ﰡ
٩٤٥- واعلم أنه ليس في الرياء قصد اشتهار النفس بالعلم لطلب الاقتداء، بل هو من أعظم القربات، فإنه سعي في تكثير الطاعات، وتقليل المخالفات وكذلك قال إبراهيم عليه السلام :﴿ واجعل لي لسان صدق في الآخرين ﴾. قال العلماء : يقتدي بي من بعدي. ولهذا المعنى أشار عليه السلام بقوله : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : علم ينتفع به " ١ حضا على نشر العلم ليبقى بعد الإنسان لتكثير النفع. ومنه قوله تعالى :﴿ ورفعنا لك ذكرك ﴾٢ على أحد الأقوال. ( الإحكام في تمييز الفتاوى... : ٢٥٣ ).
٢ - سورة الشرح: ٤..
٩٤٧- قوله تعالى :﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ ليس فيه دليل على أنه لا ينذر غيرهم٢ كما أنه إذ قال القائل لغيره : " أدب ولدك "، لا يدل على أنه أراد أن لا يؤدب غلامه، بل ذلك يدل على أن مراد المتكلم في هذا المقام تأديب الولد، لأن القصد مختص به، ولعله إذا فرغ من الوصية على الولد يقول له : " وغلامك أيضا أدبه ". وإنما بدأت بالولد لاهتمامي به. ولا يقول عاقل : " إن كلامه الثاني مناقض للقول للأول ".
وكذلك قرابته عليه السلام هو أول الناس ببره عليه السلام وإحسانهم وإنقاذهم من المهلكات، فخصهم بالذكر كذلك، لا أن غيرهم غير مراد كما ذكرنا في صورة الولد والعبد.
وبالجملة، فهذه الألفاظ ألفاظ لغتنا، ونحن أعلم بها، وإذا كان عليه السلام هو المتكلم بها، ولم يفهم تخصيص الرسالة ولا إرادته، بل أنذر الروم والفرس وسائر الأمم والعرب، لم تفهم ذلك. وأعداؤه من أهل زمانه لم يدعوا ذلك ولا فهموه. ولو فهموه لأقاموا به الحجة عليه، ونحن أيضا لم نفهم ذلك، فما فهم ذلك إلا هذا النصراني الذي ساء سمعا وفهما فساء إجابة. ( الأجوبة الفاخرة : ٧٥-٧٦ ).
٢ - هذا الكلام والذي يليه رد به القرافي على أحد النصارى الذي زعم أن محمدا عليه السلام لم يبعث للناس كافة. ن. هذه الشبهات في (الأجوبة الفاخرة): ٦٨..