تفسير سورة الواقعة

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة الواقعة من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ والسّابقون السابقون أولئك المقرّبون ﴾ [ الواقعة : ١١ ] فائدة التكرار فيه التأكيد، في مقابلة التأكيد في ﴿ فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة ﴾ [ الواقعة : ٨، ٩ ] كأنه قال : هم المعروف حالُهم، المشهور وصفُهم.
أو المعنى : والسابقون إلى طاعة الله، هم السابقون إلى رحمته وكرامته... ثم قيل المراد بهم : السابقون إلى الإيمان من كل أمة، وقيل : الذين صلّوا إلى القبلتين، وقيل : هم أهل القرآن، وقيل : السابقون إلى المساجد، وإلى الخروج في سبيل الله، وقيل : هم الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.
قوله تعالى :﴿ يطوف عليهم ولدان مخلّدون ﴾ [ الواقعة : ١٧ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك ؟ مع أن التخليد لا يختصّ بالولدان في الجنة ؟
قلتُ : معناه أنهم لا يتحوّلون عن شكل الولدان، والمراد بهم هنا ولدان المسلمين، الذين يموتون صغارا، ولا حسنة لهم.
وقيل : ولدان على سنّ واحد، أنشأهم الله لأهل الجنة( ١ )، يطوفون عليهم، من غير ولادة، لأن الجنة لا ولادة فيها.
وقيل : أطفال المشركين وهم خدم أهل الجنة.
١ - هذا هو الصحيح من الأقوال، أن هؤلاء الولدان خُلقوا لخدمة أهل الجنة، يخلقهم الله خلقا جديدا، كالحور العين في الجنة، وهو غلمان في نضارة الصّبا، وجمال الصورة والهيئة، لا يكبرون ولا يهرمون، يطوفون بكؤوس الخمر على أهل الجنة، كما ذكر تعالى في وصفهم ﴿يطوف عليهم ولدان مخلّدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين﴾ والكأس يراد به الخمر، والمعين الجارية من العيون..
قوله تعالى :﴿ نحن خلقناهم فلولا تصدّقون ﴾ [ الواقعة : ٥٧ ].
أي فهلاّ تصدّقون بأنا خلقناكم  ! !
إن قلتَ : كيف قال ذلك مع أنهم مصدّقون بذلك، بدليل قوله تعالى :﴿ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ﴾ [ الزخرف : ٨٧ ].
قلتُ : هم وإن صدّقوا بألسنتهم، لكن لما كان مذهبهم، خلاف ما يقتضيه التصديق، كانوا كأنهم مكذّبون به، أو أن ذلك تحضيض على التصديق بالبعث بعد الموت، بالاستدلال بالخلق الأول، فكأنه قاله : هو خلقكم أولا باعترافكم، فلا يمتنع أن يعيدكم ثانيا، فهلا تصدّقون بذلك  ! !
قوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تُمْنُونَ ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٥٨ ] ﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٦٣ ] ﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٦٨ ] ﴿ أفرأيتم النار التي تورون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٧١ ].
بدأ بذكر خلق الإنسان، ثم بما لا غنى له عنه، وهو الحبّ الذي منه قوته، ثم بالماء الذي به سوغُه وعجنُه، ثم بالنار الذي بها نضجُه وصلاحُه، وذكر عقب كل من الثلاثة الأولى ما يفسده، فقال في الأولى :﴿ نحن قدّرنا رينكم الموت ﴾ [ الواقعة : ٦ ] وفي الثانية :﴿ لو شاء لجعلناه حطاما ﴾ [ الواقعة : ٦٥ ] وفي الثالثة :﴿ لو نشاء جعلناه أُجاجا ﴾ [ الواقعة : ٧٠ ] ولم يقل في الرابعة ما يُفسدها، بل قال :﴿ نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمُقوين ﴾ [ الواقعة : ٧٣ ] أي جعلناها تذكرة تتعظون بها، ومتاعا للمسافرين ينتفعون بها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٨:قوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تُمْنُونَ ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٥٨ ] ﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٦٣ ] ﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٦٨ ] ﴿ أفرأيتم النار التي تورون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٧١ ].
بدأ بذكر خلق الإنسان، ثم بما لا غنى له عنه، وهو الحبّ الذي منه قوته، ثم بالماء الذي به سوغُه وعجنُه، ثم بالنار الذي بها نضجُه وصلاحُه، وذكر عقب كل من الثلاثة الأولى ما يفسده، فقال في الأولى :﴿ نحن قدّرنا رينكم الموت ﴾ [ الواقعة : ٦ ] وفي الثانية :﴿ لو شاء لجعلناه حطاما ﴾ [ الواقعة : ٦٥ ] وفي الثالثة :﴿ لو نشاء جعلناه أُجاجا ﴾ [ الواقعة : ٧٠ ] ولم يقل في الرابعة ما يُفسدها، بل قال :﴿ نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمُقوين ﴾ [ الواقعة : ٧٣ ] أي جعلناها تذكرة تتعظون بها، ومتاعا للمسافرين ينتفعون بها.

قوله تعالى :﴿ لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكّهون ﴾ [ الواقعة : ٦٥ ].
ذكر في جواب " لو " في الزرع اللام عملا بالأصل، وحذفها منه في الماء اختصارا، لدلالة الأول عليه، أو أن أصل هذه اللام للتأكيد، وهو أنسب بالمطعوم، لأنه مقدّم وجودا، ورُتبة على المشروب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٨:قوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تُمْنُونَ ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٥٨ ] ﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٦٣ ] ﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٦٨ ] ﴿ أفرأيتم النار التي تورون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٧١ ].
بدأ بذكر خلق الإنسان، ثم بما لا غنى له عنه، وهو الحبّ الذي منه قوته، ثم بالماء الذي به سوغُه وعجنُه، ثم بالنار الذي بها نضجُه وصلاحُه، وذكر عقب كل من الثلاثة الأولى ما يفسده، فقال في الأولى :﴿ نحن قدّرنا رينكم الموت ﴾ [ الواقعة : ٦ ] وفي الثانية :﴿ لو شاء لجعلناه حطاما ﴾ [ الواقعة : ٦٥ ] وفي الثالثة :﴿ لو نشاء جعلناه أُجاجا ﴾ [ الواقعة : ٧٠ ] ولم يقل في الرابعة ما يُفسدها، بل قال :﴿ نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمُقوين ﴾ [ الواقعة : ٧٣ ] أي جعلناها تذكرة تتعظون بها، ومتاعا للمسافرين ينتفعون بها.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٨:قوله تعالى :﴿ أفرأيتم ما تُمْنُونَ ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٥٨ ] ﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٦٣ ] ﴿ أفرأيتم الماء الذي تشربون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٦٨ ] ﴿ أفرأيتم النار التي تورون ﴾ ؟   ! [ الواقعة : ٧١ ].
بدأ بذكر خلق الإنسان، ثم بما لا غنى له عنه، وهو الحبّ الذي منه قوته، ثم بالماء الذي به سوغُه وعجنُه، ثم بالنار الذي بها نضجُه وصلاحُه، وذكر عقب كل من الثلاثة الأولى ما يفسده، فقال في الأولى :﴿ نحن قدّرنا رينكم الموت ﴾ [ الواقعة : ٦ ] وفي الثانية :﴿ لو شاء لجعلناه حطاما ﴾ [ الواقعة : ٦٥ ] وفي الثالثة :﴿ لو نشاء جعلناه أُجاجا ﴾ [ الواقعة : ٧٠ ] ولم يقل في الرابعة ما يُفسدها، بل قال :﴿ نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمُقوين ﴾ [ الواقعة : ٧٣ ] أي جعلناها تذكرة تتعظون بها، ومتاعا للمسافرين ينتفعون بها.

قوله تعالى :﴿ فسبّح باسم ربّك العظيم ﴾ [ الواقعة : ٧٤ ] أي نزّه ربّك فقوله : " باسم " زائد، أو المعنى : نزّه اسم ربك، فالباء زائدة والاسم باق على معناه، أو هو بمعنى الذات، أو بمعنى الذكر، أو الباء متعلقة بمحذوف.
والمراد بالتسبيح الصلاة( ١ ) وباسم ربك : التّكبير، أي افتتح الصلاة بالتكبير.
١ - سورة الواقعة آية (٧١) الآيات وردت لإقامة الأدلة والبراهين على وجود الله، ووحدانيته وكمال قدرته، في بدائع خلقه وصنعه، وذلك في خلق الإنسان، وإخراج النبات من الأرض، وإنزال الماء من السماء، وما أودعه الله من القوة في النار، وهي من الشجر الأخضر، فسبحان الواحد القهار !!.
قوله تعالى :﴿ إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ﴾ [ الواقعة : ٧٧، ٧٨ ].
إن قلتَ : القرآن صفة قديمة، قائمة بذات الله تعالى، فكيف يكون حالا في " كتاب مكنون " أي لوح محفوظ، أو مصحف ؟   !
قلتُ : لا يلزم من كتابته في كتاب، حلوله فيه، كما لو كُتب على شيء ألف دينار، لا يلزم منه وجودها فيه، ومثله قوله تعالى :﴿ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ﴾ [ الأعراف : ١٥٧ ] فثبت أنه ليس حالا في شيء من ذلك، بل هو كلام الله تعالى، وكلامه صفة قديمة به لا تفارقه.
فإن قلتَ : إذا لم تفارقه فكيف سمّاه منزّلا ؟
قلتُ : معنى " إنزاله تعالى له " أنه علّمه جبريل، وأمره أن يعلّمه النبي صلى الله عليه وسلم، ويأمره أن يُعلّمه لأمته، مع أنه لم يزل ولا يزال، صفة لله تعالى، قائمة به لا تفارقه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٧:قوله تعالى :﴿ إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ﴾ [ الواقعة : ٧٧، ٧٨ ].
إن قلتَ : القرآن صفة قديمة، قائمة بذات الله تعالى، فكيف يكون حالا في " كتاب مكنون " أي لوح محفوظ، أو مصحف ؟   !
قلتُ : لا يلزم من كتابته في كتاب، حلوله فيه، كما لو كُتب على شيء ألف دينار، لا يلزم منه وجودها فيه، ومثله قوله تعالى :﴿ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ﴾ [ الأعراف : ١٥٧ ] فثبت أنه ليس حالا في شيء من ذلك، بل هو كلام الله تعالى، وكلامه صفة قديمة به لا تفارقه.
فإن قلتَ : إذا لم تفارقه فكيف سمّاه منزّلا ؟
قلتُ : معنى " إنزاله تعالى له " أنه علّمه جبريل، وأمره أن يعلّمه النبي صلى الله عليه وسلم، ويأمره أن يُعلّمه لأمته، مع أنه لم يزل ولا يزال، صفة لله تعالى، قائمة به لا تفارقه.

Icon