تفسير سورة سورة المعارج من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
المعروف بـالوجيز للواحدي
.
لمؤلفه
الواحدي
.
المتوفي سنة 468 هـ
مكية وهي أربعون وثلاث آيات
ﰡ
﴿سأل سائل﴾ دعا داعٍ ﴿بعذاب واقع﴾
﴿للكافرين﴾ على الكافرين وهو النَّضر بن الحارث حين قال: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ الآية ﴿ليس له دافع﴾ ليس لذلك العذاب الذي يقع بهم دافعٌ
﴿من الله﴾ أَيْ: ذلك العذاب يقع بهم من الله ﴿ذي المعارج﴾ ذي السماوات
﴿تعرج الملائكة والروح﴾ يعني: جبريل عليه السَّلام ﴿إليه﴾ إلى محل قربته وكرامته وهو السَّماء ﴿في يوم﴾ ﴿في﴾ صلةُ واقعٍ أَيْ: عذابٌ واقعٌ فِي يَوْمٍ ﴿كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ وهو يوم القيامة
﴿فاصبر صبراً جميلاً﴾ وهذا قبل أن أمر بالقتال
﴿إنهم﴾ يعني: المشركين ﴿يرونه﴾ يرون ذلك اليوم ﴿بعيداً﴾ مُحالاً لا يكون
﴿ونراه قريباً﴾ لأنَّ ما هو آتٍ قريبٌ ثمَّ ذكر متى يكون ذلك اليوم فقال:
﴿يوم تكون السماء كالمهل﴾ كدرديِّ الزَّيت وقيل: كالقار المُذاب وقد مَّر هذا
﴿وتكون الجبال﴾ : الجواهر وقيل: الذَّهب والفضَّة والنُّحاس ﴿كالعهن﴾ كالصُّوف المصبوغ
﴿ولا يسأل حميم حميماً﴾ لا يسأل قريبٌ عن قريبٍ لاشتغاله بما هو فيه
﴿يبصرونهم﴾ يُعرَّف بعضهم بعضاً أَيْ: إنَّ الحميم يرى حميمه ويعرفه ولا يسأل عن شأنه ﴿يودُّ المجرم﴾ يتمنَّى الكافر ﴿لو يفتدي من عذاب يومئذٍ ببنيه﴾
﴿وفصيلته﴾ عشيرته التي فُصِلَ منها ﴿التي تؤويه﴾ تضمُّه إليها في النَّسب
﴿ومَنْ في الأرض جميعاً ثم ينجيه﴾ ذلك الافتداء
﴿كلا﴾ ليس الأمر كذلك لا ينجيه شيءٌ ﴿إنها لظى﴾ وهي من أسماء جهنَّم
﴿نزاعة للشوى﴾ يعني: جلود الرأس تقشرها عنه
﴿تدعو﴾ الكافر باسمه والمنافق فتقول: إليَّ إليَّ يا ﴿مَنْ أدبر﴾ عن الإِيمان ﴿وتولى﴾ أعرض
﴿وجمع﴾ المال ﴿فأوعى﴾ فأمسكه في وعائه ولم يُؤدِّ حقَّ الله منه
﴿إنَّ الإِنسان خُلق هلوعاً﴾ وتفسير الهلوع ما ذكره في قوله: ﴿إذا مسَّه الشر جزوعاً﴾ يجزع من الشر ولا يستمسك
﴿وإذا مسَّه الخير منوعاً﴾ إذا أصاب المال منع حقَّ الله
﴿إلاَّ المصلين﴾ أَيْ: المؤمنين
﴿الذين هم على صلاتهم دائمون﴾ لا يلتفتون في الصَّلاة عن سمت القبلة
﴿والذين في أموالهم حق معلوم﴾
﴿والذين يصدقون بيوم الدين﴾
﴿والذين هم من عذاب ربهم مشفقون﴾
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾
﴿إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾
﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾
﴿والذين هم بشهاداتهم قائمون﴾ يقيمونها ولا يكتمونها
﴿والذين هم على صلاتهم يحافظون﴾
﴿فمال الذين كفروا﴾ ما بالهم ﴿قبلك مهطعين﴾ يُديمون النَّظر إليك ويتطلّعون نحوك
﴿عن اليمين وعن الشمال﴾ عن جوانبك ﴿عزين﴾ جماعاتٍ حلقاً حلقاً وذلك أنَّهم كانوا يجتمعون عنده ويستهزئون به وبأصحابه ويقولون: لئن دخل هؤلاء الجنَّة فلندخلنَّها قبلهم قال الله تعالى:
﴿أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم * كلا﴾ لا يدخلونها ﴿إنا خلقناهم مما يعلمون﴾ من ترابٍ ومن نطفةٍ فلا يستوجب أحدٌ الجنة بشرفه وماله لأنَّ الخلق كلَّهم من أصلٍ واحدٍ بل يستوجبونها بالطاعة
﴿كلا إنا خلقناهم مما يعلمون﴾
﴿فلا أقسم﴾ لا صلة يعني: أُقسم وقوله:
﴿وما نحن بمسبوقين﴾ أَيْ: بمغلوبين نظيره قد تقدَّم في سورة الواقعة
﴿فذرهم يخوضوا﴾ في باطلهم ﴿ويلعبوا﴾ في دنياهم ﴿حتى يُلاقوا يومهم الذي يوعدون﴾ نسختها آية القتال
﴿يوم يخرجون من الأجداث﴾ القبور ﴿سراعاً كأنهم إلى نصب﴾ إلى شيءٍ منصوبٍ من علمٍ أو رايةٍ ﴿يوفضون﴾ يُسرعون
﴿خاشعة أبصارهم﴾ ذليلةً خاضعةً لا يرفعونها لذلَّتهم ﴿ترهقهم ذلة﴾ يغشاهم هوان ﴿ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون﴾ يعني: يوم القيامة