ﰡ
مكّيّة وهى اثنان وستّون اية وثلث ركوعات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالنَّجْمِ إِذا هَوى قال ابن عباس فى رواية الوالبي والعوفى يعنى الثريا إذ أسقطت وهويه مغيبه والعرب يسمى الثريا نجما وجاء فى الحديث عن ابى هريرة مرفوعا ما طلع النجم قط وفى الأرض من العاهة شىء الا رفع وأراد بالنجم الثريا ذكره البغوي ورواه احمد بلفظ ما طلع النجم صباحا قط ويقوم عاهة الا ورفعت عنهم او خفت وسنده ضعيف- وقال مجاهد نجوم السماء كلها حين تغرب واللام للجنس سمى الكواكب نجما بطلوعه وكل طالع نجم يقال نجم السن والقران والسنة وروى عن عكرمة عن ابن عباس انه الرجوم من النجوم يعنى ما يرمى به الشياطين عن استراقهم السمع وقال ابو حمزة الثمالي النجوم إذا انتثرت يوم القيامة وقال ابن عباس فى رواية عطاء المراد بالنجم القران فسمى نجما لانها نزلت نجوما متفرقة فى ثلثة وعشرين سنة يسمى التفريق تنجيما والمفرق منجما وقال الكلبي الهوى النزول من أعلى الى أسفل وقال الأخفش النجم هو النبت الذي لا ساق له ومنه قوله تعالى والنجم والشجر يسجد ان وهويه سقوط على الأرض وقال جعفر الصادق رض يعنى محمدا - ﷺ - إذا نزل من السماء ليلة المعراج والهوى النزول وقيل المراد بالنجم المسلم وبهويه دفنه فى القبر والظرف لا يجوز ان يكون متعلقا بفعل قسم مقدر لان القسم لا يتعدى بذلك الوقت ولا ان يكون الظرف صفة منجم لانه جثة وظرف الزمان لا يكون صفة للجثه بل هو متعلق بحدث مقدر مضاف الى النجم تقديره وتحرك النجم إذا هوى وقيل إذا هاهنا اسم وليس بظرف وهو بدل اشتمال من النجم مقسم به ووجه تعين هذا الوقت للقسم ان وقت الهوى أفضل اوقات النجم لانه ان كان المراد بالنجم الثريا او مطلق النجم فان أريد بهواه سقوط شعلة منه لرجم الشياطين- فلا شك ان رجم الشياطين مقصود من خلقة النجوم وان أريد به انتشاره يوم القيامة فذلك وقت إتمام المقاصد التي قصد بالنجوم وان أريد به غروبه فغروبه أوضح دليل على إمكانه ووجود صانعه ولذا استدل الخليل عليه السلام بالأفول من الكواكب والقمر والشمس حيث قال فلما أفل لا أحب الآفلين وان أريد به نجم القران وبهويه نزوله او بالنجم محمد - ﷺ - وبهويه نزوله من السماء ليلة المعراج فلا شك ان نزول القران لهداية الناس ونزول محمد - ﷺ - بعد عروجه لهداية الخلق نعمة جليلة من الله تعالى لا نطير لهما وان أريد بالنجم المسلم
ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ محمد - ﷺ - عن طريق الهدى وَما غَوى ج فى اتباع طريق الباطل قيل الضلال ضد الهداية والغى ضد الرشد يعنى هو مهتد راشد وليس كما تزعمون يا معشر قريش وتنسبونه الى الضلال والغى.
وَما يَنْطِقُ بالقران ولا بغيره عطف على ما ضل عَنِ الْهَوى ط صفة لمصدر محذوف يعنى نطقا ناشيئا عن الهوى يعنى لم يتقول القران من تلقاء نفسه كما يتقول الشعراء وكذا كل ما يتكلم ليس منشاؤه الهوى النفسانية بل مستند الى الوحى جلى او خفى وان كان باجتهاد مامور من الله تعالى مقرر من الله عليه فهو ليس عن الهوى البتة.
إِنْ هُوَ الضمير راجع الى القران المعهود فى الدهن والمدلول فيما سبق من الكلام إِلَّا وَحْيٌ يُوحى فليس فى هذه الاية ما يدل على انه - ﷺ - ما كان يتكلم بالاجتهاد والجملة تعليل بقوله ما ينطق.
عَلَّمَهُ يعنى محمدا - ﷺ - الضمير المنصوب مفعول أول لعلم والقران او ما يوحى اليه عليه السلام مطلقا من حيث انه اسم لكلام تام قايم مقام مفعولية الثاني والثالث وفاعله شَدِيدُ الْقُوى جمع قوة والمراد به الله سبحانه القوى المتين.
ذُو مِرَّةٍ المرة القوة الشدة والاصالة والاحكام كذا فى القاموس والله سبحانه شديد البطش يحكم اصل كل شىء وجملة علمه مع ما عطف عليه حال من الضمير المستكن فى يوحى او صفة بعد صفة فَاسْتَوى عطف على علمه والاستواء من المتشابهات قال السلف فى قوله تعالى الرحمن على العرش استوى ان الاستواء معلوم بلا كيف وقال سهيل بن عبد الله التستري لا يجوز لمومن ان يقول كيف الاستواء لمن خلق الاستواء ولنا عليه الرضا والتسليم وقال مالك بن انس الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والسؤال عنه بدعة وحاصل الاية انه كان لله تعالى إذا علم محمدا - ﷺ - نسبته به عليه السلام مجهول الكيفية كنسبته مع العرش المجيد والكعبة الحسناء وقد تظهر تلك النسبة للصوفية الكرام وتظهر على وجه أكمل منه يوم يرونه كما يرون القمر ليلة البدر.
وَهُوَ يعنى محمدا - ﷺ - بِالْأُفُقِ الْأَعْلى يعنى كان محمد - ﷺ - إذا يوحى اليه فى كمال رفعة استعداده وعلو مرتبته والأفق الناحية على منتهى دايرة الإمكان حيث يكون وراء ذلك دايرة الوجوب التي لا يتصور هناك للسالك سير قدمى والجملة حال من الضمير المنصوب فى علمه.
ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى
فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ
يعنى محمدا - ﷺ - ما أَوْحى
ط من القران وغيره من الوحى الغير المتلو وضمائر اوحى وعبده واوحى راجعة الى شديد القوى وهذا التفسير مروى عن انس وابن عباس وغيرهما من السلف ولا غبار عليه من حيث العربية وقالت عائشة رض واختاره اكثر المفسرين ان المراد بشديد القوى جبرئيل عليه السلام ذو مرة قال ابن عباس فى رواية اى ذو منظر حسن وقال قتادة وخلق طويل حسن فاستوى جبرئيل وهو يعنى محمد ﷺ عطف على الضمير المرفوع المستتر فى استوى على ما اجازه الكوفيون قال البغوي استوى جبرئيل ومحمد عليهما السلام ليلة المعراج وقيل ضمير هو راجع الى جبرئيل كان يأتي رسول الله - ﷺ - فى صورة الآدميين كما كان يأتي النبيين فساله رسول الله - ﷺ - ان يره نفسه على صورة التي خلقها فاراه مرتين فى الأرض ومرة فى السماء فاما فى الأرض ففى الأفق الأعلى والمراد بالأعلى جانب المشرق وذلك ان محمدا - ﷺ - كان بحراء فطلع له جبرئيل من المشرق فسد الأفق الى المغرب فخر رسول الله - ﷺ - مغشيا عليه فنزل جبرئيل فى صورة الآدميين وضمه - ﷺ - الى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه واما فى السماء فعند سدرة المنتهى ليلة المعراج ولم يره أحد من
ورجوع ضمير عبده الى الله سبحانه قرينة لكونه ضميرا وحي راجعا الى الله تعالى ثالثها ان الدنو او التدلي من جبرئيل عليه السلام وكونه قاب قوسين او ادنى ليس كما لا للنبى - ﷺ - فان النبي - ﷺ - كان أفضل من جبرئيل عليه السلام قال رسول الله - ﷺ - وزير اى فى السماء جبرئيل وميكائيل ووجه القول بالتأويل الثاني انما هو استبعاد الاستواء والدنو والتدلي الى الله تعالى ولما كان القران ناطقا بان منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات فلا وجه للقول بهذا التأويل البعيد والاستواء والدنو والتدلي وكونه قاب قوسين او ادنى بلا كيف على ما يليق بالتنزيه مشهود لارباب القلوب كمشاهدة القمر ليلة البدر فالاوجه فى القول ما قالوا والله تعالى اعلم قال سعيد بن جبير فى قوله تعالى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
انه اوحى اليه أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى الى قوله ورفعنا لك ذكرك
الأمم حتى يدخلها أمتك والظاهر أن ما اوحى عام ولا وجه للتخصيص.
ما كَذَبَ الْفُؤادُ اى فواد محمد - ﷺ - ما رَأى قال ابن مسعود راى محمد - ﷺ - جبرئيل له ستمائة جناح وكذا روى عن عائشة رض وأنكرت عائشة روية النبي - ﷺ - وبه روى البخاري عن مسروق قال قلت لعائشة يا أماه هل راى محمد ﷺ ربه فقالت لقد يقف شعرى مما قلت اين أنت من ثلث من حدثكهن فقد كذب من حدثك ان محمد راى ربه فقد كذب ثم قرأت لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء الحجاب ومن حدثك انه يعلم ما فى غد فقد كذب ثم قرأت ما تدرى نفس ماذا تكسب غدا ومن حدثك انه كتم شيأ من الوحى فقد كذب ثم قرأت يا ايها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك الاية ولكن راى جبرئيل فى صورته مرتين وقال ابن عباس ما كذب الفؤاد ما راى ولقد راه نزلة اخرى ان محمدا - ﷺ - راى ربه جل وعلى بفؤاده مرتين كذا روى مسلم عنه وفى رواية الترمذي قال ابن عباس راى محمد ربه قال عكرمة قلت أليس الله يقول لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وقال ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره وقد راى محمد ربه مرتين واخرج ابن جرير عن ابن عباس انه - ﷺ - سئل هل رايت ربك قال رايت بفؤادى وقال انس والحسن وعكرمة راى محمد - ﷺ - ربه يعنى بعينه قال البغوي قال عكرمة عن ابن عباس قال ان الله اصطفى ابراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام واصطفى محمد ﷺ بالروية وروى الترمذي عن الشعبي ان كعب الأحبار قال لابن عباس ان الله قسم رويته وكلامه بين محمد وموسى فكلم موسى مرتين وراى محمد - ﷺ - مرتين قلت المراد بالروية المختلف فيها اما الروية بالبصر واما الروية القلبية المعبر عنها بالمشاهدة فغير مختص بالنبي - ﷺ - بل يتشرف اولياء أمته - ﷺ - ايضا وقد ادعى بعض الأولياء الروية البصرية وذلك خلاف اجماع فى حق غير النبي - ﷺ - وهذا الدعوى مبنى على الاشتباه ووجه الاشتباه ان الصوفي قد يرى ربه بقلبه وهو يقظان ويتعطل حينئذ بصره لكنه يزعم فى غلبة الحال انه يراه ببصره وانما هو يراه بقلبه وبصره معطل وقوله عليه السلام رايته بفؤادى لو ثبت لا يدل على انفى الروية بالبصر الا بالمفهوم قلت وقول ابن مسعود وعائشة شهادة على النفي وشهادة الإثبات أرجح وما احتج به عائشة على نفى رويته - ﷺ - فلا يخفى ضعفه واما قوله تعالى لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ فقد ذكرنا فى تفسير تلك الاية فى سورة الانعام ان الدرك أخص من الروية
الشيطان فى أمنيته والفارق بينهما ان يرجع الصوفي الى قلبه فان صدقه قلبه واطمأن به ورأى فى قلبه منه برد اليقين علم انه من الله سبحانه وان كذبه قلبه واضطرب عنده وابى عرف انه من النفس او الشيطان قال رسول الله - ﷺ - إذا جاءك فى صدرك شىء فدعه رواه احمد عن ابى امامة او قال عليه السلام استفت قلبك وان أفتاك المفتون وقرأ الجمهور بتخفيف الذال والكذب يجىء متعديا بمعنى كذب له ومجازه ما كذب الفؤاد لمحمد - ﷺ - فيما راى يعنى أخبره على ما فى نفس الأمر فان قيل هذه الاية يقتضى ان تصديق القلب يغاير روية القلب قلنا نعم وتحقيق المقام ان قلب المؤمن يدرك الله سبحانه وصفاته يمعية ذاتية غير متكيفة مترتبة على محبة ذاتية غير متكيفة ولا يراه بل روية مقتصرة على مراتب الظلال بل القلب لا يرى شيئا من ذوات الممكنات ايضا فان حصول الأشياء فى الأذهان انما هى باشباهها وظلالها لا بانفسها وما يرى ذات شىء مما يراه الا يتوسط الباصرة فروية الله سبحانه تيسير للمومنين فى الاخرة بتوسط الحاسة لا فى الدنيا الا ما ذكرنا من الخلاف فى حق النبي - ﷺ - خاصة ودركه تعالى مختص بالقلوب دون الابصار فانه تعالى لا تدركه الابصار
أَفَتُمارُونَهُ معطوف على محذوف قرأ حمزة والكسائي أفتمارونه على وزن تدعونه بمعنى تغلبونه فى المرأ يقال ماريته فمريته بمعنى حادلته فغلبته وعلى هذا التقدير الكلام أتمارونه فتمرونه عَلى ما يَرى عدى بعلى لان الفعل بمعنى الغلبة وقيل تمرون تجحدون يقال مريت الرجل حقه يعنى جحدته والمعنى أتجادلون محمدا فتحجدون صدقه على ما يرى والتعدية بعلى حينئذ ايضا لتضمن الفعل مع الغلبة فان المجادل والجاحد يقصدان يفعلهما للغلبة على الخصم وقرأ جمهور القراء أفتمارونه من المراء وهو المجادلة واشتقاقه من مرى الناقة اى استخرج لبنها فان كلا من المتجادلين بمرى ما عند صاحبه يستخرجه وتقدير الكلام حينئذ تنكرون قول محمد فتمارونه عن ما يرى والاستفهام للتوبيخ والإنكار يعنى لا ينبغى....... الإنكار والجدال فيما يدعى محمد - ﷺ - رويته وأورد صيغة المضارع استحضارا للحال الماضي وحكاية عنه وجاز ان يراد به التوبيخ على انكار كل ما أراه محمد - ﷺ - فى الحال او الاستقبال-.
وَلَقَدْ رَآهُ يعنى والله لقد راى محمد - ﷺ - ربه جل وعلا او جبرئيل على صورته التي خلق عليها على اختلاف القولين المذكورين نَزْلَةً فعلة من النزول كجلسة من الجلوس منصوب على الظرفية من راه تقديره وقت نزلة اخرى او على المصدرية تقديره نازلا نزلة اخرى وفى إيراد نزلة اشعار بان الروية فى هذه المرة كانت ايضا بالنزول والدنو فان روية البشر الممكن الواجب جل سلطانه انما يتصور إذا كان البشر الرائي فى الأفق الأعلى والدرجة الانس من درجات الإمكان والله تعالى يتنزل من مراتب التنزيه الى نوع من درجات التشبيه فيرى من وراء حجب الظلال او الصفات ولا يذهب عليك من مقالتى هذا حدوث امر فى جانبه تعالى ذلك علوا كبيرا بل النزول والعروج كلها فى مرتبة العلم يظهر بحدوث صفاء فى مراة قلب المتجلى له وقد مر البحث عن مثله فى سورة البقر فى تفسير قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ أُخْرى هذا يدل على تعدد الروية ولا يدل على الانحصار فى المرتين فما روى عن ابن عباس وكعب الأحبار انه راى ربه مرتين محمول على بيان ادنى ما يتصور فيه التعدد وهذه الاية حكاية عن روية النبي - ﷺ - ربه ليلة المعراج.
انا بيوسف إذا هو قد اعطى شطر الحسن فرحب بي ودعا بي بخير ولم يذكر بكاء موسى وقال فى السماء السابعة فاذا انا بإبراهيم مسند أظهره الى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون الف ملك لا يعودون اليه وفى رواية قال جبرئيل هذا البيت المعمور يصلى فيه كل يوم سبعون الف ملك إذا خرجوا لا يعودوا اخر ما عليهم ثم ذهب بي الى السدرة المنتهى فاذا اورقها كاذان القبلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشّها من امر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع ان ينعتها من حسنها واوحى الى ما اوحى ففرض علىّ خمسين صلوة فى كل يوم وليلة فنزلت الى موسى قال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلوة فى كل يوم وليلة قال ارجع الى ربك فسئله التخفيف فان أمتك لا يطيق ذلك فانى بلوت بنى إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت الى ربى فقلت يا رب خفف عن أمتي فحط عنى خمسا فرجعت الى موسى فقلت حط عنى خمسا قال ان أمتك لا تطيق ذلك فارجع الى ربك فسئله التخفيف قال فلم ازل ارجع بين ربى وبين موسى حتى قال يا محمد انهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلوة عشر فلذلك خمسون من عمّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فان
فليس يغيب بالنسبة الى بعض الملائكة وروى البغوي بسنده عن اسماء بنت ابى بكر قالت سمعت النبي - ﷺ - يدكر سدرة المنتهى قال يسير الراكب فى ظل الغصن مائة عام ويستظل فى الغصن منها ماية الف راكب فيها فراش من ذهب كان ثمرها القلال وقال مقاتل هى شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار وجميع الألوان لوان ورقة منها وضعت فى الأرض أضاءت لاهل الأرض وهى طوبى التي ذكرها الله فى سورة الرعد.
عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى ط واضافة جنة الى المأوى ايضا من قبيل اضافة الموصوف الى الصفة جوزها الكوفيون ويؤله البصريون بجنة المكان المأوى قال عطاء عن ابن عباس معناه جنة يأوي إليها جبرئيل والملائكة وقال مقاتل والكلبي فاوى إليها أرواح الشهداء وجنة المأوى مبتدا او فاعل للظرف والجملة صفة لسدرة ان كانت الاضافة للعهد الذهني فى قوة النكرة والا فهى حال عنها.
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى الظرف متعلق يراه الموصول مع الصلة فاعل يغشى استعمال الموصول للتفخيم وصيغة المضارع بمعنى الماضي والمعنى غشيها ما لا يستطيع أحد ان ينعبتها لحسنها او لكثرة عددها او لعدم درك كنهها وقد مر فى حديث المعراج عن انس فلما غشيتها من امر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق يستطيع ان ينعتها من حسنها وروى مسلم عن ابن مسعود قال إذ يغشى السدرة ما يغشى قال فراش من ذهب وكذا ذكر البغوي قول ابن عباس قال البغوي عن الحسن قال غشيتها نور رب العزت فاستنارت قلت لعل نور رب العزة كعزة كنى عنها بفراش من ذهب وقال مقاتل تغشيها الملائكة أمثال الغربان- وقال السدى من الطيور وروى عن ابى العالية عن ابى هريرة رض او غيره قال غشيتها نور الخلائق وغشيها الملائكة من حب الله أمثال الغربان حتى يقعن على الشجر قلت ولا منافات بين تغشية نور رب العزة وتغشية الملائكة فان تغشية الملائكة انما هى لأجل تغشية نور رب العزة كما يدل عليه قوله غشيها من الملائكة من حب الله أمثال الغربان وتغشية النور من قبيل التجليات النورية والله تعالى اعلم قال البغوي يروى فى الحديث رايت على كل ورقة منها ملكا قايما يسبح الله تعالى.
ما زاغَ الْبَصَرُ يعنى ما مال بصر النبي - ﷺ - يمينا ولا شمالا وما أخطى فى النظر بل أثبته اثباتا صحيحا وَما طَغى اى ما جاوز عن الجيوب؟؟؟ الى يثيره اه من العشق وحالاته احرق قلبى بحراراته ما نظر العين الى غيركم اقسم بالله وآياته قيل معناه ما عدل عن روية العجائب التي امر برويتها-.
لَقَدْ رَأى
ان المعراج كان بعد الوحى بنحو من اثنى عشر سنة قبل الهجرة بسنة وقال بعض اهل الحديث ان هذا كان رويا فى المنام أراه عز وجل قبل الوحى وهو فى المسجد الحرام ثم عرج به فى اليقظة بعد الوحى قبل الهجرة تحقيقا لرؤياه من قبل كما انه راى فتح مكة فى المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق والله تعالى اعلم ولما ذكر الله سبحانه روية النبي - ﷺ - ربه وآيات ربه وتعلمه - ﷺ - منه تعالى وتصديق قلبه اردفه بذلك تقبيح الكفار بقصر نظرهم على مجازه لا حقيقة لها فقال.
أَفَرَأَيْتُمُ الاستفهام للانكار والتوبيخ والفاء للعطف على محذوف تقديره انظر تم ما تعبدونه فرايتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى هذه اسماء أصنام اتخذوها الهة يعبدونها ويزعمون الملائكة بنات الله ويزعمون الأصنام هياكل الملائكة ويقولون الأصنام استوطنها جنيات هن بنات الله واشتقوا لها اسماء من اسماء الله تعالى فاشتقوا من الله اللات ومن العزيز العزى تأنيث الأعز وقيل اللات أصله لوية على وزن فعلة
وَمَناةَ قرأ ابن كثير بمد وهمزة على انه مفعلة من النوع كانهم يستمطرون الأنواع عندها تبركا بها أصله منواة قلبت الواو الفا بعد نقل حركتها الى ما قبلها والباقون بلا مد وهمزة فهى فعلة من مناة إذا قطعه فانهم كانوا يذبحون عندها القرابين قال قتادة هى لخزاعة كانت بقديد وقالت عائشة رض فى الأنصار كانوا يهلون لمناة
أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى قال ابن عباس وقتادة اى قسمة جايرة حيث جعلتم لربكم ما تكرهون لانفسكم وقال مجاهد ومقاتل اى قسمة عوجا وقال الحسن غير معتدل قرأ ابن كثير ضئزى بالهمزة من ضئزة إذا ظلمه على انه مصدر لعت به مبالغة يعنى قسمة ظالمة والباقون بالياء قال الكسائي يقال ضاز يضيز ضازا وضاز يضوز ضوزا وضاز يضاز ضازا إذا ظلم ونقض قلت ليس هذا ضاز ويضوز بل هو يائي من ضاز يضير على وزن باع يبيع او ضاز يضاز على وزن نال ينال واصل ضيزى فعلى بضم الفاء لانها صفة والصفات لا تكون الأعلى فعلى بضم الفاء كحبلى وأنثى او فعلى بفتح الفاء نحو غضبى وسكرى وعطشى وليس فى كلام العرب فعلى بكسر الفاء فى النعوت وانما يكون فى الأسماء كذكرى وشعرى وانما كسر الضاد هاهنا لئلا يتقلب الياء واوا فيلتبس بناءه كذا قالوا فى جمع الأبيض بيض والأصل بضم الفاء مثل حمر وصفر.
أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى أم منقطعة ومعنى بل فيه للابتداء ومعنى الهمزة للانكار يعنى ليس للانسان كل ما يتمناه والمراد نفى طمعهم فى شفاعة الأصنام وقولهم لئن رجعت الى ربى ان لى عنده للحسنى وقولهم لولا نزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم ونحوها.
فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى ع الفاء للسببية والجملة تعليل للنفى المفهوم مما سبق يعنى ليس للانسان كل ما يتمناه بان الدار الاخرة والدار الاولى كل واحدة منهما مملوكة لله مختص به يعطيهما من يشاء ويمنعهما ممن يشاء لادخل فى منعه وإعطائه لتمنى متمن ولا لشىء اخر
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ كاين فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً من الغناء ولا ينفع فى حين من الأحيان إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ فى الشفاعة لِمَنْ يَشاءُ من الملائكة ان يشفع او من الناس ان يشفع له وَيَرْضى بشفاعة له مع كونهم عباد الله المكرمين المقربين فكيف يرجون هؤلاء شفاعة الأصنام والاية رد لقولهم هؤلاء شفعاءنا عند الله وقال البغوي معناه كم من ملك فى السموات ممن يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعتهم عند الله يعنى شفاعتهم.
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يعنى كفار مكة والتعبير بالموصول لبيان جهلهم لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ اى كل واحد منهم تَسْمِيَةَ الْأُنْثى حيث يقولون انها بنات الله لما كان هذا القول فى غاية الاستبعاد وجريا بالإنكار أورد الكلام بالاستيناف والتأكيد بان واللام جريا للسامع مجرى المنكر.
وَما لَهُمْ بِهِ اى بهذا القول مِنْ عِلْمٍ ط الجملة حال من فاعل يسمون إِنْ يَتَّبِعُونَ اى لهؤلاء الكفار الجهال إِلَّا الظَّنَّ ج الحاصل بالتقليد او التوهم الباطل من غير دليل وهذه الجملة بيان وتأكيد لقوله ومالهم به من علم وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ج اما منصوب على المصدرية ومن الحق ظرف لغو متعلق بلا يغنى واما منصوب على المفعولية ومن الحق حال منه والمراد بالحق العلم لانه عبارة عن الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع والواقع هو الحق والمعنى ان الظن لا يغنى من العلم شيئا من الغناء او لا يفيد شيئا من العلم يعنى لا يقوم الظن الحاصل بالتقليد ونحوه مقام العلم الحاصل بدليل قطعى سمعى او عقلى فلا يجوز للعاقل اتباع الظن بل يجب طلب اليقين والجملة معترضة لتقبيح الكفار فى اتباع الظن ولما كان صلابتهم فى اتباع الظن والتقليد امارة انكارهم لهذه الجملة أورد هذه الجملة بالتاكيد فان قيل جاز فى الشرع اتباع الظن فى العمليات وغالبا مسائل الفقه مستنبطة من الادلة الظنية وايضا ثبت بأحاديث الآحاد ونحو ذلك كثير من القصص الماضية وتفاصيل نعم الجنة وعذاب جهنم وتفاصيل اخبار يوم المعاد فلو كان الظن لا يفيد شيئا من العلم لكان تعليمها عبثا ولا يجوز القول بها ولا العمل بالفقه والاعتقاد بها- قلنا معنى هذه الاية انه لا يجوز اتباع الظن فيما يعارضه العلم الحاصل بدليل قطعى وان الظن لا يفيد فائدة العلم إذ لا شك ان الأضعف لا يصادم الا قوى فمقتضى هذه الاية ان العقائد الحقة الثابتة بالادلة القطعية العقلية او الآيات المحكمات والاخبار المتواترات السمعية لا يجوز تركها باتباع الظن
فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا يعنى القران او الايمان او عن الاشتغال بذكر الله وَلَمْ يُرِدْ شيئا إِلَّا شهوات الْحَياةَ الدُّنْيا ط اتهمك فيها بحيث كان منتهى همته مبلغ علمه الدنيا فحسب الفاء للسببية والموصول وضع موضع المضمر لتاكيد سببية الاعراض يعنى إذا علمت جهلهم وسفاهتهم وسخافت عقلهم انهم يتبعون الظن ويتركون ما جاءهم من ربهم الهدى ويختارون عبادة حجارة لا تضر ولا تنفع ويتولون عن الاشتغال بالرحمن الواحد القهار فاعرض عنهم حيث لا تفيد دعوتك فيهم فانهم كالانعام بل هم أضل ولما كان بعض حركاتهم وسكناتهم مفيدة فى الدنيا دالة على ادراكاتهم موهمة لهم نصيبا من العقل قال الله تعالى لدفع ذلك الوهم قوله.
ذلِكَ يعنى امر الدنيا وكونها شبهة مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ط يعنى لا يتجاوز علمهم وعقلهم من العلم بالأمور المعاشية والتعقل بها وذلك غير معته به عند الله اعلم ان العلم والعقل كل منهما مخلوقة لله تعالى على حسب ما أراد وليست الأسباب الا أسبابا عادية وليست الأسباب أسبابا حقيقة كما زعمته الفلاسفة فالله تعالى انشأ يخلق العلم
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لا ملكا وخلقا عطف على الجملة السابقة يعنى هو الا علم بهم وهو إلهكم وخالقهم يفعل بهم ما يشاء وما يقتضيه الحكمة لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى اللام متعلق بمضمون الجملتين السابقتين يعنى خلق العالم وميز الضال من المهتدى وحفظ أحوالهم ليجزى الذين أساءوا بالشرك والعصيان بسبب أعمالهم من الإشراك والمعاصي يجزى الذين أحسنوا أعمالهم بالإخلاص بالحسنى اى بالمثوبة الحسنى يعنى الجنة او بالأحسن من أعمالهم وهى الإخلاص او لسبب الأعمال الحسنى.
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ بدل من الذين أحسنوا او خبر لمبتداء محذوف اى هم الذين يجتنبون كَبائِرَ الْإِثْمِ قرأ حمزة والكسائي وخلف كبير الإثم على صيغة الاخر او على ارادة الجنس فهو اضافة صفة الى موصوفها نحو اخلاق ثياب والمراد بكبير الإثم الشرك فان الشرك لظلم عظيم وقرأ الباقون كبائر بصيغة الجمع اصناف افراد الكبائر الى جنسه على طريقة كرام البشر وجياد الدرهم وقد ذكرنا تحقيق الكبائر من الذنوب فى سورة النساء فى تفسير قوله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ... وَالْفَواحِشَ اما عطف تفسيرى او المراد ما فحش من الكبائر خصوصا قيل أريد به ما شرع فيه الحد إِلَّا اللَّمَمَ يعنى ما صدر من العبد بلا اصرار ثم تاب عنه ولا يكون له عادة واقامة عليه بل حينا بعد حين يقال فلان يفعل كذا اى حينا بعد حين كذا قال الجوهري قال البغوي وهو قول ابى هريرة ومجاهد والحسن ورواية عن عطاء عن ابن عباس قال السدى قال ابو صالح سئلت عن قول الله عز وجل الا اللمم فقلت هو الرجل يلم بالذنب اى يقربه ثم لا يعاوده فذكرت ذلك لابن عباس فقال لقد اعانك عليها الملك الكريم قال البغوي وروينا عن عطاء عن ابن عباس فى قوله تعالى الا اللمم قال قال رسول الله - ﷺ - ان تغفر اللهم تغفر جما واى عبد لك لا الما فالاستثناء متصل كما هو الأصل وقيل اللمم الصغار من الذنوب كذا فى القاموس فهو كالنظرة والغمزة والقبلة وما كان دون الزنا قال البغوي وهو قول ابن مسعود وابى هريرة ومسروق والشعبي ورواته طاؤس عن ابن عباس روى البخاري عن ابن عباس قال ما رايت أشبه باللمم بما قال ابو هريرة
بن عمرو قال رسول الله - ﷺ - ان أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال ما اكتب قال اكتب القدر فكتب ما كان وما هو كاين الى الابد رواه الترمذي من حديث عبادة بن الصامت وقال هذا حديث غريب اسناده وقال رسول الله - ﷺ -
أَفَرَأَيْتَ الاستفهام للتعجب والفاء للعطف على محذوف يعنى أنظرت يا محمد الَّذِي تَوَلَّى عن اتباع الحق والثبات عليه يعنى الوليد بن المغيرة كان قد اتبع النبي - ﷺ - على دينه فعيره بعض المشركين وقال لم تركت دين الأشياخ وضللتهم قال انى خشيت عذاب الله فضمن الذي عاتبه ان هو أعطاه كذا من ماله ورجع الى شركه ان يتحمل عنه عذاب الله فرجع الوليد الى الشرك.
وَأَعْطى الذي غيره بعض ذلك
أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ استفهام للانكار فَهُوَ يَرى الفاء للسببية يعنى ان كان عنده علم الغيب فهو يعلم ان صاحبه يتحمل عنه إذا اشركه لما أخذ من ماله-.
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ اى لم يخبر بِما فِي صُحُفِ مُوسى يعنى اسفار التوراة.
وَصحف إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ما امره الله به وإثمه حتى قام يذبح ابنه وبلغ رسالات ربه واحتمل من الخلق أذى حتى صبر على نار نمرود وابتلاه ربه بكلمات فاتمهن والتوصية الإتمام وروى البغوي بسنده عن ابى امامة عن النبي - ﷺ - قال وابراهيم الذي وفى قال صلى اربع ركعات أول النهار واخرج ابن جرير وابن ابى حاتم عن معاذ بن انس عن رسول الله - ﷺ - قال الا أخبركم لم سمى ابراهيم خليل الله الذي وفى انه كان يقول كلما أصبح وامسى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون حتى ختم الاية وروى الترمذي عن ابى الدرداء وابى ذر عن رسول الله - ﷺ - عن الله تبارك وتعالى انه قال يا ابن آدم اركع لى اربع ركعات أول النهار أكفك آخره ورواه ابو داود والدارمي عن نعيم الفطفانى واحمد عنهم وقدم موسى لان صحفه يعنى التوراة كان أشهر وأم قيل منقطعة لان من شرط المتصلة ان يليه أحد المتساويين والاخر الهمزة وهاهنا ليس كذلك قلت جاز ان يقال فى تاويل الاية أعنده علم الغيب بتوسط الانباء او بلا توسط بانه يتحمل عنه غيره أم ليس عنده علم الغيب الحاصل بتوسط الانباء والكتب ايضا بانه لا بتحمل أحد عن غيره والاستفهام للانكار يعنى ليس عنده علم الغيب يتحصل أحد عن غيره وعنده علم حصل بالتواتر والشهرة
أَلَّا تَزِرُ اى لا تحمل نفس وازِرَةٌ نفس حاملة وِزْرَ نفس أُخْرى يعنى لا يوخذ نفس يأثم غيره ان مخففة من الثقيلة اسمها ضمير الشان محذوف والجملة خبره وهى مع اسمها وخبرها فى محل الجر بدلا مما فى صحف موسى او الرفع على انه خبر مبتدا محذوف اى هو كانه قيل ما فى صحفها فاجاب به قال البغوي روى عكرمة عن ابن عباس قال كانوا قبل ابراهيم يأخذون الرجل بذنب غيره وكان الرجل يقتل بقتل أبيه وابنه وأخيه وامرأته وعبده حتى جاء ابراهيم فنهاهم عن ذلك وبلغهم عن الله ان لا تزر وازرة وزر اخرى قلت لم يكن ذلك حكما شرعيا بل حكما جاهليا كما كان قبل مبعث النبي - ﷺ - ايضا فى الأوس والخزرج كان أحد الحيين شريفا ذا ثروة من الاخرى فكانوا يقتلون بامرأة من الشريف رجلا من الاخر وبعبد حرا وبواحد اثنين حتى نزلت الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى وقد ذكرنا القصة فى سورة البقرة- وهذه الاية لا يخالف قوله تعالى وكتبنا على بنى إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد فى الأرض فكانما قتل الناس جميعا وقوله - ﷺ - من سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة أخرجه احمد ومسلم من حديث جرير بن عبد الله رض فان ذلك للدلالة والتسبب الذي هو وزره ولذا ورد فى الحديث من غير ان ينقص من أوزارهم شيئا وكذا قوله تعالى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وقوله - ﷺ - إذا انزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم متفق عليه من حديث ابن عمر محمول على ترك الأمر بالمعروف نحو قوله - ﷺ - ان الناس إذا رد الظالم فلم يأخذوه على يديه او شك ان يعمهم الله بعقاب رواه اصحاب السنن الاربعة من حديث ابى بكر الصديق (مسئلة) اختلف اقوال السلف فى تعذيب الميت ببكاء اهله عليه وقد ورد فى الصحيحين عن عبد الله بن مليكة قال توفيت بنت لعثمان بن عفان بمكة فجئنا لنشهدها وحضر ابن عمرو ابن عباس فقال ابن عمر لعمر بن عثمان وهو مواجهه الا تلتهى عن البكاء فان رسول الله - ﷺ - قال ان الميت ليعذب ببكاء اهله عليه فقال ابن عباس قد كان يقول بعض ذلك ثم حدث وقال لما ان أصيب عمر دخل صهيب يبكى يقول وا أخاه وا صاحباه فقال عمر يا صهيب أتبكي على وقد قال رسول الله - ﷺ - ان الميت ليعذب ببعض بكاء اهله عليه فقال ابن عباس فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت يرحم الله عمر لا والله ما حدث رسول الله ﷺ ان الميت ليعذب ببكاء اهله عليه ولكن ان الله يزيد الكافر عذابا ببكاء اهله عليه وقالت عائشة حسبكم القران ولا تزر
يموت فتقوم نادية فتقول واجبلاه واسيداه وشبه ذلك من القول الا وكل به ملكان ينهرانه وهكذا كنت قلت وهذا التأويل ايضا لا يدفع التعارض فان التوبيخ بفعل غيره ايضا مما يمنعه لا تزر وازرة وزر اخرى وقيل المراد بالتعذيب تألم الميت بما يقع من اهله الحديث الطبراني وابن ابى شيبة عن قيلة بنت محترمة انها ذكرت عند رسول الله - ﷺ - ولدا لها مات ثم بكت فقال رسول الله - ﷺ - أيغلب أحدكم ان يصاحب صويحية فيا عباد الله لا تعذبوا امواتكم وهذا القول عليه ابن جرير واختاره الائمة آخرهم ابن تيمية واخرج سعيد ابن منصور عن ابن مسعود انه راى نسوة فى جنازة فقال ارجعن ما زورات غير ما جورات انكن لا تفتن الاحياء وتوذين الأموات والقول الصحيح فى دفع التعارض ان الحديث فيمن كان النوح من سنته او فيمن اوصى به او فيمن لم يوص بتركه إذا علم ان من شان اهله انهم يفعلون فيكون التعذيب على وزره دون وزر غيره واختار البخاري هذا القول.
وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى اى الا سعيه يعنى كما لا يوخذ أحد بذنب غيره لا يثاب بفعل غيره ايضا عطف على ان لا تزر كلا الحكمين كانا فى صحف ابراهيم وموسى ومستدلا بهذه الاية قال الشافعي لا يثاب أحد بعمل غيره وقال ابو حنيفة
قلت والظاهران انتفاع الأموات والاحياء بدعاء الاحياء غير مختصة بهذه الامة وقد قال نوح عليه السلام رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل بيتي مومنا وللمؤمنين والمؤمنات وقال ابراهيم عليه السلام ساستغفر لك ربى انه كان بي حفيا وقال يوسف لاخوته لا تثريب عليكم اليوم ليغفر الله لكم
تصدق أحدكم بصدقة تطوعا فليجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرها ولا ينقص من اجره شيئا واخرج الديلمي نحوه من حديث معاوية بن جندة وحديث انس سمعت رسول الله - ﷺ - يقول ما من اهل بيت يموت منهم فيتصدقون عنه بعد موته الا اهدا له جبرئيل على طبق من نور ثم يقف على شفير القبر فيقول يا صاحب القبر العميق هذه هدية أهداها إليك أهلك فاقبلها فيدخل عليه فيفرح بها ويستبشر ويحزن جيرانه الذين لا يهدى إليهم شىء رواه الطبراني فى الأوسط وحديث ابن عمر قال قال رسول الله - ﷺ - من حج عن والديه بعد وفاتهما كتب الله لهما عتقا من النار وكان للمحجوج عنهما اجر حجة تامة من غير ان ينقص من اجورهما شىء وقال - ﷺ - ما وصل ذو رحم رحمه بأفضل من حجة يدخلها عليه بعد موته فى قبره رواه البيهقي والاصبهانى بسند فيه مجهولان وعن زيد بن أرقم عن النبي - ﷺ - من حج عن أبويه ولم يحجا فيرى عنهما وبشرت أرواحهما فى السماء وكتب عند الله بزا أخرجه ابو عبد الله الثقفي وحديث عقبة بن عامر ان امرأة جاءت الى رسول الله - ﷺ - فقالت أحج عن أمي وقد ماتت قال ارايت لو كان على أمك دين فقضيته قالت بلى فامرها ان تحج رواه الطبراني وحديث انس قال جاء الى النبي - ﷺ - قال ان ابى مات ولم يحج حجة الإسلام فقال ارايت لو كان على أبيك دين كنت تقضيه عنه قال نعم قال فانه دين عليه فاقضبه رواه البزاز والطبراني بسند حسن وحديث ابى هريرة قال قال
الرحمن رقيقا من تلاده ترجوا ان ينفعه بذلك بعد موته وقال الحافظ شمس الدين ابن عبد الواحد ما زالوا فى كل مصر يجتمعون ويقرؤن لموتاهم من غير نكير فكان ذلك اجماعا واخرج
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى فى ميزانه يوم القيامة ان كان مؤمنا واما الكافر فيحبط أعمالهم بفوات شرطها وهى النية الخاصة لله تعالى او يقال الكافر يثاب عليه فى الدنيا من أريته الشيء قلت والاولى ان يقال السعى هاهنا بمعنى القصد قال فى القاموس سعى يسعى سعيا كرعى قصد وعمل ومشى وعدى وتم وكسب وقال بعض المحققين السعى المشي السريع ويستعمل للحمد فى العمل ومعنى الاية ليس للانسان الا ما قصد وأراد بفعله فهذه الاية تفيد ما يفيد قوله - ﷺ - انما الأعمال بالنيات وان لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى الدنيا يصيبها او المرأة نكحها فهجرته الى ما هاجر اليه متفق عليه من حديث عمر ابن خطاب رض فلا تدل هذه الاية على ان عمل أحد لا يفيد غيره كيف وصلوة الجنازة والصلاة على النبي - ﷺ - امورتان واجبتان وضعتا لانتفاع غير الفاعل والله تعالى اعلم.
ثُمَّ يُجْزاهُ اى المؤمن الْجَزاءَ الْأَوْفى الأتم والأكمل.
وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى هذا وما عطف عليه كله فى صحف ابراهيم وموسى والمنتهى مصدر بمعنى الانتهاء روى البغوي بسنده عن ابى بن كعب عن النبي - ﷺ - فى قوله تعالى وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى قال لا فكرة فى الرب يعنى الفكرة تنتهى الى الله ويتلاشى هناك قال البغوي وهذا مثل ما روى عن ابى هريرة مرفوعا تفكروا فى الخلق ولا تفكروا فى الخالق فانه لا تحيط به الفكرة كذا ذكر البغوي وروى ابو الشيخ فى العظمة عن ابن عباس تفكروا فى كل شىء ولا تفكروا فى ذات الله فان بين السماء السابعة الى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك قلت يعنى الفكرة لا يصل الى كرسيه فكيف الى ذاته وهو أجل وارفع وفى رواية له عنه تفكروا فى الخلق ولا تفكروا فى الخالق فانكم لا تقدرون قدره وروى ابو نعيم فى الحلية عنه تفكروا فى خلق الله ولا تفكروا فى الله وروى ابو الشيخ عن ابى ذر تفكروا فى خلق الله ولا تفكروا فى الله قلت الفكر عبارة عن ترتيب مقدمات لتحصيل مطلوب فترتيب المقدمات لا يتصور الّا فى آلاء الله وآياته واثاره والمطلوب ذاته وهناك تنتهى الفكرة فانه ليس وراء العباد ان
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى يعنى خلق كل ما يعمله العباد حتى الضحك والبكاء قال عطاء بن ابى مسلم يعنى افرح واحزن وقال مجاهد اضحك اهل الجنة فى الجنة وابكى اهل النار فى النار وقال الضحاك اضحك الأرض بالنبات وابكى السماء بالمطر روى البغوي بسنده عن جابر بن سمرة قال كان اصحاب النبي - ﷺ - يحلون فيتناشدون الشعر ويذكرون أشياء من امر الجاهلية فيضحكون ويتبسم معهم إذا ضحكوا يعنى النبي - ﷺ - ورواه مسلم بلفظ كانوا يتحدثون فياخذون فى امر الجاهلية فيضحكون ويتبسم - ﷺ - وفى رواية الترمذي يتناشدون الشعر روى البغوي فى شرح السنة عن قتادة قال سئل ابن عمر هل كان اصحاب رسول الله - ﷺ - يضحكون قال نعم والايمان فى قلوبهم أعظم من الجبل وقال بلال بن سعد يشتدون بين الأغراض ويضحك بعضهم الى بعض فاذا كان الليل كانوا رهبانا- وروى البخاري عن عائشة ما رايت النبي - ﷺ - مستجمعا ضاحكا حتى ارى منه لهواته انما كان يتبسم وفى الصحيحين عن جرير قال ما حجبنى النبي - ﷺ - منذ أسلمت ولارانى الا تبسم وروى الترمذي عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال ما رايت أحدا اكثر تبسما من رسول الله - ﷺ - وروى البخاري عن ابى هريرة قال قال ابو القاسم - ﷺ - والذي نفسى بيده لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا وكذا روى احمد والترمذي وابن ماجة عن ابى ذر وزادوا ما تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم الى الصعدات تحادون الى الله.
وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا ما لا روح فيه كالنقطة لنطفة جعله حيوانا والبذر جعله شجرا وقيل أمات الآباء وأحيا الأبناء وقيل أمات الكافر بالنكرة واحياء المؤمن بالمعرفة.
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى من كل حيوان.
مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى ص اى تصب فى الرحم يقال منى الرجل وامنى قاله الضحاك وعطاء بن ابى رباح وقال آخرون إذا يقدر قال منيت الشيء إذا قدرته.
وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى قرأ ابن كثير وابو عمرو النشاة بالمد والباقون بسكون الشين بلا مدوهما مصدران
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى الناس بالأموال وما يدخرونه بعد الكفاية قال فى القاموس تغنى اكتفى بنفقته وفضلت فضله فادخرها والظاهران التقدير اغنى وَأَقْنى أفقر فحذف أفقر استغناء منه بدلالة الحال وقال الضحاك اغنى بالذهب والفضة وصنوف الأموال واقنى بالإبل والبقر والغنم وقال قتادة والحسن اقنى اخدم وقال ابن عباس اغنى واقنى يعنى اعطى فاوصى وقال مجاهد ومقاتل اقنى ارضى بما اعطى وقنع قال ابن زيدا غنى أكثروا قنى اقل وقرأ يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وقال الأخفش اقنى أفقر.
وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى وهو كوكب خلف الجوزاء وهما شعر بان يقال لاحدهما العبور وللاخرى القميصا سميت بذلك لانها احقر من الاخرى والمختبرة بينهما وأراد لههنا الشعرى العبور وكانت خزاعة تعبدها وأول من سن لهم ذلك رجل من اشرافهم يقال له ابو كبشة عبدها وخالف قريشا فى عبادة أوثان ولما خالف رسول الله العرب فى الدين سموه ابن ابى كبشة لمناسبة مخالفة القوم وتخصيصها فى الذكر هاهنا للاشعار بانها مخلوقة لله تعالى لا يستحق العبادة مثل اللات والعزى ولعل قوما عبدوها فى زمن ابراهيم عليه السلام ايضا ولذلك ورد التخصيص بذكرها فى صحف ابراهيم وموسى.
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى وهو قوم هود اولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح عليه السلام اهلكوا بريح صرصر وكان لهم عقب كانوا عاد الاخرى قرأ نافع وابو عمرو عاد لولى بحذف الهمزة وابقاء ضمتها على اللام وادغام التنوين فيها واتى قالون بعد ضمة اللام بهمزة ساكنة فى موضع الواو والباقون يكسرون التنوين ويسكنون اللام ويخففون الهمزة بعدها ويجوز فى الابتداء بقوله عز وجل الاولى على مذهب ابى عمرو ثلثة أوجه الاولى بإثبات همزة الوصل وضم اللام بعدها والثاني لولى بضم اللام وحذف همزة الوصل قبلها استغناء عنها بتلك الحركة وهذان وجهان جائزان فى مذهب ورش فى مثل هذه الكلمة والثالث الاولى كقراءة الجمهور بإثبات همزة الوصل واسكان اللام وتحقيق همزة فاء الفعل وكذلك يجوز فى الابتداء بهذه الكلمة على مذهب قالون ثلثة أوجه ايضا الاول بإثبات همزة الوصل وضم اللام وهمزة ساكنة عوض الواو والولي بضم اللام وحذف همزة الوصل وهمزة الواو كوجه ابى عمرو الثالث قال الداني وهو عندى احسن الوجوه واقتبسها بمذهبنا.
وَثَمُودَ قرأ عاصم وحمزة بغير تنوين ويقفان بغير الف والباقون بالتنوين ويقفون بالألف وهم قوم صالح اهلكهم الله بالصيحة فَما أَبْقى منهم أحدا.
وَقَوْمَ نُوحٍ اهلكهم-
وَالْمُؤْتَفِكَةَ اى القرى التي ايتفكت اى انقلبت باهلها وهى قرى قوم لوط أَهْوى اى أسقط أهواها جبرئيل عليه السلام بعد رفعها الى السماء.
فَغَشَّاها ما غَشَّى ج يعنى الحجارة المنضودة المسومة فيه تهويل وتعظيم لما أصابهم.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى اى تشكك وتجادل وقال ابن عباس تكذب خطاب لكل أحد يعنى لا يجوز الشك والمجادلة فى آلاء ربك الباهرة والنعماء الظاهرة والقدرة القاهرة بعد ما سمعت احوال الأمم السابقة قيل أراد بالخطاب الوليد بن مغيرة.
هذا يعنى محمد - ﷺ - او القران نَذِيرٌ مبين مِنَ جنس النُّذُرِ الْأُولى اى المنذرين الأولين وقال الاولى على تاويل الجماعة اى من جنس النذرات الاولى قرأ حمزة والكسائي اواخر...
هذه السورة من قوله تعالى إِذا هَوى الى النُّذُرِ الْأُولى بالامالة واما ابو عمرو من ذلك ما كان فيه راء كاخرى وشعرى وتتمارى وما عدى ذلك بين بين وورش جميع ذلك بين بين والباقون بإخلاص الفتح.
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ج يعنى دنت الساعة الموصوفة بالدنو فى قوله تعالى اقتربت الساعة-.
لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ الجملة حال من الآزفة كاشِفَةٌ ط اى مظهرة نظيره قوله تعالى لا يجليها لوقتها الا هو صفة موصوف محذوف اى نفس كاشفة وجاز ان يكون التاء فيه للمبالغة ويجوز ان يكون الكاشفة مصدرا كالباقية والعافية والمعنى ليس لها من دون الله كشف لا يكشفها ولا يظهرها غيره وقال عطاء وقتادة والضحاك ليس لها نفس قادرة على كشف أهوالها وشدايدها إذ غشيت الا الله تعالى يكشف عمن شاء من المؤمنين.
أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ اى القران عطف على محذوف تقديره أتسمعون فمن هذا الحديث تَعْجَبُونَ إنكارا واستفهام للتوبيخ.
وَتَضْحَكُونَ استهزاء وَلا تَبْكُونَ خشوعا او تضحكون بما تفرحون من اللذات الدنيوية ولا تبكون تحزنا على ما قصرتم فى الطاعة او أفرطتم فى المعصية.
وَأَنْتُمْ سامِدُونَ اى لاهون غافلون والسمود الغفلة عن الشيء واللهو يقال دع منا سمودك اى لهوك هذا رواية الوالبي والعوفى عن ابن عباس وقال عكرمة السمود عنه الضلو؟؟؟ بلغة اهل اليمن كانوا إذا سمعوا القران تغنوا ولعبوا وقال الضحاك اشرون بطرون وقال مجاهد غضاب معرضون وقيل معناه
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ خشوعا وتواضعا لله وتصديقا بوعده ووعيده واعتبارا وَاعْبُدُوا ع اى اعبدوه دون غيره- الفاء للسببية عطف على ازفت الآزفة عن ابن عباس قال سجد النبي صلى الله عليه واله وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والانس رواه البخاري وعن ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قرأ والنجم فسجد فيها وسجد من كان معه غير ان شيخا من قريش أخذ كفا من حصى او تراب فرفعه الى جبهه وقال يكفينى هذا قال عبد الله فلقد رايته بعد قتل كافرا متفق عليه وزاد البخاري فى رواية وهو امية بن خلف وفى لفظ البخاري أول سورة نزلت فيها سجدة النجم فسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه واله وسلم الحديث وعن زيد بن ثابت قال قرأت على رسول الله صلى الله عليه واله والنجم فلم يسجد فيها متفق عليه احتج بهذا الحديث من قال ان سجود التلاوة غير واجب وأجيب بانه صلى الله تعالى عليه وعلى اله وأصحابه وسلم لعله لم يكن حينئذ على وضوء او يكون حينئذ مانع من السجدة ولا يدل الحديث على نفى السجود مطلقا لكن هذا تاويل بعيد ولو كان تأخير السجود لعذر لببينه النبي صلى الله عليه واله وسلم ويدل على عدم وجوب السجدة وقول عمر بن الخطاب رض ان الله لم يكتبها علينا الا ان نشاء وقد ذكرنا مسائل سجود التلاوة واختلاف الائمة فيه فى سورة الانشقاق والله تعالى اعلم-.