوة للمشركين، بل المراد : بلّغ ما أنزل إليك من ربك، في تؤدة وحكمة، ثم اتركهم، فإن جزاءهم سيأتي حين ينفخ إسرافيل في الصُّور، وينادي المنادي من قبل الله عز وجل : أيتها الأرواح الباقية، والأجساد البالية، والعظام النخرة، قومي لفصل القضاء، وحينئذ يقوم الناس لرب العالمين، حيث يشاهدون أهوال القيامة.
سبب النزول :
روى البخاري، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهماiii.
وروى مسلم، والترمذي، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
قال : وقد كان ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، انشق القمر فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اشهد " iv
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتّى عن وقوع حادث انشقاق القمر بمكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة، إكراما من الله لرسوله وتصديقا له.
المفردات :
خشعا أبصارهم : ذليلة خاضعة من شدة الهول.
الأجداث : القبور.
التفسير :
٧- ﴿ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ﴾.
هم يخرجون من القبور في حالة من الذلة والخشوع والخوف، لأنّ أثر العزّ والذل يتبين في نظر الإنسان.
قال تعالى :﴿ أبصارها خاشعة ﴾. ( النازعات : ٩ ).
وقال سبحانه وتعالى :﴿ وتراهم يُعرضون عليها خاشعين من الذل يَنظرون من طرف خفي... ﴾ ( الشورى : ٤٥ ).
قل القرطبي :
ويقال : خشع واختشع، إذا ذلّ، وخشع ببصره، إذا غضّه، وقرأ حمزة والكسائي : خاشعا أبصارهم.
﴿ يََخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ﴾.
يخرجون من القبور مسرعين مطيعين، كأنهم جراد منتشر منبت في الآفاق، وإذا نظرنا إلى الجراد في كثرته وتتابعه كأنه حملة قوية، وكثيرا ما يكون وبالا على الزراعة، أو ناشرا للآفات، أدركنا عمق التعبير في الآية.
وقد قال تعالى في آية أخرى :﴿ يوم يكون الناس كالفراش المبثوت ﴾. ( القارعة : ٤ ).
قال القرطبي :
فهما صفتان في وقتين مختلفين :
إحداهما : عند الخروج من القبور يخرجون فزعين، لا يهتدون أين يتوجهون، فيدخل بعضهم في بعض، فهم حينئذ كالفراش المبثوت بعضه في بعض، لا جهة يقصدها.
الثانية : فإذا سمعوا المنادي قصدوه، فصاروا كالجراد المنتشر، لأن الجراد له جهة يقصدها.
قال ابن كثير :
كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب جراد منتشر في الآفاق.
سبب النزول :
روى البخاري، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين، حتى رأوا حراء بينهماiii.
وروى مسلم، والترمذي، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
قال : وقد كان ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، انشق القمر فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اشهد " iv
وقد وردت روايات متواترة من طرق شتّى عن وقوع حادث انشقاق القمر بمكة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الهجرة، إكراما من الله لرسوله وتصديقا له.
المفردات :
مهطعين : مسرعين منقادين.
يوم عَسِر : صعب شديد لعظم أهواله.
التفسير :
٨- ﴿ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾.
مسرعين مجيبين إلى الدعي، وهو إسرافيل عليه السلام، لا يخالفون ولا يتأخرون، ويقولون : هذا يوم شديد الهول سيء المنقلب.
قال تعالى :﴿ فذلك يومئذ يوم عسير*على الكافرين غير يسير ﴾. ( المدثر : ٩-١٠ ).
أي : هو عبوس قمطرير، شديد الهول على الكافرين، وفي هذا إيماء إلى أنه هين على المؤمن لا عسر فيه ولا مشقة، بل فيه نضرة وسرور ونعيم للمتقين.
خلاصة لقصص بعض الأنبياء مع أممهم
١- قصة قوم نوح
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ( ٩ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ( ١٠ ) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ( ١١ ) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ( ١٢ ) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ( ١٣ ) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ( ١٤ ) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ( ١٥ ) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ( ١٦ ) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ( ١٧ ) ﴾.
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
ازدجر : زُجر عن تبليغ رسالته بالسبّ وغيره.
التفسير :
٩- ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ﴾.
كذب قبل قومك قريش، قوم نوح عليه السلام، وهو أوّل رسول أرسل إلى قومه.
فكذبوا عبدنا نوحا، حيث مكث فيهم ألف سنة إلاّ خمسين عاما، وما آمن معه إلا قليل، وزادوا على تكذيب نوح اتهامه بالجنون، وزجروه ونهوه عن تبيلغ الرسالة، قائلين له :﴿ لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ﴾. ( الشعراء : ١١٦ )
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
مغلوب فانتصر : مغلوب فانتقم لي منهم.
التفسير :
١٠- ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾.
بعد عناد طويل، وتكذيب وإصرار من قوم نوح، وبعد أن صبر هذا الرسول صبرا طويلا، واشتكى إلى الله ما حكاه القرآن، حيث قال تعالى :
﴿ قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا * وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا * وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً ﴾.
( نوح : ٢١-٢٣ ).
دعا نوح ربه قائلا : إني مغلوب مقهور فانتصر لي يا الله، وقد استجاب الله دعاء نوح عليه السلام.
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
بماء منهمر : منصبٍّ بشدة وغزارة.
التفسير :
١١- ﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ﴾.
لقد انصبّ عليهم ماء السحاب وابلا منهمرا، بشدّة وغزارة، وقد كانوا في شوق إلى المطر لمدة طويلة، فكان المطر الشديد الوابل المتتابع، سببا في عذابهم فقد نزل بكثرة فائقة من السماء، كما يقال في المطر الوابل : جرت ميازيب السماء، وفتحت أبواب القرب، كناية عن كثرة انصباب الماء من السماء.
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
فجّرنا الأرض : شققناها.
أمر قد قُدر : قدَّرناه أزلا، وهو هلاكهم بالطوفان.
التفسير :
١٢- ﴿ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾.
وجعلنا الأرض كلها عيونا متفجرة، وينابيع متدفقة، فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قُضي عليهم، وقد قدَّره الله في الأزل، أن يهلكهم بالطوفان جزاء كفرهم وطغيانهم.
قال قتادة :
قضى عليهم في أم الكتاب إذا كفروا أن يُغرقوا.
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
دُسر : مسامير تشدّ بها الألواح.
التفسير :
١٣- ﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ﴾.
حملنا نوحا ومن آمن معه على سفينة ذات ألواح من خشب ومسامير تشد الخشب بعضه إلى بعض، وهذا من جميل الكلام وبديعه، أن تحذف الموصوف وتعبّر عنه بصفة مبينة له.
وقال الليث :
الدّسار : خيط من ليف تشدّ به وألواح السفينة، ولعله بعض الحشو الذي يوضع بين الألواح، ثم يطلى بالقار ليمنع دخول الماء.
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
تجري بأعيننا : بحفظنا أو بمرأى منَّا أو بأمرنا.
كُفِر : أي : جحد به، وهو نوح عليه السلام.
التفسير :
١٤- ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ﴾.
تجري السفينة فوق مياه الطوفان، بحكمتنا وقدرتنا، وحفظنا وعنايتنا، وتحت رعايتنا.
لقد استجبنا لعبدنا نوح، الذي قدّم دعوته دائبا مستمرا، خلال ألف سنة إلا خمسين عاما، فقوبل بالكفران والنكران، والإيذاء والجحود، فأنقذناه بالسفينة تجري برعايتنا، جزاء وإكراما لنبي كُذّب وجُحد فضله، لقد كان نعمة على قومه فكفروها، وكل نبي نعمة من الله على أمته.
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
تركناها آية : أبقينا ذكرها عبرة وعظة.
مدَّكر : متذكر ومعتبر ومتعظ.
التفسير :
١٥- ﴿ وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾.
لقد تركنا تلك الحادثة – وهي الطوفان – عبرة وبيانا للقدرة الإلهية التي تمحق المكذبين، وتنصر المؤمنين، فهل من معتبر ومتعظ.
وقيل : المعنى : تركنا السفينة مدّة طويلة ليعتبر بها من يعتبر، وأمثالها صار رمادا ونخر فيه السوس.
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
نذر : واحدها نذير، بمعنى إنذار.
التفسير :
١٦- ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾.
استفهام تهويل وتعظيم وتعجيب، بمعنى، ألم يكن العذاب شديدا، والغرق مهلكا ؟
وإنذاري لهم على كيفية هائلة لا يحيط بها الوصف، وذلك لتكذيبهم رسلي وإنكارهم آياتي.
تمهيد :
تذكر سورة القمر موجزا لقصص بعض الأنبياء، فتذكر قصة أربعة من الرسل مع أقوامهم : قصة نوح مع قومه، وهود مع قومه عاد، وصالح مع قومه ثمود، وقصة لوط مع قومه ؛ ليشاهد القارئ ما أصاب المكذبين للرسل من الهلاك، وما حظي به الرسل من النصر والمعونة الإلهية.
المفردات :
يسرنا : سهلنا.
للذكر : للعظة والاعتبار.
التفسير :
١٧- ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾.
أنزلناه كتابا عربيا مبينا، مشتملا على ألوان المعارف والقصص، والأمثال والحكم والتشريع، وبيان عجائب الكون، وأخبار القيامة والبعث والحشر والنشر، ويسّرٍَنا تلاوته وقراءته، وحفظه وفهمه والاتعاظ به.
فهل من معتبر بهذا الكتاب متأمل فيه، متعظ بما فيه من المواعظ والأخبار، مسارع إلى التأمل في فهمه، والاستعانة بالله على حفظه.
قال الخازن في تفسيره :
وفيه الحث على تعليم القرآن والاشتغال به، لأنّه قد يسره الله، وسهله على من يشاء من عباده، بحيث يسهل حفظه للصغير والكبير، والعربي والعجمي.
قال سعيد بن جبير :
يسرنا للحفظ والقراءة، وليس من كتب الله تعالى يقرأ كله ظاهرا إلا القرآن. انتهى من تفسير الخازن.
أمل ورجاء
ألا ليت أمتنا تتواصى بتعليم أبنائها وبناتها ورجالها ونسائها، وشبابها وفتياتها هذا الكتاب، دراسة وحفظا، وتجويدا وتلاوة، لمعرفة أحكامه وآدابه، والاهتداء بهديه ومواعظه، وتنفيذ أوامره ونواهيه، ليكون حياة لأرواحنا، وقوة لأفئدتنا، ونورا لنفوسنا، وبعثا لأمتنا، حتى نعتصم به ونعمل به كما عمل السابقون، فعزُّوا وسادوا، وقد أصاب أمتنا التدهور والاضمحلال بسبب بعدها عن كتاب الله، وهو مصدر عزِّها، بل هو الروح والحياة الكريمة لها.
قال تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾. ( الشورى : ٥٢-٥٣ ).
٢- قصة عاد قوم هود
﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ( ١٨ ) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ( ١٩ ) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ( ٢٠ ) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ( ٢١ ) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ( ٢٢ ) ﴾.
تمهيد :
تلك قصة قوم آخرين بعد قوم نوح، كانوا أشداء أقوياء، أرسل الله إليهم هودا، فدعا قومه عادا إلى الإيمان فكذبوا واستكبروا ؛ فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية.
التفسير :
١٨-﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾.
هذه قصة أخرى، أو خلاصة لقصة لم تذكر تفاصيلها هنا رغبة في الإيجاز، فالسورة كلها آياتها قصار، وتعرض موجزا للمكذبين.
ومعنى الآية :
كذبت قبيلة عاد نبيهم هودا، فهل شاهدتم أو سمعتم أو عرفتم كيف كان عذابي لهم، وإنذاري لهم بالعذاب ؟ ثم شرع في تفصيل ذلك وبيانه.
تمهيد :
تلك قصة قوم آخرين بعد قوم نوح، كانوا أشداء أقوياء، أرسل الله إليهم هودا، فدعا قومه عادا إلى الإيمان فكذبوا واستكبروا ؛ فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية.
المفردات :
ريحا صرصرا : باردة أشد البرد، يقال : ريح صرّ وصرصر أي : شديدة الصوت، أو الباردة.
النّحس : الشؤم على عاد حتى أهلكهم.
مستمر : دائم شؤمه حتى أهلكهم.
التفسير :
١٩-﴿ إنّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ﴾.
أرسلنا عليهم ريحا باردة شديدة الصوت.
قال ابن كثير :
قيل : باردة، وقيل : شديدة الصوت، والحق أنها متصفة بجميع ذلك، فقد كانت ريحا شديدة قوية، وكانت باردة شديدة البرد، وكانت ذات صوت مزعج. أ. ه.
أي : جمعت الهلاك والإبادة والتدمير، في يوم شؤم على هؤلاء المعتدين مستمر، حيث اتصل عذابهم في الدنيا بعذابهم في الآخرة، وقد نهينا في السنة المطهرة عن التشاؤم من أمر بعينه، أو يوم بعينه وإنما الأيام والليالي كلها سواء، لذا كان التشاؤم بالعدد ( ١٣ ) غير صحيح شرعا ودينا.
روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفرّ من المجذوم فرارك من الأسد " vi.
أي أن العدوى لا تقع إلا بإذن الله، ولا يجوز التطيّر أو التشاؤم من شيء، فإذا رأى الإنسان شيئا يتشاءم منه، يقول : " اللهم لا يأتي بالخير إلا أنت، ولا يُذهب السوء إلا أنت، اللهم اكفني السوء بما شئت وكيف شئت، إنك على ما تشاء قدير " vii. ثم يمضي في عمله ولا يتراجع عنه.
( ولا هامة ) كانت العرب تعتقد أن روح القتيل تتقمّص طائرا يسمى الصَّدى وتصيح بالليل تقول :( اسقوني من دم قاتلي )، فإذا أخذ بثأره هدأ القتيل واستقرت روحه، وهذه خرافة لا أصل لها، وكانت تدفعهم للأخذ بالثأر، فقال صلى الله عليه وسلم : " لا هامة ".
( ولا صفر ) قد حرّم الله القتال في شهر المحرم، وكان العرب إذا احتاجوا إلى الحرب في المحرم، قام كبيرهم، فقال : إني أحللت لكم القتال في المحرم، ونقلت تحريمه إلى شهر صفر، فقال صلى الله عليه وسلم : " ولا صفر "، أي : لا يجوز تحريم القتال في شهر صفر، بل يجب الإبقاء على جعل المحرم هو الشهر الحرام بنفسه دون غيره.
وفي آخر الحديث نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى الابتعاد عن الاختلاط بأصحاب الأمراض المعدية، فكما تفرّ من الأسد المفترس، ينبغي أن تفرَّ من المريض بالجُذام، ويقاس عليه كل مرض مُعد.
تمهيد :
تلك قصة قوم آخرين بعد قوم نوح، كانوا أشداء أقوياء، أرسل الله إليهم هودا، فدعا قومه عادا إلى الإيمان فكذبوا واستكبروا ؛ فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية.
المفردات :
تنزع الناس : تقلعهم من أماكنهم، وتصرعهم على رؤوسهم، فتدقّ رقابهم.
منقعر : مقتلع من أصوله، يقال : قعرت النخلة، أي : قلعتها من أصلها، فانقعرت.
التفسير :
١- ﴿ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ﴾.
تقتلع الناس من الأرض اقتلاع النخلة من أصلها، وترمي بهم على رؤوسهم فتدقّ أعناقهم، وتفصل رؤوسهم عن أعناقهم.
لقد كانوا طوال الأجسام، أشداء أقوياء، فاستكبروا في الأرض بغير الحق، ﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾. ( فصلت : ١٥ ).
وقد استحقوا عقوبة السماء، فأرسل الله عليهم ريحا عاتية اقتلعتهم من الأرض، وكسَّرت رؤوسهم وأعناقهم، وتركتهم أجسادا بلا رؤوس، كالنخلة الساقطة على الأرض، جذعا خاليا من الرأس أو الثمر.
وفي ذلك المعنى يقول القرآن الكريم :﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾. ( الحاقة : ٦-٨ ).
ومعنى : منقعر. أي : كأنهم أصول نخل قد انقلعت من مغارسها وسقطت على الأرض، وقد شبّهوا بالنخل لطولهم وضخامة أجسامهم.
قال ابن كثير :
وذلك أن الريح كانت تأتي أحدهم فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار، ثم تنكسه على أم رأسه، فيسقط إلى الأرض، فتثلغ رأسه فيبقى جثة بلا رأس.
تمهيد :
تلك قصة قوم آخرين بعد قوم نوح، كانوا أشداء أقوياء، أرسل الله إليهم هودا، فدعا قومه عادا إلى الإيمان فكذبوا واستكبروا ؛ فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية.
المفردات :
فكيف كان عذابي ونذر : كرره للتهويل.
التفسير :
٢١- ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾.
فانظروا كيفية بطشي وعقابي وإنذاري.
تمهيد :
تلك قصة قوم آخرين بعد قوم نوح، كانوا أشداء أقوياء، أرسل الله إليهم هودا، فدعا قومه عادا إلى الإيمان فكذبوا واستكبروا ؛ فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية.
المفردات :
مدّكر : متعظ، أو راغب في الحفظ، روى أنه لم يكن شيء من كتب الله محفوظا عن ظهر القلب سوى القرآن.
التفسير :
٢٢- ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾.
سهلناه للتذكر والاتعاظ، أو يسرناه للتلاوة والقراءة والتجويد والحفظ، وأعَنَّا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه ليُعان عليه ؟
٣- قصة ثمود قوم صالح.
﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ( ٢٣ ) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ( ٢٤ ) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ( ٢٥ ) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ( ٢٦ ) إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ( ٢٧ ) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ( ٢٨ ) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ( ٢٩ ) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ( ٣٠ ) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ( ٣١ ) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ( ٣٢ ) ﴾
المفردات :
كذبت ثمود بالنذر : بما سمعوه من نبيهم من الإنذارات والمواعظ.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
التفسير :
٢٣- ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ﴾.
كذبت ثمود بالمواعظ والنُّذر التي سمعوها من صالح، أو كذبوا رسالات السماء ونذرها، لأنهم إذا كذبوا رسولهم فقد كذبوا برسالات السماء جميعها.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
المفردات :
واحدا نتبعه : واحدا من آحادهم لا من أشرافهم.
لفي ضلال وسُعُر : في بعد بيّن عن الحق. وسُعُر : جمع سعير، وهي النار المشتعلة أو الجنون.
التفسير :
٢٤- ﴿ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ﴾.
أنتبع فردا واحدا منا لا يتميز علينا بشيء ؟ إذا فعلنا هذا، وهو فرد واحد، ونحن أمة مجتمعة، نكون في بعد واضح عن الصواب، وجنون بيّن لأن ذلك بعد عن الصواب، وجنون بيّن لأن ذلك بعد عن الصواب، وروي أن صالحا كان يقول لهم : إذا لم تتبعوني كنتم في ضلال عن الحق، وعرَّضتم أنفسكم لعذاب النار، فعكسوا عليه قوله، وقالوا : إن اتبعناك كنا كما تقول في بُعد عن الحق وجنون دائم.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
المفردات :
أشر : متكبر بطر، حمله بطره على الترفّع علينا بادعائه.
التفسير :
٢٥- ﴿ أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾.
كيف خصّ بالوحي من بيننا، وفينا من هو أفضل منه وأحق منه بالنبوة، بل هو متجاوز في حدّ الكذب، فيما يدَّعيه من نزول الوحي عليه، ومتكبر بطر يريد العلوّ علينا.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
المفردات :
مَن الكذاب الأشر : هو أم هم، أي : مَن الذي حمله أشره على الاستكبار عن الحق وطلب الباطل ؟
التفسير :
٢٦- ﴿ سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ﴾.
سيعلمون غدا – يوم القيامة – من هو الكذَّاب المتعالي عن الحق، صالح أم هم المكذبون المجرمون.
قال الآلوسي :
المراد : سيعلمون أنهم هم الكذابون الأشرون، لكنَّ الله أورد ذلك مورد الإيهام للإشارة إلى أنه مما لا يكاد يخفى.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
المفردات :
إنا مرسلو الناقة : مخرجوها وباعثوها.
فتنة لهم : اختبارا وامتحانا لهم.
فارتقبهم : فانتظرهم يا صالح، وتبصّر ما يصنعون، وما يؤول إليه أمرهم.
واصطبر : اصبر على أذاهم.
التفسير :
٢٧- ﴿ إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ﴾.
يفيد القرطبي وغيره من كتب التفسير أنهم طلبوا آية من صالح عليه السلام، وفي بعض الروايات أنهم طلبوا آية بعينها، وهي أن تخرج ناقة عشراء من صخرة الجبل، فقام صالح يصلي ويدعو، وما زال يصلي ويدعو حتى انصدعت الصخرة التي عينوها عن سنامها، فخرجت ناقة عشراء جعلها الله امتحانا واختبارا، ليشاهدوا بأم أعينهم المعجزة الواضحة، وطلب الله من صالح أن يراقبهم عن بعد، وأن يصبر على أذاهم.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
المفردات :
كل شرب محتضر : كل نصيب من الماء يحضره صاحبه في نوبته.
التفسير :
٢٨- ﴿ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ﴾.
أخبرهم يا صالح أن ماء قريتهم من البئر، أو من النُّهير الذي يشربون منه، قسمة بينهم وبين الناقة.
﴿ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ﴾.
كل نصيب خاص بصاحبه يحضره دون غيره، وما تشربه الناقة من الماء تُحيله إلى لبن خالص، وتقف عند كل باب من أبواب المدينة ليحلبوا من لبنها، وطالت المدّة، وملُّوا اللبن والسعادة، فنادوا صاحبهم قدار بن سالف عاقر الناقة.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
المفردات :
فنادوا صاحبهم : هو عاقر الناقة، واسمه، قُدار بن سالف.
فتعاطى فعقر : فتناول السيف فعقر الناقة، حيث ضرب قوائمها بالسيف، فقتلها موافقة لهم.
التفسير :
٢٩-٣٠- ﴿ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾.
اجتمعوا وغرَّتهم النعمة التي ينعمون بها، وهي شُرب اللبن خالصا بدون مشقّة، وبطروا النعمة، وكلّفوا شقيا مع رهط من الأشقياء، فبيتوا أمرهم على ذبح هذه الناقة، واختبأ قدار بن سالف في شجرة في طريق الناقة، فضرب رجليها بالسيف ثم ذبحها.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾.
وهذا استفهام للتهويل والتعجيب والتفخيم، أي : كيف كان العذاب الشديد، والإنذار الواقعي لهم ؟
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
المفردات :
صيحة واحدة : هي صيحة جبريل بهم.
كهشيم المحتضر : الهشيم : الشجر اليابس المتكسر، أو الحشيش اليابس، الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء.
التفسير :
٣١- ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾.
لقد صاح بهم جبريل صيحة واحدة، كانت صاعقة مهلكة لهم أجمعين، حيث صاروا فتاتا متهشما أشبه شيء بالشجر اليابس، أو القمح الناشف الذي تحوّل إلى تبن، يقدِّمه صاحب الحظيرة ( الزريبة ) إلى ماشيته.
الْمُحْتَظِرِ.
قال ابن عباس : هو الرجل الذي يجعل لغنمه حظيرة بالشجر والشوك، فما سقط من ذلك وداسته الغنم فهو الهشيم.
والحظيرة ( الزريبة ) التي يقيمها العرب وأهل البوادي للسكنى، ولمنع البرد والسباع عن الغنم والإبل، من الحظر وهو المنع.
وجاء في التفسير المنير :
والهشيم : الشجر اليابس المتهشم، أي : المتكسر.
والمحتظر : الذي يعمل الحظيرة ليحفظ الغنم من الذئاب.
ووجه الشبه أن ما يحتظر به ييبس بطول الزمان، وتطؤه البهائم فيتكسَّر، وأنهم صاروا موتى جاثمين، ملقى بعضهم فوق بعض، كالحطب الذي يكسر في الطرق والشارعviii.
تمهيد :
هذه قصة ثمود، أرسل الله إليهم رسوله صالحا فكذبوه واتهموه بالكذب والبطر، وأرسل إليهم الناقة آية، تحلب يوما فيشربون لبنا في ذلك اليوم، ثم يشربون ماء النهر في اليوم التالي، وتشرب هي ماء النهر في اليوم الذي يليه، بينما هم يشربون لبنها، فلهم في كل يوم شرب، إما ماء النهر وإمّا لب الناقة، فكفروا بالنعمة وقتلوا الناقة، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وأصبحوا عبرة وعظة لكل مكذب.
٣٢- ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾.
لقد يسرنا القرآن للتذكر والاتعاظ والاعتبار بالأحداث والوقائع، فهل من متعظ ومعتبر ؟
" وهذا العذاب الذي أصاب ثمود، عُبر عنه في سورة هود بالصيحة، قال تعالى :
﴿ وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ﴾. ( هود : ٦٧ ).
وعبر عنه في سورة الأعراف بالرجفة، قال تعالى :
﴿ فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ﴾. ( الأعراف : ٧٨ ).
وعبر عنه في سورة فصلت بالصاعقة، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾. ( فصلت : ١٧ )
وعبر عنه في سورة الحاقة بالطاغية، قال تعالى :
﴿ فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ﴾. ( الحاقة : ٥ )
ولا تعارض بين هذه التعبيرات، لأنها متقاربة في معناها، ويكمّل بعضها بعضا، وهي تدل على شدة ما أصابهم من عذاب " ix.
وعند التأمل نجد أن القرآن الكريم سمّى عذابهم بالصيحة والرجفة والصاعقة والطاغية، وكلها أمور تلازم حادثة الهلاك المدمّر التي نزلت بهم، عندما يصيح الملاك بهم صيحة شديدة ترتجف الأرض بهم، ثم تأخذهم صاعقة مهلكة، وقد تكون الصيحة صاعقة، أو تكون الصاعقة أثرا من آثار الصيحة، وتسمى طاغية لأنها تعبّر عن التدمير المهلك، الذي طغى على الهدوء والنعمة والرخاء الذي كانوا يتمتعون به.
إن هناك ناموسا إلهيا أوجده الله، نراه في هدوء الكون وامتثاله، ومع هذا فإن هناك ناموس الانتقام العادل من الطغاة البغاة، بصيحة صاعقة راجفة طاغية، وكلها تعبّر عن الهلاك المُدمِّر الذي أصاب هؤلاء الباغين.
٤- قصة قوم لوط
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ( ٣٣ ) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلاَّ آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ( ٣٤ ) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ( ٣٥ ) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ( ٣٦ ) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ( ٣٧ ) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ ( ٣٨ ) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ( ٣٩ ) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ( ٤٠ ) ﴾
تمهيد :
هذه قصة رابعة، سبقتها قصص قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، وهنا قصة قوم لوط، وقد كانوا يرتكبون فاحشة اللوط بالذكور، وهي المثلية الجنسية، حيث يستغني الرجال بالرجال، والنساء يساحقن النساء، وهو شذوذ مذموم، وخروج على الفطرة الإلهية، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكونا سكنا، وليكوِّنا أسرة وذرية، ولتعمر الحياة بهما.
وقد أنذر لوط قومه بالعذاب، فكذبوه وتشككوا في صدقه، فأنزل الله بهم العذاب، وأمطرتهم السماء بحجارة مهلكة، حتى أهلك المكذبين عن آخرهم.
التفسير :
٣٣- ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ﴾.
أي : هذا حال قوم آخرين، وهم قوم لوط الذين كذبوا رسولهم وخالفوه، وكذبوا بالآيات التي أنذرهم الله بها، واقترفوا الفاحشة.
تمهيد :
هذه قصة رابعة، سبقتها قصص قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، وهنا قصة قوم لوط، وقد كانوا يرتكبون فاحشة اللوط بالذكور، وهي المثلية الجنسية، حيث يستغني الرجال بالرجال، والنساء يساحقن النساء، وهو شذوذ مذموم، وخروج على الفطرة الإلهية، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكونا سكنا، وليكوِّنا أسرة وذرية، ولتعمر الحياة بهما.
وقد أنذر لوط قومه بالعذاب، فكذبوه وتشككوا في صدقه، فأنزل الله بهم العذاب، وأمطرتهم السماء بحجارة مهلكة، حتى أهلك المكذبين عن آخرهم.
المفردات :
حاصبا : ريحا ترميهم بالحصباء وهي الحصى، قال في الصحاح : الحاصب : الريح الشديدة التي تثير الحصباء.
نجيناهم بسحر : السدس الأخير من الليل، حيث يختلط سواد الليل ببياض النهار.
التفسير :
٣٤- ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلاَّ آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ﴾.
أرسلنا على قوم لوط حجارة ترميهم بالحصباء، وهي الحصى والحجارة، فأهلكتهم ودمَّرتهم، إلا آل لوط وهم ابنتاه ومن آمن معه، نجيناهم في الهزيع الأخير من الليل، حيث يختلط سواد الليل ببياض النهار.
تمهيد :
هذه قصة رابعة، سبقتها قصص قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، وهنا قصة قوم لوط، وقد كانوا يرتكبون فاحشة اللوط بالذكور، وهي المثلية الجنسية، حيث يستغني الرجال بالرجال، والنساء يساحقن النساء، وهو شذوذ مذموم، وخروج على الفطرة الإلهية، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكونا سكنا، وليكوِّنا أسرة وذرية، ولتعمر الحياة بهما.
وقد أنذر لوط قومه بالعذاب، فكذبوه وتشككوا في صدقه، فأنزل الله بهم العذاب، وأمطرتهم السماء بحجارة مهلكة، حتى أهلك المكذبين عن آخرهم.
٣٥- ﴿ نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ﴾.
كانت نجاتنا للوط ومن آمن معه نعمة وفضلا منا، حيث حفظناهم من العذاب المهلك المدمّر، ونحن دائما نجزي الشاكرين بالحفظ والنجاة والفوز، ونعاقب الكافرين بالهلاك.
تمهيد :
هذه قصة رابعة، سبقتها قصص قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، وهنا قصة قوم لوط، وقد كانوا يرتكبون فاحشة اللوط بالذكور، وهي المثلية الجنسية، حيث يستغني الرجال بالرجال، والنساء يساحقن النساء، وهو شذوذ مذموم، وخروج على الفطرة الإلهية، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكونا سكنا، وليكوِّنا أسرة وذرية، ولتعمر الحياة بهما.
وقد أنذر لوط قومه بالعذاب، فكذبوه وتشككوا في صدقه، فأنزل الله بهم العذاب، وأمطرتهم السماء بحجارة مهلكة، حتى أهلك المكذبين عن آخرهم.
المفردات :
أنذرهم بطشتنا : أخذتنا الشديدة بالعذاب.
فتماروا بالنذر : شكّوا في الإنذارات ولم يصدّقوها.
التفسير :
٣٦- ﴿ وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ﴾.
ولقد خوفهم لوط من عقاب الله المدمر، فتشككوا في قوله ولم يصدّقوه بل أعرضوا عنه وكذّبوه.
تمهيد :
هذه قصة رابعة، سبقتها قصص قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، وهنا قصة قوم لوط، وقد كانوا يرتكبون فاحشة اللوط بالذكور، وهي المثلية الجنسية، حيث يستغني الرجال بالرجال، والنساء يساحقن النساء، وهو شذوذ مذموم، وخروج على الفطرة الإلهية، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكونا سكنا، وليكوِّنا أسرة وذرية، ولتعمر الحياة بهما.
وقد أنذر لوط قومه بالعذاب، فكذبوه وتشككوا في صدقه، فأنزل الله بهم العذاب، وأمطرتهم السماء بحجارة مهلكة، حتى أهلك المكذبين عن آخرهم.
المفردات :
راودوه عن ضيفه : طلبوا منه تمكينهم منهم ليفجروا بهم.
فطمسنا أعينهم : حجبناها عن الإبصار، فلم تر شيئا.
التفسير :
٣٧- ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾.
جاءت الملائكة إلى لوط في صورة شبان مرد حسان، وبعثت امرأته العجوز الخائنة لأمانة زوجها إلى قومها تخبرهم بوجود شباب حسان عند لوط، فأقبلوا مسرعين راغبين في الفجور واللواط بهؤلاء الشباب، ولم يفتح لهم لوط الباب، وعرض عليهم الزواج من ابنتيه فرفضوا، وقالوا : ليست لنا رغبة في النساء، إنما نريد اللواط بمن عندك من الشباب، وهجموا على باب منزله يريدون كسر الباب، وهنا نزل جبريل من السماء فمسح عيونهم فلم يروا شيئا، فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان، ويتوعدون لوطا بالانتقام منه في الصباح.
ثم حكى القرآن ما قيل لهم على ألسنة الملائكة : فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ.
أي : ذوقوا ألم عذاب الله، وعاقبة تكذيب إنذاراته.
تمهيد :
هذه قصة رابعة، سبقتها قصص قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، وهنا قصة قوم لوط، وقد كانوا يرتكبون فاحشة اللوط بالذكور، وهي المثلية الجنسية، حيث يستغني الرجال بالرجال، والنساء يساحقن النساء، وهو شذوذ مذموم، وخروج على الفطرة الإلهية، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكونا سكنا، وليكوِّنا أسرة وذرية، ولتعمر الحياة بهما.
وقد أنذر لوط قومه بالعذاب، فكذبوه وتشككوا في صدقه، فأنزل الله بهم العذاب، وأمطرتهم السماء بحجارة مهلكة، حتى أهلك المكذبين عن آخرهم.
المفردات :
بكرة : أول النهار.
مستقر : دائب بهم إلى أن يهلكوا.
التفسير :
٣٨- ﴿ وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ ﴾.
ولقد أتاهم صبحا عذاب لازم مهلك مدمّر، والعذاب المستقر : الثابت الذي لا محيد عنه، أو الذي استقر عليهم إلى الاستئصال الكلي.
تمهيد :
هذه قصة رابعة، سبقتها قصص قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، وهنا قصة قوم لوط، وقد كانوا يرتكبون فاحشة اللوط بالذكور، وهي المثلية الجنسية، حيث يستغني الرجال بالرجال، والنساء يساحقن النساء، وهو شذوذ مذموم، وخروج على الفطرة الإلهية، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكونا سكنا، وليكوِّنا أسرة وذرية، ولتعمر الحياة بهما.
وقد أنذر لوط قومه بالعذاب، فكذبوه وتشككوا في صدقه، فأنزل الله بهم العذاب، وأمطرتهم السماء بحجارة مهلكة، حتى أهلك المكذبين عن آخرهم.
٣٩- ﴿ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾.
أي : ذوقوا جزاء أفعالكم، وارتكاب اللواط في ناديكم، وذوقوا ما لزم من إنذاركم السابق بعذاب عاجل في الدنيا، وإنذار بعذاب آجل في الآخرة.
تمهيد :
هذه قصة رابعة، سبقتها قصص قوم نوح ثم عاد ثم ثمود، وهنا قصة قوم لوط، وقد كانوا يرتكبون فاحشة اللوط بالذكور، وهي المثلية الجنسية، حيث يستغني الرجال بالرجال، والنساء يساحقن النساء، وهو شذوذ مذموم، وخروج على الفطرة الإلهية، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكونا سكنا، وليكوِّنا أسرة وذرية، ولتعمر الحياة بهما.
وقد أنذر لوط قومه بالعذاب، فكذبوه وتشككوا في صدقه، فأنزل الله بهم العذاب، وأمطرتهم السماء بحجارة مهلكة، حتى أهلك المكذبين عن آخرهم.
٤٠- ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾.
ولقد سهلنا القرآن للتذكّر والاعتبار والتأمل، كما يسرنا حفظه وتلاوته وترديده للراغبين فيه، فهل من راغب في فضل القرآن وتلاوته ؟
وقد تكررت هذه الجملة وما سبقها عقب القصص الأربع للتأكيد والتنبيه، والاتعاظ والزجر.
قال الزمخشري في تفسير الكشاف :
فإن قلت : ما فائدة تكرير قوله تعالى :﴿ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ ؟
قلت : فائدة ذلك أن يجدِّدوا عند استماع كل نبأ من أنباء الأولين ادّكارا واتّعاظا، وأن يستأنفوا تنبّها واستيقاظا، إذا سمعوا الحث على ذلك، والبعث عليه، وأن يقرع لهم العصا مرّات، ويقعقع لهم الشنَّ تارات، لئلا يغلبهم السهو، ولا تستولي عليهم الغفلة، وهذا حكم التكرير، كقوله تعالى : فبأي آلاء ربكما تكذبان. ( الرحمن : ١٣ ). عند كل نعمة عدّها في سورة الرحمن.
وكقوله تعالى : ويل يومئذ للمكذبين. ( المرسلات : ١٩ ). عند كل آية أوردها في سورة المرسلات، وكذلك تكرير الأنباء والقصص في أنفسها، لتكون تلك العبر حاضرة للقلوب، مصورة للأذهان، مذكورة غير منسية في كل أوان. أ. ه.
بيان جزاء المجرمين والمتقين
﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ ( ٤١ ) كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ( ٤٢ ) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ ( ٤٣ ) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ ( ٤٤ ) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ( ٤٥ ) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ( ٤٦ ) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ( ٤٧ ) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ( ٤٨ ) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ( ٤٩ ) وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ( ٥٠ ) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ( ٥١ ) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ( ٥٢ ) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ( ٥٣ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ( ٥٤ ) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ( ٥٥ ) ﴾
المفردات :
النُّذر : واحدها نذير بمعنى إنذار، وهي الآيات التسع التي أنذرهم بها موسى.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
التفسير :
٤١-﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُر ﴾.
والله لقد أرسلنا موسى رسولا إلى فرعون وآله من القبط، وأخبره موسى أنه رسول من الله، وقدّم له طائفة من الأدلة على الألوهية الكاملة لله، وأن القدرة الكاملة له وحده، وأطلعه على الآيات المتعددة وجاءتهم الآية تلو الآية، وتوالت عليهم الإنذارات فكذَّبوا بها.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
عزيز : لا يُغالب ولا يُغلَب.
مقتدر : لا يعجزه شيء.
التفسير :
٤٢- ﴿ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ﴾.
لقد كذَّبوا بمعجزات موسى عليه السلام، وهي الآيات التسع البيات الواضحات، وهي : العصا، واليد، والسنون، والطمسة، والطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدم، وكان جزاؤهم على التكذيب والعناد أننا عاقبناهم عقابا أليما بالغرق، وأخذناهم أخذ عَزِيزٍ. لا يُغالب ولا يُدافع، مُقْتَدِرٍ. على الانتقام منهم، فعّال لما يريد.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
خير من أولئكم : من الكفار السابقين، مثل قوم نوح، وعاد وثمود، وقوم لوط، وآل فرعون.
براءة : صك مكتوب بالنجاة من العذب.
الزُّبر : الكتب السماوية، واحدها زبور.
التفسير :
٤٣- ﴿ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُر ﴾.
أي : تلك مصارع الكفار من أقوام نوح وهود وصالح ولوط، وغرق فرعون وقومه في الماء، فما يمنعكم أيها الكفار والمشركون من مثل هذا المصير ؟ وهل معكم وثيقة وكتاب منزل وبراءة من العذاب، تمنحكم صكا موثقا بأنكم لا تعذبون ؟
والاستفهام إنكاري، معناه التقرير والإثبات، أي لستم أفضل من هؤلاء الكفار الهالكين، وليست معكم براءة من العذاب.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
٤٤- ﴿ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ ﴾.
أي : بل أيقول هؤلاء الكفار : نحن أولو حزم وعزم، وأمرنا مجتمع متحد، لا يضارم ولا يرام، وسينتصر جمعنا على محمد وأصحابه.
رُوي أن أبا جهل ضرب فرسه يوم بدر فتقدم الصفّ، وقال : نحن ننتصر اليوم من محمد، أي نغلبه وننتقم منه، وهكذا سدّ القرآن عليهم كل منفذ، ووضحّ إفلاسهم، فهم ليسوا أفضل ممن سبقهم من الكفار الهالكين، وليس معهم صك أو وثيقة أو براءة تثبت نجاتهم في الدنيا من العذاب، وسلامتهم في الآخرة من النار، ثم واجه غرورهم وطمعهم في النصر على جند الله وقدره،
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
المفردات :
يولّون : ينصرفون ويرجعون.
الدّبر : هاربين منهزمين، قد أعطوا أدبارهم وظهورهم لمن هزمهم، وهو كناية عن الهزيمة والفرار. وقد هُزموا يوم بدر، ونصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، وهو من دلائل النبوة.
التفسير :
ثم أجابهم بقوله تعالى :
٤٥- ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُر ﴾.
سيغلبون ويهزمون في بدر، ويولّون منهزمين أمام جيش المسلمين.
وهذه الآية مكية، نزلت قبل معركة بدر بسبع سنين، وهي من دلائل النبوة، وقد تحققت يوم بدر، حيث قُتل سبعون كافرا، وأُسر سبعون كافرا، وفرّ الباقون.
أخرج البخاري، والنسائي، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة له يوم بدر : " أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبدا ". فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده، وقال : حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك، فخرج وهو يثب في الدّرع، وهو يقول : " سيهزم الجمع ويولّون الدّبر، بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ". xi
قال ابن عباس :
كان بين نزول هذه الآية وبين بدر سبع سنين، فالآية مكية.
وقال ابن الجوزي : وهذا مما أخبر الله به نبيّه من علم الغيب، فكانت الهزيمة يوم بدر.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
الساعة أدهى : القيامة أعظم داهية وأفظع.
أمرّ : أشد مرارة من عذاب الدنيا.
التفسير :
٤٦- ﴿ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ﴾.
ليس هذا تمام عقابهم، بل هناك عقاب أشدّ وهو عقابهم يوم القيامة، والقيامة أعظم داهية، وأشد مرارة من القتل والأسر.
وأَدْهَى : مبالغة من الدّاهية، وهي الأمر الفظيع الذي لا يُهتدى إلى الخلاص منه.
وَأَمَرُّ : مبالغة في شدة المرارة عند الذوق، على سبيل الاستعارة، لصعوبتها على النفس.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
إن المجرمين : إن الكفار والمشركين.
سُعُر : نيران مسعَّرة، أو جنون، واحدها سعير.
التفسير :
٤٧- ﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ﴾.
إن المجرمين في حيرة وضلال وبُعْد عن الحق في الدنيا، وفي نيران مسعرة في الآخرة، أو المراد بالسُعُر الجنون.
قال ابن عباس : هم في خسران وجنون. أ. ه.
لقد انطمست بصائرهم في الدنيا، فعميت عن الحق، وآثرت الضلال على الرشد، واشتدّ تعلقهم بالدنيا وترفها وملذاتها، كأنما أصابهم مسّ من الجنون فأصبحوا كالحيوانات المسعورة.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
يسحبون : يجرّون.
ذوقوا مسَّ سقر : ذوقوا حرّ النار وألمها، فإن مسَّها – أي إصابتها – سبب للتألم بها.
التفسير :
٤٨- ﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ﴾.
يوم يُجرُّون في النار على وجوههم نكاية لهم وإذلالا لتجبّرهم، والوجه أكرم شيء في الإنسان، فإذا رأى الإنسان أذى يتجه إلى وجهه حاول إبعاده عن وجهه بيديه، لكنه يوم القيامة يُرغم على لقاء العذاب بوجهه، كما قال سبحانه وتعالى :
﴿ أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ... ﴾ ( الزمر : ٢٤ ).
قال ابن كثير :
أي : كما كانوا في سُعُر وشك وتردد، أورثهم ذلك النار، ويقال لهم تقريعا وتوبيخا : ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ. أ. ه.
أي : يقال لهم : ذوقوا مس جهنم التي كنتم بها تكذبون بها، وقاسوا آلامها وعذابها.
قال أبو السعود : وسقر علم لجهنم، ولذلك لم يُصرف. أ. ه.
أي : هو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
خلقناه بقدر : بتقدير سابق، أو خلقناه مقدّرا محكما.
التفسير :
٢٨- ﴿ إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾.
كل شيء في هذا الكون أبدع الله صنعه، وأحكم تقديره على مقتضى الحكمة البالغة، والنظام الشامل وبحسب السنن التي وضعها في الخليقة.
قال تعالى :﴿ وخلق كلّ شيء فقدّره تقديرا ﴾. ( الفرقان : ٢ ).
وقال عز شأنه :﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾. ( الأعلى : ١-٣ ).
وقد استدل أهل السنة بهذه الآية الكريمة على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته – أي تسجيله – لها قبل حدوثها.
أخرج الإمام أحمد، ومسلم، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل شيء بقدَر، حتى العجز والكسل " xii.
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد ومسلم أيضا، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك أمر فقل : قدَّر الله وما شاء فعل، ولا تقل : لو أني فعلت كذا لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان " xiii.
وأخرج أحمد، والترمذي، والحاكم، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " يا غلام، إني أعلّمك كلمات : احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، جفت الأقلام وطويت الصحف " xiv.
إذا تأملنا في هذا الكون البديع المنظم أدركنا أن يد القدرة البالغة وراء التناسق والتكامل بين أجزاء الكون وما فيه.
فالسماء والنجوم والكواكب والمجرات، والشمس والقمر والليل والنهار، والأرض والبحار والأنهار، والجبال والهواء والفضاء، كل هذه المخلوقات على آية من الإبداع والتناسق والتكامل، بحيث تصيح وهي صامته : إن يد القدرة الإلهية التي أبدعت كل شيء، وخلقت النجوم بقدر في مجراتها ومسيراتها، إلى حدّ أن افتراض أي اختلال في أية نسبة من نسبها يودي بهذه الحياة كلّها، أو لا يسمح أصلا بقيامها، فحجم الأرض وكتلتها وبعدها عن الشمس، وكتلة هذه الشمس، ودرجة حرارتها، وميل الأرض على محورها بهذا القدر، وسرعتها في دورانها حول نفسها وحول الشمس، وبُعْد القمر عن الأرض، وحجمه وكتلته، وتوزيع الماء واليابس في هذه الأرض... إلى آلاف من هذه النسب المقدرة تقديرا، لو وقع الاختلال في أيّ منها لتبدّل كل شيء، ولكانت هي النهاية المقدَّرة لعمر الحياة على هذه الأرض.
قال تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾. ( سورة فاطر : ٤١ ).
سبحان من بيده ملكوت السماوات والأرض، وسبحان من بيده الخلق والأمر، وهو على كل شيء قدير.
قال تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ﴾. ( الإسراء : ١٢ ).
وستجد في أعقاب تفسير سورة ( القمر ) إن شاء الله ضميمة في بيان النظام البديع في هذا الكون.
قال تعالى :﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ﴾. ( السجدة : ٦-٧ )
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
إلا واحدة : كلمة واحدة، هي كن.
التفسير :
٥٠- ﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَر ﴾.
إنه سبحانه فعّال لما يريد، وإذا أراد تحقيق أمر أمَرَ به مرة واحدة، لا تكرير فيها، ولا تأخير لتحقيق ما يريد، بل يتحقق كل مراده في سرعة مطلقة كلمح البصر، ولله در القائل :
إذا أراد الله أمرا فإنما يقول له كُن قولة فيكون
ولمح البصر : إغماض البصر ثم فتحه، وهذا تمثيل وتقريب لسرعة نفاذ المشيئة في إيجاد الأشياء، فهو كلمح البصر أو أقرب، كما قال تعالى :﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾. ( يس : ٨٢ ).
فالكون في قبضته سبحانه، وَاحِدَةٌ. تنشئ هذا الوجود الهائل، و ووَاحِدَةٌ. تبدّل فيه وتغير، و وَاحِدَةٌ تذهب به كما يشاء الله، وكل ذلك يبعث في نفوس المؤمنين الأمل والرجاء، والثقة بوعد الله ونصره للمتقين، فمن وجد الله وجد كل شيء، ومن فقد الله فقد كل شيء.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
أشياعكم : أشباهكم في الكفر.
فهل من مدّكر : متعظ، والاستفهام بمعنى الأمر، أي : اذكروا واتعظوا.
التفسير :
٥١- ﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾.
تالله لقد أهلكنا أمثالكم في الكفر، كعاد وثمود، وفرعون وملئه، وقوم لوط، فهل من متعظ يتذكّر أن وعد الله حق، فيسارع إلى التوبة والإيمان قبل فوات الأوان.
تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
في الزُّبر : مكتوب في سجل، أو كتب الحفظة.
مستطر : مسطور مكتوب في اللوح المحفوظ.
في جنات : بساتين.
التفسير :
٥٢-٥٣- ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَر ﴾.
كل صغيرة وكبيرة، كل ذنب أو معصية ارتكبها المجرمون سُجلت في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام، وكل صغير من الأمور أو كبير منها، قد سُطر تسطيرا وسُجّل تسجيلا، ودُوّن في صحائف الأعمال.
قال سبحانه وتعالى :﴿ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾. ( الكهف : ٤٩ ).
وقال سبحانه وتعالى : ما يَلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد. ( ق : ١٨ ).
وقيل :
لا تحقرن من الذنوب صغيرا إن الصغير غدا يعود كبيرا
إن الصغير وإن تقادم عهده عند الإله مسطّر تسطيرا
فاسأل هدايتك الإله فتتئد فكفى بربّك هاديا ونصيرا
وفي معنى الآيتين الكريمتين قوله تعالى :﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾. ( يونس : ٦١ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٢:تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x

المفردات :

في الزُّبر : مكتوب في سجل، أو كتب الحفظة.
مستطر : مسطور مكتوب في اللوح المحفوظ.
في جنات : بساتين.

التفسير :


٥٢-
٥٣- ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَر ﴾.
كل صغيرة وكبيرة، كل ذنب أو معصية ارتكبها المجرمون سُجلت في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام، وكل صغير من الأمور أو كبير منها، قد سُطر تسطيرا وسُجّل تسجيلا، ودُوّن في صحائف الأعمال.
قال سبحانه وتعالى :﴿ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾. ( الكهف : ٤٩ ).
وقال سبحانه وتعالى : ما يَلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد. ( ق : ١٨ ).

وقيل :
لا تحقرن من الذنوب صغيرا إن الصغير غدا يعود كبيرا
إن الصغير وإن تقادم عهده عند الإله مسطّر تسطيرا
فاسأل هدايتك الإله فتتئد فكفى بربّك هاديا ونصيرا
وفي معنى الآيتين الكريمتين قوله تعالى :﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾. ( يونس : ٦١ ).

تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x
المفردات :
ونَهَر : وأنهار، والمراد به الجنس، وقرئ بضم النون وسكون الهاء، مثل : أُسْد وأَسَد.
مقعد صدق : مكان مرضيّ، أو في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم، والمراد به أيضا الجنس، وقرئ : مقاعد : أي : مجالس من الجنات سالمة من اللغو والتأثيم، بخلاف مجالس الدنيا فإنها قلّ أن تسلم من ذلك.
مليك : صيغة مبالغة، أي : عزيز الملك واسع السلطان.
مقتدر : قادر لا يعجزه شيء وهو الله تعالى، والعندية ليست عندية مكان، وإنما إشارة إلى الرتبة والقرب من فضل الله تعالى.
التفسير :
٥٤-٥٥- ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾.
في ختام سورة ( القمر ) التي حفلت بحديث متواصل عن هلاك المكذبين، يأتي في نهايته حديث هادئ، فيه تكريم المتقين تكريما حسيا ومعنويا، أما التكريم الحسّي فهو التمتع بالجنات وما فيها من أشجار وثمار، وحور عين، وأنهار واسعة متعددة الأشكال والألوان.
قال تعالى :﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ... ﴾ ( محمد : ١٥ ).
أما التكريم المعنوي : فهم في مقعد كريم، ومجلس فاضل رائق، لا يتكلم فيه إلا بالصدق والفضل والخير، مع البعد عن الإثم والكذب، والزور والخطيئة، وهذا المقعد الذي يحظى به الصادقون، عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ. عند رب عظيم، واسع القدرة، يكرم عباده المتقين الذين جاهدوا في الدنيا، وحرصوا على مرضاة الله في دنياهم، فالله تعالى يقربهم منه، ويكرمهم عنده، وهي عندية منزلة وقربى وزلفى، ومكانة رفيعة.
أخرج أحمد، ومسلم، والنسائي، عن عبد الله بن عمرو يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المقسطون عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا " xv
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٤:تمهيد :
يختم هنا أربع قصص متتابعة هي خلاصة قصص نوح وهود وصالح ولوط مع أقوامهم، بقصة فرعون وهلاكه بالغرق، ثم يخاطب الله أهل مكة موبخا لهم، مبينا أنهم معرّضون لمثل هذا الهلاك، وسيهزمون يوم بدر ويولون الأدبار، ثم يلقون عذابا أشدَّ في الآخرة، ثم يعرض مظاهر العذاب للمجرمين والمشركين، ومظاهر النعيم للمتقين.
وتختم السورة هذا الختام القويّ الآسر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة " ق " وسورة " القمر "، في المحافل الكبار كالجُمع والعيد، لاشتمالهما على التوحيد وبدء الخلق وإعادته، وإثبات النبوات، وغير ذلك من المقاصد العظيمة.
وفي فضل سورتي القمر وق يروي الإمام أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ ق. واقتربت الساعة وانشق القمر. في الأضحى والفطر. x

المفردات :

ونَهَر : وأنهار، والمراد به الجنس، وقرئ بضم النون وسكون الهاء، مثل : أُسْد وأَسَد.
مقعد صدق : مكان مرضيّ، أو في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم، والمراد به أيضا الجنس، وقرئ : مقاعد : أي : مجالس من الجنات سالمة من اللغو والتأثيم، بخلاف مجالس الدنيا فإنها قلّ أن تسلم من ذلك.
مليك : صيغة مبالغة، أي : عزيز الملك واسع السلطان.
مقتدر : قادر لا يعجزه شيء وهو الله تعالى، والعندية ليست عندية مكان، وإنما إشارة إلى الرتبة والقرب من فضل الله تعالى.

التفسير :


٥٤-
٥٥- ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾.
في ختام سورة ( القمر ) التي حفلت بحديث متواصل عن هلاك المكذبين، يأتي في نهايته حديث هادئ، فيه تكريم المتقين تكريما حسيا ومعنويا، أما التكريم الحسّي فهو التمتع بالجنات وما فيها من أشجار وثمار، وحور عين، وأنهار واسعة متعددة الأشكال والألوان.
قال تعالى :﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ... ﴾ ( محمد : ١٥ ).
أما التكريم المعنوي : فهم في مقعد كريم، ومجلس فاضل رائق، لا يتكلم فيه إلا بالصدق والفضل والخير، مع البعد عن الإثم والكذب، والزور والخطيئة، وهذا المقعد الذي يحظى به الصادقون، عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ. عند رب عظيم، واسع القدرة، يكرم عباده المتقين الذين جاهدوا في الدنيا، وحرصوا على مرضاة الله في دنياهم، فالله تعالى يقربهم منه، ويكرمهم عنده، وهي عندية منزلة وقربى وزلفى، ومكانة رفيعة.
أخرج أحمد، ومسلم، والنسائي، عن عبد الله بن عمرو يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال :" المقسطون عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا " xv

Icon