تفسير سورة سورة الحجر من كتاب تفسير القرآن العزيز
                             المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
                        .
                            
                    لمؤلفه 
                                            ابن أبي زَمَنِين
                                                            .
                                             المتوفي سنة 399 هـ
                                    
                        
                                                                                         تفسير سورة الحجر وهي مكية كلها
                                                                ﰡ
                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْلُهُ: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآن مُبين﴾ بَين
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسلمين﴾.
يحيى: عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:
يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ لِمَنْ دَخَلَهَا مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ: قَدْ كَانَ هَؤُلاءِ مُسْلِمِينَ، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ؟! قَالَ: فَيَغْضَبُ لَهُمْ رَبُّهُمْ فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ذرهم يَأْكُلُوا﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين، يَأْكُلُوا ﴿ويتمتعوا﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿ويلههم الأمل﴾ الَّذِي يَأْمَلُونَ مِنَ الدُّنْيَا ﴿فَسَوْفَ يعلمُونَ﴾ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَهَذَا وعيدٌ، وَكَانَ هَذَا قبل أَن يُؤمر بقتالهم، ثُمَّ أُمِرَ بِقِتَالِهِمْ، وَلا يَذَرُهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُقْتَلُوا؛ يَعْنِي: مُشْركي الْعَرَب.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلا وَلها كتاب مَعْلُوم﴾ يَعْنِي: الْوَقْتَ الَّذِي يُهْلَكُونَ فِيهِ؛ يَعْنِي: مِنْ أُهْلِكَ مِنَ الْأُمَمِ السالفة بتكذيبهم رسلهم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا﴾ يَعْنِي: الأُمَمَ الْخَالِيَةَ أَجَلُهَا وَقْتُ الْعَذَاب ﴿وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ عَنهُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَقَالُوا يَا أَيهَا الَّذِي نزل عَلَيْهِ الذّكر﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن؛ فِيمَا تَدعِي ﴿إِنَّك لمَجْنُون﴾ يعنون: مُحَمَّدًا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَو مَا﴾ أَي: لَوْلَا ﴿تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ حَتَّى تَشْهَدَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ﴿إِن كنت من الصَّادِقين﴾ فنصدقك.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَالَ اللَّهُ: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ﴾ حَتَّى تعاينونهم ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ يَعْنِي: بِعَذَابِهِمْ وَاسْتِئْصَالِهِمْ ﴿وَمَا كَانُوا إِذن منظرين﴾ طَرْفَةَ عَيْنٍ بَعْدَ نُزُولِ الْمَلائِكَةِ.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (٩) إِلَى الْآيَة (١٥).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ إِبْلِيسَ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ شَيْئًا، أَوْ يَنْقُصَ مِنْهُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شيع الْأَوَّلين﴾ أَيْ: فِي قرنٍ؛ يَعْنِي: قَوْمَ نُوحٍ وَسَائِرَ الأُمَمِ ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رسولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يستهزئون﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿كَذَلِك نسلكه﴾ نَسْلُكُ التَّكْذِيبَ ﴿فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ.
قَالَ محمدٌ: تَقُولُ: سَلَكْتُ فُلانًا فِي الطَّرِيقِ وَأَسْلَكْتُهُ بِمَعْنى واحدٍ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَا يُؤمنُونَ بِهِ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلين﴾ يَعْنِي: وَقَائِعَ اللَّهِ فِي الأُمَمِ الْخَالِيَةِ الَّتِي أَهْلَكَهُمْ بِهَا - يُخَوِّفُ الْمُشْركين بذلك.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاء فظلوا﴾ أَي: سَارُوا ﴿فِيهِ يعرجون﴾ أَيْ: يَخْتَلِفُونَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، يَعْنِي: الْمَلَائِكَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لقالوا إِنَّمَا سكرت أبصارنا﴾ أَيْ: سُدَّتْ 
﴿بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مسحورون﴾ كَقَوْلِهِ: 
﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويقولوا سحر مُسْتَمر﴾.
قَالَ محمدٌ: مَنْ قَرَأَ (سُكِّرَتْ) بِالتَّثْقِيلِ، فَهُوَ مِنْ سَكَّرْتُ الْبَصَرَ إِذَا سَدَّدْتُهُ، وَيُقَالُ لِلسَّدِّ: السِّكْرُ. وَمَنْ قَرَأَ (سُكِرَتْ) مُخَفَّفَةً، فَالْمَعْنَى: تَحَيَّرَتْ أَبْصَارُنَا وَسَكَنَتْ عَنِ النَّظَرِ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: سُكِرَتِ الرِّيحُ تَسْكُرُ إِذا سكنت.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (١٦) إِلَى الْآيَة (٢٥).
                                                                            
381
                                                                     
                                                                                                                
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ يَعْنِي: نُجُومًا؛ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاس وَقَتَادَة ﴿وزيناها﴾ زينا السَّمَاء بالنجوم ﴿للناظرين﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ مَلْعُونٍ رَجَمَهُ اللَّهُ بِاللَّعْنَةِ؛ فِي تَفْسِير الْحسن
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ فَإِنَّهَا لَمْ تُحْفَظْ مِنْهُ إِنْ تَسَمَّعَ الْخَبَرَ مِنْ أَخْبَارِ السَّمَاءِ، وَلا تَسْمَعُ مِنَ الْوَحْيِ شَيْئًا. ﴿فَأَتْبَعَهُ شهَاب مُبين﴾ مضيءٌ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالْأَرْض مددناها﴾ يَعْنِي: بسطناها ﴿وألقينا﴾ أَي: جعلنَا ﴿فِيهَا رواسي﴾ وَهِيَ الْجِبَالَ ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كل شيءٍ مَوْزُون﴾ أَيْ: مَقْدُورٍ بِقَدَرٍ؛ فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ.
قَالَ محمدٌ: مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ: أَيْ: جَرَى عَلَى وزنٍ مِنْ قَدَرٍ اللَّهِ لَا يُجَاوِزُ مَا قدره الله عَلَيْهِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَجَعَلنَا لكم فِيهَا﴾ فِي الأَرْض ﴿معايش﴾ يَعْنِي: مَا أَخْرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فِيهَا، وَمِمَّا عَمِلَ بَنُو آدَمَ ﴿وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين﴾ أَيْ: جَعَلْنَا لَكُمْ، وَلِمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ فِيهَا مَعَايِشَ؛ يَعْنِي: الْبَهَائِمَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْخَلْقِ مِمَّنْ لَا يمونه بَنو آدم.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنْ مِنْ شيءٍ إِلا عِنْدَنَا خزائنه﴾ يَعْنِي: الْمَطَرَ؛ وَهَذِهِ الأَشْيَاءُ كُلُّهَا إِنَّمَا تعيش بالمطر.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح﴾ يَعْنِي: لِلسَّحَابِ؛ فِي تَفْسِيرِ قَتَادَةَ.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنَى: أَنَّهَا تَضْرِبُ السَّحَابَ حَتَّى تُمْطِرَ، وَوَاحَدَةُ اللَّوَاقِحِ
                                                                            
382
                                                                     
                                                                                                                مِنَ الرِّيَاحِ: لاقحٌ؛ بِمَعْنَى: أَنَّهَا ذَاتَ لُقْحٍ، كَقَوْلِهِ: 
﴿فِي عِيشَةٍ راضية﴾ أَيْ: ذَاتِ رِضًا.
﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بخازنين﴾ أَي: بحافظين
                                                                            
383
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنَّا لنَحْنُ نحيي﴾ أَيْ: نَخْلُقُ ﴿وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ يَمُوتُ الْخَلْقُ، وَاللَّهُ الْوَارِثُ الْبَاقِي بعد خلقه.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم﴾ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: يَعْنِي: آدَمَ، وَمَنْ مَضَى مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ مَنْ بَقِيَ فِي أَصْلِبَةِ الرِّجَالِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِن رَبك هُوَ يحشرهم﴾ يَحْشُرُ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿إِنَّهُ حَكِيمٌ﴾ فِي أَمْرِهِ ﴿عَلِيمٌ﴾ بِخَلْقِهِ.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (٢٦) إِلَى الْآيَة (٣١).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: التُّرَابَ الْيَابِسَ الَّذِي يُسْمَعُ لَهُ صلصلةٌ ﴿مِنْ حمإ مسنون﴾ يَعْنِي: الْمُتَغَيِّرَ الرَّائِحَةَ.
قَالَ محمدٌ: الْحَمَأُ جَمْعُ: حَمْأَةٌ، وَيُقَالُ لِلْيَابِسِ مِنَ الطِّينِ الَّذِي لَمْ تُصِبْهُ نارٌ: صلصالٌ؛ فَإِذَا مَسَّتْهُ النَّارُ فَهُوَ فخار.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿والجان﴾ يَعْنِي: إِبْلِيسَ؛ فِي تَفْسِيرِ قَتَادَةَ ﴿خلقناه مِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ: مِنْ قَبْلِ آدم ﴿من نَار السمُوم﴾ يَعْنِي: سَمُومَ جَهَنَّمَ.
قَالَ محمدٌ: وَالسَّمُومُ مِنْ صِفَاتِ جَهَنَّمَ وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا، وَالْجَانَّ مَنْصُوبٌ بِفْعِلِ مضمرٍ؛ الْمَعْنَى: وَخَلَقْنَا الْجَانَّ خَلَقْنَاهُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَن يكون مَعَ الساجدين﴾ تَفْسِيرُ ابْنِ عباسٍ: " لَوْ لَمْ يَكُنْ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلائِكَةِ لَمْ يُؤمر بِالسُّجُود ".
قَالَ الْحسن:
أَمر بِاللَّه بِالسُّجُودِ كَمَا أَمَرَ الْمَلائِكَةَ؛ فَأَبَى أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُمْ، وَكَانَ خَلْقُ إِبْلِيسَ مِنْ نارٍ، وَخَلْقُ الْمَلائِكَةِ مِنْ نورٍ.
قَالَ محمدٌ: (إِلا إِبْلِيسَ) منصوبٌ بِاسْتِثْنَاءٍ لَيْسَ مِنَ الأَوَّلِ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالمين﴾ الْمَعْنَى: لَكِنَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: إِنَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلائِكَةِ.
وَقِيلَ: إِنَّ إِبْلِيسَ كَانَ اسْمُهُ: عَزَازِيلُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا لَعَنَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ أَبْلَسَ مِنْ رَحْمَتِهِ؛ أَيْ: يَئِسَ؛ فَسَمَّاهُ: إِبْلِيس.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (٣٢) إِلَى الْآيَة (٤٤).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قوله عز وجل :﴿ فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين ﴾ تفسير ابن عباس :" لو لم يكن إبليس من الملائكة،  لم يؤمر بالسجود ". 
قال الحسن : أمر الله بالسجود كما أمر الملائكة ؛ فأبى أن يسجد معهم،  وكان خلق إبليس من نار،  وخلق الملائكة من نور. 
قال محمد :( إلا إبليس ) منصوب باستثناء ليس من الأول ؛ كما قال عز وجل :
﴿ فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ﴾ [ الشعراء : ٧٧ ] المعنى : لكن إبليس أبى أن يكون هذا على مذهب من قال : إن إبليس لم يكن من الملائكة. 
وقيل : إن إبليس كان اسمه : عزازيل،  وإن الله لما لعنه وغضب عليه أبلس من رحمته ؛ أي : يئس،  فسماه : إبليس. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدّين﴾ الْحِسَابِ؛ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَيْهِ اللَّعْنَةُ أَيْضًا، يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَبَدًا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالَ فَإنَّك من المنظرين﴾ المؤخرين
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِلَى يَوْم الْوَقْت الْمَعْلُوم﴾ يَعْنِي: النَّفْخَةَ الأُولَى الَّتِي يَمُوتُ بِهَا كُلُّ حَيٍّ، وَأَرَادَ عَدَوُّ اللَّهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى النَّفْخَةِ الآخِرَةِ الَّتِي يُبْعَثُ بِهَا الْخَلْقُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُم فِي الأَرْض﴾ يُزَيِّنُ لَهُمُ الدُّنْيَا فِي أَمْرِهِمْ بِهَا، وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ لَا بَعْثَ وَلا حِسَابَ وَلا جَنَّةَ وَلا نَارَ؛ يُوسَوِسُ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ ﴿وَلأُغْوِيَنَّهُمْ﴾ لأضلنهم ﴿أَجْمَعِينَ﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين﴾ الْمُوَحِّدين.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ (ل ١٧٠) تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ: يَعْنِي: أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْهَادِي لِمَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَان﴾ أَيْ: لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُضِلَّ مَنْ هَدَى اللَّهُ ﴿إِلا مَنِ اتبعك من الغاوين﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِن جَهَنَّم لموعدهم أَجْمَعِينَ﴾ يَعْنِي: الغاوين
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب﴾ بَعْضُهَا تَحْتَ بعضٍ مُطْبَقَةٌ؛ الْبَابُ الأَعْلَى جَهَنَّمُ، ثُمَّ سَقَرُ، ثُمَّ لَظَى، ثُمَّ الْحُطَمَةُ، ثُمَّ السَّعِيرُ، ثُمَّ الْجَحِيمُ، ثُمَّ الْهَاوِيَةُ، وَجَهَنَّمُ وَالنَّارُ يَقْدُمَانِ الأَسْمَاءَ 
﴿لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُم جُزْء مقسوم﴾.
                                                                            
385
                                                                     
                                                                                                                سُورَة الْحجر من الْآيَة (٤٥) إِلَى الْآيَة (٤٨).
                                                                            
386
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ الْعُيُون: الْأَنْهَار
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ادخلوها بِسَلام آمِنين﴾ وَذَلِكَ حِينَ تَلْقَاهُمُ الْمَلائِكَةُ؛ تَقُولُ لَهُمْ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدين﴾ آمِنين من الْمَوْت.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غل﴾ يَعْنِي: مَا كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْحَسَدِ وَالضَّغَائِنِ ﴿إِخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين﴾ قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا إِذَا زَارَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
قَالَ محمدٌ: ﴿إِخْوَانًا﴾ منصوبٌ على الْحَال.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (٤٩) إِلَى الْآيَة (٦٠).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم﴾ لَا أَغْفَرَ مِنْهُ وَلا أَرْحَمَ؛ يَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ
                                                                            
386
                                                                     
                                                                                                                ويرحمهم ويدخلهم الْجنَّة
                                                                            
387
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَأَن عَذَابي﴾ يَعْنِي: النَّارَ ﴿هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ﴾ الموجع.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُم وجلون﴾ أَيْ: خَائِفُونَ.
قَالَ محمدٌ: (سَلامًا) منصوبٌ عَلَى الْمَصْدِرِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: فَسَلمُوا سَلاما.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون ﴾ أي : خائفون. 
قال محمد :( سلاما ) منصوب على المصدر ؛ كأنه قال : فسلموا سلاما. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكبر﴾ عَجِبَ مِنْ كِبَرِهِ وَكِبَرِ امْرَأَتِهِ ﴿فَبِمَ تبشرون﴾.
قَالَ محمدٌ: الأَصْل فِي (تُبَشِّرُونِ): تُبَشِّرُونَنِي؛ فَحُذِفَتْ أَحَدُ النُّونَيْنِ؛ لاسْتِثْقَالِ جَمْعِهِمَا هَذَا فِيمَنْ قَرَأَهَا بِكَسْر النُّون.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ من القانتين﴾ الآيسين
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالَ فَمَا خطبكم﴾ مَا أَمركُم؟.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِلَّا آل لوط﴾ يَعْنِي: أَهله الْمُؤمنِينَ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الغابرين﴾ يَعْنِي: الْبَاقِينَ فِي عَذَابِ اللَّهِ.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (٦١) إِلَى الْآيَة (٧٧).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ﴾ يَعْنِي: الْمَلَائِكَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالَ﴾ لوط ﴿إِنَّكُم قوم منكرون﴾ نكرهم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يمترون﴾ يَشُكُّونَ، مِنَ الْعَذَابِ؛ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا نُعَذَّبُ؛ حِينَ كَانَ يُخَوِّفُهُمْ بِالْعَذَابِ إِن لم يُؤمنُوا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وأتيناك بِالْحَقِّ﴾ يَعْنِي: بعذابهم.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بقطعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ أَيْ: فِي طائفةٍ مِنَ اللَّيْلِ؛ وَالسُّرَى لَا يَكُونُ إِلا لَيْلا.
قَالَ محمدٌ: وَيُقَالُ مِنْهُ: أَسْرَى وسرى.
﴿وَاتبع أدبارهم﴾ أَيْ: كُنْ آخِرَهُمْ ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُم أحدٌ﴾ لَا يَنْظُرُ وَرَاءَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وقضينا إِلَيْهِ ذَلِك الْأَمر﴾ أَيْ: أَعْلَمْنَاهُ ﴿أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ﴾ أصلهم ﴿مَقْطُوع مصبحين﴾.
قَالَ محمدٌ: (مصبحين) نصبٌ على الْحَال.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَجَاء أهل الْمَدِينَة يستبشرون﴾ بِأَضْيَافِ لوطٍ؛ لِمَا يُرِيدُونَ مِنْ عَمَلِ
                                                                            
388
                                                                     
                                                                                                                السُّوءِ 
﴿قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلَا تفضحون﴾
                                                                            389
                                                                     
                                                                                                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالُوا أَو لم ننهك عَن الْعَالمين﴾ أَيْ: أَنْ تُضِيفَ أَحَدًا وَلا تنزله
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾ أَمَرَهُمْ بِتَزْوِيجِ النِّسَاءِ ﴿إِنْ كُنْتُمْ فاعلين﴾ متزوجين.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لعمرك﴾ قسمٌ ﴿إِنَّهُم لفي سكرتهم﴾ يَعْنِي: ضلالتهم ﴿يعمهون﴾ يَتَحَيَّرُونَ.
قَالَ محمدٌ: الْعَمْرُ وَالْعُمْرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ بِمَعْنَى واحدٍ؛ فَإِذَا اسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ فُتِحَ أَوَّلُهُ؛ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ لَهُ؛ لأَنَّ الْفَتْح أخف.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَأَخَذتهم الصَّيْحَة﴾ قَالَ السُّدِّيُّ: صَيْحَةُ جِبْرِيلَ ﴿مُشْرِقِينَ﴾ حِين أشرقت الشَّمْس
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَجعلنَا عاليها سافلها﴾ قد مضى تَفْسِيره.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي: لِلْمُتَفَرِّسِينَ.
قَالَ محمدٌ: مَعْنَى التَّفَرُّسِ: الاسْتِدْلالُ بِصِحَّةِ النَّظَرِ؛ يُقَالُ: تَوَسَّمْتُ فِي فُلانٍ الْخَيْر، وتفرسته؛ أَي: تبينته.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنَّهَا لبسبيل مُقيم﴾ يَعْنِي: قَرْيَةَ قَوْمِ لُوطٍ؛ أَيْ: هِيَ طَرِيق وَاضح.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (٧٨) إِلَى (٨٤).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ بُعِثَ إِلَيْهِمْ شُعَيْبٌ وَالأَيْكَةُ كَانُوا أَصْحَابَ كَانَ عَامَّةَ ثمرهم
                                                                            
389
                                                                     
                                                                                                                (ل ١٧١) الْمُقْلُ؛ وَهُوَ الدَّوْمُ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَكَانَ لَا يَأْتِيهِمْ مِنْهُ شيءٌ، فَبَعَثَ الله عَلَيْهِم سَحَابَة فلجأوا تَحْتَهَا يَلْتَمِسُونَ الرَّوْحَ، فَجَعَلَهَا اللَّهُ نَارًا فَاضْطَرَمَتْ عَلَيْهِمْ.
قَالَ محمدٌ: قَرَأَ نافعٌ: (الأيكة) وَكَذَلِكَ قَرَأَ الَّتِي فِي " قَافٍ " وَقَرَأَ الَّتِي فِي " الشُّعَرَاءِ " وَفِي " ص ": (لَيْكَةِ) بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلامٍ وَلَمْ يَصْرِفُهُمَا فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَالَ: وَجَدْنَا فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ: أَنَّ (لَيْكَةَ) اسْمُ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، و (الأيكة): الْبِلَاد كلهَا.
                                                                            
390
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وإنهما لبإمام مُبين﴾ يَقُولُ: وَإِنَّ مَنْزِلَ قَوْمِ لُوطٍ وَأَصْحَابِ الأَيْكَةِ لَبِطَرِيقٍ واضحٍ.
قَالَ محمدٌ: قِيلَ لِلطَّرِيقِ: إِمَامٌ؛ لأَنَّهُ يُؤْتَمُّ بِهِ؛ أَيْ: يُهْتَدَى بِهِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ﴾ يَعْنِي: ثَمُود قوم صَالح
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنين﴾.
قَالَ محمدٌ: الْحِجْرُ اسْمُ وادٍ، وأصل النحت: الْقطع والنجر.
                                                                            
390
                                                                     
                                                                                                                سُورَة الْحجر من الْآيَة (٨٥) إِلَى الْآيَة (٩٤).
                                                                            
391
                                                                     
                                                                                                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا خلقنَا السَّمَاوَات وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ﴾ أَيْ: لِلْبَعْثِ ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ وَهَذَا منسوخٌ بِالْقِتَالِ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي﴾ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ؛ وَهِيَ سَبْعُ آياتٍ؛ وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْمَثَانِي؛ لأَنَّهُنَّ يُثَنَّيْنَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.
قَالَ محمدٌ: قِيلَ: الْمَعْنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مَثَانِيَ، وَتَكُونُ (مَنْ) صِلَةٍ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرجس من الْأَوْثَان﴾ الْمَعْنَى: اجْتَنِبُوا الأَوْثَانَ، لَا أَنَّ بَعْضهَا رجسٌ.
﴿وَالْقُرْآن الْعَظِيم﴾ أَي: وآتيناك الْقُرْآن الْعَظِيم.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم﴾ أَصْنَافًا؛ يَعْنِي: الأَغْنِيَاءَ؛ فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِد ﴿وَلَا تحزن عَلَيْهِم﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا ﴿واخفض جناحك للْمُؤْمِنين﴾ أَيْ: أَلِنْهُ لِمَنْ آمَنَ بِكَ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ﴾ أَي: أنذر النَّاس النَّار
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    (كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جعلُوا الْقُرْآن
                                                                            
391
                                                                    عضين} قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ: أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ، يَعْنِي: أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ الَّذِي اقْتَسَمُوهُ، فَجَعَلُوهُ كُتُبًا بَعْدَ إِذْ كَانَ كِتَابًا، وَحَرَّفُوهُ فَجَعَلُوهُ كَالأَعْضَاءِ.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنَى: آمَنُوا بِبَعْضِهِ، وَكَفَرُوا بِبَعْضِه، وَتقول الْعَرَب: عضيت الشئ؛ إِذَا وَزَّعْتَهُ، وَعَضَّيْتَ الذَّبِيحَةَ؛ إِذَا قَطَّعْتَهَا أَعْضَاءً، وَالْعِضَةُ: الْقِطْعَةُ مِنْهَا، وَالْجَمِيعُ: عِضُونٌ فِي حَالِ الرَّفْعِ، وَعِضِينَ فِي حَالِ النَّصْبِ وَالْخَفْضِ. قَالَ رُؤْبَةُ: -
(وَلَيْسَ دِينَ اللَّهِ بالمعضى... )
                                                                            
392
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٠:﴿ كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ﴾. 
قال الحسن : يقول : أنزلنا عليك القرآن كما أنزلنا على المقتسمين، يعني أهل الكتابين الذي اقتسموه، فجعلوه كتبا بعد إذ كان كتابا، وحرفوه فجعلوه كالأعضاء. 
قال محمد : المعنى : آمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه، وتقول العرب : عضيت الشئ ؛ إذا وزعته، وعضيت الذبيحة ؛ إذا قطعتها أعضاء، والعضة : القطعة منها، والجميع : عضون في حال الرفع، وعضين في حال النصب والخفض. قال رؤبة :
وليس دين الله بالمعضى. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْلُهُ: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي: أَظْهِرْ مَا أمرت بِهِ.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (٩٥) إِلَى الْآيَة (٩٩).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ قال الكلبي : يعني : أظهر ما أمرت به. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُمْ خَمْسَةٌ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ، وَالأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَالأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ يَعْنِي بِقَوْلِهِمْ أَنَّكَ ساحرٌ،
                                                                            
392
                                                                     
                                                                                                                وَإِنَّكَ شاعرٌ، وَإِنَّكَ كاهنٌ، وَإِنَّكَ مَجْنُونٌ، وَأَنَّكَ كاذبٌ 
﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبك وَكن من الساجدين﴾
                                                                            393
                                                                     
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ يَعْنِي: الْمَوْتُ.
                                                                            
393
                                                                     
                                                                                                                تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّحْلِ
وَهِيَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى صَدْرِ هَذِهِ الآيَةِ: 
﴿وَالَّذين هَاجرُوا فِي الله﴾ مكي، وسائرها مدنِي.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (١) إِلَى الْآيَة (٨).
                                                                            
394