تفسير سورة الشعراء

جامع البيان في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الشعراء من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن .
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة الشعراء
مكية
إلا قوله :﴿ والشعراء يتبعهم الغاوون ﴾ إلى آخره
وهي مائتان وست أو سبع وعشرون آية وأحد عشر ركوعا

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ طسم ﴾ عن بعض السلف إنه من أسماء الله، وعن بعض إنه قسم
﴿ تِلْكَ ﴾ إشارة إلى السورة ﴿ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ القرآن
﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ ﴾ قاتل ﴿ نَّفْسَكَ ﴾ أشفق١ على نفسك أن تقتلها، ﴿ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ لئلا يؤمنوا،
١ لعل للإشفاق / ١٢..
﴿ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً ﴾ ملجئة إلى الإيمان ﴿ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾ منقادين فلا يقدرون بعدها على الإعراض، ولم يقل خاضعة ؛ لأن المقصود أهل الأعناق، وزيدت الأعناق لبيان موضع الخضوع، أو كما وصفت بالخضوع الذي هو للعقلاء أجريت مجراهم، أو المراد من الأعناق الرؤساء، أو الجماعات، وعطف بصيغة الماضي على المضارع الذي هو الجزاء إشعارا بأن انقيادهم أمر مقطوع به كأنه مضى فيخبر عنه
﴿ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْر ﴾ طائفة من القرآن تكون موعظة ﴿ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ١ مجرد إنزاله ﴿ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ﴾ استمروا على إعراضهم، فلم يرفعوا إليه رءوسهم
١ قال البخاري في صحيحه: قال ابن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة) [علقه البخاري في صحيحه (١٣/ ٤١٦) بصيغة الجزم، ووصله أبو داود وغيره بإسناد حسن] وعن ابن عباس قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم، وعندكم كتاب الله أقرب الكتب عهدا بالله تقرءونه محضا لم يشب، قال البخاري: إن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين لقوله: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾ [الشورى: ١١] انتهى، قال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية قدس الله روحه: مذهب سلف الأمة وأئمتها أنه سبحانه لم يزل متكلما إذا شاء وأنه يتكلم بمشيئته وقدرته، وأنه نادى موسى بصوت سمعه موسى، وإنما ناداه حين أتى لم يناده قبل ذلك، وإن صوت الرب لا يماثل أصوات العباد كما أن علمه لا يماثل علمهم، وقدرته لا تماثل قدرتهم، وقد قال الإمام أحمد حينئذ وغيره: لم يزل الله متكلما إذا شاء، وهو يتكلم بمشيئته وقدرته يتكلم بشيء بعد شيء، وقالت طائفة: هو معنى واحد، وهو الأمر بكل مأمور، والنهي عن كل منهي، والخبر بكل مخبر إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وبالعبرانية كان توراة، وبالسريانية كان إنجيلا، فجعلوا آية الكرسي، وآية الدين، وسائر آيات القرآن، والتوراة، والإنجيل، وكل كلام يتكلم الله به معنى واحدا لا يتعدد، ولا يتبعض وهذا القول مخالف للشرع والعقل، وقالت طائفة: هو حروف وأصوات قديمة والأعيان ملازمة لذات الله لم تزل لازمة لذاته، وأن الباء والسين والميم موجودة مقترنة بعضها ببعض معا أزلا، وأبدا لم تزل، ولا تزال لم يسبق منها شيء شيئا، وهذا أيضا مخالف للشرع، والعقل، وقالت الطائفتان: إن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته، وإنه في الأزل كان متكلما بالنداء الذي سمعه موسى، وإنما تجدد استماع موسى؛ لأنه ناداه حين أتى الوادي المقدس، بل ناداه قبل ذلك بما لا يتناهى، ولكن تلك الساعة سمع النداء، وهؤلاء وافقوا الذين قالوا: إن القرآن مخلوق في أصل قولهم، فإن أصل قولهم إن الرب لا تقوم به الأمور الاختيارية، فلا يقوم به كلام، ولا فعل باختياره ومشيئته، وقالوا: هذه حوادث، والرب لا تقوم به الحوادث، وإن يتكلم بكلام لا يقوم بنفسه، وإنه لم يستو على عرشه بعد أن خلق السماوات والأرض ولا يأتي يوم القيامة، ولم يناد موسى حين ناداه، ولا تغضبه المعاصي، ولا ترضيه الطاعات، ولا تفرحه توبة التائبين، وقالوا في قوله تعالى: ﴿وقل اعلموا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ [التوبة: ١٠٥] ونحو ذلك إنه لا يراها إذا وجدت، بل إما أنه لم يزل رائيا لها، وإما أنه لم يتجدد شيء موجود، بل تعلق معدوم إلى أمثال هذه المقالات التي خالفوا فيها نصوص الكتاب والسنة مع مخالفة صريح العقل، وخالفوا السلف والأئمة في قوله: لم يزل الله متكلما إذا شاء ووافقوا الجهمية والمعتزلة في أصل قولهم: إن الرب لا تقوم به الحوادث، والقرآن المجيد يدل على بطلان هذا الأصل في أكثر من مائة موضع وأما الأحاديث الصحيحة فلا يمكن ضبطها في هذا الباب، وقد جرد الإمام أحمد الآيات التي من القرآن تدل على بطلان قولهم، وهي كثيرة جدا، بل الآيات التي تدل على الصفات الاختيارية التي يسمونها حلول الحوادث كثيرة جدا فخالفوا صحيح المنقول، وصريح المعقول، واعتقدوا أنهم بهذا يردون على الفلاسفة، ويثبتون حدوث العالم، وأخطئوا في ذلك فلا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا انتهى. ملتقطا من مواضع مع اختصار، وقد مر بعض الكلام على هذا في صورة الأنبياء فتذكر.
تالله قد لاح الصباح لمن له عينان نحو الفجر ناظرتان
وأخو العماية في عمايته يقول *** الليل بعد أيستوي الرجلان
١٢..

﴿ فَقَدْ كَذَّبُوا ﴾ بالذكر، وأدى تكذيبهم إلى الاستهزاء، ﴿ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ﴾ أهو حقيق١ بالتعظيم حق أم بالاستهزاء باطل
١ فيه وعيد بعذاب الدنيا والآخرة، ولما كان إعراضهم لعدم التأمل في الصنائع نبههم ببديع يشبه الموت، والحشر، فقال: ﴿أو لم يروا إلى الأرض﴾ الآية /١٢ وجيز..
﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْا ﴾ لم ينظروا ﴿ إِلَى الْأَرْضِ ﴾ إلى عجائبها ﴿ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ ﴾ صنف ﴿ كَرِيمٍ ﴾ كثير النفع، والكريم صفة لكل ما يرضى في بابه
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ الإنبات ﴿ لَآيَةً١ على أن منبتها قادر حكيم ﴿ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ في علم الله، وقضائه، فلهذا لا تنفعهم الآيات
١ ولما كان الإثبات شيئا واحدا أفرد آية أو أراد أن في كل واحد من تلك الأزواج /١٢ وجيز..
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ١الرَّحِيمُ ﴾ فيمهلهم مع أنه لا غالب عليه أحد.
١ ولولا اجتماع العزة والرحمة لانتقم منهم من غير مهل، ولما ذكر تسجيلهم بكفر أكثرهم سلى نبيه بقصة موسى مع فرعون، وإغراق القبط مع كثرتهم وما قاساه منهم، فقال: ﴿وإذ نادى ربك موسى﴾ الآية /١٢ وجيز..
﴿ وَإِذْ نَادَى ﴾ مقدر باذكر ﴿ رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ ﴾ أي بأن، أو أن مفسرة
﴿ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ١ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ ﴾ تقديره ائتهم قائلا قولي لهم ﴿ ألا تتقون ﴾ نحو :﴿ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ] أو استئناف أتبعه إرساله إليهم تعجيبا لموسى من أمنهم العواقب، وعدم خوفهم عقاب الله
١ الأجود نصب قوم بأنه عطف بيان سجل عليهم بالظلم، أولا ثم عينهم وبينهم ألا يتقون، أي: ائتهم قائلا قولي لهم ﴿ألا يتقون﴾ /١٢ وجيز..
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ١لِسَانِي ﴾ بعد التكذيب فأعجز عن جوابهم ﴿ فَأَرْسِلْ٢ جبريل ﴿ إلَى هَارُونَ ﴾ اجعله نبيا يقوي قلبي، ويتكلم حيث تعروني حبسة،
١ يعني لي ثلاثة أشياء، خوف التكذيب، وضيق الصدر، وعدم انطلاق اللسان / ١٢وجيز..
٢ يعني لهذه الثلاثة أرسل /١٢ منه..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ١لِسَانِي ﴾ بعد التكذيب فأعجز عن جوابهم ﴿ فَأَرْسِلْ٢ جبريل ﴿ إلَى هَارُونَ ﴾ اجعله نبيا يقوي قلبي، ويتكلم حيث تعروني حبسة،
١ يعني لي ثلاثة أشياء، خوف التكذيب، وضيق الصدر، وعدم انطلاق اللسان / ١٢وجيز..
٢ يعني لهذه الثلاثة أرسل /١٢ منه..

﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ ﴾ تبعة ذنب وهي قصاص قتل قبطي قتله موسى ﴿ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾ به فلم يتم أمر الرسالة
﴿ قَالَ كَلَّا ﴾ لن يقتلوك ﴿ فَاذْهَبَا ﴾ عطف على ما دل عليه كلا، أي : ارتدع عما تظن فاذهب أنت وهارون، وغلب الحاضر ﴿ بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ١ لما يجري بينكم، وبين عدوكم، فأظهركم عليه، فلا تخف ذكر ( معكم ) بلفظ الجمع ك ( مستمعون ) للتعظيم مثل نفسه بمن حضر محضرا ليصغي إلى مقاولتهم فيمد أولياءه، ومعكم إما حال، أو ظرف مقدم، أو خبر أول،
١ قوله تعالى: ﴿إنا معكم﴾ وليس معنى قوله ﴿إنا معكم﴾ أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجيه اللغة، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان، وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع إليهم إلى غير ذلك من معنى ربوبيته، وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن أن ظاهر قوله ﴿في السماء﴾ أن السماء تقله، أو تظله، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ويسمك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ﴿ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره﴾ [الروم: ٢٥] /١٢ العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام..
﴿ فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ لوحدة المرسل به وحد الرسول أو لاتحادهما في الأخوة، أو لأنه أراد كل واحد منهما، أو لأنه مصدر وصف به أي : ذوو رسالة
﴿ أَنْ أَرْسِلْ ﴾ بأن أرسل ﴿ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ خلهم يذهبوا معنا إلى الشام١
١ أي: فلسطين ولا تستعبدهم، وكان فرعون استعبدهم أربعمائة سنة، وكانوا في ذلك الوقت ستمائة ألف وثنتين ألف، فانطلق موسى إلى مصر وهارون بها فأخبره بذلك، وفي القصة (إن موسى رجع إلى مصر، وعليه جبة صوف، وفي يده عصا والمكتل معلق في رأس العصا، وفيه زاده فدخل دار نفسه وأخبر هارون بأن الله أرسلني إلى فرعون وأرسلني إليك حتى ندعوا فرعون إلى الله، فخرجت أمهما وصاحت وقالت: إن فرعون يطلبك ليقتلك فلو ذهبتما إليه قتلكما فلم يمتنعا لقولها، وذهبا إلى باب فرعون ليلا ودقا الباب، ففزع البوابون، وقالوا: من بالباب ؟ وروي أنه اطلع البواب عليهما وقال: من أنتما ؟ فقال موسى: أنا رسول رب العالمين، فذهب البواب إلى فرعون وقال: إن مجنونا بالباب يزعم أنه رسول رب العالمين، فنزل حين أصبح، ثم دعاهما هذا ما نقله البغوي بصيغ التمريض في المعالم، والله بصحته وسقمه أعلم / ١٢..
﴿ قَالَ ﴾ فرعون بعدما أتيا وأديا رسالتهما :﴿ ألَمْ نُرَبِّكَ فِينَا ﴾ في منازلنا ﴿ وَلِيدًا ﴾ طفلا ﴿ وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ﴾ ثلاثين سنة
﴿ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ ﴾ أي : قتل القبطي، وبخه بما جرى على يده، وعظمه حيث أتى به مجملا كأنه لفظاعته لا ينطق به بعدما عدد عليه نعمه، ﴿ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ الجاحدين لنعمتي
﴿ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ﴾ الجاهلين لم يأتني من الله شيء
﴿ فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا ﴾ نبوة أو فهما وعلما { وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ
﴿ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ أي : تلك التربية نعمة، لأنك اتخذتهم عبيدا، وما اتخذني عبدا فهذا اعتراف بنعمته، أو تلك نعمة لأجل أنك عبدتهم، ولولا ذلك لكلفني أهلي، وما كنت إلى تربيتك محتاجا يعني هذا منة، ونعمة لا حقيقة تحتها، بل نقمة في الحقيقة، أو تلك إشارة إلى ما في الذهن، وقوله أن عبدت إلى آخره عطف بيانها أي تعبيدك إياهم منة تمنها عليّ، وليست إلا غاية نقمة وبلية، أو همزة الإنكار مقدرة أي : أو تلك نعمة، وقوله : أن عبدت إلخ علة للإنكار، أي : هل يبقي إحسان مع تلك الإساءات، وكيف تقابله ؟ !،
﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : أي شيء هو وهذا إنكار منه أن يكون إله غيره
﴿ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ ما بين الجنسين ﴿ إن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴾ من أهل الإيقان والنظر الصحيح
﴿ قَالَ ﴾ فرعون ﴿ لِمَنْ حَوْلَهُ ﴾ من أشراف قوم تعجبا :﴿ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴾ هذا كأنه سمع ما لم يسمع قط
﴿ قَالَ ﴾ موسى :﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ حين لم يكن فرعون، ولا قومه إشارة إلى أن الإله لابد أن يكون قديما فالحادث لا يليق
﴿ قَالَ ﴾ فرعون :﴿ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾ حيث يتكلم بما لم نعهد أن نسمعه، وينفي ما اتفق عليه الخلق من ألوهيتي
﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ فإن طلوع الشمس من جانب، والغروب من آخر على هيئة مستقيمة مع اختلاف المطالع في فصول السنة من أظهر ما استدل به ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ إن كنتم عقلاء عارض ﴿ إن رسولكم لمجنون ﴾ به قيل : سؤال١( * ) فرعون بقوله، وما رب العالمين، عن حقيقة المرسل، وموسى عرفه بأظهر خواصه وآثاره، إشارة إلى أن بيان حقيقته ممتنع، ولهذا قال : إن كنتم موقنين الأشياء محققين لها ثم استعجب فرعون لأنه سأل عن الحقيقة، وأجيب بالأفعال، ثم عدل إلى ما أقرب إلى الناظر، وأوضح عند التأمل، ثم صرح فرعون بجنونه لأنه يسأل عن شيء، ويجيب عن آخر، ثم استدل بشيء من غرائب آثاره الظاهر الدالة على كمال قدرته وحكمته، فعدل فرعون إلي التهديد
١ (*)في النسخة (ن): سأل..
﴿ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ﴾ اللام للعهد فسجنه هوة بعيدة العمق مظلمة، أي : ممن عرفت حالهم في السجن
﴿ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ ﴾ الواو للحال، أي أتفعل بي ذلك، ولو جئتك بشيء يبين لك صدقي ؟
﴿ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾في دعواك أو في أن لك بينة
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ ظاهر١ ثعبانيته
١ ليست من التي تزور بالشعبذة /١٢..
﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ ﴾ تتلألأ كالشمس لها شعاع يكاد يغشى الأبصار ويسد الأفق.
﴿ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ ﴾ ظرف في محال الحال :﴿ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ في سحره
﴿ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ ﴾ بأن يذهب بقلوب الناس، فيكثر أعوانه، فيغلبكم على دولتكم، فيأخذ البلاد منكم ﴿ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ من المؤامرة وهي المشاورة، أي : أشيروا على فيه ما أصنع أو من الأمر أي : أي أمر تأمرون ؟ وعلى الوجهين كلامه من فرط الدهش
﴿ قَالُوا أَرْجِهِ ﴾ أخره ﴿ وَأَخَاهُ ﴾ أو احبسهما ﴿ وَابْعَثْ ﴾ شرطا ﴿ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ يجمعون السحرة
﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴾ لعلهم يغلبونه
﴿ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴾ الميقات وقت الضحى، واليوم يوم عيدهم
﴿ وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ ﴾ حثهم على الانطلاق كما تقول لعبدك هل أنت منطلق إلى فلان ؟
﴿ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ ﴾ ولا نتبع موسى ﴿ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ﴾
﴿ فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ يعني : إن غلبتم لكم الأجر، والقربة ( فإذا ) جواب وجزاء
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:﴿ فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ يعني : إن غلبتم لكم الأجر، والقربة ( فإذا ) جواب وجزاء
﴿ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ ﴾ هذا إذن منه في تقديم ما هم فاعلوه ١البتة
١ فلا يلزم الإذن في فعل الحرام قيل: أذن فيه ليبطله من أسه، ويظهر على الخلق بطلانه /١٢ وجيز..
﴿ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ﴾ جمع عصى ﴿ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ﴾ أقسموا بعزته لفرط اعتقادهم الغلبة
﴿ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ ﴾ تبتلع ﴿ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ ما يزورونه١ أو ما مصدرية، وتسمية المأفوك إفكا للمبالغة
١ ويقلبونه عن وجهه بتمويههم، وتزويرهم، فيخيلون حبالهم وعصيهم أنهم حيات تسعى، وفيه دليل على أن منتهى السحر تمويه وتزويق يخيل شيئا لا حقيقة له /١٢ بيضاوي..
﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴾ لعلمهم أن هذا وراء السحر يعني لما رأوا ما رأوا لم يتمالكوا أن رموا بأنفسهم إلى الأرض كأنهم أخذوا فطرحوا طرحا على وجوههم
﴿ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ﴾ فوادعكم١ ذلك وتواطأتم عليه، أو فعلمكم شيئا دون شيء يريد التلبس على قومه من خوف اعتقادهم حقيته، ﴿ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ وبال ما فعلتم ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ﴾ مختلفات اليد اليمنى والرجل اليسرى ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ٢ أَجْمَعِينَ ﴾
١ وادعهم صالحهم /١٢ ق، موادعة مصالحة /١٢ صراح..
٢ قيل إنهم فعل بهم ما توعدهم به من التقطيع والتصليب، وقيل: لم يفعله بهم ولم يرد في القرآن ما يدل على أنه فعل بهم ذلك، فلما سمعوا ذلك من قوله قالوا: ﴿لا ضير﴾ الآية /١٢ فتح..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٧:﴿ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ﴾ فوادعكم١ ذلك وتواطأتم عليه، أو فعلمكم شيئا دون شيء يريد التلبس على قومه من خوف اعتقادهم حقيته، ﴿ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ وبال ما فعلتم ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ﴾ مختلفات اليد اليمنى والرجل اليسرى ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ٢ أَجْمَعِينَ ﴾
١ وادعهم صالحهم /١٢ ق، موادعة مصالحة /١٢ صراح..
٢ قيل إنهم فعل بهم ما توعدهم به من التقطيع والتصليب، وقيل: لم يفعله بهم ولم يرد في القرآن ما يدل على أنه فعل بهم ذلك، فلما سمعوا ذلك من قوله قالوا: ﴿لا ضير﴾ الآية /١٢ فتح..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٧:﴿ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ﴾ فوادعكم١ ذلك وتواطأتم عليه، أو فعلمكم شيئا دون شيء يريد التلبس على قومه من خوف اعتقادهم حقيته، ﴿ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ وبال ما فعلتم ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ﴾ مختلفات اليد اليمنى والرجل اليسرى ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ٢ أَجْمَعِينَ ﴾
١ وادعهم صالحهم /١٢ ق، موادعة مصالحة /١٢ صراح..
٢ قيل إنهم فعل بهم ما توعدهم به من التقطيع والتصليب، وقيل: لم يفعله بهم ولم يرد في القرآن ما يدل على أنه فعل بهم ذلك، فلما سمعوا ذلك من قوله قالوا: ﴿لا ضير﴾ الآية /١٢ فتح..

﴿ قَالُوا لَا ضَيْرَ ﴾ لا ضرر لنا في ذلك ﴿ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴾ نرجع إليه، وهو لا يضيع أجر الصابرين
﴿ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا ﴾ لأن كنا ﴿ أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ لموسى من القبط، أو بالله من أهل زماننا، وقد مر في سورة الأعراف وطه بسطها فأرجع إليهما.
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ﴾ من مصر، وذلك بعد مدة متطاولة هو بين أظهر القبط يدعوهم إلى الله، وهم لا يزيدون سوى الكفر، والإصرار ﴿ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ﴾ يتبعكم فرعون وجنوده، وهذا علة الأمر بالإسراء لأنه سبب هلاك الأعداء
﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ ﴾ حين هلم خروجهم، ﴿ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ يحشرون العساكر ليتبعوهم فيأخذوهم
﴿ إِنَّ هَؤُلَاء ﴾ أي : قال لهم إن بني إسرائيل ﴿ لَشِرْذِمَةٌ ﴾ طائفة قليلة ﴿ قَلِيلُونَ ﴾ صفة، أو خبر بعد خبر، قيل : إنهم ستمائة وسبعون١ ألفا، مقدمة جيش فرعون سبعمائة٢ ألف
١ قاله ابن مسعود /١٢ فتح..
٢ وجملة جيشه ألف ألف وستمائة ألف قال صاحب الفتح –بعدما ذكر أقوالا مختلفة في ذلك: هذه الأقوال، والروايات المضطربة قد روى عن كثير من السلف ما يماثلها في الاضطراب والاختلاف، ولا يصح منها شيء عن النبي –صلى الله عليه وسلم/ ١٢..
﴿ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ﴾ لفاعلون ما يغيظنا
﴿ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾ لجمع من عادتنا التقيظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور، وهذه معاذيره لئلا يظن به الخوف
﴿ فَأَخْرَجْنَاهُم ﴾ من كلام الله لا حكاية كلامهم، أي : بهذه الداعية ﴿ مِّن جَنَّاتٍ ﴾ بساتين بنوا على شاطئ النيل ﴿ وَعُيُونٍ ﴾أنهار جارية
﴿ وَكُنُوزٍ ﴾ أموال جمعوها ولم يعطوا حق الله ﴿ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾ منازل حسنة
﴿ كَذَلِكَ ﴾ الأمر وأخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفنا ﴿ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ أعطيناهم ديارهم، وأموالهم
﴿ فَأَتْبَعُوهُم ﴾ فلحقوهم ﴿ مُّشْرِقِينَ ﴾ داخلين في وقت الشروق، أي : طلوع الشمس
﴿ فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ ﴾ رأى كل منهما الآخر ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ١ ملحقون
١ قالوا حين رأوا عدوهم والبحر أمامهم فساءت ظنونهم / ١٢ وجيز..
﴿ قَالَ ﴾ موسى ثقة بوعد الله ﴿ كَلَّا ﴾ لن يدركوكم ﴿ إِنَّ مَعِيَ١رَبِّي ﴾ بالنصرة ﴿ سَيَهْدِينِ ﴾ طريق٢النجاة
١ قال شيخ الإسلام أبو العباس - رحمه الله- في شرح حديث النزول: اعلم أنه قد بسط الإمام أحمد الكلام على المعية في الرد على الجهمية، ولفظ المعية في كتاب الله جاء عاما كما في قوله تعالى: ﴿وهو معكم أينما كنتم﴾ [الحديد: ٤] وفي قوله: ﴿ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم﴾ [المجادلة: ٧] إلى قوله: ﴿إلا هو معهم أينما كانوا﴾ [المجادلة: ٧]، وجاء خاصا كما في قوله: ﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾ [النحل: ١٢٨]، وقوله: ﴿إني معكما أسمع وأرى﴾، وقوله ﴿لا تحزن إن الله معنا﴾ [التوبة: ٤٠]، فلو كان المراد بذاته مع كل شيء لكان التعميم يناقض التخصيص، فإنه قد علم أن قوله: ﴿لا تحزن إن الله معنا﴾ [التوبة: ٤٠]، أراد به تخصيص نفسه، وأبا بكر دون عدوهم من الكفار، وكذلك قوله: ﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾ [النحل: ١٢٨] خصهم بذلك دون الظالمين، والفجار وأيضا فلفظ معية ليست في لغة العرب ولا شيء من القرآن، أن يراد بها اختلاط إحدى الذاتين بالأخرى كما في قوله: ﴿محمد رسول الله والذين معه﴾ [الفتح: ٢٩]، وقوله: ﴿فأولئك مع المؤمنين﴾ [النساء: ١٤٦]، وقوله: ﴿اتقوا الله وكنوا مع الصادقين﴾ [التوبة: ١١٩]، وقوله: ﴿جاهدوا معكم﴾ [الأنفال: ٧٥]، ومثل هذا كثير فامتنع أن يكون قوله: ﴿وهو معكم﴾ يدل على أن ذاته تكون مختلطة بذوات الخلق، وأيضا فإنه افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم، فكان السياق يدل على أنه أراد أنه عالم بهم، وقد بسط الكلام عليه في موضع آخر، وبين أن لفظ المعية في اللغة وإن اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقاربة فهو إذا كان مع العباد لم يناف ذلك علوه على عرشه، ويكون حكم معيته في كل مواطن بحسبه، فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان ويخص بعضهم بالإعانة والنصر والتأييد، وقال في موضع آخر من الكتاب المذكور: وقد ثبت عن السلف أنهم قالوا: هم معهم بعلمه، وقد ذكر ابن هبد البر، وغيره أن هذا إجماع الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، ولم يخالفهم فيه أحد يعتد بقوله، وهو مأثور عن ابن عباس، والضحاك، ومقاتل بن حيان، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، ثم ذكر الأسانيد، وأطال الكلام / ١٢..
٢ ولا يبعد أن موسى عليه السلام استنبط ذلك من قول الله: ﴿إنا معكم مستمعون﴾ /١٢ وجيز..
﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب ﴾ أن مفسرة ﴿ بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ﴾ القلزم١ ﴿ فَانفَلَقَ ﴾ أي : ضرب فانشق، أوحى إلى البحر إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له، فبات البحر تلك الليلة يضطرب يضرب بعضه بعضا فرقا من الله، وانتظار لما أمره الله ﴿ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ ﴾ كل قطعة من البحر ﴿ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ كالجبل الضخم
١ وهو اسم الخليج من البجر الأخضر، وهو على تسع منازل من مصر / ١٢ وجيز..
﴿ وَأَزْلَفْنَا ﴾ قربنا ﴿ ثَمَّ الْآخَرِينَ ﴾ فرعون وقومه حتى دخلوا مداخلهم من أثرهم.
﴿ وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ﴾ عبرة وعظة ﴿ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم١مُّؤْمِنِينَ ﴾ ما آمن منهم إلا رجل وامرأتان
١ أي: ما كان أكثر القبط مؤمنين، فإنه قد آمن السحرة، وآسية امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وامرأة أخرى اسمها مريم /١٢..
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ﴾ الغالب ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ بأوليائه.
﴿ وَاتْلُ١ يا محمد ﴿ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ﴾
١ ولما قدم قصة موسى، لأن قومه حضار مصدقون بالحكاية أتبعه قصة إبراهيم، لأنه أب العرب له شأن عند الجميع، فأمر بتلاوتها، وقال: ﴿واتل﴾ الآية /١٢..
﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ سألهم ليريهم أن معبودهم لا يستحق العبادة
﴿ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ ﴾ ندوم ﴿ لَهَا عَاكِفِينَ ﴾ عابدين، أطنبوا في الجواب كمن يفتخر بصنيعه
﴿ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ ﴾ يسمعون دعاءكم ﴿ إِذْ تَدْعُونَ ﴾ ومجيئه مضارعا مع إذ على حكاية الحال الماضية استحضارا لها،
﴿ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ ﴾ إذ تعبدونها ﴿ أَوْ يَضُرُّونَ ﴾ إذ تعرضون عنها
﴿ قَالُوا١ بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ فقلدناهم أسندوا فعلهم إلى التقليد المحض
١ لما لم يجد أبوه وقومه ما يدفعون به حجته عدلوا إلى التقليد، وهذا من أقوى الدلائل على فساد التقليد، ووجوب التمسك بالاستدلال إذ لو قلبنا الأمر فمدحنا التقليد، وذممنا الاستدلال لكان ذلك مدحا لطريقة الكفار التي ذمها الله تعالى، وذما بطريقة إبراهيم عليه الصلاة والسلام التي مدحها الله تعالى، فأجابهم إبراهيم عليه السلام بقوله: ﴿أفرأيتم﴾ إلخ أراد به أن الباطل لا يتغير بأن يكون قديما وحديثا، ولا بأن يكون في فاعليه كثرة أو قلة هذا ما في الكبير، وفي الفتح لم يجدوا لحجة إبراهيم جوابا إلا رجوعهم إلى التقليد البحث، وهذا الجواب هو العصا التي يتوكأ عليها كل عاجز، ويمشي بها كل أعرج فإنك لو سألت هذه المقلدة للرجال التي طبقت الأرض بطولها، والعرض، وقلت لهم: ما الحجة كم على تقليد فرد من أفراد العلماء، والأخذ بكل ما يقوله في الدين، ويبتدعه من الرأي المخالف للدليل لم يجدوا غير هذا الجواب، وأخذوا يعدون عليك من سبقهم إلى تقليد هذا من سلفهم، وظنوا أنهم خير أهل الأرض وأعلمهم فلم يسمعوا لناصح نصحا، ولو فطنوا لرأوا أنفسهم في غرور عظيم، وجهل شنيع، فعليك أيها العامل بالكتاب والسنة أن تورد عليهم حجج الله، فإنه ربما انقاد لك منهم من لم يستحكم داء التقليد في قلبه، وأما من استحكم فيه فإنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء /١٢..
﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ﴾ فإن التقدم، والأولية لا يكون برهانا على الصحة
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٥:﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ﴾ فإن التقدم، والأولية لا يكون برهانا على الصحة
﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي ﴾ أراد أن يقول عدو لكم لكن بنى الكلام على التعريض ؛ لأنه أدخل في القبول كقولك لمن يسيء الأدب : ليت والدي أدبني، يعني هل عرفتم أنكم عبدتم أعداءكم، قال تعالى :﴿ كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ﴾ [ مريم : ٨٢ ] قيل معناه : عدو لي لو عبدتهم، فلهذا لا أعبدهم، وقيل من باب القلب، أي : إني عدو لهم، ووحد العدو لأنه في الأصل مصدر ﴿ إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ منقطع، أو متصل لأنهم يعبدون الأصنام مع الله
﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ﴾ إلى طريق مصالح معاشي ومعادي، وعطف الجملة الاسمية بالفاء للدلالة على استمرار الهداية المتأخرة
﴿ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴾ تكرار الموصول للدلالة على استقلال كل باقتضاء الحكم
﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ عطف على الصلة من غير إعادة الموصول، لأن الصحة والمرض في الأكثر يتبعان المأكول، والمشروب، وراعي الأدب كما حكى الله تعالى عن الجن :﴿ وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ﴾ [ الجن : ١٠ ] وأيضا غرضه تعداد النعم، والمرض من النقم بحسب الظاهر، وأما الإماتة مع أنها وسيلة للسعداء إلى نيل الفوز، وللأشقياء إلى تقليل أسباب عذابهم، وتطهير الدنيا من دنسهم، فبموت الظالم تفرح الطير في أوكارها، فأمر لا ضرر فيه، لأنها غير محسوس إنما الضرر في مقدماتها أعني المرض
﴿ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ يعني إن صدر عني صغيرة
﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا ﴾ علما وفهما أو نبوة ﴿ وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ الكاملين في الصلاح الذين ما أذنبوا
﴿ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ ذكرا جميلا، وثناء حسنا بعدي إلى القيامة أذكر به، ويقتدي بي في الخير، وقيل صادقا من ذريتي يدعو الناس إلى الله
﴿ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴾ أي : ممن لهم الجنة كأخص أموالهم
﴿ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ﴾ وهذا قبل أن يتبين أنه عدو لله كما مر في سورة التوبة
﴿ وَلَا تُخْزِنِي ﴾ لا تفضحني ولا تذلني ﴿ يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴾ يبعث الخلائق، أو هؤلاء المشركون، وجميع الأنبياء عليهم السلام مشفقون من سوء العاقبة، فإنه لا معقب لحكمه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، أو لا تخزني بإهانة والدي، وقد ورد١ أن إبراهيم يلقى أباه في القيامة، فيقول : وعدك أن لا تخزني يوم يبعثون، فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين
١ كما في البخاري، والترمذي / ١٢ وجيز..
﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ لكن من أتى بقلب سليم عن الشرك، أو صحيح لا مريض كالمنافق يسلم وينتفع، أو حال١ من أتى بهذا القلب ينفعه، أو لا ينفع شيء إلا٢ حال من أتى الله به، أو لا ينفعان أحد إلا سليم٣ القلب، لأنه صرف المال في الخير، وأرشد الأولاد أو جعل سلامة٤ قلبه من جنسهما كما تقول : هل لك مال وأولاد ؟ فيقول : مالي، وأولادي غنى قلبي
١ فعلى هذا المضاف المحذوف ليس من جنس المستثنى منه حقيقة، بل بضرب من الاعتبار كما في قوله: تحية بينهم ضرب وجيع أي: إلا حال من أتى الله بقلب سليم عبارة عن سلامة القلب كأنه قيل إلا سلامة قلب من أتى الله، الآية..
٢ على هذا الاستثناء منقطع /١٢..
٣ فعلى هذا المستثنى منه محذوف، وهو مفعول ينفع /١٢..
٤ فالمضاف المحذوف ما دل عليه المال والبنون من الغني، وهو المستثنى منه /١٢..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٨:﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ لكن من أتى بقلب سليم عن الشرك، أو صحيح لا مريض كالمنافق يسلم وينتفع، أو حال١ من أتى بهذا القلب ينفعه، أو لا ينفع شيء إلا٢ حال من أتى الله به، أو لا ينفعان أحد إلا سليم٣ القلب، لأنه صرف المال في الخير، وأرشد الأولاد أو جعل سلامة٤ قلبه من جنسهما كما تقول : هل لك مال وأولاد ؟ فيقول : مالي، وأولادي غنى قلبي
١ فعلى هذا المضاف المحذوف ليس من جنس المستثنى منه حقيقة، بل بضرب من الاعتبار كما في قوله: تحية بينهم ضرب وجيع أي: إلا حال من أتى الله بقلب سليم عبارة عن سلامة القلب كأنه قيل إلا سلامة قلب من أتى الله، الآية..
٢ على هذا الاستثناء منقطع /١٢..
٣ فعلى هذا المستثنى منه محذوف، وهو مفعول ينفع /١٢..
٤ فالمضاف المحذوف ما دل عليه المال والبنون من الغني، وهو المستثنى منه /١٢..

﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ قربت١لهم عطف على لا ينفع
١ قربت لينظروا إليها، ويزيدهم قوة ونورا وسرورا /١٢ وجيز..
﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ ﴾ أظهرت ﴿ لِلْغَاوِينَ١
١ من شملته الغواية، وهم الكفرة لتعجيل همهم ويقين شقاوتهم /١٢ وجيز..
﴿ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ ﴾ كما زعمتم أنهم شفعاء ﴿ أَوْ يَنتَصِرُونَ١ بدفع العذاب عن أنفسهم، فإنهم وما يعبدون من دون الله حصب جهنم
١ بدفع العذاب عن أنفسهم، فإنهم وما يعبدون من دون الله حصب جهنم /١٢ وجيز..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٢:﴿ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ ﴾ كما زعمتم أنهم شفعاء ﴿ أَوْ يَنتَصِرُونَ١ بدفع العذاب عن أنفسهم، فإنهم وما يعبدون من دون الله حصب جهنم
١ بدفع العذاب عن أنفسهم، فإنهم وما يعبدون من دون الله حصب جهنم /١٢ وجيز..

﴿ فَكُبْكِبُوا ﴾ ألقوا، والكبكبة : تكرير الكب جعل تكرير لفظه لتكرير معناه، كأنه ينكب فيها مرة بعد أخرى ﴿ فِيهَا ﴾ في جهنم ﴿ هُمْ ﴾ المعبودون ﴿ وَالْغَاوُونَ ﴾ العابدون أو التابعون والمتبعون
﴿ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ ﴾ متبعوه ﴿ أَجْمَعُونَ ﴾ تأكيد للجنود
﴿ قَالُوا ﴾ السفلة للكبراء ﴿ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ﴾ جملة حالية معترضة بين القول ومقوله
﴿ تَاللَّهِ إِن كُنَّا ﴾ أي : إنه كنا ﴿ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم١ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ حيث كنا لكم تبعا، أو ضمير قالوا للأصنام، وعابديها وتسويتهم أنهم عبدوها، واتخذوها آلهة
١ حيث كنا لكم تبعا قال الله: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾ [التوبة: ٣١] /١٢ وجيز.
وكان تسويتهم إياها بالله في الحب والتعظيم مع إقرارهم بأن الله وحده خالق كل شيء وربه ومليكه، وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق، ولا تميت ولا تحيي، وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم، والعبادة كما قال الله تعالى:﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله﴾[البقرة: ١٦٥]، وقال: ﴿ثم الذين كفروا بربهم يعدلون﴾ [الأنعام: ١]، وأصح القولين أنهم يعدلون به غيره في العبادة والموالاة والمحبة، فإنهم ما ساووهم به في الذات والأفعال، ولا قالوا إن آلهتهم خلقت السماوات والأرض وأنها تحيي وتميت، وإنما ساووها به في محبتها وتعظيمها كما ترى عليه أهل الإشراك ممن ينسب إلى الإسلام كذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله/ ١٢..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٧:﴿ تَاللَّهِ إِن كُنَّا ﴾ أي : إنه كنا ﴿ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم١ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ حيث كنا لكم تبعا، أو ضمير قالوا للأصنام، وعابديها وتسويتهم أنهم عبدوها، واتخذوها آلهة
١ حيث كنا لكم تبعا قال الله: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾ [التوبة: ٣١] /١٢ وجيز.
وكان تسويتهم إياها بالله في الحب والتعظيم مع إقرارهم بأن الله وحده خالق كل شيء وربه ومليكه، وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق، ولا تميت ولا تحيي، وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم، والعبادة كما قال الله تعالى:﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله﴾[البقرة: ١٦٥]، وقال: ﴿ثم الذين كفروا بربهم يعدلون﴾ [الأنعام: ١]، وأصح القولين أنهم يعدلون به غيره في العبادة والموالاة والمحبة، فإنهم ما ساووهم به في الذات والأفعال، ولا قالوا إن آلهتهم خلقت السماوات والأرض وأنها تحيي وتميت، وإنما ساووها به في محبتها وتعظيمها كما ترى عليه أهل الإشراك ممن ينسب إلى الإسلام كذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله/ ١٢..


﴿ وَما أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ﴾ على الوجه الأول من باب الالتفات، وعلى الثاني المراد من المجرمون آباؤهم وسادتهم
﴿ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴾ كما للمؤمنين
﴿ وَلَا ﴾ من ﴿ صَدِيقٍ حَمِيمٍ ﴾ من الاحتمام، أي : الاهتمام، أو من الحامة، أي : الخاصة، ولتعدد أنواع الشفاء من الملك والنبي والولي جمع الشفيع بخلاف الصديق، ولأن الصديق الحقيق قليل١ ولذلك قيل هو اسم لا معنى له
١ ولذلك قيل: هو اسم لا معنى له، قيل: الصديق كالعدو يقع على الواحد وعلى الأكثر /١٢ وجيز..
﴿ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً ﴾ رجعة إلى الدنيا ﴿ فَنَكُونَ ﴾ نصب بجواب ( لو ) التي للتمني ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ المذكور من قصة إبراهيم ﴿ لَآيَةً ﴾ حجة وعظة، فكم فيها من الإرشاد والتنبيه والاستدلال على ترتيب أنيق نصحهم ووعدهم وأوعدهم بأحسن طريق ﴿ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم١ مُّؤْمِنِينَ ﴾
١ مع ظهور الدلائل التي استدل بها، وفي ذلك مسلاة لخاتم النبيين صلاة الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين /١٢ وجيز..
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ١ القادر ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ بالإمهال.
١ قال بعض المفسرين قد تم حكاية قول إبراهيم عند قوله: ﴿ولا تخزني يوم يبعثون﴾ وقوله: ﴿يوم لا ينفع﴾ ابتداء كلام من الله أو صلة إلى كلام إبراهيم إلى قوله: ﴿وهو العزيز الرحيم﴾، وعندي أن هذا ليس ببعيد، بل هو الصواب إن شاء الله /١٢ وجيز..
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ ﴾ القوم بدليل تصغيرها على قويمة مؤنثة١﴿ الْمُرْسَلِينَ ﴾ فإن من كذب رسولا فقد كذب الرسل
١ ولهذا قال: ﴿كذبت﴾/ ١٢..
﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ ﴾ لأنه منهم ﴿ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ الله
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ عرفتموني قبل الرسالة بالأمانة
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ﴾ على ما أدعوكم إليه ﴿ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ كرره تأكيدا، وتنبيها على أن كلا من الأمانة وحسم الطمع موجب لقبول النصح، فكيف إذا اجتمعا.
﴿ قَالُوا أَنُؤْمِنُ١ لَكَ ﴾ الهمزة للإنكار ﴿ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ٢ الواو للحال، وأتباعه الحاكة والسوقة حينئذ
١ شرع أشراف قومه في تنقيص متبعيه، وأن انتفاء إيمانهم لهذا /١٢ وجيز..
٢ كما قاله قريش في شأن عمار وصهيب وغيرهما /١٢ وجيز..
﴿ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ما أعلم صنائعهم، وليس لي من دناءتهم شيء إنما كلفت بالدعوة المطلقة
﴿ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي ﴾ أي : لا أطلب إلا التصديق فيما جئت به، والله مطلع على السرائر ﴿ لَوْ تَشْعُرُونَ ﴾ لعلمتم ذلك، قيل مرادهم أنهم سفلة اتبعوك لعزة ولقمة لا لاعتقاد ويقين كما قال تعالى حكاية :﴿ الذين هم أراذلنا بادي الرأي ﴾ [ هود : ٢٧ ] فأجاب بأني لا أعلم أعمالهم، وأنهم مخلصون فيها أو لا وأنا لا أطلب سوى التصديق، وحسابهم على الله١
١ وعلى هذا الجواب ألصق /١٢ وجيز..
﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ١ فقيرا كان أو غنيا شريفا أو دنيّا،
١ وهذا مشعر بأنهم طالبوا طردهم كما طلب قريش مثل هذا، ونزلت: ﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم﴾ الآية [الأنعام: ٥٢] /١٢ وجيز..
﴿ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ١مُّبِينٌ ﴾ فليس لي طرد أحد واجتباء آخر
١ فلا اشتغال إلا بما هو شغلي /١٢ وجيز..
﴿ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ ﴾ عما تقول ﴿ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴾ المقتولين بالحجارة، أو المشتومين
﴿ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ﴾ وما دعا وما شكا عليهم، وعنهم إلا بعد أيام متطاولة يدعوهم، وهم في كفرهم يعمهون
﴿ فَافْتَحْ ﴾ فاحكم ﴿ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ من بلاء تنزله عليهم، أو من كيدهم وشؤمهم
﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾ المملوء من أنواع الأشياء
﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ ﴾ أي : بعد إنجاء المؤمنين ﴿ الْبَاقِينَ ﴾ من قومه
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ﴾ دالة على أن المكذبين في معرض العقوبة ولو بعد حين ﴿ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾
﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ ﴾ التأنيث باعتبار القبيلة، وهو في الأصل اسم أبيهم ﴿ الْمُرْسَلِينَ ﴾
﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ١ هُودٌ ﴾ هو أيضا منهم ﴿ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ تصدير القصص بمضمون عبارة واحدة ليعلم أن كلمتهم متفقة، وإن اختلف في بعض الفروع
١ كان أخاهم من النسب تاجرا جميلا أشبه الخلق بآدم عليه السلام عاش أربعمائة سنة وأربعا وستين، ومنازلهم بين عمان إلى حضر موت أمرع البلاد فيجعلها مفاوزا، ورمالا /١٢..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢٤:﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ١ هُودٌ ﴾ هو أيضا منهم ﴿ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ تصدير القصص بمضمون عبارة واحدة ليعلم أن كلمتهم متفقة، وإن اختلف في بعض الفروع
١ كان أخاهم من النسب تاجرا جميلا أشبه الخلق بآدم عليه السلام عاش أربعمائة سنة وأربعا وستين، ومنازلهم بين عمان إلى حضر موت أمرع البلاد فيجعلها مفاوزا، ورمالا /١٢..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢٤:﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ١ هُودٌ ﴾ هو أيضا منهم ﴿ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ تصدير القصص بمضمون عبارة واحدة ليعلم أن كلمتهم متفقة، وإن اختلف في بعض الفروع
١ كان أخاهم من النسب تاجرا جميلا أشبه الخلق بآدم عليه السلام عاش أربعمائة سنة وأربعا وستين، ومنازلهم بين عمان إلى حضر موت أمرع البلاد فيجعلها مفاوزا، ورمالا /١٢..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢٤:﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ١ هُودٌ ﴾ هو أيضا منهم ﴿ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ تصدير القصص بمضمون عبارة واحدة ليعلم أن كلمتهم متفقة، وإن اختلف في بعض الفروع
١ كان أخاهم من النسب تاجرا جميلا أشبه الخلق بآدم عليه السلام عاش أربعمائة سنة وأربعا وستين، ومنازلهم بين عمان إلى حضر موت أمرع البلاد فيجعلها مفاوزا، ورمالا /١٢..

﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ﴾ مكان مرتفع ﴿ آيَةً ﴾ عمارة مشيدة عالية كآية في الشهرة ﴿ تَعْبَثُونَ ﴾ في بنائها١ لا تحتاجون إليها، بل للشهرة قيل : بنوا على الطرق عمارات كالقصور يجلسون فيها يسخرون بمن يمر، أو المراد منها بروج الحمام، فإنهم متولعون بها
١ في بنائها من غير احتياجكم إليها، ونعم ما قيل: إن في هذا نعي على المترفين يبنون للتنعيم والتلذذ /١٢ وجيز..
﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ ﴾ قصورا أو حصونا، أو مآخذ الماء ﴿ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ١ ترجون الخلود
١ يعني يشبه حالكم حال من لا يأمل الموت كما قال تعالى: ﴿يحسب أن ماله أخلده﴾ [الهمزة: ٣] /١٢ وجيز..
﴿ وَإِذَا بَطَشْتُم ﴾ سطوتم ﴿ بَطَشْتُمْ١جَبَّارِينَ ﴾ متسلطين ظالمين بلا رحمة
١ قال الزجاج: إنما أنكر عليهم ذلك، لأنه ظلم، وأما في الحق فالبطش بالسوط، والسيف جائز قال الكرخي: علم أن اتخاذ الأبنية العالية تدل على حب الدنيا، واتخاذ المصانع يدل على حب البقاء، والجبارية تدل على حب التفرد بالعلو، وهذه صفات الألوهية وهي ممتنعة للحصول للعبد انتهى، ثم لما وصفهم بهذه الصفات القبيحة الدالة على الظلم والعتو والتمرد والتجبر أمرهم بالتقوى فقال: ﴿فاتقوا الله﴾الآية /١٢ فتح..
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ فإن أعمالكم تورث الخزي والندامة
﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم ﴾ أعطاكم ﴿ بِمَا تَعْلَمُونَ ﴾ من الخير نبههم على نعم الله مجملا، ثم فصلها بقوله ﴿ أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٢:﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم ﴾ أعطاكم ﴿ بِمَا تَعْلَمُونَ ﴾ من الخير نبههم على نعم الله مجملا، ثم فصلها بقوله ﴿ أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٢:﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم ﴾ أعطاكم ﴿ بِمَا تَعْلَمُونَ ﴾ من الخير نبههم على نعم الله مجملا، ثم فصلها بقوله ﴿ أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾
ثم أوعدهم فقال ﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم ﴾ إن بقيتم على الكفر والكفران
﴿ قَالُوا سَوَاء ﴾ مستو ﴿ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ ﴾ أي : مستو علينا وعظك وعدمه، فإنا على ما نحن فيه لا نرعوى١ عنه
١ لا نكف عنه /م..
﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ﴾ ما هذا الدين الذي نحن عليه إلا دين الأوائل، ونحن سالكون وراءهم نعيش كما عاشوا ونموت كما ماتوا ولا بعث ولا نشور، أو ما هذا الذي جئتنا به إلا عادتهم يكذبون ويزخرفون، ومن قرأ ﴿ خلق ﴾ بفتح الخاء وسكون اللام، فالمراد اختلاقهم واختراعهم
﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ فلا نخاف مما تخاف علينا وتخوفنا به
﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ ﴾ يعني بريح صرصر ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾
﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ١ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ﴾ إنكار لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم، أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم، وما يتنعمون فيه آمنين، فالهمزة للإنكار، أو التقرير، و ( ما ) موصولة، أي : في الذي استقر في هذا المكان من النعم،
١ كان بين عاد وثمود مائة سنة /١٢ منه..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤١:﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ١ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ﴾ إنكار لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم، أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم، وما يتنعمون فيه آمنين، فالهمزة للإنكار، أو التقرير، و ( ما ) موصولة، أي : في الذي استقر في هذا المكان من النعم،
١ كان بين عاد وثمود مائة سنة /١٢ منه..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤١:﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ١ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ﴾ إنكار لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم، أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم، وما يتنعمون فيه آمنين، فالهمزة للإنكار، أو التقرير، و ( ما ) موصولة، أي : في الذي استقر في هذا المكان من النعم،
١ كان بين عاد وثمود مائة سنة /١٢ منه..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤١:﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ١ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ﴾ إنكار لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم، أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم، وما يتنعمون فيه آمنين، فالهمزة للإنكار، أو التقرير، و ( ما ) موصولة، أي : في الذي استقر في هذا المكان من النعم،
١ كان بين عاد وثمود مائة سنة /١٢ منه..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤١:﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ١ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ﴾ إنكار لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم، أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم، وما يتنعمون فيه آمنين، فالهمزة للإنكار، أو التقرير، و ( ما ) موصولة، أي : في الذي استقر في هذا المكان من النعم،
١ كان بين عاد وثمود مائة سنة /١٢ منه..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤١:﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ١ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ﴾ إنكار لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم، أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم، وما يتنعمون فيه آمنين، فالهمزة للإنكار، أو التقرير، و ( ما ) موصولة، أي : في الذي استقر في هذا المكان من النعم،
١ كان بين عاد وثمود مائة سنة /١٢ منه..

ثم فسر المجمل بقوله :﴿ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴾ لطيف ضامر طلع إناث النخل بالنسبة إلى فحولها لطيف، وطلع البرني١( * ) ألطف من غيره، أو مكسور مظلوم من كثرة الثمر، وإفراد النخل لفضله على الأشجار
١ البرنيُّ: ضرب من التمر أصفر مدور وهو أجود أنواع التمر (اللسان. برن)..
ثم فسر المجمل بقوله :﴿ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴾ لطيف ضامر طلع إناث النخل بالنسبة إلى فحولها لطيف، وطلع البرني١( * ) ألطف من غيره، أو مكسور مظلوم من كثرة الثمر، وإفراد النخل لفضله على الأشجار
﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾ حاذقين متقنين لنحتها، قيل من رأي منازلهم لرأي عجبا، أو أشرين١بطرين
١ هذا على قراءة (فرهين) من الفراهة، وهو النشاط وأما فارهين فحاذقين في القاموس: فره ككرم فراهة حذق حذاقة /١٢..
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ﴾ رؤسائهم١، وقادتهم
١ أي: المشركين، وقيل التسعة الذين عقروا الناقة / ١٢فتح..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥٠:﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ﴾ رؤسائهم١، وقادتهم
١ أي: المشركين، وقيل التسعة الذين عقروا الناقة / ١٢فتح..

﴿ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾ بالكفر، وأنواع المعاصي ﴿ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ قطعا
﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ١ الذين سحروا كثيرا حتى غلب على عقلهم، أو من الذين لهم سحر، أي : رئة يعني أنت لست بملك، فكيف تكون نبيا ؟ !
١ أي: الذين أصيبوا بالسحر قاله مجاهد وقتادة، وقيل المسحر هو المعلل بالطعام، والشراب /١٢، قاله الكلبي، وغيره فيكون المسحر الذي له سحر، وهو الرية فكأنهم قالوا إنما أنت بشر مثلنا تأكل وتشرب /١٢ فتح..
﴿ مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ هذا على الوجه الثاني تأكيد ﴿ فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ في دعواك
﴿ قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ ﴾ دعا الله تعالى فأخرجها من الصخرة في محضرهم باقتراحهم ﴿ لَّهَا شِرْبٌ ﴾ نصيب من الماء ﴿ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴾ هو يوم لا تشرب فيه الماء
﴿ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ عظم اليوم لعظم ما يحل فيه
﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾ أسند العقر إليهم لأن كلهم راضون به ﴿ فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ﴾ عند معاينة العذاب
﴿ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ ﴾ زلزال مع صيحة اقتلعت قلوبهم بهما ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : أتأتون من بين العالمين الذكران يعني إنكم مختصون بتلك الفاحشة لا يشارككم شيء، أو أتأتون الذكران من بين أولاد آدم مع غلبة الإناث الموضوع له
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٠:﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : أتأتون من بين العالمين الذكران يعني إنكم مختصون بتلك الفاحشة لا يشارككم شيء، أو أتأتون الذكران من بين أولاد آدم مع غلبة الإناث الموضوع له
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٠:﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : أتأتون من بين العالمين الذكران يعني إنكم مختصون بتلك الفاحشة لا يشارككم شيء، أو أتأتون الذكران من بين أولاد آدم مع غلبة الإناث الموضوع له
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٠:﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : أتأتون من بين العالمين الذكران يعني إنكم مختصون بتلك الفاحشة لا يشارككم شيء، أو أتأتون الذكران من بين أولاد آدم مع غلبة الإناث الموضوع له
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٠:﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : أتأتون من بين العالمين الذكران يعني إنكم مختصون بتلك الفاحشة لا يشارككم شيء، أو أتأتون الذكران من بين أولاد آدم مع غلبة الإناث الموضوع له
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٠:﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : أتأتون من بين العالمين الذكران يعني إنكم مختصون بتلك الفاحشة لا يشارككم شيء، أو أتأتون الذكران من بين أولاد آدم مع غلبة الإناث الموضوع له
﴿ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم١ ( من ) بيان٢ ( لما ) ﴿ بَلْ٣ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ مفرطون في المعصية، حيث تختصون بفاحشة لا تشارككم بهيمة
١ قال مجاهد: تركتم أقبال النساء إلى أدبار الرجال /١٢ معالم..
٢ قيل: من للتبعيض بدل من (ما) فالمراد مما خلق المباح منهم وفي قراءة ابن مسعود (ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم) / ١٢ وجيز..
٣ والإضراب للانتقال من شيء إلى شيء لا أنه إبطال لما سبق وجاء تصدير الجملة بضمير الخطاب تعظيما لقبح فعالهم، وتنبيها على أنهم هم المختصون بذلك / ١٢ وجيز..
﴿ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ ﴾ عما تنازعنا فيه ﴿ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ﴾ من أرضنا
﴿ قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ ﴾ من المبغضين غاية١ البغض
١ ثم دعا ربه فقال: (رب) إلخ /١٢..
﴿ رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ من وباله
﴿ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ ﴾ أهل بيته ومن تبعه ﴿ أَجْمَعِينَ ﴾ بأن أخرجناهم من بينهم حين حلول العذاب
﴿ إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴾ أي : موصوفة بكونها في الباقين في العذاب هي امرأة لوط خرجت معهم، وهم مأمورون بأن لا يلتفتوا إلى القرية إذا سمعوا صيحة العذاب وهي التفتت لأنها كانت تحبهم راضية بعملهم، فأهلكها الله بحجارة من السماء، أو هي ما خرجت معهم
﴿ ثُمَّ دَمَّرْنَا ﴾ أهلكنا ﴿ الْآخَرِينَ ﴾،
﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ﴾ قلب الله ديارهم، وحين التقليب أمطر عليهم الحجارة، أو إمطار الحجارة على مسافريهم ﴿ فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ﴾ مطرهم، ولام المنذرين للجنس، لأنه يجب أن يكون فاعل المدح والذم جنسا، أو مضافا إليه ليكون فيه إبهام، ويكون المخصوص بالمدح أو الذم تفسيره ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾
﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ﴾ شجرة كانوا يعبدونها ﴿ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ﴾ لم يقل هنا أخوهم مع أنه أخوهم نسبا، لأنه نسبهم إلى عبادة شجرة فقطع نسبة الأخوة بينهم، والأصح أنهم أهل مدين، ولهذا وعظهم، وأمرهم بوفاء الكيل كما في قصة مدين سواء، وعن بعض : هم غيرهم، وشعيب من أهل مدين لا منهم، فلهذا لم يقل أخوهم ﴿ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾
﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ﴾ شجرة كانوا يعبدونها ﴿ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ﴾ لم يقل هنا أخوهم مع أنه أخوهم نسبا، لأنه نسبهم إلى عبادة شجرة فقطع نسبة الأخوة بينهم، والأصح أنهم أهل مدين، ولهذا وعظهم، وأمرهم بوفاء الكيل كما في قصة مدين سواء، وعن بعض : هم غيرهم، وشعيب من أهل مدين لا منهم، فلهذا لم يقل أخوهم ﴿ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾
﴿ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيم ﴾ بالميزان السوي قيل القسطاس القبان١( * )
١ في اللسان (قبن): القبّان: الذي يوزن به، قال الجوهري: القبان، القسطاس معرّب..
﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ﴾ لا تنقصوا شيئا من حقوقهم ﴿ وَلَا تَعْثَوْا ﴾ لا تغلوا في الفساد ﴿ فِي الْأَرْضِ ﴾ حال كونكم ﴿ مُفْسِدِينَ ﴾ بالقتل، وقطع الطريق
﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ ﴾ ذوى الجلبة ﴿ الْأَوَّلِينَ ﴾ يعني : وخلق الخلائق الأولين
﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ أتوا بالواو هؤلاء دون قوم ثمود دلالة على أنه جامع بين وصفين متنافيين للرسالة مبالغة في تكذيبه، وكذا أكدوا في نفيها عنه بقولهم :﴿ وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ والظن بمعنى العلم١ بدليل ( إن ) واللام، ولذا أيضا ما طلبوا البرهان عنه، بل قطعوا بما يدل على اليأس، حيث قالوا :﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا ﴾ قطعة، أو عذابا ﴿ مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ في الدعوى
١ بدليل (إن) المخففة من المثقلة، واللام /١٢..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨٥:﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ أتوا بالواو هؤلاء دون قوم ثمود دلالة على أنه جامع بين وصفين متنافيين للرسالة مبالغة في تكذيبه، وكذا أكدوا في نفيها عنه بقولهم :﴿ وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ والظن بمعنى العلم١ بدليل ( إن ) واللام، ولذا أيضا ما طلبوا البرهان عنه، بل قطعوا بما يدل على اليأس، حيث قالوا :﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا ﴾ قطعة، أو عذابا ﴿ مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ في الدعوى
١ بدليل (إن) المخففة من المثقلة، واللام /١٢..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٨٥:﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ أتوا بالواو هؤلاء دون قوم ثمود دلالة على أنه جامع بين وصفين متنافيين للرسالة مبالغة في تكذيبه، وكذا أكدوا في نفيها عنه بقولهم :﴿ وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ والظن بمعنى العلم١ بدليل ( إن ) واللام، ولذا أيضا ما طلبوا البرهان عنه، بل قطعوا بما يدل على اليأس، حيث قالوا :﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا ﴾ قطعة، أو عذابا ﴿ مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ في الدعوى
١ بدليل (إن) المخففة من المثقلة، واللام /١٢..

﴿ قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ فيجازيكم بما أنتم تستحقون
﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ﴾ سلط عليهم حر شديد، فأظلتهم سحابة، واستظلوا جميعا بظلها، فخرجت نار من السحابة، وأحرقتهم، وعن بعض : كشف عنهم الظلة، وحمى عليهم الشمس فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى
﴿ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ١ هذا هو العلة في نزول العذاب على الأمم، ولو آمن أكثرهم كما آمن قريش لأمهلهم
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ ﴾ الغالب المنتقم من الأعداء ﴿ الرَّحِيمُ١ على أوليائه، وهذا آخر القصص السبع المذكورة على سبيل الاختصار بعدما فصلها مكررة تسلية لرسوله، وتهديدا٢لمن خالفه.
١ ولما قص حكاية الأمم السوالف عاد إلى ما افتتح به السورة من إعراض المشركون عما يأتيهم من الذكر ليناسب المفتتح والمختتم، فقال: ﴿وإنه لتنزيل رب العالمين﴾ الآية / ١٢ وجيز..
٢ وتنبيها على أن لكل من الرسل دعوة واحدة، ونصائح مختلفة بحسب ما هم فيه من المعاصي /١٢ وجيز..
﴿ وَإِنَّهُ١ القرآن٢ ﴿ لَتَنزِيلُ ﴾ منزل
١ لما ختم ما اقتصه من خبر الأنبياء ذكر بعد ذلك ما يدل على نبوته، فقال: ﴿وإنه لتنزيل رب العالمين﴾ /١٢ كبير..
٢ قاله أكثر المفسرين وقال مقاتل: ذكر محمد ونعته / ١٢معالم..
﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ ﴾ الباء للتعدية ﴿ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ جبريل
﴿ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ لأنه بلسانك ولغتك، فتفهمه أولا من غير أن تلاحظ الألفاظ كيف جرت، ولو لم يكن بلغتك لكان نازلا على سمعك تسمع الألفاظ، أولا ثم تخرج المعاني منها وإن كنت ماهرا بتلك اللغة أيضا ﴿ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴾ عن كل ما لا يرضي به الله
﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴾ واضح المعنى متعلق بنزل، وقيل بالمنذرين أي : لتكون ممن أنذروا بلغة العرب، وهم خمسة هود، وصالح، وإسماعيل، وشعيب، ومحمد عليهم أفضل الصلوات وأتمها ومن التحيات أزكاها
﴿ وَإِنَّهُ ﴾ أي : ذكر القرآن ﴿ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴾ كتبهم
﴿ أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً ﴾ على صحته ﴿ أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ أي : أليس علم علمائهم بأنه من الله دليلا دالا على صحته، والمراد العدول١ منهم كعبد الله بن سلام وسلمان، وقرئ تكن بالتاء مع رفع آية فآية اسم كان، ولهم خبره ( وأن يعلمه ) إلخ بدل من الاسم، أو اسم كان ضمير القصة ( وأن يعلمه ) إلخ مبتدأ أو آية خبره، والجملة خبر كان
١ فكأن قريش في كثير من الأمور النقلية ترجع إلى علماء اليهود يسألونهم قائلين: (إنهم ؟أصحاب الكتب الإلهية، وقد تهود وتنصر كثير من العرب، وعن ابن عباس: إن أهل مكة بعثوا إلى أحبار يثرب يسألونهم عن النبي، فقالوا: هذا زمانه ووصفوا نعته، ذكره الثعلبي /١٢ وجيز..
﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ ﴾ القرآن الفصيح الذي عجز دونه أفصح فصحاء العرب ﴿ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ ﴾ الذين لا يدرون من العربية١
١ والأعجم في الأصل من يكون في لسانه عجمة وعقدة، ثم استعمل فيمن تكلم بلسان غير لسانهم، فالعرب عند العجم أعجمي وبالعكس، وأما العجم فكل من هو غير العرب /١٢ وجيز..
﴿ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ لفرط عنادهم، قال تعالى :﴿ إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية ﴾ الآية [ يونس : ٩٦ ]، قيل : معناه، ولو نزلنا القرآن بلغة العجم على بعض الأعجمين فقرأه على أهل مكة ما كانوا به يؤمنون قال تعالى :﴿ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ﴾ [ فصلت : ٤٤ ]
﴿ كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ ﴾ أدخلنا الكفر والتكذيب ﴿ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ فلا ينفعهم حينئذ
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٠٠:﴿ كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ ﴾ أدخلنا الكفر والتكذيب ﴿ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ فلا ينفعهم حينئذ
﴿ فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ بإتيان العذاب
﴿ فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ ﴾ يتمنون النظرة
﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴾ وهم يطلبون النظرة عند نزول العذاب كما قالوا :﴿ فأتنا بما تعدنا ﴾ [ الأعراف : ٧٠ ] نقل أنه لما نزل لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم، قالوا : متى هذا العذاب ؟ فنزل ﴿ أفبعذابنا يستعجلون ﴾ ؟ !
﴿ أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾ لم ينفعهم تمتعهم١ في أيام متطاولة، ولم يدفع شيئا من العذاب عنهم.
١ وفيه إشارة إلى أنهم في حالة إمهالهم لا يؤمنون، ولا يكتسبون ما ينفعهم، ولما ذكر أن إمهالهم لا ينتجهم إلا مزيد نكالهم بين أنه أخبرهم ومهلهم وأمهلهم للسعادة لكن تقدمت شقاوتهم ولم يلتفتوا فقال: ﴿وما أهلكنا من قرية﴾ الآية /١٢ وجيز..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٠٥:﴿ أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾ لم ينفعهم تمتعهم١ في أيام متطاولة، ولم يدفع شيئا من العذاب عنهم.
١ وفيه إشارة إلى أنهم في حالة إمهالهم لا يؤمنون، ولا يكتسبون ما ينفعهم، ولما ذكر أن إمهالهم لا ينتجهم إلا مزيد نكالهم بين أنه أخبرهم ومهلهم وأمهلهم للسعادة لكن تقدمت شقاوتهم ولم يلتفتوا فقال: ﴿وما أهلكنا من قرية﴾ الآية /١٢ وجيز..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٠٥:﴿ أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾ لم ينفعهم تمتعهم١ في أيام متطاولة، ولم يدفع شيئا من العذاب عنهم.
١ وفيه إشارة إلى أنهم في حالة إمهالهم لا يؤمنون، ولا يكتسبون ما ينفعهم، ولما ذكر أن إمهالهم لا ينتجهم إلا مزيد نكالهم بين أنه أخبرهم ومهلهم وأمهلهم للسعادة لكن تقدمت شقاوتهم ولم يلتفتوا فقال: ﴿وما أهلكنا من قرية﴾ الآية /١٢ وجيز..

﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ ﴾ رسل ينذرونهم١
١ وأمهلناهم ليحذروا عما أنذروا، وجمع منذرون لأن من قرية عام كأنه قال، ما أهلكنا القرى الظالمة / ١٢وجيز..
﴿ ذِكْرَى ﴾ مصدر لمنذرون١ لأن أنذر وذكر متقاربان، أو مفعول له أي : منذرون لأجل الموعظة، أو أهلكناهم بعد إلزام الحجة تذكرة وعبرة لغيرهم ﴿ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ فنهلك قبل الإنذار
١ - أو لتوغلهم في التذكير جعلهم نفس العظة كرجل عدل/ ١٢ وجيز..
﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ﴾ نزل به الروح الأمين لا الشياطين
﴿ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ ﴾ ما يصح للشياطين أن ينزلوا به فإنهم ينزلون لفساد، وما في القرآن إلا الرشاد ﴿ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ إنزاله وإن أرادوا
﴿ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ ﴾ عن استراق السمع من السماء بحيث يكون المسموع كلاما مفيدا تاما ﴿ لَمَعْزُولُونَ١ محجوبون كما قالوا :﴿ وإنا كنا نقعد مقاعد للسمع ﴾ الآية [ الجن : ٩ ]
١ نفى أولا تنزيلهم به، وما نفى الإمكان ثم نفى صلاحيتهم، كأنه قال ولو فرض الإمكان لم يكونوا أهلا له، ثم نفى قدرتهم على ذلك وأنه مستحيل في حقهم فارتقى من نفي الفعل إلى نفي الصلاحية، ومن نفي الصلاحية إلى نفي الاستطاعة، ولما أشار إلى أن الشيطان يدعون إلى الطواغيت، والقرآن هو الداعي إلى الحق سبب عنه بقوله: ﴿فلا تدع مع الله﴾ الآية /١٢ وجيز..
﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾عن ابن عباس يحذر به غيره يقول : يا محمد أنت أكرم خلقي، ولو اتخذت إلها غيري لعذبتك،
﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ١ فإن الاعتناء بشأنهم٢ وفو
١ وفي البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فعم وخص، فقال: (يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا معشر بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، ويا مشعر بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لك ضرا ولا نفعا، ألا إن لكم رحما، وسأبلها ببلاها)، قال الشوكاني في شرح الصدور بعد ذكر الحديث: فإذا كان هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخص قرابته به، وأحبهم إليه فيما ظنك بسائر الأموات الذين لم يكونوا أنبياء معصومين ولا رسل مرسلين، بل غاية ما عند أحدهم أنه فرد من أفراد هذه الأمة المحمدية، وواحد من هذه الملة الإسلامية فهو أعجز أن ينفع أو يدفع عنها ضرا، وكيف لا يعجز عن شيء قد عجز عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أمته كما أخبر الله عنه وأمره بأن يقول للناس بأنه لا يملك لنفسه شيئا من ضر ولا نفع، وأنه لا يغني عن أخص قرابته من الله شيئا، فيا عجبا كيف يطمع من له أدنى نصيب من علم أو أقل حظا من عرفان أن ينفعه أو يضره فرد من أفراد أمة هذا النبي الذي يقول عن نفسه هذه المقالة، والحال أنه فرد من التابعين له المقتدين بشرعه، فهل سمعت أذناك أرشدك الله بضلال عقل أكبر من هذا الضلال الذي وقع فيه أهل القبور، إنا لله وإنا إليه راجعون / انتهى ١٢..
٢ فإنهم والناس سواء في أنهم معذبون إن لم يهتدوا /١٢ وجيز..
﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ ﴾ لين جانبك، وتواضع ﴿ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ لا من المنافقين١، فإنهم أيضا يتبعونك بحسب الظاهر
١ بل واغلظ عليهم ومأواهم جهنم /١٢..
﴿ فَإِنْ عَصَوْكَ ﴾ لم يتبعوك ﴿ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾ الذي يقدر على قهر الأعداء، ونصر الأولياء يكفيك شر من يعصيك
﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ إلى الصلاة وحدك١
١ في أثناء الليل، وفيه حث على التهجد /١٢ وجيز..
﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ عطف على كاف يراك، أي : تصرفك بأركان الصلاة فيما بين المصلين يعني : يراك إذا صليت منفردا، وإذا صليت في جماعة أو تصرفك وذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين، أو تقلبك في أصلاب آبائك الأنبياء من نبي إلى نبي، حتى أخرجك يعني : توكل على من يراك في أحوال اجتهادك في مرضاته
﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ هَلْ١ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ﴾ بعدما قال :﴿ وما تنزلت به الشياطين ﴾، قال : هل أخبركم بأن الشياطين على من تتنزل
١ ولما قال: ﴿وما تنزلت به الشياطين﴾ قال: ﴿هل أنبئكم﴾ الآية /١٢ وجيز..
( ﴿ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ ﴾ كذاب ﴿ أَثِيمٍ ﴾ كثير الإثم هم الكهنة والمنجمون
﴿ يُلْقُونَ السَّمْعَ ﴾ أي : يسترق الشياطين السمع من السماء فيختطفون كلمة من الملائكة ثم يلقونها إلى أوليائهم من الإنس مع مائة كذبة، وفي الحديث١ ( ربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقى قبل أن يدركه )، وهذا يدل على أن الاستراق حينئذ أيضا واقع، أو معناه يلقى الأفّاكون السمع إلى الشياطين فيتلقون منهم ظنون وأمارات أكثرها أكاذيب ﴿ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ قل من يصدق منهم
١ كما في الصحيحين /١٢ وجيز..
﴿ وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ﴾ أي : الضالون يعني : شعراء الكفار الذين يهجون النبي عليه السلام، ويقولون : نحن نقول مثل ما يقول محمد يجتمع إليهم غواة يستمعون ويروون عنهم
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ ﴾ من أودية الكلام ﴿ يَهِيمُونَ١ يذهبون كالمجنون، فإن أكثر الأشعار وأحسنها خيالات لا حقيقة٢لها
١ الهائم: الذاهب على وجهه لا مقصد له، وتمثيل لذهابهم في كل شعب من القول /١٢..
٢ حتى يجعلون في المدح أجهل الناس أفضلهم وأبخلهم أسخاهم وأجبنهم أشجعهم، وأسلفهم أعلاهم، وفي الذم يعسكون وينكسون /١٢ وجيز..
﴿ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ١ فعلم أن القرآن ليس بشعر، وأنت لست بشاعر، فإن أتباعك هداة مهديون، والقرآن كله حق صدق وأنت بالصدق موصوف، وبالوفاء معروف
١ ينسبون إلى أنفسهم من مثل فرط الحب والعشق، وما ليس فيهم فهم كاذبون في شأن غيرهم، وفي شأن أنفسهم /١٢ وجيز..
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ استثناء للشعراء المؤمنين المادحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم الهاجين لأعداء الله ﴿ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ في شعرهم، وغير شعرهم ﴿ وَانتَصَرُوا ﴾ من الكفار بهجوهم ﴿ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾ أي : مكافأة هجاتهم هجوا للمسلمين.
لما نزلت ﴿ والشعراء يتبعهم الغاوون ﴾ جاء حسان، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك إليه عليه السلام، وهم يبكون، فقالوا : قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء، فأنزل الله ﴿ إلا الذين١ آمنوا ﴾ الآية ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ بأن ذموا قوما، ومدحوا قوما بباطل، وتكلموا بالأكاذيب ﴿ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾ أي : مرجع يرجعون بعد الموت، فيه تهديد شديد وسياق الآية، وإن كان في الكفار وشعرائهم لكن عام لكل ظالم، ولهذا كتب الصديق رضي الله عنه عند الوصية : بسم الله الرحمان الرحيم هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر وينتهي الفاجر ويصدق الكاذب إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب. فإن يعدل فذاك ظني به، ورجائي، فيه وإن يجرؤ ويبدل فلا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
١ وهذه الآية إلى آخر السورة مدنية كما صرح بذلك محيي السنة وغيره، والباقي من أول السورة إلى هذه الآية مكية، فلا إشكال في سبب النزول على ما نقلها، والمورد خاص والحكم عام، فمن كان شعره في أمر ديني أو في مكافأة ظلم بقدره، وهو متصف بما وصفه الله فهو من الذين استثناهم الله /١٢ وجيز..
Icon