تفسير سورة المطفّفين

أوضح التفاسير
تفسير سورة سورة المطففين من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير .
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿وَيْلٌ﴾ شدة عذاب. وقيل: هو واد في جهنم ﴿لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ الذين يبخسون الناس في الكيل والوزن؛ يفسره ما بعده
﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ﴾ أي كالوا منهم لأنفسهم ﴿يَسْتَوْفُونَ﴾ ما يكيلونه
﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ﴾ أي كالوا لهم ﴿يُخْسِرُونَ﴾ ينقصون. والتطفيف في الكيل والوزن: من أسوإ الأخلاق المسقطة للمروءة، الماحية للحسنات، المفسدة للإيمان، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ وقد صار للمشتري منك أمانة عندك؛ وهي أن تؤدي له ما اشتراه كاملاً غير منقوص. وصار للبائع لك أيضاً أمانة لديك؛ وهي أن تؤدي له ثمنه كاملاً، وتستوفي حقك منه بغير زيادة. فارع الله أيها المؤمن في دينك، واخش مولاك من فوقك هذا وقد كان قدماء المصريين يقطعون يمين مطفف الكيل والميزان
﴿أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ﴾ المطففون {أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ *
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} هو يوم القيامة
﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ﴾ من قبورهم ﴿لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ انتظاراً لثوابه، أو عقابة
﴿كَلاَّ﴾ أي ليس الأمر كما يظنون؛ من أنهم غير مبعوثين، ولا معذبين؛ بل ﴿إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ﴾ صحف أعمال الكفار والمطففين ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾ واد في جهنم. وقيل: إنه ديوان الشر؛ أمر الله تعالى أن تدون فيه أعمال الكفرة الفجرة
﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾ تهويل لشأنه
﴿كِتَابٌ مَّرْقُومٌ﴾ مسطور؛ بين الكتابة
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ الكافرين
﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ يوم الجزاء
﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ﴾ متجاوز للحد ﴿أَثِيمٍ﴾ مرتكب للإثم
﴿أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾
أكاذيبهم
﴿كَلاَّ﴾ ردع وزجر عن قولهم ذلك ﴿بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ أي غطت على قلوبهم ذنوبهم؛ حتى حجبتها عن الفهم؛ فقالوا ما قالوا، وفعلوا ما فعلوا
﴿كَلاَّ﴾ أي حقاً ﴿إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ﴾ أي إن الكفار لمحجوبون من رحمة الله تعالى ومغفرته يوم القيامة
﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ﴾ أي لداخلو النار
﴿كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ﴾ صحف أعمالهم. والأبرار: هم الذين يعملون البر، ويتصفون به ﴿لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ أعالي الجنات. أو هو ديوان الخير؛ كما أن سجين ديوان الشر
﴿كِتَابٌ مَّرْقُومٌ﴾ مختوم
﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ أي يرونه رأي العين؛ أو أريد بالمقربين: الملائكة
﴿عَلَى الأَرَآئِكِ﴾ على الأسرة ﴿يَنظُرُونَ﴾ ينظر بعضهم إلى بعض سروراً، أو ينظرون مغتبطين إلى ما اختصهم به ربهم من نعيم مقيم
﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ بهجة التنعم
﴿يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ﴾ الرحيق: اسم من أسماء الخمر، وهو صفوتها. والرحيق أيضاً: الشراب الخالص؛ الذي لا غش فيه
﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ أي مختومة أوانيه بالمسك؛ مكان الطين الذي كانوا يختمون به أوعية الخمر ﴿رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ﴾ أي فيما تقدم من النعيم والتكريم ﴿فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ فليرغب الراغبون، وليتسابق المتسابقون؛ بالمسارعة إلى الخيرات، والانتهاء عن السيئات
﴿وَمِزَاجُهُ﴾ أي ما يمزج به ذلك الشراب ﴿مِن تَسْنِيمٍ﴾ التسنيم: مصدر سنمه، إذا رفعه. والمعنى: أن الخمر تمزج بأرفع شراب في الجنة
﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ﴾ من الكفار ﴿كَانُواْ﴾ في الدنيا ﴿مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ﴾ استهزاء
﴿وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾
عليهم؛ سخرية منهم
﴿وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ﴾ رجعوا إلى أهلهم في الدنيا ﴿انقَلَبُواْ فَكِهِينَ﴾ ضاحكين، ساخرين من المؤمنين
﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ﴾ أي إذا رأى المجرمون المؤمنين ﴿قَالُواْ﴾ عنهم ﴿إِنَّ هَؤُلاَءِ﴾ الناس ﴿لَضَالُّونَ﴾ نسبوا إليهم الضلال وهو لاصق بهم. قال تعالى:
﴿وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ﴾ أي ما أرسل الكفار على المؤمنين ﴿حَافِظِينَ﴾ لأعمالهم؛ فيردونهم إلى صلاحهم، ويمنعونهم عن ضلالهم الذي يزعمونه
﴿فَالْيَوْمَ﴾ يوم القيامة ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾ كما ضحك الكفار منهم في الدنيا
﴿عَلَى الأَرَآئِكِ﴾ السرر
﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ أي هل جوزوا في الآخرة بسخريتهم بالمؤمنين في الدنيا؟
740
سورة الانشقاق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

740
Icon