ﰡ
وتحقيق القول في هذا الأصل العظيم : أن القبح ثابت للفعل في نفسه، وأنه لا يعذب الله عليه إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة. وهذه النكتة هي التي فاتت المعتزلة والكلابية كليهما، فاستطالت كل طائفة منهما على الأخرى، لعدم جمعهما بين هذين الأمرين.
فاستطالت الكلابية على المعتزلة بإثباتهم العذاب قبل إرسال الرسل، وترتيبهم العقاب على مجرد القبح العقلي. وأحسنوا في رد ذلك عليهم.
واستطالت المعتزلة عليهم في إنكارهم الحسن والقبح العقليين جملة، وجعلهم انتفاء العذاب قبل البعثة دليلا على انتفاء القبح، واستواء الأفعال في أنفسها وأحسنوا في رد هذا عليهم.
فكل طائفة استطالت على الأخرى بسبب إنكارهم الصواب.
وأما من سلك هذا المسلك الذي سلكناه فلا سبيل لواحدة من الطائفتين إلى رد قوله، ولا الظفر عليه أصلا. فإنه لوافق لكل طائفة على ما معها من الحق مقرر له، مخالف في باطلها منكر له.
فقوله :﴿ أفلا تسمعون ﴾ راجع إلى قوله «قل أرأيتم » أي : إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم به ؟
وقوله :﴿ أفلا تبصرون ﴾ راجع إلى قوله :﴿ قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة ﴾.
فقوله :﴿ أفلا تسمعون ﴾ راجع إلى قوله «قل أرأيتم » أي : إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم به ؟
وقوله :﴿ أفلا تبصرون ﴾ راجع إلى قوله :﴿ قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة ﴾.