تفسير سورة الحجر

تفسير التستري
تفسير سورة سورة الحجر من كتاب تفسير التستري المعروف بـتفسير التستري .
لمؤلفه سهل التستري . المتوفي سنة 283 هـ

ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮ ﰿ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯ
السورة التي يذكر فيها الحجر
[سورة الحجر (١٥) : آية ٣]
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)
قوله تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [٣] قال: إذا اجتمعت أربعة في عبد قيل له: إنك لن تنال شيئاً من هذا الأمر، إذا أحب أن يأكل شيئاً طيباً، ويلبس ثوباً ليناً، وينفذ أمره، ويكثر شيئه يقال: هيهات هذا الذي قطع الخلق عن الله تعالى.
وقد حكي أن الله أوحى إلى داود عليه السلام: حذر وأنذر أصحابك أكل الشهوات، فإن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عقولها عني محجوبة «١». وقال سهل: الأمل أرض كل معصية، والحرص بذر كل معصية، والتسويف ماء كل معصية، والقدرة أرض كل طاعة، واليقين بذر كل طاعة، والعمل ماء كل طاعة. قال: وكان سهل يقوى على الوجد سبعين يوماً لا يأكل فيها طعاماً، وكان يأمر أصحابه أن يأكلوا اللحم في كل جمعة مرة، كيلا يضعفوا عن العبادة، وكان إذا أكل ضعف، وإذا جاع قوي، وكان يعرق في البرد الشديد في الشتاء وعليه قميص واحد، وكان إذا سألوه عن شيء من العلم يقول: لا تسألوني فإنكم لا تنتفعون في هذا الوقت بكلامي. وفد عباس بن عصام يوماً وهو يقول: أنا منذ ثلاثين سنة أكلم الله، والناس يتوهمون أني أكلمهم «٢».
[سورة الحجر (١٥) : آية ٤٠]
إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)
قوله تعالى: إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [٤٠] قال: الناس كلهم أموات إلا العلماء، والعلماء كلهم نيام إلا العاملين، والعاملون كلهم مغترون إلا المخلصين، والمخلصون على خطر عظيم.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٢]
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)
قوله تعالى: إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [٧٢] أي في جهلهم وضلالتهم يعصون، واعلم أن المعاصي كلها منسوبة إلى الجهل، والجهل كله منسوب إلى السكر، ويقال هو نفس المسكر.
[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٥]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)
قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [٧٥] قال: يعني المتفرسين، وقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم قرأ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [٧٥] » «٣»، ومعناه المتفسرون في السرائر وهو كما قال
(١) الحلية ٥/ ٣٨٢.
(٢) انظر مثل هذا القول في صفوة الصفوة ٣/ ١٨٣.
(٣) نوادر الأصول ٣/ ٨٦ وكشف الخفاء ١/ ٤٢- ٤٣ والمعجم الكبير ٨/ ١٠٢ والمعجم الأوسط ٣/ ٣١٢، ٨/ ٢٣.
عمر رضي الله عنه لسارية «١» :«الجبل الجبل» «٢».
[سورة الحجر (١٥) : آية ٨٥]
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥)
قوله: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [٨٥] قال:
حكى محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [٨٥] قال: هو الرضا بلا عتاب «٣». وقال سهل: بلا حقد ولا توبيخ بعد الصفح، وهو الإعراض الجميل.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٩١ الى ٩٢]
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢)
قوله تعالى: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [٩١] قال: ظاهر الآية ما عليه أهل التفسير وباطنها ما أنزل الله تعالى من أحكامه في السمع والبصر والفؤاد وهو قوله تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا [الإسراء: ٣٦] فأعرضوا عن العمل به ميلاً إلى دواعي نفس الطبع. قوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [٩٢] قال: هذه الآية فيها خصوص فإن من هذه الأمة من يحشر من القبر إلى الجنة لا يحضر الحساب ولا يشعر بالأهوال وهم الذين قال الله تعالى: أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ [الأنبياء: ١٠١] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إن أولياء الله يخرجون من قبورهم إلى الجنة لا يقفون للحساب ولا يخافون طول ذلك اليوم، أولئك هم السابقون إلى الجنة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة: ١١٩] ».
[سورة الحجر (١٥) : آية ٩٤]
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤)
قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [٩٤] أي أظهر القرآن في الصلاة بما أوحينا إليك. قيل:
ما الوحي؟ قال: المستور من القول، قال الله تعالى: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ [الأنعام: ١١٢] أي يسر بعضهم إلى بعض وقد يكون بمعنى الإلهام كما قال تعالى: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [النحل: ٦٨] يعني ألهم النحل.
قوله: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [٩٧، ٩٨] أي صلِّ لله تعالى واذكره، فكأن الله تعالى قال له: إن ضاق صدرك بقرب الكفار بكذبهم، بما وصفوا لك من الضد والند والشريك بجهلهم وحسدهم، فارجع إلى مشاهدتنا وقربنا بذكرنا، فإن قربك فينا، وسرورك بذكرنا ومشاهدتنا، واصبر على ذلك، فإن رضاي فيك. وقد حكي أن موسى عليه السلام قال: إلهي دلني على عمل إن أنا عملته نلت به رضاك. قال: فأوحى إليه: يا ابن عمران، إن رضاي في كرهك ولن تطيق ذلك. قال: فخر موسى عليه السلام ساجداً باكياً، وقال: إلهي خصصتني منك بالكلام، فلم تكلم بشراً قبلي، ولم تدلني على عمل أنال به رضاك.
فأوحى الله تعالى إليه: إن رضاي في رضاك بقضائي.
(١) سارية بن زنيم الدؤلي (... - نحو ٣٠ هـ) : صحابي، من الشعراء، القادة، الفاتحين. كان من العدائين، جعله عمر أميرا على جيش، وسيره إلى بلاد فارس، ففتح بلادا، منها: أصبهان. (الأعلام ٣/ ٦٩- ٧٠).
(٢) كشف الخفاء ٢/ ٥١٤- ٥١٥ وفضائل الصحابة ١/ ٢٦٩ والإصابة ٣/ ٥، ٦.
(٣) قوت القلوب ١/ ٣٩٣.
قوله :﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك ﴾ [ ٩٧، ٩٨ ] أي صل لله تعالى واذكره، فكأن الله تعالى قال له : إن ضاق صدرك بقرب الكفار بكذبهم، بما وصفوا لك من الضد والند والشريك بجهلهم وحسدهم، فارجع إلى مشاهدتنا وقربنا بذكرنا، فإن قربك فينا، وسرورك بذكرنا ومشاهدتنا، واصبر على ذلك، فإن رضاي فيك.
وقد حكي أن موسى عليه السلام قال : إلهي دلني على عمل إن أنا عملته نلت به رضاك. قال : فأوحى إليه : يا ابن عمران، إن رضاي في كرهك ولن تطيق ذلك. قال : فخر موسى عليه السلام ساجدا باكيا، وقال : إلهي خصصتني منك بالكلام، فلم تكلم بشرا قبلي، ولم تدلني على عمل أنال به رضاك. فأوحى الله تعالى إليه : إن رضاي في رضاك بقضائي.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٧:قوله :﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك ﴾ [ ٩٧، ٩٨ ] أي صل لله تعالى واذكره، فكأن الله تعالى قال له : إن ضاق صدرك بقرب الكفار بكذبهم، بما وصفوا لك من الضد والند والشريك بجهلهم وحسدهم، فارجع إلى مشاهدتنا وقربنا بذكرنا، فإن قربك فينا، وسرورك بذكرنا ومشاهدتنا، واصبر على ذلك، فإن رضاي فيك.
وقد حكي أن موسى عليه السلام قال : إلهي دلني على عمل إن أنا عملته نلت به رضاك. قال : فأوحى إليه : يا ابن عمران، إن رضاي في كرهك ولن تطيق ذلك. قال : فخر موسى عليه السلام ساجدا باكيا، وقال : إلهي خصصتني منك بالكلام، فلم تكلم بشرا قبلي، ولم تدلني على عمل أنال به رضاك. فأوحى الله تعالى إليه : إن رضاي في رضاك بقضائي.

Icon