تفسير سورة النجم

روح البيان
تفسير سورة سورة النجم من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

وقيل التسبيح من الليل صلاة العشاءين وادبار النجوم صلاة الفجر وفي الآية دليل على ان تأخير صلاة الفجر أفضل لانه امر بركعتى الفجر بعد ما أدبر النجوم وانما أدبر النجوم بعد ما يسفر قاله ابو الليت في تفسيره وقال اكثر المفسرين ادبار النجوم يعنى الركعتين قبل صلاة الفجر وذلك حين تدبر النجوم بضوء الصبح وفي الحديث ركعتا الفجر اى سنة الصبح خير من الدنيا وما فيها وفيه بيان عظم ثوابهما يقول الفقير في قولهم وذلك حين إلخ نظر لان السنة في سنة الفجر انه يأتى بها في أول الوقت لان الأحاديث ترجحة فالتأخير الى قرب الفرض مرجوح وأول وقتها هو وقت الشافعي وليس للنجوم ادبار إذ ذاك وانما ذلك عند الاسفار جدا وقال سهل قدس سره صل المكتوبة بالإخلاص لربك حين تقوم إليها ولا تغفل صباحا ولا مساء عن ذكر
من لا يغفل عن برك وحفظك في كل الأوقات وفي التأويلات النجمية قوله وسبح إلخ يشير الى مداومته على الذكر وملازمته له بالليل والنهار انتهى وقد سبق بيانه في آخر سورة ق قال بعض الكبار من سوء أدب المريد أن يقول لشيخه اجعلنى في بالك فان في ذلك استخداما للشيخ وتهمة له وانظر الى قوله صلّى الله عليه وسلّم لمن قال له اسألك مرافقتك في الجنة حيث قال للسائل اعنى على نفسك بكثرة السجود فحوله الى غير ما قصد من الراحة فعلم الرياضة واجب تقديمه على الفتح في طريق السالكين لا المجذوبين والله عليم حكيم انتهى وفي الحديث من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر اوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فان صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل يقول الفقير كان التهجد فرضا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وانما كان يؤخر الوتر الى آخر الليل اما لما ذكر من شهود الملائكة في ذلك الوقت واما لان الوتر صلاها عليه السلام اولا ليلة المعراج بعد المنام فناسب فصلها عن العشاء وتأخيرها وفي ختم هذه السورة بالنجوم وافتتاح السورة الآتية بالنجم ايضا من حسن الانتهاء والابتداء ومن الاسرار مالا يخفى على اهل التحقيق تمت سورة الطور بعون الله الغفور في اواخر رجب الفرد من سنة اربع عشرة ومائة والف
سورة النجم
مكية وآيها احدى أو ثنتان وستون بسم الله الرحمن الرحيم
وَالنَّجْمِ سورة النجم أول سورة أعلن بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجهر بقراءتها فى الحرم والمشركون يستمعون نزلت في شهر رمضان من السنة الخامسة من النبوة ولما بلغ عليه السلام السجدة سجد معه المؤمنون والمشركون والجن والانس غير ابى لهب في رواية فانه رفع حفنة من تراب الى جبهته وقال يكفينى هذا في رواية كان ذلك الوليد بن المغيرة فانه رفع ترابا الى جبهته فسجد عليه لانه كان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود وفي رواية وصححت امية بن خلف وقد يقال لا مانع أن يكونوا فعلوا ذلك جميعا بعضهم فعل ذلك تكبرا وبعضهم فعل ذلك عجزا وممن فعل ذلك تكبرا ابو لهب ولا يخالف ذلك ما نقل عن
208
ابن مسعود رضى الله عنه ولقد رأيت الرجل اى الفاعل لذلك قتل كافرا لانه يجوز أن يكون المراد بقتل مات وانما سجد المشركون لان النبي عليه السلام لما بلغ الى قوله أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الاخرى الحق الشيطان به قوله تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى كما سبق في سورة الحج فسمعه المشركون وظنوا انه من القرآن فسجدوا لتعظيم آلهتهم ومن ثم عجب المسلمون من سجود المشركين من غير ايمان إذ هم لم يسمعوا ما القى الشيطان في آذان المشركين وأرادوا بالغرانيق العلى الأصنام شبهت الأصنام بالغرانيق التي هى طائر الماء جمع غرنوق بكسر الغين المعجمة واسكان الراء ثم النون المفتوحة او غرنوق بضم الغين والنون ايضا او غرنيين بضم الغين وفتح النون وهو طير طويل العنق وهو الكركي او ما يشبهه ووجه الشبه بين الأصنام وتلك الطيور ان تلك الطيور تعلو وترفع في السماء فالاصنام مشبهة بها في علو القدر وارتفاعه قال بعضهم والنجم أول سورة نزلت جملة كاملة فيها سجدة فلا ينافي ان اقرأ باسم ربك أول سورة نزلت فيها سجدة لان النازل منها او آئلها لا مجموعها دفعة والواو للقسم اصحاب معانى كفتند قسم در قرآن بر دو وجه است يكى قسم بذات وصفات خالق جل جلاله چنانكه فو ربك فبعزتك والقرآن المجيد وهمچنين حروف تهجى در أوائل سور هر حرفى اشارتست بصفتى از صفات حق وقسم بر ان ياد كرده وجه دوم قسمست بمخلوقات وآن بر چهار ضربست يكى اظهار قدرت را چنانكه والذاريات والمرسلات والنازعات هذا وأمثاله نبه العباد على معرفة القدرة فيها ديكر قسم برستاخيز اظهار هيبت را كقوله لا اقسم بيوم القيامة أقسم بها ليعلم هيبته فيها سوم قسم ياد ميكند اظهار نعمت را تا بندگان نعمت خود از الله بشناسند وشكر آن بگذارند كقوله والتين والزيتون چهارم قسم است ببعض مخلوقات بيان تشريف را تا خلق عز وشرف آن چيز بدانند كه قسم بوى ياد كرده كقوله لا أقسم بهذا البلد يعنى مكة وكذلك قوله وطور سينين وهذا البلد الامين ومن ذلك قوله للمصطفى عليه السلام لعمرك وهذا على عادة العرب فانها تقسم بكل ما تستعظمه وتريد اظهار تعظيمه وقيل كل موضع أقسم فيه بمخلوق فالرب فيه مضمر كقوله والنجم ورب النجم ورب الذاريات وأشباه ذلك والمراد بالنجم اما الثريا فانه اسم غالب عليها ومنه قوله عليه السلام ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رفع يريد بالنجم الثريا باتفاق العلماء وقال السهيلي رحمه الله وتعرف الثريا بالنجم ايضا وبألية الحمل لانها تطلع بعد بطن الحمل وهى سبعة كواكب ولا يكاد يرى السابع منها لخفائه وفي الحقيقة انها اثنا عشر كوكبا وان رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يراها كلها القوة جعلها الله في بصره وقال في عين المعاني وهى سبعة أنجم ظاهرة والسابع تمتحن به الابصار وكانت قريش تبجلها وتقول احسن النجم في السماء الثريا والثريا فى الأرض زين السماء وكانت رحلتاها عند طلوعها وسقوطها فاذا طلعت بالغداة عدوها من الصيف وإذا طلعت بالعشي عدوها من الشتاء قال الشاعر
طلع النجم غديه... ابتغى الراعي شكيه
209
عَلَّمَهُ اى القرآن الرسول اى نزل به عليه وقرأه عليه وبينه له هذا على أن يكون الوحى بمعنى الكتاب وان كان بمعنى الإلهام فتعليمه بتبليغه الى قلبه فيكون كقوله نزل به الروح الامين على قلبك شَدِيدُ الْقُوى من اضافة الصفة الى فاعلها مثل حسن الوجه والموصوف محذوف اى ملك شديد قواه وهو جبريل فانه الواسطة في ابداء الخوارق ويكفيك دليلا على شدة قوته انه قلع قرى قوم لوط من الماء الأسود الذي تحت الثرى وحملها على جناحه ورفعها الى السماء حتى سمع اهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها وصاح بثمود صيحة فاصبحوا جاثمين ورأى إبليس يكلم عيسى عليه السلام على بعض عقبات الأرض المقدسة فنفخه نفخة بجناحه يعنى باد زد ويرا بجناح خود بادى وألقاه في أقصى جبل في الهند وكان هبوطه على الأنبياء عليهم السلام وصعوده في اسرع من رجعة الطرف ذُو مِرَّةٍ اى حصافة يعنى استحكام في عقله ورأيه ومتانة في دينه قال الراغب أمررت الحبل إذا فتلته والمرير والممر المفتول ومنه فلان ذو مرة كأنه محكم الفتل وفي القاموس المرة بالكسر قوة الخلق وشدة والجمع مرر وإمرار والعقل والاصالة والاحكام والقوة وطاقة الحبل كالمريرة وذو مرة جبريل عليه السلام والمريرة الحبل الشديد الفتل فَاسْتَوى عطف على علمه بطريق التفسير فانه الى قوله ما اوحى بيان لكيفية التعليم اى فاستقام جبريل واستقر على صورته التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح موشحا اى مزينا بالجواهر دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحى كصورة دحية امير العرب وكما اتى ابراهيم عليه السلام في صورة الضيف وداود عليه السلام في صورة الخصم وذلك ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجبل حرآء وهو الجبل المسمى بجبل النور في قرب مكة فقال ان الأرض لا تسعنى ولكن انظر الى السماء فطلع له جبريل من المشرق فسد الأرض من المغرب وملأ الأفق فخر رسول الله كما خر موسى في جبل الطور فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمه الى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه وذلك فان الجسد وهو في الدنيا لا يتحمل رؤية ما هو خارج عن طور العقل فمنها رؤية الملك على صورة جبل عليها وأعظم منها رؤية الله تعالى في هذه الدار قيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير نبينا عليه السلام فانه رآه فيها مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء ليلة المعراج عند سدرة المنتهى لما سيأتى (وروى) ان حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه قال يا رسول الله أرنى جبرائيل في صورته فقال انك لا تستطيع أن تنظر اليه قال بلى يا رسول الله أرنيه فقعد ونزل جبرائيل على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا فقال عليه السلام ارفع طرفك يا حمزة فانظر فرفع عينيه فاذا قدماه كالزبرجد الأخضر فخر مغشيا عليه (وروى) انه رآه على فرس والدنيا بين كلكلها وفي وجهه أخدود من البكاء لو ألقيت السفن فيه لجرت وانما رآه عليه السلام مرتين ليكمل له الأمر مرة في عالم الكون والفساد واخرى في المحل الأنزه الأعلى وانما قام بصورته ليؤكدان ما يأتيه فى صورة دحية هو هو فانه إذا رآه في صورة نفسه عرفه حق معرفته ولم يبق عليه اشتباه
214
بوجه ما وفي كشف الاسرار فان قيل كيف يجوز أن يغير الملك صورة نفسه وهل يقدر غير الله على تغيير صورة المخلوقين وقد قلتم ان جبرائيل أتى رسول الله مرة في صورة رجل ومرة في صورته التي ابتدأه الله عليها وان إبليس أتى قريشا في صورة شيخ من اهل نجد فالجواب عنه تغيير الصور الذي هو تغيير التركيب والتأليف لا يقدر عليه الا الله واما صفة جبرائيل ففعل الله تعالى تنبيها للمصطفى عليه السلام وليعلم انه امر من الله إذ رآه في صور مختلفة فان ذلك لا يقدر عليه الا الله وهو ان يراه مرة قد سد الأفق واخرى يجمعه مكان ضيق واما إبليس فكان ذلك منه تخييلا للناظرين وتمويها دون التحقيق كفعل السحرة بالعصى والحبال قال الله تعالى فاذا حبالهم وعصيهم يخيل اليه من سحرهم انها تسعى انتهى
ما في الكشف وقال في آكام المرجان قال القاضي ابو يعلى ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال في الصور اى صور الانس والبهائم والطير وانما يجوز ان يعلمهم الله تعالى كلمات وضربا من ضروب الافعال إذا فعله وتكلم به نقله الله من صورة الى صورة فيقال انه قادر على التصور والتخييل على معنى انه قادر على قول إذا قاله او على فعل إذا فعله نقله الله من صورته الى صورة اخرى بجرى العادة واما يصور نفسه فذلك محال لان انتقالها من صورة الى صورة انما يكون بنقض البنية وتفريق الاجزاء وإذا انتقضت بطل الحياة واستحال وقوع الفعل من الجملة فكيف ينقل نفسه قال والقول في تشكيل الملائكة من ذلك انتهى وقال والهى الاسكوبى فيه ان من قال تمثل جبريل وتصور إبليس ليس مراده انهما أحدثا تلك الصورة والمثال عن قدرة أنفسهما بل باقدار الله على التمثيل والتصوير كيف يشاء فلا منافاة بين القولين غاية ما في الباب ان العامل عن طريق أقدار الله به من الأسباب المخصوصة انتهى وقال في انسان العيون فان قيل إذا جاء جبريل على صورة الآدمي دحية او غيره بل هى الروح تتشكل بذلك الشكل وعليه على يصير جسده الأصلي حيا من غير روح أو ميتا أجيب بأن الجائى يجوز أن لا يكون هو الروح بل الجسد لانه يجوز ان الله تعالى جعل في الملائكة قدرة على التطور والتشكل بأى شكل أرادوه كالجن فيكون الجسد واحدا ومن ثمة قال الحافظ ابن حجر ان تمثل الملك رجلا ليس معناه ان ذاته انقلبت رجلا بل معناه انه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه والظاهر ان القدر الزائد لا يزول ولا يفنى بل يخفى على الرائي فقط وأخذ من ذلك بعض غلاة الشيعة انه لا مانع ولا بعد ان الحق تعالى يظهر في صورة على وأولاده الاثني عشر رضى الله عنهم ويجوز ان يكون الجسد للملك متعددا وعليه فمن الممكن ان يجعل الله لروح الملك قوة يقتدر بها على التصرف في جسد آخر غير جسدها المعهود مع تصرفها في ذلك الجسد المعهود كما هو شأن الابدال لأنهم يرحلون الى مكان ويقيمون فى مكانهم شبحا آخر شبيها لشبحهم الأصلي بدلا منه وقد ذكر ابن السبكى في الطبقات ان كرامات الأولياء انواع وعد منها ان يكون له أجساد متعددة قال وهذا هو الذي يسميه الصوفية بعالم المثال ومنه قصة قضيب البان وغيره اى كواقعة الشيخ عبد القادر الطبحطوطى فقد ذكر الجلال السيوطي انه رفع اليه سؤال في رجل حلف بالطلاق ان ولى الله الشيخ عبد القادر
215
الطبحطوطى بات عنده ليلة كذا فحلف آخر بالطلاق انه بات عنده تلك الليلة بعينها فهل يقع الطلاق على أحدهما فأرسلت قاصدى الى الشيخ عبد القادر فسأله عن ذلك فقال لو قال أربعون انى بت عندهم لصدقوا فأفتيت بأنه لا حنث على واحد منهما لان تعدد الصور بالتخيل والتشكل ممكن كما يقع ذلك للجان قال الشعراني وأخبرني من صحب الشيخ محمد الخضرى انه خطب فى خمسين بلدة في يوم واحد خطبة الجمعة وصلّى بهم اماما واما الشيخ حسين ابو على المدفون بمصر المحروسة فأخبرنى عنه أصحابه ان التطور كان دأبه ليلا ونهارا حتى في صور السباع والبهائم ودخل عليه بعض أعدائه ليقتلوه فوجدوه فقطعوه بالسيوف ليلا ورموه على كوم بعيد ثم أصبحوا فوجدوه قائما يصلى وفي جواهر الشعراني وصورة التطور ان يقدر الله الروح على تدبير ما شاءت من الأجسام المتعددة بخلعة كن فللاولياء ذلك في الدنيا بحكم حرق العادة واما في الآخرة فان نفس نشأة اهل الجنة تعطى ذلك فيدبر الواحد الأجسام المتعددة كما يدبر الروح الواحد سائر أعضاء البدن فتكون تسمع وأنت تبصر وتبطش وتمشى ونحو ذلك وفي الفتوحات المكية والذي أعطاه الكشف الصحيح ان أجسام اهل الجنة تنطوى في أرواحهم فتكون الأرواح ظروفا للاجسام عكس ما كانت في الدنيا فيكون الظهور والحكم في الدار الآخرة للجسم لا للروح ولهذا يتحولون في اى صورة شاؤا كما هو اليوم عندنا للملائكة وعالم الأرواح انتهى وفي انسان العيون عالم المثال عالم متوسط بين عالم الأجساد والأرواح الطف من عالم الأجساد وأكثف من عالم الأرواح فالارواح تتجسد وتظهر في صور مختلفة من عالم المثال وهذا الجواب اولى من جواب ابن حجر بأن جبرائيل كان يندمج بعضه في
بعض وهل مجيئ جبرائيل في صورة دحية كان في المدينة بعد اسلام دحية وإسلامه كان بعد بدر فانه لم يشهدها وشهد المشاهد بعدها إذ يبعد مجيئه على صورة دحية قبل إسلامه قال الشيخ الأكبر رضى الله عنه دحية الكلبي كان أجمل اهل زمانه وأحسنهم صورة فكان الغرض من نزول جبريل على سيدنا محمد في صورته اعلاما من الله تعالى انه ما بينى وبينك يا محمد سفير إلا صورة الحسن والجمال وهى التي عندى فيكون ذلك بشرى له عليه السلام ولا سيما إذا اتى بأمر الوعيد والزجر فتكون تلك الصورة الجميلة تسكن منه ما يحرك ذلك الوعيد والزجر هذا كلامه وهو واضح لو كان لا يأتيه الا على تلك الصورة الا ان يدعى انه من حين أتاه على صورة دحية لم يأته على صورة آدمي غيره بقي هنا كلام وهو ان السهيلي رحمه الله ذكر ان المراد بالاجنحة في حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كأجنحة الطير ولا ينافي ذلك وصف كل جناح منها بأنه يسد ما بين المشرق والمغرب انتهى يقول الفقير هذا كلام عقلى ولا منع من ان يجمع الملك بين قوة روحانية وبين جناح يليق بعالمه سوآء كان ذلك كجناح الطير او غيره فان المعقولات مع المحسوسات تدور والجمع انسب بالحكمة والصق بالقدرة وقد أسلفنا مثل هذا في أوائل سورة الملائكة فلا كلام فيه عند اولى الألباب وانما يقتضى المقام ان يبين وجه كون جناح جبريل ستمائة لا أزيد ولا انقص ولم اظفر ببيانه لا في كلام اهل الرسوم ولا في إشارات اهل الحقائق والذي
216
منهما عن صاحبه وقيل قدر ذراعين ويسمى الذراع قوسا لانه يقاس به المذروع اى يقدر فلم يكن قريبا قرب التصاق ولا بعيدا بحيث لا يتأتى معه الافادة والاستفادة وهو الحد المعهود في مجالسة الأحباء المتأدبين أَوْ أَدْنى اى على تقديركم ايها المخاطبون كما في قوله او يزيدون فان التشكيك لا يصح على الله فأوللشك من جهة العباد كما ان كلمة لعل كذلك فى مواضع من القرآن اى لو رآهما رائ منكم لقال هو قدر قوسين في القرب او أدنى اى لالتبس عليه مقدار القرب والمراد من قوله ثم دنا الى قوله او أدنى تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما اوحى اليه بنفي البعد الملبس وحمله بعضهم على حقيقته حيث قال فكلما دنا جبريل من النبي عليهما السلام انتقص فلما قرب منه مقدار قوسين رآه على صورته التي كان يراه عليها في سائر الأوقات حتى لا يشك انه جبريل وهنا كلام آخر يجيئ بعد تمام الآيات فَأَوْحى
اى جبرائيل إِلى عَبْدِهِ
اى عبد الله تعالى وإضماره قبل الذكر لغاية ظهوره كما في قوله تعالى ما ترك على ظهرها من دابة اى على ظهر الأرض والمراد بالعبد المشرف بالاضافة الى الله هو الرسول عليه السلام كما في قوله تعالى سبحان الذي اسرى بعبده ما أَوْحى
اى من الأمور العظيمة التي لا تفى بها العبارة او فأوحى الله حينئذ بواسطة جبريل ما اوحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ اى فؤاد محمد عليه السلام وما نافية ما رَأى ما موصولة وعائدها محذوف اى ما رأه ببصره من صورة جبريل اى ما قال فؤاده لما رأه لم أعرفك ولو قال ذلك لكان كاذبا لانه عرفه بقلبه كما رأه ببصره قال بعضهم كذب مخففا ومشددا بمعنى واحد وقال بعضهم من خفف كذب جعل ما في موضع النصب على نزع الخافض وإسقاطه اى ما كذب فؤاده فيما رأه ببصره اى لم يقل فيه كذبا وانما يقول ذلك ان لو قال له لا أعرفك ولا اعتقد بك أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى اى أتكذبون محمدا عليه السلام فتجادلونه على ما يراه معاينة من صورة جبريل فالفاء للعطف على محذوف او أبعد ما ذكر من أحواله المنافية للمماراة فتمارونه فالفاء للتعقيب وذلك ان النبي عليه السلام لما اخبر برؤية جبريل تعجبوا منه وأنكروا والمماراة والمراء المجادلة بالباطل فكان حقه ان يتعدى بفي يقال جادلته في كذا لكنه ضمن معنى الغلبة فتعدى تعديتها لان الممارى يقصد بفعله غلبة الخصم واشتقاقه من مرى الناقة كأن كلا من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه يقال مريت الناقة مريا مسحت ضرعها لتدر ومريت الفرس إذا استخرجت ما عنده من الجري او غيره يقول الفقير كان الظاهر ان يقال على ما رأى وجوابه انه لما كان اثر الرؤية باقيا صح ان يقال يرى وايضا ان رؤية جبريل مستمرة الى وقت الانتقال ولو على غير صورته الاصلية وقال الحسن البصري رحمه الله وجماعة علمه شديد القوى اى علمه الله وهو وصف من الله نفسه بكمال القدرة والقوة ذو مرة اى ذو احكام الأمور والقضايا وبين المكان الذي فيه علمه بلا واسطة فاستوى اى محمد عليه السلام وهو بالأفق الأعلى اى فوق السموات ثم دنا پس نزديك شد حضرت محمد بحضرت احديت يعنى مقرب دركاه الوهيت كشت بمكانت ومنزلت نه بمنزل ومكان فتدلى پس فروتنى كرد يعنى سجده خدمت آورد خدايرا و چون اين مرتبه بواسطه
218
خدمت يافته بود ديگر باره در وظيفه خدمت افزود ودر سجده وعده قرب نيز هست كه اقرب ما يكون العبد من ربه أن يكون ساجدا فكان قاب قوسين او أدنى كنايتست از تأكيد قربت وتقرير محبت وبواسطه تقرب بافهام در صورت تمثيل مؤدى شده چهـ عادت عظماى عرب آن مى بوده كه چون تأكيد عهدى وتوثيق عهدى خواستندى كه بغض بدان راه نيابد هر يك از متعاقدان كمان خود حاضر ساخته با يكديكر انضمام دادندى وهر دو بيكبار قبضتين را كرفته وبيكبار كشيده باتفاق يك تيرازان بينداختندى واين صورت از ايشان اشارت بدان معنى بودى كه موافقت كلى ميان ما تحقق پذيرفت ومصادقت واتحاد أصلي بر وجهى ثبوت يافت كه بعد از ان رضا وسخط يكى عين رضا وسخط آن ديكرست پس گوييا درين آيت با عنايت آن معنى مؤدى شده كه محبت وقربت حضرت پيغمبر با حق سبحانه وتعالى بمثابه تأكيد يافته
كه مقبول رسول مقبول خداوندست ومردود مصطفى مردود درگاه خداست وعلى هذا القياس ونزد محققان دنا اشارت نفس مقدس اوست وتدلى بمنزله دل مطهر او فكان قاب قوسين مقام روح مطيب او أدنى بمرتبه سر منور او ونفس او در مكان خدمت بود ودل او در منزل محبت وروح او در مقام قربت وسر او در مرتبه مشاهدت شيخ ابو الحسين نورى را قدس سره از معنى اين آيت پرسيدند جواب داد جايى كه جبرائيل نكنجند نورى كيست كه از ان سخن تواند كفت
خيمه برون زد ز حدود وجهات پرده او شد تتق نور ذات
تيركئ هستى ازو دور كشت پردكىء پرده آن نور كشت
كيست كزان پرده شود پرده ساز زمزمه كويد از ان پرده باز
ويدل على ان ضمير دنا يعود اليه عليه السلام انه قال في رواية لما اسرى بي الى السماء قربنى ربى حتى كان بينى وبينه كقاب قوسين او أدنى قيل لى قد جعلت أمتك آخر الأمم لأفضح الأمم عندهم اى بوقوفهم على اخبارهم ولا افضحهم عند الأمم لتأخرهم عنهم وقال بعض الكبار ثم دنا اشارة الى العروج والوصول وقوله فتدلى الى النزول والرجوع وقوله فكان قاب قوسين بمنزلة النتيجة اشارة الى الوصول الى عالم الصفات المشار اليه بقوله تعالى الله الصمد وقوله او أدنى اشارة الى الوصول الى عالم الذات المشار اليه بقوله تعالى الله أحد فى صورة الإخلاص فحاصل المعنى ثم دنا اى الى الحق من الخلق فتدلى الى الخلق من الحق فكان قاب قوسين في مرتبة الوحدة الواحدية الجامعة بين شهادة الصفات والخلق وبين غيب الذات والحق او أدنى في الوحدة الاحدية المختصة بغيب ذات الحق واذن هنا أمران الاول الوصول الى مرتبة قاب قوسين وذلك بفناء في الصفات فقط والثاني الوصول الى مرتبة او أدنى وذلك بفناء في الصفات والذات معا فان يسر الله النزول والبقاء يكمل الأمر فى هاتين الجهتين ولعمرى عزيز اهل هذا المقام جدا وقال بعضهم ضمير دنا الى آخره يعود الى الله تعالى قال في كشف الاسرار دنو الله من العبد على نوعين أحدهما بإجابة الدعوة وإعطاء المنية ورفع المنزلة كما في قوله فانى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان والثاني بمعنى القرب
219
فى الحقيقة دون هذه المعاني كقوله ثم دنا فتدلى انتهى فالمعنى ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى اى زاد في القرب حتى كان من محمد عليه السلام قاب قوسين او أدنى فمعنى الدنو والتدلي الواقعين من الله تعالى كمعنى النزول منه الى السماء الدنيا كل ليلة في ثلث الليل الأخير وهو ان ذلك عند اهل الحقائق من مقام التنزل بمعنى انه تعالى يتلطف بعباده ويتنزل في خطابه لهم فيطلق على نفسه ما يطلقونه على أنفسهم فهو في حقهم حقيقة وفي حقه تعالى مجاز كما في انسان العيون قال القاضي ابو الفضل في كتاب الشفاء اعلم ان ما وقع في اضافة الدنو والقرب من الله او الى الله فليس بدنو مكان ولا قرب مدى بل كما ذكرنا عن جعفر الصادق ليس بدنو حد وانما دنو النبي من ربه وقربه منه ابانة عظيم منزلته وتشريف رتبته واشراق أنوار معرفته ومشاهدة اسرار غيبه وقدرته ومن الله له مبرة وتأنيس وبسط وإكرام قال في فتح الرحمن فمن جعل الضمير عائدا الى الله لا الى جبريل على هذا كان قوله فكان إلخ عبارة عن نهاية القرب ولطف المحل واتضاح المعرفة والاشراف على الحقيقة من محمد عليه السلام وعبارة اجابة الرغبة وقضاء المطالب قرب بالاجابة والقبول وإتيان بالإحسان وتعجيل المأمول فأوحى الى عبده ما أوحى قال في الاسئلة المقحمة أجمل ولم يفسره لانه كان يطول ذكر جميع ما أوحى اليه فذكره جملة من غير تعرض الى التفصيل فقال فأوحى الى عبده ما أوحى وقالت الشيوخ ستر الله بعض ما اوحى الى عبده محمد عليه السلام عن الخلق سترا على حاله لئلا يطلع عليه غيره فان ذلك لا يتعلق بغيره وانما ذلك من خواص محبته ومعرفته وعلو درجاته إذ بين الأحباب يجرى من الاسرار مالا يطلع عليه الأجانب والأغيار قال عليه السلام لى وقت مع الله لا يطلع عليه ملك مقرب ولا نبى مرسل وسمعت الشيخ أبا على الفارسي رحمه الله يقول في هذه الآية قولا يطول شرحه وقصاراه يرجع الى انه تعالى ستر بعض ما أوحى الى نبيه عن الخلق لما علم ان علمهم بذلك يفتر عن السير في صراط العبودية اتكالا على محض الربوبية ولهذا قال لمعاذ بن جبل رضى الله عنه حيث قال معاذء أخبر الناس بذلك يا رسول الله فقال لا تخبرهم بذلك لئلا يتكلوا انتهى
لا يكتم السر الاكل ذى خطر والسر عند كرام الناس مكتوم
والسر عندى في بيت له غلق قد ضاع مفتاحه والباب مختوم
وقيل بين المحبين سر ليس يفشيه قول ولا عمل للخلق يحكيه
سر يمازجه انس يقابله نور تحير في بحر من التيه
(وقيل) دردى كه من از عشق تو دارم حاصل دل داند ومن دانم ومن دانم ودل (قال الكاشفى) بعض علما كويند كه اولى آنست كه تعرض آن وحي نكنيم ودر پرده بگذاريم وجمعى كويند آنچهـ از ان وحي در چيزى ويا اثرى بما رسيده ذكر ان هيچ نقصان ندارد ودامانت بسيار واقع شده ودر تفسير جواهر بسطى تمام يافته اينجا بسه وجه اختصاص مى يابد أول آنكه مضمون وحي اين بود كه يا محمد لولا انى أحب معاتبة أمتك لما حاسبتهم يعنى اگر نه آنست كه دوست ميدارم معاتبه با امت تو والا بساط محاسبه ايشان
220
طى مى كردم دوم آنكه اى محمد أنا وأنت وما سوى ذلك خلقته لاجلك آن حضرت عليه السلام در جواب فرمودند أنت وأنا وما سوى ذلك تركته لاجلك سوم آنكه امت تو طاعت من بجاى مى آرند وعصيان نيز مى ورزند طاعت ايشان برضاى منست ومعصيت ايشان بقضاي من پس آنچهـ برضاى من از ايشان ثابت شود اگر چهـ اندك وبا قصور بود قبول كنم زيرا كه كريمم وآنچهـ بقضاي من از ايشان در وجود آيد اگر چهـ بزرك وبسيار باشد عفو كنم زيرا كه رحيمم وقيل اوحى اليه ان الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك وقيل كن آيسا من الخلق فليس بأيديهم شيء واجعل صحبتك معى فان مرجعك الى ولا تجعل قلبك معلقا بالدنيا فانى ما خلقتك لها وقيل اوحى اليه الم يجدك يتيما فآوى الى قوله ورفعنا لك ذكرك وقيل أوحى اليه آمن الرسول إلخ بغير واسطة جبريل وقيل اوحى اليه عش ما شئت فانك ميت وأحبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك مجزى به (وروى) انه عليه السلام قال شكا الى الله ليلة المعراج من أمتي شكايات الاولى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد والثانية لا أدفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى والرابعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العزة من سواى والخامسة انى خلقت النار لكل كافر وهم يجتهدون أن يوقعوا أنفسهم فيها قال قل لامتك ان أحببتم أحدا لاحسانه إليكم فأنا اولى به لكثرة نعمى عليكم وان خفتم أحدا من اهل السماء والأرض فأنا اولى بذلك لكمال قدرتى وان أنتم رجوتم أحدا فأنا اولى به لانى أحب عبادى وان أنتم استحبيتم من أحد لجفائكم إياه فأنا اولى به لان منكم الجفاء ومنى الوفاة وان آثرتم أحدا بأموالكم وأنفسكم فانا اولى بذلك لانى معبودكم وان صدقتم أحدا في وعده فانا اولى بذلك لانى أنا الصادق وقيل اوحى الله اليه يا محمد لم اكثر مال أمتك لئلا يطول حسابهم في القيامة ولم اطل أعمارهم لئلا تقسو قلوبهم ولم افجأهم بالموت لئلا يكون خروجهم من الدنيا بدون التوبة وأخرتهم في الدنيا عن الآخرين لئلا يطول في القبور حبسهم قال بعضهم ان ما اوحى اليه مفسر في الاخبار ونطقت به الروايات من اهوال القيامة وغيرها ولهذا قال عليه السلام لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال جعفر الصادق رضى الله عنه فأوحى الى عبده ما أوحى بلا واسطة فيما بينه وبينه سرا الى قلبه لا يعلم به أحد سواه بلا واسطة اى في العقبى حين يعطيه الشفاعة لامته وقال البقلى أبهم الله سر ذلك الوحى الخفي على جميع فهوم الخلائق من العرش الى الثرى بقوله ما أوحى لانه لم يبين اى شيء اوحى الى حبيبه لان بين المحب والمحبوب سرا لا يطلع عليه غيرهما وأظن انه لو بين كلمة من تلك الاسرار لجميع الأولين والآخرين لماتوا جميعا من ثقل ذلك الوارد الذي ورد من الحق على قلب عبده احتمل ذلك المصطفى عليه السلام بقوة ربانية ملكوتية لاهوتية البسه الله إياها ولولا ذلك لم يحتمل ذرة منها لانها انباء عجيبة واسرار ازلية لو ظهرت كلمة منها لتعطلت الاحكام ولفنيت الأرواح والأجسام واندرست الرسوم
221
واضمحلت العقول والفهوم والعلوم يقول الفقير لا شك ان ما اوحى اليه عليه السلام تلك الليلة على اقسام قسم اداه الى الكل وهو الاحكام
والشرائع وقسم اداه الى الخواص وهو المعارف الالهية وقسم اداه الى أخص الخواص وهو الحقائق ونتائج العلوم الذوقية وقسم آخر بقي معه لكونه مما خصه الله به وهو السر الذي بينه وبين الله المشار اليه بقوله لى مع الله وقت إلخ فانه تحل مخصوص وسر مكتوم لا يفشى وهكذا كل ورثته فان لهم نصيبا من هذا المقام حيث ان بعض علومهم يرتحل معهم الى الآخرة ولا يوجد له محل يؤدى اليه اما لكونه من خصائصهم واما لفقدان من يستعد لادائه وذلك يحسب الزمان ولذا جاء نبى في الأولين وبقي معه الرسالة ولم يقبلها أحد من أمته لعدم الاستعداد فيهم وفي التأويلات النجمية في هذه الآية يشير الى ان الله تعالى من مقام جمعيته الجامعة لجميع المظهريات من غير واسطة جبريل وواسطة ميكائيل اوحى او تجلى في صورة الوحى لعبده المضاف الى هاء هويته المطلقة بحقائق من مقتضى حكم الوحدة والموحى به هوان وجودك يا محمد عين وجود المتعين بأحدية جمع جميع الأعيان الظاهرة المشهودة والحقائق الباطنة الغيبية المفقودة في عين كونها موجودة مطلقا عن هذا التعين والجمع والإطلاق ما كذب الفؤاد ما رأى اعلم ان المرئي ان كان صورة جبريل عليه السلام فالرؤية من رؤية العين وان كان هو الله تعالى على ما ذهب اليه البعض فقد اختلفوا في انه عليه السلام رأى الله تعالى ليلة الإسراء بقلبه او بعين رأسه فقال بعضهم جعل بصره في فؤاده فرأه في فؤاده فيكون المعنى ما كذب الفؤاد ما رأه الفؤاد اى لم يقل فؤاده له ان ما رأيته هاجس شيطانى وانه ليس من شأنك ان ترى الرب تعالى بل تيقن ان ما رأه بفؤاده حق صحيح وقال بعضهم رأه بعينه لقوله عليه السلام ان الله اعطى موسى الكلام وأعطاني الرؤية وقوله عليه السلام رأيت ربى في احسن صورة اى صفة قال في الكواشي هذا لا حجة فيه لانه يجوز انه أراد الرؤية بالقلب بأن زاده معرفة على غيره يقول الفقير إيراد الرؤية في مقابلة الكلام يدل على رؤية العين لان موسى عليه السلام قد سألها ومنع منها فاقتضى ان يفضل النبي عليه السلام عليه بما منع منه وهو الرؤية البصرية ولا شك ان الرؤية القلبية الحاصلة بالانسلاخ يشترك فيها جميع الأنبياء حتى الأولياء وقد صح ان موسى رأى ربه بعين قلبه حين خر في الطور مغشيا عليه وحملها على زيادة المعرفة لا يجدى نفعا وكانت عائشة رضى الله عنها تقول من زعم بأن محمدا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله قال في كشف الاسرار قول عائشة نفى وقول ابن عباس بأنه رأى اثبات والحكم للمثبت لا للنافى فالنا في انما نفاه لانه لم يسمعه والمثبت انما أثبته لانه سمعه وعلمه انتهى وقول ابى ذر رضى الله تعالى عنه للنبى عليه السلام هل رأيت ربك قال نورانى أراه بالنسبة الى تجرد الذات عن النسب والإضافات اى النور المجرد لا يمكن رؤيته على ما سبق تحقيقه وقال في عين المعاني ولا يثبت مثل هذا اى الرؤية بالعين الا بالإجماع وفي كشف الاسرار قال بعضهم رأه بقلبه دون عينه وهذا خلاف السنة والمذهب الصحيح انه عليه السلام رأى ربه بعين رأسه انتهى وفي الكواشي يستحيل رؤيته هنا عقلا ومعتقد
222
رؤية الله هنا بالعين لغير محمد غير مسلم ايضا انتهى قال ابن الشيخ اعلم ان رؤية الله تعالى جائزة لان دليل الجواز غير مخصوص بالآخرة ولان مذهب اهل السنة الرؤية بالإراءة لا بقدرة العبد فاذا حصل العلم بالشيء من طريق البصر كان رؤية بالإراءة وان حصل من طريق القلب كان معرفة والله تعالى قادر على ان يحصل العلم بخلق مدرك المعلوم في البصر كما قدر ان يحصله بخلق مدرك المعلوم في القلب والمسألة مختلف فيها بين الصحابة والاختلاف في الوقوع مما ينبئ عن الاتفاق على الجواز انتهى وكان الحسن البصري رحمه الله يحلف بالله ان محمدا رأى ربه ليلة المعراج (وحكى) النقاش عن الامام احمد رحمه الله انه قال انا أقول بحديث ابن عباس رضى الله عنهما بعينه رأه رأه حتى انقطع نفس الامام احمد كلام سرمدى بى نقل بشنيد خداوند جهانرا بي جهت ديد
در ان ديدن كه حيرت حاصلش بود دلش در چشم و چشمش در دلش بود
قال بعض الكبار الممنوع من رؤية الحق في هذه الدار انما هو
عدم معرفتهم له والافهم يرونه ولا يعرفون انه هو على غير ما يتعقل البصر فالخلق حجاب عليه دائما فانه تعالى جل عن التكييف دنيا واخرى فافهم فهم يرونه ولا يرونه واكثر من هذا الإفصاح لا يكون انتهى يقول الفقير نعم ان الله جل عن الكيفية في الدارين لكن فرق بين الدنيا والآخرة كثافة ولطافة فان الشهود في الدنيا بالسر المجرد لغير نبينا عليه السلام بخلافه في الآخرة فان القلب ينقلب هناك قالبا فيفعل القالب هناك ما يفعله القلب والسر في هذه الدار فاذا كانت لطافة جسم النبي عليه السلام تعطى الرؤية في الدنيا فما ظنك بلطافته ورؤيته في الآخرة فيكون شهوده أكمل شهود في الدارين حيث رأى ربه بالسر والروح في صورة الجسم قال في التأويلات النجمية اتحد بصر ملكوته وبصر ملكه فرأى ببصر ملكوته باطن الحق من حيث اسمه الباطن ورأى ببصر ملكه ظاهر الحق من حيث اسمه الظاهر ورأى بأحدية جمع القوتين الملكوتية والملكية الحقيقة الجمعية المتعينة بجميع التعينات العلوية الروحانية والسفلية الجسمانية مع إطلاقه في عين تعينه المطلق عن التعين واللاتعين والإطلاق واللاإطلاق انتهى هذا وليس ورلء عبادان قرية وقال البقلى رحمه الله ذكر الله رؤية فؤاده عليه السلام ولم يذكر العين لان رؤية العين سر بينه وبين حبيبه فلم يذكر ذلك غيرة عليه لان رؤية الفؤاد عام ورؤية البصر خاص أراه جماله عيانا فرآه ببصره الذي كان مكحولا بنور ذاته وصفاته وبقي فى رؤيته عيانا ما شاء الله فصار جسمه جميعه ابصارا رحمانية فرأى الحق بجميعها فوصلت الرؤية الى الفؤاد فرأى فؤاده جمال الحق ورأى ما رأى عينه ولم يكن بين ما رأى بعينه وبين ما رأه بفؤاده فرق فأزال الحق الإبهام وكشف العيان بقوله ما كذب الفؤاد ما رأى حتى لا يظن الظان ان ما رأى الفؤاد ليس كما رأى بصره اى صدق قلبه فيما رأه من لقائه الذي رأه بصره بالظاهر إذ كان باطن حبيبه هناك ظاهر وظاهره باطنا بجميع شعراته وذرات وجوده وليس في رؤية الحق حجاب للعاشق الصادق بأن يغيب عن الرؤية شيء من وجوده فبالغ الحق في كمال رؤية حبيبه وكذلك قال عليه السلام رأيت ربى بعيني وبقلبي رواه
223
الاحدى الى المشهد الواحدي المسمى سدرة المنتهى التي هى شجرة الكثرة لابتداء الكثرة منها وانتهاء مظاهرها إليها بحسب الأعمال والأقوال والافعال والأحوال شبهت السدرة بشجرة الكثرة لكثرة اظلالها وأغصانها كما في شجرة الكثرة التي هى الواحدية لظهور التعينات والتكثرات منها واستظلال المتعينات بها بالوجود العيني الخارجي انتهى وقال البقلى ما الرؤية الثانية بأقل كشفا من الرؤية الاولى ولا الاولى با كشف من الرؤية الثانية اين أنت لو كنت أهلا لقلت لك انه عليه السلام رأى ربه في لحافه بعد أن رجع من الحضرة ايضا في تلك الساعة وما غاب قلبه من تلك الرؤية لمحة وما ذكر سبحانه بيان ان ما رأى في الاولى في الإمكان وما رأى عند سدرة المنتهى كان واحدا لان ظهوره هناك ظهور القدم والجلال وليس ظهوره يتعلق بالمكان ولا بالزمان إذ القدم منزه عن المكان والجهات وكان العبد في المكان والرب في المكان وهذا غاية في كمال تنزيهه وعظيم لطفه إذ تتجلى نفسه لقلب عبده وهو في الإمكان والعبد في مكان والعقل هاهنا مضمحل والعلم متلاش لان العقول عاجزة والأوهام متحيرة والقلوب والهة والأرواح حائرة والاسرار فانية وفي هذه الآية بيان كمال شرف حبيبه إذ رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى ظن عليه السلام ان ما رأه في الاولى لا يكون في الكون لكمال علمه بتنزيه الحق فلما رأه ثانية علم انه لا يحجبه شيء من الحدثان وعادة الكبراء إذا زارهم أحد يأتون معه الى باب الدار إذا كان كريما فهذا من الله اظهار كمال حب لحبيبه وحقيقة الاشارة انه سبحانه أراد ان يعرف حبيبه مقام التباس فلبس الأمر واظهر المكر بأن بان الحق من شجرة سدرة المنتهى كما بان من شجرة العناب لموسى ليعرف حبيبه بكمال المعرفة إذ ليس بعارف من لم يعرف حبيبه في البسة مختلفة انتهى ولما أراد سبحانه ان يعظم السدرة ويبين شرفها قال عِنْدَها اى عند السدرة جَنَّةُ الْمَأْوى والجملة حالية قيل الأحسن ان يكون الحال هو الظرف وجنة المأوى مرتفع به بالفاعلية واضافة الجنة الى المأوى مثل اضافة مسجد الجامع اى الجنة التي يأوى إليها المتقون اى تنزل فيها وتصير وتعود إليها أرواح الشهداء وبالفارسية بهشتى كه آرامگاه متقيان يا مأوى ومكان أرواح شهداست أو آوى إليها آدم وحواء عليهما السلام يقال أويت منزلى واليه اويا واويا عدت واويته نزلته بنفسي والمأوى المكان قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر آدم عليه السلام انزل من جنة المأوى التي هى اليوم مقام الروح الامين جبريل عليه السلام وهى اليوم برزخ لذرية آدم ونزل إليها جبرائيل من السدرة بنزول آدم وهذه الجنة لا تقتضى الخلود لذاتها فلذلك أمكن خروج آدم منها ولذلك تأثر بالاشتياق الى ان يكون ملكا بعد سجود الملائكة له بغرور إبليس إياه ووعده في الخلود رغبة في الخلود والبقاء مع جبرائيل والجنة التي عرضها السموات والأرض تقتضى الخلود لذاتها يعلم من دخلها انه لا يمكن الخروج منها إذ لا سبيل للكون والفساد إليها قال تعالى في وصف عطائها انه غير مجذوذ اى غير منقطع انتهى فالجنة التي عرضها السموات والأرض ارضها الكرسي الذي وسع السموات والأرض وسقفها العرش المحيط فهى محيطة بالجنان الثمان وليست هى الجنة التي انزل منها
له كفؤا أحد (قال المغربي رحمه الله)
بود وجود مغربى لات ومنات او بود نيست بتى چوبود او در همه سو منات تو
أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى توبيخ مبنى على التوبيخ الاول والمعنى بالفارسية آيا شما را فرزندان نر باشند ومر خدايرا ماده تِلْكَ اشارة الى القسمة المنفهمة من الجملة الاستفهامية إِذاً آن هنگام كه چنين باشد قِسْمَةٌ ضِيزى اى جائرة معوجة حيث جعلتم له تعالى ما تستنكفون منه وهى فعلى من الضيز وهو الجور يعنى ان أصله ضيزى بضم الضاد من ضاز في الحكم يضيز ضيزا اى جار وضازه حقه يضيزه اى بخسه ونقصه لكن كسر فاؤه لتسلم الياء كما فعل في البيض فان أصله بيض بضم الباء لانه جمع ابيض كحمر في جمع احمر وذلك لان فعلى بالكسر لم يأت فى الوصف وفيه اشارة الى استنكار شركهم وتخصيصهم الشرك ببعض الظاهر دون بعض يعنى أتخصصون ذكر الروح لكم وان كان ميتا باستيلاء ظلمة نفوسكم الظلمانية عليه وتجعلون أنثى النفس في عبوديتها واتباع مراداتها وانقياد اوامرها ونواهيها شريكا له تعالى الله عما يقول الظالمون الذين وضعوا الجور موضع العدل وبالعكس ما هذا إلا قسمة الجور والجائر لا قسمة العدل والعادل إِنْ هِيَ الضمير للاصنام اى ما الأصنام باعتبار الالوهية التي تدعونها اى باعتبار اطلاق اسم الإله إِلَّا أَسْماءٌ اى اسماء محضة ليس تحتها مسميات اى ما تنبئ هى عنه من معنى الالوهية شيء ما أصلا كما إذا أردت ان تحقر من هو ملقب بما يشعر بالمدح وفخامة الشان تقول ما هو الاسم (قال المولى الجامى)
مرد جاهل جاه كيتى را لقب دولت نهد همچنان آماس بيند طفل كويد فربهست
(وقال في ذم أبناء الزمان)
شكل ايشان شكل انسان فعل شان فعل سباع هم ذئاب في ثياب او ثياب في ذئاب
ويجوز الحمل على الادعاء سَمَّيْتُمُوها صفة لاسماء وضميرها لها لا للاصنام والمعنى جعلتموها اسماء لا جعلتم لها اسماء فان التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فاذا قيست الى الاسم فمعناها جعله اسما للمسمى وإذا قيست الى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وانما اختير هاهنا المعنى الاول من غير تعرض للمسمى لتحقيق ان تلك الأصنام التي يسمونها آلهة اسماء مجردة ليس لها مسميات قطعا كما في قوله تعالى ما تعبدون من دونه الا اسماء سميتموها لا ان هناك مسميات لكنها لا تستحق التسمية اى ما هى الا اسماء خالية من المسميات وضعتموها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ بمقتضى أهوائكم الباطلة ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها اى بصحة تسميتها مِنْ سُلْطانٍ برهان تتعلقون به جميع القرآن انزل بالألف الى في الأعراف فانه نزل بالتشديد إِنْ يَتَّبِعُونَ التفات الى الغيبة للايذان بأن تعداد قبائحهم اقتضى الاعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها إِلَّا الظَّنَّ الا توهم ان ما هم عليه حق توهما باطلا وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ اى تشتهيه أنفسهم الامارة بالسوء فما موصولة ويجوز كونها مصدرية والالف واللام بدل الاضافة وهو معطوف على الظن وفي التأويلات النجمية يقول ليست هذه الأصنام التي تعبدونها بضلالة
234
نفوسكم الدنية الشهوانية وجهالة عقولكم السخيفة الهيولانية الا اسماء صور وهمية لا مسميات لها اوجدتها أوهامكم الضعيفة وأدركتها عقولكم المريضة المشوبة بالوهم والخيال التي هى بمرتبة آبائكم ليس لها عند اصحاب الطلب وارباب الكشف والقرب وجود ولا نمو بل هى خشب مسندة ما جعل الله في تلك الأصنام النفسية والهوائية والدنيوية ولا ركب فيها التصرف فى الأشياء في الإيجاد والاعدام والقهر واللطف والنفع والضر والأشياء علويها وسفليها جمادها ونباتها حيوانها وإنسانها كلها مظاهر الأسماء الالهية ومجالى الصفات الربانية الجمالية والجلالية اى اللطيفة والقهرية تجلى الحق في الكل بحسب الكل لا بحسبه الا الإنسان الكامل فانه تجلى فيه بحسب الكلية المجموعية وصار خليفة الله في الأرض وأنتم ايها الجهلة الظلمة ما تتبعون تلك الصفات الالهية وما تشهدون في الأشياء تلك الحقائق الروحانية والاسرار الربانية المودعة في كل حجر ومدر بل أعرضتم باتباع الشهوات الحيوانية وملازمة الجسمانية الظلمانية عن ادراك تلك اللطائف الروحانية وشهود تلك العواطف الرحمانية واتبعتم مظنونات ظنكم الفاسد وموهومات وهمكم الكاسد واثرتم هوى النفس المشئومة على رضى الحق وذلك هو الخسران المبين وان الظن لا يغنى من الحق شيأ انتهى وقال الجنيد
قدس سره رأيت سبعين عارفا قد هلكو بالتوهم اى توهموا انهم عرفوه تعالى فالكل معزولون عن ادراك حقيقة الحق وما أدركوا فهو أقدارهم وجل قدر الحق عن ادراكهم قال تعالى وما قدروا الله حق قدره ولذلك اجترأ الواسطي رحمه الله في حق سلطان العارفين ابى يزيد البسطامي قدس سره بقوله كلهم ماتوا على التوهم حتى ابو يزيد مات على التوهم وقال البقلى يا عاقل احذر مما يغوى اهل الغرة بالله من الاشكال والمخاييل التي تبدو في غواشى أدمغتهم وهم يحسبون انها مكاشفات الغيوب ونوادر القلوب ويدعون انها عالم الملكوت وأنوار الجبروت وما يتبعون الا أهواء نفوسهم ومخاييل شياطينهم التي تصور عندهم أشكالا وتمثالا ويزبنون لهم انها الحق والحق منزه عن الاشكال والتمثال إياك يا صاحبى وصحبة الجاهلين الحق الذين يدعون في زماننا مشاهدة الله ومشاهدة الله حق للاولياء وليست بمكشوفة للاعداء وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى حال من فاعل يتبعون او اعتراض وأيا ما كان ففيه تأكيد لبطلان اتباع الظن وهوى النفس وزيادة تقبيح لحالهم فان اتباعهما من اى شخص كان قبيح وممن هداه الله بإرسال الرسول وإنزال الكتاب أقبح فالهدى القرآن والرسول ولم يهتدوا بهما وفيه اشارة الى إفساد استعدادهم الفطري الغير المجعول بواسطة تلبسهم بملابس الصفات الحيوانية العنصرية وانهما كهم في الغواشي الظلمانية الطبيعية فانهم مع ان جاءهم من ربهم اسباب الهدى وموجباته وهو النبي عليه السلام والقرآن وسائر المعجزات الظاهرة والخوارق الباهرة الدالة على صدق نبوته وصحة رسالته اشتغلوا بمتابعة النفس وموافقة الهوى واعرضوا عن التوجه الى الولي والمولى وذلك لان هداهم ما جاءهم الا في يوم الدنيا لا في يوم الأزل ومن لم يجعل الله له نورا في يوم الأزل فما له من نور الى يوم الابد واعلم ان الهدى ضد الهوى فلا بد من المتابعة للهدى قال بعض الكبار ليس لولى كرامة
235
تعالى مقتض لانتفاء ان يكون له امر من الأمور وفي التأويلات النجمية يشير الى قهرمانيه الحق تعالى على العالم كله ملكه وملكوته الأخروي والدنيوي يعنى لا يملك الإنسان شيأ حتى يتمكن من تحصيل ما تتمناه نفسه بل ملك الآخرة تحت تصرف يده اليمنى المقتضية لموجبات حصول الآخرة من الأعمال الصالحة والافعال الحسنة يهبه بالاسم الواهب لمن يشاء ان يكون مظهر لطفه وجماله وملك الدنيا تحت تصرف يده اليسرى المستدعية لاسباب حصول الدنيا من حب الدنيا الدنية المنتجة للخطيئة ومتابعة النفس الخبيثة وموافقة الطبيعة اللئيمة يجعله باسمه المقسط لمن يشاء ان يكون مظهر صفة قهره وجلاله ولا ذلك يزيد فى ملكه ولا هذا ينقص من ملكه وكلتا يدى الرحمن ملأى سحاء وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً اقناط لهم مما علقوا به اطماعهم من شفاعة الملائكة لهم موجب لاقناطهم عن شفاعة الأصنام بطريق الاولوية وكم خبرية مفيدة للتكثير محلها الرفع على الابتداء والخبر هى الجملة المنفية وجمع الضمير في شفاعتهم مع افراد الملك باعتبار المعنى اى وكثير من الملائكة لا تغنى شفاعتهم عند الله شيأ من الإغناء في وقت من الأوقات اى لا تنفع شيأ من النفع وهو القليل منه او شيأ اى أحدا وليس المعنى انهم يشفعون فلا تنفع شفاعتهم بل معناه انهم لا يشفعون لانه لا يؤذن لهم كما قال تعالى إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لهم في الشفاعة لِمَنْ يَشاءُ ان يشفعون اله وَيَرْضى ويراه أهلا للشفاعة من اهل التوحيد والايمان واما من عداهم من اهل الكفر والطغيان فهم من اذن الله بمعزل ومن الشفاعة بألف منزل فاذا كان حال الملائكة في باب الشفاعة كما ذكر فما ظنهم بحال الأصنام وفي الآية اشارة الى ان ملك الروح يشفع في حق النفس الامارة بالسوء رجاء الانسلاخ عن أوصافها الذميمة والترقي الى مقام الفناء والبقاء ولكن لا تنفع شفاعته في حقها لعلمه القديم الأزلي بعدم استعدادها للترقى من مقامها اللهم الا ان تقبل شفاعته في حق نفس رقيق الحجاب مستعد لقبول الفيض الا لهى لصفاء فطرته الاولى وبقاء قابليته الكبرى للترقى في المقامات العلية بالخروج من موافقة الطبع ومخالفة الشرع والدخول في موافقة الشريعة ومخالفة الطبيعة إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وبما فيها من العقاب على ما يتعاطونه من الكفر والمعاصي لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ المنزهين عن سمات النقصان على الإطلاق اى كل يسمون كل واحد منهم تَسْمِيَةَ الْأُنْثى منصوب على انه صفة مصدر محذوف اى تسمية مثل تسمية الأنثى فان قولهم الملائكة بنات الله قول منهم بان كلا منهم بنته سبحانه وهى التسمية بالأنثى فاللام في الملائكة للتعريف الاستغراقى وفي تعليقها بعدم الايمان بالآخرة اشعار بأنها في الشناعة والفظاعة واستتباع العقوبة فى الآخرة بحيث لا يجترى عليها الا من لا يؤمن بها رأسا قال ابن الشيخ فان قيل كيف يصح أن يقال انهم لا يؤمنون بالآخرة مع انهم كانوا يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله وكان من عادتهم أن يربطوا مركوب الميت على قبره ويعتقدون انه يحشر عليه أجيب بأنهم ما كانوا يجزمون به بل كانوا يقولون لا نحشر فان كان فلنا شفعاء بدليل ما حكى الله عنهم وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت الى ربى ان لى عنده للحسنى وايضا ما كانوا يعترفون بالآخرة على وجه الذي
المولى فكانوا احسن نية وعملا هذا صراط مستقيم اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى تعليل للامر بالاعراض وتكرير قوله وهو اعلم لزيادة التقرير والإيذان بكمال تباين المعلومين والمراد بمن ضل من أصر عليه ولم يرجع الى الهدى أصلا وبمن اهتدى من من شأنه الاهتداء في الجملة اى هو المبالغ في العلم بمن لا يرعوى عن الضلال ابدا وبمن يقبل الاهتداء في الجملة لا غيره فلا تتعب نفسك في دعوتهم فانه من القبيل الاول وفيه اشارة الى النفس الكافرة ويهود صفاتها فانهم لا يقبلون الدعوة لانتفاء استعدادهم لقبولها فمن كان مظهر القهر في الأزل لا يكون مظهر اللطف في الابد وبالعكس وفي الحديث القدسي (خلقت الجنة وخلقت لها أهلا وخلقت النار وخلقت لها أهلا فطوبى لمن جعلته أهلا للجنة وويل لمن جعلته أهلا للنار) قال بعض الكبار النفس لا تفعل الشر الا لجاجة من القرين واللجاج ممن لا قدرة على منعه ومخالفته بمنزلة الإكراه والمكره غير مؤاخذ بالشرع والعقل ولذا قال عليه السلام الخير عادة والشر لجاجة فهو بشارة عظيمة من العالم بالأمور عليه السلام فانه اخبر ان النفس خيرة بالذات لان أباها الروح القدسي الطاهر وما نقبل الشر الا لجاجة من القرين فلم يجعل عليه السلام الشر من ذاتها وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ اى خلقا وملكا لا لغيره أصلا لا استقلالا ولا اشتراكا لِيَجْزِيَ إلخ متعلق بما دل عليه اعلم إلخ وما بينهما اعتراض مقرر لما قبله فان كون الكل مخلوقا له تعالى مما يقرر علمه تعالى بأحوالهم ألا يعلم من خلق كأنه قيل فيعلم ضلال من ضل واهتداء من اهتدى ويحفظهما ليجزى الَّذِينَ أَساؤُا بد كردند بِما عَمِلُوا اى بعقاب ما عملوا من الضلال الذي عبر عنه بالاساءة بيانا لحاله او بسبب ما عملوا شبه نتيجة علمه بكل واحد من الفريقين وهى مجازاته على حسب حاله بعلته الغائبة فأدخل لام العلة عليها وصح بذلك تعلقها بقوله اعلم
هين مراقب باش گر دل بايدت كز پى هر فعل چيزى زايدت
وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا اى اهتدوا بِالْحُسْنَى اى بالمثوبة الحسنى التي هى الجنة فالحسنى للزيادة المطلقة والباء لتعدية الجزاء او بسبب أعمالهم الحسنى فالباء للسببية والمقابلة الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ صفة للذين أحسنوا او بدل منه لكن قال سعدى المفتى لا حسن في جعل الذين إلخ مقصودا بالنسبة وجعل الذين أحسنوا في حكم المتروك ولو كان النظم على العكس لكان لها وجه انتهى يقول الفقير الاجتناب من باب التخلية بالمعجمة وهى اقدم فلذا جعلت مقصودة بالنسبة وصيغة الاستقبال في صلته دون صلة الموصوف او المبدل منه للدلالة على تجدد الاجتناب واستمراره يعنى للاشعار بأن ترك المعصية سوآء كانت بارتكاب المحرمات او بترك الواجبات ينبغى أن يستمر عليه المؤمن ويجعل الاجتناب عنها دأبا له وعادة حتى يستحق المثوبة الحسنى فان من اجتنب عنها مرة وانهمك عليها في باقى الأزمان لا يستحقها بخلاف الحسنات المتطوع بها فان من أتى بها ولو مرة يؤجر عليها وكبائر
241
الإثم ما يكبر عقابه من الذنوب وهو ما رتب عليه الوعيد بخصوصه كالشرك والزنى مطلقا خصوصا بحليلة جاره وقتل النفس مطلقا لا سيما الأولاد وهى الموءودة وقال ابن جبير هى مالا يستغفر منه لقوله عليه السلام لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع اصرار وفي الحديث إياكم والمحقرات من الذنوب قال ابن عباس رضى الله عنهما هى الى سبعين اقرب وتمام التفصيل سبق في حمعسق في نظير الآية وَالْفَواحِشَ وما فحش من الكبائر خصوصا الزنى والقتل بغير حق وغيرهما فهو من قبيل التخصيص بعد التعميم قال الراغب الفحش والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال إِلَّا اللَّمَمَ اللمم مقاربة المعصية ويعبر به عن الصغيرة من قولك ألممت بكذا اى نزلت به وقاربته من غير مواقعة وألم الغلام قارب البلوغ والاستثناء منقطع لان المراد باللمم الصغائر وهى لا تدخل في الكبائر والمعنى الا ما قل وصغر فانه مغفور ممن يجتنب الكبائر يعنى ان الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر قال تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات
وقال ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وقيل هى النظر بلا تعمد فان أعاد النظر فليس بلمم وهو مذنب والغمزة والقبلة كما روى ان نبهان التمار أتته امرأة لتشترى التمر فقال لها ادخلى الحانوت فعانقها وقبلها فقالت المرأة خنت أخاك ولم تصب حاجتك فندم وذهب الى رسول الله عليه السلام فنزلت وقيل هى الخطرة من الذنب اى ما خطره من الذنب على القلب بلا عزم واز قوت بفعل نيايد وقيل كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا ولا عذابا وقال بعضهم اللمم والإلمام ما يعمله الإنسان الحين بعد الحين ولا يكون له عادة ولا اقامة عليه قال محمد بن الحنفية كل ما هممت به من خير وشر فهو لمم دليله قوله عليه السلام ان للشيطان وللملك لمة فلمة الشيطان الوسوسة ولمة الملك الإلهام وقال ابن عباس رضي الله عنهما معناه الا أن يلم بالفاحشة مرة ثم يتوب ولم يثبت عليها فان الله يقبل توبته ويؤيده قوله عليه السلام ان تغفر اللهم فاغفر جما واى عبدلك لا الما فالاستثناء على هذا متصل وقال ابن عباس رضى الله عنهما ما رأيت شيأ أشبه باللمم مما نقله ابو هريرة رضى الله عن رسول الله عليه السلام ان الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى فزنى العينين النظر وزنى اللسان النطق وزنى الشفتين القبلة وزنى اليدين البطش وزنى الرجلين المشي والنفس تتمنى وتشتهى والفرج يصدق ذلك كله او يكذبه فان تقدم فرجه كان زانيا والا فهو اللمم وفي الاسئلة المقحمة الذنوب كلها كبائر على الحقيقة لان الكل تتضمن مخالفة امر الله تعالى لكن بعضها اكبر من بعض عند الاضافة ولا كبيرة أعظم من الشرك واما اللمم فهو من جملة الكبائر والفواحش ايضا الا ان الله تعالى أراد باللمم الفاحشة التي يتوب عنها مرتكبها ومجترحها وهو قول مجاهد والحسن وجماعة من الصحابة منهم ابو هريرة رضى الله عنه إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر فالجملة تعليل لاستثناء اللمم وتنبيه على ان إخراجه من حكم المؤاخذة به ليس لخلوه عن الذنب في نفسه بل لسعة المغفرة الربانية وفي التأويلات النجمية كبائر الإثم ثلاث مراتب محبة النفس الامارة بالسوء ومحبة الهوى النافخ في نيران
242
النفس ومحبة الدنيا التي هى رأس كل خطيئة ولكل واحدة من هذه المحبات الثلاث فاحشة لازمة غير منفكة عنها اما فاحشة محبة النفس الامارة بالسوء فموافقة الطبيعة ومخالفة الشريعة واما فاحشة محبة الهوى فحب الدنيا وشهواتها واما فاحشة محبة الدنيا فالاعراض عن الله والإقبال على ما سواه قوله الا اللمم اى الميل اليسير الى النفس والهوى والدنيا بحسب الضرورة البشرية من استراحة البدن ونيل قليل من حظوظ الدنيا بحسب الحقوق لا بحسب الحظوظ فان مباشر الحقوق مغفور ومبادر الحظوظ مغرور كما قال ان ربك واسع المغفرة ومن سعة غفرانه ستر ظلمة الوجود المجازى بنور الوجود الحقيقي بالفناء عن ناسوتيته والبقاء بلا هوتيته انتهى قال بعض الكبار من استرقه الكون بحكم مشروع كالسعى في مصالح العباد والشكر لاحد من المخلوقين من جهة نعمة أسداها اليه فهو لم يبرح عن عبوديته لله تعالى لانه في أداء واجب أوجبه الحق عليه واما تعبد العبد فمخلوق عن امر الله لا يقدح فى العبودية بخلاف من استرقه الكون لغرض نفسى ليس للحق فيه رائحة امر فان ذلك يقدح في عبوديته لله تعالى ويجب عليه الرجوع الى الحق تعالى وقال بعض العارفين من المحال ان يأتى مؤمن معصية توعد الله عليها بالعقوبة فيفرغ منها الا ويجد في نفسه الندم على وقوعها منه وقد قال صلّى الله عليه وسلّم الندم توبة وقد قام بهذا المؤمن الندم فهو تائب بلا شك فسقط حكم الوعيد لهذا الندم فانه لا بد للمؤمن أن يكره المخالفة ولا يرضى بها فهو من كونه كار هالها ومؤمنا بأنها معصية ذو عمل صالح وهو من كونه فاعلا لها ذو عمل سيئ فهو من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وقد قال تعالى فيهم عيسى الله أن يتوب عليهم يعنى ليتوبوا والله غفور رحيم انتهى فعلى العاقل أن يندم على المعاصي الواقعة منه ولا يغتر بالرب الكريم وان كان الله واسع المغفرة فانه تعالى ايضا شديد البطش والاخذ نسأ
الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة هُوَ تعالى أَعْلَمُ منكم بِكُمْ اى بأحوالكم يعلمها إِذْ أَنْشَأَكُمْ اى خلقكم في ضمن إنشاء أبيكم آدم عليه السلام مِنَ الْأَرْضِ إنشاء اجماليا وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ ووقت كونكم اجنة فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ على أطوار مختلفة مترتبة لا يخفى عليه حال من أحوالكم وعمل من أعمالكم التي من جملتها اللمم الذي لولا المغفرة الواسطة لاصابكم وباله وضروره والاجنة جمع جنين مثل اسرة وسرير والجنين الولد ما دام في البطن وهو فعيل بمعنى مفعول اى مدفون مستتر والجنين الدفين في الشيء المستتر فيه من جنه إذا ستره وإذا خرج من بطن امه لا يسمى الا ولدا او سقطا وفي الأشباه هو جنين ما دام في بطن امه فاذا انفصل ذكرا فصبى ويسمى رجلا كما في آية الميراث الى البلوغ فغلام الى تسعة عشر فشاب الى أربعة وثلاثين فكهل الى أحد وخمسين فشيخ الى آخر عمره هذا في اللغة وفي الشرع يسمى غلاما الى البلوغ وبعده شابا وفتى الى ثلاثين فكهل الى خمسين فشيخ وتمامه في ايمان البزازية فان قيل الجنين إذا كان اسما له مادام في البطن فما فائدة قوله تعالى في بطون أمهاتكم قلنا فائدته المبالغة في بيان كمال علمه وقدرته فان بطون الأمهات في غاية الظلمة ومن علم حال الجنين فيها لا يخفى عليه
243
شيء من أحواله فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ الفاء لترتيب النهى عن تزكية النفس على ما سبق من أن عدم المؤاخذة باللمم ليس لعدم كونه من قبيل الذنوب بل لمحض مغفرته تعالى مع علمه بصدوره عنكم اى إذا كان الأمر كذلك فلا تثنوا عليها بالطهارة من المعصية بالكلية او بما يستلزمها من زكاء العمل ونماء الخير بل اشكروا الله تعالى على فضله ومغفرته وبالفارسية پس ستايش مكنيد نفسهاى خود را به بي كناهى وبسيارى خير وخوبى أوصاف وقال الحسن رحمه الله علم الله من كل نفس ما هى صانعة والى ماهى صائرة فلا تزكوا أنفسكم ولا تطهروها من الآثام ولا تمدحوها بحسن الأعمال لان كل واحد من التخلية والتحلية انما يعتدبه إذا كان خالصا الله تعالى وإذا كان هو أعلم بأحوالكم منكم فأى حاجة الى التزكية
همان به كر آبستن كوهرى كه همچون صدف سر بخود در برى
اگر مسك خالص ندارى مكوى وكر هست خود فاش كردد ببوى
منه آب زر جان من بر پشيز كه صراف دانا نكيرد بچيز
واما من زكاه الغير ومدحه فقد ورد فيه احثوا في وجه المداحين اى الذين يمدحون بما ليس في الممدوح التُّرابِ على حقيقته او هو مجاز عن ردهم عن المدح لئلا يغتر الممدوح فيتجبر وقيل المراد به أن لا يعطوهم شيأ لمدحهم او معناه الأمر بدفع المال إليهم لينقطع لسانهم ولا يشتغلوا بالهجو وفيه اشارة الى أن المال حقير في الواقع كالتراب قال ابو الليث فى تفسيره المدح على ثلاثة أوجه الاول أن يمدحه في وجهه فهو الذي نهى عنه والثاني أن يمدحه بغير حضرة ويعلم انه يبلغه فهذا ايضا ينهى عنه ومدح يمدحه في حال غيبته وهو لا يبالى بلغه او لم يبلغه ومدح يمدحه بما هو فيه فلا بأس بهذا انتهى (وفي المثنوى)
خلق مادر صورت خود كرد حق وصف ما از وصف او كيرد سبق
چونكه آن خلاق شكر وحمد جوست آدمي را مدح جويى نيز خوست
خاصه مرد حق كه در فضلست چست پر شود زان باد چون خيك درست
ور نه باشد اهل زان باد دروغ خيك بدريدست كى كيرد فروغ
واما المدح بعد الموت فلا بأس به إذا لم يجاوز الحد كالروافض في مدح اهل البيت هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى المعاصي جميعا وهو استئناف مقرر للنهى ومشعر بأن فيهم من يتقيها بأسرها وقيل كان ناس يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون صلاتنا وصيامنا وحجنا فنزلت وهذا إذا كان بطريق الاعجاب او الرياء فأما من اعتقد أن ما عمله من الأعمال الصالحة من الله تعالى وبتوفيقه وتأييده ولم يقصد به التمدح لم يكن من المزكين أنفسهم فان المسرة بالطاعة طاعة وذكرها شكر وفي التأويلات النجمية يشير به الى أن علم الإنسان بنفسه علم اجمالى وعلمه تعالى به تفصيلى والعلم التفصيلي أكمل وأشمل من العلم الإجمالي وايضا علم الإنسان بنفسه علم مقيد بقواه البشرية وهو متناه بحسب تناهى قواه البشرية وعلمه تعالى به علم مطلق إذ علمه عين ذاته في مقام الواحدية غير ذاته في مقام الواحدية والعلم المطلق أحوط وأجمع من العلم المقيد وايضا الإنسان مخلوق على صورة الله كما قال عليه السلام ان الله خلق آدم على صورته وفي رواية اخرى على صورة
244
يتحمل عنه قال ابن الشيخ أرأيت بمعنى أخبرت وأ عنده علم العيب مفعوله الثاني اى أخبرت أن هذا المعطى المكدى هل عنده علم ما غاب عنه من أحوال الآخرة فهو يعلم ان صاحبه يتحمل أوزاره على ان قوله يرى بمعنى يعلم حذف مفعولاه لدلالة المقام عليهما أَمْ أهو جاهل لَمْ يُنَبَّأْ لم يخبر بِما فِي صُحُفِ مُوسى اى اسفار التوراة قال الراغب الصحيفة المبسوطة من كل شيء كصحيفة الوجه والصحيفة التي كان يكتب فيها وجمعها صحائف وصحف والمصحف ما جعل جامعا للصحف المكتوبة وقال القهستاني المصحف مثلث الميم ما جمع فيه قرآن والصحف وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى عطف على موسى اى وبما في صحف ابراهيم الذي وفي اى وفروأتم ما ابتلى به من الكلمات كما مر في سورة البقرة او أمر به من غير إخلال وإهمال يقال أوفاه حقه ووفاه بمعنى اى أعطاه تاما وافيا ويجوز أن يكون التشديد فيه للتكثير والمبالغة في الوفاء بما عاهد الله اى بالغ في الوفاء بما عاهد الله وتخصيصه بذلك لاحتماله ما لم يحتمل غيره كالصبر على نار نمرود حتى انه أتاه جبريل حين ألقى في النار فقال ألك حاجة فقال اما إليك فلا وعلى ذبح الولد وعلى الهجرة وعلى ترك اهله وولده فى واد غير ذى زرع ويروى انه كان يمشى كل يوم فرسخا يرتاد ضيفافان وجده أكرمه وإلا نوى الصوم ونعم ما قيل وفي ببذل نفسه للنيران وقلبه للرحمن وولده للقربان وماله للاخوان وعن النبي عليه السلام وفي عمل كل يوم بأربع ركعات وهى صلاة الضحى وفي الحديث القدسي ابن آدم اركع الى أربع ركعات من اول النهار كفك آخره وروى الا أخبركم لم سمى الله خليله الذي وفي كان يقول إذا أصبح وأمسى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون حتى يختم الآيتين ذكره احمد في مسنده الآيات الثلاث في عين المعاني وعن ابى ذر الغفاري رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله كم من كتاب انزل الله قال مائة كتاب واربعة كتب أنزل الله على آدم عشر صحائف وعلى شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عشر صحائف وأنزل الله التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قلت يا رسول الله ما كانت صحف ابراهيم قال كانت أمثالا منها ايها الملك المبتلى المغرور انى لم أبعثك فتجمع الدنيا بعضها الى بعض ولكن بعثتك كيلا ترد دعوة المظلوم فانى لا أردها وان كانت من كافر وكان فيها أمثال منها وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات ساعة يناجى فيها ربه ويفكر في صنع الله وساعة يحاسب نفسه فيما قدم واخر وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال في المطعم والمشرب وغيرهما وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شانه حافظا للسانه ومن علم ان كلامه من عمله قل كلامه الا فيما يعنيه ويأتى ما نقل من صحف موسى في آخر سورة سبح اسم ربك الأعلى كذا في فتح الرحمن وتقديم موسى لما أن صحفه التي هى التوراة أشهر عندهم واكثر يقول الفقير وايضا هو من باب الترقي من الأقرب الى الأبعد لكون الأقرب اعرف وايضا ان موسى صاحب كتاب حقيقة بخلاف ابراهيم أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أصله أن لا تزر على ان ان هى المخففة من الثقيلة وضمير الشأن هو
الذاتية والمشاهدات الحقانية واثر هذا السعى ونتيجته هو الفناء عن انانيته والبقاء بهويته الاحدية المطلقة عن التقييد والإطلاق واللاتقييد واللاإطلاق وقال الواسطي في الآية انه لم يكن مما يستجلب به شيء من الثواب وقال سهل سوف يرى سعيه فيعلم انه لا يصلح للحق ويعلم ما الذي يستحق بسعيه وانه لو لم يلحقه فضل ربه لهلك بسعيه ثُمَّ يُجْزاهُ اى يجزى الإنسان بسعيه اى جزاء عمله يقال جزاء الله بعمله وجزاه على عمله بحذف الجار وإيصال الفعل الْجَزاءَ الْأَوْفى اى الأوفر الأتم ان خيرا فحير وان شرا فشر وهو مفعول مطلق مبين للنوع قال الوراق وان ليس للانسان الا ما سعى ذلك في بدايته وان سعيه سوف يرى ذلك في توسط أمروه ثم يجزاه الجزاء الا وفي ذلك في نهاياته وله نهايتان باعتبار الفناء والبقاء ففى الفناء يحصل الجزاء الذي هو الشهود وفي البقاء يحصل الجزاء الذي هو تربية الجسد والوجود وذلك باستيفاء ما ترك في بداية سلوكه من المباحات المشروعة من الاكل والشرب والملبس والمنكح والتوسعة في معايش الدنيا وأسبابها فبعد تحققه بعالم الوحدة يرد الى عالم الكثرة ولكن لا تضره الكثرة إذا أصلا وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى مصدر بمعنى الانتهاء اى انتهاء الخلق في رجوعهم الى الله تعالى بعد الموت لا الى غيره لاستقلالا ولا اشتراكا فيجازيهم بأعمالهم وفي الحقيقة انتهاء الخلق اليه تعالى في البداية والنهاية ألا الى الله تصير الأمور إذ لا اله الا هو (وفي المثنوى)
دست بر بالاى دست اين تا كجا تا بيزدان كه اليه المنتهى
كان يكى درياست بي غور وكران جمله درياها چوسيلى پيش آن
حيلها و چارها كر اژدهاست پيش الا الله انها جمله لاست
قال ابن عطاء من كان منه مبدأه كان اليه منتهاه وإذا وصل العبد الى معرفة الربوبية ينحرف عنه كل فتنة ولا يكون له مشيئة غير اختيار الله له قيل للحسين ما التوحيد قال أن تعتقد انه معلل الكل بقوله هو الاول وعند ذلك تطلب المعلولات منه الابتداء واليه الانتهاء ذهبت المعلولات وبقي المعلل بها قال بعض الكبار من ادل دليل على توحيد الله تعالى عند من لا كشف عنده كونه تعالى عند النظار والفلاسفة علة العلل وهذا توحيد ذاتى ينتفى معه الشريك بلا شك غير ان اطلاق هذا اللفظ عليه تعالى لم يرد به الشرع فلا ندعوه به ولا نطلقه عليه فاعلم ذلك وَأَنَّهُ تعالى هُوَ وحده أَضْحَكَ وَأَبْكى الضحك انبساط الوجه وتكشر الأسنان من سرور النفس ولظهور الأسنان عنده سميت مقدمات الأسنان الضواحك والبكاء بالمد سيلان الدمع عن حزن وعويل يقال إذا كان الصوت اغلب كالرغاء وسائر هذه الابنية الموضوعة للصوت وبالقصر يقال إذا كان الحزن اغلب وقوله فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا اشارة الى الفرح والترح وان لم يكن مع الضحك قهقهة ولا مع البكاء اسالة دمع كما في المفردات والمعنى هو خلق قوتى الضحك والبكاء في الإنسان منهما ينبعث الضحك والبكاء والإنسان لا يعلم ما تلك القوة او هما كنايتان عن السرور والحزن كأنه قيل افرح واحزن لان الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء او عما يسر
القاتل نقض البنية وتفريق الاتصال وانما يحصل الموت عنده بفعل الله على العادة فللعبد نقض البنية كسبا دون الاماتة وبالفارسية قادر بر أماته وأحيا اوست وبس مى ميراند بوقت أجل در دنيا وزنده ميسازد در قبر يا او سازنده اسباب موت وحياتست وكفته ايد مرده ميسازد كافرانرا بنكرت وزنده ميكند مؤمنانرا بمعرفت وبقول بعض أماته وأحيا بجهل وعلم است يا ببخل وجود يا بعدل وفضل يا به منع واعطا وقيل الخصب والجدب او الآباء والأبناء او ايقظ وأنام او النطفة والنسمة ونزد محققان بهيبت وانس يا باستتار وتجلى وامام قشيرى فرموده كه بميراند نفوس زاهد انرا بآثار مجاهدت وزنده كرداند قلوب عارفانرا بانوار مشاهدت يا هر كه را مرتبه فنا في الله رساند جرعه از ساغر بقا بالله چشاند. او أمات النفس عن الشهوات الجسمانية واللذات الحيوانية واحيى القلب بالصفات الروحانية والأخلاق الربانية او أمات النفس بغلبة القلب عليها واحيائه او أمات القلب باستيلاء النفس عليه وإحيائها وهذه الاحكام المختلفة مادام القلب في مقام التلوين فاما إذا ترقى الى مقام الاطمئنان والتمكين فلا يصير القلب مغلوبا للنفس بل تكون النفس مغلوبة للقلب ابدا لآباد الى ان تموت تحت قهره بأمر ربه يقول الفقير قدم الاماتة على الاحياء رعاية للفاصلة ولان النطفة قبل النسمة ولان موت القلب قبل حياته ولان موت الجسد قبل حياته في القبر وايضا في تقديم الاماتة تعجيل لاثر القهر لينتبه المخاطبون وايضا ان العدم قبل الوجود ثم ان مآل الوجود الى الفناء والعدم فلا ينبغى الاغترار بحياة بين الموتين ووجود بين العدمين والله الموفق وَأَنَّهُ وآنكه خداى تعالى خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ بيافريد از انسان دو صنف وفي بعض التفاسير من كل الحيوان وفيه ان كل حيوان لا يخلق من النطفة بل بعضه من الريح كالطير فان البيضة المخلوقة منها الدجاجة مخلوقة من ريح الديك الذَّكَرَ وَالْأُنْثى نر وماده مِنْ نُطْفَةٍ هى الماء الصافي ويعبر بها عن ماء الرجل كما في المفردات إِذا تُمْنى تدفق في الرحم وتصب وبالفارسية از آب منى وقتى كه ريخته شود در رحم وآدم وحوا وعيسى عليهما السلام ازين مستثنى اند فهو من امنى يمنى أمناء وهو بالفارسية منى آوردن قال تعالى أفرأيتم ما تمنون وفي القاموس منى وامنى ومنى بمعنى او معنى تمنى يقدر منها الولد من مناه الله يمنيه قدره إذ ليس كل منى يصير ولدا وفيه اشارة الى انه تعالى خلق زوج ذكر الروح موصوفا بصفة الفاعلية وخلق زوجة أنثى النفس موصوفة بصفة القابلية ليحصل للقلب من مقدمتى الروح والنفس نتيجة صادقة صالحة لحصول المطالب الدنيوية والاخروية من نطفة واقعة كائنة مستقرة في رحم الارادة الازلية إذا تمنى إذا تحرك وتدفق في رحم الارادة القديمة او إذا قدر المقدر بالحكمة البالغة قدم الذكر رعاية للفاصلة ولشرفه الرتبى وان كان الأصل فى العالم الأنوثة ولذلك سرت فيه باسره ولكن لما كانت في النساء اظهر حببت للاكابر حتى آجر موسى عليه السلام نفسه في مهر امرأة عشر سنين وحتى ان أعظم ملوك الدنيا يكون عند الجماع كهيئة الساجد فاعلم ذلك فلما كان لا يخلوا لعوالم عن نكاح صورى او معنوى كان نصف الخلق الذكر ونصفه الأنثى وان شئت قلت الفاعل والقابل والإنسان برزخ
الا ترى ان مرتبة النفس والطبيعة تبقى هنا ولا تستصحب الإنسان الكامل في النشأة الجنانية إذا لجنان كالمرعى الطيب والروض الانف فلا يرعى فيها الا الروح الطيب والجسد النظيف وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى اى رب معبود هم فاعبدوا الرب دون المربوب والشعرى كوكب نير خلف الجوزاء يقال لها العبور بالمهملة كالصبور وهى أشد ضياء من الغميصاء بالغين المعجمة المضمومة وفتح الميم والصاد المهملة وهى احدى الشعريين يعنى ان الشعرى شعريان إحداهما الشعرى اليمانية وتسمى ايضا الشعر العبور وثانيتهما الشعرى الشامية وتسمى ايضا الشعرى الغميصاء فصلت المجرة بينهما تزعم العرب ان الشعريين أختا سهيل وان الثلاثة كانت مجتمعة فانحدر سهيل نحو اليمن وتبعته العبور فعبرت المجرة ولقيت سهيلا واقامت الغميصاء فبكت لفقد سهيل فغمصت عينها اى كانت اقل نورا من العبور وأخفى والغمض فى العين ما سال من الرمص يقال غمصت عينه بالكسر غمصا وكانت خزاعة تعبد الشعرى سن لهم ذلك ابو كبشة رجل من اشرافهم فقال لقومه ان النجوم تقطع السماء عرضا وهذه تقطعها طولا فليس شيء مثلها فعبدتها خزاعة وخالف ابو كبشة قريشا في عبادة الأوثان ولذلك كانت قريش يسمون الرسول عليه السلام ابن ابى كبشة لا يريدون بذلك اتصال نسبه اليه وان كان الأمر كذلك اى لان أبا كبشة أحد أجداد النبي عليه السلام من قبل امه بل يريدون به موافقته عليه السلام له في ترك عبادة الأوثان واحداث دين جديد فالنبى عليه السلام كما وافق أبا كبشة في مخالفة قريش بترك عبادة الأصنام خالفه ايضا بترك عبادة الشعرى وهو اشارة الى شعرى النفس المسماة بكلب الجبار التي عبدها خزاعة اهل الأهواء وابو كبشة اهل البدع من الفلاسفة والزنادقة وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى هى قوم هود عليه السلام اهلكوا بريح صرصر وعاد الاخرى ارم وقيل الاولى القدماء لانهم اولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح اى المراد بعاد جميع من انتسب الى عاد بن ارم بن عوص بن سام بن نوح ووصفهم بالاولية ليس للاحتراز عن عاد الاخيرة بل لتقدم هلاكهم بحسب الزمان على هلاك سائر الأمم بعد قوم نوح قال في التكملة وصف عاد بالأولى يدل على ان لها ثانية فالاولى هى عاد بن ارم قوم هود والثانية من ولدها وهى التي قاتلها موسى عليه السلام بأريحاء كانوا تناسلوا من الهزيلة بنت معاوية وهى التي نجت من قوم عاد مع بنيها الاربعة عمر وعمرو وعامر والعتيد وكانت الهزيلة من العماليق وَثَمُودَ عطف على عادا لان ما بعده لا يعمل فيه لمنع ما النافية عن العمل وهم قوم صالح عليه السلام أهلكهم الله بالصيحة فَما أَبْقى اى أحدا من الفريقين ويجوز ان يكون المعنى فما أبقى عليهما فالابقاء على هذا المعنى الترحم وهو بالفارسية بخشودن وانما لم يترحم عليهم لكونهم من اهل الغضب ورحمة الله لاهل اللطف دون القهر وفيه اشارة الى التربية فأولا باللطف وثانيا بالعتاب وثالثا بالعقاب فان لم يحصل التنبه فبالازالة والإهلاك وهكذا عادة الله في خلقه فليتنبه العباد وليحافظوا على المراتب في تربية عبيدهم وامائهم وخدمهم مطلقا وَقَوْمَ نُوحٍ عطف عليه ايضا مِنْ قَبْلُ اى من قبل إهلاك عاد وثمود إِنَّهُمْ اى قوم
لاشتمال النبي عليه السلام على أمته كما قال ان ابراهيم كان أمته قانتا انتهى ومعنى الآية إذا عرفت يا محمد هذه المذكورات فبأى نعمة من نعم ربك تتشكك بأنها ليست من عند الله او في كونها نعمة وبالفارسية پس بكدامين از نعمتهاى آفريدگار خود شك مى آرى وجدال ميكنى فكما نصرت اخوانك من الأنبياء الماضين ونصرت أولياءهم وأهلكت أعدائهم فكذلك افعل بك فلا يكن قلبك في ضيق وحرج مما رأيت من اصرار هؤلاء القوم وعنادهم واستكبارهم هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى هذا اما اشارة الى القرآن والنذير مصدر اى هذا القرآن الذي تشاهدونه إنذار كائن من قبيل الانذارات المتقدمة التي سمعتم عاقبتها او الى الرسول والنذير بمعنى المنذر اى هذا الرسول نذير من جنس المنذرين الأولين والاولى على تأويل الجماعة لمراعاة الفواصل وقد علمتم احوال قومهم المنذرين وفي التأويلات النجمية يشير الى القرآن او الى الرسول وشبه انذارهما بانذار الكبت الماضية والرسول المتقدمة يقول الفقير فيه اشارة الى نذارة كمل ورثته عليه السلام فان كل نذير متأخر فهو من قبيل النذر الاولى لاتحاد كلمتهم ودعوتهم الى الله على بصيرة وكذا ما ألهموا به من الانذارات بحسب الاعصار والمشارب فطوبى لاهل المتابعة وويل لاهل المخالفة
بكوى آنچهـ دانى سخن سودمند وكر هيچ كس را نيايد پسند
كه فردا پشيمان بر آرد خروش كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
بكمراه كفتن نيكو ميروى كناه بزركست وجور قوى
مكو شهد شيرين شكر فايقست كسى را كه سقمونيا لا يقست
چهـ خوش كفت يكروز دار وفروش شفا بايدت داروى تلخ نوش
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ فى إيراده عقيب المذكورات اشعار بأن تعذيبهم مؤخر الى يوم القيامة تعظيما للنبى عليه السلام وان كانوا معذبين في الدنيا ايضا في الجملة واللام للعهد فلذا صح الاخبار بدونها ولو كانت للجنس لما صح لانه لا فائدة في الاخبار بقرب آزفة ما فان قلت الاخبار بقرب الآزفة المعهودة لا فائدة فيه ايضا قلت فيه فائدة وهو التأكيد وتقرير الانذار والأزف ضيق الوقت لقرب وقت الساعة وعلى ذلك عبر عن القيامة بالساعة يقال أزف الترحل كفرح ازفا وأزوفا دنا والأزف محركة الضيق كما في القاموس والمعنى دنت الساعة الموصوفة بالدنو فى نحو قوله تعالى اقتربت الساعة اى في الدلالة على كمال قربها لما في صيغة الافتعال من المبالغة ففى الآية اشارة الى كمال قربها حيث نسب القرب الى الموصوف به لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ اى ليس لها انفس قادرة على كشفها اى إزالتها وردها عند وقوعها في وقتها المقدر لها الا الله لكنه لا يكشفها من كشف الضر اى ازاله بالكلية فالكاشفة اسم فاعل والتاء للتأنيث والموصوف مقدر او ليس لها الآن نفس كاشفة بتأخير ها الا الله فانه المؤخر لها يعنى لو وقت الآن لم يردها الى وقتها أحد الا الله فالكشف بمعنى الازالة لا بالكلية بل بالتأخير الى وقتها او ليس لها كاشفة لوقتها الا الله اى عالمة به من كشف الشيء إذا عرف حقيقته او مبينة له متى تقوم وفي القرآن لا يجليها لوقتها الا هو او ليس لها من غير الله كشف
Icon