تفسير سورة سورة الشعراء من كتاب مجاز القرآن
.
لمؤلفه
أبو عبيدة
.
المتوفي سنة 210 هـ
ﰡ
﴿ لَعَلَك بَاخِع نَّفْسَكَ ﴾ أمي مهلك وقاتل قال ذو الرمة :
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسَه | لِشيء نَحَتْه من يديه المقادر |
﴿ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهمْ لهَا خَاضعِينَ ﴾ فخرج هذا مخرج فعل الآدميين وفي آية أخرى :﴿ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشَّمْسَ والْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ ليِ سَاجِدِينَ ﴾ وفي آية أخرى ﴿ قَالَتَا أَتَنْيَا طَائعِينَ ﴾ فخرج على تقدير فعل الآدميين والعرب قد تفعل ذلك وقال :
وزعم يونس عن أبي عمرو أن خاضعين ليس من صفة الأعناق وإنما هي من صفة الكناية عن القوم التي في آخر الأعناق فكأنه في التمثيل فظلت أعناق القوم في موضع } هم } والعرب قد تترك الخبر عن الأول وتجعل الخبر للآخر منهما وقال :
فترك طول الليالي وحول الخبر إلى الليالي فقال أسرعت ثم قال طوين وقال جرير :
رجع إلى السنين وترك } مرَّ } وقال الفرزدق :
فلم يجعل الخبر للأرباق ولكن جعله للذين في آخرها من كنايتهم ولو كان للأرباق لقال متقلدات ولكن مجازه : تراهم متقلدين أرباقهم.
شربتُ إذا ما الدِّيك يدعو صباحَه | إذا ما بنو نَعشٍ دَنَوا فتصوَّبوا |
طولُ الليالي أسرعتْ في نَقْضي | طَوَين طُولي وطَوين عَرْضِي |
رَأت مرَّ السنين أخذن مني | كما أخذ السِّرارُ من الهلالِ |
ترى أَرْباقَهم مُتقلديها | إذا صَدىْ الحديدُ على الكماة |
﴿ وَلَهُمْ عَلىَّ ذَنْبٌ ﴾ مجازه ولهم عندي ذنب قال القحيف العقيلي :
أي إذا رضيت عني، قال أبو النجم :
إذا رضيت عليَّ بنو قُشَيرٍ | لعَمر أبيك أعجبني رضاها |
فلا تنبو سيوف بني قُشَير | ولا تمضي الأسنّةُ في صَفاها |
قد أصبحت أُم الخِيار تدَّعى | علىّ ذنباً كله لم أصنع |
﴿ فَقُولاَ إنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ مجازه إنا رسالة رب العالمين قال عباس بن مرداس :
ألا ترى أنه أنثها وقال كثير عزة :
أي برسالة
ألا منَ مُبلغٌ عّني جفافاً | رسولا بيت أهلك منّهاها |
لقد كذَّب الواشون ما بُحتُ عندهم | بسّر ولا أرسلتُهم برسولِ |
﴿ أنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ أي اتخذتم عبيداً.
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فإذا هي ثُعْبَانٌ مُّبينٌ ﴾ فإذا هي حية تسعى ثعباناً ومجاز ﴿ مبين ﴾ أي بين في الظاهر.
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فإذا هي ثُعْبَانٌ مُّبينٌ ﴾ فإذا هي حية تسعى ثعباناً ومجاز ﴿ مبين ﴾ أي بين في الظاهر.
﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ ﴾ أي فأخرج يده.
وقوله :﴿ أُرْجِهْ وَأَخَاهُ ﴾ أي أخره.
﴿ أئنَّ لَنَا لأَجْرأً ﴾ أي ثواباً وجراءً.
﴿ تَلْقَفُ مَا يأْفِكُونَ ﴾ أي ما يفترون ويسحرون.
﴿ قالُوا لا ضَيْرَ ﴾ مصدر ضار يضير، ويقال : لا يضيرك عليه رجل أي لا يزيدك عليه.
﴿ إنَّ هؤُلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ قلِيلونُ ﴾ أي طائفة وكل بقية قليلة فهي شرذمة قال :
يحذين في شراذم النِّعالِ ***
أي قطع النعال وبقاياها، وهي ها هنا في موضع الجماعات ألا ترى أنه قال شرذمة قليلون.
يحذين في شراذم النِّعالِ ***
أي قطع النعال وبقاياها، وهي ها هنا في موضع الجماعات ألا ترى أنه قال شرذمة قليلون.
﴿ وإنَّا لَجَميع حَذِروُنَ ﴾ قال ابن أحمر :
حذر وحذر وحاذر، قوم حذرون وحاذرون، حوالي ذو حيلة، قال عباس بن مرداس :
الذيال الفرس الطويل الذنب.
هل أَنسأْن يوماً إلى غيره | أَنّى حَوالي وأنّى حَذِرْ |
وإِني حاذر أَنْمِى سلاحي | إلى أوصال ذَيّالٍ منيعِ |
ﰏﰐ
ﰻ
﴿ فأتَبْعَوُهُمْ مُشرقِين ﴾ مجاز المشرق مجاز الصبح.
﴿ كالْطَّوِد الْعَظِيم ﴾ أي كالجبل قال الشاعر :
حَلُّوا بأنْقِرة بَجيش عليهم | ماء الفُرات يجيء من أَطْوادِ |
﴿ وَأَزْلَفْنَا ثمَّ الآخَرِينَ ﴾ أي وجمعنا، ومنه ليلة المزدلفة، والحجة فيها أنها ليلة جمع وقال بعضهم وأهلكنا.
﴿ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إذْ تَدْعُونَ ﴾ أي يسمعون دعاءكم وفي آية أخرى ﴿ إذَا كَالوُهمْ أَوْ وَزَنوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ وفي الكلام أنصتك حتى فرغت واشتقتك أي اشتقت إليك.
﴿ وَاجْعَلْ ليِ لِسَانَ صِدْقٍ في الآخَرِينَ ﴾ أي ثناءً حسناً في الآخرين.
﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ للمُتَّقِين ﴾ قربت وأدنيت، ومنه قوله :
ويقال : له عندي زلفة أي قربى.
طَيُّ الليالِي زُلَفاً فزُلَفا | سُماوةَ الهِلاَلِ حتى احقَوْقفا |
﴿ فَكُبْكِبُوا فِيهَا ﴾ أي طرح بعضهم على بعض جماعةً جماعةً
} كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ } قوم يذكر ويؤنث.
﴿ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَنْيَهُمْ فَتْحاً ﴾ أي أحكم بيني وبنيهم حكماً قال الشاعر :
ألا أبلغ بني عُصْم رسولاً | فإني عن فتاحتكم غَنُّي |
﴿ فيٌ الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾ أي المملوء، ومنه قولهم شحنها عليهم خيلا ورجالاً أي ملأها، والفلك يقع لفظه على الواحد والجميع من السفن سواء، بمنزلة قوله السلام رطابٌ وكذلك الحجر الواحد.
﴿ بكُلِّ رِيعٍ ﴾ وهو الارتفاع من الأرض والطريق والجميع أرياع وريعة قال ذو الرمة :
وقال الشماخ :
طِراقَ الخَوافي مُشرف فوق رِيعةٍ | نَدَى ليِله في ريشهِ يترَقرقُ |
تَعُنُّ له بِمذَنبِ كل وادٍ | إذا ما الغيث أَخضلَ كلَ رِيعِ |
﴿ وتَتَّخِذُونَ مَصَانعَ ﴾ وكل بناء مصنعة.
﴿ ونَخْلٌ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴾ أي قد ضمَّ بعضه بعضاً وهي النخل وهو النخل يذكر ويؤنث، وفي آية أخرى ﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ﴾.
﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجِبْاَل بُيُوتاً فَارِهينَ ﴾ أي حاذقين، وقال آخرون : فارهين أي مرحين، وقال عدي بن وداع المقوى من العقاة بن عمرو بن مالك ابن فهم من الأزد :
لا أَستكينْ إذا ما أزمة أزَمتْ***** ولن تراني بخير فارِه اللبَبِ
أي مرح اللبب ويجوز فرهين في معنى فارهين.
لا أَستكينْ إذا ما أزمة أزَمتْ***** ولن تراني بخير فارِه اللبَبِ
أي مرح اللبب ويجوز فرهين في معنى فارهين.
﴿ قَالوُا إنمَّا أَنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ ﴾ وكل من أكل من إنس أو دابة فهو مسحر وذلك أن له سحراً يقرى يجمع ما أكل فيه، قال لبيد بن ربيعة :
فإن تسألينا فيم نحن فإننا | عصافير في هذا الأنام المسحَّرِ |
﴿ لَهَا شِرْبٌ ﴾ يكسر أوله ويضم ويفتح.
﴿ إلاّ عَجُوزاً في الْغَابرِينَ ﴾ والغابر الباقي قال العجاج :
أي بقى وكذلك غبر اللبن والحيض وغبر الليل، ويقال : غبرٌ تخفف من ذا إلا عجوزراً وقد هلكت في الهالكين الذي هلكوا من قومها ومجازها إلا عجوزاً هرمة في الغابرين الذين بقوا حتى هرموا وقد أهلكت مع الذين أهلكوا، وقال الأعشى :
معناه عض بالذي أبقى المواسي له من أمه، الغابر منه أي الباقي ألا ترى أنه قال :
فما وَنَى محمد مذ أن غَفْر | له الإله ما مَضَى وما غَبَرْ |
عضَّ بما أَبْقَى المَواسي له | من أمه في الزمن الغابرِ |
وكُنّ قد أبقين منها أذىً | عند المَلاقي وافر الشافِر |
﴿ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ ﴾ وجمعها أَيْكٌ وهي جماع من الشجر.
﴿ وَزِنُوا بِالْقِسَطاسِ المْسَتِقيِم ﴾ أي بالسواء والعدل.
﴿ وَلاَ تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾ أي لا تنقصوهم يقال في المثل :
تحسبها حَمقاء وهي باخسة
﴿ وَلاَ تَعْثَوا في الأرْضِ ﴾ يقال عثيت تعثى عثواً وهي أشد الفساد والخراب.
تحسبها حَمقاء وهي باخسة
﴿ وَلاَ تَعْثَوا في الأرْضِ ﴾ يقال عثيت تعثى عثواً وهي أشد الفساد والخراب.
﴿ وَالْجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ ﴾ أي الخلق وجاء خبرها على المعنى الجماع وإذا نزعت الهاء من آخرها ضممت أوله كما هو في آية أخرى ﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ منْكُمْ جِبِلّاً ﴾ قال أبو ذؤيب :
مَنَايا يُقَرِّبنَ الحُتوف لأهلها | جهاراً ويستمتعن بالأنَسَ الجبْلِ |
﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيناَ كِسَفاً مِنَ السّماءِ ﴾ جمع كسفة بمنزلة سدرة والجميع سدر ومعناها قطعاً.
﴿ فِي زُبُرِ الأوَّلينَ ﴾ أي كتب الأولين واحدها زبور.
﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأعْجَمِينَ ﴾ يقال رجل أعجم إذا كانت في لسانه عجمة، ورجل عجمى أي من العجم وليس من اللسان، قال ذو الرمة :
والدواب عجم لأنها لا تتكلم وجاء في الحديث العجماء جبارٌ لا تودي أي لا دية فيه.
أُحبُّ المكان القفر من أَجل أنني | به أتغنّى بأسمها غير مُعْجمِ |
﴿ إنَّهُمْ عَنِ السَّمْع ﴾ مفتوح الأول لأنه مصدر " سمعت " والمعنى " الاستماع " يقال : سمعته سمعاً حسناً.
﴿ وَأَخْفِضَ جَنَاحَكَ ﴾ أي ألِنْ جانبك وكلامك.
﴿ كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ ﴾ أي كذاب بهات أثيم أي آثم بمنزلة عليم في موضع عالم :
﴿ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ﴾ الهائم هو المخالف للقصد الجائر عن كل حق وخير.