تفسير سورة سورة الحجر من كتاب التفسير البسيط
المعروف بـالبسيط للواحدي
.
لمؤلفه
الواحدي
.
المتوفي سنة 468 هـ
ﰡ
تفسير سورة الحجر
وقال آخرون: الْكِتَابِ هو القرآن (٣)، وجمع بين الوصفين لما فيهما
بسم الله الرحمن الرحيم
١ - قوله -عز وجل-: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ ذكرنا الكلام في هذا مستقصى في أول سورة يوسف ويونس، وكذلك في سورة الرعد. وذكرنا في سورة الرعد أن الكِتَاب هناك يجوز أن يريد به التوراة، ويجوز أن يريد به القرآن، وهاهنا أيضاً يجوز فيه الوجهان؛ أحدهما: أن يراد بالكتاب الذي كان قبل القرآن من التوراة والإنجيل، ثم عطف عليه القرآن، قال صاحب النظم: تقدير هذه الآية في الكلام: زيدٌ هذا صاحب الفرس وحمارٍ تارةً (١)، وهذا معنى قول مجاهد وقتادة (٢).وقال آخرون: الْكِتَابِ هو القرآن (٣)، وجمع بين الوصفين لما فيهما
(١) المثبت من (ش)، (ع)، وفي (أ)، (د): (فاده)، وهذا المثال صحيح من الناحية النحوية، لكنه لا يليق التمثيل به في هذا الموضع، ولو قال: هذا زيدٌ صاحب الكتاب وقلمٍ تارةً، لكان أليق بالمقام.
(٢) أخرجه الطبري ١٤/ ١ عنهما من طريقين، وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٧ عنهما، وانظر: "تفسير ابن عطية" ٧/ ٢٧٦، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٧١ وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة، ولم أجده في "تفسير مجاهد".
(٣) ورد في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٤٧، والطوسي ٦/ ٣١٧، و"تفسير ابن عطية" ٧/ ٢٧٦، والفخر الرازي ١٩/ ١٥١، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٢، والخازن ٣/ ٨٨.
(٢) أخرجه الطبري ١٤/ ١ عنهما من طريقين، وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٧ عنهما، وانظر: "تفسير ابن عطية" ٧/ ٢٧٦، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٧١ وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة، ولم أجده في "تفسير مجاهد".
(٣) ورد في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٤٧، والطوسي ٦/ ٣١٧، و"تفسير ابن عطية" ٧/ ٢٧٦، والفخر الرازي ١٩/ ١٥١، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٢، والخازن ٣/ ٨٨.
من الفائدتين، وإن كانا لموصوف (١) واحد؛ وذلك أن الْكِتَابَ يفيد أنه مما يُكتب ويُدون، ﴿وَقُرْآنٍ﴾ يفيد أنه بما يؤلف ويجمع بعض حروفه إلى بعض (٢)، ويكون كقوله (٣):
إلى المَلِك القَرْمِ.......... (البيت)
وقد مر (٤)، وذكرنا معنى "الْمُبِين" في فاتحة سورة يوسف.
٢ - قوله تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وقُرئ ﴿رُبَمَا﴾ بالتخفيف، قال السُّكّري (٥): ربّما وربتما ورُبّ، حرف جر عند
إلى المَلِك القَرْمِ.......... (البيت)
وقد مر (٤)، وذكرنا معنى "الْمُبِين" في فاتحة سورة يوسف.
٢ - قوله تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وقُرئ ﴿رُبَمَا﴾ بالتخفيف، قال السُّكّري (٥): ربّما وربتما ورُبّ، حرف جر عند
(١) في (ش)، (ع): (بالموصوف).
(٢) انظر: "الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ١٨٣.
(٣) لم أقف على قائله.
(٤) أورده كذلك في نهاية السورة، والبيت كاملاً هو:
وقد ورد بلا نسبة في: "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٠٥، و"تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٧، والزمخشري ١/ ٢٣، و"الإنصاف" ص ٣٧٦، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٢٧٨، و"الخزانة" ١/ ٤٥١، ٥/ ١٠٧، ٦/ ٩١، (القَرْم) السيد، (الهُمام) الملك العظيم الهمّة، (الكتيبة) جماعة الخيل، وهي الفصيل من الجيش، (المُزدَحمْ) مكان المعركة. والشاهد: أنه عطف ابن الهمام، وليث الكتيبة، على القرم، وكلها أوصاف لشيء واحد؛ هو الملك، وذلك جائز عند أهل اللغة. انظر: "الانتصاف من الإنصاف"، بهامش "الإنصاف" ٢/ ٤٧٠.
(٥) الحسن بن الحسين بن العلاء، أبو سعيد النحويّ اللغويّ، المعروف بابن السكري، أخذ عن أبي حاتم السجستاني، والرياشي، كان راوية للبصريين، وكان ثقة ديناً صادقاً، له: كتاب "الوحوش"، وكتاب "النبات"، و"أشعار هذيل" مات سنة ٢٧٥ هـ، وقيل (٢٩٠ هـ)، وكان مولده سنة (٢٠٢ هـ) انظر: "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٨٣. "الفهرست" ص ٢١٧، "نزهة الألباء" ص ١٦٠، "البلغة" ص ٢٩٦، "البغية" ١/ ٥٠٢.
(٢) انظر: "الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ١٨٣.
(٣) لم أقف على قائله.
(٤) أورده كذلك في نهاية السورة، والبيت كاملاً هو:
إلى الملك القَرْمِ وابنِ الهُمَام | ولَيْثِ الكتيبة في المُزْدَحَمْ |
(٥) الحسن بن الحسين بن العلاء، أبو سعيد النحويّ اللغويّ، المعروف بابن السكري، أخذ عن أبي حاتم السجستاني، والرياشي، كان راوية للبصريين، وكان ثقة ديناً صادقاً، له: كتاب "الوحوش"، وكتاب "النبات"، و"أشعار هذيل" مات سنة ٢٧٥ هـ، وقيل (٢٩٠ هـ)، وكان مولده سنة (٢٠٢ هـ) انظر: "طبقات النحويين واللغويين" ص ١٨٣. "الفهرست" ص ٢١٧، "نزهة الألباء" ص ١٦٠، "البلغة" ص ٢٩٦، "البغية" ١/ ٥٠٢.
530
سيبويه (١)، ويلحقها (ما) على وجهين: أحدهما: أن تكون نكرة بمعنى شيء، وذلك كقوله:
فـ (ما) في هذا البيت اسم لما يُقَدَّر من عَوْد الذكر إليه من الصفة، المعنى: رب شيء تكره النفوس، وإذا عاد إليها الهاء كان اسمًا ولم يجز أن يكون الحرف (٣)، كما أن قوله سبحانه ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ﴾ [المؤمنون: ٥٥] ما عاد الذكر إليه علمت بذلك أنه اسم، ويدلك على أن (ما) قد تكون اسمًا إذا وقعت بعد رب وقوع (من) بعدها (٤) في نحو قوله (٥):
رُبَّما تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأمْرِ | لها فَرْجةٌ كَحَلِّ العِقَالِ (٢) |
(١) انظر: "الكتاب" باب الجر ١/ ٤١٩.
(٢) "ديوان أمية بن أبي الصلت" ص ٤٤٤ وفيه: (تجزع) بدل (تكره)، وورد البيت في "الكتاب" ٢/ ١٠٩، ٣١٥، "اللسان" (فرج) ٦/ ٣٣٦٩، "الخزانة" ٦/ ١٠٨، ١٠/ ٩، وورد غير منسوب في "البيان والتبيين" ٣/ ٢٢٤ برواية (تجزع)، "المقتضب" ١/ ٤٢، "جمهرة اللغة" ١/ ٤٦٣، "إيضاح الشعر" ص٢٩٥، ٤٤٥، "معاني الحروف" للرماني ص ١٥٦، "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٤ برواية (تجزع)، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ٥٥٤، "أساس البلاغة" ٢/ ١٩١ (فرج)، "تفسير ابن عطية" ٨/ ٢٧٧ "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٢ برواية "تجزع"، "إنباه الرواة" ٤/ ١٣٤، "شرح المفصل" ٣/ ٤، "تفسير أبي حيان" ٥/ ٤٤٣، "همع الهوامع" ١/ ٢٢، ٣١٦، "شرح الأشموني" ١/ ١٩٢، (الفَرجة) بالفتح قيل: الراحة من حزن أو مرض، و (الفُرجة) بالضم: الخلل بين الشيئين، (العقال) بالكسر: الحبل الذي يشد به قوائم الإبل، والمعنى: ربّ شيء تكرهه النفوس من الأمور الحادثة الشديدة، وله فَرجة سهلة سريعة تعقب الضيقَ والشدة؛ كحل عقال الدابة.
(٣) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٦٠ بنصه.
(٤) في جميع النسخ: (بحدها)، والمثبت هو الصحيح، وموافق للمصدر.
(٥) هو عمرو بن قميئة جاهلي.
(٢) "ديوان أمية بن أبي الصلت" ص ٤٤٤ وفيه: (تجزع) بدل (تكره)، وورد البيت في "الكتاب" ٢/ ١٠٩، ٣١٥، "اللسان" (فرج) ٦/ ٣٣٦٩، "الخزانة" ٦/ ١٠٨، ١٠/ ٩، وورد غير منسوب في "البيان والتبيين" ٣/ ٢٢٤ برواية (تجزع)، "المقتضب" ١/ ٤٢، "جمهرة اللغة" ١/ ٤٦٣، "إيضاح الشعر" ص٢٩٥، ٤٤٥، "معاني الحروف" للرماني ص ١٥٦، "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٤ برواية (تجزع)، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ٥٥٤، "أساس البلاغة" ٢/ ١٩١ (فرج)، "تفسير ابن عطية" ٨/ ٢٧٧ "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٢ برواية "تجزع"، "إنباه الرواة" ٤/ ١٣٤، "شرح المفصل" ٣/ ٤، "تفسير أبي حيان" ٥/ ٤٤٣، "همع الهوامع" ١/ ٢٢، ٣١٦، "شرح الأشموني" ١/ ١٩٢، (الفَرجة) بالفتح قيل: الراحة من حزن أو مرض، و (الفُرجة) بالضم: الخلل بين الشيئين، (العقال) بالكسر: الحبل الذي يشد به قوائم الإبل، والمعنى: ربّ شيء تكرهه النفوس من الأمور الحادثة الشديدة، وله فَرجة سهلة سريعة تعقب الضيقَ والشدة؛ كحل عقال الدابة.
(٣) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٦٠ بنصه.
(٤) في جميع النسخ: (بحدها)، والمثبت هو الصحيح، وموافق للمصدر.
(٥) هو عمرو بن قميئة جاهلي.
531
يا رُبَّ مَن يُبْغِضُ أذْوادَنا | رُحْنَ على بَغْضائِه واغْتدَيْنْ (١) |
(١) ملحقات "ديوانه" ص ٨١، وورد في: "الكتاب" ٢/ ١٠٨، "الأزهية" ص ١٠١، "أمالي ابن الشجري" ٣/ ٢١٩، ٦٤، وورد بلا نسبة في: "الحيوان" ٣/ ٤٦٦، "المقتضب" ١/ ٤١، "المسائل البغداديات" ص ٥٦٦ (صدره)، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٢، "شرح المفصل" ٤/ ١١، "معجم الشعراء" ص ٢٧ وقد نسبه إلى عمرو بن لأي جاهلي. (الأذواد)، جمع ذود، وهو القطيع من الإبل ما بين الثلاث إلى الثلاثين، يعني أنهم أعزاء لا يستطيع أحد صد إبلهم عن مرعى، مما لهم من قوة ومنعة، (اغتدين) غدا يغدُو غدْوًا وغُدواً، واغتدى: بكَّر، والاغْتداء، الغُدُوُّ. "اللسان" (غدو) ٦/ ٣٢٢١.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ٣٦ وهو نقل طويل مع اختصار يسير، وانظر: "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٤، الفخر الرازي ١٩/ ١٥٢.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ٣٦ وهو نقل طويل مع اختصار يسير، وانظر: "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٤، الفخر الرازي ١٩/ ١٥٢.
532
لصدقه، وكذلك قوله: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ [التكوير: ١] وقوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ [الأعراف: ٤٤] وهذا معنى قول الفراء في هذه الآية (١)، وقال أبو علي الفارسي: إنما وقع ﴿يَوَدُّ﴾ في الآية على لفظ المضارع؛ لأنه حكايته لحال آتية، كما أن قوله: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ [النحل: ١٢٤] حكايته لحال آتية أيضًا، ومن حكايته الحال قول القائل (٢):
قال ومن زعم أن الآية على إضمار (كان) وتقديره: ربما كان يود الذين كفروا، فقد خرج بذلك عن قول سيبويه (٤)، ألا ترى (كان) لا تُضمر عنده، ولم يُجِزْ: وعبد الله المقتول، وأنت تريد: كن عبد الله المقتول، قال: ويجوز أن يكون (ما) في هذه الآية صفة بمنزلة شيء، و ﴿يَوَدُّ﴾ صفة له؛ وذلك أن (ما) لعمومها تقع على كل شيء، فيجوز أن يعني بها الودّ؛
جَارِيةٌ في رَمَضَانَ الماضِي | تُقَطِّعُ الحَدِيثَ بالإيمَاضِ (٣) |
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٢.
(٢) منسوب لرؤبة وهو في ملحقات "ديوانه" ص ١٧٦ وروايته:
(٣) ورد غير منسوب في: "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٤، "غرائب التفسير" ١/ ٥٨٥، "الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ١٨٥ "اللسان" (رمض) ٣/ ١٧٣٠، "الخزانة" ١/ ١٥٦، "الإنصاف" ص ١٢٤ برواية:
جارية في درعها الفَضْفَاض
والمعنى أن القوم كانوا يتحدثون فأومضت امرأة فتركوا الحديث واشتغلوا بالنظر إليها لبراعة جمالها.
(٤) لأن هذا ليس من مواضع إضمار كان عنده؛ فكان لا تضمر عنده إلا حيث يكون حذف مقتضيها، وفي موضع تقوى الدلالة عليها. ذكره المنتجب في "الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ١٨٥، وانظر: "تفسير أبي حيان" ٥/ ٤٤٤.
(٢) منسوب لرؤبة وهو في ملحقات "ديوانه" ص ١٧٦ وروايته:
لقد أتى في رمضان الماض | جارية في درعها الفضفاضِ |
تُقطّعُ الحديث بالإيماض | أبيض من أختِ بني إباضِ |
جارية في درعها الفَضْفَاض
والمعنى أن القوم كانوا يتحدثون فأومضت امرأة فتركوا الحديث واشتغلوا بالنظر إليها لبراعة جمالها.
(٤) لأن هذا ليس من مواضع إضمار كان عنده؛ فكان لا تضمر عنده إلا حيث يكون حذف مقتضيها، وفي موضع تقوى الدلالة عليها. ذكره المنتجب في "الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ١٨٥، وانظر: "تفسير أبي حيان" ٥/ ٤٤٤.
533
كأنه في هذا الوجه أيضًا حكاية حال، ألا ترى أنه لم يكن بَعْدُ، انتهى كلامه. (١) وقد تلي (ربما) الأسماءُ، وكذلك (ربتما)، أنشد ابن الأعرابي (٢):
وإن قيل لِمَ (٤) لَمْ تكف (ما) (رب) عن العمل كما كفت (إنّ) في قولك: إنما الله، وإنما زيد؟! قيل الفرق بينهما أن (إنّ) حرف الابتداء، فلما سُلب العمل بالكف لم يبق للجملة معنى سوى الابتداء، وحق الابتداء الرفع، ومعنى (رب) وهو التقليل موجود في الاسم كل حال، دخل عليه (ما) أو لم يدخل فتبَيَّن أثره في الاسم، فأما قراءة من قرأه ﴿رُبَمَا﴾ بالتخفيف (٥)؛ فلأنه حرف مضاعف، والحروف المضاعفة قد تحذف
ماويَّ يَا ربَّتَما غارةٍ | شَعْواءَ كاللَّذْعةِ بالِمِيسمَ (٣) |
(١) "الحجة للقراء" ٥/ ٣٩ بنصه.
(٢) والبيت لضمرة بن ضمرة النهشلي (جاهلي).
(٣) ورد البيت منسوباً في: "نوادر أبي زيد" ص ٢٥٣، "المعاني الكبير" ٢/ ١٠٠٥، "الخزانة" ٩/ ٣٨٤. وورد غير منسوب في "تهذيب اللغة" (ماء) ٩/ ٣٣١٤، ٩/ ٣٨١٤ (رب) ٢/ ١٣٣٩، (موا) ٤/ ٣٤٦٧، "الحجة للقراء" ٥/ ٣٥، "الإنصاف" ص٩٠، "شرح المفصل" ٨/ ٣١، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ٤١٣، "اللسان" (ربب) ٣/ ١٥٥٢، "الخزانة" ١١/ ١٩٦، ورواية "النوادر والمعاني" و"الحجة" و"الأمالي": (بل ربتما). (ماويّ): أراد ماويّ؛ من أسماء النساء، فرخَّم، (الشعواء) الغارة الكثيرة المنتشرة؛ أراد الخيل التي تغير، (المِيسم) ما يوسم به البحير بالنار.
(٤) في (أ)، (د): (لو)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح لاستقامة المعنى به.
(٥) هما نافع وعاصم. انظر: "السبعة" ص ٣٦٦، "إعراب القراءات السبع" ١/ ٣٣٩، "علل القراءات" ١/ ٢٩٣، "الحجة للقراء" ٥/ ٣٥.
(٢) والبيت لضمرة بن ضمرة النهشلي (جاهلي).
(٣) ورد البيت منسوباً في: "نوادر أبي زيد" ص ٢٥٣، "المعاني الكبير" ٢/ ١٠٠٥، "الخزانة" ٩/ ٣٨٤. وورد غير منسوب في "تهذيب اللغة" (ماء) ٩/ ٣٣١٤، ٩/ ٣٨١٤ (رب) ٢/ ١٣٣٩، (موا) ٤/ ٣٤٦٧، "الحجة للقراء" ٥/ ٣٥، "الإنصاف" ص٩٠، "شرح المفصل" ٨/ ٣١، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ٤١٣، "اللسان" (ربب) ٣/ ١٥٥٢، "الخزانة" ١١/ ١٩٦، ورواية "النوادر والمعاني" و"الحجة" و"الأمالي": (بل ربتما). (ماويّ): أراد ماويّ؛ من أسماء النساء، فرخَّم، (الشعواء) الغارة الكثيرة المنتشرة؛ أراد الخيل التي تغير، (المِيسم) ما يوسم به البحير بالنار.
(٤) في (أ)، (د): (لو)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح لاستقامة المعنى به.
(٥) هما نافع وعاصم. انظر: "السبعة" ص ٣٦٦، "إعراب القراءات السبع" ١/ ٣٣٩، "علل القراءات" ١/ ٢٩٣، "الحجة للقراء" ٥/ ٣٥.
534
نحو: إنّ، وأنّ، ولكنّ، قد حذف (١) كل واحد من هذه الحروف، وليس كل المضاعف يحذف نحو (ثُمَّ)، لم يُحك فيه الحذف (٢)، قال أبو إسحاق: العرب تقول: رُبّ رجلٍ جاءني، ويخففون فيقولون: رُبَ رَجُلٍ، وأنشد (٣):
ويسكنون أيضًا في التخفيف فيقولون: رُبْ رَجُلٍ، وأنشد بيت الهذلي:
أَسُمَيَّ ما يُدْرِيكِ أن رُبَ فِتْية | بَاكَرْتُ لذَّتَهُمْ بِأدْكَنَ مُتْرَعِ (٤) |
أزُهَيْرُ إن يَشِبِ القَذَالُ فإنني (٥) | رُبَ هَيْضلٍ مَرِسٍ لَفَفْتُ بِهَيْضَلِ (٦) |
(١) في جميع النسخ: (خفف)، والمثبت هو الصحيح لاستقامة الكلام، وموافقة المصدر.
(٢) ورد في "الحجة للقراء" ٥/ ٤١ بنصه، وانظر: "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٦.
(٣) للحادرة أو الحويدرة؛ واسمه قطبة بن أوس الذبياني (جاهلي).
(٤) "ديوان الحادرة" ص ٥٦، وورد في "المفضَّليات" ص ٤٦، "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧١، "علل القراءات" ١/ ٢٩٣، "شرح اختيارات المفضل" ١/ ٢٢٥، وورد بلا نسبة في "إعراب القراءات السبع" وعللها ١/ ٣٤٠وفيه: (سُخرتهم) بدل (لذتهم)، "المُنصف" (٣/ ١٢٩) وفيه: (ما أدراك)، وفي الديوان وجميع المصادر ما عدا علل القراءات بدايته برواية: (فَسُمَيَّ)، وهو تَرْخيم سُمَيَّة. (باكرتُ لذتهم) أسرعت إليهم لأمتعهم، (الأدكن المترع) الزِّق المليء بالخمر.
(٥) في جميع المصادر - ما عدا الديوان والزجاج والطوسي وابن الجوزي (فإنه).
(٦) "شرح أشعار الهذليين" ص ١٠٧٠، وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٦، "أمالي ابن الشجري" ٣/ ٤٨، إيضاح شواهد الإيضاح ١/ ٢٨٧، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٠، "الخزانة" ٩/ ٥٣٧، وورد غير منسوب في: "المحتسب" (ع) ٢/ ٣٤٣، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ١٧٩، "الإنصاف" ص ٢٤٧، "شرح المفصل" ٨/ ٣١، "الممتع في التصريف" ٢/ ٦٢٧، "المقّرِب" ٨/ ٢٠٠، "رصف المباني" ص ١٤١، ٢٧٠، "الخزانة" ٩/ ٥٣٥، وفي الديوان وجميع المصادر - ما عدا "تفسير ابن =
(٢) ورد في "الحجة للقراء" ٥/ ٤١ بنصه، وانظر: "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٦.
(٣) للحادرة أو الحويدرة؛ واسمه قطبة بن أوس الذبياني (جاهلي).
(٤) "ديوان الحادرة" ص ٥٦، وورد في "المفضَّليات" ص ٤٦، "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧١، "علل القراءات" ١/ ٢٩٣، "شرح اختيارات المفضل" ١/ ٢٢٥، وورد بلا نسبة في "إعراب القراءات السبع" وعللها ١/ ٣٤٠وفيه: (سُخرتهم) بدل (لذتهم)، "المُنصف" (٣/ ١٢٩) وفيه: (ما أدراك)، وفي الديوان وجميع المصادر ما عدا علل القراءات بدايته برواية: (فَسُمَيَّ)، وهو تَرْخيم سُمَيَّة. (باكرتُ لذتهم) أسرعت إليهم لأمتعهم، (الأدكن المترع) الزِّق المليء بالخمر.
(٥) في جميع المصادر - ما عدا الديوان والزجاج والطوسي وابن الجوزي (فإنه).
(٦) "شرح أشعار الهذليين" ص ١٠٧٠، وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣١٦، "أمالي ابن الشجري" ٣/ ٤٨، إيضاح شواهد الإيضاح ١/ ٢٨٧، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٠، "الخزانة" ٩/ ٥٣٧، وورد غير منسوب في: "المحتسب" (ع) ٢/ ٣٤٣، "أمالي ابن الشجري" ٢/ ١٧٩، "الإنصاف" ص ٢٤٧، "شرح المفصل" ٨/ ٣١، "الممتع في التصريف" ٢/ ٦٢٧، "المقّرِب" ٨/ ٢٠٠، "رصف المباني" ص ١٤١، ٢٧٠، "الخزانة" ٩/ ٥٣٥، وفي الديوان وجميع المصادر - ما عدا "تفسير ابن =
535
والهيضل جماعة متسلِّحة، قال ويقولون: رُبَّتْ بسكون التاء، ورَبَّت بفتح الراء، ومثله: رَبَّ ورُبَمَا ورَبَّتَمَا، حكى ذلك قطرب (١)، قال أبو على: من الحروف ما دخل عليه حرف التأنيث نحو: ثُمَّ ثمَّت، ولا ولات (٢)، فأمّا معنى الآية فهو ما رواه أبو موسى أن النبيّ - ﷺ - قال: "إذا كان يوم القيامة واجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القلبة، قال الكفار لهم: ألستم مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ فيغضب الله لهم بفضل رحمته فيأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار فيخرجون منها فحينئذ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ وقرأ رسول الله - ﷺ - هذه الآية" (٣) وعلى هذا أكثر المفسرين؛ أبو
= الجوزي" و"المقرب" و"الرصف" و"الخزانة"- برواية (لَجِبٍ) بدل (مَرِسٍ) ولا يختلف المعنى. (زهير) مرخَّم زهيرة، وهي ابنته، (القذال) ما بين الأذن والقفا، (مَرِسٍ) ذو مَرَاسَة وشدة، (لَجِبٍ) من قولهم جيشٌ لجب؛ عرمرم، ذو جَلَبة وكثرة.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧١ بتصرف يسير.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ٤١ بنصمي
(٣) أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" ٢/ ٤٠٥ بنحوه، والطبري في "تفسيره" ١٤/ ٢ بنحوه، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٢٤٢ بنحوه، وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في "البعث" ص ٩١، وأورده ابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٦٠٠ - ٦٠١ وعزاه إلى الطبراني لم أقف عليه وابن أبي حاتم، وأوده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٤٥، قال وفيه خالد بيت نافع الأشعري، قال عنه أبو داود: متروك، وبقية رجاله ثقات، وأورده السيوطي في "الدر" ٤/ ١٧٢ وزاد نسبته إلى ابن مردويه، وورد دون سند في "تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٠، والفخر الرازي ١٩/ ١٥٤ وهذا الحديث يدور على خالد بن نافع الأشعري، وهو ضعيف بل قال عنه أبو داود متروك، ولم يوافق الذهبي على تركه، وقال: هذا تجاوز فلا يستحق =
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧١ بتصرف يسير.
(٢) "الحجة للقراء" ٥/ ٤١ بنصمي
(٣) أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" ٢/ ٤٠٥ بنحوه، والطبري في "تفسيره" ١٤/ ٢ بنحوه، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٢٤٢ بنحوه، وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في "البعث" ص ٩١، وأورده ابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٦٠٠ - ٦٠١ وعزاه إلى الطبراني لم أقف عليه وابن أبي حاتم، وأوده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٤٥، قال وفيه خالد بيت نافع الأشعري، قال عنه أبو داود: متروك، وبقية رجاله ثقات، وأورده السيوطي في "الدر" ٤/ ١٧٢ وزاد نسبته إلى ابن مردويه، وورد دون سند في "تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٠، والفخر الرازي ١٩/ ١٥٤ وهذا الحديث يدور على خالد بن نافع الأشعري، وهو ضعيف بل قال عنه أبو داود متروك، ولم يوافق الذهبي على تركه، وقال: هذا تجاوز فلا يستحق =
536
العالية ومجاهد والسدي ومقاتل وغيرهم، قالوا: أنزلت في تمني الكفار الإسلام عند خروج من يخرج من النار من أهل الإسلام (١)، قال حماد (٢): سألت إبراهيم عن هذه الآية فقال: إن الكفار يقولون لأهل التوحيد ما أغنى عنكم لا إله إلا الله، فيأمر الله الملائكة والنبيين فيشفعون لهم، فيخرجهم من النار (٣)، ونحو هذا قال ابن عباس في رواية عطاء (٤)، وروى مجاهد
= الترك وقد حدث عنه أحمد ومسدد "الميزان" ٢/ ١٦٦، ومع ذلك فالحديث ضعيف بهذا الإسناد؛ لضعف خالد الأشعري، لكن له شواهد عن ابن عباس وأنس رضي الله عنهما لذلك صحح الألباني الحديث في تحقيقه لكتاب "السنة" لابن أبي عاصم ٢/ ٤٠٦.
(١) "تفسير مجاهد" ص ٣٣٩ مختصرًا، وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٥ بنحوه عن مجاهد، والطبري ١٤/ ٣ بمعناه عن مجاهد وأبي العالية، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٧ عن مجاهد، "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٤ عن مجاهد وأبي العالية، "الطوسي" ٦/ ٣١٧ عن مجاهد، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨١ عن مجاهد وأبي العالية، وابن كثير ٢/ ٦٠٠ - ٦٠١ عن مجاهد وأبي العالية، ولم أقف على القول في تفسير مقاتل ولا منسوباً إليه ولا إلى السدي.
(٢) حمّاد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة، أحد الأعلام، ثقة عابد، روى عن قتادة وابن أبي مليكة وثابت، وروى عنه ابن المبارك ووكيع وابن مهدي، قال ابن معين: إذا رأيت من يقع فيه فاتهمه على الإسلام، مات سنة (١٦٧هـ)، "الجرح والتعديل" ٣/ ١٤٠، "الكاشف" ١/ ٣٤٩، "تقريب التهذيب" ص ١٧٨ رقم (١٤٩٩).
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٥ بنحوه، و"الطبري" ١٤/ ٥ بنصه وبنحوه بعدة روايات، وورد بنحوه في: "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٧، "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٤، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨١.
(٤) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" ص ٥٥٨، والطبري ١٤/ ٥، والبيهقي في البعث ص ٨٩، كلهم من طريق القاسم بن الفضل، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨١، "الدر المنثور" ٤/ ١٧٢ وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.
(١) "تفسير مجاهد" ص ٣٣٩ مختصرًا، وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٥ بنحوه عن مجاهد، والطبري ١٤/ ٣ بمعناه عن مجاهد وأبي العالية، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٧ عن مجاهد، "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٤ عن مجاهد وأبي العالية، "الطوسي" ٦/ ٣١٧ عن مجاهد، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨١ عن مجاهد وأبي العالية، وابن كثير ٢/ ٦٠٠ - ٦٠١ عن مجاهد وأبي العالية، ولم أقف على القول في تفسير مقاتل ولا منسوباً إليه ولا إلى السدي.
(٢) حمّاد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة، أحد الأعلام، ثقة عابد، روى عن قتادة وابن أبي مليكة وثابت، وروى عنه ابن المبارك ووكيع وابن مهدي، قال ابن معين: إذا رأيت من يقع فيه فاتهمه على الإسلام، مات سنة (١٦٧هـ)، "الجرح والتعديل" ٣/ ١٤٠، "الكاشف" ١/ ٣٤٩، "تقريب التهذيب" ص ١٧٨ رقم (١٤٩٩).
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٥ بنحوه، و"الطبري" ١٤/ ٥ بنصه وبنحوه بعدة روايات، وورد بنحوه في: "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٧، "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٤، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨١.
(٤) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" ص ٥٥٨، والطبري ١٤/ ٥، والبيهقي في البعث ص ٨٩، كلهم من طريق القاسم بن الفضل، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨١، "الدر المنثور" ٤/ ١٧٢ وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.
537
عن ابن عباس قال: مايزال (١) الله تعالى يرحم ويدخل الجنّة ويشفع حتى يقول: من كان من المسلمين فليدخل الجنة، قال فذلك حين يقول: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية (٢).
وقال الضحاك: إذا احتضر الكافر وعلم أنه صائر إلى جهنم ودَّ أنه كان مسلمًا (٣)، قال الزجاج: والذي أراه والله أعلم، أن الكافر لما رأى حالاً من أحوال العذاب ورأى حالاً من أحوال المسلم، ودَّ لو كان مسلمًا (٤). فإن قيل (رب) موضوعة للتقليل وهي في التقليل نظيرة (٥) (كم) في التكثير، وإذا قال الرجل: ربما زارنا فلان، دلّ بربما على تقليل الزيارة، وتمني الكافر الإسلام يكثر ويتصل فلا يشاكله ربما؟
قال ابن الأنباري: هذا الكلام معناه من الله التهديد، والمعنى: أن هذا لو كان مما يتمنى مرة واحدة من الدهر لكانت المسارعة إليه عند الإمكان واجبة، فكيف والتمني له يتصل ويكثر (٦)، وإنما خوطبت العرب
وقال الضحاك: إذا احتضر الكافر وعلم أنه صائر إلى جهنم ودَّ أنه كان مسلمًا (٣)، قال الزجاج: والذي أراه والله أعلم، أن الكافر لما رأى حالاً من أحوال العذاب ورأى حالاً من أحوال المسلم، ودَّ لو كان مسلمًا (٤). فإن قيل (رب) موضوعة للتقليل وهي في التقليل نظيرة (٥) (كم) في التكثير، وإذا قال الرجل: ربما زارنا فلان، دلّ بربما على تقليل الزيارة، وتمني الكافر الإسلام يكثر ويتصل فلا يشاكله ربما؟
قال ابن الأنباري: هذا الكلام معناه من الله التهديد، والمعنى: أن هذا لو كان مما يتمنى مرة واحدة من الدهر لكانت المسارعة إليه عند الإمكان واجبة، فكيف والتمني له يتصل ويكثر (٦)، وإنما خوطبت العرب
(١) في (أ)، (د): (ما أنزل)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح.
(٢) "أخرجه الطبري" ١٤/ ٥ بنصه، من طريق عطاء بن السائب "صحيحة"، وأورده الثعلبي ٢/ ١٤٥ ب بنصه، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٣٥١ وصححه، والبيهقي في "البعث والنشور" ص ٨٩ بنصه، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨١، الفخر الرازي ١٩/ ١٥٤، الشوكاني ٣/ ١٢٤ وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وهناد السريّ وابن المنذر.
(٣) "أخرجه الطبري" ١٤/ ٤ بنحوه، "تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٧، وابن الجوزي ٤/ ٣٨١، الفخر الرازي ١٩/ ١٥٤، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٢، والخازن ٣/ ٨٨.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٢ بنصه.
(٥) في الجميع: (نظره)، والمثبت هو الصحيح وبه يستقيم المعنى.
(٦) "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٢، وورد هذا المعنى في "تفسير الزمخشري" ٢/ ٣١٠، والبيضاوي ١/ ٢٦٧، وابن جزي ٢/ ١٤٣.
(٢) "أخرجه الطبري" ١٤/ ٥ بنصه، من طريق عطاء بن السائب "صحيحة"، وأورده الثعلبي ٢/ ١٤٥ ب بنصه، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٣٥١ وصححه، والبيهقي في "البعث والنشور" ص ٨٩ بنصه، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨١، الفخر الرازي ١٩/ ١٥٤، الشوكاني ٣/ ١٢٤ وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وهناد السريّ وابن المنذر.
(٣) "أخرجه الطبري" ١٤/ ٤ بنحوه، "تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٧، وابن الجوزي ٤/ ٣٨١، الفخر الرازي ١٩/ ١٥٤، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٢، والخازن ٣/ ٨٨.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٢ بنصه.
(٥) في الجميع: (نظره)، والمثبت هو الصحيح وبه يستقيم المعنى.
(٦) "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٢، وورد هذا المعنى في "تفسير الزمخشري" ٢/ ٣١٠، والبيضاوي ١/ ٢٦٧، وابن جزي ٢/ ١٤٣.
538
في القرآن بما تعقله، والرجل يتهدَّدُ صاحبه فيقول له: لعلك ستنْدَمُ على فعلك، وهو لا يشك في أنه يندم، ويقول: ربما تندم على هذا، وهو يعلم أنه يندم كثيرًا، ولكن مجازه أن هذا لو كان يخاف منه ندم قليل، لكان تركه واجبًا، فكيف إذا لم يتيقن قلة الندم من جهته؟ والدليل على أن هذا ورد في التهدد قوله بعده: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا﴾ الآية، وهذا كله معنى قول الزجاج، قال: وجائز أن تكون أهوال القيامة تشغلهم عن التَّمَنّي، فإذا أفاقوا من سكرةٍ من سكراتِ العذاب ودّوا ذلك (١)، وعبَّر بعض أهل المعاني عن هذين الجوابين بعبارة وجيزة؛ فقال في الجواب الأول: التقليل أبلغ في التهدد، كما يقول: ربما ندمت على هذا، وهو يعلم أنه يندم ندمًا طويلًا أي: يكفيك قليلُ الندم فكيف كثيرُهُ، وقال في الجواب الثاني: إنه يشغلهم العذاب عن تمني ذاك إلا في القليل (٢)، قال أبو إسحاق: ومن قال إن (رُبَّ) يُعْنَى بها الكثير، فهو ضد ما يعرفه أهل اللغة (٣).
٣ - قوله تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا﴾ يقول: دع الكفار يأخذوا حظوظهم من دنياهم، فتلك خلاقهم، ولاخلاق لهم في الآخرة، وقال صاحب النظم: المعنى ذرهم ولا تَدْعُ عليهم فيهلكوا (٤)، وإذا تركهم خاضوا ولعبوا وأكلوا وتمتعوا، وهذا كقوله: ﴿يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا﴾ [الزخرف: ٨٣].
٣ - قوله تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا﴾ يقول: دع الكفار يأخذوا حظوظهم من دنياهم، فتلك خلاقهم، ولاخلاق لهم في الآخرة، وقال صاحب النظم: المعنى ذرهم ولا تَدْعُ عليهم فيهلكوا (٤)، وإذا تركهم خاضوا ولعبوا وأكلوا وتمتعوا، وهذا كقوله: ﴿يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا﴾ [الزخرف: ٨٣].
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٢ بتصرف.
(٢) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٣، والخازن ٣/ ٨٨.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ بنصه.
(٤) وهو قول غريب لم أجد أحدًا من المفسرين قال به، ووجه الغرابة أنه ثبت دعاؤه على الكفار في بعض المناسبات.
(٢) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٣، والخازن ٣/ ٨٨.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ بنصه.
(٤) وهو قول غريب لم أجد أحدًا من المفسرين قال به، ووجه الغرابة أنه ثبت دعاؤه على الكفار في بعض المناسبات.
وقوله تعالى: ﴿وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ﴾ يقال: لَهِيتُ عن (١) الشيء ألْهَى لُهِيًّا (٢)، وجاء في الحديث: "إن ابن الزبير كان إذا سمع صوت الرعد لَهِي عن (٣) حديثه" (٤) قال الكسائي والأصمعي: أي تركه وأعرض عنه، وكلُّ شيء تركته فقد لَهِيْتَ عنه (٥)، وأنشد ابن الأعرابي:
ويقال: ألهاه الشيء، أي: شغله وأنساه وحمله على الترك والإعراض، قال المفسرون في قوله: ﴿وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ﴾ شغلهم الأمل عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة (٧)، ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ وعيدٌ وتهديدٌ، أي فسوف يعلمون إذا وردوا القيامة وبال ما صنعوا.
٤ - قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾ قال ابن عباس: يريد من أهل قرية (٨)، ﴿إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ يريد أجل ينتهون إليه، يعني: أن لأهل
صرَمَتْ حِبالَكَ فالْهَ عنها زَينبُ | ولَقَد أَطَلْتَ عِتَابَها لو تُعْتِب (٦) |
٤ - قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾ قال ابن عباس: يريد من أهل قرية (٨)، ﴿إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ يريد أجل ينتهون إليه، يعني: أن لأهل
(١) في جميع النسخ (من) والمثبت هو الصحيح وموافق لجميع المصادر.
(٢) "جمهرة اللغة" ٢/ ٩٩١، "تهذيب اللغة" (لهى) ٤/ ٣٣٠٤ "الصحاح" (لها) ٦/ ٢٤٨٨، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٤.
(٣) في جميع النسخ: (من)، والمثبت هو الصحيح وموافق لجميع المصادر.
(٤) لم أجده في كتب السنة، وورد في "تهذيب اللغة" (لهى) ٤/ ٣٣٠٤ بنصه، "الصحاح" (لها) ٦/ ٢٤٨٨، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٥.
(٥) المصادر السابقة.
(٦) ورد غير منسوب في "تهذيب اللغة" (لهى) ٤/ ٣٣٠٤، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٥.
(٧) ورد في "تفسير الطبري" ١٤/ ٥ بنحوه، والثعلبي ٢/ ١٤٥ ب بنصه، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٨، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٢، والفخرالرازي ١٩/ ١٥٥، والخازن ٣/ ٨٨.
(٨) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٤ بنصه، "تنوير المقباس" ص ٢٧٦، وورد بلا نسبة في "تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٩، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٢.
(٢) "جمهرة اللغة" ٢/ ٩٩١، "تهذيب اللغة" (لهى) ٤/ ٣٣٠٤ "الصحاح" (لها) ٦/ ٢٤٨٨، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٤.
(٣) في جميع النسخ: (من)، والمثبت هو الصحيح وموافق لجميع المصادر.
(٤) لم أجده في كتب السنة، وورد في "تهذيب اللغة" (لهى) ٤/ ٣٣٠٤ بنصه، "الصحاح" (لها) ٦/ ٢٤٨٨، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٥.
(٥) المصادر السابقة.
(٦) ورد غير منسوب في "تهذيب اللغة" (لهى) ٤/ ٣٣٠٤، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٥.
(٧) ورد في "تفسير الطبري" ١٤/ ٥ بنحوه، والثعلبي ٢/ ١٤٥ ب بنصه، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٨، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٢، والفخرالرازي ١٩/ ١٥٥، والخازن ٣/ ٨٨.
(٨) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٤ بنصه، "تنوير المقباس" ص ٢٧٦، وورد بلا نسبة في "تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٩، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٢.
كل قرية أجلًا مؤقتًا قد كتب لهم، لا نهلكهم حتى يبلغوه، نزلت هذه الآية حين استعجلوه بالعذاب (١)، ألا ترى أن بعد هذه الآية لمحوله: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا﴾ الآية.
قال الفراء: لو لم يكن في (ولها) الواو كان صوابًا، كما قال في موضع آخر، ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] وهو كما تقول في الكلام: ما رأيت أحدًا إلا وعليه ثياب، وإن شئت: إلا عليه ثياب (٢).
قال صاحب النظم: والفرق بينهما أن دخول الواو يقلب حال ما بعدها إلى الابتداء، وخروجها منه يدل على أن ما بعدها في موضع حال، اعتبارًا بقولك: ما أهلكنا من قرية إلا ظالمًا أهلها، فيكون نصبًا على الحال، فإذا دخلت الواو قلت: إلا وأهلها ظالمون، فقلبت الواوُ الحالَ (٣) إلى أن جعلتها مبتدأة، فانقلبت رفعًا عن النصب، وهذا فرق من حيث اللفظ، والمعنى واحد، أثبتَّ الواو أو حذفتَها.
٥ - قوله تعالى: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ﴾ (من) زائدة مؤكدة كقولك: ما جاءني من أحد، ﴿أَجَلَهَا﴾: ما ضرب لها من الوقت، قال ابن عباس: يريد ما تتقدم الوقت الذي وُقت لها، ﴿وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾: لا يتأخرون عنه، وهذا كقوله: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ [الأعراف: ٣٤] وقد مرَّ.
قال صاحب النظم: معنى سَبَقَ إذا كان واقعًا على شخص، جاز
قال الفراء: لو لم يكن في (ولها) الواو كان صوابًا، كما قال في موضع آخر، ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] وهو كما تقول في الكلام: ما رأيت أحدًا إلا وعليه ثياب، وإن شئت: إلا عليه ثياب (٢).
قال صاحب النظم: والفرق بينهما أن دخول الواو يقلب حال ما بعدها إلى الابتداء، وخروجها منه يدل على أن ما بعدها في موضع حال، اعتبارًا بقولك: ما أهلكنا من قرية إلا ظالمًا أهلها، فيكون نصبًا على الحال، فإذا دخلت الواو قلت: إلا وأهلها ظالمون، فقلبت الواوُ الحالَ (٣) إلى أن جعلتها مبتدأة، فانقلبت رفعًا عن النصب، وهذا فرق من حيث اللفظ، والمعنى واحد، أثبتَّ الواو أو حذفتَها.
٥ - قوله تعالى: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ﴾ (من) زائدة مؤكدة كقولك: ما جاءني من أحد، ﴿أَجَلَهَا﴾: ما ضرب لها من الوقت، قال ابن عباس: يريد ما تتقدم الوقت الذي وُقت لها، ﴿وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾: لا يتأخرون عنه، وهذا كقوله: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ [الأعراف: ٣٤] وقد مرَّ.
قال صاحب النظم: معنى سَبَقَ إذا كان واقعًا على شخص، جاز
(١) لم يورده المؤلف في كتابه "أسباب النزول" ولم أقف عليه في كتب الفن أو التفاسير.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢٨٣ بنصه.
(٣) ساقطة من (د).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢٨٣ بنصه.
(٣) ساقطة من (د).
وخَلّف، كقولك: سبق زيدٌ عمرًا، أي جاره وخلّفه وراءه فاستأخر، معناه قصر عنه ولم يبلغه، وإذا كان واقعًا على زمان كان بالعكس من هذا؛ كقولك: سبق فلانٌ الحولَ وعامَ كذا، أي مضى قبل إتيانه ولم يبلغه، ومعنى: استأخر عنه، أي: جارُه وخلّفه وراءه، فقوله: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا﴾ أي لا تقصر عنه فلا تبلغه؛ بأن تهلك قبل بلوغ الأجل ﴿وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ أي ما يتجاوزونه ويتأخر الأجل عنهم.
وقال الفراء في هذه الآية: لم يقل: تستأخر؛ لأن الأمة لفظها مؤنث، فأخرج أول الكلام على تأنيثها وآخره على معنى الرجال (١)، قال الكسائي: رجع إلى الجماع لأنه رأس آية، والآيات على النون، وتقول: انطلقت العشيرة ففعلت، وفعلوا، كلٌّ صواب (٢).
٦ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ أي: القرآن، قال ابن عباس في رواية عطاء: هذا استهزاء منهم لو أيقنوا أنه نزل عليه الذكر ما قالوا: إنك لمجنون (٣)، ولكنهم استهزؤوا، كما قال قوم شعيب لشعيب: ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ [هود: ٨٧]. وذكر أبو علي وجهًا آخر هو لأصحاب المعاني فقال: الذين يقولون للنبيّ - ﷺ - مجنون لا يقرون بإنزال الذكر عليه، فهذا على ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾: عنده وعند من تبعه، كما قال تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩]
وقال الفراء في هذه الآية: لم يقل: تستأخر؛ لأن الأمة لفظها مؤنث، فأخرج أول الكلام على تأنيثها وآخره على معنى الرجال (١)، قال الكسائي: رجع إلى الجماع لأنه رأس آية، والآيات على النون، وتقول: انطلقت العشيرة ففعلت، وفعلوا، كلٌّ صواب (٢).
٦ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ أي: القرآن، قال ابن عباس في رواية عطاء: هذا استهزاء منهم لو أيقنوا أنه نزل عليه الذكر ما قالوا: إنك لمجنون (٣)، ولكنهم استهزؤوا، كما قال قوم شعيب لشعيب: ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ [هود: ٨٧]. وذكر أبو علي وجهًا آخر هو لأصحاب المعاني فقال: الذين يقولون للنبيّ - ﷺ - مجنون لا يقرون بإنزال الذكر عليه، فهذا على ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾: عنده وعند من تبعه، كما قال تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩]
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٤ بنصه.
(٢) لم أقف على قوله.
(٣) "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٣، وورد بمعناه غير منسوب في "تفسير البيغوي" ٤/ ٣٦٩، والزمخشري ٢/ ٣١٠، والفخر الرازي ١٩/ ١٥٨، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٤.
(٢) لم أقف على قوله.
(٣) "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٣، وورد بمعناه غير منسوب في "تفسير البيغوي" ٤/ ٣٦٩، والزمخشري ٢/ ٣١٠، والفخر الرازي ١٩/ ١٥٨، و"تفسير القرطبي" ٩/ ٤.
542
أي عند نفسك، وكما أخبر عن السحرة، ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾ [الزخرف: ٤٩] ومن آمن من السحرة لا يعتقدون فيه أنه ساحر، وإنما التقدير (١) فيما يذهب إليه فرعون وقومه، أو فيما يظهرون من ذلك، وقد قال زهرة اليمن (٢):
(وأجابه جرير:
يعني: عند نفسك، لا أنه سَلَّم (٦) له هذه التسمية.
أبْلِغْ كُلَيْبًا وأَبْلِغْ عَنْك شَاعِرَها | أنَّي الأغَرُّ وأنِّي زهرةُ اليَمَنِ (٣) |
ألَمْ يَكُنْ في وُسُومٍ قد وَسَمْتُ بِهَا | مَنْ حانَ موعظةً يازهرةَ اليَمنِ) (٤) (٥) |
(١) من قوله: (ادع لنا ربك) حتى هذا الموضع، ساقط من (أ)، (د).
(٢) وفي الخصائص أنه لبعض اليمانية، ولم أقف عليه.
(٣) ورد البيت في "المسائل الحلبية" ص ٨٢، ١٦١، "الخصائص" ٢/ ٤٦١، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٠٥، "تفسير ابن عطية" ١٣/ ٢٨٧، أبي حيان ٨/ ٤٠، "الدر المصون" ٩/ ٦٢٩، وبلا نسبة في "المسائل العسكرية" ص ٩٤.
(٤) "ديوان جرير" ص ٤٦٧، وليس فيه الشاهد لأنه برواية (ياحارث اليمن)، وورد في "المسائل الحلبية" ص ٨٢، ١٦٢، "المسائل العسكرية" ص ٩٤، "الخصائص" ٢/ ٤٦١، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٠٥، "تفسير ابن عطية" ١٣/ ٢٨٧، أبي حيان ٨/ ٤٠، "الدر المصون" ٩/ ٦٢٩، وفي الأخيرين برواية (كان) بدل (حان)، (وسوم) جمع وسم، وهو أثر الكي بالنار، والمراد الأثر السيء الناتج عن هجائه، (حان) أي هلك. ومعناه: ألم تكن لك موعظة في الشعر الذي هجوتك به من قبل فكان كالنار التي أكويك بها وأقضي عليك يا من تسمي نفسك زهرة اليمن، والشاهد: قوله: (يا زهرة اليمن) أي: يا من سمى نفسه زهرة اليمن، ولست عندي كذلك.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).
(٦) في جميع النسخ: (سلمه) وقد أدى إلى اضطراب المعنى، والمثبت هو الصحيح، ولعله من تصحيف النساخ.
(٢) وفي الخصائص أنه لبعض اليمانية، ولم أقف عليه.
(٣) ورد البيت في "المسائل الحلبية" ص ٨٢، ١٦١، "الخصائص" ٢/ ٤٦١، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٠٥، "تفسير ابن عطية" ١٣/ ٢٨٧، أبي حيان ٨/ ٤٠، "الدر المصون" ٩/ ٦٢٩، وبلا نسبة في "المسائل العسكرية" ص ٩٤.
(٤) "ديوان جرير" ص ٤٦٧، وليس فيه الشاهد لأنه برواية (ياحارث اليمن)، وورد في "المسائل الحلبية" ص ٨٢، ١٦٢، "المسائل العسكرية" ص ٩٤، "الخصائص" ٢/ ٤٦١، "سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٠٥، "تفسير ابن عطية" ١٣/ ٢٨٧، أبي حيان ٨/ ٤٠، "الدر المصون" ٩/ ٦٢٩، وفي الأخيرين برواية (كان) بدل (حان)، (وسوم) جمع وسم، وهو أثر الكي بالنار، والمراد الأثر السيء الناتج عن هجائه، (حان) أي هلك. ومعناه: ألم تكن لك موعظة في الشعر الذي هجوتك به من قبل فكان كالنار التي أكويك بها وأقضي عليك يا من تسمي نفسك زهرة اليمن، والشاهد: قوله: (يا زهرة اليمن) أي: يا من سمى نفسه زهرة اليمن، ولست عندي كذلك.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).
(٦) في جميع النسخ: (سلمه) وقد أدى إلى اضطراب المعنى، والمثبت هو الصحيح، ولعله من تصحيف النساخ.
543
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ يقال: جُنّ فلان فهو مجنون، وقد أجَنّه الله، وبه جنون وجِنّة ومَجِنّة، وأصله من الستر، ومنه قيل للنبت الملتف مجنون؛ لأن بعضَه يستر بعضًا (١)، وهذا الحرف مذكور فيما سبق.
٧ - وقوله تعالى: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ قال الفراء والزجاج: (لولا) و (لوما) لغتان معناهما: هلا (٢)، وذمنا الكلام في (لولا) قبل هذا، و (لوما) لغة فيه، ويستعملان في الخبر والاستفهام، فالخبرُ مِثلُ قولِك: لولا أنت لفعلت كذا، ومنه قوله: ﴿لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٣١] والاستفهام كقوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٨] وكهذه الآية، هذا قول الفراء، قال: (ولوما) الميم فيه بدل من اللام في (لولا)، ومثله: استولى على الشيء، واستومى عليه (٣)، ومثله ماحكاه الأصمعي من قولهم: خالَمْته وخالَلْتُه، إذا صادقته، وهو خِلِّي وخِلْمي (٤)، وقال عبيد:
٧ - وقوله تعالى: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ قال الفراء والزجاج: (لولا) و (لوما) لغتان معناهما: هلا (٢)، وذمنا الكلام في (لولا) قبل هذا، و (لوما) لغة فيه، ويستعملان في الخبر والاستفهام، فالخبرُ مِثلُ قولِك: لولا أنت لفعلت كذا، ومنه قوله: ﴿لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٣١] والاستفهام كقوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٨] وكهذه الآية، هذا قول الفراء، قال: (ولوما) الميم فيه بدل من اللام في (لولا)، ومثله: استولى على الشيء، واستومى عليه (٣)، ومثله ماحكاه الأصمعي من قولهم: خالَمْته وخالَلْتُه، إذا صادقته، وهو خِلِّي وخِلْمي (٤)، وقال عبيد:
لَوْمَا على حُجْرِابْنِ أُم | قَطَامِ تَبْكِي لا عَلَيْنا (٥) |
(١) "جمهرة اللغة" ١/ ٩٢، و (جنن) في: "لمحيط في اللغة" ٦/ ٤٠٩، "الصحاح" ٥/ ٢٠٩٣.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٤ بنحوه، "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ بمعناه، وانظر: "معاني الحروف" للرماني ص ١٢٤.
(٣) لم أقف على مصدره، وورد في "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٩، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٤.
(٤) ورد في "تهذيب اللغة" (ولي) ٤/ ٣٩٥٨ بنصه، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٩، "اللسان" (ولي) ٨/ ٤٩٢٤، "الدر المصون" ٧/ ١٤٤.
(٥) ورد في: "الشعر والشعراء" ص ١٦٦، و"الأغاني" ٢٢/ ٨٨ برواية ليس فيها الشاهد، وهي:
هلاَّ على حُجرِ ابن أُمِ.... قَطَامِ تبكي لا علينا
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٤ بنحوه، "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ بمعناه، وانظر: "معاني الحروف" للرماني ص ١٢٤.
(٣) لم أقف على مصدره، وورد في "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٩، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٤.
(٤) ورد في "تهذيب اللغة" (ولي) ٤/ ٣٩٥٨ بنصه، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٩، "اللسان" (ولي) ٨/ ٤٩٢٤، "الدر المصون" ٧/ ١٤٤.
(٥) ورد في: "الشعر والشعراء" ص ١٦٦، و"الأغاني" ٢٢/ ٨٨ برواية ليس فيها الشاهد، وهي:
هلاَّ على حُجرِ ابن أُمِ.... قَطَامِ تبكي لا علينا
وهذا في الاستفهام، وقال ابن مقبل في الخبر:
قال ابن عباس: يريد لولا (٢) جئتنا بالملائكة حتى نصدقك (٣).
٨ - قوله تعالى: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقّ﴾ هذا جواب لقولهم: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ يقول الله تعالى: ما ننزل الملائكة إلا بالعذاب، قاله ابن عباس (٤)، وقال أبو إسحاق: أي: إنما (٥) تنزل بآجال أو بوحي من الله (٦)، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ الآية [الأنعام: ٨]
لَوْ مَا الحياءُ ولَوْ مَا الدّينُ عِبْتُكُمَا | بِبَعْضِ ما فيكُمَا إِذْ عِبْتُما عَوَرِي (١) |
٨ - قوله تعالى: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقّ﴾ هذا جواب لقولهم: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ يقول الله تعالى: ما ننزل الملائكة إلا بالعذاب، قاله ابن عباس (٤)، وقال أبو إسحاق: أي: إنما (٥) تنزل بآجال أو بوحي من الله (٦)، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ الآية [الأنعام: ٨]
= وورد بهذه الرواية البيت في"تهذيب اللغة" (ولي) ٤/ ٣٩٥٨، "اللسان" (ولي) ٨/ ٤٩٢٤.
(١) "ديوانه" ص ٧٦ وفيه: (لولا) بدل (لو ما) في المرتين، وليس في رواية الديوان الشاهد، وورد في "مجاز القرآن" ١/ ٣٤٦، و"تفسير الطبري" ١٤/ ٦، والثعلبي ٢/ ١٤٥ ب، والطوسي ٦/ ٣١٩، والزمخشري (٢/ ٣١٠، وابن عطية ٨/ ٢٨٣، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٣، و"تفسير القرطبي" ١/ ٤، "اللسان" (بعض) ١/ ٣١٣، وفي جميع النسخ (فوري) بدل (عوري) ولم يظهر لي المعنى به، ولعلها تصحفت، خاصة أنه في الديوان وجميع المصادر (عوري).
(٢) (يريد لولا) ساقط من (أ)، (د).
(٣) "تنوير المقباس" ص ٢٧٦ بمعناه، وورد غير منسوب بمعناه في "تفسير الطبري" ١٤/ ٧. "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٩، والزمخشري ٢/ ٣١٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٣.
(٤) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٤ بمعناه، "تنوير المقباس" ص ٢٧٦ بمعناه، وورد غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٩، والخازن ٣/ ٨٩.
(٥) في جميع النسخ: (ما إن)، والتصويب من المصدر.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ نصه.
(١) "ديوانه" ص ٧٦ وفيه: (لولا) بدل (لو ما) في المرتين، وليس في رواية الديوان الشاهد، وورد في "مجاز القرآن" ١/ ٣٤٦، و"تفسير الطبري" ١٤/ ٦، والثعلبي ٢/ ١٤٥ ب، والطوسي ٦/ ٣١٩، والزمخشري (٢/ ٣١٠، وابن عطية ٨/ ٢٨٣، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٣، و"تفسير القرطبي" ١/ ٤، "اللسان" (بعض) ١/ ٣١٣، وفي جميع النسخ (فوري) بدل (عوري) ولم يظهر لي المعنى به، ولعلها تصحفت، خاصة أنه في الديوان وجميع المصادر (عوري).
(٢) (يريد لولا) ساقط من (أ)، (د).
(٣) "تنوير المقباس" ص ٢٧٦ بمعناه، وورد غير منسوب بمعناه في "تفسير الطبري" ١٤/ ٧. "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٩، والزمخشري ٢/ ٣١٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٣.
(٤) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٤ بمعناه، "تنوير المقباس" ص ٢٧٦ بمعناه، وورد غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٩، والخازن ٣/ ٨٩.
(٥) في جميع النسخ: (ما إن)، والتصويب من المصدر.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ نصه.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد إذا نزلت الملائكة لم يناظروا؛ أي: لم يمهلوا (١)، ونحوه قال الزجاج: أي: لو نزلت الملائكة لم ينظروا، وانقطعت التوبات (٢)، يريد أن التكليف يزول ويسقط عند عَيان الغيب.
وقال صاحب النظم: أي: إذا نزل الملك وجب العذاب من غير تأخير ولا انتظار إذا لم يؤمنوا، وذلك أن تأويل (إذا) من كلمتين من (إذ) وهو اسم بمنزلة حين، ألا ترى أنك تقول: أتيتك إذ جئتني، ثم ضم إليها (أن) بضم إذ أن، إلا أنهم استثقلوا الهمزة فحذفوها، ومجيء (أن) دليل على إضمار فعل بعده على تأويل: وما كانوا إذ أن كان ما طلبوا (٣)، وذكرنا الكلام في (إذًا) عند قوله: ﴿فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ﴾ (٤) [النساء: ٥٣]
٩ - قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا﴾ قال ابن عباس: يريد نفسه تبارك وتعالى.
قال أهل اللغة: هذا من كلام الملوك؛ الواحد منهم إذا فعل شيئًا قال: نحن فعلنا، يريد نفسه وأتباعه، ثم صار هذا عادة للملوك في الخطاب، وإن انفرد بفعل الشيء قال: نحن فعلنا، فخوطبت العرب بما
وقال صاحب النظم: أي: إذا نزل الملك وجب العذاب من غير تأخير ولا انتظار إذا لم يؤمنوا، وذلك أن تأويل (إذا) من كلمتين من (إذ) وهو اسم بمنزلة حين، ألا ترى أنك تقول: أتيتك إذ جئتني، ثم ضم إليها (أن) بضم إذ أن، إلا أنهم استثقلوا الهمزة فحذفوها، ومجيء (أن) دليل على إضمار فعل بعده على تأويل: وما كانوا إذ أن كان ما طلبوا (٣)، وذكرنا الكلام في (إذًا) عند قوله: ﴿فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ﴾ (٤) [النساء: ٥٣]
٩ - قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا﴾ قال ابن عباس: يريد نفسه تبارك وتعالى.
قال أهل اللغة: هذا من كلام الملوك؛ الواحد منهم إذا فعل شيئًا قال: نحن فعلنا، يريد نفسه وأتباعه، ثم صار هذا عادة للملوك في الخطاب، وإن انفرد بفعل الشيء قال: نحن فعلنا، فخوطبت العرب بما
(١) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٥ بنصه، "تنوير المقباس" ص ٢٧٦ بمعناه، وغير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، والماوردي ٣/ ١٤٩، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٦٩، والزمخشري ٢/ ٣١١، وابن عطية ٨/ ٢٨٤، والفخر الرازي ١٩/ ١٥٩، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٤، والخازن ٣/ ٨٩.
(٢) "معاني القرآن واعرابه" ٣/ ١٧٣ بنصه.
(٣) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٩، وصديق خان ٧/ ١٤٨.
(٤) انظر: "البسيط"، [النساء: ٥٣] ومن آية [٤٢]، إلى أثناء آية [٥٣] ساقط من النسخ، والكلام عن (إذاً) من الجزء الساقط.
(٢) "معاني القرآن واعرابه" ٣/ ١٧٣ بنصه.
(٣) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٥٩، وصديق خان ٧/ ١٤٨.
(٤) انظر: "البسيط"، [النساء: ٥٣] ومن آية [٤٢]، إلى أثناء آية [٥٣] ساقط من النسخ، والكلام عن (إذاً) من الجزء الساقط.
546
تفعل من كلامها (١).
وقوله تعالى: ﴿نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ يعني القرآن في قول عامة المفسرين (٢) ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ قال قتادة: أنزله الله وحفظه من أن يزيد الشيطان فيه باطلاً أو يسقط منه حقًا (٣).
ونحو هذا قال أبو إسحاق: أن يحفظ من أن يقع فيه زيادة أونقصان، كما قال عز وجل: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ (٤) [فصلت: ٤٢]
فإن قيل: لم اشتغلت الصحابة بجمع القرآن في الصحف، وقد وعد الله حفظه، وما حفظه الله (٥) فلا خوف عليه؟
الجواب أن يقال: جَمْعُهم للقرآن كان من أسباب حفظ الله إياه، ولما أراد حفظه قيضهم لذلك، وقال ابن الأنباري: إنهم أرادوا تسهيل القرآن على الناس وتقريب مطلبه بالذي فعلوه، لكي يَسْهُلَ تناولُه على من أراد حفظه وقراءته إذا رأه مجموعًا في صحيفة، ولو لم يفعلوا ما كان يضيع إذ (٦) ضمِن الله حفظه.
وقوله تعالى: ﴿نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ يعني القرآن في قول عامة المفسرين (٢) ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ قال قتادة: أنزله الله وحفظه من أن يزيد الشيطان فيه باطلاً أو يسقط منه حقًا (٣).
ونحو هذا قال أبو إسحاق: أن يحفظ من أن يقع فيه زيادة أونقصان، كما قال عز وجل: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ (٤) [فصلت: ٤٢]
فإن قيل: لم اشتغلت الصحابة بجمع القرآن في الصحف، وقد وعد الله حفظه، وما حفظه الله (٥) فلا خوف عليه؟
الجواب أن يقال: جَمْعُهم للقرآن كان من أسباب حفظ الله إياه، ولما أراد حفظه قيضهم لذلك، وقال ابن الأنباري: إنهم أرادوا تسهيل القرآن على الناس وتقريب مطلبه بالذي فعلوه، لكي يَسْهُلَ تناولُه على من أراد حفظه وقراءته إذا رأه مجموعًا في صحيفة، ولو لم يفعلوا ما كان يضيع إذ (٦) ضمِن الله حفظه.
(١) "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٤.
(٢) ورد بنصه في: "تفسير الطبري" ١٤/ ٧، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، والماوردي ٣/ ١٤٩، و"تفسير البغوي" ٣/ ٤٤، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٤.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٥ بنصه، والطبري ١٤/ ٨ بنصه، وورد بنصه تقريبًا في: "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، والطوسي ٦/ ٣٢٠، والماوردي ٣/ ١٤٩، وانظر: و"تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٤، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٥، و"الدر المنثور" ٤/ ١٧٥ وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ بنصه.
(٥) (وما حفظه الله) ساقط من (أ)، (د) والمثبت من (ش)، (ع).
(٦) في (أ)، (د): (إن)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح.
(٢) ورد بنصه في: "تفسير الطبري" ١٤/ ٧، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، والماوردي ٣/ ١٤٩، و"تفسير البغوي" ٣/ ٤٤، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٤.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٥ بنصه، والطبري ١٤/ ٨ بنصه، وورد بنصه تقريبًا في: "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، والطوسي ٦/ ٣٢٠، والماوردي ٣/ ١٤٩، وانظر: و"تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٤، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٥، و"الدر المنثور" ٤/ ١٧٥ وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ بنصه.
(٥) (وما حفظه الله) ساقط من (أ)، (د) والمثبت من (ش)، (ع).
(٦) في (أ)، (د): (إن)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح.
547
قال أصحابنا: هذه الآية دلالة قوية على كون التسمية آية من كل سورة (١)؛ لأن الله تعالى قد وعد حفظ القرآن، وحقيقة حفظه أن يحفظه من الزيادة والنقصان على ما بَيَّنا، فمن لم يجعل التسمية من القرآن لم يجعل القرآن محفوظًا عن الزيادة، ولو جاز أن يُظنَّ بالصحابة أنهم زادوا التسمية جاز أن يظن بهم النقصان أيضًا، وهذا يؤدي إلى الإلحاد، وحكى الفراء جواز رجوع الكناية في (له) إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- المعنى: وإنا لمحمد حافظون (٢).
قال ابن الأنباري: ولمّا ذَكر الإنزالَ والمُنزَلَ دلَّ ذلك على المُنزَلِ عليه، فكنّى عنه كما كنّى عن القرآن في قوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١] من غير أن يتقدم ذكرُه لمثل هذه العلة، وقال: والقول الأول هو أوضح القولين، وأحسنها مشابهة لظاهر التنزيل، والله أعلم.
قال ابن الأنباري: ولمّا ذَكر الإنزالَ والمُنزَلَ دلَّ ذلك على المُنزَلِ عليه، فكنّى عنه كما كنّى عن القرآن في قوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١] من غير أن يتقدم ذكرُه لمثل هذه العلة، وقال: والقول الأول هو أوضح القولين، وأحسنها مشابهة لظاهر التنزيل، والله أعلم.
(١) بين العلماء في مسألة البسملة اتفاق واختلاف، اتفقوا جميعاً على أنها جزء من آية سورة النمل، واختلفوا هل هي آية من الفاتحة ومن كل سورة أم لا؟ على ثلاثة أقوال؛ طرفان ووسط: فذهب الحنفية إلى أنها آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور، وليست من الفاتحة، وذهب المالكية إلى أنها ليست آية لا من الفاتحة ولا من بداية السور، وذهب الشافعية إلى أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة، وهو ما أشار إليه الواحدي رحمه الله، واختلفت الرواية عن أحمد؛ فرويت عنه الأقوال الثلاثة كما في "المغني" ٢/ ١٥١ - ١٥٢، وما ذكره الحنفية أرجح وتجتمع عنده الأدلة. انظر: تفصيل المسألة مع أدلة كل فريق في: "تفسير الجصاص" ١/ ٨، وابن العربي ١/ ٢، والفخر الرازي ١/ ١٩٤، و"تفسير القرطبي" ١/ ٩٣، والألوسي ١/ ٣٩، "تفسير آيات الأحكام" للصابوني ١/ ٤٧.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٥ بنصه، انظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ٧، والسمرقندي ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٥ بنصه، انظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ٧، والسمرقندي ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠.
548
١٠ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ﴾ أي رسلاً، فحُذف لدلالة الإرسال عليه، ﴿فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد في الأمم الأولين (١)، ونحوه قال قتادة (٢) في تفسير الشيع، وقال الحسن والكلبي: فرق (٣)، واختاره الزجاج (٤)، قال الفراء: الشيع: التُبَّاع، واحدهم شيعة، وشيعة الرجل أتباعه، والشيعة الأمة التابعة بعضهم بعضًا فيما يجتمعون عليه من أمر (٥)، وذكرنا الكلام هذ الحرف عند قوله: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ [الأنعام: ٦٥] قال الفراء: وقوله: ﴿شِيَعِ الْأَوَّلِينَ﴾ إضافة الشيء إلى نفسه كقوله: ﴿حَقُّ الْيَقِينِ﴾ (٦) [الواقعة: ٩٥].
(١) "أخرجه الطبري" ١٤/ ٨ بلفظه، من طريق علي بن أبي طلحة أصح الطرق، وورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٥ ب بنحوه، والطوسي ٦/ ٣٢٠ بنحوه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٧٥ وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، وورد بلا نسبة في "تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، والفخر الرازي ١٩/ ١٦٢.
(٢) "أخرجه الطبري" ١٤/ ٨ بلفظه، وورد في الثعلبي ٢/ ١٤٥ب بلفظه، والطوسي ٦/ ٣٢٠ بنحوه، وورد غير منسوب في "تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٢.
(٣) ورد منسوباً إلى الحسن فقط في: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٥ ب بلفظه، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٦، ونسب إلى الحسن والكلبي في: تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٥، والألوسي ١٤/ ١٧.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ بلفظه.
(٥) لم أجده في معانيه، وورد بنحوه منسوباً إلى الفراء: تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٥، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٥، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٢، الخازن ٣/ ٩٠، الشوكاني ٣/ ١٧٥، صديق خان ٧/ ١٥٠، "تهذيب اللغة" (شاع) ٢/ ١٨٠٧، و (شيع) في: "المحكم" ٢/ ١٥٤، و"المصباح" ١/ ٣٩٠.
(٦) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٦٢، و"تفسير أي حيان" ٥/ ٤٤٧، والثعلبي ٢/ ٢٠٨.
(٢) "أخرجه الطبري" ١٤/ ٨ بلفظه، وورد في الثعلبي ٢/ ١٤٥ب بلفظه، والطوسي ٦/ ٣٢٠ بنحوه، وورد غير منسوب في "تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٢.
(٣) ورد منسوباً إلى الحسن فقط في: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٥ ب بلفظه، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٦، ونسب إلى الحسن والكلبي في: تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٥، والألوسي ١٤/ ١٧.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ بلفظه.
(٥) لم أجده في معانيه، وورد بنحوه منسوباً إلى الفراء: تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٤٥، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٥، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٢، الخازن ٣/ ٩٠، الشوكاني ٣/ ١٧٥، صديق خان ٧/ ١٥٠، "تهذيب اللغة" (شاع) ٢/ ١٨٠٧، و (شيع) في: "المحكم" ٢/ ١٥٤، و"المصباح" ١/ ٣٩٠.
(٦) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٦٢، و"تفسير أي حيان" ٥/ ٤٤٧، والثعلبي ٢/ ٢٠٨.
١١ - قوله تعالى: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ قال ابن عباس: يُعَزِّي نبيه -صلى الله عليه وسلم- ويُصَبِّره (١)، يريد كما استَهزأ بك قومك بعد طول إكرامهم لك، قال أهل المعاني: وإنما حمل الأمم على الاستهزاء استبعاد ما دُعوا إليه، والاستيحاش منه والاستنكار له، حتى توهموا أنه مما لا يكون ولا يصح مع مخالفته لِما كان عليه الأسلاف (٢)؛ وذلك أنهم تعجلوا الراحة بإسقاط النظرِ عن أنفسهم، والتفكرِ فيما أورده الرسول من المعجزات ليدلهم على الحق، وفي هذه الآية دليل على أن كلَّ واحدٍ من الرسل كان مبتلى بطائفة من المشركين، وما خلصت لرسولٍ دعوةً من الاستهزاء والتكبر.
١٢ - قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾، السَلْكُ إدخال الشيء في الشيء، كإدخال الخيط في المخيط، والرمح في المطعون (٣).
وقال الليث: الله يَسْلُكُ الكفارَ في جهنم؛ أي يدخلهم فيها (٤)، ومن هذا قوله ﴿مَا سَلَكَكُمْ﴾ [المدثر: ٤٢] وكل شيء أدخلته في شيء فقد سَلَكْتَه فيه، قال عديّ:
١٢ - قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾، السَلْكُ إدخال الشيء في الشيء، كإدخال الخيط في المخيط، والرمح في المطعون (٣).
وقال الليث: الله يَسْلُكُ الكفارَ في جهنم؛ أي يدخلهم فيها (٤)، ومن هذا قوله ﴿مَا سَلَكَكُمْ﴾ [المدثر: ٤٢] وكل شيء أدخلته في شيء فقد سَلَكْتَه فيه، قال عديّ:
(١) ورد غير منسوب في: "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٥ ب بلفظه، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٧.
(٢) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢١ بنصه تقريباً.
(٣) انظر: (سلك) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٣٨، و"الصحاح" ٤/ ١٥٩١، و"اللسان" ٤/ ٢٠٧٣.
وانظر: "تفسير الزمخشري" ٢/ ٣١١، الرازي ١٩/ ١٦٢، القرطبي ١٠/ ٧، البيضاوي ١/ ٢٦٧، الخازن ٣/ ٩٠، "الدر المصون" ٧/ ١٤٨.
(٤) ورد في "تهذيب اللغة" (سلك) ٢/ ١٧٣٩ بنصه.
(٢) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢١ بنصه تقريباً.
(٣) انظر: (سلك) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٣٨، و"الصحاح" ٤/ ١٥٩١، و"اللسان" ٤/ ٢٠٧٣.
وانظر: "تفسير الزمخشري" ٢/ ٣١١، الرازي ١٩/ ١٦٢، القرطبي ١٠/ ٧، البيضاوي ١/ ٢٦٧، الخازن ٣/ ٩٠، "الدر المصون" ٧/ ١٤٨.
(٤) ورد في "تهذيب اللغة" (سلك) ٢/ ١٧٣٩ بنصه.
550
وكُنْتُ لِزَازَ خَصْمِكَ لَمْ أُعَرِّدْ | وَقَدْ سَلَكوكَ في يَوْم عَصِيبِ (١) |
حتَّى إذا أسْلَكُوهُم في قُتاَئِدهِم | شَلاًّ كما تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشُّرُدَا (٣) |
(١) ورد في "تفسير الطبري" ١٤/ ٩، و"الأغاني" ٢/ ١٠٣، و"تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٦ أ، والطوسي ٦/ ٣٢١، وابن عطية ٧/ ٣٥٨، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٧ (عجز)، "اللسان" (سلك) ١٠/ ٤٤٢، وغير منسوب في "الدر المصون" ٧/ ١٤٨. (اللِّزاز) ما يتُرّس به الباب، (العَرْدُ) الشديد من كل شيء الصُّلْبُ المنتصب، وعرَّد الرجل تعريدا أي فرَّ، والمعنى: أي كنت إلى جانبك -يخاطب النعمان- أمنع عنك حتى في الأوقات العصيبة، ولم أحجم ولم أتراجع.
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٣٤٧، بنحوه، وورد في "تهذيب اللغة" (سلك) ٢/ ١٧٣٩ بنصه عن أبي عبيد، وانظر: "جمهرة اللغة" ٢/ ٨٥٤.
(٣) "شرح أشعار الهذليين" ٢/ ٦٧٥، "مجاز القرآن" ١/ ٣٧، "جمهرة اللغة" ٢/ ٨٥٤، "الصحاح" (سلك) ٤/ ١٥٩١، "الاقتضاب" ص ٤٠٢، "أمالي ابن الشجري" ٣/ ٣٠، "الإنصاف" ص ٣٦٩، "تفسير القرطبي" ١٢/ ١١٩، "اللسان" (قتد) ٦/ ٣٥٢٥، (سلك) ٤/ ٢٠٧٣، "الخزانة" ٧/ ٣٩، وورد منسوباً إلى ابن أحمر في "تهذيب اللغة" (سلك) ٢/ ١٧٣٩، وورد غير منسوب في: "تفسير الطبري" ١٤/ ٩، "جمهرة اللغة" ١/ ٣٩١، ٤٩١، "المخصص" ١٦/ ١٠١، "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢٢، " أمالي ابن الشجري" ٢/ ١٢٢، "تفسير ابن عطية" ٨/ ٢٨٧، "الدر المصون" ٧/ ١٤٨، "معجم البلدان" ٤/ ٣١٠.
وفي الديوان وجميع المصادر برواية (قُتائِدَةٍ) وهي: ثنية مشهورة، (شَلاًّ) معناه الطرد، (الجمَّالة) أصحاب الجمال، (الشُّرُدَا) جمع شارد، وهي الإبل النافرة، قال ابن السيد: إنه وصَف قوماً هُزمُوا حتى أُلجئوا إلى الدخول في قتائد؛ وهي ثنية ضيقة.
(٢) "مجاز القرآن" ١/ ٣٤٧، بنحوه، وورد في "تهذيب اللغة" (سلك) ٢/ ١٧٣٩ بنصه عن أبي عبيد، وانظر: "جمهرة اللغة" ٢/ ٨٥٤.
(٣) "شرح أشعار الهذليين" ٢/ ٦٧٥، "مجاز القرآن" ١/ ٣٧، "جمهرة اللغة" ٢/ ٨٥٤، "الصحاح" (سلك) ٤/ ١٥٩١، "الاقتضاب" ص ٤٠٢، "أمالي ابن الشجري" ٣/ ٣٠، "الإنصاف" ص ٣٦٩، "تفسير القرطبي" ١٢/ ١١٩، "اللسان" (قتد) ٦/ ٣٥٢٥، (سلك) ٤/ ٢٠٧٣، "الخزانة" ٧/ ٣٩، وورد منسوباً إلى ابن أحمر في "تهذيب اللغة" (سلك) ٢/ ١٧٣٩، وورد غير منسوب في: "تفسير الطبري" ١٤/ ٩، "جمهرة اللغة" ١/ ٣٩١، ٤٩١، "المخصص" ١٦/ ١٠١، "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢٢، " أمالي ابن الشجري" ٢/ ١٢٢، "تفسير ابن عطية" ٨/ ٢٨٧، "الدر المصون" ٧/ ١٤٨، "معجم البلدان" ٤/ ٣١٠.
وفي الديوان وجميع المصادر برواية (قُتائِدَةٍ) وهي: ثنية مشهورة، (شَلاًّ) معناه الطرد، (الجمَّالة) أصحاب الجمال، (الشُّرُدَا) جمع شارد، وهي الإبل النافرة، قال ابن السيد: إنه وصَف قوماً هُزمُوا حتى أُلجئوا إلى الدخول في قتائد؛ وهي ثنية ضيقة.
551
وقال أبو إسحاق: أي كما فُعِلَ بالمجرمين الذين استهزأوا بمن تقدَّم مِنَ الرُّسُلِ، كذلك نَسلُكُ الضلالَ في قلوب المجرمين (١).
واختلفوا في المُكنّى في قوله: ﴿نَسْلُكُهُ﴾؛ فذكر ابن عباس: الشرك (٢)، وهو قول الحسن (٣)، وذكر الزجاج: الضلال (٤). وقال الربيع: يعني [الاستهزاء (٥). وقال الفراء: يعني التكذيب بالعذاب (٦).
قال صاحب النظم: الهاء كناية عن الاستهزاء] (٧) ودلَّ عليه الفعل؛ كقولهم: من كذب كان شرًا له، والفعل يدل على المصدر؛ كقوله: ﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ [الزمر: ٧] أي: الشكر، فأضمره لدلالة الفعل عليه، وذكرنا مثل هذا كثيرًا، وأما ما ذكر المفسرون من الشرك والتكذيب والضلال فكلُّه داخل في الاستهزاء، وهو من معاني الاستهزاء.
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ﴾ إيماء بهذا التشبيه إلى ما كان منهم من الكفر والاستهزاء، قال: وهذه أبين آية في ثبوت القدر لمن أذعن للحق ولم يعاند.
واختلفوا في المُكنّى في قوله: ﴿نَسْلُكُهُ﴾؛ فذكر ابن عباس: الشرك (٢)، وهو قول الحسن (٣)، وذكر الزجاج: الضلال (٤). وقال الربيع: يعني [الاستهزاء (٥). وقال الفراء: يعني التكذيب بالعذاب (٦).
قال صاحب النظم: الهاء كناية عن الاستهزاء] (٧) ودلَّ عليه الفعل؛ كقولهم: من كذب كان شرًا له، والفعل يدل على المصدر؛ كقوله: ﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ [الزمر: ٧] أي: الشكر، فأضمره لدلالة الفعل عليه، وذكرنا مثل هذا كثيرًا، وأما ما ذكر المفسرون من الشرك والتكذيب والضلال فكلُّه داخل في الاستهزاء، وهو من معاني الاستهزاء.
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ﴾ إيماء بهذا التشبيه إلى ما كان منهم من الكفر والاستهزاء، قال: وهذه أبين آية في ثبوت القدر لمن أذعن للحق ولم يعاند.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ بنصه.
(٢) "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٥، وصديق خان ٧/ ١٥١.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٥ بلفظه، والطبري ١٤/ ٩ بلفظه، و"تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٥، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٧ وابن كثير ٢/ ٦٠٢، و"الدر المنثور" ٤/ ١٧٦ وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، وصديق خان ٧/ ١٥١.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ بلفظه.
(٥) لم أقف عليه منسوباً له، ونُسب إلى قتادة في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٥٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، وورد غير منسوب في "تفسير ابن عطية" ٨/ ٢٨٧، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٣، "تفسير القرطبي" ٧/ ١٠، "الدر المصون" ٧/ ١٤٧.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٥ بلفظه.
(٧) ما بين المعقوفين من (ش)، (ع).
(٢) "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٥، وصديق خان ٧/ ١٥١.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٥ بلفظه، والطبري ١٤/ ٩ بلفظه، و"تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٥، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٧ وابن كثير ٢/ ٦٠٢، و"الدر المنثور" ٤/ ١٧٦ وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، وصديق خان ٧/ ١٥١.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ بلفظه.
(٥) لم أقف عليه منسوباً له، ونُسب إلى قتادة في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٥٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، وورد غير منسوب في "تفسير ابن عطية" ٨/ ٢٨٧، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٣، "تفسير القرطبي" ٧/ ١٠، "الدر المصون" ٧/ ١٤٧.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٥ بلفظه.
(٧) ما بين المعقوفين من (ش)، (ع).
552
وقال أصحابنا: أضاف الله تعالى إلى نفسه سَلْكَ الكفر في قلوب الكفار، وحَسُن ذلك منه، فمن آمن بالقرآن فليستحسنه (١)، وأراد بالمجرمين المشركين الذين كانوا يستهزئون بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
(١) يَرُدّ الواحدي -رحمه الله- بقوله هذا على المعتزلة القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين، وهي من المسائل المشهورة التي اشتد فيها النزاع بين المعتزلة والأشاعرة، وقد وقع الفريقان في طرفي النقيض وجانبا الصواب في المسألة، على النحو التالي: ذهب المعتزلة إلى أن العقل قد يُعلم به حُسنُ كثير من الأفعال وقُبحُها، ومقتضى ذلك أن يكون فاعل القبيح أو تارك الحسن آثم ومعاقب في الآخرة ولو لم يرد شرع بذلك، فيستحق العذاب لمجرد مخالفته للعقل. انظر: المحصول في "علم أصول الفقه" ١/ ١٦٠، "مجموع الفتاوى" ١١/ ٦٧٧، "المواقف في علم الكلام" ص ٣٢٣، ٣٢٦.
وذهب الأشاعرة إلى النقيض؛ فقالوا: إن العقل لا يُعلم به حُسن الفعل ولا قبحه، وبالتالي فلا يثبت عندهم حسن ولا قبح قبل ورود الشرع، وعليه فالقبيح ما قيل: لا تفعل، والحسن ما قيل فيه: افعل، أو ما أذن في فعله.
"الملل والنحل" للشهرستاني ١/ ١٠١، "مجموع الفتاوى" ١١/ ٦٧٧، "المواقف في علم الكلام" ص ٣٢٧.
وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية منشأ الغلط عند الفريقين، فقال: إن الطائفتين اتفقوا على أن الحسن والقبح باعتبار الملاعمة والمنافرة قد يعلم بالعقل، وهذا الذي اتفقوا عليه حق، لكن توهموا بعد هذا أن الحُسن والقبح الشرعيَّ خارج عن ذلك، وليس الأمر كذلك، بل هو في الحقيقة يعود إلى ذلك، لكنَّ الشارع عرَّف بالموجود، وأثبت المفقود، فتحسينه: إمَّا كشفٌ وبيان، وإمَّا إثبات لأمور في الأفعال والأعيان.
انظر: "درء تعارض العقل والنقل" ٨/ ٢٢، "مجموع الفتاوى" ٨/ ٩٠.
أما المذهب الحق في هذه المسألة فقد بينه كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: وعامة السلف وأكثر المسلمين على أن الظلم والشرك والكذب والفواخر ونحوها سيءٌ وقبيح قبل مجيء الرسول، لكن العقوبة لا تستحق إلا بمجيء الرسول، =
وذهب الأشاعرة إلى النقيض؛ فقالوا: إن العقل لا يُعلم به حُسن الفعل ولا قبحه، وبالتالي فلا يثبت عندهم حسن ولا قبح قبل ورود الشرع، وعليه فالقبيح ما قيل: لا تفعل، والحسن ما قيل فيه: افعل، أو ما أذن في فعله.
"الملل والنحل" للشهرستاني ١/ ١٠١، "مجموع الفتاوى" ١١/ ٦٧٧، "المواقف في علم الكلام" ص ٣٢٧.
وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية منشأ الغلط عند الفريقين، فقال: إن الطائفتين اتفقوا على أن الحسن والقبح باعتبار الملاعمة والمنافرة قد يعلم بالعقل، وهذا الذي اتفقوا عليه حق، لكن توهموا بعد هذا أن الحُسن والقبح الشرعيَّ خارج عن ذلك، وليس الأمر كذلك، بل هو في الحقيقة يعود إلى ذلك، لكنَّ الشارع عرَّف بالموجود، وأثبت المفقود، فتحسينه: إمَّا كشفٌ وبيان، وإمَّا إثبات لأمور في الأفعال والأعيان.
انظر: "درء تعارض العقل والنقل" ٨/ ٢٢، "مجموع الفتاوى" ٨/ ٩٠.
أما المذهب الحق في هذه المسألة فقد بينه كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: وعامة السلف وأكثر المسلمين على أن الظلم والشرك والكذب والفواخر ونحوها سيءٌ وقبيح قبل مجيء الرسول، لكن العقوبة لا تستحق إلا بمجيء الرسول، =
553
١٣ - قوله تعالى: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ هذا عند الزجاج ابتداء كلام؛ كأن الله تعالى أخبر عن هؤلاء المشركين أنهم لا يؤمنون (١).
وقال الجرجاني: قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ رفع موضعه نصب علي تأويل أن لا يؤمنوا به، و (أن) الخفيفة تضمر، فإذا أضمرت لم تعمل؛ كقوله تعالى: ﴿تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ﴾ [الزمر: ٦٤] فعلى هذا قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ تفسير للكناية في قوله: ﴿نَسْلُكُهُ﴾؛ كأنه قيل: نسلك في قلوب المجرمين ألاّ يؤمنوا به، فلما كفّ ذِكْرُ (أن) عاد الفعل إلى الرفع، وهذا معنى قول الفراء؛ لأنه قال: يجعل في قلوبهم ألاَّ يؤمنوا (٢)، والكناية في (به) تعود إلى الذكر؛ الذي هو القرآن في قول ابن عباس (٣)، وفي قول غيره يجوز أن تعود إلى الرسول (٤)، ونظير هاتين الآيتين في المعنى واللفظ قوله في الشعراء: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [الشعراء: ٢٠٠، ٢٠١].
وقال الجرجاني: قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ رفع موضعه نصب علي تأويل أن لا يؤمنوا به، و (أن) الخفيفة تضمر، فإذا أضمرت لم تعمل؛ كقوله تعالى: ﴿تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ﴾ [الزمر: ٦٤] فعلى هذا قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ تفسير للكناية في قوله: ﴿نَسْلُكُهُ﴾؛ كأنه قيل: نسلك في قلوب المجرمين ألاّ يؤمنوا به، فلما كفّ ذِكْرُ (أن) عاد الفعل إلى الرفع، وهذا معنى قول الفراء؛ لأنه قال: يجعل في قلوبهم ألاَّ يؤمنوا (٢)، والكناية في (به) تعود إلى الذكر؛ الذي هو القرآن في قول ابن عباس (٣)، وفي قول غيره يجوز أن تعود إلى الرسول (٤)، ونظير هاتين الآيتين في المعنى واللفظ قوله في الشعراء: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [الشعراء: ٢٠٠، ٢٠١].
= وعليه يدل الكتاب والسنة؛ فإن فيهما بيان أن ما عليه الكفار هو شرٌ وقبيح، وسيءٌ قبل الرسل، وإن كانوا لا يستحقون العقوبة إلا بالرسول. انظر: "مجموع الفتاوى" ٨/ ٩٠، ١١/ ٦٧٧، "أصول الدين" للبغدادي ص ٢٠٥. وفي هذه الآية ينفي المعتزلة سلكَ اللهِ الكفرَ في قلوب الكافرين، بناءً على أصلهم هذا. انظر: كلام القاضي عبد الجبار على الآية في تفسيره "متشابه القرآن" ص ٢٤٥.
(١) ليس في معانيه.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٥ بنصه.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٢٧٦ ونُسب إليه القولان؛ هذا والذي بعده، وورد غير منسوب في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٥٠، و"البغوي" ٤/ ٣٧٠ وابن عطية ٨/ ٢٨٧، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، والخازن ٣/ ٩٠، و"الدر المنثور"، والثعالبي ٢/ ٢٠٨.
(٤) ورد في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، والخازن ٣/ ٩٠، و"الدر المصون" ٧/ ١٤٧.
(١) ليس في معانيه.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٥ بنصه.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٢٧٦ ونُسب إليه القولان؛ هذا والذي بعده، وورد غير منسوب في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٥٠، و"البغوي" ٤/ ٣٧٠ وابن عطية ٨/ ٢٨٧، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، والخازن ٣/ ٩٠، و"الدر المنثور"، والثعالبي ٢/ ٢٠٨.
(٤) ورد في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٥، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، وابن الجوزي ٤/ ٣٨٥، والخازن ٣/ ٩٠، و"الدر المصون" ٧/ ١٤٧.
وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾، المفسرون على أن هذا تهديد لكفار مكة (١)؛ يقول: قد مضت سنة الله بإهلاك من كذَّبَ الرسولَ في القرون الماضية.
وقال أبوإسحاق: أي: قد مضت سُنّةُ الأولين بمثل ما فعله هؤلاء، فهم يقتفون آثارهم في الكفر (٢)، وهذا أليق بظاهر اللفظ (٣).
١٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا﴾ يقال: ظل فلان نهاره يفعل كذا، إذا فعله بالنهار، ولا تقول العرب: ظل يظل، إلا لكل عمل بالنهار، كما لا يقولون: بات [يبيت، إلا بالليل، والمصدر] (٤) الظلول، فأما حذف إحدى اللامين فإنه جائز، وسنذكر اللغة فيه عند قوله: ﴿ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا﴾ [طه: ٩٧] إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ يقال: عَرج يَعْرُج عُرُوجًا، ومنه المعارج وهي المصاعد التي يصعد فيها، وفي هذه الآية قولان للمفسرين؛ أحدهما: أن قوله: ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ من صفة المشركين.
قال ابن عباس في رواية عطاء: فطفقوا فيه يصعدون، يريد ينظرون فيه إلى ملكوت الله وقدرته وسلطانه، وإلى عبادة الملائكة الذين هم من
وقال أبوإسحاق: أي: قد مضت سُنّةُ الأولين بمثل ما فعله هؤلاء، فهم يقتفون آثارهم في الكفر (٢)، وهذا أليق بظاهر اللفظ (٣).
١٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا﴾ يقال: ظل فلان نهاره يفعل كذا، إذا فعله بالنهار، ولا تقول العرب: ظل يظل، إلا لكل عمل بالنهار، كما لا يقولون: بات [يبيت، إلا بالليل، والمصدر] (٤) الظلول، فأما حذف إحدى اللامين فإنه جائز، وسنذكر اللغة فيه عند قوله: ﴿ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا﴾ [طه: ٩٧] إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ يقال: عَرج يَعْرُج عُرُوجًا، ومنه المعارج وهي المصاعد التي يصعد فيها، وفي هذه الآية قولان للمفسرين؛ أحدهما: أن قوله: ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ من صفة المشركين.
قال ابن عباس في رواية عطاء: فطفقوا فيه يصعدون، يريد ينظرون فيه إلى ملكوت الله وقدرته وسلطانه، وإلى عبادة الملائكة الذين هم من
(١) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٦ أ، بمعناه، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، والزمخشري ٢/ ٣١١، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٥، والخازن ٣/ ٩٠.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ بنصه، و"تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٦٥.
(٣) والقولان متلازمان، فما ذكره الزجاج هو السبب، وماذهب إليه المفسرون هو العاقبة والمال.
(٤) ما بين المعقوفين بياض في (أ)، (د)، وفي هامش نسخة (د) كتب [سقطت من النسخة القديمة]، والمثبت من (ش)، (ع).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ بنصه، و"تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٦٥.
(٣) والقولان متلازمان، فما ذكره الزجاج هو السبب، وماذهب إليه المفسرون هو العاقبة والمال.
(٤) ما بين المعقوفين بياض في (أ)، (د)، وفي هامش نسخة (د) كتب [سقطت من النسخة القديمة]، والمثبت من (ش)، (ع).
555
خشيته مشفقون (١)، وهذا أيضًا قول الحسن؛ قال: هذا العروج راجع إلى بني آدم، يعني فظل هؤلاء الكافرون فيه يعرجون (٢).
وشرح أبو بكر هذا القول فقال: معناه لو وَصَّلنا هؤلاء المعاندين للحق إلى صعود السماء الذي يزول معه كل شبهة لم يستشعروا إلا الكفر، وجحدوا البراهين كما سائر المعجزات؛ من انشقاق القمرِ وما خُص به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من القرآن المعجز الذي لا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بمثله.
القول الثاني: أن هذا العروج للملائكة؛ لأنه هو المعروف المشهور، يقول: لو كُشف لهؤلاء عن أبصارهم حتى يعاينوا أبوابًا في السماء مفتحة تصعد منها الملائكة وتنزل، لصَرَفوا ذلك عن وجهه إلى أنهم سُحروا ورأوا بأبصارهم ما لا يتحقق عندهم، وهذا قول ابن عباس (٣) وابن جريج وجماعة.
وشرح أبو بكر هذا القول فقال: معناه لو وَصَّلنا هؤلاء المعاندين للحق إلى صعود السماء الذي يزول معه كل شبهة لم يستشعروا إلا الكفر، وجحدوا البراهين كما سائر المعجزات؛ من انشقاق القمرِ وما خُص به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من القرآن المعجز الذي لا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بمثله.
القول الثاني: أن هذا العروج للملائكة؛ لأنه هو المعروف المشهور، يقول: لو كُشف لهؤلاء عن أبصارهم حتى يعاينوا أبوابًا في السماء مفتحة تصعد منها الملائكة وتنزل، لصَرَفوا ذلك عن وجهه إلى أنهم سُحروا ورأوا بأبصارهم ما لا يتحقق عندهم، وهذا قول ابن عباس (٣) وابن جريج وجماعة.
(١) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٦٧.
(٢) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٦ أبنحوه، وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢٣ بنحوه، "تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، ٣٧١، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٨، والخازن ٣/ ٩٠.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٦ مختصراً عن ابن عباس من طريق قتادة، والطبري ١٤/ ١٠ بنحوه، عن ابن عباس من طريق العوفي (ضعيفة)، وعن الضحاك، وأخرجه مختصراً عن ابن عباس من طريق قتادة.
وورد مختصرًا في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٣ عن ابن عباس، "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢٣ عن ابن عباس وقتادة والضحاك، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٦ عن ابن عباس والضحاك، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٨ عن ابن عباس وقتادة، الخازن ٣/ ٩٠ عن ابن عباس والضحاك.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٧٦ وزاد نسته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٢) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٦ أبنحوه، وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢٣ بنحوه، "تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، ٣٧١، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٨، والخازن ٣/ ٩٠.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٤٦ مختصراً عن ابن عباس من طريق قتادة، والطبري ١٤/ ١٠ بنحوه، عن ابن عباس من طريق العوفي (ضعيفة)، وعن الضحاك، وأخرجه مختصراً عن ابن عباس من طريق قتادة.
وورد مختصرًا في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٣ عن ابن عباس، "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٢٣ عن ابن عباس وقتادة والضحاك، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٦ عن ابن عباس والضحاك، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٨ عن ابن عباس وقتادة، الخازن ٣/ ٩٠ عن ابن عباس والضحاك.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٧٦ وزاد نسته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
556
قال ابن جريج: فظلت الملائكة تعرج فيه وهم ينظرون إليهم (١).
قال: وهذا راجع إلى قوله: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾
واختار الفراء هذا القول (٢)، وأبو إسحاق ذكر القولين جميعًا، فقال: اعلم أنهم إذا وردت عليهم الآية المعجزة قالوا: سِحْر، وقالوا: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ كما قالوا حين انشق القمر: هذا سِحْرٌ مُستمر، قال: ويصلح أن يكون ﴿يَعْرُجُونَ﴾ للملائكة والناس، وقد جاء بهما التفسير، وقال في قوله: ﴿يَعْرُجُونَ﴾ أي يصعدون فيذهبون ويجيئون (٣)، وقال الفراء: فظلت الملائكة تصعد من ذلك الباب وتنزل (٤)، فقد زاد المجيء والنزول في تفسير العروج.
١٥ - قوله تعالى: ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ قرئ بالتشديد (٥) والتخفيف (٦) أي: أُغشيت وسُدّت بالسِّحرِ، فنتخايل بأبصارنا غير ما نرى، هذا قول أهل اللغة (٧)، قالوا: وأصله من السَّكْر؛ وهو سَدُّ البَثْق لئلا ينفجر
قال: وهذا راجع إلى قوله: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾
واختار الفراء هذا القول (٢)، وأبو إسحاق ذكر القولين جميعًا، فقال: اعلم أنهم إذا وردت عليهم الآية المعجزة قالوا: سِحْر، وقالوا: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ كما قالوا حين انشق القمر: هذا سِحْرٌ مُستمر، قال: ويصلح أن يكون ﴿يَعْرُجُونَ﴾ للملائكة والناس، وقد جاء بهما التفسير، وقال في قوله: ﴿يَعْرُجُونَ﴾ أي يصعدون فيذهبون ويجيئون (٣)، وقال الفراء: فظلت الملائكة تصعد من ذلك الباب وتنزل (٤)، فقد زاد المجيء والنزول في تفسير العروج.
١٥ - قوله تعالى: ﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ قرئ بالتشديد (٥) والتخفيف (٦) أي: أُغشيت وسُدّت بالسِّحرِ، فنتخايل بأبصارنا غير ما نرى، هذا قول أهل اللغة (٧)، قالوا: وأصله من السَّكْر؛ وهو سَدُّ البَثْق لئلا ينفجر
(١) "أخرجه الطبري" ١٤/ ١٠ بنحوه عن ابن جريج عن ابن عباس، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٨ وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن جريج عن ابن عباس، وورد غير منسوب في "تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٦.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ مع تقديم وتأخير.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٦ بنصه.
(٥) قرأ بها القُراء السبعة ماعدا ابن كثير. انظر: "السبعة" ص ٣٦٦، "إعراب القراءات السبع" وعللها ١/ ٣٤٣، "علل القراءات" ١/ ٢٩٥، "الحجة للقراء" ٥/ ٤٣، "المبسوط في القراءات" ص ٢٢٠.
(٦) قرأ بها ابن كثير وحده. المصادر السابقة.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (سكر) ٢/ ١٧١٩ بنصه
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٦.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٤ مع تقديم وتأخير.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٦ بنصه.
(٥) قرأ بها القُراء السبعة ماعدا ابن كثير. انظر: "السبعة" ص ٣٦٦، "إعراب القراءات السبع" وعللها ١/ ٣٤٣، "علل القراءات" ١/ ٢٩٥، "الحجة للقراء" ٥/ ٤٣، "المبسوط في القراءات" ص ٢٢٠.
(٦) قرأ بها ابن كثير وحده. المصادر السابقة.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (سكر) ٢/ ١٧١٩ بنصه
557
الماء (١)؛ فكأن هذه الأبصار مُنعت من النظر، كما يمنع السَّكْرُ الماءَ من الجري، والتشديد يوجب زيادة وتكثيرًا.
وقال أبو عمرو بن العلاء: هو مأخوذٌ من سُكْرِ الشرابِ؛ يعني أن الأبصار حارت ووقع بها من فساد النظر مثل ما يقع بالرجل السكران من تغير العقل وفساد اللب (٢)، فإذا كان هذا معنى التخفيف، فسكران بالتشديد يراد به وقوع هذا الأمر مرة بعد مرة.
وقال أبوعبيدة: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾: غُشيت سَمَادِيرُ (٣) فذهبت وخبا نظرها، وأنشد (٤):
وقال أبو عمرو بن العلاء: هو مأخوذٌ من سُكْرِ الشرابِ؛ يعني أن الأبصار حارت ووقع بها من فساد النظر مثل ما يقع بالرجل السكران من تغير العقل وفساد اللب (٢)، فإذا كان هذا معنى التخفيف، فسكران بالتشديد يراد به وقوع هذا الأمر مرة بعد مرة.
وقال أبوعبيدة: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾: غُشيت سَمَادِيرُ (٣) فذهبت وخبا نظرها، وأنشد (٤):
جاءَ الشِّتاءُ واجْثَألَّ القُبَّرُ | وجَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكَرُ (٥) |
(١) انظر: (سكر) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧١٩ بنصه ونسبه لليث، "المحيط في اللغة" ٦/ ١٨٤، "اللسان" ٤/ ٢٠٤٧، "التاج" ٦/ ٥٣٥.
(٢) ورد في "تفسير الطبري" ١٤/ ١٢ مختصراً، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٤، "تهذيب اللغة" (سكر) ٢/ ١٧١٩، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٦، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٧، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٩، "اللسان" (سكر) ٤/ ٣٧٤.
(٣) السَّماديرُ: ضعفُ البصر وغشاوة العين، ويقال: هو الشيء الذي يتراءى للإنسان من ضعف بصره عند السُّكر من الشراب وغيره.
انظر: باب الرباعي (سمدد) في "تهذيب اللغة"، ٢/ ١٧٥١، و"المحيط في اللغة" ٨/ ٤٢٩.
(٤) للمثنى بن جندل الطُّهوي. عاش في العصر الأموي، وأخباره في "سمط اللآلي" ص ٦٤٤.
(٥) ورد في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٥، "تهذيب اللغة" (سكر) ٢/ ١٧١٩، "اللسان" (سكر) ٤/ ٢٠٤٨، (قبر) ٦/ ٣٥١٠، وورد في بعض المصادر على النحو التالي: =
(٢) ورد في "تفسير الطبري" ١٤/ ١٢ مختصراً، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٤، "تهذيب اللغة" (سكر) ٢/ ١٧١٩، "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٣٨٦، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٧، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٩، "اللسان" (سكر) ٤/ ٣٧٤.
(٣) السَّماديرُ: ضعفُ البصر وغشاوة العين، ويقال: هو الشيء الذي يتراءى للإنسان من ضعف بصره عند السُّكر من الشراب وغيره.
انظر: باب الرباعي (سمدد) في "تهذيب اللغة"، ٢/ ١٧٥١، و"المحيط في اللغة" ٨/ ٤٢٩.
(٤) للمثنى بن جندل الطُّهوي. عاش في العصر الأموي، وأخباره في "سمط اللآلي" ص ٦٤٤.
(٥) ورد في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٥، "تهذيب اللغة" (سكر) ٢/ ١٧١٩، "اللسان" (سكر) ٤/ ٢٠٤٨، (قبر) ٦/ ٣٥١٠، وورد في بعض المصادر على النحو التالي: =
558
أي: يخبو حرها ويذهب (١).
وعلى هذا القول أصله من السكون؛ يقال: سَكَرَتِ الرّيحُ، إذا سكنت، وسَكَرَ الحرُّ يسْكُرُ، وليلةٌ ساكِرَةٌ؛ لا ريحَ فيها (٢)، قال أوس:
وقد ورد بهذه الرواية في "مجاز القرآن" ١/ ٣٤٨، و"تفسير الطوسي" ١٤/ ١٣، والطبري ٧/ ٤٩٩ ولم يذكر الشطر الثالث، الماوردي ٣/ ١٥١، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٨ أوردا البيت الثاني فقط. (اجثأل) اجتمع وتقبّض، (قبّر) قال الأزهري: يقال للقْبرة قُبُّرة وقُبَّرٌ؛ وهو طائر يشبه الحُمَّرة، وجمعها قنابر، (الحَرُوْرُ) حرُّ الشمس. انظر: "تهذيب اللغة" (قبر) ٣/ ٢٨٧١، (سكر) ٢/ ١٧١٩، "المحيط في اللغة" (حر) ٢/ ٣١١، (قبر) ٥/ ٤١١، "متن اللغة" ٤/ ٤٨١.
(١) "مجاز القرآن" ١/ ٣٤٧ بنصه ما عدا الشعر.
(٢) انظر: (سكر) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧١٩ بنصه، "اللسان" ٤/ ٢٠٤٨، "التاج" ٦/ ٥٣٥.
(٣) "ديوان أوس" ص ٣٤، وقد ورد بالرواية التالية:
ورد في "تهذيب اللغة" (سكر) ٢/ ١٧١٩، "تفسير الماوردي" ٣/ ١٥١ بدايته "فصرن"، "الاقتضاب" ص ٤١٢، "شرح الجواليقي" ص ٢٣٩ ورد فيهما برواية الديوان، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٦٧، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٨ بدايته (فصرت)، "اللسان" (سكر) ٤/ ٢٠٤٨. يقول: خذلت على أن ليلتي ساهرة؛ أي ساهر صاحبها؛ كما تقول نهاره: صائم؛ أي يصوم فيه، والطلق: اليوم الطيب الذي لا حرّ فيه ولا برد، واستطال الليلة لما لقي فيها من الألم والشدة، وذلك أن أوس بن حجر انطلق مسافراً حتى إذا كان بأرض بني أسد بين مكانين يقال لأحدهما شرج، وللآخر ناظره، جالت به ناقته فصرعته فانكسرت فخده.
وعلى هذا القول أصله من السكون؛ يقال: سَكَرَتِ الرّيحُ، إذا سكنت، وسَكَرَ الحرُّ يسْكُرُ، وليلةٌ ساكِرَةٌ؛ لا ريحَ فيها (٢)، قال أوس:
خُذِلتُ على لَيْلهٍ سَاهِرهْ | فليسَتْ بطَلْقٍ ولا ساكِرهْ (٣) |
= جاء الشتاء واجْثألَّ القُنْبُرُ | واستَخْفَتِ الأفْعَى وكانت تظهرُ |
وطعلتْ شمشٌ عليها مِغْفَر | وجعلت عينُ الحرورِ تسكرُ |
(١) "مجاز القرآن" ١/ ٣٤٧ بنصه ما عدا الشعر.
(٢) انظر: (سكر) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧١٩ بنصه، "اللسان" ٤/ ٢٠٤٨، "التاج" ٦/ ٥٣٥.
(٣) "ديوان أوس" ص ٣٤، وقد ورد بالرواية التالية:
خُذِلْتُ على ليلةٍ ساهِرَهْ | بصحراء شَرْجٍ إلى ناظِرَهْ |
تُزَادُ ليَاليَّ في طُولِهَا | فلَيْسَتْ بِطَلْقٍ ولا ساكِرهْ |
559
وهذا القول اختيار الزجاج؛ قال: يقال سَكَرَتْ عينُهُ تَسكر، إذا تَحَيَّرَتْ وسكنتْ عن النَّظر (١)، وعلى هذا معنى (سُكِّرَتْ أبصارُنا): سكنت عن النظر، ولا يتوجه على هذا القول قراءة من قرأ بالتخفيف.
قال أبو علي الفارسي: معنى ﴿سُكِّرَتْ﴾ صارت بحيث لا ينفذ نورها ولا تُدرِك الأشياءَ على حقيقتها، وكأن معنى التسكير قطع الشيء عن سننه (٢) الجاري، فمن ذلك تسكير الماء؛ هو ردُّهُ عن سيبه (٣) في الجِرْيَة، والسُّكْرُ في الشراب هو: أن يَنْقطع عما كان عليه من المَضاء في حال الصحو، فلا ينفذ رأيُه على حدّ نفاذه في صحوه، وعَبَّروا عن هذا المعنى بقولهم: سَكْرَانُ لا يَبُتُّ (٤)، ووجه التثقيل أن الفعل مسند إلى جماعة، وهو مثل: ﴿مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾ [ص: ٥٠]، ووجه التخفيف أن هذا النحو من الفعل المسند إلى الجماعة قد يُخَفّف، كقوله:
ما زِلتُ أُغْلِقُ أبوابًا وأفتحُها (٥)
قال أبو علي الفارسي: معنى ﴿سُكِّرَتْ﴾ صارت بحيث لا ينفذ نورها ولا تُدرِك الأشياءَ على حقيقتها، وكأن معنى التسكير قطع الشيء عن سننه (٢) الجاري، فمن ذلك تسكير الماء؛ هو ردُّهُ عن سيبه (٣) في الجِرْيَة، والسُّكْرُ في الشراب هو: أن يَنْقطع عما كان عليه من المَضاء في حال الصحو، فلا ينفذ رأيُه على حدّ نفاذه في صحوه، وعَبَّروا عن هذا المعنى بقولهم: سَكْرَانُ لا يَبُتُّ (٤)، ووجه التثقيل أن الفعل مسند إلى جماعة، وهو مثل: ﴿مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾ [ص: ٥٠]، ووجه التخفيف أن هذا النحو من الفعل المسند إلى الجماعة قد يُخَفّف، كقوله:
ما زِلتُ أُغْلِقُ أبوابًا وأفتحُها (٥)
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٥ بنحوه، ويبدو أنه نقل قول الزجاج من "تهذيب اللغة" لتطابقه، "تهذيب اللغة" "سكر" ٢/ ١٧١٩ بنصه، "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٦٧.
(٢) في الحجة: (سببه) والصحيح سننه، ولعلها تصحيف من محقق الحجة.
(٣) في جميع النسخ: (سننه)، والمثبت هو الصحيح وموافق لما في الحجة، والسِّيْبُ: مخرج الماء من الوادي، وجمعه سُيُوبٌ، وقد ساب الماء يسيب: إذا جَرَىْ. "تهذيب اللغة" (ساب) ٢/ ١٥٨٤، "المحيط في اللغة" (سيب) ٨/ ٣٩٧.
(٤) معناه: لا يقطع أمراً، وقيل: ما يُبَيِّن كلاماً. انظر: (بن) في: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٦٩، "المحيط في اللغة" ٩/ ٤١٥.
(٥) نُسب إلى الفرزدق في كل المصادر ما عدا الحجة وليس في ديوانه، ونسب -في "الحجة" ٣/ ٤٤١ - للراعي النميري، وهو في "ديوانه" ص ٣٣ برواية:
(٢) في الحجة: (سببه) والصحيح سننه، ولعلها تصحيف من محقق الحجة.
(٣) في جميع النسخ: (سننه)، والمثبت هو الصحيح وموافق لما في الحجة، والسِّيْبُ: مخرج الماء من الوادي، وجمعه سُيُوبٌ، وقد ساب الماء يسيب: إذا جَرَىْ. "تهذيب اللغة" (ساب) ٢/ ١٥٨٤، "المحيط في اللغة" (سيب) ٨/ ٣٩٧.
(٤) معناه: لا يقطع أمراً، وقيل: ما يُبَيِّن كلاماً. انظر: (بن) في: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٦٩، "المحيط في اللغة" ٩/ ٤١٥.
(٥) نُسب إلى الفرزدق في كل المصادر ما عدا الحجة وليس في ديوانه، ونسب -في "الحجة" ٣/ ٤٤١ - للراعي النميري، وهو في "ديوانه" ص ٣٣ برواية: