تفسير سورة النجم

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة النجم من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
أهداف سورة النجم
سورة النجم مكية، وآياتها ٦٢ آية، نزلت بعد سورة الإخلاص
وتتميز سورة النجم بقصر الفواصل، والتنغيم الموسيقي بين فقراتها وكلماتها، فهي منظومة علوية إلهية، وتشتمل سورة النجم على الآتي :
١- تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم :
في مطلع السورة نعيش لحظات مع قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مكشوفة عنه الحجب مزاحة عنه الأستار، يتلقى من الملأ الأعلى، يسمع ويرى ويحفظ ما وعى، وهي لحظات خص بها ذلك القلب المصفى، حين عرج به في رحاب الملأ الأعلى.
أقسم الله بالثريا إذا سقطت عند الفجر أن محمدا راشد غير ضال، متهم غير غاو، مخلص غير مغرض، مبلّغ عن الحق بالحق غير واهم ولا مفتر ولا مبتدع، ولا ناطق عن الهوى فيما يبلغكم من الرسالة، إن هو إلا وحي يوحى، وهو يبلغكم ما يوحى إليه صادقا أمينا.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل مرتين على صورته التي خُلق عليها :
الأولى : عند غار حراء، وكان ذلك في مبدأ الوحي حين رآه النبي يسد الأفق بخلقه الهائل، ثم دنا منه فتدلى نازلا مقتربا إليه ؛ فكان أقرب ما يكون منه على بعد ما بين القوسين أو أدنى، وهو تعبير عن منتهى القرب، فأوحى إلى عبد الله ما أوحى، بهذا الإجمال والتفخيم والتهويل.
والثانية : كانت ليلة الإسراء والمعراج، فقد دنا منه جبريل وهو على هيئته التي خلقه الله بها مرة أخرى، عِنْدَ سِدْرَةِ المنتهى. أي : شجرة ينتهي إليها علم الخلائق، أو انتهت إليها صحبة جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث وقف جبريل وصعد محمد صلى الله عليه وسلم درجة أخرى أقرب إلى عرش ربه.
٢- أوهام المشركين :
تتحدث الآيات ( ١٩-٢٨ ) عن آلهة المشركين المدعاة، اللات والعزى ومناة، وعن أوهامهم عن الملائكة وأساطيرهم حول بنوتها لله، واعتمادهم في هذا كله على الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، بينما الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى ما دعاهم عن تثبث وروية ويقين.
٣- الإعراض عن الملحدين :
أما المقطع الثالث من السورة فيشمل الآيات ( ٢٩-٣٢ )، ويوجه الخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرض عنهم، وأن يهمل شأنهم، وأن يدع أمرهم لله الذي يعلم المسيء والمحسن ويجزي المهدي والضال، ويملك أمر السماوات والأرض، وأمر الدنيا والآخرة، ويحاسب بالعدل لا يظلم أحدا، ويتجاوز عن الذنوب التي لا يصرُّ عليها فاعلوها، وهو الخبير بالنوايا والطوايا لأنه خالق البشر، المطلع على حقيقة أطوار حياتهم جميعا.
الصغائر من الذنوب
والصغائر هي ما دون الفاحشة، وهي القُبلة واللمسة والمباشرة والنظرة وغيرها، فإذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل، وهذه هي الفاحشة.
روى البخاري، ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى إذا كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ". i
وروى ابن جرير أن ابن مسعود قال : زنا العين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا وإلا فهو اللمم. وكذا قال مسروق والشعبي.
ويرى فريق من العلماء أن اللمم هو الإلمام بالذنوب ثم التوبة منها، فصاحب اللمم يقع في الكبائر أو يرتكب الآثام غير مُصرٍّ عليها ثم يندم ويتوب من قريب.
قال ابن جرير : عن أبي هريرة رضي الله عنه – أراه رفعه – في :﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ... ﴾( النجم : ٣٢ ). قال : اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود، واللمة من السرقة ثم يتوب ولا يعود، واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود، قال : فذلك الإلمام.
وروى ذلك موقوفا على الحسن.
وهذا التفسير يفتح باب التوبة أما الجميع حتى مرتكب الكبيرة لا ييأس، فإذا صدق في توبته وأخلص في نيته، وأكد عزمه على التوبة النصوح فإن أمامه رحمة الله الواسعة التي يشمل بها التائبين. ويستأنس لذلك بما في الآية من المغفرة.
﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾. ( النجم : ٣٢ )
والآية كما نرى تفتح باب الرجاء، وتدل الناس على عظيم فضل الله، فهو خلقهم وهو أعلم بهم، وحين يذنبون لا يغلق باب الرحمة في وجوههم بل يفتح أبواب القبول للتائبين، ويغفر للمستغفرين، قال تعالى :﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾. ( الزمر : ٥٣ )
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فينادي : يا عبادي، هل من داع فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه، هل من طالب حاجة فأقضيها له، حتى يطلع الفجر ". ii
٤- حقائق العقيدة :
وفي الآيات الأخيرة من السورة ( ٣٣-٦٢ ) تعود الفواصل القصيرة والتنغيم الكامل في أسلوب بسيط، وإيقاع يسير، وتقرر الآيات الحقائق الأساسية للعقيدة كما هي ثابتة منذ إبراهيم صاحب الحنيفية الأولى، وتُعرف البشر بخالقهم، فآثاره واضحة أمام الناس فهو الخالق الرازق صاحب الطول والإنعام، ومنه المبدأ وإليه المنتهى، وهو الذي أهلك المكذبين من عاد وثمود وقوم نوح، ولكنكم يا أهل مكة تضحكون وتسخرون، وتسترسلون في غيكم وعنادكم، وأولى بكم أن تسجدوا لله وأن تعبدوه، وأن تقبلوا على دينه مقرين لله بالعبودية، ولمحمد بالرسالة.
في فضل سورة النجم
أخرج البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن بن مسعود قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة : والنجم، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسجد الناس كلهم، إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا، وهو أمية بن خلف. iii

إثبات النبوة وظاهرة الوحي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ( ١ ) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ( ٢ ) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ( ٣ ) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ( ٤ ) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ( ٥ ) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ( ٦ ) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ( ٧ ) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ( ٨ ) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ( ٩ ) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ( ١٠ ) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ( ١١ ) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ( ١٢ ) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى ( ١٣ ) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ( ١٤ ) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ( ١٥ ) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ( ١٦ ) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ( ١٧ ) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ( ١٨ ) ﴾
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
هوى : سقط وغرب، أو نزل.
ما ضلّ : ما حاد عن الطريق المستقيم.
صاحبكم : محمد صلى الله عليه وسلم.
وما غوى : ما اعتقد باطلا، والخطاب في هذا لقريش.
وما ينطق عن الهوى : ما يتكلم بالباطل.
التفسير :
١، ٢، ٣، ٤- ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾.
يقسم الله تعالى بالنجم الذي يُهتدى به في ظلمات البر والبحر.
وللنجوم فوائد ثلاث :
( أ‌ ) زينة للسماء.
( ب‌ ) رجوم للشياطين.
( ت‌ ) هداية للسائرين.
والنجوم عالم كبير متحرك، له مسارات منتظمة لا تصطدم ببعضها، بل تسير بحكمة الله وقدرته الذي يمسك بنظام هذا الكون.
قال تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾. ( الواقعة : ٧٥-٨٠ )
يقسم الله بالنجوم عند إدبارها آخر الليل، أو بالنجم الذي يهوي شهابا ثاقبا فيقتل الشياطين أو يخبلها.
وكانت الشياطين ترصّ بعضها فوق بعض، حتى يكون آخر شيطان يستطيع أن يتسمَّع إلى كلام الملائكة، فيسترق السمع، ويخبر به الكهَّان، فيكذب الكاهن مع هذا الأمر مائة كذبة، فلما أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم شُدَّت الحراسة على السماء، فمن حاول استماع الغيب أصابه شهاب ثاقب ( نجم يهوى ) فيقتله أو يخبله، فلما أخبرت الجنّ رئيسها بذلك، قال لهم : انطلقوا في الأرض فانظروا ما حدث فيها، فانطلقت طائفة إلى مكة، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ببطن نخلة يقرأ القرآن، وقد وردت هذه المعاني في صدر سورة الجن، وفي حديث نبوي شريف بالجامع الصحيح للإمام البخاري.
وفي أول سورة الجن يقول تعالى :﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ﴾. ( الجن : ١-٢ ).
وفي الآيتين ( ٨-٩ ) من سورة الجن يقول الله تعالى :﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ﴾. ( الجن : ٨-٩ )
عود إلى التفسير
أقسم الله تعالى بالنجم الذي يهوى شهابا ثاقبا، وسهما مصيبا يقتل الجنّي أو يخبله، أو أقسم بالنجوم عند إدبارها في آخر الليل، أو أقسم بنجم الشعرى، وكان بعض العرب يعبده، وكان قدماء المصريين يوقنون فيضان النيل، بعبور الشّعرى بالفلك الأعلى، ويرصدونه من أجل ذلك، ويرقبون حركاته، وللشّعرى في شأن أساطير الفرس وأساطير العرب على السواء.
وقيل : أقسم الله بالثّريا، وقيل : أقسم بجنس النجم الذي له هذه الصفات الجليلة، والحركة المنتظمة.
﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. ما بعُد محمد صلى الله عليه وسلم عن الحقّ، وما غاب عن الهدى.
﴿ وما غوى ﴾ : وما خاب ولا انخرط في سلك الجهال الضالين، بل هو راشد مهتد، يحمل النّور والهدى، كما يحمل النجم الضوء للسّارين، وإن جبريل لينزل عليه في سرعة النجم إذا هوى.
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ : إن كلامه وحديثه وأقواله لا تصدر عن هوى وغرض.
﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾.
إن ما ينطق به محمد صلى الله عليه وسلم هو وحي السماء، هو القرآن الكريم الذي ينقله جبريل عن الله عز وجل، ثم يتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل بواسطة الوحي.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه، حيث كان يرغب في كتابة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم : " اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق ".
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
شديد القوى : جبريل عليه السلام.
ذو مِرّة : ذو حصافة عقل وقوة عارضة، من قولهم : أَمْرَرْتُ الحبل، أي : أحكمت فتله.
فاستوى : فاستقام على صورته التي خلقه الله عليها، عند حراء في مبدأ النبوة.
وهو بالأفق الأعلى : بالجهة العليا من السماء المقابلة للناظر.
التفسير :
٥، ٦، ٧- ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ﴾.
جبريل أمين السماء يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مثل صلصلة الجرس، وأحيانا يأتيه الوحي مثل دوّى النحل، وهي حالة غيبية علوية، يغيب فيها النبي صلى الله علي وسلم عمّن حوله، ويتحول بكل حواسه وثقله الروحي إلى تلقي الوحي من جبريل، وجبريل ملاك أمين، فيفصم جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد وعى ما يقوله من أمر الوحي.
قالت عائشة : ولقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، وإن جبينه ليتفصَّد عرقا. iv
ومعنى الآيات :
علَّم محمدا مَلَك شديد القوى هو جبريل عليه السلام، شديد القوى العلمية والعملية، وهو ذو قوة وشدّة في الخلق.
ومعنى ذو مرة : ذو حصافة في العقل، ومتانة في الرأي، وهو أمين أيّ أمين، ذو جدارة وهمة بالغة، في تنفيذ المهام المكلّف بها.
وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية، في الأفق الأعلى، أي في الجهة العليا من السماء، وهي أفق الشمس، فسدَّ الأفق عندما جاء بالوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما جاء.
قال الله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾. ( التكوير : ١٩-٢٣ )
وقال تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾. ( الشعراء : ١٩٢-١٩٥ )
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
دنا : قرب.
فتدلّى : امتد من أعلى إلى أسفل فزاد قربه، من قولهم : تدلّت الثمرة.
قاب قوسين : القاب : ما بين المقبض وطرف القوس، والقوس آلة على هيئة الهلال ترمى بها السهام، أي : مقدار قوسين عربيتين، والعرب تقدّر الأطوال بالقوس والرمح، وبالذراع والباع، وبالخطوة والشبر والإصبع.
أو أدنى : أو أقرب من ذلك.
التفسير :
٨، ٩- ﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾.
ثم اقترب جبريل من النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل يدنو منه ويتدلّى، أي : يزيد في القرب والنزول، حتى كان مقدار ما بين جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم من المسافة مقدار قوسين، أو أقل من قوسين وأقرب من ذلك، على تقديركم ومعاييركم، وهذا كناية عن القرب.
ويصح أن يكون المعنى : بل هو أدنى.
وكل ذلك يعبّر عن القرب الحسّي والمعنوي، والشوق والتقارب بين جبريل عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم.
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
١٠-﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾.
فأوحى جبريل عليه السلام إلى عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي أوحاه إليه من عند الله سبحانه وتعالى، ولم يبيّن سبحانه وتعالى الموحى به وذلك لتفخيمه وتعظيمه، أي أوحى إليه أمرا عظيما.
وقيل : المعنى : فأوحى الله تعالى إلى جبريل ما أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
الفؤاد : فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم.
ما رأى : ما رآه ببصره.
التفسير :
١١-﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأى ﴾.
أي : ما كذب قلب محمد صلى الله علي وسلم وفؤاده ويقينه ما رآه بعينه، من رؤية جبريل على صورته الحقيقية، لقد تثبَّت واستيقن فؤاده أنه الملك، حامل الوحي، ورسول ربه إليه ليعلِّمه ويكلِّفه تبليغ ما يعلم.
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
أفتمارونه : من المراء، وهو الملاحاة والمجادلة، أي أفتُجادلونه.
التفسير :
١٢-﴿ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ﴾.
أفتجادلونه وتكذِّبونه وتتهمونه مرة بالسحر ومرة بالشعر ومرة بالكهانة، ومرة بكتابة أساطير الأولين، ومرة بالتَّخيُّل والجنون.
وهو قد رأى جبريل واقترب منه، وتيقن أنه جبريل حامل الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله، فما كان ينبغي لكم تكذيبه ولا مجادلته، إنه نبي الله حقا، أوحى إليه مَلَك حقيقي، وأنزل الله عليه الوحي حقا.
قال تعلى :﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ. ﴾ ( الشعراء : ١٩٣-١٩٦ )
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
نزلة أخرى : مرة أخرى من النزول.
التفسير :
١٣-﴿ وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾.
ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الحقيقية مرة أخرى ليلة الإسراء والمعراج.
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
سدرة المنتهى : شجرة نبق في السماء، إليها ينتهي علم الملائكة.
التفسير :
١٤-﴿ عِنْدَ سِدْرَةِ المنتهى ﴾.
وسدرة المنتهى : شجرة نبق عن يمين العرش، في السماء السابعة، ينتهي إليها علم كل عالم، وما وراءها لا يعلمه إلا الله.
أو أنَّ رحلة جبريل قد انتهت عندها، ثم تقدم النبي صلى الله عليه وسلم خطوات أخرى خاصة به.
أو أن رحلة الإسراء والمعراج قد انتهت عندها.
وكل ذلك غيب لا يعلمه إلا عالم الغيب، ونحن نكتفي بما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة، ونفوِّض حقيقة المراد إلى الله عز وجل.
وقد ورد في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد، ومسلم، والترمذي، عن ابن مسعود قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى، وهو في السماء السابعة، إليها ينتهي ما يعرج بها من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها فيقبض منها... v.
وروى مسلم، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما رُفعتُ إلى سدرة المنتهى في السماء السابعة، نبقها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة... " vi.
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
جنة المأوى : الجنة التي يأوي إليها المتقون.
التفسير :
١٥-﴿ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾.
أي : الجنة التي تأوي إليه الملائكة، وأرواح الشهداء والمتقين والمؤمنين.
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
١٦-﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾.
أي : تلك السدرة التي يحيط بها من الخلائق الدالة على عظمة الله وجلاله ما يحيط، مما لا يحصره وصف ولا عدّ، وهذا في رأي الأكثرين يشعر بالتعظيم والتكثير.
وقيل : غشيتها الملائكة لتنظر على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج، وقيل : تغشاها أنوار الله، فما تستطيع العين أن تنظر إليها، أو تنعتها من حسنها.
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
ما زاغ البصر : ما عدل عن رؤية العجائب التي أُمر برؤيتها، وتمكنّ منها، وما ما مال يمينا ولا شمالا.
وما طغى : ما جاوز ما أُمر به.
التفسير :
١٧-﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾.
زاغ : نظر يمينا وشمالا، وطغى : جاوز الحدّ، أي : ما مال بصر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا ولا شمالا، وما تجاوز الحدّ، وما تطلع إلى رؤية شيء لم يؤذن له برؤيته، بل كان في سمت المتقين، وأدب المرسلين، ويقين الصدِّيقين، ورضا المحبين، فانطلق في طريقه قانعا بما أذن له به ربّه من التكريم والتعظيم والفضل العميم.
حيث رأى جبريل على صورته الحقيقية، وسائر عجائب الملكوت، وهذا كقوله تعالى :﴿ لنرُيَهُ مِنْ آياتنا... ﴾( الإسراء : ١ ).
وقد رأى ما تتحيَّر العقول في إدراكه، كما قال القائل :
رأى جنة المأوى وما فوقها ولو رأى غيره ما قد رآه لتاها
تمهيد :
هذه آيات بينات يقسم فيها الحق سبحانه وتعالى بالنجم عندما يهوي وينزل مسرعا، من جهة السماء إلى جهة الأرض، والغالب أنه هو نجم الشِّعرى الذي قال القرآن عنه :﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾. ( النجم : ٤٩ ). وقيل : هو نجم الثريا، وقيل : هو أيّ نجم يهوى، كما يهوى جبريل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وجواب القسم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾. فمحمد صلى الله عليه وسلم راشد غير ضال، عاقل وبعيد عن الغواية، وهو ينطق بالوحي والصدق، ولا ينطق بالشعر ولا بالهوى، والذي ينطق به هو الوحي الإلهي تلقّاه من مَلَك شديد القُوى حسّا ومعنى، وهو جبريل عليه السلام صاحب العقل الذكي، والروح القوية، والبديهة الحاضرة.
ولقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية مرتين :
الأولى : في بدء الرسالة عند غار حراء، والثانية : في ليلة الإسراء والمعراج.
المفردات :
آيات ربه الكبرى : عجائبه الملكية والملكوتية في ليلة المعراج.
التفسير :
١٨-﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾.
رأى من آيات الله تعالى الكبرى ما يجلّ عنه الحصر والاستقصاء، كان الإسراء رحلة أرضية من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث أراه الله آيات بينات.
وقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيت المقدس إماما بالأنبياء، وأخذت له البيعة، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى :
﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾. ( آل عمران : ٨١ )
كما أثبت البخاري أن النبي صلى الله عله وسلم صعد به إلى السماوات العلى، واستقبله من كل سماء مقرَّبوها : في السماء الأولى : آدم.
وفي السماء الثانية : يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة.
وفي السماء الثالثة، يوسف وقد أعطى شطر الحسن.
وفي السماء الرابعة : إدريس، وقد رفعه الله مكانا عليا.
وفي السماء الخامسة : هارون.
وفي السماء السادسة : موسى.
وفي السماء السابعة : إبراهيم أبو الأنبياء، على كرسي من نور، مسندا ظهره إلى البيت المعمور، فقال : يا محمد، بلغ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان، وأنها طيبة التربة، وغراسها : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وكان كل رسول يقول للنبي صلى الله عليه وسلم مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، وعند السماء السابعة تخلّف جبريل وقال : وما منّا إلا له مقام معلوم.
ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى، رأى سدرة المنتهى، ورأى الجنة عند سدرة المنتهى، ورأى جبريل على صورته الحقيقية، ورأى ما رأى مما لا يحيط به الوصف أو الحصر، حيث أراد الله تكريمه، فأراه الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، كلهم يؤمنون به ويصدقونه، وكان الإسراء والمعراج في أعقاب رحلة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، حيث قابله أهلها مقابلة سيئة، وآذوه ورموه بالحجارة، واشتكى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربّه تكذيب أهل مكة، ثم تكذيب أهل الطائف، ورفع يديه إلى السماء قائلا : " اللهم أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس يا رب العالمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني ؟ إلى عدو يتهجمني، أو بعيد ملكته أمري، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحلّ على غضبك، لك العتبى حتى ترضى، عافيتك هي أوسع لي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ". vii
وفي أعقاب رحلة الطائف عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، ولم يستطع دخولها إلا في جوار المطعم بن عديّ، وبينما هو نائم في الحجر أو في بيت أم هانئ تمّ الإسراء والمعراج، عجيبتان ربانيتان.
قال تعالى :﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾. ( الإسراء : ١ )
أي أن الله تعالى أسرى برسوله صلى الله عليه وسلم ليلا من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالشام، وحوله الثمار والأشجار، والحرم ومقابر المرسلين، وآثار الأنبياء، ليطلع النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الآيات، تكريما له ومؤازرة له، بعد وفاة عمه أبي طالب، ووفاة زوجه خديجة بنت خويلد، وتكالب الكافرين على حربه وإيذائه، ثم تمّ له المعراج إلى السماوات العلى، حيث رأى من آيات ربه الكبرى.
ويرى جمهور العلماء :
أن الإسراء كان بالروح والجسد معا، يقظة لا مناما.
والراجح أيضا أن المعراج كان بالروح والجسد معا، لأن الرؤيا المنامية تكون لكثير من الناس، أما الإسراء فقد ذكره الله مشيرا إلى قدرته تعالى وتنزيهه عن مشابهة الحوادث، حيث جعل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ساريا بالليل مخترقا الحجب، كم ذكر القرآن المعراج في صدر سورة النجم، والراجح أن المعراج كان بالروح والجسد معا.
ويرى بعض المفسرين أن الإسراء كان بالروح والجسد، وأن المعراج كان بالروح فقط.
وقد رجح الإمام الطبري شيخ المفسرين، وغيره من المفسرين أن الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد، يقظة لا مناما.
فلو كان بالروح ما كذبته قريش، ولا تعجَّبوا من أمره، ولما ارتدّ بعض ضعاف الإيمان.
ولأن قوله تعالى :﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً... ﴾ يفيد أن العبد مجموع الجسد والروح.
وكذلك قوله تعالى في المعراج :﴿ لقد رأى من آيات ربه الكبرى ﴾.
يفيد أنه رأى رؤية حقيقية عالم الملكوت، عالم السماء والأنبياء والمرسلين والملائكة، والتكريم الإلهي، وسدرة المنتهى، وجنة المأوى، وآيات ربه الكبرى.
قال شوقي :
يا أيها المُسرى به شرفا إلى *** ما لا تنالُ الشَّمس والجوزاءُ
يتساءلون ونتأ
أنت أطهر هيكل *** بالروح أم بالهيكل الإسراء
بهما سموت مطهرين كلاهما *** نور وروحانية وبهاء
فضل عليك لذي الجلال ومنة *** والله يفعل ما يرى ويشاء
تغشى الغيوب من العوالم كلما *** طويت سماء قلدتك سماء
يا من له الأخلاقُ ما تهوى العلا *** منها وما يتعشق الكبراء
والحسن من كرم الوجوه وخيره *** ما أوتي القوّاد والزعماء
وإذا سخوت بلغت بالجود المدى *** وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا *** لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب *** هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا خطبت فللمنابر هزة *** تعرو النّدى وللقلوب بكاء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته *** فجميع عهدك ذمة ووفاء
وإذا مشيت إلى العدا فغضنفر *** وإذا جريت فإنك النكباء
يا أيها الأُميّ حسبك رتبة *** في العلم أن دانت لك العلماء
يا من له عز الشفاعة وحده *** وهو المنزه ما له شفعاء
عرش القيامة أنت تحت لوائه *** والحوض أنت حياله السقاء
تروي وتسقي الصالحين ثوابهم *** والصالحات ذخائر وجزاء
آراء في الموضوع
رأى بعض المفسرين : أن الآيات التي وردت في صدر سورة النجم، تشير إلى رؤية محمد صلى الله عليه وسلم لله سبحانه وتعالى.
وقال بعضهم : الضمائر في ( دنا ) و( تدلَّى ) و( كان ) و( أوحى ) وكذا في ( رآه ) لله عز وجل.
ويشهد لهذا ما أخرجه البخاري، عن أنس قال : ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبَّار رب العزة، فتدلّى، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليه فيما أوحى خمسين صلاة. viii
والراجح أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل على صورته الحقيقية مرتين، الأولى عند البعثة، والثانية ليلة الإسراء والمعراج. ***
بدليل ما أخرجه مسلم، عن أبي ذر أنّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، هل رأيت ربك ؟ فقال : " رأيت نورا " ix. وانظر تفسير الآلوسي والطبري لصدر سورة النجم.
الملك لله وحده
﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ( ١٩ ) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ( ٢٠ ) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ( ٢١ ) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ( ٢٢ ) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ( ٢٣ ) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ( ٢٤ ) فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى ( ٢٥ ) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى( ٢٦ ) ﴾
تمهيد :
في بداية السورة حديث عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صدقه وصدق جبريل الروح الأمين، وهنا يناقش القرآن المشركين في عبادتهم أصناما لا تضرّ ولا تنفع، ولا تشفع لمن عبدها، ولعل هذه الآلهة المدعاة كانت رموزا للملائكة، أو لعباد صالحين، وبعد فترة عبدوا هذه الرموز، ونسي أصل الأسطورة.
فلم يعد يذكرها إلا المثقفون.
لقد جعلوا الملائكة إناثا، وزعموا أن لها شفاعة، وقد فنّد القرآن زعمهم الباطل، فكيف يجعلون لأنفسهم الذكور، ويجعلون لله ما يكرهون من الإناث، إنها لقسمة جائرة، ضيزى : غير عادلة، ولم ينزل وحي من السماء أو شريعة تثبت أن اللات أو العزى أو مناة، أو غيرها من الأصنام، لها قدرة الآلهة أو أنها تستحق العبادة، لكنهم يعتمدون في ذلك على الظنّ وهوى النفس، والعقيدة الصادقة تعتمد على اليقين الجازم، وقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة وفيها الهدى.
إن الشفاعة بيد الله، وكثير من الملائكة في السماوات لا يملكون الشفاعة إلا لمن أذن الله له بالشفاعة، ورضي له بها، والمراد أن عبادتهم للأصنام أو للملائكة بائرة ضائعة.
المفردات :
اللات : صنم لثقيف، وأصل ذلك أن رجلا كان يلتّ السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه، ويُظنّ أن ( اللات ) مؤنث لفظ الجلالة ( الله ) سبحانه وتعالى :
العزى : شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، وكانت قريش تعظمها، كما قال أبو سفيان يوم أُحُد :( لنا العزى ولا عزّى لكم )، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله مولانا ولا مولى لكم "، ويظنّ أن العزّى مؤنث العزيز.
مناة : صخرة بالمشلل، عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها، ويهلّون منها للحج إلى الكعبة، وكانت دماء النسائك تمنى عندها، أي : تراق.
الأخرى : المتأخرة الوضيعة القدر.
التفسير :
١٩-٢٠- ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ﴾.
هذه أصنام كانت تعبدها العرب في الجاهلية، وهنا يقرعهم القرآن ويوبخهم على عبادتهم لها، وهي لا تملك أن تخلق مثل هذا الكون، ولا تملك أن تختار رسولا مثل محمد، ولا أن تختار ملاكا مثل جبريل ينزل بالوحي، فلماذا يتركون الله العظيم القادر الخالق الرازق، ويتجهون بعبادتهم إلى هذه الأصنام، ومن هذه الأصنام :
( أ‌ ) اللات : وكانت صخرة بيضاء منقوشا عليها نقوش، وهي داخل بيت بالطائف، له أستار وسدنة، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف، وقيل : إن اللات رمز لرجل كان يلتُّ السويق للحاج على حجر، فلما مات عبدوا ذلك الحجر إجلالا له، وسموه بذلك، وبقيت اللات إلى أن أسلمت ثقيف، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار.
( ب‌ ) العزّى : وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، بين مكة والطائف لغطفان، وكانت قريش تعظمها، كما قال أبو سفيان يوم أحد : لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " x.
وقد ذهب خالد بن الوليد إلى العزّى فهدمها، وهو يقول :
يا عزّ كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك
( أ‌ ) مناة : وكانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها، ويهلّون منها للحج إلى الكعبة، وتذبح عندها القرابين، وسميت ( مناة ) لأن الدماء كانت تمنى عندها، أي : تراق.
وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فهدمها عام الفتح.
" وكانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخرى، تعظمها العرب كتعظيم الكعبة، غير هذه الثلاثة التي نصَّت عليها الآية، وإنما أفردت هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها ". xi
قال ابن إسحاق :
كانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحُجّاب، تطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها.
وخلاصة المعنى : أخبروني يا معشر الكفار عن هذه الآلهة التي تعبدونها – اللات والعزّى ومناة – هل لها من القدرة والعظمة والخلق والإبداع مثل الله تعالى حتى عبدتموها، وطفتم حولها، وزعمتم أنها آلهة ؟
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:الملك لله وحده
﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ( ١٩ ) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ( ٢٠ ) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ( ٢١ ) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ( ٢٢ ) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ( ٢٣ ) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ( ٢٤ ) فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى ( ٢٥ ) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى( ٢٦ ) ﴾
تمهيد :
في بداية السورة حديث عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صدقه وصدق جبريل الروح الأمين، وهنا يناقش القرآن المشركين في عبادتهم أصناما لا تضرّ ولا تنفع، ولا تشفع لمن عبدها، ولعل هذه الآلهة المدعاة كانت رموزا للملائكة، أو لعباد صالحين، وبعد فترة عبدوا هذه الرموز، ونسي أصل الأسطورة.
فلم يعد يذكرها إلا المثقفون.
لقد جعلوا الملائكة إناثا، وزعموا أن لها شفاعة، وقد فنّد القرآن زعمهم الباطل، فكيف يجعلون لأنفسهم الذكور، ويجعلون لله ما يكرهون من الإناث، إنها لقسمة جائرة، ضيزى : غير عادلة، ولم ينزل وحي من السماء أو شريعة تثبت أن اللات أو العزى أو مناة، أو غيرها من الأصنام، لها قدرة الآلهة أو أنها تستحق العبادة، لكنهم يعتمدون في ذلك على الظنّ وهوى النفس، والعقيدة الصادقة تعتمد على اليقين الجازم، وقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة وفيها الهدى.
إن الشفاعة بيد الله، وكثير من الملائكة في السماوات لا يملكون الشفاعة إلا لمن أذن الله له بالشفاعة، ورضي له بها، والمراد أن عبادتهم للأصنام أو للملائكة بائرة ضائعة.

المفردات :

اللات : صنم لثقيف، وأصل ذلك أن رجلا كان يلتّ السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه، ويُظنّ أن ( اللات ) مؤنث لفظ الجلالة ( الله ) سبحانه وتعالى :
العزى : شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، وكانت قريش تعظمها، كما قال أبو سفيان يوم أُحُد :( لنا العزى ولا عزّى لكم )، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الله مولانا ولا مولى لكم "، ويظنّ أن العزّى مؤنث العزيز.
مناة : صخرة بالمشلل، عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها، ويهلّون منها للحج إلى الكعبة، وكانت دماء النسائك تمنى عندها، أي : تراق.
الأخرى : المتأخرة الوضيعة القدر.

التفسير :


١٩-
٢٠- ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ﴾.
هذه أصنام كانت تعبدها العرب في الجاهلية، وهنا يقرعهم القرآن ويوبخهم على عبادتهم لها، وهي لا تملك أن تخلق مثل هذا الكون، ولا تملك أن تختار رسولا مثل محمد، ولا أن تختار ملاكا مثل جبريل ينزل بالوحي، فلماذا يتركون الله العظيم القادر الخالق الرازق، ويتجهون بعبادتهم إلى هذه الأصنام، ومن هذه الأصنام :
( أ‌ ) اللات : وكانت صخرة بيضاء منقوشا عليها نقوش، وهي داخل بيت بالطائف، له أستار وسدنة، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف، وقيل : إن اللات رمز لرجل كان يلتُّ السويق للحاج على حجر، فلما مات عبدوا ذلك الحجر إجلالا له، وسموه بذلك، وبقيت اللات إلى أن أسلمت ثقيف، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار.
( ب‌ ) العزّى : وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، بين مكة والطائف لغطفان، وكانت قريش تعظمها، كما قال أبو سفيان يوم أحد : لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " x.
وقد ذهب خالد بن الوليد إلى العزّى فهدمها، وهو يقول :
يا عزّ كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك
( أ‌ ) مناة : وكانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها، ويهلّون منها للحج إلى الكعبة، وتذبح عندها القرابين، وسميت ( مناة ) لأن الدماء كانت تمنى عندها، أي : تراق.
وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فهدمها عام الفتح.
" وكانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخرى، تعظمها العرب كتعظيم الكعبة، غير هذه الثلاثة التي نصَّت عليها الآية، وإنما أفردت هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها ". xi

قال ابن إسحاق :

كانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحُجّاب، تطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها.
وخلاصة المعنى : أخبروني يا معشر الكفار عن هذه الآلهة التي تعبدونها – اللات والعزّى ومناة – هل لها من القدرة والعظمة والخلق والإبداع مثل الله تعالى حتى عبدتموها، وطفتم حولها، وزعمتم أنها آلهة ؟

تمهيد :
في بداية السورة حديث عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صدقه وصدق جبريل الروح الأمين، وهنا يناقش القرآن المشركين في عبادتهم أصناما لا تضرّ ولا تنفع، ولا تشفع لمن عبدها، ولعل هذه الآلهة المدعاة كانت رموزا للملائكة، أو لعباد صالحين، وبعد فترة عبدوا هذه الرموز، ونسي أصل الأسطورة.
فلم يعد يذكرها إلا المثقفون.
لقد جعلوا الملائكة إناثا، وزعموا أن لها شفاعة، وقد فنّد القرآن زعمهم الباطل، فكيف يجعلون لأنفسهم الذكور، ويجعلون لله ما يكرهون من الإناث، إنها لقسمة جائرة، ضيزى : غير عادلة، ولم ينزل وحي من السماء أو شريعة تثبت أن اللات أو العزى أو مناة، أو غيرها من الأصنام، لها قدرة الآلهة أو أنها تستحق العبادة، لكنهم يعتمدون في ذلك على الظنّ وهوى النفس، والعقيدة الصادقة تعتمد على اليقين الجازم، وقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة وفيها الهدى.
إن الشفاعة بيد الله، وكثير من الملائكة في السماوات لا يملكون الشفاعة إلا لمن أذن الله له بالشفاعة، ورضي له بها، والمراد أن عبادتهم للأصنام أو للملائكة بائرة ضائعة.
٢١- ﴿ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ﴾.
أي : أتجعلون لله ولدا وهو منزه عن الصاحبة والولد ؟ وتختارون أن يكون ولده أنثى وأنتم تكرهون الأنثى ؟
تمهيد :
في بداية السورة حديث عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صدقه وصدق جبريل الروح الأمين، وهنا يناقش القرآن المشركين في عبادتهم أصناما لا تضرّ ولا تنفع، ولا تشفع لمن عبدها، ولعل هذه الآلهة المدعاة كانت رموزا للملائكة، أو لعباد صالحين، وبعد فترة عبدوا هذه الرموز، ونسي أصل الأسطورة.
فلم يعد يذكرها إلا المثقفون.
لقد جعلوا الملائكة إناثا، وزعموا أن لها شفاعة، وقد فنّد القرآن زعمهم الباطل، فكيف يجعلون لأنفسهم الذكور، ويجعلون لله ما يكرهون من الإناث، إنها لقسمة جائرة، ضيزى : غير عادلة، ولم ينزل وحي من السماء أو شريعة تثبت أن اللات أو العزى أو مناة، أو غيرها من الأصنام، لها قدرة الآلهة أو أنها تستحق العبادة، لكنهم يعتمدون في ذلك على الظنّ وهوى النفس، والعقيدة الصادقة تعتمد على اليقين الجازم، وقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة وفيها الهدى.
إن الشفاعة بيد الله، وكثير من الملائكة في السماوات لا يملكون الشفاعة إلا لمن أذن الله له بالشفاعة، ورضي له بها، والمراد أن عبادتهم للأصنام أو للملائكة بائرة ضائعة.
المفردات :
ضيزى : جائرة غير عادلة، ناقصة غير تامة.
التفسير :
٢٢- ﴿ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾.
إنها قسمة جائرة ظالمة، أن يكون لكم معشر المشركين النوع المحبوب من الأولاد وهو الذكر، وله تعالى النوع المذموم بزعمكم وهو الأنثى.
قال الإمام فخر الدين الرازي :
إنهم ما قالوا : لنا البنون وله البنات، وإنما نسبوا إلى الله البنات، وكانوا يكرهونهنّ، كما قال تعالى :﴿ ويجعلون لله ما يكرهون... ﴾ ( النحل : ٦٢ )
فلما نسبوا إلى الله البنات حصل من تلك النسبة قسمة جائرة.
تمهيد :
في بداية السورة حديث عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صدقه وصدق جبريل الروح الأمين، وهنا يناقش القرآن المشركين في عبادتهم أصناما لا تضرّ ولا تنفع، ولا تشفع لمن عبدها، ولعل هذه الآلهة المدعاة كانت رموزا للملائكة، أو لعباد صالحين، وبعد فترة عبدوا هذه الرموز، ونسي أصل الأسطورة.
فلم يعد يذكرها إلا المثقفون.
لقد جعلوا الملائكة إناثا، وزعموا أن لها شفاعة، وقد فنّد القرآن زعمهم الباطل، فكيف يجعلون لأنفسهم الذكور، ويجعلون لله ما يكرهون من الإناث، إنها لقسمة جائرة، ضيزى : غير عادلة، ولم ينزل وحي من السماء أو شريعة تثبت أن اللات أو العزى أو مناة، أو غيرها من الأصنام، لها قدرة الآلهة أو أنها تستحق العبادة، لكنهم يعتمدون في ذلك على الظنّ وهوى النفس، والعقيدة الصادقة تعتمد على اليقين الجازم، وقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة وفيها الهدى.
إن الشفاعة بيد الله، وكثير من الملائكة في السماوات لا يملكون الشفاعة إلا لمن أذن الله له بالشفاعة، ورضي له بها، والمراد أن عبادتهم للأصنام أو للملائكة بائرة ضائعة.
المفردات :
إن هي إلا أسماء : ما اللات والعزى ومناة إلا أسماء لا حقيقة لها، وليست آلهة.
ما أنزل الله بها من سلطان : لم ينزل الله تعالى وحيا يأذن في عبادتها.
إن يتبعون إلا الظن : ما يتبع المشركون في عبادة أصنامهم إلا الظن والخرص والكذب.
وما تهوى الأنفس : وما تهواه أنفسهم، وتميل إليه شهواتهم.
الهدى : هو هداية القرآن، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
التفسير :
٢٣- ﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ﴾.
ما هذه الأوثان والأصنام إلا أسماء مجردة عن المعاني، ليس فيها من الألوهية إلاَّ الاسم المجرد، فهي لا تخلق ولا تنفع، ولا تسمع ولا تجيب، ولكن آباءكم عبدوها فسرتم خلفهم بدون عقل أو فكر أو تأمل، ولم ينزل وحي أو دليل من السماء يؤيد صحة عبادتكم لها، وإنما أنتم تسيرون خلف الظنون والأوهام وهوى نفوسكم في عبادة هذه الجمادات الصمَّاء، مع أن الهدى والرشاد قد جاء إليكم من الله تعالى على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن الجوزي : وفيه تعجيب من حالهم إذا لم يتركوا عبادتها بعد وضوح البيان.
وقال ابن كثير : ليس لهم مستند إلاّ حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ نفوسهم وتعظيم آبائهم الأقدمين، ولقد أرسل إليهم الرسول بالحق المنير والحجة القاطعة، ومع هذا ما اتبعوا ما جاءهم به رسولهم ولا انقادوا له.
تمهيد :
في بداية السورة حديث عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صدقه وصدق جبريل الروح الأمين، وهنا يناقش القرآن المشركين في عبادتهم أصناما لا تضرّ ولا تنفع، ولا تشفع لمن عبدها، ولعل هذه الآلهة المدعاة كانت رموزا للملائكة، أو لعباد صالحين، وبعد فترة عبدوا هذه الرموز، ونسي أصل الأسطورة.
فلم يعد يذكرها إلا المثقفون.
لقد جعلوا الملائكة إناثا، وزعموا أن لها شفاعة، وقد فنّد القرآن زعمهم الباطل، فكيف يجعلون لأنفسهم الذكور، ويجعلون لله ما يكرهون من الإناث، إنها لقسمة جائرة، ضيزى : غير عادلة، ولم ينزل وحي من السماء أو شريعة تثبت أن اللات أو العزى أو مناة، أو غيرها من الأصنام، لها قدرة الآلهة أو أنها تستحق العبادة، لكنهم يعتمدون في ذلك على الظنّ وهوى النفس، والعقيدة الصادقة تعتمد على اليقين الجازم، وقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة وفيها الهدى.
إن الشفاعة بيد الله، وكثير من الملائكة في السماوات لا يملكون الشفاعة إلا لمن أذن الله له بالشفاعة، ورضي له بها، والمراد أن عبادتهم للأصنام أو للملائكة بائرة ضائعة.
المفردات :
ما تمنّى : ما تشهَّى لنفسه من أن الأصنام تشفع له، أي ليس له كل ما يتمنّاه، والمراد نفي طمعهم في شفاعة الآلهة المزعومة.
التفسير :
٢٤- ﴿ أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ﴾.
أي :. ليس للإنسان كل ما يشتهي، حتى يطمع في شفاعة الأوثان والأصنام، فهناك حقائق ثابتة، ركّزها الله في هذا الكون توضح أن لهذا الكون البديع المنظم إلها واحدا خالقا، بيده الخلق والأمر، وهو على كل شيء قدير، هذا الإله هو الذي يستحق العبادة، وهذا معنى ( لا إله إلا الله ) أي ليس هناك معبود بحق إلا الله، أما عبادة الأصنام فهي خضوع للهوى والباطل والأماني الكاذبة، وليس للإنسان ما تمناه بالباطل.
قال تعالى :﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾. ( النساء : ١٢٣-١٢٤ )
لقد كان الكفار يتمنون أن ينزل القرآن على رجل من القريتين عظيم، والنبوة منحة إلهية، يختار الله لها من أهل الكفاءة والسمّو الروحي والنفسي.
وفي سورة الكهف قصة رجلين، كان أحدهما مؤمنا منصفا، وكان الآخر كافرا شقيا ومع هذا تمنى أن تكون الجنة له في الآخرة، وقال :﴿ ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ﴾. ( الكهف : ٣٦ )
وقد أرسل الله على بستانه صاعقة أهلكته، فأخذ يتحسر على ما أصابه ويقول :
﴿ يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ﴾. ( الكهف : ٤٢ ).
تمهيد :
في بداية السورة حديث عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صدقه وصدق جبريل الروح الأمين، وهنا يناقش القرآن المشركين في عبادتهم أصناما لا تضرّ ولا تنفع، ولا تشفع لمن عبدها، ولعل هذه الآلهة المدعاة كانت رموزا للملائكة، أو لعباد صالحين، وبعد فترة عبدوا هذه الرموز، ونسي أصل الأسطورة.
فلم يعد يذكرها إلا المثقفون.
لقد جعلوا الملائكة إناثا، وزعموا أن لها شفاعة، وقد فنّد القرآن زعمهم الباطل، فكيف يجعلون لأنفسهم الذكور، ويجعلون لله ما يكرهون من الإناث، إنها لقسمة جائرة، ضيزى : غير عادلة، ولم ينزل وحي من السماء أو شريعة تثبت أن اللات أو العزى أو مناة، أو غيرها من الأصنام، لها قدرة الآلهة أو أنها تستحق العبادة، لكنهم يعتمدون في ذلك على الظنّ وهوى النفس، والعقيدة الصادقة تعتمد على اليقين الجازم، وقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة وفيها الهدى.
إن الشفاعة بيد الله، وكثير من الملائكة في السماوات لا يملكون الشفاعة إلا لمن أذن الله له بالشفاعة، ورضي له بها، والمراد أن عبادتهم للأصنام أو للملائكة بائرة ضائعة.
٢٥- ﴿ فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى ﴾.
له سبحانه وحده ملك الآخرة، حين ينادي جل جلاله : لمن الملك اليوم لله الواحد القهار. ( غافر : ١٦ )
وله ملك الدنيا، فهو خالق الأكوان، ومسخر الليل والنهار، وهو المعز المذل، الرافع الخافض الباسط، المعطي المانع.
﴿ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون*فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ﴾. ( يس : ٨٢-٨٣ )
تمهيد :
في بداية السورة حديث عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان صدقه وصدق جبريل الروح الأمين، وهنا يناقش القرآن المشركين في عبادتهم أصناما لا تضرّ ولا تنفع، ولا تشفع لمن عبدها، ولعل هذه الآلهة المدعاة كانت رموزا للملائكة، أو لعباد صالحين، وبعد فترة عبدوا هذه الرموز، ونسي أصل الأسطورة.
فلم يعد يذكرها إلا المثقفون.
لقد جعلوا الملائكة إناثا، وزعموا أن لها شفاعة، وقد فنّد القرآن زعمهم الباطل، فكيف يجعلون لأنفسهم الذكور، ويجعلون لله ما يكرهون من الإناث، إنها لقسمة جائرة، ضيزى : غير عادلة، ولم ينزل وحي من السماء أو شريعة تثبت أن اللات أو العزى أو مناة، أو غيرها من الأصنام، لها قدرة الآلهة أو أنها تستحق العبادة، لكنهم يعتمدون في ذلك على الظنّ وهوى النفس، والعقيدة الصادقة تعتمد على اليقين الجازم، وقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بهذه العقيدة وفيها الهدى.
إن الشفاعة بيد الله، وكثير من الملائكة في السماوات لا يملكون الشفاعة إلا لمن أذن الله له بالشفاعة، ورضي له بها، والمراد أن عبادتهم للأصنام أو للملائكة بائرة ضائعة.
المفردات :
وكم من ملك : وكثير من الملائكة.
لا تغني شفاعتهم : لا تنفع شفاعتهم شيئا.
لمن يشاء ويرضى : لمن يشاء الله أن يشفع له الملائكة، ويراه أهلا للشفاعة، فالشفاعة
تحتاج إلى أمرين : الإذن من الله، والرضا عن المشفوع له.
التفسير :
٢٦- ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾.
كثير من الملائكة المقربين لا تنفع شفاعتهم شيئا من النفع لأحد من عباده المذنبين، إلا من بعد أن يأذن الله تعالى في الشفاعة لمن يشاء من أهل التوحيد والإيمان ويرضى عنه، كما قال سبحانه :﴿ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه... ﴾ ( البقرة : ٢٠٠ ).
وقال عز شأنه :﴿ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له... ﴾ ( سبأ : ٢٣ ).
فإذا كان ذلك في حق الملائكة المقربين، فكيف ترجون أيها المشركون شفاعة هذه الأصنام والأنداد عند الله، وهو سبحانه وتعالى لم يشرع عبادتها، ولا أذن فيها ؟
لقد حاكمهم القرآن إلى العقل ودخل عليهم من كل باب، وقدم إليهم الحجج والأدلة على أن هذه الأصنام لا تسمع ولا تجيب ولا تعقل، ولا تنفع ولا تضر، ولا يوجد دليل نقلي ولا عقلي على ألوهيتها ولا شفاعتها، فالشفاعة لله وحده، ولا يستطيع ملك مقرب أن يشفع في أحد من المذنبين إلا بإذن الله، وبعد أن يرضى عن المشفوع له.
وأجاز بعض المفسرين أن يكون معنى الآية ما يأتي :
وكثير من الملائكة لا تنفع شفاعتهم إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاؤه منهم بالشفاعة، ويراه أهلا لها.
توبيخ المشركين لتسميتهم الملائكة بنات الله
﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى ( ٢٧ ) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ( ٢٨ ) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ( ٢٩ ) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ( ٣٠ ) ﴾
تمهيد :
بعد أن وبّخ الله المشركين على عبادة الأوثان فيما سبق، وبَّخهم هنا على تسمية الملائكة تسمية الإناث، ولعل هذا سرّ تسمية الأصنام التي ترمز للملائكة بالمؤنث، مثل : اللات والعزى ومناة.
ثم بيَّن أنهم في توهم باطل، لا حقيقة له، وأَمَرَ رسوله صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم، وعدم الاهتمام بهم، ولا ضير عليه في ذلك بعد أن بلّغ رسالة ربّه.
المفردات :
تسمية الأنثى : بأن يقولوا : إنها بنات الله، تعالى الله عما يقولون علوّا كبيرا.
التفسير :
٢٧- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى ﴾.
إن هؤلاء المشركين الذين لا يصدقون بالقيامة، والبعث والحشر والجزاء، يزعمون أن الملائكة إناث، وأنهم بنات الله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
والمراد أنهم يسمّون كل واحد من الملائكة أنثى، لأنهم إذا جعلوا الكلّ بنات فقد جعلوا كل واحد بنتا، كما جاء في قوله تعالى :﴿ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون ﴾. ( الزخرف : ١٩ )
تمهيد :
بعد أن وبّخ الله المشركين على عبادة الأوثان فيما سبق، وبَّخهم هنا على تسمية الملائكة تسمية الإناث، ولعل هذا سرّ تسمية الأصنام التي ترمز للملائكة بالمؤنث، مثل : اللات والعزى ومناة.
ثم بيَّن أنهم في توهم باطل، لا حقيقة له، وأَمَرَ رسوله صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم، وعدم الاهتمام بهم، ولا ضير عليه في ذلك بعد أن بلّغ رسالة ربّه.
المفردات :
إن يتبعون إلا الظن : ما يتبعون إلا مجرد التوهم الباطل.
لا يغني من الحق شيئا : إن الظن لا يفيد في مجال الحق، الذي هو حقيقة الشيء، فإن الحق لا يدرك إلا بالعلم، أي اليقين، والظن لا اعتبار له في المعارف الحقيقية أو اليقينيات.
التفسير :
٢٨- ﴿ وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾.
ليس لديهم خبر صحيح أو علم يقيني بذلك، فهذه من أمور الغيب، وهي لا تُعلم إلا بنقل صحيح، أو يقين صادق، وهؤلاء لا يملكون دليلا نقليا، ولا دليلا عقليا على ذلك، وإنما هو التوهم الباطل، بما ورثوه عن آبائهم بدون بحث أو فكر أو يقين، ومثل هذا الظن الباطل والتوهّم الخاطئ لا يغني شيئا عن الحق، فإن الحق لا يدرك إلا بالعلم الصحيح.
وهؤلاء لم يشهدوا خلق الملائكة ليعرفوا أنهم إناث، وليس لديهم وحي منزل بذلك، ولا علم يقيني به، والظن لا يغني عن الحق، ولا يقوم مقامه.
وقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث ".
تمهيد :
بعد أن وبّخ الله المشركين على عبادة الأوثان فيما سبق، وبَّخهم هنا على تسمية الملائكة تسمية الإناث، ولعل هذا سرّ تسمية الأصنام التي ترمز للملائكة بالمؤنث، مثل : اللات والعزى ومناة.
ثم بيَّن أنهم في توهم باطل، لا حقيقة له، وأَمَرَ رسوله صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم، وعدم الاهتمام بهم، ولا ضير عليه في ذلك بعد أن بلّغ رسالة ربّه.
المفردات :
فأعرض عمّن تولى : اترك، ولا تهتمّ بمن أعرض عن القرآن وعن تذكيرنا.
التفسير :
٢٩- ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾.
لا تأس على كفرهم وعنادهم، وحسبك أنك بلغت رسالة الله إليهم، ثم اتركهم وشأنهم، لأنهم أعرضوا عن القرآن، وصارت الدنيا أكبر همهم.
تمهيد :
بعد أن وبّخ الله المشركين على عبادة الأوثان فيما سبق، وبَّخهم هنا على تسمية الملائكة تسمية الإناث، ولعل هذا سرّ تسمية الأصنام التي ترمز للملائكة بالمؤنث، مثل : اللات والعزى ومناة.
ثم بيَّن أنهم في توهم باطل، لا حقيقة له، وأَمَرَ رسوله صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم، وعدم الاهتمام بهم، ولا ضير عليه في ذلك بعد أن بلّغ رسالة ربّه.
المفردات :
ذلك مبلغهم من العلم : طلب الدنيا وأمرها نهاية علمهم، فلا يتجاوزه علمهم لأنهم آثروا الدنيا على الآخرة.
التفسير :
٣٠- ﴿ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ﴾.
أي : طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه من الإدراك والفهم، والحرص على الدنيا الفانية والنعيم الزائل.
قال أبو السعود :
والمراد : النهي عن دعوة المُعْرِض عن كلام الله، وعدم الاعتناء بشأنه، فإن من أعرض عما ذكر وانهمك في الدنيا، بحيث صارت منتهى همته، وقصارى سعيه، لا تزيده الدعوة إلا عنادا أو إصرارا على الباطل.
روى الشيخان، والإمام أحمد، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له ".
وفي الدعاء المأثور : " اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ".
﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ﴾.
إن الله تعالى عالم بالضالين، الذين آثروا الدنيا على الآخرة، وأهملوا وحي السماء، وأعرضوا عن القرآن الحكيم ورسالة النبي الأمين، وهو سبحانه عالم بالمهتدين الذين اختاروا الإسلام دينا، ومحمدا صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، والقرآن هاديا وإماما، وسوف يجازي كل فريق منهما بالجزاء الذي يستحقه، فالمراد بالعلم هنا المعرفة والإحاطة، والجزاء العادل ممن أحاط بكل شيء علما.
سعة رحمته تعالى
﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ( ٣١ ) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾
تمهيد :
الله تعالى له ملك السماوات والأرض، وهو عادل في حكمه وجزائه، وسيجازي المسيء بمثل إساءته، وسيجازي المحسنين بالحسنى.
والمحسنون هم الذين يجتنبون كبائر الذنوب والفواحش، ويبتعدون عن الكبائر، مثل : السحر، واليمين الغموس، وعقوق الوالدين، والتولّي يوم الزحف، والزنا، والربا، وشرب الخمر، وقذف المحصنات الغافلات، المؤمنات.
أما من ارتكب الصغائر، مثل : النظرة والقبلة واللمسة، ثم تاب منها، أو ارتكب الكبيرة ثم تاب منها توبة حقيقية، فإن الله يغفر له، وهو أعلم بالإنسان وضعفه.
المفردات :
الحسنى : المثوبة الحسنى، والحسنى مؤنث الأحسن.
التفسير :
٣١- ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾.
لله وحده ملك هذا الكون، وله سبحانه كل ما في السماوات والأرض، خلقا وملكا وتصرفا، ليس لأحد من ذلك شيء، والمالك المتصرف العزيز المقتدر سيجازي المسيء بإساءته وعمله، وسيجازي الذين أحسنوا بالجنة جزاء إحسانهم، ثم ذكر سبحانه وتعالى صفات المتقين المحسنين.
تمهيد :
الله تعالى له ملك السماوات والأرض، وهو عادل في حكمه وجزائه، وسيجازي المسيء بمثل إساءته، وسيجازي المحسنين بالحسنى.
والمحسنون هم الذين يجتنبون كبائر الذنوب والفواحش، ويبتعدون عن الكبائر، مثل : السحر، واليمين الغموس، وعقوق الوالدين، والتولّي يوم الزحف، والزنا، والربا، وشرب الخمر، وقذف المحصنات الغافلات، المؤمنات.
أما من ارتكب الصغائر، مثل : النظرة والقبلة واللمسة، ثم تاب منها، أو ارتكب الكبيرة ثم تاب منها توبة حقيقية، فإن الله يغفر له، وهو أعلم بالإنسان وضعفه.
المفردات :
الذين يجتنبون :( الذين ) خبر لمبتدأ محذوف، أي : هم الذين يجتنبون... ، والجملة بيان لمن اهتدى.
كبائر الإثم : ما عظم من الذنوب، وما كبر عقابه.
الفواحش : جمع فاحشة، وهي ما فحش من الكبائر، يقال : فحش يفحش فحشا، أي : قبح أشد القبح، مثل : الزنا والسرقة والقتل.
إلا اللمم : إلا ما قلَّ وصغر من الذنوب، وأصله : ما قل قدره، ومنه : لمة الشعر، لأنها دون الوفرة.
فلا تزكوا أنفسكم : فلا تصفوها بالطهارة.
أجنّة : جمع جنين، وهو الولد ما دام في بطن أمه.
التفسير :
٣٢- ﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾.
من سعة رحمة الله وفضله أن يمدح عباده المتقين، وأن يصفهم باجتناب كبائر الذنوب، مثل : السحر واليمين الغموس، والتولّي يوم الزحف، وأكل الربا، وعقوق الوالدين، وهم يبتعدون عن الفواحش – جمع فاحشة – وهي ما تناهى قبحها عقلا وشرعا، كالزنا والسرقة والقتل.
إلا ما قل وصغر من الذنوب.
قال القرطبي :
وهي الصغائر التي لا يسلم من الوقوع فيها إلا من عصمه الله، كالقبلة والغمزة والنظرة.
وقال ابن كثير : اللمم : صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال.
وعن ابن عباس قال : ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " xii. رواه الشيخان، وأحمد.
وقال عبد الرحمن بن نافع : سألت أبا هريرة عن قول الله : إلا اللمم. فقال : القبلة والغمزة والنظرة والمباشرة، فإذا مس الختان الختان، فقد وجب الغسل وهو الزنا.
وروى ابن جرير، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : إلا اللمم، قال : الذي يلم بالذنب ثم يدعه.
قال الشاعر :
إن تغفر اللهم تغفر جمّا وأي عبد لك ما ألمّا ؟
وعن الحسن في قوله تعالى :
﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ... ﴾
قال : اللمم من الزنا أو السرقة أو شرب الخمر ثم لا يعودxiii. ١ه.
لقد فتح الله تعالى أبواب التوبة أمام التائبين، وحث عباده على ذلك، ودعاهم إلى التوبة في كل وقت، وبذلك يتخلص الإنسان من الإحباط والإثم، والشعور بالدّونية، حيث يتطهر ويصلي ركعتين بنية التوبة، ويسأل الله تعالى أن يغفر له، وأن يتوب عليه، فيجيبه الغفور الرحيم.
قال تعالى :﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. ﴾ ( الزمر : ٥٣ )
وقال سبحانه وتعالى :﴿ وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ﴾. ( طه : ٨٢ )
وهذه الآية الكريمة تتحدث عن فضل الله ورحمته، فتقول : إن ربك واسع المغفرة... فرحمته سبحانه وتعالى وسعت كل شيء، ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها.
قال البيضاوي : ولعله عقّب به وعيد المسيئين ووعد المحسنين، لئلا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته، ولا يتوهم وجوب العقاب على الله تعالى.
﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ... ﴾
حيث خلق أبانا آدم من الأرض، فقد خلقه من التراب، واختلط التراب بالماء فصار طينا، وترك الطين فترة حتى تغيّر فأصبح حمأ مسنونا، وبعد فترة أصبح كالفخار، فهي مراحل مرّ بها الإنسان.
وقال بعض المفسرين :
الإنسان مكون من النطفة، وهي خلاصة الدم، والدم خلاصة الغذاء، والغذاء يأتي من الأرض.
﴿ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ... ﴾
أي : وهو أعلم بكم وقت كونكم في بطون أمهاتكم على أطوار مختلفة بعضها يلي بعضا، وهو سبحانه عليم بما في الأرحام، وما ينتظر الجنين من رزق، وسعادة أو شقاوة.
والإله العليم ينبغي أن نعتمد عليه، وأن نتذكر نعماءه، وأنه سبحانه يرى ويطّلع، ويحاسب ويجازي.
﴿ فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾.
لا تمدحوا أنفسكم على سبيل الإعجاب، ولا تشهدوا لها بالكمال والتقى، فإن النفس خسيسة، إذا مُدحت اغترّت وتكبّرت.
أو الزموا الإخلاص وصدق المراقبة لله، والخوف من غضب الجبار، ومن سوء الخاتمة، فإن الله مطلع على عبيده، وهو عليم بمن أخلص العمل واتقى من ربّه في السر والعلن.
والآية دعوة إلى التوبة، والمسارعة إلى رحمة الله وفضله، وفيها دعوة إلى الإخلاص، مع الخوف من الله، والرجاء في رحمته، واليقين بسعة علمه ومراقبته، واطلاعه على الظاهر والباطن سبحانه وتعالى.
قال المفسرون :
نهى القرآن عن تزكية المرء نفسه وعن مدحها والثناء عليها، أو ادعاء العصمة من الصغائر، أو الطهارة من المعاصي، لأن العاقبة مجهولة، وعلينا أن نحمد الله على الطاعة، وأن نحذر المعصية، فالله هو العليم بمن اتقى المعاصي، وعلينا ألا نمدح الآخرين في وجوههم.
روى الإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال : مدح رجل رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويلك، قطعت عنق صاحبك – مرارا- إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة، فليقل : أحسب فلانا والله حسيبه، ولا أزكّي على الله أحدا، أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك ". xiv
توبيخ من اعترف بالحق ثم أعرض عنه
﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ( ٣٣ ) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى ( ٣٤ ) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ( ٣٥ ) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ( ٣٦ ) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ( ٣٧ ) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ( ٣٨ ) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ( ٣٩ ) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ( ٤٠ ) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ( ٤١ ) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ( ٤٢ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ( ٤٣ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ( ٤٤ ) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ( ٤٥ ) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ( ٤٦ ) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ( ٤٧ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ( ٤٨ ) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ( ٤٩ ) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ( ٥٠ )وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ( ٥١ ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ( ٥٢ ) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ( ٥٣ ) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ( ٥٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ( ٥٥ ) ﴾.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
تولى : أعرض عن اتباع الإسلام، وعن الثبات على الحق.
وأكدى : قطع العطاء، من قولهم : حفر فأكدى، أي : بلغ إلى كدية، أي صخرة تمنعه من إتمام العمل.
التفسير :
٣٣، ٣٤، ٣٥- ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ﴾.
هل شاهدت هذا النموذج من الناس، الذي رقّ قلبه للإسلام، وعظَّم القرآن ومدحه، ثم تولى عن الإسلام وأعرض عنه، وأعطى بلسانه مدحا للقرآن، ثم منع ذلك المدح لكتاب الله ورفض الإسلام، استجابة لتحريض صديق له من المشركين، حرَّضه على الكفر، ووعده بأن يتحمل عنه العذاب يوم القيامة، وأمر القيامة وشؤونه٤ا غيب لا يعلمه٤ا إلا الله، ولا يُعرف إلا بطريق الوحي، فهل نزل عليه وحي يؤيد أن صاحبه سيتحمل عنه العذاب ؟ وهل عنده غيب من عند الله يفيد أن الله سيقبل أن يتحمل إنسان العذاب عن إنسان آخر ؟
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٣:توبيخ من اعترف بالحق ثم أعرض عنه
﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ( ٣٣ ) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى ( ٣٤ ) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ( ٣٥ ) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ( ٣٦ ) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ( ٣٧ ) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ( ٣٨ ) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ( ٣٩ ) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ( ٤٠ ) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ( ٤١ ) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ( ٤٢ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ( ٤٣ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ( ٤٤ ) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ( ٤٥ ) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ( ٤٦ ) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ( ٤٧ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ( ٤٨ ) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ( ٤٩ ) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ( ٥٠ )وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ( ٥١ ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ( ٥٢ ) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ( ٥٣ ) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ( ٥٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ( ٥٥ ) ﴾.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.

المفردات :

تولى : أعرض عن اتباع الإسلام، وعن الثبات على الحق.
وأكدى : قطع العطاء، من قولهم : حفر فأكدى، أي : بلغ إلى كدية، أي صخرة تمنعه من إتمام العمل.

التفسير :

٣٣، ٣٤، ٣٥- ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ﴾.
هل شاهدت هذا النموذج من الناس، الذي رقّ قلبه للإسلام، وعظَّم القرآن ومدحه، ثم تولى عن الإسلام وأعرض عنه، وأعطى بلسانه مدحا للقرآن، ثم منع ذلك المدح لكتاب الله ورفض الإسلام، استجابة لتحريض صديق له من المشركين، حرَّضه على الكفر، ووعده بأن يتحمل عنه العذاب يوم القيامة، وأمر القيامة وشؤونه٤ا غيب لا يعلمه٤ا إلا الله، ولا يُعرف إلا بطريق الوحي، فهل نزل عليه وحي يؤيد أن صاحبه سيتحمل عنه العذاب ؟ وهل عنده غيب من عند الله يفيد أن الله سيقبل أن يتحمل إنسان العذاب عن إنسان آخر ؟

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٣:توبيخ من اعترف بالحق ثم أعرض عنه
﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ( ٣٣ ) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى ( ٣٤ ) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ( ٣٥ ) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ( ٣٦ ) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ( ٣٧ ) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ( ٣٨ ) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ( ٣٩ ) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ( ٤٠ ) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ( ٤١ ) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ( ٤٢ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ( ٤٣ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ( ٤٤ ) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ( ٤٥ ) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ( ٤٦ ) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ( ٤٧ ) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ( ٤٨ ) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ( ٤٩ ) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ( ٥٠ )وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ( ٥١ ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ( ٥٢ ) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ( ٥٣ ) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ( ٥٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ( ٥٥ ) ﴾.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.

المفردات :

تولى : أعرض عن اتباع الإسلام، وعن الثبات على الحق.
وأكدى : قطع العطاء، من قولهم : حفر فأكدى، أي : بلغ إلى كدية، أي صخرة تمنعه من إتمام العمل.

التفسير :

٣٣، ٣٤، ٣٥- ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ﴾.
هل شاهدت هذا النموذج من الناس، الذي رقّ قلبه للإسلام، وعظَّم القرآن ومدحه، ثم تولى عن الإسلام وأعرض عنه، وأعطى بلسانه مدحا للقرآن، ثم منع ذلك المدح لكتاب الله ورفض الإسلام، استجابة لتحريض صديق له من المشركين، حرَّضه على الكفر، ووعده بأن يتحمل عنه العذاب يوم القيامة، وأمر القيامة وشؤونه٤ا غيب لا يعلمه٤ا إلا الله، ولا يُعرف إلا بطريق الوحي، فهل نزل عليه وحي يؤيد أن صاحبه سيتحمل عنه العذاب ؟ وهل عنده غيب من عند الله يفيد أن الله سيقبل أن يتحمل إنسان العذاب عن إنسان آخر ؟

سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
يُنبأ : يُعلم ويخبر.
صحف موسى : التوراة.
صحف إبراهيم : ما نزل عليه من الحكم والشرائع.
وفّى : أتمّ ما أمر به على أبلغ وجه في الوفاء.
ألا تزر وازرة وزر أخرى : لا تحمل نفس حمل نفس أخرى.
التفسير :
٣٦، ٣٧، ٣٨- ﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾.
أي : ألم يخبر بما نصت عليه التوراة، وما ذكر في شرائع إبراهيم الذي وفّى بما عاهد الله عليه، وأتمّ ما أمر به.
﴿ أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾.
أي : لا تحمل نفس ذنوب نفس أخرى، فكل نفس اكتسبت إثما بكفر أو معصية فعليها وزرها، لا يحمله عنها أحد، كما قال تعالى :﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى... ﴾ ( فاطر : ١٨ )
قال ابن عباس :
كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره، يأخذون الولي بالولي، أي القريب بالقريب، في القتل والجراحة، فيُقتل الرجل بذنب أبيه وابنه، وأخيه وعمّه، وخاله وابن عمه، والزوجة بزوجها، وزوجها بها، وبعبده، فبلّغهم إبراهيم عن الله تعالى : ألا تزر نفس وزر أخرى.
أي : لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى.
قال تعالى :﴿ كل امرئ بما كسب رهين ﴾. ( الطور : ٢١ )
أي : الإنسان مرتهن بعمله، إن كان شرّا عوقب عليه، وإن كان خيرا كوفئ عليه.
وفاء إبراهيم عليه السلام
ظهر ذلك جليّا في التزامه بتنفيذ جميع ما أمره به الله، وترك ما نهاه الله عنه، قال تعالى :﴿ وإذِ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهنّ قال إني جاعلك للناس إماما... ﴾ ( البقرة : ١٢٤ ).
وإبراهيم عليه ٤السلام قد وفّى عندما أمره الله بذبح ولده إسماعيل، وقد مدحه الله بقوله :﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾. ( الصافات : ١٠٣-١٠٩ ).
وروى ابن أبي حاتم، وابن جرير، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أخبركم لم سمّى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى :﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ( ١٧ ) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ( ١٨ ) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾. ( الروم : ١٧-١٩ )
وقال تعالى :﴿ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ﴾. ( النحل : ١٢٣ ).
وإنما خص القرآن ما جاء في صحف إبراهيم وموسى، لأن المشركين كانوا يدَّعون أنهم على شريعة أبيهم إبراهيم، وكانت لا تزال بقية مما جاء به إبراهيم معروفة بينهم، كما أن أهل الكتاب كانوا يدَّعون أنهم متبعون ما في التوراة، وصحفها قريبة العهد منهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.

المفردات :

يُنبأ : يُعلم ويخبر.
صحف موسى : التوراة.
صحف إبراهيم : ما نزل عليه من الحكم والشرائع.
وفّى : أتمّ ما أمر به على أبلغ وجه في الوفاء.
ألا تزر وازرة وزر أخرى : لا تحمل نفس حمل نفس أخرى.

التفسير :

٣٦، ٣٧، ٣٨- ﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾.
أي : ألم يخبر بما نصت عليه التوراة، وما ذكر في شرائع إبراهيم الذي وفّى بما عاهد الله عليه، وأتمّ ما أمر به.
﴿ أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾.
أي : لا تحمل نفس ذنوب نفس أخرى، فكل نفس اكتسبت إثما بكفر أو معصية فعليها وزرها، لا يحمله عنها أحد، كما قال تعالى :﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى... ﴾ ( فاطر : ١٨ )

قال ابن عباس :

كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره، يأخذون الولي بالولي، أي القريب بالقريب، في القتل والجراحة، فيُقتل الرجل بذنب أبيه وابنه، وأخيه وعمّه، وخاله وابن عمه، والزوجة بزوجها، وزوجها بها، وبعبده، فبلّغهم إبراهيم عن الله تعالى : ألا تزر نفس وزر أخرى.
أي : لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى.
قال تعالى :﴿ كل امرئ بما كسب رهين ﴾. ( الطور : ٢١ )
أي : الإنسان مرتهن بعمله، إن كان شرّا عوقب عليه، وإن كان خيرا كوفئ عليه.
وفاء إبراهيم عليه السلام
ظهر ذلك جليّا في التزامه بتنفيذ جميع ما أمره به الله، وترك ما نهاه الله عنه، قال تعالى :﴿ وإذِ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهنّ قال إني جاعلك للناس إماما... ﴾ ( البقرة : ١٢٤ ).
وإبراهيم عليه ٤السلام قد وفّى عندما أمره الله بذبح ولده إسماعيل، وقد مدحه الله بقوله :﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾. ( الصافات : ١٠٣-١٠٩ ).
وروى ابن أبي حاتم، وابن جرير، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" ألا أخبركم لم سمّى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى :﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ( ١٧ ) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ( ١٨ ) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾. ( الروم : ١٧-١٩ )
وقال تعالى :﴿ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ﴾. ( النحل : ١٢٣ ).
وإنما خص القرآن ما جاء في صحف إبراهيم وموسى، لأن المشركين كانوا يدَّعون أنهم على شريعة أبيهم إبراهيم، وكانت لا تزال بقية مما جاء به إبراهيم معروفة بينهم، كما أن أهل الكتاب كانوا يدَّعون أنهم متبعون ما في التوراة، وصحفها قريبة العهد منهم.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.

المفردات :

يُنبأ : يُعلم ويخبر.
صحف موسى : التوراة.
صحف إبراهيم : ما نزل عليه من الحكم والشرائع.
وفّى : أتمّ ما أمر به على أبلغ وجه في الوفاء.
ألا تزر وازرة وزر أخرى : لا تحمل نفس حمل نفس أخرى.

التفسير :

٣٦، ٣٧، ٣٨- ﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾.
أي : ألم يخبر بما نصت عليه التوراة، وما ذكر في شرائع إبراهيم الذي وفّى بما عاهد الله عليه، وأتمّ ما أمر به.
﴿ أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾.
أي : لا تحمل نفس ذنوب نفس أخرى، فكل نفس اكتسبت إثما بكفر أو معصية فعليها وزرها، لا يحمله عنها أحد، كما قال تعالى :﴿ وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى... ﴾ ( فاطر : ١٨ )

قال ابن عباس :

كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره، يأخذون الولي بالولي، أي القريب بالقريب، في القتل والجراحة، فيُقتل الرجل بذنب أبيه وابنه، وأخيه وعمّه، وخاله وابن عمه، والزوجة بزوجها، وزوجها بها، وبعبده، فبلّغهم إبراهيم عن الله تعالى : ألا تزر نفس وزر أخرى.
أي : لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى.
قال تعالى :﴿ كل امرئ بما كسب رهين ﴾. ( الطور : ٢١ )
أي : الإنسان مرتهن بعمله، إن كان شرّا عوقب عليه، وإن كان خيرا كوفئ عليه.
وفاء إبراهيم عليه السلام
ظهر ذلك جليّا في التزامه بتنفيذ جميع ما أمره به الله، وترك ما نهاه الله عنه، قال تعالى :﴿ وإذِ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهنّ قال إني جاعلك للناس إماما... ﴾ ( البقرة : ١٢٤ ).
وإبراهيم عليه ٤السلام قد وفّى عندما أمره الله بذبح ولده إسماعيل، وقد مدحه الله بقوله :﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾. ( الصافات : ١٠٣-١٠٩ ).
وروى ابن أبي حاتم، وابن جرير، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" ألا أخبركم لم سمّى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى :﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ( ١٧ ) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ( ١٨ ) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾. ( الروم : ١٧-١٩ )
وقال تعالى :﴿ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ﴾. ( النحل : ١٢٣ ).
وإنما خص القرآن ما جاء في صحف إبراهيم وموسى، لأن المشركين كانوا يدَّعون أنهم على شريعة أبيهم إبراهيم، وكانت لا تزال بقية مما جاء به إبراهيم معروفة بينهم، كما أن أهل الكتاب كانوا يدَّعون أنهم متبعون ما في التوراة، وصحفها قريبة العهد منهم.

سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
التفسير :
٣٩-٤٠-٤١- ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾.
أي : وجاء في صحف إبراهيم وموسى، عليهما السلام، أن الإنسان لا يجني إلا ثمرة ما عمل، فهو لا يعاقب على ذنب ارتكبه غيره، ولا يكاف٤أ إلا على عمل قد قام به، وسعي قد سعاه.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
يُرى : يراه أهل القيامة تشريفا للمحسن، وتوبيخا للمسيء.
﴿ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ﴾.
أي : سيشاهد عمله يوم القيامة في المحشر أمام الخلائق، وفي ذلك سعادة للمؤمن وبشارة له، وتعاسة للكافر وحزن بأعماله الفاسدة.
كقوله تعالى :﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. ( التوبة : ١٠٥ )
أي : فيجزيكم عليه أتم الجزاء.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
يجزاه : يجزى سعيه، يقال : جزاه الله بعلمه، وجزاه على عمله، وجزاه عمله، لا فرق بينهم.
﴿ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾.
جاء في هذه الصحف أيضا : أن عمل الإنسان سيراه حاضرا أمام عينيه يوم القيامة، وسيجازى عليه الجزاء الأوفى، أي يجزى على عمله الجزاء الأوفى الأتمّ الأكمل، فيلقى أوفى الجزاء وأكمله، حيث يضاعف الله له الحسنة، ويبلّغها سبعمائة ضعف، ويجازي بالسيئة مثلها أو يعفو عنها.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
المنتهى : انتهاء الخلق ورجوعهم إلى الله تعالى.
التفسير :
٤٢- ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴾.
إليه سبحانه نهاية كل مخلوق، حيث يكون حسابه مع عالم الغيب والشهادة، وتلك فكرة الإسلام : إن الإنسان من أول حياته إلى آخرها يعلم أن النهاية والحساب والجزاء والثواب والعقاب سيكون أمام الله، الحكم العدل، سريع الحساب، الذي لا يظلم مثقال ذرة.
قال تعالى :﴿ وجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ﴾. ( الكهف : ٤٩ ).
وقيل : معنى :﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴾.
أي : إننا نتفكر في خلق الله، ولا نتفكر في ذات الله، فالله منزه عن الكم والكيف والطول والعرض، لا يحدّه مكان، ولا يحويه زمان، بل هو فوق المكان والزمان، هو أول بلا ابتداء، حيث كان الله ولا شيء معه، وهو آخر بلا انتهاء، فالخلائق تفنى كلها، والله باق لا يموت.
قال تعالى :﴿ كل من عليها فان*ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ﴾. ( الرحمن : ٢٦-٢٧ ).
وقال سبحانه وتعالى :﴿ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ﴾. ( الشورى : ١١ ).
فالله تعالى ليس جسما ولا حالا في جسم، ولا يشبه الحوادث، وهو متصف بكل كمال ومنزه عن كل نقص، وهو علة العلل، يخلق ولا يُخلق، يجير ولا يجار عليه، لا معقب لأمره، ولا رادّ لقضائه.
قال تعالى :﴿ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ﴾. ( الحديد : ٣ ).
وفي الحديث الذي رواه أصحاب السنن : " تفكروا في مخلوقات الله، ولا تتفكروا في ذات الله... " xv
وفي الصحيح : " يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذ بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينْته " xvi.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
٤٣- ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ﴾.
أي : خلق سبب الضحك والبكاء، وهما مختلفان، فهو سبحانه أضحك بعض عباده بما يبعث على فرحهم وسرورهم، وأبكى بعض عباده مما يبعث على حزنهم وبكائهم.
أو المعنى :
إنه سبحانه أضحك وأبكى من الأمر الواحد، صاحبه نفسه يضحك اليوم من الأمر، ثم تواجهه عاقبته غدا أو جرائره فإذا هو باك، يتمنى أن لم يكن فعل، وأن لم يكن ضحك، وكم من ضاحك في الدنيا باك في الآخرة، حيث لا ينفع البكاء، وكم من فقير أعطاه الله الفرح والسرور والغبطة والحبور، وكم من غني مُني بالخوف والحسرة، والتردد والأحزان والبكاء، فالسعادة والشقاء، أو الضحك والبكاء، وغيرها من المشاعر، منح موزعة لا تخضع لمقاييس البشر، فكم من عاقل رزقه قليل، وكم من جاهل رزقه كثير، كما يقول الشاعر :
ومن الدليل على القضاء وحكمه بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
٤٤- ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ﴾.
هو سبحانه خالق الموت والحياة، هو باعث الروح في الأحياء، وهو سبحانه قابض الأرواح، وهو سبحانه خالق الكفر الذي يشبه الموت، وخالق الإيمان الذي يشبه الحياة، وهو باعث الحياة في الأمم بإيقاظ الهمم والعزائم، وهو مميت الأمم بكفرها وترفها وفسوقها، الذي يجرها إلى الهلاك والموت، تلك سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
قال تعالى :﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ... ﴾ ( الروم : ٤٠ ).
وقال عز شأنه :﴿ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا... ﴾ ( الملك : ٢ )
أهداف سورة النجم
سورة النجم مكية، وآياتها ٦٢ آية، نزلت بعد سورة الإخلاص
وتتميز سورة النجم بقصر الفواصل، والتنغيم الموسيقي بين فقراتها وكلماتها، فهي منظومة علوية إلهية، وتشتمل سورة النجم على الآتي :

١- تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم :

في مطلع السورة نعيش لحظات مع قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مكشوفة عنه الحجب مزاحة عنه الأستار، يتلقى من الملأ الأعلى، يسمع ويرى ويحفظ ما وعى، وهي لحظات خص بها ذلك القلب المصفى، حين عرج به في رحاب الملأ الأعلى.
أقسم الله بالثريا إذا سقطت عند الفجر أن محمدا راشد غير ضال، متهم غير غاو، مخلص غير مغرض، مبلّغ عن الحق بالحق غير واهم ولا مفتر ولا مبتدع، ولا ناطق عن الهوى فيما يبلغكم من الرسالة، إن هو إلا وحي يوحى، وهو يبلغكم ما يوحى إليه صادقا أمينا.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل مرتين على صورته التي خُلق عليها :
الأولى : عند غار حراء، وكان ذلك في مبدأ الوحي حين رآه النبي يسد الأفق بخلقه الهائل، ثم دنا منه فتدلى نازلا مقتربا إليه ؛ فكان أقرب ما يكون منه على بعد ما بين القوسين أو أدنى، وهو تعبير عن منتهى القرب، فأوحى إلى عبد الله ما أوحى، بهذا الإجمال والتفخيم والتهويل.
والثانية : كانت ليلة الإسراء والمعراج، فقد دنا منه جبريل وهو على هيئته التي خلقه الله بها مرة أخرى، عِنْدَ سِدْرَةِ المنتهى. أي : شجرة ينتهي إليها علم الخلائق، أو انتهت إليها صحبة جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث وقف جبريل وصعد محمد صلى الله عليه وسلم درجة أخرى أقرب إلى عرش ربه.

٢- أوهام المشركين :

تتحدث الآيات ( ١٩-٢٨ ) عن آلهة المشركين المدعاة، اللات والعزى ومناة، وعن أوهامهم عن الملائكة وأساطيرهم حول بنوتها لله، واعتمادهم في هذا كله على الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، بينما الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى ما دعاهم عن تثبث وروية ويقين.

٣- الإعراض عن الملحدين :

أما المقطع الثالث من السورة فيشمل الآيات ( ٢٩-٣٢ )، ويوجه الخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرض عنهم، وأن يهمل شأنهم، وأن يدع أمرهم لله الذي يعلم المسيء والمحسن ويجزي المهدي والضال، ويملك أمر السماوات والأرض، وأمر الدنيا والآخرة، ويحاسب بالعدل لا يظلم أحدا، ويتجاوز عن الذنوب التي لا يصرُّ عليها فاعلوها، وهو الخبير بالنوايا والطوايا لأنه خالق البشر، المطلع على حقيقة أطوار حياتهم جميعا.
الصغائر من الذنوب
والصغائر هي ما دون الفاحشة، وهي القُبلة واللمسة والمباشرة والنظرة وغيرها، فإذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل، وهذه هي الفاحشة.
روى البخاري، ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن الله تعالى إذا كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ". i
وروى ابن جرير أن ابن مسعود قال : زنا العين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا وإلا فهو اللمم. وكذا قال مسروق والشعبي.
ويرى فريق من العلماء أن اللمم هو الإلمام بالذنوب ثم التوبة منها، فصاحب اللمم يقع في الكبائر أو يرتكب الآثام غير مُصرٍّ عليها ثم يندم ويتوب من قريب.
قال ابن جرير : عن أبي هريرة رضي الله عنه – أراه رفعه – في :﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ... ﴾( النجم : ٣٢ ). قال : اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود، واللمة من السرقة ثم يتوب ولا يعود، واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود، قال : فذلك الإلمام.
وروى ذلك موقوفا على الحسن.
وهذا التفسير يفتح باب التوبة أما الجميع حتى مرتكب الكبيرة لا ييأس، فإذا صدق في توبته وأخلص في نيته، وأكد عزمه على التوبة النصوح فإن أمامه رحمة الله الواسعة التي يشمل بها التائبين. ويستأنس لذلك بما في الآية من المغفرة.
﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾. ( النجم : ٣٢ )
والآية كما نرى تفتح باب الرجاء، وتدل الناس على عظيم فضل الله، فهو خلقهم وهو أعلم بهم، وحين يذنبون لا يغلق باب الرحمة في وجوههم بل يفتح أبواب القبول للتائبين، ويغفر للمستغفرين، قال تعالى :﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾. ( الزمر : ٥٣ )
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فينادي : يا عبادي، هل من داع فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه، هل من طالب حاجة فأقضيها له، حتى يطلع الفجر ". ii

٤- حقائق العقيدة :

وفي الآيات الأخيرة من السورة ( ٣٣-٦٢ ) تعود الفواصل القصيرة والتنغيم الكامل في أسلوب بسيط، وإيقاع يسير، وتقرر الآيات الحقائق الأساسية للعقيدة كما هي ثابتة منذ إبراهيم صاحب الحنيفية الأولى، وتُعرف البشر بخالقهم، فآثاره واضحة أمام الناس فهو الخالق الرازق صاحب الطول والإنعام، ومنه المبدأ وإليه المنتهى، وهو الذي أهلك المكذبين من عاد وثمود وقوم نوح، ولكنكم يا أهل مكة تضحكون وتسخرون، وتسترسلون في غيكم وعنادكم، وأولى بكم أن تسجدوا لله وأن تعبدوه، وأن تقبلوا على دينه مقرين لله بالعبودية، ولمحمد بالرسالة.
في فضل سورة النجم
أخرج البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن بن مسعود قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة : والنجم، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسجد الناس كلهم، إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا، وهو أمية بن خلف. iii
المفردات :
تُمنى : تدفع في الرحم، من قولهم : أمنى الرجل ومَنَى، أي : صبّ المنيّ.
التفسير :
٤٥، ٤٦- ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾.
إنه لأمر عجيب يتكرر كل يوم، حين تنتقل النطفة من المني الذي يمنى، وتنتقل ملايين الحيوانات المنوية، ويسبق أحدها لإخصاب البويضة، ويتم الخلق لجنين الإنسان أو الحيوان وبعضه يصبح ذكرا وبعضه يصبح أنثى، ليتم إعمار الكون وتكامله.
قال تعالى :﴿ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى *أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾. ( القيامة : ٣٤-٤٠ ).
وقال عز شأنه :﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾. ( الشورى : ٤٩-٥٠ ).
وإذا تأملت في عالم الإنسان والحيوان، والنبات والسحاب وغير ذلك، وجدت العجب العجاب الذي يدير الرؤوس من أثر القدرة الإلهية، التي عنيت بحفظ هذا الكون ورعايته، ومن ذلك خلق الذكر والأنثى من المنيّ الذي يمنى من الذكر، ويصبّ في الأرحام، ويتكوّن الجنين في بطن الأم في مراحل متعددة، ثم يولد الجنين وله حواس متعددة، وبعضه ذكر وبعضه أنثى.
قال تعالى :﴿ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة... ﴾ ( النحل : ٧٢ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:أهداف سورة النجم
سورة النجم مكية، وآياتها ٦٢ آية، نزلت بعد سورة الإخلاص
وتتميز سورة النجم بقصر الفواصل، والتنغيم الموسيقي بين فقراتها وكلماتها، فهي منظومة علوية إلهية، وتشتمل سورة النجم على الآتي :


١-
تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم :

في مطلع السورة نعيش لحظات مع قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مكشوفة عنه الحجب مزاحة عنه الأستار، يتلقى من الملأ الأعلى، يسمع ويرى ويحفظ ما وعى، وهي لحظات خص بها ذلك القلب المصفى، حين عرج به في رحاب الملأ الأعلى.
أقسم الله بالثريا إذا سقطت عند الفجر أن محمدا راشد غير ضال، متهم غير غاو، مخلص غير مغرض، مبلّغ عن الحق بالحق غير واهم ولا مفتر ولا مبتدع، ولا ناطق عن الهوى فيما يبلغكم من الرسالة، إن هو إلا وحي يوحى، وهو يبلغكم ما يوحى إليه صادقا أمينا.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل مرتين على صورته التي خُلق عليها :
الأولى : عند غار حراء، وكان ذلك في مبدأ الوحي حين رآه النبي يسد الأفق بخلقه الهائل، ثم دنا منه فتدلى نازلا مقتربا إليه ؛ فكان أقرب ما يكون منه على بعد ما بين القوسين أو أدنى، وهو تعبير عن منتهى القرب، فأوحى إلى عبد الله ما أوحى، بهذا الإجمال والتفخيم والتهويل.
والثانية : كانت ليلة الإسراء والمعراج، فقد دنا منه جبريل وهو على هيئته التي خلقه الله بها مرة أخرى، عِنْدَ سِدْرَةِ المنتهى. أي : شجرة ينتهي إليها علم الخلائق، أو انتهت إليها صحبة جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث وقف جبريل وصعد محمد صلى الله عليه وسلم درجة أخرى أقرب إلى عرش ربه.


٢-
أوهام المشركين :

تتحدث الآيات ( ١٩-٢٨ ) عن آلهة المشركين المدعاة، اللات والعزى ومناة، وعن أوهامهم عن الملائكة وأساطيرهم حول بنوتها لله، واعتمادهم في هذا كله على الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، بينما الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى ما دعاهم عن تثبث وروية ويقين.


٣-
الإعراض عن الملحدين :

أما المقطع الثالث من السورة فيشمل الآيات ( ٢٩-٣٢ )، ويوجه الخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرض عنهم، وأن يهمل شأنهم، وأن يدع أمرهم لله الذي يعلم المسيء والمحسن ويجزي المهدي والضال، ويملك أمر السماوات والأرض، وأمر الدنيا والآخرة، ويحاسب بالعدل لا يظلم أحدا، ويتجاوز عن الذنوب التي لا يصرُّ عليها فاعلوها، وهو الخبير بالنوايا والطوايا لأنه خالق البشر، المطلع على حقيقة أطوار حياتهم جميعا.
الصغائر من الذنوب
والصغائر هي ما دون الفاحشة، وهي القُبلة واللمسة والمباشرة والنظرة وغيرها، فإذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل، وهذه هي الفاحشة.
روى البخاري، ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن الله تعالى إذا كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ". i
وروى ابن جرير أن ابن مسعود قال : زنا العين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا وإلا فهو اللمم. وكذا قال مسروق والشعبي.
ويرى فريق من العلماء أن اللمم هو الإلمام بالذنوب ثم التوبة منها، فصاحب اللمم يقع في الكبائر أو يرتكب الآثام غير مُصرٍّ عليها ثم يندم ويتوب من قريب.
قال ابن جرير : عن أبي هريرة رضي الله عنه – أراه رفعه – في :﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ... ﴾( النجم : ٣٢ ). قال : اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود، واللمة من السرقة ثم يتوب ولا يعود، واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود، قال : فذلك الإلمام.
وروى ذلك موقوفا على الحسن.
وهذا التفسير يفتح باب التوبة أما الجميع حتى مرتكب الكبيرة لا ييأس، فإذا صدق في توبته وأخلص في نيته، وأكد عزمه على التوبة النصوح فإن أمامه رحمة الله الواسعة التي يشمل بها التائبين. ويستأنس لذلك بما في الآية من المغفرة.
﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾. ( النجم : ٣٢ )
والآية كما نرى تفتح باب الرجاء، وتدل الناس على عظيم فضل الله، فهو خلقهم وهو أعلم بهم، وحين يذنبون لا يغلق باب الرحمة في وجوههم بل يفتح أبواب القبول للتائبين، ويغفر للمستغفرين، قال تعالى :﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾. ( الزمر : ٥٣ )
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فينادي : يا عبادي، هل من داع فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه، هل من طالب حاجة فأقضيها له، حتى يطلع الفجر ". ii


٤-
حقائق العقيدة :

وفي الآيات الأخيرة من السورة ( ٣٣-٦٢ ) تعود الفواصل القصيرة والتنغيم الكامل في أسلوب بسيط، وإيقاع يسير، وتقرر الآيات الحقائق الأساسية للعقيدة كما هي ثابتة منذ إبراهيم صاحب الحنيفية الأولى، وتُعرف البشر بخالقهم، فآثاره واضحة أمام الناس فهو الخالق الرازق صاحب الطول والإنعام، ومنه المبدأ وإليه المنتهى، وهو الذي أهلك المكذبين من عاد وثمود وقوم نوح، ولكنكم يا أهل مكة تضحكون وتسخرون، وتسترسلون في غيكم وعنادكم، وأولى بكم أن تسجدوا لله وأن تعبدوه، وأن تقبلوا على دينه مقرين لله بالعبودية، ولمحمد بالرسالة.
في فضل سورة النجم
أخرج البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عن بن مسعود قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة : والنجم، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسجد الناس كلهم، إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا، وهو أمية بن خلف. iii

المفردات :

تُمنى : تدفع في الرحم، من قولهم : أمنى الرجل ومَنَى، أي : صبّ المنيّ.

التفسير :

٤٥، ٤٦- ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾.
إنه لأمر عجيب يتكرر كل يوم، حين تنتقل النطفة من المني الذي يمنى، وتنتقل ملايين الحيوانات المنوية، ويسبق أحدها لإخصاب البويضة، ويتم الخلق لجنين الإنسان أو الحيوان وبعضه يصبح ذكرا وبعضه يصبح أنثى، ليتم إعمار الكون وتكامله.
قال تعالى :﴿ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى *أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾. ( القيامة : ٣٤-٤٠ ).
وقال عز شأنه :﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾. ( الشورى : ٤٩-٥٠ ).
وإذا تأملت في عالم الإنسان والحيوان، والنبات والسحاب وغير ذلك، وجدت العجب العجاب الذي يدير الرؤوس من أثر القدرة الإلهية، التي عنيت بحفظ هذا الكون ورعايته، ومن ذلك خلق الذكر والأنثى من المنيّ الذي يمنى من الذكر، ويصبّ في الأرحام، ويتكوّن الجنين في بطن الأم في مراحل متعددة، ثم يولد الجنين وله حواس متعددة، وبعضه ذكر وبعضه أنثى.
قال تعالى :﴿ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة... ﴾ ( النحل : ٧٢ ).

سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
النشأة الأخرى : إعادة الأرواح إلى الأجساد حين البعث.
التفسير :
٤٧- ﴿ وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ﴾.
هو سبحانه الذي خلق، وهو الذي رزق، وهو الذي يميت، وهو الذي يحيي العباد في الميعاد، ليكافأ المطيعون، ويُعاقب الكافرون، والنشأة الأخرى حق عليه، تكريما للإنسان، حتى يتحقق الجزاء العادل في الدار الآخرة.
قال تعالى :﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون* فتعالى الله الملك الحق... ﴾ ( المؤمنون : ١١٥-١١٦ ).
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
أغنى وأقنى : أغنى من شاء، وأفقر من شاء، وأعطاه القنية، وهي ما يبقى من المال.
التفسير :
٤٨- ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ﴾.
هو سبحانه يغني من يشاء من عباده، ويفقر من يشاء، بحسب ما يراه سبحانه بحكمته.
قال تعالى :﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾. ( الشورى : ٢٧ ).
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
الشعرى : هي ذلك النجم الوضاء، الذي يقال له : مِرْزم الجوزاء، وقد عبدته طائفة من العرب.
التفسير :
٤٩- ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ﴾.
والشِّعرى : هذا الكوكب الوهاج الذي يطلع خلف الجوزاء في شدة الحر، وإنما خصها بالذكر من بين الأجرام السماوية، وفيها ما هو أكبر منها جرما، وأكثر ضوءا، لأنها عُبدت من دون الله في الجاهلية، فقد عبدتها حمير وخزاعة.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
عادا الأولى : أُولى القوم هلاكا بعد قوم نوح، وعادا الأخرى من ولد عاد الأولى.
التفسير :
٥٠- ﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ﴾.
وعاد هم قوم هود، وهم أوَّل قبيلة أُهلكت بعد طوفان نوح عليه السلام، وكانوا أقوياء أشداء، نصحهم نبي الله هود ودعاهم للإيمان فامتنعوا، وظنوا أن قوَّتهم تقف في وجه من يعذبهم، فأرسل الله عليهم ريحا عاتية قضت عليهم، وأهلكهم الله جزاء عدوانهم.
قال ابن كثير : وهم قوم هود، ويقال لهم : عاد ابن إرم.
كما قال تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ﴾. ( الفجر : ٢-٨ ).
فكانوا من أشد الناس وأقواهم، وأعتاهم على الله تعالى، وعلى رسوله، فأهلكهم الله بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ. ( الحاقة : ٦ )
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
٥١- ﴿ وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ﴾.
وأهلك ثمود قوم صالح، حين عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم، فأخذهم الله بذنوبهم، فما أبقى منهم أحدا، كما قال تعالى : فهل ترى لهم من باقية. ( الحاقة : ٨ ).
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
٥٢- ﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ﴾.
وأهلك الله بقدرته قوم نوح بالطوفان الذي أتى عليهم أجمعين، وقد كانوا أشد ظلما، وأعظم طغيانا ممن جاء بعدهم، فقد مكث نوح فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وما آمن معه إلا قليل منهم، وهم الذين ركبوا السفينة مع نوح عليه السلام.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
المؤتفكة : هي قرى قوم لوط، سميت بذلك لأنها ائتفكت بأهلها، أي : انقلبت بهم، ومنه : الإفك، لأن فيه قلبا للحق.
أهوى : أسقط في الأرض.
التفسير :
٥٣- ﴿ وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ﴾.
وأسقط الله مدائن قوم لوط، فجعل عاليها سافلها، حيث رفعها جبريل إلى السماء، ثم جعلها تهوى إلى الأرض، ثم أمطر الله عليها الحجارة.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
غشاها : غطاها.
التفسير :
٥٤- ﴿ فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ﴾.
حيث أنزل الله بها صورا مرعبة من الدمار والهلاك، والخسف والتنكيل الذي يشمل كل شيء، ويغشاه فلا يبين.
قال تعالى :﴿ فَلَمَّا جَاءَ٤ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾. ( هود : ٨٢-٨٣ ).
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
فبأي آلاء ربك تتمارى : فبأي نعم ربك تمتري وتشك، والخطاب للإنسان.
التفسير :
٥٥- ﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ﴾.
بأي نعم الله أيها الإنسان تجادل أو تكابر ؟ ألم يهلك الشر ؟ ألم يقذف بالحق على الباطل، فيدمغه فإذا هو زاهق، ألم يترك فيها آيات لمن يتدبر ويعي ؟
إن هذا الكون في قبضة الله، وإن للظالمين والباغين يوما عاجلا أو آجلا، فالله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، لقد تمتع الظالمون بنعم الله، ثم كذَّبوا رسله وأرخى الله لهم العنان وأمدّهم بالخيرات، وناقشتهم الرسل وحذّرتهم من عذاب الله، فاستخفوا بوعيد الله، وكان في هلاكهم إنصاف للحق والعدل، وبيان لسنة الله التي لا تتبدل.
قال تعالى :{ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد. ( الفجر : ١١-١٤ ).
السجود في آخر سورة النجم
﴿ هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى ( ٥٦ ) أَزِفَتِ الْآَزِفَةُ ( ٥٧ ) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ( ٥٨ ) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ( ٥٩ ) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ ( ٦٠ ) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ( ٦١ ) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ( ٦٢ ) ﴾
تمهيد :
بعد هذا العرض الرائع لمظاهر القدرة الإلهية، وبعد أن بيَّن أن بيد الله الإحياء والإماتة، وأنه أهلك السابقين من المكذبين، وأن نعما واضحة للعيان لا يتشكك فيها منصف تحدث لجميع الناس، مبينا أن محمدا رسول مثل الرسل قبله الذين سبقوه، كإبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم السلام، والقرآن مثل الصحف السابقة عليه، كالتوراة والإنجيل وصحف إبراهيم وموسى، وأن القيامة قد اقتربت، ومن الواجب العمل لها، لقد قابلتم القرآن الكريم بالإعراض والاستهزاء، ولم تقابلوه بالخشية والبكاء من خشية الله، وخوف عذاب الآخرة، حال كونكم معرضين عن رسالة الإسلام، فتداركوا الموقف، واسجدوا لله، عابدين له حق العبادة، ولا تعبدوا الأصنام والأوثان.
المفردات :
هذا نذير من النذر الأولى : إن محمدا صلى الله عليه وسلم بعض من أنذر من المنذرين الأولين، فهو كالرسل قبله أرسل إليكم كما أرسلوا إلى أقوامهم، أو هذا القرآن منذر لكم، من نوع الكتب الأولى التي أنذر بها الأنبياء.
التفسير :
٥٦- ﴿ هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى ﴾.
هذا الرسول الذي تتمارون في رسالته وتتشككون نذير ضمن المنذرين الأولين الذين حذروا أقوامهم، من الكفر والتكذيب، ثم نزل الهلاك بالمكذبين، فقد غرق قوم نوح، وأهلك الله عادا وثمود.
أو أن القرآن رسالة السماء، تنذر المكذّبين، مثل التوراة والإنجيل وصحف إبراهيم وموسى.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
أزفت : قربت.
الآزفة : الساعة الموصوفة في القرآن بقربها.
التفسير :
٥٧-٥٨- ﴿ أزفت الآزفة* لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ﴾.
اقترب العذاب الذي يأخذ بزمام الكافرين، ولا يستطيع أحد أن يدفع هوله ورعبه، ولا يقدر على ذلك إلا الله.
وقال كثير من المفسرين :
المراد : اقتربت القيامة، كما قال سبحانه وتعالى :﴿ اقتربت الساعة... ﴾ ( القمر : ١ ).
وقال تعالى :﴿ وما يُدريك لعل الساعة قريب. ﴾ ( الشورى : ١٧ ).
وقد روى الشيخان، وأحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بعثت أنا والساعة هكذا "، وأشار بأصبعيه : السبابة والوسطىxvii.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
من دون الله : من غيره.
كاشفة : نفس تكشف وقت وقوعها وتبينّه، لأنها من أخفى المغيّبات.
﴿ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ﴾.
ليس هناك على الإطلاق نفس قادرة على كشفها وإظهارها، والإعلام بها إلا الله تعالى، فهي من أخفى المغيبات، فاستعدوا لها قبل مجيئها بغتة وأنتم لا تشعرون.
قال تعالى :﴿ إنّ الله عنده علم الساعة... ﴾ ( لقمان : ٣٤ ).
وقال عز شأنه :﴿ لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً.. ﴾. ( الأعراف : ١٨٧ ).
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
المفردات :
الحديث : القرآن.
تعجبون : إنكارا وتكذيبا.
تضحكون : استهزاء.
ولا تبكون : حزنا على ما فرطتم، وعند سماع وعد الله ووعيده.
التفسير :
٥٩، ٦٠، ٦١، ٦٢ ﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ﴾.
أتعجبون من هذا القرآن وتميّزه وعظمته، ثم لا تخضعون له ولا تؤمنون به، ولا تستجيبون للمنزَّل عليه، بل تسخرون من آياته، وتضحكون منه مع كونه غير محل للضحك، ولا تبكون على تفريطكم في أمر الله، أو لا تبكون خوفا من القيامة وأهوالها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٩:سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.

المفردات :

الحديث : القرآن.
تعجبون : إنكارا وتكذيبا.
تضحكون : استهزاء.
ولا تبكون : حزنا على ما فرطتم، وعند سماع وعد الله ووعيده.

التفسير :

٥٩، ٦٠، ٦١، ٦٢ ﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ﴾.
أتعجبون من هذا القرآن وتميّزه وعظمته، ثم لا تخضعون له ولا تؤمنون به، ولا تستجيبون للمنزَّل عليه، بل تسخرون من آياته، وتضحكون منه مع كونه غير محل للضحك، ولا تبكون على تفريطكم في أمر الله، أو لا تبكون خوفا من القيامة وأهوالها.

سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
وأنتم سامدون : لاهون وغافلون، ومعرضون عما يطلب منكم.
﴿ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ. ﴾
وأنتم لاهون غافلون، أو متكبرون متغطرسون، رافعون رؤوسكم كبرا وتيها وعجبا.
سبب النزول :
روي أن الوليد بن المغيرة جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد يسلم، وذهب إلى قومه فقال عن القرآن كلاما جميلا، حيث قال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو بالسحر، ولا بالشعر ولا بالكهانة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناه، وما يقول هذا بشر، فعيّره رجل من المشركين، وقال : تركت دين آبائك، فقال الوليد : إني خشيت عذاب الله، فَضَمِنَ له الرجل إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه، أن يتحمل منه عذاب الله عز وجل، فأعطاه بعض الذي ضمن له، ثم بخل ومنعه الباقي، فأنزل الله الآيات.
وقال مقاتل : كان الوليد قد مدح القرآن، ثم أمسك، فنزل : وأعطى قليلا. أي : من الخير بلسانه، ثم قطع ذلك وأمسك عنه، وقيل غير ذلك.

تمهيد :

تناقش الآيات أفكار المشركين، وتدخل عليهم من كل باب، وتعرض ما ورد في التوراة على لسان موسى، وما ورد في صحف إبراهيم الذي وفّى، من هذه القاعدة التي تقول :( لا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى ).
فالإنسان يحاسب عن عمله، ويكافأ عليه أو يجازى، فالمسئولية فردية، وكل فرد سيحاسب على عمله، وسيحضر العمل يوم القيامة، ويراه أهل المحشر، ليزداد المؤمن سرورا وفرحا، ويزداد الفاجر ذلا ومهانة.
فاسجدوا لله : الذي خلقكم.
واعبدوا : اعبدوه دون الآلهة المزعومة كالأصنام وأقيموا وظائف العبادة.
﴿ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ﴾.
إنها لصيحة مدوية مزلزلة، لكل مُعرض لاهٍ متكبر، أي اسجدوا لله وحده، واعبدوه مخلصين له الدين، فهو سبحانه أهل للعبادة والطاعة، والسجود والخضوع لأمره، ولا تسجدوا للأصنام ولا للأوثان، فالكون كله خاضع لأمره.
وقد ورد في الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد عند تلاوة هذه الآية، وسجد معه المسلمون، والمشركون والجن والإنس، لقد سجد المسلمون امتثالا لأمر الله واقتداء برسول الله، وسجد الباقون تعظيما لهذا الكتاب، وتأثرا به، وخضوعا لعظمته، واهتزازا لعاطفة حرّكها القرآن في هذه الآيات المتلاحقة، القصيرة المتوالية، التي لا يملك قلب حي، أو عاطفة سليمة، أو وجدان يقظ إلا أن ينحني ويسجد، مأخوذا مبهورا بكتاب الله تعالى.
Icon