تفسير سورة الشعراء

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الشعراء من كتاب تفسير القشيري المعروف بـلطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ

السورة التي يذكر فيها الشعراء
بسم الله الرّحمن الرّحيم بسم الله اسم عزيز يرتضى من الزاهد ترك دنياه، ومن العابد مخالفة هواه، ومن القاصد قطع مناه، ولا يرضى من العارف أن يساكن شيئا غير مولاه. إن خرج عن كلّ مرسوم- بالكلية، وانسلخ عن كل معلوم- من غير أن تبقى له منه بقية فلعلّه يجد شظيّة. وإن عرّج على شىء، ولم يصف من الكدورات- حتى عن يسيرها- وإن دقّ- فإنه كما في الخبر: «المكاتب عبد ما بقى عليه درهم».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

طسم (١)
ذكرنا فيما مضى اختلاف السّلف في الحروف المقطّعة فعند قوم: الطاء إشارة إلى طهارة عزّه وتقدّس علوّه، والسين إشارة ودلالة على سناء جبروته، والميم دلالة على مجد جلاله فى آزاله.
ويقال الطاء إشارة إلى شجرة طوبى، والسين إلى سدرة المنتهى، والميم إلى اسم محمد ﷺ أي ارتقى محمد ليلة الإسراء عن شهوده شجرة طوبى حتى بلغ سدرة المنتهى، فلم يساكن شيئا من المخلوقات في الدنيا والعقبى «١».
(١) أورد القشيري في كتابه «المعراج» طائفة كبيرة من الأخبار نفهم منها أن الرسول صلوات الله عليه وسلامه لم يتطلع إلى شىء مما رأى من عجائب المخلوقات وعظائم النعم في تلك الليلة، بل كان خالص القصد إلى الحق، وبعبارة صوفية دقيقة: كان فانيا بحقوق ربه عن حظوظ نفسه، فما زاغ البصر وما طغى. وفي ذلك يقول رويم: «لما أكرم المصطفى (ص) بأعظم الشرف في المسرى علت همته عن الالتفات إلى الآيات والكرامات، والجنة والنار، فما زاغ البصر أي ما أعار طرفه شيئا من الأكوان، ومن شاهد البحر استقلّ الأنهار والأودية.
(المعراج ص ١١٢) ويقول القشيري في ص ١٠٢ من الكتاب نفسه: يروى في الخير أنه «لما ركب البراق لم يعرّج على شىء،
ويقال الطاء طرب أرباب الوصلة على بساط القرب بوجدان كمال الروح، والسين سرور العارفين بما كوشفوا به من بقاء الأحدية باستقلالهم بوجوده «١» والميم إشارة إلى موافقتهم لله بترك التخيّر على الله، وحسن الرضا باختيار الحق لهم.
ويقال الطاء إشارة إلى طيب قلوب الفقراء عند فقد الأسباب لكمال العيش بمعرفة وجود الرزّاق بدل طيب قلوب العوام بوجود الأرفاق والأرزاق.
ويقال الطاء إشارة إلى طهارة أسرار أهل التوحيد، والسين إشارة إلى سلامة قلوبهم عن مساكنة كلّ مخلوق، والميم إشارة إلى منّة الحقّ عليهم بذلك.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٣]
لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)
أي لحرصك على إيمانهم ولإشفاقك من امتناعهم عن الإيمان فأنت قريب من أن تقتل نفسك من الأسف على تركهم الإيمان.
فلا عليك- يا محمد- فإنه لا تبديل لحكمنا فمن حكمنا له بالشقاوة لا يؤمن.
ليس عليك إلا البلاغ فإن آمنوا فبها، وإلّا فكلّهم «٢» سيرون يوم الدّين ما يستحقون.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٤]
إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤)
أخبر عن قدرته على تحصيل مراده من عباده، فهو قادر على أن يؤمنوا كرها لأن التقاصر عن تحصيل المراد يوجب النقص والقصور في الألوهية.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٥ الى ٦]
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٦).
كان ينادى من يمينه ومن يساره، ثم قال له جبريل عليه السّلام: الذي ناداك من يمينك داعى اليهودية، والذي ناداك من يسارك داعى النصرانية، ولو التفتّ يا محمد لتهودت أو تنصرت أمتك».
(١) استقل الشيء رآه قليلا واستقل بالشيء لم يشتغل بسواه اكتفاء به.
(٢) السياق مقبول على هذا النحو، ولكننا لا نستبعد أن يكون هناك سقوط لكلمة «لنا»، وعندئذ يكون السياق «فكلهم لنا....» :
أي ما نجدّد لهم شرعا، وما نرسل لهم رسولا.. إلا أعرضوا عن تأمل برهانه، وقابلوه بالتكذيب. فلو أنهم أنعموا النظر في آيات الرسل لا تضح لهم صدقهم، ولكن المقسوم لهم من الخذلان في سابق الحكم يمنعهم من الإيملن والتصديق. فقد كذّبوا، وعلى تكذيبهم أصرّوا، فسوف تأتيهم عاقبة أعمالهم بالعقوبة الشديدة، فيذوقون وبال شركهم.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٧ الى ٩]
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩)
فنون ما ينبت في الأرض وقت الربيع لا يأتى عليه الحصر، ثم اختصاص كلّ شىء منها بلون وطعم ورائحة مخصوصة، ولكلّ شكل وهيئة ونور مخصوص، وورق مخصوص... إلى ما تلطف عنه العبارة، وتدق فيه الإشارة. وفي ذلك آيات لمن استبصر، ونظر وفكّر.
«وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ» : القاهر الذي لا يقهر، القادر الذي لا يقدر، المنيع الذي لا يجبر.
«الرَّحِيمُ» : المحسن لعباده، المريد لسعادة أوليائه.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (١١)
أخبر أنه لما أمره بالذهاب إلى فرعون لدعوته إلى الله علم أنه شديد الخصومة، قد غرّته نفسه فهو لا يبالى بما فعل. وأخذ (موسى) «١» يتعلّل- لا على جهة الإباء والمخالفة- ولكن على وجه الاستعفاء والإقالة إلى أن علم أنّ الأمر به جزم، والحكم به عليه حتم.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٢ الى ١٥]
قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)
(١) ليست موجودة في النص وقد وضعناها بين قوسين منعا للبس.
سأل موسى- عليه السلام- أن يشفعه بهارون ويشركه في الرسالة. وأخبر أنه قتل نفسا، وأنه في حكم فرعون عليه دم، فقال: «فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ» إلى أن قال له الحقّ: - «قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ» «كَلَّا» حرف ردع وتنبيه أي كلا أن يكون ذلك كما توهمت، فارتدع عن تجويز ذلك، وانتبه لغيره. إنى معكما بالنصرة والقوة والكفاية والرحمة، واليد ستكون لكما، والسلطان سيكون لكما دون غيركما، فأنا أسمع ما تقولون وما يقال لكم، وأبصر ما يبصرون وما تبصرون أنتم.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٦ الى ١٩]
فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩)
ويقال في القصة: إن موسى وهارون كانا يترددان على باب فرعون سنة كاملة ولم يجدا طريقا إليه: ثم بعد سنة عرضا الرسالة عليه، فقابلهما بالتكذيب، وكان من القصة ما كان..
وقال فرعون لمّا رأى موسى:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١)
فلم يكن لموسى- عليه السلام- جواب إلا الإقرار والاعتراف، فقال:
«قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ» قال: كل ذلك قد كان، وفررت منكم لمّا خفتكم، فأكرمنى الله بالنبوة، وبعثني رسولا إليكم..
ويقال: لم يجحد حقّ تربيته، والإحسان إليه في الظاهر، ولكن بيّن أنه إذا أمر الله بشىء وجب اتباع أمره. ولكن إذا كانت تربية المخلوقين توجب حقّا فتربية الله أولى بأن يعظّم العبد قدرها «١».
قوله: «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ» : يجوز حمله على ظاهره، وأنه خاف منهم على نفسه.
والفرار- عند عدم الطاقة- غير مذموم عند كلّ أحد «٢».
ويقال: فررت منكم لمّا خفت أن تنزل بكم عقوبة من الله لشؤم شرككم، أو من قول فرعون: «ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي» «٣».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٢]
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (٢٢)
ذكر فرعون- من جملة ما عدّ على موسى من وجوه الإحسان إليه- أنه استحياه بين بنى إسرائيل، ودفع عنه القتل، فقال موسى: أو تلك نعمة تمنها عليّ؟ هل استعبادك لبنى إسرائيل يعدّ نعمة؟ إنّ ذلك ليس بنعمة، ولا لك فيها منّة».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٣]
قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣)
نظر اللعين بجهله، وسأل على النحو الذي يليق بغيّه فسأل بلفظ «ما» - و «ما» يستخبر بها عمّا لا يعقل، فقال: «وَما رَبُّ الْعالَمِينَ؟».
ولكنّ موسى أعرض عن لفظه ومقتضاه، وأخبر عمّا يصحّ في وصفه تعالى فقال:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٤]
قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤).
(١) هذه إشارة إلى قيمة تربية الشيوخ بالقياس إلى تربية الوالدين فالوالدان يربيان الأشباح والشيوخ يربون الأرواح.
(٢) نتذكر كيف فر القشيري نفسه من المشرق الإسلامى عند ما أحدقت به الأخطار، وهدد السلطان الجائر حياته وعقيدته، فلم تلن قناته، وهرب بعقيدته إلى حيث يسلم هو ورفاقه (أنظر مدخل الكتاب). [.....]
(٣) آية ٣٨ سورة القصص.
(٤) لأن تعبيدهم وذبح أبنائهم هما سببا حصوله عنده وتربيته له، ولو تركهم لرباه أبواه شأن أي طفل.. فليس هنا نعمة ولا منة، لأن القصد كان إذلال أهله لا الإحسان إليهم أو إليه.
فذكر صفته- سبحانه وتعالى- بأنّه إله ما في السماوات والأرض، فأخذ فى التعجب، وقال:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]
قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦)
قال موسى: «رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ» فحاد فرعون عن سنن الاستقامة في الخطاب، وأخذ في السفاهة قائلا:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٧]
قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧)
لأنه «١» يزعم أنّ هناك إلها غيره. ولم يكن في شىء مما يجرى من موسى- عليه السلام- أو مما يتعلّق به وصف جنون. ولم يشغل بمجاوبته في السفاهة فقال:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٨]
قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨)
أي إن كنتم من جملة من له عقل وتمييز. فقال فرعون:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٩]
قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩)
مضى فرعون يقول: لأفعلنّ، ولأصنعنّ... إن اتخذت إلها غيرى. وجرى ما جرى ذكره وشرحه في غير موضع.
ثم إنه أظهر معجزته بإلقاء العصا، وقلبها- سبحانه- ثعبانا كاد يلتقم دار فرعون بمن فيها، ووثب فرعون هاربا، واختفى تحت سريره، وهو ينتفض من الخوف، وتلطّخت بزّته «٢»، وافتضح في دعواه، واتضحت حالته، فاستغاث بموسى واستجاره، وأخذ موسى الثعبان فردّه الله عصا.
(١) أي موسى عليه السلام.
(٢) البزة الهيئة أو الشارة.
ولمّا فارقه موسى- عليه السلام- تداركته الشقاوة، وأدركه شؤم الكفر، واستولى عليه الحرمان، فجمع قومه وكلّمهم في أمره، وأجمعوا كلّهم على أنه سحرهم. وبعد ظهور تلك الآية عاد إلى غيّه.. كما قيل:
إذا ارعوى عاد إلى جهله كذى الضّنى عاد إلى نكسه
ثم إنه جمع السّحرة، واستعان بهم، فلمّا اجتمعوا قالوا: «إِنَّ لَنا لَأَجْراً». فنطقوا بخساسة همّتهم، فضمن لهم أجرهم. وإنّ من يعمل لغيره بأجرة ليس كمن يكون عمله لله.
ومن لا يكون له ناصر إلّا بضمان الجعالة وبذل الرّشا فعن قريب سيخذل.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٤٢]
قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢)
قال فرعون: «وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ»، ومن طلب القربة عند مخلوق فإنّ ما يصل إليه من الذّلّ يزيد على ما أمّله من العزّ في ذلك التّقرّب. والمقرّبون من الله أوّل من يدخل عليه يوم اللقاء، فهم أول من لهم وصول. والمقرّبون من الله لهم على الله دخلة، والناس بوصف الغفلة والخلق في أسر الحجبة.
ثم لمّا اجتمع الناس، وجاء السّحرة بما موّهوا، التقمت عصا موسى جميع ما أتوا به، وعادت عصا، وتلاشت أعيان حبالهم «١» التي جاءوا بها، وكانت أوقارا، وألقى السحرة سجّدا، ولم يختلفوا «٢» بتهديد فرعون إياهم بالقتل والصّلب والقطع، فأصبحوا وهم يقسمون بعزّة فرعون، ولم يمسوا حتى كانوا يقولون: «لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ «٣» ».
ثم لمّا ساعدهم التوفيق، وآمنوا بالله كان أهمّ أمورهم الاستغفار لما سلف من ذنوبهم، وهذه هي غاية همّه الأولياء، أن يستجيروا بالله، وأن يستعيذوا من عقوبة الله، فأعرفهم بالله أخوفهم من الله.
(١) يتصل ذلك برأى القشيري في المعجزة وأنها قد تكون قلب الأعيان، أما كرامة الولي فقد لا تكون كذلك، وهي مع ذلك متصلة بنبي الأمة التي يتبعها هذا الولي.
(٢) وردت (يختلفوا) والسياق يرفضها ويؤيد (يحتلفوا) كما هو واضح.
(٣) آية ٧٢ سورة طه.
ويقصد القشيري إلى أن يوضح أن العبرة بالخواتيم، وهو بهذا يحث- بطريق غير مباشر- على التوبة، وعدم القنوط من رحمة الله.
ولمّا أمر الله موسى بإخراج بنى إسرائيل، وتبعهم فرعون بجمعه، وقال أصحاب موسى.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٦١ الى ٦٢]
فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢)
فكان كما قال، إذ هداهم الله وأنجاهم، وأغرق فرعون وقومه وأقصاهم، وقد قال سبحانه: «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» «١» : ينجّيهم من كلّ بلاء، ويخصّهم بكل نعمة.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٦٩ الى ٧٤]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣)
قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤)
عاتب «٢» ابراهيم أباه وقومه، وطالبهم بالحجة على ما عابهم به وقال لم تعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضرّ، ولا يحسّ ولا يشعر؟ فلم يرجعوا في الجواب إلا إلى تقليدهم أسلافهم، وقالوا:
على هذه الجملة وجدنا أسلافنا. فنطق إبراهيم- عليه السلام- بعد إقامة الحجة عليهم والإخبار عن قبيح صنيعهم بمدح مولاه والإغراق في وصفه، وقال:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٧٥ الى ٧٧]
قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ (٧٧).
(١) آية ٣٦ سورة التوبة.
(٢) ربما كانت (عاب) بدليل قوله بعد قليل (على ما عابهم)، لكن السياق يلتم ب (عاتب) أكثر، إذ العتاب أليق بالنسبة للأب، كذلك فإن ابراهيم لم يكن يدرى في ذلك الوقت أن أباه لن يؤمن.
ذكرهم بأقلّ عبارة فلم يقل: فإنهم أعداء لى، بل وصفهم بالمصدر الذي يصلح أن يوصف به الواحد والجماعة فقال: «فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي».
ثم قال: «إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ»، وهذا استثناء منقطع، وكأنه يضرب بلطف عن ذكرهم صفحا حتى يتوصّل إلى ذكر الله، ثم أخذ في شرح وصفه كأنه لا يكاد يسكت، إذ مضى يقول: والذي.. والذي.. والذي.. ، ومن أمارات المحبة كثرة ذكر محبوبك، والإعراض عن ذكر غيره، فتنزّه المحبين بتقلّبهم في رياض ذكر محبوبهم، والزهّاد يعددون أورادهم، وأرباب الحوائج يعددون مآربهم، فيطنبون في دعائهم، والمحبون يسهبون في الثناء على محبوبهم.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٧٨]
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)
كان مهتديا، ولكنه يقصد بالهداية التي ذكرها فيما يستقبله من الوقت، أي: يهدينى إليه به، فإنّى محق في وجوده وليس لى خبر عنّى!.
والقوم حين يكونون مستغرقين في نفوسهم لا يهتدون من نفوسهم إلى معبودهم، فيهديهم عنهم إلى ربهم، ويصيرون في نهايتهم مستهلكين في وجوده، فانين عن أوصافهم، وتصير معارفهم- التي كانت لهم- واهية ضعيفة، فيهديهم إليه «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٧٩]
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩)
لم يشر إلى طعام معهود أو شراب مألوف ولكن أشار إلى استقلاله به من حيث المعرفة بدل استقلال غيره بطعامهم، وإلى شراب محبته الذي يقوم بدل استقلال غيره بشرابهم.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٨٠]
وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)
لم يقل: وإذا أمرضنى لأنه حفظ أدب الخطاب.
(١) يشرح القشيري قول الواسطي: لا تصح المعرفة وفي العبد استغناء بالله وافتقار. فيقول: أراد الواسطي بهذا أن الافتقار والاستغناء من أمارات صحو العبد وبقاء رسومه لأنهما من صفاته. (الرسالة ص ١٥٥) ويقول ذو النون: عرفت ربى ولولا ربى ما عرفت ربى (الرسالة ص ١٥٦).
ويقال لم يكن ذلك مرضا معلوما، ولكنه أراد تمارضا، كما يتمارض الأحباب طمعا فى العيادة، قال بعضهم:
إن كان يمنعك الوشاة زيارتى... فادخل عليّ بعلّة العوّاد
ويقول آخر:
يودّ بأن يمشى سقيما لعلّها... إذا سمعت منه بشكوى تراسله
ويقال ذلك الشفاء الذي أشار إليه الخليل هو أن يبعث إليه جبريل ويقول له: يقول لك مولاك... كيف كنت البارحة؟
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٨١]
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١)
أضاف الموت إلى الله فالموت فوق المرض لأن الموت لهم غنيمة ونعمة إذ يصلون إليه «١» بأرواحهم.
ويقال «يُمِيتُنِي» بإعراضه عنى وقت تعزّزه، «ثُمَّ يُحْيِينِ» بإقباله عليّ حين تفضّله. ويقال يميتنى عنى ويحيينى به.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٨٢]
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)
خطيئة الأحباب شهودهم محنتهم، وتعنّيهم عند شدة البلاء عليهم، وشكواهم مما يمسّهم من برحاء الاشتياق، قال بعضهم:
وإذا محاسنى- اللاتي أدلّ بها- كانت ذنوبى... فقل لى: كيف أعتذر؟
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٨٣]
رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣)
«هَبْ لِي حُكْماً» : على نفسى، فإنّ من لا حكم له على نفسه لا حكم له على غيره.
«وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ» : فأقوم بحقّك دون الرجوع إلى طلب الاستقلال بشىء دون حقك.
(١) (إليه) الضمير هنا يعود إلى محبوبهم- سبحانه.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٨٤]
وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)
فى التفاسير: «لِسانَ صِدْقٍ» : أي ثناء حسنا على لسان أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ويقال لا أذكرك إلا بك، ولا أعرفك إلا بك.
ويقال أن أذكرك ببيان آلائك «١»، وأذكرك بعد قبض روحى إلى الأبد بذكر مسرمد.
ويقال أذكرنى على لسان المخبرين عنك.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٨٦]
وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦)
على لسان العلماء: قاله بعد يأسه من إيمان أبيه، وأمّا على لسان الإشارة فقد ذكره فى وقت غلبات البسط، ويتجاوز ذلك عنهم «٢».
وليست إجابة العبد واجبا على الله في كل شىء، فإذا لم يجب فإنّ للعبد سلوة في ذكر أمثال هذا الخطاب، وهذا لا يهتدى إليه كلّ أحد.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٨٧]
وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧)
أي لا تخجلنى بتذكيرى خلّتى، فإنّ شهود ما من العبد- عند أرباب القلوب وأصحاب الخصوص- أشدّ عقوبة «٣».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٨٨ الى ٨٩]
يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ (٨٨) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)
قيل: «القلب السليم» اللديغ.
وقيل هو الذي سلم من الضلالة ثم من البدعة ثم من الغفلة ثم من الغيبة ثم من الحجبة ثم من المضاجعة ثم من المساكنة ثم من الملاحظة. هذه كلها آفات «٤»، والأكابر سلموا منها، والأصاغر امتحنوا بها.
(١) وردت (الآية) ونرجح أن الناسخ قد أخطأ في النقل، فأثبتنا (آلائك) أي نعمك لأنها أقرب إلى السياق.
(٢) معنى هذا أن القشيري يرى اغتفار ما ينطق به الصوفي من أقوال وهو في حال الانمحاء.
(٣) لأن شهود ما من العبد معناه أن التوحيد مازال يشوبه كدر الغيرية. [.....]
(٤) يفيد ذكر هذه الآفات على هذا النحو من الترتيب والدقة أجل فائدة عند دراسة المصطلح الصوفي- خصوصا وأن هذه المصطلحات لم ترد علىّ هذا النحو في الفصل الذي خصصه القشيري لهذا الموضوع في الرسالة.
ويقال: «القلب السليم» الذي سلم من إرادة نفسه.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٩٠ الى ٩١]
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (٩١)
«أُزْلِفَتِ» : أي قرّبت وأدنيت في الوقت، فإنّ ماهو آت قريب، وبالعين أحضرت. وكما تجرّ النار إلى المحشر بالسلاسل فلا يبعد إدناء الجنة من المتقين.
«وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ» أظهرت فتؤكّد الحجّة على أرباب الجحود، ويعرضون على النار، وتعرض عليهم منازل الأشرار، فيكبكبون فيها أجمعين، ويأخذون يقرّون بذنوبهم، ومن جملتها ما أخبر أنهم يقولون: -
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٩٧ الى ٩٨]
تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٩٨)
ولا فضيحة أقبح ولا عيب فيهم أشنع مما يعترفون به على أنفسهم بقولهم: «إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ» فإنّ أقبح أبواب الشّرك وأشنع أنواع الكفر وأقبح أحوالهم- التشبيه فى صفة المعبود.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٠٠ الى ١٠١]
فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١)
فى بعض الأخبار «١» : يجىء- يوم القيامة- عبد يحاسب فتستوى حسناته وسيئاته ويحتاج إلى حسنة واحدة يرضى عنها خصومه، فيقول الله- سبحانه: عبدى.. بقيت لك حسنة واحدة، إن كانت أدخلتك الجنة.. أنظر.. وتطلّب من الناس لعلّ واحدا يهب لك حسنة واحدة. فيأتى العبد في الصفين، ويطلب من أبيه ثم من أمه ثم من أصحابه، ويقول لكلّ واحد في بابه فلا يجيبه أحد، فالكلّ يقول له: أنا اليوم فقير إلى حسنة واحدة، فيرجع إلى مكانه، فيسأله الحقّ- سبحانه: ماذا جئت به؟
(١) فى م (فى بعض الأحيان) والأصوب أن تكون (فى بعض الأخبار) كما في ص.
فيقول: يا ربّ.. لم يعطنى أحد حسنة من حسناته.
فيقول الله- سبحانه: عبدى.. ألم يكن لك صديق (فيّ) «١» ؟
فيتذكر العبد ويقول: فلان كان صديقا لى.
فيدله الحقّ عليه، فيأتيه ويكلّمه في بابه، فيقول: بلى، لى عبادات كثيرة قبلها اليوم فقد وهبتك منها، فيسير هذا العبد ويجىء إلى موضعه، ويخبر ربّه بذلك، فيقول الله- سبحانه: قد قبلتها منه، ولن أنقص من حقّه شيئا، وقد غفرت لك وله، وهذا معنى قوله:
«فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ» قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٠٥ الى ١١١]
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٩)
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١)
ذكر قصة نوح وما لقى من قومه، وأنهم قالوا: - «قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ؟» إنّ أتباع كلّ رسول إنما هم الأضعفون، لكنهم- فى حكم الله- هم المتقدّمون الأكرمون. قال عليه السلام: «نصرت بضعفائكم».
وإنّ الله أغرق قومه لمّا أصرّوا واستكبروا.
وكذلك فعل بمن ذكرتهم الآيات في هذه السورة من عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين.. كلّ منهم قابلوا رسلهم بالتكذيب، فدمّر الله عليهم أجمعين، ونصر رسوله على مقتضى سنّته الحميدة فيهم. وقد ذكر الله قصة كل واحد منهم ثم أعقبها بقوله: -
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ١٢٢]
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٢٢)
«الْعَزِيزُ» : القادر على استئصالهم، «الرَّحِيمُ» الذي أخّر العقوبة عنهم بإمهالهم، ولم يقطع الرزق مع قبح فعالهم.
(١) هكذا في م وص وهي صحيحة مقبولة في المعنى والسياق غير أننا لا نستبعد أنها ربما كانت فى الأصل (صديق وفيّ) حيث تقابل ما جاء في الآية (صديق حميم) فالبحث يومئذ يكون عن الصديق الوفى الحميم.
م (٢) لطائف الإشارات- ج ٣-
ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨ ﱿ ﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀ ﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍﰎﰏ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍ ﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖ ﲿ ﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥ
وهو «عزيز» لم يستضرّ بقبيح أعمالهم، ولو كانوا أجمعوا على طاعته لمّا تجمّل بأفعالهم «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ١٢٧]
وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧)
أخبر عن كل واحد من الأنبياء أنه قال: «ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ» ليعلم الكافة أنّ من عمل لله فلا ينبغى أن يطلب الأجر من غير الله. وفي هذا تنبيه للعلماء- الذين هم ورثة الأنبياء- أن يتأدّبوا بأنبيائهم، وألّا يطلبوا من الناس شيئا في بثّ علومهم، ولا يرتفقون منهم بتعليمهم، والتذكير لهم أنه من ارتفق في بثّ ما يذكّر به من الدّين وما يعظ به المسلمين فلا يبارك الله للناس فيما منه يسمعون، ولا للعلماء أيضا بركة فيما من الناس يأخذون، إنهم يبيعون دينهم بعرض يسير، ثم لا بركة لهم فيه، إذ لا يبتغون به الله، وسيحصلون على سخط الله.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٩٢ الى ١٩٥]
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)
كلام الله «٢» العزيز منزّل على قلب الرسول- صلى الله عليه وسلم- فى الحقيقة بسفارة جبريل عليه السلام. والكلام من الله غير منفصل، وبغير الله غير متصل.. وهو- على الحقيقة لا على المجاز- منزّل. ومعناه أن جبريل- عليه السلام- كان على السماء. فسمع من الربّ، وحفظ، ونزل، وبلّغ الرسول. فمرّة كان يدخل عليه حالة تأخذه عنه «٣» عند
(١) لأن الله- سبحانه- لا يلحقه زين بطاعة ولا شين بمعصية.
(٢) ينبغى الاهتمام برأى القشيري هنا عند بحث قضية «خلق القرآن»، ومدى النظرة إلى ما بين دفّى المصحف، ومقارنة ذلك (بكلام) الله إلى موسى عند الشجرة.. موضوع هام ناقشه القشيري في كتابه (شكاية أهل السنة).
(٣) تأمل كيف ينظر الصوفية إلى حالة المصطفى (ص) عند تلقى الوحى على أنها حالة عرفانية، فالعرفان لا يتم إلا عند الامتحاء.
نزول الوحى عليه. ثم يورد جبريل ذلك على قلبه. ومرة كان يتمثل له الملك فيسمعه.
والرسول- صلوات الله عليه- يحفظه ويؤدّيه. والله- سبحانه ضمن له أنه سيقرؤه حتى لا ينساه «١». فكان يجمع الله الحفظ في قلبه. ويسهّل له القراءة عند لفظه. ولمّا عجز الناس بأجمعهم عن معارضته مع تحدّيه إياهم بالإتيان بمثله.. علم صدقه في أنّه من قبل الله.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ١٩٦]
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦)
جميع ما في هذا الكتاب من الأخبار والقصص، وما في صفة الله من استحقاق جلاله- موافق لما في الكتب المنزّلة من قبل الله قبله، فمهما عارضوه فإنه كما قال جلّ شأنه:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٩٨ الى ٢٠١]
وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١)
«٢» ثم أخبر أنه لو نزّل هذا الكتاب بغير لسانهم وبلغة غير لغتهم لم يهتدوا إلى ذلك، ولقالوا: لو كان بلساننا لعرفناه ولآمنّا به، فأزاح عنهم العلّة، وأكّد عليهم الحجّة.
ثم أخبر عن صادق علمه بهم، وسابق حكمه بالشقاوة عليهم، وهو أنهم لا يؤمنون به حتى يروا العذاب في القيامة، حين لا ينفعهم الإيمان ولا الندامة.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٠٥ الى ٢٠٩]
أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩)
إن أرخينا لهم المدّة، وأمهلناهم أزمنة كثيرة- وهم بوصف الغفلة- فما الذي كان ينفعهم إذا أخذهم العذاب بغتة؟!.
ثم أخبر أنه لم يهلك أهل قرية إلّا بعد أن جاءهم النذير وأظهر لهم البينات، فإذا أصرّوا على كفرهم عذّبهم.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٢]
إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢).
(١) يشير بذلك إلى قوله تعالى: «سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى» آية ٦ سورة الأعلى.
(٢) آية ٤٢ سورة فصلت.
وجدوا السمع- الذي هو الإدراك- ولكن عدموا الفهم، فلم يستجيبوا لما دعوا إليه. فعند ذلك استوجبوا من الله سوء العاقبة.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٤]
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)
وذلك تعريف له أنهم لا تنفعهم قرابتهم منه، ولا تقبل شفاعته- إن لم يؤمنوا- فيهم. فليس هذا الأمر من حيث النّسب، فهذا نوح لمّا كفر ابنه لم تنفعه بنوّته، وهذا الخليل إبراهيم عليه السلام لما كفر أبوه لم تنفعه أبوّته، وهذا محمّد- عليه الصلاة والسلام- كثير من أقاربه كانوا أشدّ الناس عليه في العداوة فلم تنفعهم قرابتهم.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٥]
وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥)
ألن جانبك وقاربهم في الصحبة، واسحب ذيل التجاوز على ما يبدر منهم من التقصير، واحتمل منهم سوء الأحوال، وعاشرهم بجميل الأخلاق، وتحمّل عنهم كلّهم، وارحمهم كلّهم، فإن مرضوا فعدهم، وإن حرموك فأعطهم، وإن ظلموك فتجاوز عنهم، وإن قصّروا في حقى فاعف عنهم، واشفع لهم، واستغفر لهم «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٦]
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦)
لا تفعل مثل فعلهم، وكل حسابهم إلينا إلا فيما أمرناك بأن تقيم فيه عليهم حدّا، فعند ذلك لا تأخذك رأفة تمنعك من إقامة حدّنا عليهم.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٧]
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧)
انقطع إلينا، واعتصم بنا، وتوسّل إلينا بنا، وكن على الدوام بنا، فإذا قلت فقل بنا، وإذا صلت فصل بنا، واشهد بقلبك- وهو في قبضتنا- تتحقق بأنك بنا ولنا.
توكّل على «الْعَزِيزِ» تجد العزّة بتوكلك عليه في الدارين، فإنّ العزيز من وثق بالعزيز.
(١) تصلح هذه الإشارة لتكون دستورا فى (الصحبة) بصفة عامة. وللقشيرى فصل في الرسالة في هذا الخصوص.
«الرَّحِيمِ» الذي يقرّب من تقرّب إليه، ويجزل البرّ لمن توسّل به إليه «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٨]
الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨)
اقتطعه بهذه الآية عن شهود الخلق، فإنّ من علم أنه بمشهد من الحقّ راعى دقائق أحواله، وخفايا أموره مع الحقّ «٢».
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٩]
وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)
هوّن عليه معاناة مشاقّ العبادة بإخباره برؤيته. ولا مشقّة لمن يعلم أنّه بمرأى من مولاه، وإنّ حمل الجبال الرواسي على شفر «٣» جفن العين ليهون عند من يشاهد ربّه «٤».
ويقال «تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ» بين أصحابك، فهم نجوم وأنت بينهم بدر، أو هم بدور وأنت بينهم شمس، أو هم شموس وأنت بينهم شمس الشموس.
ويقال: تقلبك في أصلاب آبائك من المسلمين الذين عرفوا الله، فسجدوا له دون من لم يعرفوه.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٢٠]
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠)
«السَّمِيعُ» لأنين المحبين، «الْعَلِيمُ» بحنين العارفين.
«السَّمِيعُ» لأنين المذنبين، «الْعَلِيمُ» بأحوال المطيعين.
(١) هذه الإشارة نموذج طيب لعبقرية القشيري عند صياغة (وصاياه) للمريدين من الناحيتين الصوفية والأدبية.
(٢) يقال إنه لما دخل ذو النون المصري بغداد اجتمع إليه الصوفية، ومعهم قوال، فاستأذنوا ذا النون أن يقول بين يديه شيئا، فأذن له، فابتدأ يقول، فقام ذو النون وسقط على وجهه والدم يقطر من جبينه ولا يسقط على الأرض. ثم قام رجل من القوم يتواجد، فقال له ذو النون: «الذي يراك حين تقوم» فجلس الرجل.
ويعلق الشيخ الدقاق على هذه القصة بأن ذا النون كان صاحب إشراف على هذا الرجل، وكان الرجل صاحب إنصاف حين قبل منه ذلك فرجع وقعد (الرسالة ص ١٧٠).
(٣) شفر الجفن- حرفه الذي ينبت عليه الهدب. (الوسيط).
(٤) يربط النسفي بين هذه الآية وبين الآيتين السابقة واللاحقة، فالمعنى عنده: أنه سبحانه (يراك حين تقوم) متهجدا، ويرى (تقلبك) فى المصلين يرى ما كنت تفعل في جوف الليل من قيامك للتهجد، وتقلبك في تصفح أحوال المتهجدين من أصحابك لتطلع عليهم من حيث لا يشعرون، ولتعلم كيف كانوا يعملون لآخرتهم.
وهو (سميع) لما تقوله، (عليم) بما تنويه وبما تعمله، وبذلك هوّن عليه معاناة كل مشقة حيث أخبر برؤيته له في كل ما يقوم به.
(تفسير النسفي ج ٣ ص ١٩٩) ط عيسى الحلبي.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٢١ الى ٢٢٣]
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣)
بيّن أن الشياطين تتنزّل على الكفار والكهنة «١» فتوحى إليهم بوساوسهم الباطلة.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٢٤ الى ٢٢٦]
وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦)
لمّا ذكر الوحى وما يأتى به الملائكة من قبل الله ذكر ما يوسوس به الشياطين إلى أوليائه، وألحق بهم الشعراء الذين في الباطل يهيمون، وفي أعراض الناس يقعون، وفي التشبيهات- عن حدّ الاستقامة- يخرجون، ويعدون من أنفسهم بما لا يوفون، وسبيل الكذب يسلكون.
قوله جل ذكره:
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٢٧]
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧)
فيكون شعره خاليا من هذه الوجوه المعلولة المذمومة «٢»، وهذا كما قيل: الشعر كلام إنسان فحسنه كحسنه وقبيحه كقبيحه.
قوله جل ذكره: «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».
سيعلم الذين ظلموا سوء ما عملوا، ويندمون على ما أسلفوا، ويصدقون بما كذّبوا.
(١) من أمثال سطيح وطليحة ومسيلمة.
وإذا كان محمد (ص) يشم الأفاكين ويذمهم.. فكيف تنزل الشياطين عليه؟! [.....]
(٢) من أمثال عبد الله بن رواحه وحسان بن ثابت وكعب بن زهير وكعب بن مالك رضى الله عنهم، فشعرهم غلبت عليه الحكمة والموعظة والزهد، والدعوة إلى الفضيلة، ومؤازرة الدين الجديد، ورفع لواء التوحيد.
Icon