تفسير سورة الحجر

جامع البيان في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الحجر من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن .
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة الحجر مكية وهي تسع و تسعون آية وست ركوعات.

﴿ الَرَ تِلْكَ ﴾ إشارة إلى آيات السورة، ﴿ آيَاتُ الْكِتَابِ ﴾ القرآن، ﴿ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ ﴾ أي : تلك آيات جامعة لكونها آيات كتاب كامل، وقرآن يبين الأحكام.
﴿ رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ حين موتهم، أو القيامة، أو حين اجتمع١ بعض المسلمين مع الكفار في النار، فيقول الكفار معهم : ما أغنى الإسلام فغضب الله تعالى على الكفار وأخرج المسلمين من النار، وما كافة تكفه عن الجر، فجاز دخوله على الفعل والمترتب في أخبار الله تعالى كالماضي في تحققه، ولذلك أجرى المضارع مجرى الماضي، فدخلت رب عليه مع أنه لا يجوز دخولها عليه، ﴿ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ ﴾ حكاية ودادتهم بلفظ الغيبة كقولك : حلف بالله ليفعلن.
١ رواه الطبراني عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وابن أبي حاتم والترمذي [رواه الطبراني من حديث جابر مرفوعا، وفيه خالد بن نافع الأشعري، قال أبو داود متروك قال الذهبي: هذا تجاوز في الحد فلا يستحق الترك، فقد حدث عنه أحمد بن حنبل وغيره، وبقية رجاله ثقات "كذل في المجمع للهيثمي (٧/٤٥). وأخرجه أيضا الطبراني وابن أبي عاصم في السنة وغيرهما من حديث أبي موسى الأشعري مرفوعا، وقال الشيخ الألباني في ظلال الجنة: "حديث صحيح، وليس عند الترمذي كما ذكره]، وقول ابن عباس وأنس بن مالك، روى عنهما ابن جرير، وهكذا روى عن مجاهد والضحاك وقتادة وأبي العالية وغيرهم / ١٢..
﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ ﴾ في الدنيا بدنياهم١، ﴿ وَيُلْهِهِمُ ﴾ يشغلهم، ﴿ الأَمَلُ ﴾ عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة، ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ٢ سوء عملهم وهذا من باب الإيذان بأن غضب الله تعالى حل عليهم فلا ينفعهم نصح ناصح، وقيل : منسوخة بآية القتال٣.
١ واتفقت السلف على أن التمتع في الدنيا من أخلاق الهالكين / ١٢ منه..
٢ ولما أعدهم بهذا الوعد الشديد استبطأ بعض النفوس حلول عذابهم فقال: "وما أهلكنا" الآية: ١٢ وجيز..
٣ لأن ظاهر قوله ذرهم لأمر بعدم التعرض / ١٢ منه.
.

﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِن ﴾ أهل، ﴿ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ ﴾ أجل مؤقت مكتوب عند الله تعالى لا يهلكهم حتى يبلغوه، جيء بين الصفة والموصوف وهما لها كتاب وقرية بالواو تأكيدا للصوقها بالموصوف.
﴿ مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ١ لا يتأخرون عنه.
١ أنث الفعل في ما تسبق و ذكر في يستأخرون حملا على اللفظ والمعنى / ١٢ منه.
.

﴿ وَقَالُوا١ يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ ﴾ أي : القرآن وهذا استهزاء منهم، ﴿ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ٢.
١ ولما أثبت العذاب والانتقام عنهم في وقت ما بين من أعمالهم وأقوالهم ما يبين استحقاقهم للعذاب فقال: "وقالوا يا أيها الذي" الآية / ١٢ وجيز..
٢ سبوا نبي الله بعد الاستهزاء / ١٢.
.

﴿ لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ أي : هلا تأتينا بهم يشهدون بصدقك، قيل : هلا تأتينا بهم للعقاب على تكذيبنا لك.
﴿ مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ ﴾ أجاب الله تعالى عنهما بأن إنزالهم لا يكون إلا تنزيلا متلبسا بحق عند حصول الفائدة، وقد علم الله أنهم معرضون عن الحق، وإن شاهدوا الملائكة، قال مجاهد : بالحق أي بالعذاب، ﴿ وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ١، أي : لو نزلنا الملائكة ما أخر عذابهم.
١ ولما قالوا: "يا أيها الذي نزل عليه الذكر" مستهزئين دل على أنهم أنكروا أن الله أنزل الذكر؛ أثبت بوجوه مؤكدة فقال: "إنا نزلنا الذكر" الآية / ١٢ وجيز..
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ من التحريف والزيادة والنقص.
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ ﴾ رسلا، ﴿ فِي شِيَعِ ﴾ في فرق، ﴿ الأَوَّلِينَ ﴾.
﴿ وَمَا يَأْتِيهِم ﴾ حكاية حال ماضية، فإن ما لا يدخل إلا على مضارع بمعنى الحال أو ماض قريب من الحال، ﴿ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ﴾ وهذا تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ ﴾ ندخل الاستهزاء والتكذيب، ﴿ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ﴾.
﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ حال من المجرمين، أو بيان الجملة أو مثل ذلك السلك نسلك الذكر١ ونلقيه في قلوبهم مكذبا به غير مقبول، ﴿ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ ﴾ أي : قد مضت سنة الله تعالى بأن يسلك الكفر في قلوبهم أو بإهلاك من كذب الرسل من الأمم الماضية.
١ على هذا ضمير نسلكه إلى الذكور وهو غير بعيد، بل لا يبعد أن يكون أشد ملائمة / ١٢..
﴿ وَلَوْ ١فَتَحْنَا عَلَيْهِم ﴾ على هؤلاء المشركين، ﴿ بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ٢ أي : المشركون، ﴿ فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴾ يصعدون فينظرون إلى ملكوت الله تعالى وعبادة الملائكة، أو ظل الملائكة فيه يصعدون والكفار ينظرون ذلك.
١ ولما قال نسلكه في قلوبهم، أثبت هذا المعنى بقوله: "ولو فتحنا" الآية / ١٢ وجيز..
٢ ذكر الظلول ليجعل عروجهم بالنهار ليكونوا مستوضحين لما يرون / ١٢..
﴿ لَقَالُواْ ﴾ من غلوهم في العناد، ﴿ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ﴾ أغشيت وسدت بالسحر أو حيرت كما يتحير السكران، ﴿ بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ١ سحرنا محمد بذلك.
١ و لما قال: "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء"، أي: نحدث لهم في السماء أمرا بديعا لما كانوا برؤيته يؤمنون، ثم بين أن في السماء والأرض ما هو أبدع وهم معرضون عنه، فقال: "ولقد جعلنا" الآية /١٢ وجيز.
.

﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا ﴾ اثني عشر منازل الشمس والقمر، أو المراد من البروج الكواكب، ﴿ وَزَيَّنَّاهَا ﴾ بالنجوم، ﴿ لِلنَّاظِرِينَ ﴾.
﴿ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴾ فلا يقدر١ أن يطلع على أحوالها.
١ في البخاري إن الشياطين يركب بعضهم فوق بعض إلى السماء الدنيا؛ يسترق السمع من الملائكة، فيسمع الكلمة فيلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها وربما يلقيها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء /١٢ منه. [أخرجه البخاري في"التفسير"، (٤٧٠١)، وقي غير موضع من صحيحه]..
﴿ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ﴾ استراقه اختلاسه سرا، وعن بعضهم أن الشياطين كانوا غير محجوبين عن السماوات، فلما ولد عيسى عليه السلام منعوا عن ثلاث سماوات، ولما ولد محمد صلى الله عليه وسلم منعوا منه كلها بالشهب، والاستثناء منصوب متصل من كل شيطان، أو منقطع، ﴿ فَأَتْبَعَهُ ﴾ لحقه، ﴿ شِهَابٌ ﴾ شعلة نار ساطعة، ﴿ مُّبِينٌ ﴾ ظاهرة لأهل الأرض.
﴿ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا ﴾ بسطناها، ﴿ وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ﴾ جبالا ثوابت، ﴿ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ﴾ مقدر بمقدار معين، قيل : ضمير فيها للجبال والأشياء، الموزون جواهرها كالذهب وغيره.
﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ﴾ تعيشون بها من المطاعم والملابس والمشارب، ﴿ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ﴾ عطف على معايش، أي : جعلنا في الأرض من رزقه على الله تعالى ونفعه لكم كالخدم والعيال والدواب، أو عطف على محل لكم، أي : جعلنا المعايش فيها لكم، ولمن رزقه على الله تعالى كالعبيد والإماء وسائر الحيوانات.
﴿ وإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ١ ضرب الخزائن مثلا لاقتداره على كل مقدور، وقد نقل في الحديث٢، خزائن الله تعالى الكلام، إذا أراد شيئا قال له : كن فكان، ﴿ وَمَا نُنَزِّلُهُ ﴾ ما نعطيه، ﴿ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ تعلقت به مشيئتنا فإن المقدورات غير متناهية والموجودات متناهية، وقيل المراد من الشيء : المطر وما من عام أكثر مطرا من العام الآخر، لكن الله تعالى يقسمه حيث شاء، عاما يكثر بلد، وعاما يقل.
١ عند كثير من السلف، أن الخزائن على حقيقتها، وهي التي تحفظ في أمكنتها فإن للريح مكانا، و كذا للمطر، ولكل مكان ملك وحفظة، فإذا أمر الله بإخراج شيء منه أخرجته الحفظة بقدر ما أمر الله، وفي الأحاديث الصحاح ما يدل على صحة ما قال / ١٢ وجيز..
٢ رواه الحافظ البزار / ١٢ منه. ، وأبو الشيخ / ١٢ فتح. [وقد ذكره ابن كثير في "التفسير"، (٢/٥٥٠) من طريق البزار، وفي سنده حيان بن أغلب بن تميم، قال البزار: لا يرويه إلا أغلب وليس بالقوي، وقد حدث عنه غير واحد من المتقدمين، ولم يروه عنه إلا ابنه]..
﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ﴾ أي : حوامل شبه الريح إذا جاءت بخير من سحاب ماطر بالحامل، أو بمعنى الملاقح، أي : للشجر والسحاب يقال ألقحها الفحل، إذا ألقي عليها الماء فحملته، وعن كثير من السلف١ أن الله تعالى يرسل الريح فيحمل الماء من السماء، ثم يجري السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة، ﴿ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ﴾ جعلنا لكم سقيا٢، ﴿ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾ حافظين بل نحن نحفظه عليكم في العيون والآبار ولأنهار، ولو شاء الله تعالى لأغاره وذهب به، أو معناه : نحن ننزل المطر، وهو في خزائنتنا، لا في خزانتكم.
١ كعبد الله بن مسعود وابن عباس و إبراهيم النخعي وقتادة / ١٢..
٢ أي: نصيبا من الماء / ١٢..
﴿ وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ﴾ الباقون بعد فناء الخلق.
﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ﴾ كل من هلك من لدن آدم١ وكل من هو حي ومن سيأتي إلى آخر الدنيا، أو المستقدمين٢ الخير والمبطئين عنه، أو المستقدمين في الصف الأول والمستأخرين منه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رغب في الصف الأول ازدحموا عليه، أو أناس يستقدمون في الصفوف لئلا٣ يرو النساء، وبعضهم يستأخرون لينظروا إليهن، أو المراد في صف القتال.
١ قوله: كل من هلك إلخ الأول هو قول ابن عباس وأكثر السلف / ١٢ منه..
٢ قاله الحسن ـ رضي الله عنه..
٣ روى الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء عن [ابن عباس: أن (*)] امرأة حسناء كانت تصلى فتقدم بعض لئلا ينظر إليها وتأخر بعض لينظروا إليها إذا سجدوا من تحت أيديهم فنزلت، قال الشيخ ابن كثير: في الحديث نكارة شديدة / ١٢ منه. [تفسير ابن كثير(٢/٥٥٠)، وقد صحح الحديث الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢٤٩٧)، وعقد في الصحيحة (٢٤٧٢) بحثا فيه موردا طرقا ومنا قشا الحافظ ابن كثير في استنكاره له، فراجعه فإنه مفيد].
(*)غير موجودة بالأصل..

﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ﴾ للجزاء، ﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ١ عَلِيمٌ ﴾ باهر الحكمة واسع العلم.
١ و لما نبه منتهى الخلق وهو الشر؛ أنبأهم مبدأ أصلهم وما جرى لعدوهم إبليس ليحذرهم من كيده، فإنه هو الذي أخرج أصلكم محل الراحة إلى مقر التكليف و التعب فقال: "ولقد خلقنا الإنسان" الآية / ١٢ وجيز..
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ ﴾ أرد آدم، ﴿ مِن صَلْصَالٍ ﴾ طين يابس يصوت إذا نقر أو من طين منتن من صل اللحم إذا أنتن وهو كزلزال، ﴿ مِّنْ حَمَإٍ ﴾ أي : كائن من طين أسود، ﴿ مَّسْنُونٍ ﴾ أي : أملس أو منتن مصبوب كالجواهر المذابة تصب في القوالب.
﴿ وَالْجَانَّ ﴾ أي : إبليس وهو الشياطين، أو أبو الجن مطلقا، ﴿ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ ﴾ من قبل خلق آدم، ﴿ مِن نَّارِ السَّمُومِ ﴾ نار الحر الشديد، أو نار لا دخان لها، وعن بعضهم من نار الشمس.
﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ ِ ﴾ أي اذكر وقت قوله، ﴿ لِلْمَلاَئِكَة إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴾.
﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ ﴾ عدلت صورته وأتممت خلقه، ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ﴾ إضافة الروح للتشريف، ﴿ فَقَعُواْ ﴾ فاسقطوا، ﴿ لَهُ سَاجِدِينَ ﴾.
﴿ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُم أَجْمَعُونَ ﴾ وقد مر أن المأمورين بالسجود جميع الملائكة أو جمع خاص منهم.
﴿ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴾ أي : لكن هو أبى السجود، وجاز أن يكون الاستثناء متصلا، وجملة أبى أن يكون حينئذ مستأنفة.
﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ١ أي غرض لك فيه، ﴿ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ﴾.
١ ظاهرة يقتضي أن الله تعالى تكلم مع إبليس بغير واسطة؛ لأنه قال في الجواب: "لم أكن لأسجد لبشر خلقته"، فقوله: خلقته خطاب الحضور لا خطاب الغيبة، فقول بعض المتكلمين، أنه ـ تعالى ـ أوصل هذا الخطاب إلى إبليس على لسان بعض رسله ضعيف / ١٢ فتح.
قاله ابن عباس / ١٢..

﴿ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ ﴾ اللام لتأكيد النفي، أي : لا يصح مني ويستحيل أن أسجد، ﴿ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴾ استكبر واستعظم نفسه.
﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا ﴾ من تلك المنزلة التي أنت فيها من الملأ الأعلى، ﴿ فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴾ مطرود من الخير والشرف باعتبار الكرامة عند الله تعالى لا باعتبار النوع.
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ أي : تلك اللعنة لا تزال متصلة لاحقة بك إلى يوم القيامة، وهذا بعد غاية١ يضر بها الناس.
١ لا أنه انتهت اللغة حينئذ / ١٢ وجيز..
﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي ﴾ أخر أجلي، ﴿ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ١ آخر الدنيا.
١ قوله: يوم يبعثون إلخ... ولا يبعد أن يقال: إن يوم الدين ويوم يبعثون ويوم الوقت المعلوم واحد، وتغيير الكلام للمتقين؛ لأنه قدم مر في سورة الأعراف أنه قال: "أنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين" (الأعراف: ١٤، ١٥)، فإنه يدل على الإجابة، والملعون كان عالما بأن لا يسأل ما لا يجاب عنه / ١٢ وجيز..
﴿ إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ وهو١ نفخة الأولى، أمهله الله استدراجا له وابتلاء وامتحانا للخلق، قيل : سأل الإمهال إلى يوم يبعثون لئلا يموت ؛ لأنه لا يموت حينئذ أحد، فلم يجب إلى ذلك وأمهل إلى آخر أيام التكليف فهو ميت، بين النفختين أربعين سنة.
١ قاله ابن عباس / ١٢..
﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ﴾ أي : أقسم١ بإغوائك إياي، ﴿ لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ٢ المعاصي، ﴿ فِي الأَرْضِ ﴾، أو معناه بسبب غوايتك إياي، أقسم لأزينن الخ. . . ، ﴿ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ ﴾، أحملنهم على الغواية، ﴿ أَجْمَعِينَ ﴾.
١ وفي الفتح: والفقهاء قالوا: الإقسام بصفات الذات صحيح و اختلفوا في القسم بصفات الأفعال، ومنهم من فرق بينهما، و لأن جعل الإغواء مقسم به غير متعارف، قاله الكرخى، قلت: و إقسامه هنا بإغواء الله، ولا ينافي إقسامه في موضع آخر بعزة الله التي هي سلطانه وقهره؛ لأن الإغواء له هو من جملة ما يصدق عليه العزة / ١٢.
.

٢ لذرية آدم عليه السلام والمرجع يفهم من الكلام قال في الآية الأخرى: "لأحتنكن ذريته إلا قليلا" (الإسراء: ٦٢) /١٢ وجيز..
﴿ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾، أي : إلا عبادك الموصوفين بالإخلاص لطاعتك حلل كونهم من أولاد آدم.
﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾ إشارة إلى قول إبليس : لأغوينهم إلا عبادك أي : هذا هو الذي حكمت به وقدرت على عبادي، وهو حق مستقيم، كما قال تعالى :" ولكن حق القول مني " ( السجدة : ١٣ ) الخ. . . أو تهديد، كما تقول لخصمك : طريقك على أي لا تفلت مني، أو الإشارة إلى تخلص المخلصين من إغوائه الدال عليه الاستثناء، أي : تخلصهم طريق حق علي أن أرعيه لا انحراف عنه، أو الإخلاص طريق علي من غير اعوجاج يؤدي إلى الوصول إلى كرامتي ولقائي.
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ أي : ليس لك حجة وتسلط على أحد منهم، فمن أين لك الاختيار في غوايتهم، ﴿ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ لكن من اتبعك هو من الغاوين، أو الاستثناء متصل ويكون كالتصديق لقول إبليس.
﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ ﴾ أي : الغاوين، ﴿ أَجْمَعِينَ ﴾ تأكيد للضمير.
﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ١ سبعة أطباق، وعن علي رضي الله عنه إن أبواب جهنم هكذا، ووضع إحدى يديه على الأخرى، أي : بعضها فوق بعض أو سبعة منازل لكل منزل باب، ﴿ لِّكُلِّ بَابٍ ﴾ طبقة أو منزل، ﴿ مِّنْهُمْ ﴾ من أتباعه، ﴿ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴾ افرز له، ومنهم حال من الجزاء، أو من ضمير الظرف.
١ قوله " سبعة أبواب" الخ... قال الخطيب: تخصص هذا العدد؛ لأن أهله سبع فرق، وقيل: جعلت سبعة على وفق الأعضاء السبعة من العين والأذن واللسان و البطن والفرج واليد والرجل لأنها مصادر السيئات انتهى، أقول الحكمة في تخصيص هذا العدد، لا ينحصر فيما ذكر، بل الأولى تفويضها إلى جاعلها، وهو الله سبحانه إلا أن يرد به خبر صحيح، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيجب المصير إليه / ١٢ فتح..
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ ﴾ عن الكفر والفواحش، ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ بساتين وأنهار.
﴿ ادْخُلُوهَا ﴾ أي : يقال لهم ادخلوها، ﴿ بِسَلاَمٍ ﴾ سالمين من الآفات، وقيل مسلما عليكم، ﴿ آمِنِينَ ﴾ من المكاره.
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾ حسد وحقد، ﴿ إِخْوَانًا ﴾ في المودة وهو حال، ﴿ عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ متواجهين وهما صفتان أو حالان، وعن علي رضي الله عنه : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم١ رضي الله عنهم.
١ أخرجه سعيد بن منصور وابن مردويه عن علي كما في الدر المنثور للسيوطي(٤/١٨٩)..
﴿ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ﴾ تعب، ﴿ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ١.
١ ولما تقدم ذكر ما في النار وما في الجنة وهو للمتقين، كما قال: "إن المتقين في جنات"، وقد علم أن الموصوفين بالتقوى كانوا في الدنيا صواحب حقد وحسد، وهو مناف للتقوى، رفع الالتماس والتنافي بقوله: "نبئ عبادي" الآية / ١٢ وجيز..
﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُور١ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ ٢الأَلِيمَ ﴾ وقد نقل٣ أنه صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه، وهم يضحكون فقال أتضحكون وبين أيديكم النار ؟ !، فنزل جبريل بهذه الآية، " وقال : يقول لك ربك يا محمد لم تقنط عبادي ؟ ".
١ فمن اتقى عن الشرك ووقع في سوء بجهالة، فإني أرحمه و أغفر له / ١٢ وجيز..
٢ لم يقل من جهة المقابلة و إني أنا المعذب المؤلم، ليعلم أن جهة العفو والرحمة أرجح ولله الحمد /١٢ وجيز..
٣ نقله ابن جرير وابن أبي حاتم / ١٢ وجيز [ذكره الهيثمي في "المجمع"، (٧/٤٦) وقال: "رواه الطبراني، وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف"]..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٩:﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُور١ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ ٢الأَلِيمَ ﴾ وقد نقل٣ أنه صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه، وهم يضحكون فقال أتضحكون وبين أيديكم النار ؟ !، فنزل جبريل بهذه الآية، " وقال : يقول لك ربك يا محمد لم تقنط عبادي ؟ ".
١ فمن اتقى عن الشرك ووقع في سوء بجهالة، فإني أرحمه و أغفر له / ١٢ وجيز..
٢ لم يقل من جهة المقابلة و إني أنا المعذب المؤلم، ليعلم أن جهة العفو والرحمة أرجح ولله الحمد /١٢ وجيز..
٣ نقله ابن جرير وابن أبي حاتم / ١٢ وجيز [ذكره الهيثمي في "المجمع"، (٧/٤٦) وقال: "رواه الطبراني، وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف"]..

﴿ وَنَبِّئْهُمْ ١عَن ضَيْفِ ٢إِبْراَهِيمَ ﴾ ذكر لهذه القصة عقيب هذه الآية، لتحقق أن رحمته واسعة وعذابه أليم.
١ قوله: ونبئهم الخ... ليحقق أن رحمته واسعة، و أن عذابه أليم، ذكر العرب بأحوال من يعرفونه ممن عصى و كذب الرسل؛ فحل بهم عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة ليعتبروا، فبدأ بذكر جدهم الأعلى و ما جرى لقوم ابن أخيه لوط ثم فثم / ١٢ وجيز..
٢ والضيف أصله المصدر، والأفصح أن لا يثنى و لا يجمع، و لا حاجة إلى تكلف إضمار أصحاب ضيق / ١٢ وجيز..
﴿ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ ﴾ نسلم عليك، ﴿ سَلامًا قَالَ ١إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ ﴾ خائفون ؛ لأنهم ما أكلوا من طعامه، ودخلوا بغير إذن.
١ قال بعد ما أجاب سلامهم / ١٢ وجيز..
﴿ قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ ١عَلِيمٍ ﴾ استئناف في معنى التعليل للنهي عن الوجل، وهو إسحاق والأضياف ملائكته في صور البشر.
١ وهذا الغلام هو إسحاق، كما و قع في موضع آخر من القرآن..
﴿ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي ﴾ بالولد، ﴿ عَلَى أَن ﴾ أي : أنه، ﴿ مَّسَّنِيَ الْكِبَر ﴾ والولد في هذه الحال كالمحال، ﴿ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴾ بأي شيء تبشرون، فإن البشارة بمثل هذا بشارة بغير شيء.
﴿ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ ﴾ بالصدق واليقين، ﴿ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ١ من الآيسين.
١ عما يمكن من رحمته / ١٢.
.

﴿ قَالَ ﴾ إبراهيم لهم :﴿ مَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ ﴾ أي : لم يستنكر ذلك قنوطا، بل استبعادا عاديا، من استفهامية إنكارية، فكأنه قال : لا يقنط لأحد إلا الضالون.
﴿ قَالَ ﴾ إبراهيم لهم :﴿ فَمَا خَطْبُكُمْ١ : شأنكم، ﴿ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾ وما الذي جئتم به.
١ فإنه علم أن البشارة لا تحتاج إلى جمع، فلا بد لهم من أمر عظيم / ١٢ وجيز..
﴿ قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴾ أي : قوم لوط.
﴿ إِلاَّ آلَ لُوطٍ ﴾ استثناء متصل من ضمير المجرمين، أي : إلى قوم أجرم كلهم إلا آل لوط منهم، ﴿ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ استئناف، وجاز أن يكون استثناء منقطعا عن قوم، فإن القوم موصفون بالإجرام دونهم حينئذ، إنا لمنجوهم جرى مجرى خبر لكن ولم يكن مستأنفا.
﴿ إِلاَّ امْرَأَتَهُ ﴾ استثناء، من ضمير لمنجوهم، ﴿ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ الباقين مع الكفرة لتهلك معهم، وإنما علق١ مع أن التعليق٢ من خواص أفعال القلوب لتضمن التقدير معنى العلم، أو لأنه أجرى مجرى قلنا، قال بعضهم : هذا كلام الله تعالى لا من كلام الملائكة٣، وجاز أن يكون من كلامهم، وإسناد التقدير إلى أنفسهم لما هم من القرب إلى الله تعالى.
١ قدرنا ولم يقل قدرناها /١٢..
٢ التعليق هاهنا بإدخال أن على الاسمين، قال الضيف: ومن المعلقات إن المكسورة إذا لم يكن فتحها بإدخال اللام على الخبر / ١٢..
٣ وهو الظاهر / ١٢.
.

﴿ قَالَ ﴾ لوط لهم :﴿ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ ﴾ لا أعرفكم أو تنكركم نفسي وتنفر منكم مخافة شركم.
﴿ قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴾ أي : ما جئناك لتعرفنا أو ما جئناك لشرك، بل جئناك بما يسرك وهو ما أوعدت به أعداءك من العذاب، فيشكون فيه ولا يصدقونك.
﴿ وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ ﴾ باليقين من عذابهم، ﴿ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾.
﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ﴾ اذهب بهم في الليل، ﴿ بِقِطْعٍ ﴾ في طائفة، ﴿ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ ﴾ سر خلفهم لتطلع على حالهم حتى لا يتخلف منهم أحد، ﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ ١ مِنكُمْ أَحَدٌ ﴾ إلى ما وراء إذا سمعتم الصيحة بالقوم وذروهم، ﴿ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴾ إلى حيث أمركم الله.
١ قوله: "ولا يلتفت"، نهوا عن الالتفات، لئلا يروا عذابهم فيرقوا ويرحموا، أو هو كناية عن مواصلة السير وترك التأني، لأن الالتفات لابد من أدنى توقف، ويدل على ذلك قوله: "وامضوا حيث تؤمرون" /١٢ الخ...
.

﴿ وَقَضَيْنَا ﴾ أوحينا، ﴿ إِلَيْه ﴾ مقضيا، ﴿ ذَلِكَ الأَمْرَ ﴾ مبهم مفسر بقوله :﴿ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ ﴾ ودابرهم آخرهم، أي : يستأصلون عن آخرهم، وهو بدل من ذلك الأمر، ﴿ مُّصْبِحِينَ ﴾ داخلين في الصبح.
﴿ وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ ﴾ أي : سدوم، قرية قوم لوط، ﴿ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ يفرحون بأضياف لوط طمعا في ركوب الفاحشة منهم.
﴿ قَالَ ﴾ لوط، ﴿ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ١ بفضيحة ضيفي.
١ اعلم أن قول الملائكة: جئناك بالحق متأخر عن مجيء أهل المدينة، و مقاولته لمهم، ألا تري إلى قولهم: إنا رسل ربك، وإنما جيء على هذا النسق لدلالة كل على أمر مستقل يصلح أن تساق له القصة الأول تفريج لهم عن الصابرين ونصرة الله، أي نصر وانتقامه من أعدائهم، والثاني ذكر مساوئ الأمم وسوء الأحدوثة عنهم، وقد جاء ذلك مرتبا في سورة هود / ١٢ وجيز..
﴿ وَاتَّقُوا اللّهَ ﴾ في تلك الفاحشة، ﴿ وَلاَ تُخْزُونِ ﴾ لا تخجلوني فيهم، من الخزاية وهي الحياء.
﴿ قَالُوا أَوَ لَمْ نَنْهَكَ ١ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : عن ضيافة أحد من العالمين، أو أن تجير منهم أحدا.
١ هذا دليل على أنه كان يقوم بالنهي عن المنكر فأوعدوه / ١٢ وجيز.
.

﴿ قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي ﴾ فتزوجوهن واتركوا أضيافي وعن كثير من السلف أن المراد من البنات نساء القوم، فإن نبي كل أمة بمنزلة أبيهم١، ﴿ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ لا محال قضاء وطركم بمحال المباشرة دون المنكر.
١ ويؤيد هذا التأويل ما أخرجه أحمد وأبو داود و النسائي وابن ماجه و ابن حيان مرفوعا وغيرهم بسند حسن عن أبي هريرة مرفوعا: (إنما أنا لكم الوالد أعلمكم....)، [وانظر صحيح الجامع (٢٣٤٦)]..
﴿ لَعَمْرُكَ ﴾ أي : لعمرك١ قسمي، ﴿ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ ﴾، حيرتهم وغوايتهم، ﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ يتحيرون عن ابن عباس٢ رضي الله عنهما ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره، وعن بعض المفسرين أن الضمير لقريش والجملة اعتراض.
١ قوله: "لعمرك"، قيل: الخطاب من الملائكة للو ط وكثير من السلف أنه خطاب من الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى هذا فعل المضارع لاستحضار عمههم ١٢، وفي الفتح جاءت الأحاديث الصحيحة في النهي عن القسم بغير الله، فليس لعباده أن يقسموا بغيره، وهو سبحانه يقسم بما شاء من مخلوقاته، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون..
٢ أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر و ابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل وغيرهم بهذا اللفظ، ورواه أبو يعلى مختصر بسند جيد، كما في المجمع (٧/٤٦).]
.

﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ﴾ هي ما جاءتهم من الصوت العاصف حال كونهم داخلين في وقت طلوع الشمس.
﴿ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا ﴾ أي : المدينة، ﴿ سَافِلَهَا ﴾ صارت منقلبة، ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً ﴾ قبل التقليب أو معه، أو التقليب للمتوطنين والحجارة للمسافرين، ﴿ مِّن سِجِّيلٍ ﴾ من حجر وطين، وقد مر في سورة هود.
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ١ المتفرسين، من توسمت في فلان كذا، إذا عرفت وسم ذلك وسمته فيه.
١ قوله: "للمتوسمين" قال مجاهد: للمتفرسين، و أخرج البخاري في التاريخ والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن السني وأبو نعيم وابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله"، ثم قرأ: "إن في ذلك لآيات للمتوسمين" [وهو ضعيف، انظر ضعيف الجامع، وراجع الضعيفة (١٨٢١)]، والفراسة على نوعين، أحدها ما يوقعه الله في قلوب الصلحاء، فيعلمون بذلك أحوال الناس بإصابته الحدس والنظر والظن والتثبت، والثاني: ما يحصل بدلائل التجارب والأخلاق و للناس في هذا العلم تصانيف قديمة و حديثة / ١٢ فتح البيان في مقاصد القرآن..
﴿ وَإِنَّهَا ﴾، أي : تلك المدينة، ﴿ لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ ﴾ بطريق ثابت يسلكه الناس ولم يندرس آثارهم وهو تنبيه لقريش.
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ ﴾ بالله ورسله فيعرفون أن ذلك انتقام لأوليائه من أعدائه.
﴿ وَإِن كَانَ ﴾ أي : إنه كان، ﴿ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ ﴾ قوم شعيب، والأيكة الشجر الملتف، ﴿ لَظَالِمِينَ ﴾ بالشرك وقطع الطريق ونقص المكيال والميزان، وكانوا قريبا من قوم لوط بعدهم في الزمان، ومستأمنين لهم في المكان.
﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ بالصيحة وعذاب الرجفة وعذاب يوم الظلة، ﴿ وَإِنَّهُمَا ﴾ مدينة لوط وأصحاب الأيكة، ﴿ لبِإِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ لبطريق واضح ظاهر.
﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ ﴾ وهو مدينة بين المدينة والشام يسكنها ثمود، ﴿ الْمُرْسَلِينَ ﴾ أي : صالحا، ومن كذب نبيا فقد كذب الرسل بأجمعهم.
﴿ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا ﴾ معجزات، كما في الناقة من غرائب الآيات، ﴿ فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾ ما استدلوا بها على صدق نبيهم عليه الصلاة والسلام.
﴿ وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ من أن نتهدم، أو من عذاب الله، يحسبون أن الجبال تحميهم منه.
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ﴾ داخلين في الصباح.
﴿ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم ﴾ ما دفع عنهم العذاب، ﴿ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ من البيوت الوثيقة والزراعة والأموال.
﴿ وَماَ١ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ ﴾، خلقا متلبسا بالحق " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " ( النجم : ٣١ )، ﴿ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ ﴾ فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ﴿ فَاصْفَحِ ﴾ يا محمد عن المشركين، ﴿ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ يعني عاملهم معاملة الحليم الصفوح، وهذا قبل القتال، فإنما هذه مكية والأمر بالقتال بعد المهاجرة.
١ ولما ذكر قصص الأمم السالفة ليتعظ بها المشركون، فيؤمنوا بالقيامة والبعث عقبه بما يدل على البعث فقال: "وما خلقت السماوات" الآية / ١٢ وجيز..
﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ ﴾ الذي خلق كل شيء فقادر على الإعادة، ﴿ الْعَلِيمُ١ بجميع الأحوال فيجازي بما علم منهم.
١ لما صبره على أذى قومه، وأمره بأن يصفح الصفح الجميل، أتبع ذلك بذكر النعم العظيمة، التي خص الله ـ تعالى ـ محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بها لأن الإنسان إذا تذكر كثرة نعم الله عليه سهل عليه الصفح والتجاوز فقال: "ولقد آتيناك" الآية / ١٢ كبير..
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا ﴾ هي السبع الطوال١ من البقرة إلى الأعراف ثم يونس، نص عليه ابن عباس وغيره رضي الله عنهم، أو من البقرة إلى براءة على أن الأنفال وبراءة سورة واحدة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوتي النبي عليه الصلاة والسلام السبع الطوال، وأعطي موسى ستا، فلما ألقى الألواح رفعت اثنتان وبقي أربع، أو المراد فاتحة الكتاب، رو ي ذلك عن عمر وعلي رضي الله عنهما، وفي البخاري قال صلى الله عليه وسلم :" أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم٢﴿ مِّنَ الْمَثَانِي ﴾ بيان للسبع لأن الفرائض والحدود والأمثال والخبر والعبر ثنيت في تلك السورة ؛ أو لأن الفاتحة ثني في كل صلاة فيقرأ في كل ركعة، ﴿ وَالْقُرْآنَ٣ الْعَظِيمَ٤ إن أريد به جميع القرآن، فمن عطف الكل على البعض، وإن أريد به الفاتحة كما دل عليه حديث البخاري، فمن عطف أحد الموصوفين على الآخر، وعن بعض السلف القرآن كله مثاني ؛ لأن الأنباء والقصص ثنيت فيه، فعلى هذا المراد بالسبع أسباع القرآن.
١ جمع طويلة، روى النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن السبع المثاني السبع الطوال، وأنكر بعضهم هذا القول، لأن هذه السورة مكية، وأكثر الطوال مدنية، وأجيب بأن من الإتيان إنزالها إلى السماء الدنيا، و المكية والمدنية في ذلك سيان ضعف بأن إطلاق لفظ الإتيان على ما لم يصل بعد إليه خلاف الظاهر، لكنك خبير خصوصا في مقام الامتنان بأن تنزيل المتوقع منزلة الواقع له نظائر في القرآن العظيم، منها قوله ـ تعالى ـ: "كما أنزلنا على المقتسمين" (الحجر: ٩٠)، على التفسير الأول المختار / ١٢ منه..
٢ أخرجه البخاري في "التفسير"، (٤٧٠٤)..
٣ القرآن اسم يقع على الكل وعلى البعض / ١٢..
٤ لما بين الله لرسوله ما أنعم به عليه من هذه النعمة الدينية، نفره الله عن اللذات العاجلة الزائلة فقال: "لا تمدن عينيك" الآية / ١٢ فتح.
.

﴿ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ﴾ لا تطمح ببصرك طموح راغب متمن، ﴿ إِلَى مَا مَتَّعْنَا ١بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ﴾ أصنافا من الكفار، أي : استغن بما آتاك الله تعالى من القرآن عما في الدنيا من الزهرة الفانية، ﴿ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ إن لم يؤمنوا أو عن بعضهم لا تحزن على ما فاتك من مشاركتهم في الدنيا، ﴿ وَاخْفِضْ٢ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ أي : ارفق بهم.
١ وعن سفيان بن عيينة، قال: من أعطي القرآن فمد عينيه إلى شيء مما صغر القرآن فقد خالف القرآن، ألم تسمع قوله: ﴿ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم﴾ إلى آخره الآية، ثم لما نهاه عن الالتفات إليهم فقال: "ولا تحزن عليهم" الآية / ١٢ فتح.
.

٢ لما أمره بما يستلزم التهاون بالكفار وبما معهم أمره أن يتواضع للمؤمنين، فقال: "واخفض" الآية /١٢ فتح..
﴿ وَقُلْ١ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ ﴾.
١ لما أمر رسوله بالزهد في الدنيا وخفض الجناح للمؤمنين أمره أن يقول: "أنا النذير المبين" /١٢..
﴿ كمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ ﴾ تقديره أنا النذير لمن لا يؤمن عذابا مثل ما أنزلنا عليهم، والمقتسمون المتحالفون الذين تحالفوا على مخالفة الأنبياء وأذاهم، كما قال تعالى في قوم صالح :" تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله "، أي : نقتلهم ليلا.
﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ﴾ أي : جعلوا كتبهم المنزلة عليهم أجزاء، فأمنوا ببعض وكفروا ببعض، أو معناه اقتسموا كتبهم وجزءوه أجزاء، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض، فعلى هذا من القسمة لا من القسم، والقرآن يطلق على جميع الكتب السماوية، وعن بعضهم هم الذين اقتسموا طرق مكة يصدون الناس عن الإيمان برسول الله سلى الله عليه وسلم ويجزءون القرآن، يقولون : سحر، ويقولون : مفترى، ويقولون : أساطير الأولين، فأنزل الله تعالى بهم خزيا فماتوا شر ميتة، أو اقتسموا القرآن منهم من قال : سحر، ومنهم من قال : كذب، ومنهم١ من قال : أساطير الأولين، فعلى هذا الذين جعلوا القرآن عضين بيان المقتسمين، وهو جمع عضة، وأصلها عضوة، فعلة من عضي الشاة، إذا جعلها أعضاء، وعن عكرمة العضة السحر بلسان قريش.
١ وأما قول المفسرين إن قريشا استهزءوا واقتسموا، فمن قائل: البعوض لي، ومن قائل: الذباب لي، ومن قائل: النمل لي، ومن قائل: العنكبوت لي، ومن قائل: الأنعام لي، ففيه إشكال، فإن بعض هذه السور مثل البقرة وغيرها مدنية والسورة مكية / ١٢ وجيز..
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ أي : نسأل عن لمية تحالفهم واقتسامهم وجعلهم القرآن عضين، أو عن كل ما فعلوا، يقول : لم فعلتم كذا وكذا، أو سؤال توبيخ لا استعلام.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٢:﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ أي : نسأل عن لمية تحالفهم واقتسامهم وجعلهم القرآن عضين، أو عن كل ما فعلوا، يقول : لم فعلتم كذا وكذا، أو سؤال توبيخ لا استعلام.
﴿ فَاصْدَعْ ﴾ أظهر، ﴿ بِمَا تُؤْمَرُ ﴾ به من الشرائع، ولا تخفه، وعن مجاهد : هو الجهر بالقرآن في الصلاة، وعن١ بعضهم ما زال صلى الله عليه وسلم مستخفيا حتى نزلت فخرج هو وأصحابه، ﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ لا تلتفت إلى أقوالهم.
١ قاله أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود /١٢. [وأخرجه أبو نعيم في دلائله كما في الدر المنثور(٤/١٩٩) من طريق السدى الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والسدى منهم بالكذب، والكلبي كذلك].
.

﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ١ كان عظماء المستهزئين خمسة نفر من كبار قريش، مات كل واحد منهم في أقرب زمان.
١ اختلفوا في عدد هؤلاء المستهزئين وأسمائهم وكيفية استهزائهم، و لا حاجة إلى شيء منها والقدر المعلوم أنهم طائفة لهم قو ورياسة أظهروا السفاهة مع الرسول الكريم، فأفناهم الله وأزال كيدهم / ١٢ كبير..
﴿ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ ﴾ عاقبة أمرهم.
﴿ وَلَقَدْ ١نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ من أذاك.
١ لما ذكر ـ تعالى ـ أن قومه يسفهون عليه ويستهزئون، قال له: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون"، لأن الجبلة البشرية يقتضي ذلك، فعهد هذا قال له: "فسبح بحمد ربك"، فأمره بالتسبيح والتحميد والسجود والعبادة، لأن الإقبال على الطاعات سبب لزوال ضيق القلب والحزن، لأنه إذا اشتغل الإنسان بالعبادات انكشفت له أضواء عالم الربوبية، ومتى حصل ذلك الانكشاف صارت الدنيا حقيرة، خف على القلب فقدانها ووجدانها، فلا يستوحش من فقدانها، و لا يستريح بوجدانها، وعند ذلك يزول الحزن والغم / ١٢ كبير.
.

﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾، فاشتغل بتسبيحه وتحميده وتوكل على الله تعالى ﴿ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ١ المصلين.
١ وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة [حسن أخرجه أحمد وأبو داود عن حذيفة، و انظر صحيح الجامع (٤٧٠٣) ]، أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم في التاريخ وابن مردويه والديلمى عن أبي مسلم الخولاني قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ما أوحى إلى أن أجمع المال وأكن من التاجرين، و لكن أوحى إلى أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين" [انظر الدر المنثور (٤/٢٠٣)، وأخرجه البغوي في "شرح السنة"، (١٤/٢٣٧) بسند مرسل، وفيه أيضا شرحبيل بن مسلم مختلف فيه]، وروى بطرق كثيرة / ١٢ فتح البيان وكذا في المعالم.
.

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } الموت المتيقن لحاقه.
اللهم أمتنا على أحسن الأحوال والأعمال.
Icon