الربع الثالث من الحزب السابع والثلاثين في المصحف الكريم
هذه السورة تستغرق أربعة أرباع تقريبا، أي حوالي حزب كامل، وأطلق عليها اسم سورة ( الشعراء )، أخذا من قوله تعالى في الآيات الأخيرة منها :﴿ والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون ﴾. ومحور الحديث في بداية هذه السورة وفي نهايتها إبطال الشبهات التي يرددها أعداء القرآن، والرد عليهم بأقوى حجة وأسطع برهان، ولا سيما ما يموهون به من وصف الرسول بكونه شاعرا من الشعراء، وما يلوحون به من كون القرآن الذي أنزل عليه إنما هو نوع من الشعر الذي هو منه براء، وقد حكى كتاب الله مقالتهم من قبل في سورة الأنبياء :﴿ بل قالوا أضغاث أحلام، بل افتراه، بل هو شاعر ﴾ [ الآية : ٥ ]، وسيحكيها مرة ثانية في سورة الصافات :﴿ ويقولون أينا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ [ الصافات : ٣٦ ]، ومرة ثالثة في سورة الطور :﴿ أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ﴾ [ الطور : ٣٠ ]. وأبطل كتاب الله زعمهم، وسفه رأيهم، فقال في سورة يس :﴿ وما علمناه الشعر وما ينبغي له، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ﴾ [ الآية : ٦٩ ]، وقال في سورة الحاقة :﴿ وما هو بقول شاعر، قليلا ما تؤمنون ﴾ [ الآية : ٤١ ]، غير أن " سورة الشعراء " التي نحن بصدد تفسيرها الآن هي التي فصلت القول في إبطال هذه الشبهة تفصيلا، وعرضت الأدلة التي تبطلها دليلا فدليلا.
وبين بداية هذه السورة ونهايتها المتعلقين بمعجزة القرآن تخللت آياتها البينات قصة موسى مع فرعون وقومه، ابتداء من الآية التاسعة، وهي قوله تعالى :﴿ وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون ﴾، ثم قصة إبراهيم مع قومه، ابتداء من الآية التاسعة والستين، وهي قوله تعالى :﴿ واتل عليهم نبأ إبراهيم، إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون، قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين ﴾، ثم قصة نوح مع قومه، ابتداء من الآية الخامسة بعد المائة، وهي قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون ﴾، ثم قصة هود مع عاد، ابتداء من الآية الثالثة والعشرين بعد المائة، وهي قوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون ﴾، ثم قصة صالح مع ثمود، ابتداء من الآية الواحدة والأربعين بعد المائة، وهي قوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون ﴾، ثم قصة لوط مع قومه، ابتداء من الآية الستين بعد المائة، وهي قوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون ﴾، ثم قصة شعيب مع أصحاب الأيكة، ابتداء من الآية السادسة والسبعين بعد المائة، وهي قوله تعالى :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين، إذ قال لهم شعيب ألا تتقون ﴾.
ويلاحظ في ترتيب قصص الأنبياء المذكورة في هذه السورة أن الأسبق منها في الذكر كان هو الأقرب على عهد الرسالة المحمدية، ثم يليه ما فوقه، فقد وقع البدء بقصة موسى قبل قصة إبراهيم، ثم تلتها قصة إبراهيم قبل قصة نوح وهكذا، لأن الأمر يتعلق بتثبيت الرسول في دعوته، وضرب المثل له بما أصاب الرسل السابقين من أجل قيامهم بمثل رسالته، حتى يصمد ويثابر، ويصبر ويصابر، بينما ذكرت هذه القصص كلها أو بعضها في سور أخرى حسب وقوعها أولا بأول، وذلك في سياق الحديث عن بدء الخليفة وبدء الحياة البشرية، وما رافقها وتعاقب عليها في تسلسلها التاريخي من الرسالات الإلهية، من عهد آدم أب البشر أجمعين، إلى عهد خاتم الأنبياء والمرسلين. على أن إيراد قصص الأنبياء في عدة سور لا يعد من قبيل التكرار، إذ لا تعاد القصة في أية سورة بنفس ألفاظها وبكامل عناصرها وجميع حلقاتها، وإنما يؤتي منها في كل مقام بالعنصر المناسب للسياق، وبالحلقة التي لها بالموضوع ارتباط وثيق والتصاق، فيزيد ذلك أسلوب القرآن تألقا وجمالا، ويضيف إلى إعجازه تفوقا وكمالا.
وقد اختار كتاب الله أن يختم كل قصة من القصص الواردة في هذه السورة بقوله تعالى :﴿ إن في ذلك لآيات، وما كان أكثرهم مومنين، وإن كان ربك لهو العزيز الحكيم ﴾ فأعيدت هذه الآية سبع مرات بعدد القصص السبع، علاوة على ورودها قبل ذلك في صدر السورة، تعقيبا على ما في خلق النبات وتنوع أصنافه، من حكمة إلهية، ومصلحة إنسانية، إذ قال تعالى :﴿ أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ﴾. وإنما أعيد ذكر هذه الآية عقب كل قصة من قصص الأنبياء السابقين، إشارة إلى أن كل واحدة منها كافية لاستخلاص العبر واستذكار المثلات، بالنسبة لما مضى وما هو آت، فالرسول عليه الصلاة والسلام يأخذ منها العبرة التي تناسب منصب الرسالة، بما له من مسؤوليات وتبعات، وما يتطلب القيام به على الوجه الأكمل من المتاعب والتضحيات، كما يستخلص العبرة منها من آمن من قومه ومن كفر، إذ فيما أصاب أقوام الرسل السابقين، من النجاة والخلاص، أو الهلاك والخسران، اللذين تضمنهما كل قصة، عبرة لمن اعتبر، ﴿ إن في ذلك لآية ﴾، وهي تتضمن فوق ذلك تقرير حقيقة تاريخية ثابتة، ألا وهي أن انتصار الرسل وانتشار الرسالات لا يعني القضاء التام على أولياء الشيطان، الذين تعهد بإغوائهم والإيحاء إليهم في كل زمان، فالدنيا دار ازدواج وامتزاج يعيش فوق سطحها البر والفاجر، ويصطدم في ساحتها المومن بالكافر ﴿ وما كان أكثرهم مومنين ﴾، وتنتهي الآية المشار إليها بخطاب كريم، من رب رحيم، يوجهه الحق سبحانه وتعالى إلى خاتم أنبيائه ورسله، مذكرا إياه أن الله لأعدائه بالمرصاد، ولأوليائه بالرحمة والإمداد ﴿ وإن ربك لهو العزيز ﴾ بالنسبة لأعدائه ﴿ الرحيم ﴾ بالنسبة لأوليائه.
والآن وقد قدمنا فكرة عامة عما تضمنته سورة الشعراء من موضوعات نركز القول على مجموعة مختارة من آياتها البينات.
ﰡ
وقوله تعالى في هذا الربع ﴿ من كل زوج كريم ﴾ يمكن حمله على أمر ظاهر للناس جميعا، وهو أن النوع الواحد من أنواع النبات توجد منه أصناف متعددة، لكل صنف مزيته الخاصة، مثل أصناف العنب وأصناف التمر وأصناف البرتقال، وغيرها مما لا يحصى عدا، ووصف النبات " بالكرم " في هذه الآية جار على ما هو متعارف في لسان العرب، يقال نخلة " كريمة " أي كثيرة التمر، ويمكن أن يكون قوله تعالى هنا :﴿ من كل زوج كريم ﴾ شاهدا من الذكر الحكيم على معنى جديد لم يهد إليه العلم الحديث إلا أخيرا، وهذا المعنى هو مبدأ ثنائية الكائنات وازدواجها على اختلاف أنواعها، وهو المبدأ الذي ينص على أن كل شيء من الكائنات، من أوائل أو مركبات، ثنائي مزدوج، يجتمع فيه السالب والموجب، وهذا المبدأ العلمي العام يشهد له قوله تعالى على وجه العموم :﴿ ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ﴾ [ الذاريات : ٤٩ ]، وقوله تعالى في آية ثانية :﴿ سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ﴾ [ يس : ٣٦ ].
ومن المعنى الثاني :﴿ قال فرعون وما رب العالمين ﴾
ووصف بعض المواقف التي تبرز ظلمه وطغيانه عندما أعلن إليه موسى انه " رسول رب العالمين " فخاطبه فرعون قائلا :﴿ قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ﴾،
كما تضمنت إشارة إلى أن الحكمة الإلهية اقتضت أن تسلح كل رسول بالمعجزة التي تثبت صدقه وصدق رسالته، حتى يستطيع أن يتحدى المعاندين الجاحدين بمعجزته، ويقنع الشاكين الباحثين عن الحق والحقيقة بدعوته :﴿ قال أولو جئتك بشيء مبين ﴾
وحكى كتاب الله القسم الذي كان قوم فرعون يقسمون به في المواقف الحاسمة، واستعمله السحرة عند مواجهتهم لموسى :﴿ وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ﴾ جريا على أن فرعون هو ربهم الأعلى، وهذا النوع من الكبر والاستعلاء والتشويه والتسفيه الذي واجه به فرعون وملاؤه دعوة موسى عليه السلام لا يختلف عنه موقف قادة الشرك من دعوة خاتم الأنبياء والمرسلين، فقد تعرضت دعوته صلى الله عليه وسلم لنفس التشنيع والتهديد، وتعرض كثير من أصحابه الأولين لنفس الوعيد والعذاب الشديد.
وبذلك كانت قصة موسى التي قصها كتاب الله على خاتم أنبيائه ورسله عبارة عن شريط يرى فيه نموذجا مما بتعرض له الرسل وتتعرض له الرسالات، من مختلف الإذايات، كما يرى فيه ما يكرم الله به رسله من حسن العاقبة وخفي الألطاف، في نهاية المطاف ﴿ والعاقبة للمتقين ﴾ [ الأعراف : ١٢٨ ].
واصل كتاب الله في القسم الأول من هذا الربع ذكر حلقات أخرى من قصة موسى مع فرعون وقومه، وتناول في القسم الذي يليه قصة إبراهيم، وجزءا من قصة نوح عليهما السلام، ويواجهنا في بدايته جواب السحرة الذين بهرتهم معجزة موسى فسجدوا لله وآمنوا برب العالمين، دون أن يحسبوا حسابا لفرعون وملائه، والجمع الحاشد الذي كان من حوله، معلنين في جوابهم أنهم لا يهابون الموت والاستشهاد في سبيل الله، بل يتحملون أذى فرعون وعذابه الموقوت، طمعا في رضوان الحي الذي لا يموت، إذ لا ينقطع رضوانه ولا يفوت ﴿ قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين ﴾. وهكذا انتقل السحرة من حال إلى حال، وكان لهول المفاجأة في نفس فرعون وملائه وقع الصاعقة أو الزلزال، فبعد أن كانوا " سحرة كفرة " يقسمون " بعزة فرعون "، انقلبوا إلى " مومنين بررة " يرجون من الله العفو، فسبقوا إلى الإيمان، من حضر موقف التحدي والرهان، وإذا كان جوابهم قد جاء في هذه السورة موجزا مجملا، فقد سبق في سورة طه مطولا ومفصلا، ﴿ قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا، إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى ﴾ [ الآيتان : ٧٢، ٧٣ ].
واصل كتاب الله في القسم الأول من هذا الربع ذكر حلقات أخرى من قصة موسى مع فرعون وقومه، وتناول في القسم الذي يليه قصة إبراهيم، وجزءا من قصة نوح عليهما السلام، ويواجهنا في بدايته جواب السحرة الذين بهرتهم معجزة موسى فسجدوا لله وآمنوا برب العالمين، دون أن يحسبوا حسابا لفرعون وملائه، والجمع الحاشد الذي كان من حوله، معلنين في جوابهم أنهم لا يهابون الموت والاستشهاد في سبيل الله، بل يتحملون أذى فرعون وعذابه الموقوت، طمعا في رضوان الحي الذي لا يموت، إذ لا ينقطع رضوانه ولا يفوت ﴿ قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين ﴾. وهكذا انتقل السحرة من حال إلى حال، وكان لهول المفاجأة في نفس فرعون وملائه وقع الصاعقة أو الزلزال، فبعد أن كانوا " سحرة كفرة " يقسمون " بعزة فرعون "، انقلبوا إلى " مومنين بررة " يرجون من الله العفو، فسبقوا إلى الإيمان، من حضر موقف التحدي والرهان، وإذا كان جوابهم قد جاء في هذه السورة موجزا مجملا، فقد سبق في سورة طه مطولا ومفصلا، ﴿ قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا، إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى ﴾ [ الآيتان : ٧٢، ٧٣ ].
﴿ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
كما بين كتاب الله بنفس الإيجاز والإعجاز ما قام به موسى عليه السلام، من التدابير الجريئة والخطط المحكمة، التي بلغت الغاية في التنظيم والإحكام، لكونها مسددة الخطى، مؤيدة من الله بالوحي والإلهام، إذ قال تعالى :﴿ وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون ﴾ ﴿ فأتبعوهم مشرقين ﴾
من الشروق، والمراد به شروق الشمس وطلوعها، وهو بيان لوقت وصول فرعون وجنوده والتقائهم بموسى ومن معه.
معناه أن " أصحاب موسى " كانوا يتوقعون أن يدركهم فرعون بجنوده.
معناه أن " أصحاب موسى " كانوا يتوقعون أن يدركهم فرعون بجنوده.
معناه أن " أصحاب موسى " كانوا يتوقعون أن يدركهم فرعون بجنوده.
﴿ فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ﴾
المراد بالفرق في الأصل هو الفج الواقع بين جبلين، والطود هو الجبل الكبير
معناه أن " أصحاب موسى " كانوا يتوقعون أن يدركهم فرعون بجنوده.
﴿ وأزلفنا ثم الآخرين ﴾،
وقوله تعالى :﴿ وأزلفنا ثم الآخرين ﴾ أي قربنا الآخرين من البحر، والمراد " بالآخرين " فرعون وجنوده
﴿ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴾
وقوله تعالى في قصة إبراهيم حكاية عن قومه :﴿ فنظل لها عاكفين ﴾ أي نظل مقيمين على عبادة الأصنام ودعائها
الأمر الذي جعل إبراهيم عليه السلام يعلن براءته من الأصنام التي يعبدونها، وعداوته لها، دون تحفظ ولا تردد ﴿ قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون ﴾
الأمر الذي جعل إبراهيم عليه السلام يعلن براءته من الأصنام التي يعبدونها، وعداوته لها، دون تحفظ ولا تردد ﴿ قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون ﴾
الأمر الذي جعل إبراهيم عليه السلام يعلن براءته من الأصنام التي يعبدونها، وعداوته لها، دون تحفظ ولا تردد ﴿ قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون ﴾
﴿ فإنهم عدو لي ﴾.
وكان هذا الرد المفحم من إبراهيم الخليل على قومه الضالين، صدمة بالغة لهم، ومحاولة جادة لنقلهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لا يستحق العبادة سواه، فهو الذي يعبده إبراهيم ويطيعه ويتولاه، ﴿ إلا رب العالمين ﴾
﴿ وإذا مرضت فهو يشفين ﴾
ومن لطائف التفسير ما يلاحظ في قوله تعالى هنا حكاية عن إبراهيم الخليل :﴿ وإذا مرضت فهو يشفين ﴾ فقد أسند في هذه الجملة المرض إلى نفسه، وإن كان عن قضاء الله وقدره، أدبا مع الله، وتربية للعارفين بالله، أضف إلى ذلك ان كثيرا من أسباب المرض تحدث بتفريط من نفس الإنسان، لكن لا يتم شفاؤها إلا بإذن الرحيم الرحمان.
ومما ينبغي التنبيه إليه في هذا المقام ما حكاه كتاب الله على لسان إبراهيم الخليل، من أدعية صالحة كلها ابتهال إلى الله وتعظيم وتبجيل :
الدعاء الأول :﴿ رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين ﴾.
فالدعاء الأول يتضمن التماس الذكر الجميل المستمر على وجه الدهر في كل جيل،
والدعاء الثاني :﴿ واجعل لي لسان صدق في الآخرين ﴾.
والمراد " بلسان الصدق " الثناء الحسن الذي لا تزيد فيه ولا مبالغة.
والدعاء الثالث :﴿ واجعلني من ورثة جنة النعيم ﴾.
والدعاء الثالث يتضمن التماس الفوز في الجنة بالنعيم المقيم، حيث لا لغو ولا تأثيم
والدعاء الرابع :﴿ واغفر لأبي إنه كان من الضالين ﴾
والدعاء الرابع يتضمن التماس الغفران لأبيه، إن تاب إلى الله وأناب إليه.
والدعاء الخامس :﴿ ولا تخزني يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم ﴾
والدعاء الخامس يتضمن التماس العز والكرامة، وعدم التعرض للهوان والذل يوم القيامة، فهذه الأدعية الصالحة التي دعا بها إبراهيم أب الأنبياء، هي خير ما يتوجه به إلى الله الصالحون الأتقياء، وهي دليل على مزيد تعلقه بالله، ومبلغ خشيته من الله ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ [ فاطر : ٢٨ ].
وقد استجاب الله لإبراهيم أدعيته، وحقق بمنه وكرمه أمنيته، وليؤكد فضله عليه لدى السابقين واللاحقين، قال تعالى في كتابه المبين :﴿ ولقد اصطفيناه في الدنيا، وإنه في الآخرة لمن الصالحين ﴾ [ البقرة : ١٣٠ ].
أما دعاؤه الخاص لأبيه، فقد بين كتاب الله القرار الأخير فيه، فقال تعالى في سورة التوبة :﴿ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، إن إبراهيم لأواه حليم ﴾ [ الآية : ١١٤ ].
والدعاء الخامس :﴿ ولا تخزني يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم ﴾
والدعاء الخامس يتضمن التماس العز والكرامة، وعدم التعرض للهوان والذل يوم القيامة، فهذه الأدعية الصالحة التي دعا بها إبراهيم أب الأنبياء، هي خير ما يتوجه به إلى الله الصالحون الأتقياء، وهي دليل على مزيد تعلقه بالله، ومبلغ خشيته من الله ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ [ فاطر : ٢٨ ].
وقد استجاب الله لإبراهيم أدعيته، وحقق بمنه وكرمه أمنيته، وليؤكد فضله عليه لدى السابقين واللاحقين، قال تعالى في كتابه المبين :﴿ ولقد اصطفيناه في الدنيا، وإنه في الآخرة لمن الصالحين ﴾ [ البقرة : ١٣٠ ].
أما دعاؤه الخاص لأبيه، فقد بين كتاب الله القرار الأخير فيه، فقال تعالى في سورة التوبة :﴿ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، إن إبراهيم لأواه حليم ﴾ [ الآية : ١١٤ ].
والدعاء الخامس :﴿ ولا تخزني يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم ﴾
والدعاء الخامس يتضمن التماس العز والكرامة، وعدم التعرض للهوان والذل يوم القيامة، فهذه الأدعية الصالحة التي دعا بها إبراهيم أب الأنبياء، هي خير ما يتوجه به إلى الله الصالحون الأتقياء، وهي دليل على مزيد تعلقه بالله، ومبلغ خشيته من الله ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ [ فاطر : ٢٨ ].
وقد استجاب الله لإبراهيم أدعيته، وحقق بمنه وكرمه أمنيته، وليؤكد فضله عليه لدى السابقين واللاحقين، قال تعالى في كتابه المبين :﴿ ولقد اصطفيناه في الدنيا، وإنه في الآخرة لمن الصالحين ﴾ [ البقرة : ١٣٠ ].
أما دعاؤه الخاص لأبيه، فقد بين كتاب الله القرار الأخير فيه، فقال تعالى في سورة التوبة :﴿ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، إن إبراهيم لأواه حليم ﴾ [ الآية : ١١٤ ].
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وبرزت الجحيم للغاوين ﴾ أي كشف عنها وعن أهوالها للغاوين المسوقين إليها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
﴿ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ﴾
وقوله تعالى :﴿ فكبكبوا فيها ﴾ أي كبوا فيها وألقي بعضهم على بعض
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
﴿ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
وقوله تعالى حكاية عن نفس الغاوين الضالين :﴿ فلو أن لنا كرة فنكون من المومنين ﴾ معناه أنهم يتمنون العودة إلى الدنيا، زاعمين انهم إذا عادوا إليها أطاعوا وأصلحوا، بدلا مما كانوا عليه من المعصية والفساد، لكن المتوقع خلاف ما زعموا ﴿ ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه، وإنهم لكاذبون ﴾ [ الأنعام : ٢٨ ].
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
وقوله تعالى :﴿ وأزلفت الجنة للمتقين ﴾ أي قربت الجنة وأدينت من أهلها
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾
الربع الأول من الحزب الثامن والثلاثين في المصحف الكريم
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
لكن وسائل الوقاية الناجعة لا يستطيع الإنسان الإلمام بها على الوجه الأكمل، إلا إذا تلقاها عن ربه الذي يعلم السر في السماوات والأرض، فهو سبحانه وحده الذي أحاط بكل شيء علما، وهو وحده الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾ [ ق : ١٦ ]، ولا طريق لذلك إلا تلقي الرسالات الإلهية عن رسل الله، الذين اختصهم برعايته، وائتمنهم على رسالته، وجعل طاعتهم سبيلا إلى طاعته، فقال كل منهم لقومه عن أمر الله وكلمته :﴿ إني لكم رسول أمين ﴾
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
لكن وسائل الوقاية الناجعة لا يستطيع الإنسان الإلمام بها على الوجه الأكمل، إلا إذا تلقاها عن ربه الذي يعلم السر في السماوات والأرض، فهو سبحانه وحده الذي أحاط بكل شيء علما، وهو وحده الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾ [ ق : ١٦ ]، ولا طريق لذلك إلا تلقي الرسالات الإلهية عن رسل الله، الذين اختصهم برعايته، وائتمنهم على رسالته، وجعل طاعتهم سبيلا إلى طاعته، فقال كل منهم لقومه عن أمر الله وكلمته :﴿ إني لكم رسول أمين ﴾
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما هود عليه السلام فقد استنكر من قومه عاد ما وجدهم عليه من العبث والاستهتار والإسراف في التشييد والبنيان، والتوسع في العمران، مع ممارسة البطش والتجبر والطغيان، والكفر بما أنعم الله به عليهم من النعم المتعددة الأصناف والألوان، وها هو كتاب الله يحكي ما وعظ به هود قومه إذ قال :﴿ أتبنون بكل ريع آية تعبثون ﴾ والريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد.
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما هود عليه السلام فقد استنكر من قومه عاد ما وجدهم عليه من العبث والاستهتار والإسراف في التشييد والبنيان، والتوسع في العمران، مع ممارسة البطش والتجبر والطغيان، والكفر بما أنعم الله به عليهم من النعم المتعددة الأصناف والألوان، وها هو كتاب الله يحكي ما وعظ به هود قومه إذ قال :﴿ أتبنون بكل ريع آية تعبثون ﴾ والريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد.
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما هود عليه السلام فقد استنكر من قومه عاد ما وجدهم عليه من العبث والاستهتار والإسراف في التشييد والبنيان، والتوسع في العمران، مع ممارسة البطش والتجبر والطغيان، والكفر بما أنعم الله به عليهم من النعم المتعددة الأصناف والألوان، وها هو كتاب الله يحكي ما وعظ به هود قومه إذ قال :﴿ أتبنون بكل ريع آية تعبثون ﴾ والريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد.
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما هود عليه السلام فقد استنكر من قومه عاد ما وجدهم عليه من العبث والاستهتار والإسراف في التشييد والبنيان، والتوسع في العمران، مع ممارسة البطش والتجبر والطغيان، والكفر بما أنعم الله به عليهم من النعم المتعددة الأصناف والألوان، وها هو كتاب الله يحكي ما وعظ به هود قومه إذ قال :﴿ أتبنون بكل ريع آية تعبثون ﴾ والريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد.
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما هود عليه السلام فقد استنكر من قومه عاد ما وجدهم عليه من العبث والاستهتار والإسراف في التشييد والبنيان، والتوسع في العمران، مع ممارسة البطش والتجبر والطغيان، والكفر بما أنعم الله به عليهم من النعم المتعددة الأصناف والألوان، وها هو كتاب الله يحكي ما وعظ به هود قومه إذ قال :﴿ أتبنون بكل ريع آية تعبثون ﴾ والريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد.
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما هود عليه السلام فقد استنكر من قومه عاد ما وجدهم عليه من العبث والاستهتار والإسراف في التشييد والبنيان، والتوسع في العمران، مع ممارسة البطش والتجبر والطغيان، والكفر بما أنعم الله به عليهم من النعم المتعددة الأصناف والألوان، وها هو كتاب الله يحكي ما وعظ به هود قومه إذ قال :﴿ أتبنون بكل ريع آية تعبثون ﴾ والريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد.
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما هود عليه السلام فقد استنكر من قومه عاد ما وجدهم عليه من العبث والاستهتار والإسراف في التشييد والبنيان، والتوسع في العمران، مع ممارسة البطش والتجبر والطغيان، والكفر بما أنعم الله به عليهم من النعم المتعددة الأصناف والألوان، وها هو كتاب الله يحكي ما وعظ به هود قومه إذ قال :﴿ أتبنون بكل ريع آية تعبثون ﴾ والريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد.
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما صالح عليه السلام فقد استنكر من قومه ثمود ما هم عليه من الإسراف في الفساد، والتعنت والتفنن في النحت والبناء، والإغراق في سعة العيش والنعيم والرخاء، مع " الفقر الروحي " البارز في سلوك الآباء والأبناء، فهم لا يفكرون في أي عمل صالح، يقيهم النكبات والجوائح، وهم لا يقدرون الله حق قدره، لا يأتمرون بأمره، وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي وجهه صالح إلى قومه إذ قال :﴿ أتتركون في ما هاهنا آمنين ﴾
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما صالح عليه السلام فقد استنكر من قومه ثمود ما هم عليه من الإسراف في الفساد، والتعنت والتفنن في النحت والبناء، والإغراق في سعة العيش والنعيم والرخاء، مع " الفقر الروحي " البارز في سلوك الآباء والأبناء، فهم لا يفكرون في أي عمل صالح، يقيهم النكبات والجوائح، وهم لا يقدرون الله حق قدره، لا يأتمرون بأمره، وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي وجهه صالح إلى قومه إذ قال :﴿ أتتركون في ما هاهنا آمنين ﴾
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما صالح عليه السلام فقد استنكر من قومه ثمود ما هم عليه من الإسراف في الفساد، والتعنت والتفنن في النحت والبناء، والإغراق في سعة العيش والنعيم والرخاء، مع " الفقر الروحي " البارز في سلوك الآباء والأبناء، فهم لا يفكرون في أي عمل صالح، يقيهم النكبات والجوائح، وهم لا يقدرون الله حق قدره، لا يأتمرون بأمره، وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي وجهه صالح إلى قومه إذ قال :﴿ أتتركون في ما هاهنا آمنين ﴾
﴿ وزروع ونخل طلعها هضيم ﴾ أي يانع نضيج
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما صالح عليه السلام فقد استنكر من قومه ثمود ما هم عليه من الإسراف في الفساد، والتعنت والتفنن في النحت والبناء، والإغراق في سعة العيش والنعيم والرخاء، مع " الفقر الروحي " البارز في سلوك الآباء والأبناء، فهم لا يفكرون في أي عمل صالح، يقيهم النكبات والجوائح، وهم لا يقدرون الله حق قدره، لا يأتمرون بأمره، وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي وجهه صالح إلى قومه إذ قال :﴿ أتتركون في ما هاهنا آمنين ﴾
﴿ وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين ﴾ أي فرحين آمنين مكر الله
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما صالح عليه السلام فقد استنكر من قومه ثمود ما هم عليه من الإسراف في الفساد، والتعنت والتفنن في النحت والبناء، والإغراق في سعة العيش والنعيم والرخاء، مع " الفقر الروحي " البارز في سلوك الآباء والأبناء، فهم لا يفكرون في أي عمل صالح، يقيهم النكبات والجوائح، وهم لا يقدرون الله حق قدره، لا يأتمرون بأمره، وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي وجهه صالح إلى قومه إذ قال :﴿ أتتركون في ما هاهنا آمنين ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠٨:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠٦:نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠٥:في الآيات الست الأخيرة من الربع الماضي قص كتاب الله على خاتم أنبيائه ورسله قصة نوح مع قومه بغاية الإيجاز، فقال :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين* فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * فاتقوا الله وأطيعون ﴾.
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما صالح عليه السلام فقد استنكر من قومه ثمود ما هم عليه من الإسراف في الفساد، والتعنت والتفنن في النحت والبناء، والإغراق في سعة العيش والنعيم والرخاء، مع " الفقر الروحي " البارز في سلوك الآباء والأبناء، فهم لا يفكرون في أي عمل صالح، يقيهم النكبات والجوائح، وهم لا يقدرون الله حق قدره، لا يأتمرون بأمره، وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي وجهه صالح إلى قومه إذ قال :﴿ أتتركون في ما هاهنا آمنين ﴾
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما صالح عليه السلام فقد استنكر من قومه ثمود ما هم عليه من الإسراف في الفساد، والتعنت والتفنن في النحت والبناء، والإغراق في سعة العيش والنعيم والرخاء، مع " الفقر الروحي " البارز في سلوك الآباء والأبناء، فهم لا يفكرون في أي عمل صالح، يقيهم النكبات والجوائح، وهم لا يقدرون الله حق قدره، لا يأتمرون بأمره، وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي وجهه صالح إلى قومه إذ قال :﴿ أتتركون في ما هاهنا آمنين ﴾
﴿ ولكم شرب يوم معلوم ﴾
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
لكن وسائل الوقاية الناجعة لا يستطيع الإنسان الإلمام بها على الوجه الأكمل، إلا إذا تلقاها عن ربه الذي يعلم السر في السماوات والأرض، فهو سبحانه وحده الذي أحاط بكل شيء علما، وهو وحده الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾ [ ق : ١٦ ]، ولا طريق لذلك إلا تلقي الرسالات الإلهية عن رسل الله، الذين اختصهم برعايته، وائتمنهم على رسالته، وجعل طاعتهم سبيلا إلى طاعته، فقال كل منهم لقومه عن أمر الله وكلمته :﴿ إني لكم رسول أمين ﴾
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما لوط عليه السلام فقد استنكر من قومه ما ابتدعوه دون بقية الناس من الانحراف والشذوذ، والخروج على كل ما هو متعارف بين البشر ومعهود، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكمل بعضهما بعضا، لا ليستغني أحدهما عن الآخر فيبطل حكمة الله ويرفض حكمه رفضا، إذ في ذلك ما فيه من ضياع النسل وانقطاع الذرية، وتعطيل الحكمة الإلهية، وكفى بهما بلية وأي بلية، قال تعالى :﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ﴾ [ الروم : ٢١ ]. وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي خاطب به لوط قومه منددا ببدعتهم، ومنذرا بسوء عاقبتهم :﴿ أتأتون الذكران من العالمين ﴾
أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه :﴿ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ﴾ [ الآية٧١ ]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح :﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ الآية : ٣٢ ]، كما حكى في نفس السورة، استهزاءهم به إلى أقصى الحدود، إذ قال تعالى :﴿ ويصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ﴾ [ الآية : ٣٨ ]. وها هو كتاب الله يحكي في هذا الربع مأخذا جديدا يؤاخذ به قوم نوح نبيهم، ألا وهو اهتمامه بضعفاء قومه، وقبول دخولهم في دين التوحيد، واعتبارهم أهلا لصحبته ومرافقته، وتلقي ما جاء من عند الله، وها هم يلحون عليه في طردهم وإبعادهم من ساحته ﴿ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ﴾
وأما لوط عليه السلام فقد استنكر من قومه ما ابتدعوه دون بقية الناس من الانحراف والشذوذ، والخروج على كل ما هو متعارف بين البشر ومعهود، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكمل بعضهما بعضا، لا ليستغني أحدهما عن الآخر فيبطل حكمة الله ويرفض حكمه رفضا، إذ في ذلك ما فيه من ضياع النسل وانقطاع الذرية، وتعطيل الحكمة الإلهية، وكفى بهما بلية وأي بلية، قال تعالى :﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ﴾ [ الروم : ٢١ ]. وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي خاطب به لوط قومه منددا ببدعتهم، ومنذرا بسوء عاقبتهم :﴿ أتأتون الذكران من العالمين ﴾
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
الربع الثاني من الحزب الثامن والثلاثين في المصحف الكريم
وأما قصة شعيب مع أصحاب الأيكة التي استغرقت خمس آيات في نهاية هذا الربع فسنتناولها في بداية الربع القادم إن شاء الله، لنأتي بها كاملة في سياق واحد، مع بيان ما فيها من العبر والفوائد، والله المستعان، وعليه التكلان.
ومن خلال الحوار الذي دار في هذه القصص بين الرسل وأقوامهم يتضح لكل ذي عينين ان الرسالات الإلهية منذ فجرها الأول لم تكن توجه الناس نحو السماء إلا لتلهمهم طريق الصلاح في الأرض، وان هدفها الأول والمباشر كان هو العمل على إصلاح المجتمع البشري أدبيا وماديا، والسعي لتطهيره من كل الشوائب، حتى لا يبقى فيه أثر للمساوئ والمعايب، وبذلك يتفادى الوقوع في الكوارث والنوائب، ويصبح مجتمعا مثاليا، جديرا بأن يوصف بكونه إنسانيا، لأنه ينهج نهجا أخلاقيا ربانيا، ﴿ ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ﴾ [ فصلت : ٣٣ ].
في الآيات الخمس الأخيرة من الربع الماضي تحدث كتاب الله إلى خاتم أنبيائه ورسله عن قصة شعيب مع أصحاب الأيكة، وواصل الحديث عنها في الإحدى عشرة آية الأولى من هذا الربع. وعلى غرار ما سبقها من قصص نوح وهود وصالح ولوط افتتحها كتاب الله بنفس الأسلوب قائلا :﴿ كذب أصحاب الأيكة المرسلين ﴾
و( الأيكة ) واحدة ( الأيك ) وهو الشجر الملتف الكثير، ونص ابن كثير على أن أصحاب الأيكة إنما أطلق عليهم هذا اللقب، نسبة إلى شجرة مخصوصة كانوا يعبدونها، وورد لفظ " الأيكة " في هذه السورة وسورة ( ص ) بصيغة ( ليكة ) على وزن ليلة، حيث خففت همزة الأيكة وألقيت حركتها على اللام فسقطت الهمزة بالمرة، ولم تبق حاجة إلى ألف الوصل، وكتبت بالحذف تبعا للنطق المخفف بدلا من الأصل، وبذلك جاء قوله في سورة ( ص ) :﴿ كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد، وثمود وقوم لوط وأصحاب ليكة، أولئك الأحزاب ﴾ [ الآيتان : ١٢ ١٣ ]، بينما كتبت في سورة الحجر [ الآية : ٧٨ ] وسور ق [ الآية : ١٤ ] طبقا لأصلها الأول، وحسب نطقها العادي.
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
لكن وسائل الوقاية الناجعة لا يستطيع الإنسان الإلمام بها على الوجه الأكمل، إلا إذا تلقاها عن ربه الذي يعلم السر في السماوات والأرض، فهو سبحانه وحده الذي أحاط بكل شيء علما، وهو وحده الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾ [ ق : ١٦ ]، ولا طريق لذلك إلا تلقي الرسالات الإلهية عن رسل الله، الذين اختصهم برعايته، وائتمنهم على رسالته، وجعل طاعتهم سبيلا إلى طاعته، فقال كل منهم لقومه عن أمر الله وكلمته :﴿ إني لكم رسول أمين ﴾
ويلاحظ في هذه القصة وبقية القصص التي تلتها في نفس السورة أن كتاب الله اختار أن يفتتحها كلها بصيغة واحدة لا يتبدل فيها إلا اسم الرسول وحده أو اسم قومه، فقال تعالى في بداية قصة نوح مع قومه ﴿ كذبت قوم نوح المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد ﴿ كذبت عاد المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود :﴿ كذبت ثمود المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه ﴿ كذبت قوم لوط المرسلين ﴾، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة :﴿ كذب أصحاب ليكة المرسلين ﴾، ولم يقل كتاب الله : كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين ( لا نفرق بين أحد من رسله ). يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم الله من بعده، تعريفا لهم بأن سلسلة الرسالات الإلهية حلقات متوالية، إلى أن يحين ختمها بخاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك حتى يكونوا على قدم الاستعداد لتصديق الرسول المنتظر فيصدق الخبر الخبر، وبهذا الاعتبار يكون من كذب رسوله الذي أرسل إليه، مكذبا لجميع الرسل منذ اللحظة الأولى، ويصدق عليه أنه قد كذب المرسلين أجمعين، ولم يكذب رسوله وحده، وهذا المعنى هو الذي أكده كتاب الله في فاتحة القصص الخمس، الواردة في هذه السورة ( سورة الشعراء )، بعد قصة موسى وقصة إبراهيم.
ثم إن كتاب الله عندما أراد أن يحكي مقالة الرسل إلى أقوامهم أتى بلفظ معبر له مغزى خاص في هذا المقام بالذات، فوصف الرسول بأنه " أخو قومه " كما في قوله تعالى :﴿ كذبت قوم نوح المرسلين، إذ قال لهم أخوهم نوح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت ثمود المرسلين، إذ قال لهم أخوهم صالح ﴾، وقوله تعالى :﴿ كذبت قوم لوط المرسلين، إذ قال لهم أخوهم لوط ﴾. ذلك أن الحكمة الإلهية اقتضت بادئ ذي بدء أن يكون الرسل إلى عامة البشر بشرا مثلهم، يشاركونهم في المشاعر والأحاسيس، ويعايشونهم أفرادا وجماعات، ويلازمونهم ملازمة الظل للشاخص، وبذلك يحصل التفاهم والتجاوب بينهم وبين الناس، مصداقا لقول تعالى في سورة الأنعام :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ﴾ [ الآية : ٩ ]. وللمزيد من الألفة بين الرسل ومن أرسل إليهم اقتضت الحكمة الإلهية أن يتكلم بلسانهم، وأن يكون بالنسبة إلى قومه أخا من إخوانهم، إما أخا لهم عن طريق القرابة والنسب، وإما أخا لهم من باب المجانسة والأدب، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في آية أخرى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم : ٤ ].
ولا شك أن تقديم كتاب الله لقصص الأنبياء السابقين، وتلاوة رسوله للآيات التي نزلت في شأنها على المومنين، وسماع أخبارها في فجر الإسلام من طرف المكذبين والكافرين مما يزيد المومنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود :﴿ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح، أو قوم ثمود، أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ﴾ [ الآية : ٨٩ ]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة :﴿ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ [ الآية : ٧٠ ].
ومما يستلفت النظر، ويدل على وحدة الرسالات الإلهية، ووحدة الرسل الذين جاؤوا بها أن كتاب الله استعمل أسلوبا واحدا في حكاية ما خاطب به أولئك الرسل أقوامهم، على اختلاف أزمانهم وتعدد مواطنهم، إذ نجده يحكي عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في هذه السورة أنهم جميعا عبروا عن نفس المعاني والمقاصد، واستعملوا نفس الطريقة في مخاطبة أقوامهم ودعوتهم إلى الإيمان بالرسالة التي جاؤوا بها من عند الله، إذ قال كل منهم مخاطبا لقومه :﴿ ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ وهذا الخطاب يوضح أن هدف الرسالات الإلهية الأساسي هو وضع حد لما يقع فيه الناس من الانحراف والاستهتار، وإيقاظ ضمائرهم للخروج من تيه الغفلة واللامبالاة وقفص الجحود والإنكار، حتى يقبلوا على إصلاح ما فسد، ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل ﴿ ألا تتقون ﴾، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام،
وكما استنكر الرسل السابقون من أقوامهم ما وجدوا مناقضا للتعاليم السماوية، مضادا للتوجيهات الإلهية، وأمروهم بما فيه الخير والصلاح، والسداد والفلاح، ها هو شعيب عليه السلام يخاطب " أصحاب الأيكة "، معرضا بما درجوا عليه من استغلال للخلق، وتضييع للحق، داعيا إياهم إلى العدل والإنصاف، في معاملة الناس لا فرق بين الأقوياء والضعاف، فقال تعالى :﴿ أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين ﴾
ويلاحظ في خطاب شعيب " لأصحاب الأيكة " أنه لم يأمرهم إلا بإيفاء الكيل، فأمرهم بما هو واجب، ولم ينههم إلا عن التطفيف، فنهاهم عما هو محرم، وذلك هو مقتضى العدل، أما الزيادة في الكيل فهي من باب الإحسان، ولذلك لم يأمرهم بها، ولم ينههم عنها، فإن زادوا أحسنوا ونالوا حظا من الثواب، وإن لم يزيدوا لم يتعرضوا لأي إثم أو عقاب، إذ ما جرى على المثل يجري على المماثل
واختتمها بنفس الطريقة قائلا :﴿ إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ﴾ ﴿ وإن ربك لهو العزيز الرحيم ﴾.
وقد نبه جار الله الزمخشري إلى " أن السر في كون كل قصة من هذه القصص جاء أولها وآخرها على نمط واحد هو تقرير معانيها في الأنفس، وتثبيتها في الصدور، قائلا : ألا ترى أنه لا طريق إلى تحفظ العلوم أي استظهارها شيئا فشيئا إلا ترديد ما يراد تحفظه منها، وكلما ازداد ترديده كان أمكن له في القلب، وأرسخ في الفهم، واثبت للذكر، وأبعد عن النسيان، لا سيما وان هذه القصص طرقت بها آذان وقر عن الإنصات للحق، وقلوب غلف عن تدبره، فكوثرت بالوعظ والتذكير، وروجعت بالترديد والتكرير، لعل ذلك يفتح أذنا، أو يفيق ذهنا، أو يصقل عقلا طال عهده بالصقل، أو يجلو فهما قد غطى عليه تراكم الصدأ ".
ويرتبط بهذين المعنيين أوثق ارتباط قوله تعالى في نفس السياق :﴿ أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بين إسرائيل ﴾ والمراد " بعلماء بني إسرائيل " المنوه بهم هنا علماؤهم الذين لم يكتموا ما عندهم من العلم، فبادروا إلى الاعتراف بنبوة نبينا عليه السلام، وآمنوا برسالته وبالكتاب الذي أنزل عليه، وكانوا من السابقين إلى الدخول في دينه، تصديقا لما عرفوه وتناقلوه من وصفه عليه الصلاة والسلام ووصف رسالته. وقد كان عيسى عليه السلام آخر نبي بشر باسم نبينا وبرسالته فيما حكى عنه كتاب الله ﴿ وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم، مصدقا لما بين يدي من التوراة، ومبشرا برسول يأتي من بعد اسمه أحمد ﴾ [ الصف : ٦ ]. وهذه الفئة من أهل الكتاب التي آمنت مرتين هي التي وصفها كتاب الله في آية أخرى إذ قال :﴿ وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا، إنا كنا من قبله مسلمين ﴾ [ القصص : ٥٣ ].
﴿ فيقولوا هل نحن منظرون ﴾، أي يتمنون لو انهم أعطوا مهلة أخرى لإعادة النظر، عسى أن يقتنعوا بصدق الخبر،
لكن الله تعالى الذي يعلم سرهم ونجواهم لا يحقق لهم هذه الأمنية، لأنه يعلم انهم غير صادقي النية، وإلى ذلك يشير قوله تعالى هنا :﴿ أفبعذابنا يستعجلون ﴾
﴿ ذكرى وما كنا ظالمين ﴾ على غرار قوله تعالى في سورة القصص :﴿ وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ﴾ [ الآية : ٥٩ ].
﴿ ذكرى وما كنا ظالمين ﴾ على غرار قوله تعالى في سورة القصص :﴿ وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ﴾ [ الآية : ٥٩ ].
وتوكيدا لنفس المعنى، وتعريفا بطبيعة الشياطين وما يوحون به إلى أوليائهم، من الكهنة والمتنبئين، والمشركين والكافرين، خاطب كتاب الله عقلاء البشرالمنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء المجانين، فقال تعالى :( هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون )
وقوله تعالى :﴿ وما تنزلت به الشياطين ﴾
وتوكيدا لنفس المعنى، وتعريفا بطبيعة الشياطين وما يوحون به إلى أوليائهم، من الكهنة والمتنبئين، والمشركين والكافرين، خاطب كتاب الله عقلاء البشرالمنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء المجانين، فقال تعالى :( هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون )
وتوكيدا لنفس المعنى، وتعريفا بطبيعة الشياطين وما يوحون به إلى أوليائهم، من الكهنة والمتنبئين، والمشركين والكافرين، خاطب كتاب الله عقلاء البشرالمنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء المجانين، فقال تعالى :( هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون )
وتوكيدا لنفس المعنى، وتعريفا بطبيعة الشياطين وما يوحون به إلى أوليائهم، من الكهنة والمتنبئين، والمشركين والكافرين، خاطب كتاب الله عقلاء البشرالمنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء المجانين، فقال تعالى :( هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون )
خاطب كتاب الله عقلاء البشر المنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء والمجانين، فقال تعالى :﴿ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ﴾
وتوكيدا لنفس المعنى، وتعريفا بطبيعة الشياطين وما يوحون به إلى أوليائهم، من الكهنة والمتنبئين، والمشركين والكافرين، خاطب كتاب الله عقلاء البشرالمنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء المجانين، فقال تعالى :( هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون )
خاطب كتاب الله عقلاء البشر المنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء والمجانين، فقال تعالى :﴿ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ﴾
وتوكيدا لنفس المعنى، وتعريفا بطبيعة الشياطين وما يوحون به إلى أوليائهم، من الكهنة والمتنبئين، والمشركين والكافرين، خاطب كتاب الله عقلاء البشرالمنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء المجانين، فقال تعالى :( هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون )
خاطب كتاب الله عقلاء البشر المنصفين، الذين ليسوا كغيرهم من السخفاء والمجانين، فقال تعالى :﴿ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ﴾