ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١ الى ٦]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤)ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥) وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦)
١- الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ:
الر ألف، لام، راء فى الابتداء بهذه الحروف تنبيه الى اعجاز القرآن، مع أنه مكون من حروف يتكلمون بها.
تِلْكَ اشارة الى ما تضمنته السورة من الآيات.
آياتُ الْكِتابِ السورة.
وَقُرْآنٍ مُبِينٍ تنكير قُرْآنٍ للتفخيم.
أي الكتاب الجامع للكمال والغرابة فى البيان.
٢- رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ:
لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ حكاية ودادتهم، وانما جىء بها على لفظ الغيبة لأنهم مخبر عنهم.
٣- ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ:
يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا بدنياهم.
وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ويشغلهم أملهم.
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ سوء صنيعهم.
٤- وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ:
وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ جملة واقعة صفة لقوله قَرْيَةٍ.
مَعْلُومٌ مكتوب معلوم.
٥- ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ:
وَما يَسْتَأْخِرُونَ عنه، لأنه معلوم.
٦- وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ:
يا أَيُّهَا النداء منهم على وجه الاستهزاء.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٧ الى ٩]
لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)٧- لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ:
لَوْ ما للتحضيض والمعنى: هلا تأتينا بالملائكة يشهدون بصدقك.
٨- ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ:
إِلَّا بِالْحَقِّ الا تنزلا ملتبسا بالحكمة والمصلحة ولا حكمة فى أن تأتيكم الملائكة عيانا، لأنكم حينئذ مصدقون عن اضطرار.
إِذاً جواب وجزاء، لأنه جواب لهم وجزاء الشرط مقدر، تقديره: ولولا نزلنا الملائكة ما كانوا منتظرين وما أخرنا عذابهم.
٩- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ رد لانكارهم واستهزائهم.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١٠ الى ١٤]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤)
١٠- وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ:
فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ فى فرقهم وطوائفهم.
١١- وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ:
وَما يَأْتِيهِمْ حكاية حال ماضية.
١٢- كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ:
كَذلِكَ أي الضلال والكفر والاستهزاء والشرك.
نَسْلُكُهُ نلقيه.
١٣- لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ:
لا يُؤْمِنُونَ أي غير مؤمن به، فى موضع نصب على الحال، أو هو بيان لقوله كَذلِكَ نَسْلُكُهُ.
سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ طريقتهم التي سنها الله فى إهلاكهم حين كذبوا برسلهم، وبالذكر المنزل عليهم.
١٤- وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ:
يَعْرُجُونَ يصعدون.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١٥ الى ٢٠]
لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩)وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠)
١٥- لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ:
سُكِّرَتْ أَبْصارُنا أي غشيها ضعف فلا يبصرون.
أي ان هؤلاء المشركين بلغ من غلوهم فى الفساد أن لو فتح لهم باب من أبواب السماء، ويسر لهم معراج يصعدون فيه إليها، ورأوا من العيان ما رأوا لقالوا: هو شىء نتخايله لا حقيقة له، ولقالوا: قد سحرنا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم بذلك.
١٦- وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ:
بُرُوجاً منازل للكواكب.
وَزَيَّنَّاها يعنى السماء.
لِلنَّاظِرِينَ المعتبرين والمفكرين.
١٧- وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ:
رَجِيمٍ مرجوم بالحجارة.
١٨- إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ:
اسْتَرَقَ السَّمْعَ اختطت خطفا يسيرا.
فَأَتْبَعَهُ أدركه ولحقه.
شِهابٌ مُبِينٌ شهاب: كوكب مضىء. ومبين: ظاهر للمبصرين.
١٩- وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ:
مَدَدْناها بسطناها.
وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ جبالا راسخة راسية ثابتة.
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ أي مقدر ومعلوم.
٢٠- وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ:
وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ من المطاعم والمشارب التي يعيشون بها.
وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ أي الدواب والأنعام.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٢١ الى ٢٧]
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (٢٧)
٢١- وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ:
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ أي: وان من شىء من أرزاق الخلق ومنافعه الا عندنا خزائنه.
وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ أي ولكن لا ننزله الا على حسب مشيئة وعلى حسب حاجة الخلق اليه.
٢٢- وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ:
لَواقِحَ حوامل، أو ملقحة.
وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ أي ليست خزائنه عندكم.
٢٣- وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ:
وَنَحْنُ الْوارِثُونَ الأرض وما عليها ولا يبقى شىء سوانا.
٢٤- وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ:
الْمُسْتَقْدِمِينَ أول الخلق.
الْمُسْتَأْخِرِينَ آخر الخلق.
٢٥- وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ:
يَحْشُرُهُمْ للحساب والجزاء.
٢٦- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ:
مِنْ صَلْصالٍ أي من طين يابس.
مِنْ حَمَإٍ الحمأ: الطين الأسود.
مَسْنُونٍ متغير.
٢٧- وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ:
مِنْ قَبْلُ أي من قبل خلق آدم.
مِنْ نارِ السَّمُومِ نار لا دخان لها.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٢٨ الى ٣٤]
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٢٩) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١) قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢)قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٣٣) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٣٤)
٢٨- وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ:
مِنْ صَلْصالٍ من طين جاف.
مِنْ حَمَإٍ الحمأ: الطين الأسود.
مَسْنُونٍ متغير.
أي كان أولا ترابا، ثم بل فصار طينا، ثم ترك حتى أنتن فصار حمأ مسنونا، ثم يبس فصار صلصالا.
٢٩- فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ:
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي أحييته.
فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ أي خروا له ساجدين.
٣٠- فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ فعلوا ما أمروا به من السجود.
٣١- إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ:
أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ لم يسجد معهم.
٣٢- قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ:
ما لَكَ أي ما المانع لك.
أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ أي فى ألا تكون.
٣٣- قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ:
من تكبره وحسده، وأنه خير منه، إذ هو من نار، والنار تأكل الطين.
٣٤- قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ:
فَاخْرُجْ مِنْها أي من السموات، أو من جنة عدن، أو من جملة الملائكة.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٣٥ الى ٤٢]
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٣٥) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨) قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩)
إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (٤٢)
٣٥- وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ:
اللَّعْنَةَ أي لعنتى.
٣٦- قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ:
فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ألا يموت الى يوم البعث، لأن يوم البعث لا موت فيه ولا بعده.
٣٧- قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ:
الْمُنْظَرِينَ المؤجلين.
٣٨- إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ:
أي النفخة الأولى، أي حين تموت الخلائق.
٣٩- قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ:
بِما أَغْوَيْتَنِي الباء للقسم. وما مصدرية. أي تسبيبه لغيه حين أمره بالسجود فلم يسجد.
لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ بفعل المعاصي، أو بشغلهم بزينة الدنيا عن الطاعة.
وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ أي لأضلهن عن طريق الهدى.
٤٠- إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ:
الْمُخْلَصِينَ أي الذين استخلصتهم وأخلصتهم.
وقرىء بكسر اللام، أي الذين أخلصوا لك العبادة من فساد ورياء.
٤١- قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ:
هذا صِراطٌ أي طريق حق.
عَلَيَّ أن أراعيه.
٤٢- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ:
إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ أي الضالين المشركين.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٤٣ الى ٤٩]
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧)
لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨) نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩)
٤٣- وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ:
يعنى إبليس ومن اتبعه.
٤٤- لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ:
سَبْعَةُ أَبْوابٍ أي أطباق.
لِكُلِّ بابٍ لكل طبقة.
جُزْءٌ مَقْسُومٌ أي حظ معلوم.
٤٥- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ أي الذين اتقوا الفواحش والشرك.
فِي جَنَّاتٍ بساتين.
وَعُيُونٍ أنهار.
٤٦- ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ:
بِسَلامٍ بسلامة من كل داء وآفة. وقيل بتحية من الله لهم.
آمِنِينَ أي من الموت والعذاب.
٤٧- وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ:
إِخْواناً منصوب على الحال.
مُتَقابِلِينَ يواجه بعضهم بعضا.
٤٨- لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ:
نَصَبٌ أي اعياء وتعب.
٤٩- نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ:
نبىء عبادى أنى كثير الغفران والعفو لمن تاب وآمن وعمل صالحا وأنى كثير الرحمة.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥٠ الى ٥٧]
وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠) وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢) قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤)قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (٥٦) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧)
٥٠- وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ:
وأخبرهم أن العذاب الذي أنزله بالعصاة الجاحدين هو العذاب المؤلم حقا، وكل عذاب غيره لا يعد مؤلما بجواره.
٥١- وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ:
ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الملائكة الذين بشروه بهلاك قوم لوط.
٥٢- إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ:
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ جمع لأن الضيف يصلح للواحد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث.
فَقالُوا سَلاماً أي سلموا سلاما.
قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ فزعون خائفون.
٥٣- قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ:
قالُوا لا تَوْجَلْ لا تخف.
بِغُلامٍ عَلِيمٍ عالم. وقيل: حليم.
٥٤- قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ:
عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ أن، مصدرية، أي على مس الكبر إياى.
فَبِمَ تُبَشِّرُونَ استفهام تعجب. وقيل: استفهام حقيقى.
٥٥- قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ:
قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ بما لا خلف فيه وأن الولد لا بد منه.
فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ من اليائسين من الولد.
٥٦- قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ:
إِلَّا الضَّالُّونَ المكذبون الذاهبون عن طريق الصواب.
٥٧- قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ:
فَما خَطْبُكُمْ فما أمركم وشأنكم.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥٨ الى ٦٥]
قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠) فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢)قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٦٤) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥)
٥٨- قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ:
مُجْرِمِينَ مشركين ضالين لنهلكهم.
٥٩- إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ:
إِلَّا آلَ لُوطٍ أتباعه وأهل دينه.
إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ مخلصوهم.
٦٠- إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ:
إِلَّا امْرَأَتَهُ استثناء من آل لوط.
قَدَّرْنا قضينا.
لَمِنَ الْغابِرِينَ الباقين فى العذاب.
٦١- فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ:
أي ولما نزل الملائكة بلوط وأتباعه.
٦٢- قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ:
قَوْمٌ مُنْكَرُونَ لا أعرفكم.
٦٣- قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ:
أي يشكون أنه نازل بهم وهو العذاب.
٦٤- وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ:
بِالْحَقِّ بالصدق.
وَإِنَّا لَصادِقُونَ فى إهلاكهم.
٦٥- فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ:
بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ بعد مرور قطع من الليل.
وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ أي كن من ورائهم لئلا يتخلف منهم أحد فيناله العذاب.
وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ قيل: الشام.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٦٦ الى ٧٢]
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦) وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠)
قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)
٦٦- وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ:
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ أي أوحينا الى لوط.
دابِرَ هؤُلاءِ أي آخرهم.
مُصْبِحِينَ أي عند الصبح.
٦٧- وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ:
أَهْلُ الْمَدِينَةِ أي مدينة لوط سدوم.
يَسْتَبْشِرُونَ مستبشرين بالأضياف طمعا منهم فى ركوب الفاحشة.
٦٨- قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ:
ضَيْفِي أي أضيافى.
فَلا تَفْضَحُونِ بفضيحة ضيفى، لأن من أسىء الى ضيفه فقد أسىء اليه.
٦٩- وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ:
وَلا تُخْزُونِ يجوز أن يكون من الخزي الذي هو الذل والهوان، أو من الخزاية، بمعنى الحياء والخجل.
٧٠- قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ:
أي عن أن تضيف أحدا لأنا نريد منهم الفاحشة. وقيل: أو لم ننهك عن أن تكلمنا فى أحد من الناس إذا قصدناه بالفاحشة.
٧١- قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ:
أي فتزوجوهن ولا تركنوا الى الحرام.
٧٢- لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ:
لعمرك.
إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ أي غوايتهم التي أذهبت عقولهم وتمييزهم بين الخطأ الذي هم عليه وبين الصواب الذي تشير به عليهم.
يَعْمَهُونَ يتحيرون.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٧٣ الى ٧٩]
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧)
وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩)
٧٣- فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ:
الصَّيْحَةُ العذاب.
مُشْرِقِينَ داخلين فى الشروق، وهو بزوغ الشمس.
٧٤- فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ:
مِنْ سِجِّيلٍ من طين.
٧٥- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ:
لِلْمُتَوَسِّمِينَ المتفرسين المتأملين.
٧٦- وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ:
وَإِنَّها أي وان هذه القرى وآثارها.
لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ثابت يسلكه الناس لم يندرس بعد وهم يبصرون تلك الآثار.
٧٧- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ:
لَآيَةً دليلا وحجة.
٧٨- وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ:
أَصْحابُ الْأَيْكَةِ قوم شعيب.
٧٩- فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ:
وَإِنَّهُما يعنى قرى قوم لوط والأيكة. وقيل: الضمير للأيكة ومدين، لأن شعيبا كان مبعوثا إليهما.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٨٠ الى ٨٦]
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٨١) وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤)
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨٦)
٨٠- وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ:
أَصْحابُ الْحِجْرِ ثمود. والحجر: واديهم، وهو بين المدينة والشام.
الْمُرْسَلِينَ يعنى بتكذيبهم صالحا، لأن من كذب واحدا من الرسل فكأنما كذبهم جميعا.
٨١- وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ:
مُعْرِضِينَ لم يعتبروا.
٨٢- وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ:
آمِنِينَ لوقاية البيوت واستحكامها من أن تهدم ويتداعى بنيانها.
٨٣- فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ:
الصَّيْحَةُ العذاب.
مُصْبِحِينَ مع الصبح.
٨٤- فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ:
ما كانُوا يَكْسِبُونَ من بناء البيوت الوثيقة والأموال والعدد.
٨٥- وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ:
إِلَّا بِالْحَقِّ الا خلقا ملتبسا بالحق والحكمة، لا باطلا وعبثا.
وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ وان الله ينتقم لك فيها من أعدائك.
فَاصْفَحِ فأعرض عنهم واحتمل ما تلقى منهم.
الصَّفْحَ الْجَمِيلَ إعراضا جميلا بحلم وإغفاء.
٨٦- إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ:
الْعَلِيمُ بحالك وحالهم، فلا يخفى عليه ما يجرى بينكم وهو يحكم بينكم.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٨٧ الى ٩١]
وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧) لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)
٨٧- وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ:
سَبْعاً سبع آيات، وهى الفاتحة.
الْمَثانِي من التثنية، وهى التكرير، لأن الفاتحة مما تكرر قراءتها فى الصلاة وغيرها.
أو من الثناء، لاشتمالها على ما هو ثناء على الله.
٨٨- لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ:
لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ أي لا تطمح ببصرك طموح راغب فيه متمنّ له.
إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أصنافا من الكفار.
وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ أي لا تتمن أموالهم ولا تحزن عليهم أنهم لم يؤمنوا فيتقوى بمكانهم الإسلام.
وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وضعفائهم.
٨٩- وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ:
وَقُلْ لهم.
النَّذِيرُ الْمُبِينُ أنذركم ببيان وبرهان أن عذاب الله نازل بكم.
٩٠- كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ:
كَما أَنْزَلْنا متعلق بقوله وَلَقَدْ آتَيْناكَ أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب، وهم المقتسمون.
٩١- الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ:
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٩٢ الى ٩٩]
فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦)
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)
٩٢- فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ:
لَنَسْئَلَنَّهُمْ عبارة عن الوعيد.
٩٣- عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ:
أي عما كانوا يعبدون، وماذا أجابوا المرسلين.
٩٤- فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ:
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ فأجهر به وأظهره.
٩٥- إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ:
أي ان الله كافيك أذاهم.
٩٦- الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ:
هذه صفة المستهزئين.
وقيل، هو ابتداء، وخبره فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.
٩٧- وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ:
بِما يَقُولُونَ من أقاويل الطاعنين فيك وفى القرآن.
٩٨- فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ:
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ فافزع فيما نابك الى الله.
٩٩- وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ:
وَاعْبُدْ رَبَّكَ ودم على عبادة ربك.
حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ أي الموت.