تفسير سورة المطفّفين

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة المطففين من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

سُورَةُ المُطَفِّفينَ
مدنية، وقيل: مكية، وعن ابن عباس: نزل بعضها بمكة، ونزل أمر التطفيف بالمدينة؛ لأنهم كانوا أشدَّ الناس فسادًا، أي: في بهذا المعنى، فأصلحهم الله بهذه السورة (١)، وآيها: ست وثلاثون آية، وحروفها: سبع مئة وأربعون حرفًا، وكلمها: مئة وتسع وستون كلمة.

بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١)﴾.
[١] ﴿وَيْلٌ﴾ معناه: الثبور والحزن والشقاء الأدومُ، ورفعه على الابتداء، المعنى: ثبت الويل واستقر ﴿لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ الباخسين في الكيل والوزن.
* * *
﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢)﴾.
[٢] ﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ﴾ أي: منهم، و (مِنْ) و (عَلَى) يتعاقبان.
﴿يَسْتَوْفُونَ﴾ الكيل والوزنَ.
* * *
(١) انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان (٨/ ٤٣١).
﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)﴾.
[٣] ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ﴾ أي: كالوا أو وزنوا للناس.
﴿يُخْسِرُونَ﴾ يُنقصون الكيل والوزن.
* * *
﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤)﴾.
[٤] ثم أدخل همزة الاستفهام على (لا) النافية توبيخًا، وليست (أَلَا) هذة تنبيهًا؛ لأن ما بعد تلك مثبت، وهذا نفي؛ لأن (ألَا) التنبيهية إذا حُذفت لا يختل المعنى؛ نحو: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ﴾ (١) [الصافات: ١٥١] وإذا حذفت (أَلَا) هذه، اختل المعنى، فقال:
﴿أَلَا يَظُنُّ﴾ أي: يتحقق ﴿أُولَئِكَ﴾ المطففون ﴿أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ﴾.
* * *
﴿لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥)﴾.
[٥] ﴿لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ هو يوم القيامة، فيُسألون عن كيلهم ووزنهم.
* * *
﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)﴾.
[٦] ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ﴾ من قبورهم ﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لأجل أمره تعالى، و (يومَ) منصوب بـ (مَبْعُوثُونَ)، وهذا مما يؤيد أنها نزلت بالمدينة في قوم مؤمنين، وأُريد بها مع ذلك من غَبَرَ من الأمة.
(١) في "ت": "ألا إنهم في سكرتهم يعمهون". قلت: وهو خطأ، وإنما يريد قوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر: ٧٢].
﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧)﴾.
[٧] ﴿كَلَّا﴾ جميع ما في هذه السورة يجوز أن يكون ردًّا؛ أي: ليس الأمر على ما هم عليه، فليرتدعوا، وتمام الكلام هاهنا، ويحتمل أن يكون استفتاحًا بمنزلة (ألا)، فيتصل بما بعده على معنى: حقًّا.
﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ﴾ ما يكتب من أعمالهم.
﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ هي الأرض السابعة، فيها أرواح الكفار توضع فيه إهانة لهم. قرأ أبو عمرو: (كِتَابَ الْفُجَّار لَّفِي) بإدغام الراء في اللام (١).
* * *
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨)﴾.
[٨] ثم فخم شأنه، فقال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ أي: أيُّ شيء أعلمك.
﴿مَا سِجِّينٌ﴾ ليس مما كنت تعلمه.
* * *
﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٩)﴾.
[٩] ثم بين الكتابَ فقال: ﴿كِتَابٌ﴾ أي: هو كتاب.
﴿مَرْقُومٌ﴾ مسطور فيه أعمالُهم، لا ينسى ولا يمحى، حتى يُجَازوا به.
* * *
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠)﴾.
[١٠] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ بالحق.
(١) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٣٨٢)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٩٦).
﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١)﴾.
[١١] ﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ الجزاء، صفةٌ ذامة.
* * *
﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢)﴾.
[١٢] ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ﴾ هو الذي يتجاوز حدود الأشياء.
﴿أَثِيمٍ﴾ مبالغة من (١) آثم. روي عن قنبل، ويعقوب: الوقف بالياء على (مُعْتَدِي).
* * *
﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣)﴾.
[١٣] ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ جمع أُسْطُورَة، وهي الحكايات التي سُطِرتَ قديمًا.
* * *
﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)﴾.
[١٤] ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ﴾ غَطَّى ﴿عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ وركبَها كركوب الصدأ الحديد.
﴿مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ من المعاصي والذنوب. قرأ حفص عن عاصم: (بَلْ) بإظهار اللام مع سكتة عليها خفيفة، ويبتدئ (رَانَ)، وقرأ الباقون: بإدغام اللام في الراء، ومنهم: حمزة، والكسائي، وخلف، وأبو بكر عن عاصم: يميلون فتحة الراء (٢).
(١) في "ت": "في".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٧٥)، و"الكشف" لمكي (١/ ١٨٢)، =
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إنَّ المؤمنَ إذا أذنب، كانت نكتةٌ سوداءُ في قلبه، فإن تابَ ونزعَ، واستغفرَ، صُقِلَ قلبُه منها، وإذا زاد، زادت حتى تعلوَ قلبه، فذلكم الرانُ الذي ذكرَ اللهُ في كتابِه" (١).
* * *
﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)﴾.
[١٥] ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ﴾ يعني: الكفار ﴿عَنْ رَبِّهِمْ﴾ أي: عن رؤية ربهم.
﴿يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ فمن قال بالرؤية، وهو قول أهل السنة، وعليه اتفاق الأئمة، قال: إن هؤلاء لا يرون ربهم، فهم محجوبون عنه، واحتج بهذه الآية الإمام مالك بن أنس -رضي الله عنه- على مسألة الرؤيا من جهة دليل الخطاب، وإلا، فلو حجب الكل، لما أغنى هذا التخصيص، ومن قال بأن لا رؤية، وهو قول المعتزلة، قال في هذه الآية: إنهم محجوبون عن رحمة ربهم وغفرانه.
وقد أخرج البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله - ﷺ - ليلة أربع عشرة من الشهر، فقال: "إِنَّكم سترونَ رَبَّكُم كما ترونَ هذا القمر، لا تُضامون في رؤيته" (٢).
= و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٩٦).
(١) رواه الترمذي (٣٣٣٤)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾، وقال: حسن صحيح، والنسائي في "السنن الكبرى" (١٠٢٥١)، وابن ماجه (٤٢٤٤)، كتاب: الزهد، باب: ذكر الذنوب، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) تقدم تخريجه.
وتقدم كلام الأئمة الأربعة في ذلك في سورة الأنعام.
* * *
﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦)﴾.
[١٦] ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ﴾ بعد ذلك ﴿لَصَالُو الْجَحِيمِ﴾ مباشر وحرِّ النار دون حائل.
* * *
﴿ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧)﴾.
[١٧] ﴿ثُمَّ يُقَالُ﴾ أي: يقول لهم الزبانية توبيخًا: ﴿هَذَا﴾ العذاب.
﴿الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾.
* * *
﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨)﴾.
[١٨] ولما ذكر تعالى كتاب الفجار، عقب ذلك بذكر كتاب ضدهم؛ ليبين الفرق، فقال ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ﴾ جمع بَرّ، وتقدم تفسيره في أواخر السورة التي قبل هذه. قرأ أبو عمرو، والكسائي، وخلف: (الأبْرَار) بالإمالة، ورواه ورش عن نافع بين بين، واختلف فيه عن حمزة وابن ذكوان، فروى عن الأول: الإمالة، وبين بين، وعن الثاني: الإمالة، والفتح، وقرأ الباقون: بالفتح، وأبو عمرو على أصله بإدغام الراء في اللام (١).
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٧٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٩٦).
﴿لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ في السماء السابعة تحت العرش.
قال بعض أهل المعاني: علو بعد علو، وشرف بعد شرف، ولذلك جمعت بالياء والنون (١).
* * *
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩)﴾.
[١٩] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ﴾ تقديره: وما أدراك ما في عليين؟ على التعظيم.
* * *
﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٢٠)﴾.
[٢٠] ثم بين فقال: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ أي: مكتوب، وليس بتفسير (عِلِّيِّينَ).
قال ابن عباس: "عملُهم مكتوبٌ في لوح من زَبَرْجَدٍ أخضرَ معلَّقٍ تحتَ العرش" (٢).
* * *
﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١)﴾.
[٢١] ﴿يَشْهَدُهُ﴾ يحضره ﴿الْمُقَرَّبُونَ﴾ وهم سبعة أملاك من مقربي السماء، من كل سماء ملك مقرب، فيحضره ويشيعه حتى يصعد به إلى ما يشاء الله، ويكون هذا في كل يوم.
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (١٠/ ١٥٥).
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٥٧٦).
﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢)﴾.
[٢٢] ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾.
* * *
﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣)﴾.
[٢٣] ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ هي السُّرر في الحِجال، وتقدم في سورة (يَس).
﴿ينَظُرُونَ﴾ إلى ما يسرهم، وإلى الكفار في النار كيف يعذبون.
* * *
﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤)﴾.
[٢٤] ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ بهجةَ التنعيم. قرأ أبو جعفر، ويعقوب: (تُعْرَفُ) بضم التاء وفتح الراء مجهولًا، ورفع (نَضْرَةُ)، وقرأ الباقون: بفتح التاء وكسر الراء معلومًا، ونصب (نَضْرَةَ) مفعولًا (١).
* * *
﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥)﴾.
[٢٥] ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ﴾ وهو الشراب الخالص.
﴿مَخْتُومٍ﴾ على إنائها، فلا يَفُكُّ ختمَهُ إلا الأبرارُ.
* * *
(١) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٥٧٧)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٩٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٩٧).
﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)﴾.
[٢٦] ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ قرأ الكسائي: (خَاتَمُهُ مِسْكٌ (١)) بفتح الخاء وألف بعدها من غير ألف بعد التاء، أي: آخره، وقرأ الباقون: بكسر الخاء من غير ألف بعدها وبألف بعد التاء: اسم لما يُختم به، ولا خلاف بينهم في فتح التاء (٢).
﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله، وأصله: من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس.
* * *
﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧)﴾.
[٢٧] ﴿وَمِزَاجُهُ﴾ أي: الرحيق ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ شراب يُصب عليهم من علو في غرفهم، وهو أشرف شراب في الجنة.
* * *
﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)﴾.
[٢٨] ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا﴾ أي: منها ﴿الْمُقَرَّبُونَ﴾ صِرْفًا، ويمزج رحيقُ الأبرار بها، ونصب (عَيْنًا) على الحال من (تَسْنِيمٍ).
* * *
﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩)﴾.
[٢٩] ونزل في الكفار وسخريتهم بالمسلمين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا﴾
(١) "مسك" زيادة من "ت".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٧٦)، و "التيسير" للداني (ص: ٢٢١)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٥٧٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٩٧)
اكتسبوا الجرائم ﴿كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ استهزاء بهم.
* * *
﴿وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠)﴾.
[٣٠] ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ﴾ يعني: المؤمنين بالكفار.
﴿يَتَغَامَزُونَ﴾ والغمز: الإشارة بالجفن والحاجب.
* * *
﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١)﴾.
[٣١] ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا﴾ أى: الكفار (١) ﴿إِلَى أَهْلِهِمُ﴾ ومنازلهم ﴿انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ قرأ أبو جعفر، وحفص عن عاصم: (فَكِهِينَ) بغير ألف بعد الفاء؛ يعني: فرحين، وقرأ الباقون: بالألف؛ يعني: مُعجبين بما هم فيه، واختلف عن ابن عامر (٢).
* * *
﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (٣٢)﴾.
[٣٢] ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ﴾ أى: رأى الكافرون المؤمنين ﴿قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ﴾ المؤمنين ﴿لَضَالُّونَ﴾ لإيمانهم بمحمد - ﷺ -.
* * *
﴿وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣)﴾.
[٣٣] فقال تعالى: ﴿وَمَا أُرْسِلُوا﴾ أي: الكفار.
(١) "أي: الكفار" زيادة من "ت".
(٢) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٢٢١)، و"النشر في القراءات العشر": لابن الجزري (٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥). و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٩٨).
﴿عَلَيْهِمْ﴾ على المؤمنين ﴿حَافِظِينَ﴾ يردونهم إلى مصالحهم.
* * *
﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤)﴾.
[٣٤] ﴿فَالْيَوْمَ﴾ يعني: في الآخرة ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إذا دخلوا الجنة.
﴿مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ كما ضحك الكفارُ منهم في الدنيا، إذا نظروا إليهم من الجنة، وهم في النار يعذبون.
* * *
﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥)﴾.
[٣٥] والمؤمنون ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ من الدرِّ والياقوت ﴿يَنظُرُونَ﴾ إليهم في النار.
* * *
﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾.
[٣٦] قال تعالى: ﴿هَلْ ثُوِّبَ﴾ أي: جوزي ﴿الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ أي: جزاءَ استهزائهم بالمؤمنين، والاستفهام تقرير وتوقيف لمحمد - ﷺ - وأمته. قرأ حمزة، والكسائي، وهشام: (هَل ثّوِّبَ) بإدغام اللام في الثاء، والباقون: بالإظهار (١)، والله أعلم.
* * *
(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٧٦)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤٣٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٩٨).
Icon