ﰡ
قوله: ﴿ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ ﴾ حكاية لبعض تعجبهم وأقاويلهم الباطلة. قوله: ﴿ ٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾ أي يتعجب منه، لأنه خارج عن طور عقولنا. قوله: ﴿ أَءِذَا مِتْنَا ﴾ معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله: (نرجع). قوله: (وإدخال ألف بينهما) أي وتركه فالقراءات أربع سبعيات لا اثنتان كما توهمه عبارته. قوله: ﴿ بَعِيدٌ ﴾ أي عن العادة. قوله: ﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ ﴾ رد لاستبعادهم وتعجبهم. قوله: ﴿ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾ الجملة حالية، والكلام على تشبيه علمه بتفاصيل الأشياء، بعلم من عنده كتاب حاوٍ محفوظ يطلع عليه. قوله: (هو اللوح المحفوظ) أي وهو من درة بيضاء، مستقرة على الهواء، فوق السماء السابعة، طوله ما بين السماء والأرض، وعرضه ما بين المشرق والمغرب. قوله: (فيه جميع الأشياء) يحتمل أن الجار والمجرور متعلق بالمحفوظ و (جميع) نائب فاعل متعلق به، ويحتمل أنه خبر مقدم و (جميع) مبتدأ مؤخر. قوله: ﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ ﴾ انتقال من شناعتهم إلى ما هو أشنع، وهو تكذيبهم للنبوة الثابتة بالمعجزات الظاهرة. قوله: ﴿ مَّرِيجٍ ﴾ (مضطرب) أي مختلط يقال: مرج الأمر، ومرج الدين اختلط. قوله: ﴿ أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير: أغفلوا وعموا فلم ينظروا إلى السماء، الخ. قوله: (كائنة) ﴿ فَوْقَهُمْ ﴾ أشار به إلى أن ﴿ فَوْقَهُمْ ﴾ حال من ﴿ ٱلسَّمَآءِ ﴾.
قوله: ﴿ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا ﴾ ﴿ كَيْفَ ﴾ مفعول مقدم، وجملة ﴿ بَنَيْنَاهَا ﴾ بدل من ﴿ ٱلسَّمَآءِ ﴾.
قوله: ﴿ وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ﴾ الجملة حالية. قوله: (معطوف على موضع السماء) أي المنصوب بينتظروا. قوله: (بيهج به) أي يسر، وفيه إشارة إلى أن فعيل بمعنى فاعل، أي يحصل السرور به. قوله: (مفعول له) أي لأجله، ويصح أن يكونا منصوبين على المصدرية، والتقدير: بصرناهم تبصرة، وذكرناهم تذكرة. قوله: (تبصيراً منا) أي تعليماً وتفهيماً، والتبصرة والتذكرة إما عائدان على كل من ﴿ ٱلسَّمَآءِ ﴾ و ﴿ وَٱلأَرْضَ ﴾ والمعنى خلقنا السماوات تبصرة وذكرى، والأرض تبصرة وذكرى، ويحتمل أنه لف ونشر مرتب، فالسماء تبصرة، والأرض تذكرة، والفرق بينهما أن التبصرة تكون فيما آياته مستمرة، والتذكرة فيما آياته متجددة. قوله: (رجاع إلى طاعتنا) أي ذا رجوع وإقبال عليه، فالصيغة للنسبة لا للمبالغة.
قوله: ﴿ رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ ﴾ منصوب على الحال، ولم يقيد العباد هنا بالإنابة، وقيد به في قوله:﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ ﴾[ق: ٨] لأن التذكرة لا تكون إلا لمنيب، والرزق يعم كل أحد. قوله: ﴿ وَأَحْيَيْنَا بِهِ ﴾ أي بذلك الماء، وقوله: ﴿ بَلْدَةً مَّيْتاً ﴾ أي أرضاً جدبة يابسة، فاهتزت وربت بذلك الماء، وأنبتت من كل زوج بهيج. قوله: (يستوي فيه المذكر والمؤنث) جواب عن سؤال مقدر تقديره الأرض مؤنثةـ فكيف وصفها بالمذكر؟ وفي هذا الجواب نظر، لأن استواء المذكر والمؤنث في فعيل وليس هنا، والصواب أن التذكير باعتبار كونه مكاناً. قوله: ﴿ كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ ﴾ جملة قدم فيها الخبر لقصد الحصر، والمعنى خروجهم من قبورهم، مثل ما تقدم من عجائب خلق السماء وما بعدها. قوله: (والاستفهام للتقرير) الخ، الأولى أن يقول للإنكار والتوبيخ، قوله: (والمعنى) الخ، غير صحيح، إذ لو نظروا وعلموا لآمنوا. قوله: ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ﴾ الخ، كلام مستأنف قصد به تقرير حقيقة البعث والوعيد لقريش، والتسلية لرسول الله. قوله: (لمعنى قوم) أي لأنه بمعنى أمة. قوله: (هي بئر) أي فخسفت تلك البشر مع ما حولها، فهبت بهم وبأموالهم. قوله: (وقيل غيره) هو شعيب أو نبي آخر أرسل بعد صالح لبقية من ثمود. قوله: ﴿ وَثَمُودُ ﴾ ذكرهم بعد أصحاب الرس، لأن الرجفة التي أخذتهم مبدأ الخسف لأصحاب الرسـ وأتبع ثمود بعاد، لأن الريح التي أهلكتهم أثر صبيحة ثمود. قوله: ﴿ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ﴾ تقدم أنه ابن أخي إبراهيم، وأنه هاجر معه من العراق إلى الشام، فنزل إبراهيم بفلسطين، ونزل لوط بسذوم، وأرسله الله إلى أهلها وهو أجنبي منهم، فكيف يقال إخوانه! أجيب: بأنه تزوج فصار صهراً لهم، فالأخوة من حيث ذلك.
قوله: ﴿ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ ﴾ هذا مثل في شدة القرب، والحبل العرق. قوله: (والوريدان عرقان بصفحتي العنق) أي مكتنفان صفحتي العنق في مقدمهما يصتلان بالوتين وهو عرق متصل بالقلب، وبالأبهر وهو عرق في الظهر، وبالأكحل وهو عرق في الذراع، وبالنسا وهو عرق في الفخذ، وبالأسلم وهو عرق في الخنصر متى قطع من أية جهة مات صاحبه، قال القشيري: في هذه الآية عيبة وفزع وخوف لقوم، وروح وأنس وسكون قلب لقوم، أي بحسب تجلي الله تعالى وشهوده، فإذا شهد الإنسان جلال الله وهيبته وشدة بطشه وسرعه انتقامه، مع شدة تمكنه منه واتصال تصاريفه به، ذاب من خشية الله، وإذا شهد جمال الله ورجمته وإحسانه أنس وفرح. قوله: (يأخذ ويثبت) أي يكتبان في صحيفتي الحسنات والسيئات، وقلبهما لسانه، ومدادهما ريقه، ومحلهما من الإنسان نواجذه. قوله: (ما يعمله) مفعول ﴿ يَتَلَقَّى ﴾.
قوله: (زيادة على ما عملوا وطلبوا) أي وهو النظر إلى وجه الله الكريم لما قيل: يتجلى لهم الرب تبارك وتعالى كل ليلة جمعة في دار كرامته، فهذا هو المزيد، وقيل: إن السحابة ثمر شجرة تمر بأهل الجنة، فتمطرهم الحور فيقلن: نحن المزيد الذي قال الله فيه ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾.
﴿ كَمْ ﴾ خبرية معمولة لأهلكنا، و ﴿ مِّن قَرْنٍ ﴾ تمييز لكم، وقوله: ﴿ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم ﴾ مبتدأ، وخبر الجملة صفة إما لكم أو لقرن.
﴿ بَطْشاً ﴾ تمييز، المعنى: أننا أهلكنا قروناً كثيرة أشد بأساً وبطشاً من قريش، ففتشوا في البلاد عند نزول العذاب بهم، فلم يجدوا مخلصاً. قوله: ﴿ فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ ﴾ أي ساروا فيها طالبين الهرب. قوله: (لهم أو لغيرهم) هذا يقتضي أن جملة ﴿ مِن مَّحِيصٍ ﴾ استثنائية من كلامه تعالى، وحينئذ فالوقف على قوله: ﴿ فِي ٱلْبِلاَدِ ﴾ ويكون في الكلام حذف، والتقدير: ففتشوا في البلاد هاربين، فلم يجدوا مخلصاً، فهل من قرار لهم أو لغيرهم؟ وقيل: إنها من كلامهم، والتقدير: قائلين من محيص لنا. قوله: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ (المذكور) أي من أول السورة إلى هنا. قوله: ﴿ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ ﴾ ﴿ أَوْ ﴾ مانعة خلو تجوز الجمع وهو المطلوب، فإن الموعظة لا تفيد ولا ينتفع بعا صاحبها، إلا إذا كان ذا عقل، وأصغى بسمعه وأحضر قلبه، فإن لم يكن كذلك فلا ينتفع بها. قوله: (استمع الوعظ) أي بكليته حتى كأنه يلقي شيئاً من علو إلى أسفل. قوله: ﴿ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ الجملة حالية أي ألقى السمع، والحال أنه حاضر القلب، غير مشتعل بشيء غير ما هو فيه، وحضور القلب على مراتب، مرتبة العامة أن يشهد الأوامر والنواهي من القارئ، ومرتبة الخاصة أن يشاهد الشخص منهم أنه في حضرة الله تعالى يأمره وينهاه، ومرتبة خاصة الخاصة أن يفنوا عن حسهم ويشاهدوا أن القارئ هو الله تعالى، وإنما ترجمان عن الله تعالى. قوله: ﴿ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ أي تعليماً لعباده التمهل والتأني في الأمور، وإلا فلو شاء لخلق الكل في أقل من لمح البصر. قوله: ﴿ مِن لُّغُوبٍ ﴾ ﴿ مِن ﴾ زائدة في الفاعل، واللغوب مصدر لغب من باب دخل وتعب الإعياء والتعب، والعامة على ضم اللام وقرئ شذوذاً بفتحها، والجملة إما حالية أو مستأنفة. قوله: نزل رداً على اليهود) الخ، أي فقالوا: خلق السماوات والأرض في ستة أيام، أولها الأحد، وآخرها الجمعة، ثم استراح يوم السبت واستلقى على العرش، فلذلك تركوا العمل فيه، فنزلت هذه الآية رداً عليهم وتكذيباً لهم في قولهم: استراح يوم السبت بقوله: ﴿ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾.
قوله: (ولعدم المماسة بينه وبين غيره) أي من الموجودات التي يوجدها، والتعب والإعياء إنما يحصل من العلاج ومماسة الفاعل لمفعوله، كالنجار والحداد وغير ذلك، وهذا إنما يكون في أفعال المخلوقين. قوله: (إنما أمره) أي شأنه. قوله: (إذا أراد شيئاً) أي إيجاد شيء أو إعدامه. قوله: (أن يقول له كن فيكون) أي من غير فعل ولا معالجة عمل، وهذا على حسب التقريب للعقول، وإلا ففي الحقيقة، لا قول ولا كاف ولا نون. قوله: (من التشبيه) أي تشبيه الله بغيره، إذ نسبوا له الإعياء والاستراحة وغير ذلك من كفرياتهم.
قوله: (بتخفيف الشين) الخ، أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (حال من مقدر) أي ويصح أن يكون حالاً من ضمير عنهم. قوله: (للاختصاص) أي الحصر، والمعنى لا يتيسر ذلك إلا على الله وحده.