ﰡ
تفسير سورة النبأ
أربعون او احدى وأربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
عَمَّ أصله عن ما أدغمت النون فى الميم لاشتراكهما فى الغنة فصار عما ثم حذفت الالف كما فى لم وبم وفيم والى م وعلى م فانها فى الأصل لما وبما وفيما والى ما وعلى ما اما فرقا بين الاستفهامية وغيرها او قصدا للخفة لكثرة استعمالها وقد جاءت فى العشر غير محذوفة كما ذكره ابو البقاء وما فيها من الإبهام للايذان بفخامة شأن المسئول عنه وهو له وخروجه عن حدود الأجناس المعهودة كأنه خفى جنسه فيسأل عنه فالاستفهام ليس على حقيقته بل لمجرد التفخيم فان المسئول عنه ليس بمجهول بالنسبة الى الله تعالى إذ لا يخفى عليه خافية والمعنى عن اى شىء عظيم يَتَساءَلُونَ اى اهل مكة وكانوا يتساءلون عن البعث والحشر الجسماني ويتحدثون فيما بينهم ويخوضون فيه إنكارا واستهزاء لكن لا على طريقة التساؤل عن حقيقته ومسماه بل عن وقوعه الذي هو حال من أحواله ووصف من أوصافه فان ماوان وضعت لطلب حقائق الأشياء ومسميات أسمائها كما فى قولك ما الملك وما الروح لكنها قد يطلب بها الصفة والحال تقول ما زيد فيقال عالم او طبيب عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ النبأ الخبر الذي له شأن وخطر وهو جواب وبيان لشأن المسئول عنه كأنه قيل عن اى شىء ينساءلون هل أخبركم به ثم قيل بطريق الجواب عن النبأ العظيم الخارج عن دائرة علوم الخلق يتساءلون على منهاج قوله تعالى لمن الملك اليوم لله الواحد القهار والفائدة فى أن يذكر السؤال ثم أن يذكر الجواب معه ان هذا الأسلوب اقرب الى التفهيم والإيضاح فعن متعلقة بما يدل عليه المذكور من مضمر حقه أن يقدر بعدها مسارعة الى البيان ومراعاة لترتيب السؤال فان الجار فيه مقدم على متعلقه وقيل عن النبأ العظيم استفهام آخر بمعنى أعن النبأ العظيم أم عن غيره الا انه حذف منه حرف الاستفهام لدلالة المذكور عليه ونظيره قوله تعالى أفإن مت فهم الخالدون اى أفهم الخالدون الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ وصف للنبأ بعد وصفه بالعظيم تأكيدا لخطره اثر تأكيد واشعارا بمدار التساؤل عنه وفيه متعلق بمختلفون قدم عليه اهتماما به ورعاية للفواصل وجعل الصلة جملة اسمية للدلالة على الثبات اى هم راسخون فى الاختلاف فيه فمن جازم باستحالته يقول ان هى الا حياتنا الدنيا نموت ونحيى وما يهلكنا الا الدهر وما نحن بمبعوثين ومن مقر بزعم ان آلهته تشفع له كما قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله ومن شاك يقول ما ندرى ما الساعة أن نظن الا ظنا وما نحن بمستيقنين وفيه اشارة الى القيامة الكبرى وهى البقاء بعد الفناء او بعث القلب
زاهد تعجب كر كند از عشق تو پرهيز | كين لذت اين باده چهـ داند كه نخوردست |
ومهادا مفعول ثان لجعل ان كان الجعل بمعنى التصيير وحال مقدرة ان كان بمعنى الخلق وجوز ان يكون جمع مهد ككعاب وكعب وجمعه لاختلاف أماكن الأرض من القرى والبلاد وغيرها او للتصرف فيها بأن جعل بعضها مزارع وبعضها مساكن الى غير ذلك وقرئ مهدا على تشبيهها بمهد الصبى وهو ما يمهدله فينوم عليه تسمية للممهود بالمصدر وَالْجِبالَ أَوْتاداً
الليل للعاشقين ستر... يا ليت أوقاته تدوم
چون در دل شب خيال او يار منست... من بنده شب كه روز بازار منست
فهو تعالى جعل الليل محلا للنوم الذي جعل موتا كما جعل النهار محلا لليقظة المعبر عنها بالحياة فى قوله تعالى وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً اى وقت عيش اى حياة تبعثون فيه من نومكم الذي هو أخو الموت كما فى قوله تعالى وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ولم يقل وجعل يقظتكم حياة لتتم المطابقة بينه وبين قوله وجعلنا نومكم سباتا بل عبر عن اليقظة بالنهار لكونه مستلزما لها غالبا ولمراعاة مطابقة وجعلنا الليل ومنه يعلم ان قوله وجعلنا الليل ليس مستطردا فى البين لذكر النوم فى القرينة الاولى فمعاش مصدر من عاش يعيش عيشا ومعاشا ومعيشة وعيشة وعلى هذا لا بد من تقدير المضاف ولذا قدروا لفظ الوقت ويحتمل ان يكون اسم زمان على صيغة مفعل فلا حاجة حينئذ الى تقدير المضاف وتفسيره بوقت معاش إبراز لمعنى صيغة اسم الزمان وتفصيل لمفهومها وفى التأويلات النجمية ألم نجعل ارض البشرية مهد استراحتكم وانتشاركم فى انواع المنافع البشرية وجبال نفوسكم القاسية قوائم ارض البشرية وخلقناكم أزواجا زوج الروح وزوج النفس او ذكر القلب وأنثى النفس