تفسير سورة فاطر

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة فاطر من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميّت... ﴾ الآية [ فاطر : ٩ ].
إن قلتَ : لم عبّر بالمضارع وهو ﴿ تثير ﴾ [ البقرة : ٧١ ] بين ماضيين ؟   !
قلتُ : للإشارة إلى استحضار تلك الصورة البديعة، وهي إثارة الرياح السحاب، الدالة على القدرة الباهرة، حتى كان السامع يشاهدها، وليس المضي كذلك.
قوله تعالى :﴿ وما يعمَّر من مُعمَّرٍ ولا ينقص من عمره إلا في كتاب... ﴾ الآية [ فاطر : ١١ ]، و﴿ من مُعمَّر ﴾ أي من أحد، وسمّاه مُعمَّرا بما يصير إليه( ١ ).
١ - سورة فاطر آية (١١). ويسمى هذا النوع "المجاز المرسل" باعتبار ما سيكون..
قوله تعالى :﴿ فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ﴾ [ فاطر : ٢٧ ].
قاله هنا بتأنيث الضمير لعوده إلى الثمرات، وقال ثانيا :﴿ مختلف ألوانها ﴾ [ فاطر : ٢٧ ] بتأنيثه( ١ ) أيضا، لعوده إلى الجبال، وقال ثالثا :﴿ مختلف ألوانه ﴾ [ فاطر : ٢٨ ] بتذكيره( ٢ )، لعوده إلى بعض المفهوم من اللفظ من قوله :﴿ ومن الناس والدّواب والأنعام ﴾ [ فاطر : ٢٨ ].
١ - في قوله: ﴿ومن الجبال جُدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود﴾..
٢ - في قوله تعالى: ﴿ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك﴾..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٧:قوله تعالى :﴿ فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ﴾ [ فاطر : ٢٧ ].
قاله هنا بتأنيث الضمير لعوده إلى الثمرات، وقال ثانيا :﴿ مختلف ألوانها ﴾ [ فاطر : ٢٧ ] بتأنيثه( ١ ) أيضا، لعوده إلى الجبال، وقال ثالثا :﴿ مختلف ألوانه ﴾ [ فاطر : ٢٨ ] بتذكيره( ٢ )، لعوده إلى بعض المفهوم من اللفظ من قوله :﴿ ومن الناس والدّواب والأنعام ﴾ [ فاطر : ٢٨ ].
١ - في قوله: ﴿ومن الجبال جُدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود﴾..
٢ - في قوله تعالى: ﴿ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك﴾..

قوله تعالى :﴿ إن الله بعباده لخبير بصير ﴾ [ فاطر : ٣١ ].
قاله هنا بلفظ " الله " لعدم تقدم ذكره، وبزيادة اللام موافقة لقوله بعدُ ﴿ إن ربّنا لغفور شكور ﴾ [ فاطر : ٣٤ ] وقاله في الشورى( ١ ) بالضمير، لتقدم لفظ " الله " وبحذف اللام، لعدم ما يقتضي ذكرها.
١ - في الشورى: ﴿ولكن يُنزّل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير﴾ آية (٢٧) والمراد أنه ينزّل أرزاق العباد، على ما تقتضيه الحكمة الإلهية، من التوسعة أو التضييق. اﻫ التفسير الميسر..
قوله تعالى :﴿ لا يمسّنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لُغوب ﴾ [ فاطر : ٣٥ ]. الفرق بين " النّصب " و " اللغوب " أن النّصب : تعب البدن، واللغوب : تعب النّفس، وفرّق الزمخشري بينهما بأن النّصب : التعب، واللغوب : الفتور الحاصل بالنّصب، ورُدّ بأن انتفاء الثاني، معلوم من انتفاء الأول.
قوله تعالى :﴿ وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل ﴾ [ فاطر : ٣٧ ].
إن قلت : الوصف بغير الذي كنا نعمل، يوهم أنهم كانوا عملوا صالحا غير الذي طلبوه، مع أنهم لم يعملوا صالحا قطّ بل سيئا ؟
قلتُ : قالوه بزعمهم أنهم كانوا يعملون صالحا، كما قال تعالى :﴿ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ﴾ [ الكهف : ١٠٤ ] فمعناه غير الذي كنا نحسبه صالحا فنعمله.
قوله تعالى :﴿ فلن تجد لسنّة الله تبديلا ولن تجد لسنّة الله تحويلا ﴾ [ فاطر : ٤٣ ].
إن قلتَ : التبديل : تغيير الشيء عمّا كان عليه مع بقاء مادته، والتحويل : نقله من مكان إلى آخر، فكيف قال ذلك، مع أن سنة الله لا تُبدّل ولا تحوّل ؟   !
قلتُ : أراد بالأول، أن العذاب لا يُبدّل بغيره، وبالثاني أنه لا يحوَّل عن مستحقّه إلى غيره، وجمع بينهما هنا تتميما لتهديد المسيء لقبح مَكْرِه( ١ )، في قوله تعالى :﴿ ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ﴾ [ فاطر : ٤٣ ].
١ - معنى الآية الكريمة: لا يعود وبال المكر الخبيث، إلا على أهله، فهل ينتظر الكفار الفجار، إلا عادة الله في المكذبين من الأمم السابقة؟ وهي الإهلاك لهم بأنواع العذاب والدّمار ؟ وهي سنّة لا تتبدّل ولا تتغيّر، ولا تتحول عن الظالم إلى المظلوم !!.
Icon