تفسير سورة النجم

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة النجم من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " اسم حليم رحيم، يحلم فيما يعلم، ويستر ما يبصر ويغفر، وعلى العقوبة يقدر، يرى ويخفى، ويعلم ولا يبدي.

قوله جلّ ذكره :﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾.
والثريا إذا سقط وغرب. ويقال : هو جِنْسُ النجوم أقسم بها.
ويقال : هي الكواكب. ويقال : أقسم بنجوم القرآن عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم ويقال هي الكواكب التي تُرمَى بها الشياطين.
ويقال أقسم بالنبي صلى الله عليه وسلم عند مُنَصَرفهِ من المعراج.
ويقال : أقسم بضياء قلوب العارفين ونجوم عقولِ الطالبين.
وجوابُ القسَم قوله :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾.
أي ما ضَلَّ عن التوحيد قط، ﴿ وَمَا غَوَى ﴾ : الغَيُّ : نقيضُ الرُّشد. . وفي هذا تخصيصٌ للنبي صلى الله عليه وسلم حيث تولّى- سبحانه - الذّبَ عنه فيما رُميَ به، بخلاف ما قال لنوح عليه السلام وأذِنَ له حتى قال :﴿ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ ﴾ [ الأعراف : ٦١ ]، وهود قال :﴿ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ ﴾ [ الأعراف : ٦٧ ]. وغير ذلك، وموسى قال لفرعون :﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً ﴾
[ الإسراء : ١٠٢ ]. وقال لنبينا صلى الله عليه وسلم :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ : معناه ما ضلَّ صاحبُكم، ولا غَفَل عن الشهود طَرْفَةَ عينٍ.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَمَا ينطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وحيٌ يُوحَى ﴾.
أي ما ينطق بالهوى، وما هذا القرآنُ إلا وحيٌ يُوحَى. وفي هذا أيضاً تخصيصٌ له بالشهادة ؛ إذ قال لداود :﴿ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاس بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى ﴾ [ ص : ٢٦ ].
وقال في صفة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم :﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾.
﴿ ومتى ينطق عن الهوى ﴾ وهو في محل النجوى ؟ في الظاهر مزمومٌ بزمام التقوى، وفي السرائر في إيواء المولى، مُصَفَّى عن كدورات البشرية، مُرَقَّى إلى شهود الأَحَدِية، مُكاشَفٌ بجلالِ الصمدية، مُخْتَطفٌ عنه بالكُلِّيَّة، لم تبقَ منه إلا للحقِّ بالحقِّ بقية. . . ومَنْ كان بهذا النعت. . . متى ينطق عن الهوى ؟
قوله جلّ ذكره :﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ﴾.
أي جبريل عليه السلام.
و﴿ ذُو مِرَّةٍ ﴾ : أي ذو قوة وهو جبريل.
﴿ وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ﴾ أي جبريل.
دنا جبريلُ من محمدٍ عليه السلام. فتدلَّى جبريلُ : أي نَزَلَ من العُلُوِّ إلى محمد.
وقيل :" تدلَّى " تفيد الزيادةَ في القُرْب، وأَنَّ محمداً عليه السلام هو الذي دنا من ربِّه دُنُوَّ كرامة، وأَنَّ التدلِّي هنا معناها السجود.
ويقال : دنا محمدٌ من ربِّه بما أُودِعَ من لطائفِ المعرفة وزوائِدها، فتدلَّى بسكون قلبه إلى ما أدناه.
﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ : فكان جبريل - وهو في صورته التي هو عليها - من محمد صلى الله عليه وسلم بحيث كان بينهما قَدْرُ قوسين أو أدنى.
ويقال : كان بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين الله قَدْر قوسين : أراد به دُنُوَّ كرامة لا دُنُوَّ مسافة.
ويقال : كان من عادتهم إذا أرادوا تحقيقَ الأُلْفَةِ بينهم إِلصاقُ أحدِهم قوسَه بقوس صاحبه عبارةً عن عقد الموالاة بينهما، وأنزل اللَّهُ - سبحانه - هذا الخطابَ على مقتضى معهودهم. ثم رفع اللَّهُ هذا فقال :﴿ أَوْ أَدْنَى ﴾ أي بل أدنى.
قوله جلّ ذكره :﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾.
أي أَوحى اللَّهُ إلى محمدٍ ما أوحى. ويقال : أَحْمَلَه أحْمَالاً لم يَطَّلِعْ عليها أحدٌ.
ويقال : قال له : ألم أجدك يتيماً فآويتُك ؟ ألم أجدك ضالاًّ فَهديتُك ؟
أَلم أجدك عائلاً فأغنيتك ؟ أَلم أِشرح لك صدرك ؟
ويقال : بَشَّرَه بالحوض والكوثر.
ويقال : أوحى إليه أَنَّ الجنَّةَ مُحَرَّمةٌ عَلَى الأنبياءِ حتى تدخلها، وعلى الأمم حتى تدخلها أُمتَّك. والأَوْلَى أَن يقال : هذا الذي قالوه كله حَسَنٌ، وغيره مما لم يَطَّلِعْ أحدٌ. . . كله أيضاً كان له في تلك الليلة وحدَه ؛ إذ رقَّاه إلى ما رقَّاه، ولقَّاه بما لقَّاه، وأدناه حيث لا دنوَّ قبله ولا بعده، وأخذه عنه حيث لا غيرٌ، وأصحاه له في عين ما محاه عنه، وقال له ما قال. . . دون أن يَطَّلِعَ أحدٌ على ما كان بينهما من السِّرِّ.
قوله جلّ ذكره :﴿ مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾.
ما كذَّبَ فؤادُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ما رآه ببصره من الآيات. وكذلك يقال : رأى ربَّه تلك الليلة على الوصف الذي عَلِمَه قبل أن يراه.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ﴾.
أفتجادلونه على ما يرى ؟
قوله جلّ ذكره :﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ المْنُتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾.
أي جبريلُ رأى اللَّهَ مرةً أخرى حين كان محمدٌ عند سدرة المنتهى ؛ وهي شجرة في الجنة، وهي منتهى الملائكة، وقيل : تنتهي إليها أرواحُ الشهداء. ويقال : تنتهي إليها أرواحُ الخَلْقِ، ولا يَعْلم ما وراءها إلا الله تعالى - وعندها ﴿ جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾ وهي جنة من الجِنان.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:قوله جلّ ذكره :﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ المْنُتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾.
أي جبريلُ رأى اللَّهَ مرةً أخرى حين كان محمدٌ عند سدرة المنتهى ؛ وهي شجرة في الجنة، وهي منتهى الملائكة، وقيل : تنتهي إليها أرواحُ الشهداء. ويقال : تنتهي إليها أرواحُ الخَلْقِ، ولا يَعْلم ما وراءها إلا الله تعالى - وعندها ﴿ جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾ وهي جنة من الجِنان.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:قوله جلّ ذكره :﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ المْنُتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾.
أي جبريلُ رأى اللَّهَ مرةً أخرى حين كان محمدٌ عند سدرة المنتهى ؛ وهي شجرة في الجنة، وهي منتهى الملائكة، وقيل : تنتهي إليها أرواحُ الشهداء. ويقال : تنتهي إليها أرواحُ الخَلْقِ، ولا يَعْلم ما وراءها إلا الله تعالى - وعندها ﴿ جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾ وهي جنة من الجِنان.

قوله جلّ ذكره :﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾.
يغشاها ما يغشاها من الملائكة ما الله أعلمُ به.
وفي خبر :" يغشاها رفرف طير خُضْرٍ ".
ويقال : يغشاها فَرَاشٌ من ذَهَبٍ.
ويقال : أُعْطِيَ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عندها خواتيم البقرة. وغُفِرَ لمن مات من أُمَّتِه لا يشرك بالله شيئاً.
قوله جلّ ذكره :﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾.
ما مَالَ - صلوات الله عليه وسلامه - ببصره عمَّا أُبيح له من النظر إلى الآيات، والاعتبارِ بدلائلها.
فما جَاوَزَ حَدَّه، بل رَاعَى شروطَ الأدبِ في الحَضْرة.
قوله جلّ ذكره :﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾.
أي " الآية " الكبرى، وحَذَفَ الآية. . . وهي تلك التي رآها في هذه الليلة. ويقال : هي بقاؤه في حال لقائِه ربَّه بوصفِ الصَّحْوِ، وحَفَظَه حتى رآه.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَفَرَأيْتُمْ الَّلاَتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرَُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذاَ قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾.
هذه أصنامٌ كانت العرب تعبدها ؛ فاللات صنمٌ لثقيف، والعُزَّى شجرةٌ لغطفان، ومناة صخرة لهذيل وخزاعة.
ومعنى الآية : أَخْبِرونا. . . هل لهذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله من القدرة أن تفعل بعائذٍ بها ما فَعَلْنا نحن لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم من الرُّتب والتخصيص ؟.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:قوله جلّ ذكره :﴿ أَفَرَأيْتُمْ الَّلاَتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرَُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذاَ قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾.
هذه أصنامٌ كانت العرب تعبدها ؛ فاللات صنمٌ لثقيف، والعُزَّى شجرةٌ لغطفان، ومناة صخرة لهذيل وخزاعة.
ومعنى الآية : أَخْبِرونا... هل لهذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله من القدرة أن تفعل بعائذٍ بها ما فَعَلْنا نحن لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم من الرُّتب والتخصيص ؟.

ثم وبَّخَهم فقال : أرأيتم كيف تختارون لأنفسكم البنين وتنسبون البنات إلى الله ؟ تلك إذاً قسمةٌ ناقصةٌ !
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:ثم وبَّخَهم فقال : أرأيتم كيف تختارون لأنفسكم البنين وتنسبون البنات إلى الله ؟ تلك إذاً قسمةٌ ناقصةٌ !
قوله جلّ ذكره :﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِن رَّبِهِمُ الهُدَى ﴾.
أنتم ابتدعتُم هذه الأسماءَ من غير أنْ يكونَ اللَّهُ أَمَركم بهذا، أو أذِن لكم به.
فأنتم تتبعون الظنَّ، ﴿ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ﴾.
﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهمُ الْهُدَى ﴾ : فأعرضوا عنه، وكما أنَّ ظنَّ الكفار أوْجبَ لهم الجهلَ والحَيْرةَ والحُكْمَ بالخطأ - فكذلك في هذه الطريقة : مَنْ عَرَّجَ على أوصاف الظنِّ لا يَحْظَى بشيءٍ من الحقيقة ؛ فليس في هذا الحديث إلا القطعُ والتحقُّق، فنهارُهم قد مَتَعَ، وشمسُهم قد طلعت، وعلومُهم أكثرها صارت ضرورية.
أمَّا الظنُّ الجميلُ بالله فليس من هذا الباب، والتباسُ عاقبةَ الرجلِ عليه ليس أيضاً من هذه الجملة ذات الظن المعلول في الله، وفي صفاته وأحكامه.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَمْ للإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ﴾.
أي ليس للإِنسان ما يتمنَّاه ؛ فإنَّه يتمنى طولَ الحياةِ والرفاهيةَ وخِصْبَ العَيْشِ. . . وما لا نهاية له، ولكنَّ أحداً لا يبلغ ذلك بتمامه.
ويقال : ما يتمنَّاه الإنسانُ أنْ يرتفعَ مرادُه واجباً في كل شيء - وأَن يَرتْفعَ مرادُ عَبْدٍ واجباً في كل شيءٍ ليس من صفات الخَلْقِ بل هو الله، الذي له ما يشاء :
﴿ فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى ﴾.
له الآخرةُ والأُولى خَلْقاً ومِلْكاً، فهو المَلِكُ المالك صاحبُ المُلْكِ التام. فأمَّا المخلوقُ فالنقصُ لازِمٌ للكُلِّ.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَكَم مِّن مَّلَكٍ في السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِى شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾.
وهذا ردٌّ عليهم حيث قالوا : إنَّ الملائكةَ شفعاؤنا عند الله.
قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْملائِكَةَ تَسْمِيةَ الأُنثَى وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبعُُِونَ إلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ﴾.
هذه التَّسْمِيةُ من عندهم، وهم لا يتبعون فيها علماً أو تحقيقاً. . . بل ظَنًّا - والظنُّ لا يفيد شيئاً.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٧:قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْملائِكَةَ تَسْمِيةَ الأُنثَى وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبعُُِونَ إلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ﴾.
هذه التَّسْمِيةُ من عندهم، وهم لا يتبعون فيها علماً أو تحقيقاً... بل ظَنًّا - والظنُّ لا يفيد شيئاً.

قوله جلّ ذكره :﴿ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ العِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ﴾.
أي أَعْرِض عمَّن أَعرض عن القرآنِ والإيمان به وتدَبُّرِ معانيه، ولم يُرِدْ إِلا الحياةَ الدنيا. ذلك مبلغهم من العلم ؛ وإنما رضوا بالدنيا لأنهم لم يعلموا حديث الآخرة، وإِنَّ ربَّك عليمٌ بالضالِّ، عليمٌ بالمهتدِي. . . وهو يجازي كلاًّ بما يستحق.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٩:قوله جلّ ذكره :﴿ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ العِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ﴾.
أي أَعْرِض عمَّن أَعرض عن القرآنِ والإيمان به وتدَبُّرِ معانيه، ولم يُرِدْ إِلا الحياةَ الدنيا. ذلك مبلغهم من العلم ؛ وإنما رضوا بالدنيا لأنهم لم يعلموا حديث الآخرة، وإِنَّ ربَّك عليمٌ بالضالِّ، عليمٌ بالمهتدِي... وهو يجازي كلاًّ بما يستحق.

قوله جلّ ذكره :﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسَائُوا بِمَا عَمِلُواْ وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى ﴾.
يجزي الذين أساؤوا بالعقوبات، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
قوله جلّ ذكره :﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ ﴾.
الذنوبُ كلُّها كبائر لأنها مخالِفةٌ لأمر الله، ولكن بعضَها أكبرُ من بعضٍ. ولا شيءَ أعظمُ من الشِّرك. ﴿ وَالْفَوَاحِشَ ﴾ المعاصي.
﴿ إِلاَّ اللَّمَمَ ﴾ : تكلموا فيه، وقالوا : إنه استثناء منقطع، واللمم ليس بإثم ولا من جملة الفواحش.
ويقال : اللمم من جملة الفواحش ولكن فيها اشتباهاً - فأخبر أنه يغفرها.
ويقال : اللمم هو أن يأتيَ المرءُ ذلك ثم يُقْلِعَ عنه بالتوبة.
وقال لعضُ السَّلَفِ : هو الوقعة من الزِّنا تحصل مرةً ثم لا يعود إليها، وكذلك شرب الخمر، والسرقة. . . وغير ذلك، ثم لا يعود إليها.
ويقال : هو أن يهم بالزَّلَّة ثم لا يفعلها.
ويقال : هو النظر. ويقال : ما لا حدَّ عليه من المعاصي، وتُكَفِّر عنه الصلوات. ( والأصحُّ أنه استثناء منقطع وأن اللمم ليس من جملة المعاصي ).
قوله جلّ ذكره :﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسَعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾.
﴿ إِذْ أَنَشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ ﴾ : يغني خَلْقَ آدم.
ويقال : تزكيةُ النَّفْسِ من علامات كَوْنَ المرءِ محجوباً عن الله ؛ لأنَّ المجذوب إلى الغاية والمستغرق في شهود ربِّه لا يُزكِّي نفسه.
﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ : لأنه أعلمُ بكم منكم.
ويقال : مَنْ اعتقد أنَّ على البسيطة أحداً شرٌّ منه فهو مُتَكَبِّرٌ.
ويقال : المسلمُ يجب أنْ يكونَ بحيث يرى كلَّ مسلمٍ خيراً منه : فإن رأى شيخاً، قال : هو أكثرُ منِّي طاعةً وهو أفضلُ منِّي، وإنْ رأى شاباً قال : هو أفضلُ مني لأنه أقلُّ منِّي ذَنْباً.
قوله جل ذكره :﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى ﴾.
أعرض عن الحقِّ.
وتصدَّق بالقليل. ﴿ وَأكْدَى ﴾ أي قطع عطاءَه.
﴿ أَعِندُهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فهُوَ يَرَى ﴾.
﴿ فَهُوَ يَرَى ﴾ : فهو يعلم صِحَّةً ذلك. يقال : هو المنافق الذي يُعين على الجهاد قليلاً ثم يقطع ذلك :
﴿ أَعِندهُ عِلْمُ الْغَيْبِ ﴾ : فهو يرى حاله في الآخرة ؟
أم لم يُنَبَأْ هذا الكافرُ بما في صحف موسى، وصحف إبراهيم الذي وفّى ؛ أي أتمَّ ما طُولِبَ به في نَفْسِه ومالِه ووَلدِه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:أم لم يُنَبَأْ هذا الكافرُ بما في صحف موسى، وصحف إبراهيم الذي وفّى ؛ أي أتمَّ ما طُولِبَ به في نَفْسِه ومالِه ووَلدِه.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَلاََّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ للإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى ﴾.
الناسُ في سَعْيِهم مختلِفون ؛ فَمَنْ كان سعيُهُ في طلب الدنيا خَسِرت صفقتُه، ومن كان سعيُهُ في طَلَبِ الجنة ربحت صفقته، ومن كان سعيُهُ في رياضة نَفْسِه وصل إلى رضوان الله، ومَنْ كان سعيُه في الإرادة شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَه ثم هداه إلى نَفْسِه.
وأمَّا المُذْنِبُ - فإِذا كان سعيُهُ في طلب غفرانه، ونَدَمِ القلبِ على ما اسودَّ من ديوانه، فسوف يجد من الله الثوابَ والقربة والكرامة والزلفة.
ومَنْ كان سَعْيُه في عَدِّ أنفاسِه مع الله ؛ لا يُعَرِّج على تقصير، ولا يُفَرِّط في مأمور فسيرى جزاءَ سَعْيهِ مشكوراً في الدنيا والآخرة، ثم يشكره بأَنْ يُخاطِبَه في ذلك المعنى بإِسماعهِ كلامَه من غير واسطة : عبدي، سَعْيُك مشكور، عبدي، ذَنْبُكَ مغفور.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٨:قوله جلّ ذكره :﴿ أَلاََّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ للإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى ﴾.
الناسُ في سَعْيِهم مختلِفون ؛ فَمَنْ كان سعيُهُ في طلب الدنيا خَسِرت صفقتُه، ومن كان سعيُهُ في طَلَبِ الجنة ربحت صفقته، ومن كان سعيُهُ في رياضة نَفْسِه وصل إلى رضوان الله، ومَنْ كان سعيُه في الإرادة شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَه ثم هداه إلى نَفْسِه.
وأمَّا المُذْنِبُ - فإِذا كان سعيُهُ في طلب غفرانه، ونَدَمِ القلبِ على ما اسودَّ من ديوانه، فسوف يجد من الله الثوابَ والقربة والكرامة والزلفة.
ومَنْ كان سَعْيُه في عَدِّ أنفاسِه مع الله ؛ لا يُعَرِّج على تقصير، ولا يُفَرِّط في مأمور فسيرى جزاءَ سَعْيهِ مشكوراً في الدنيا والآخرة، ثم يشكره بأَنْ يُخاطِبَه في ذلك المعنى بإِسماعهِ كلامَه من غير واسطة : عبدي، سَعْيُك مشكور، عبدي، ذَنْبُكَ مغفور.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٨:قوله جلّ ذكره :﴿ أَلاََّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ للإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى ﴾.
الناسُ في سَعْيِهم مختلِفون ؛ فَمَنْ كان سعيُهُ في طلب الدنيا خَسِرت صفقتُه، ومن كان سعيُهُ في طَلَبِ الجنة ربحت صفقته، ومن كان سعيُهُ في رياضة نَفْسِه وصل إلى رضوان الله، ومَنْ كان سعيُه في الإرادة شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَه ثم هداه إلى نَفْسِه.
وأمَّا المُذْنِبُ - فإِذا كان سعيُهُ في طلب غفرانه، ونَدَمِ القلبِ على ما اسودَّ من ديوانه، فسوف يجد من الله الثوابَ والقربة والكرامة والزلفة.
ومَنْ كان سَعْيُه في عَدِّ أنفاسِه مع الله ؛ لا يُعَرِّج على تقصير، ولا يُفَرِّط في مأمور فسيرى جزاءَ سَعْيهِ مشكوراً في الدنيا والآخرة، ثم يشكره بأَنْ يُخاطِبَه في ذلك المعنى بإِسماعهِ كلامَه من غير واسطة : عبدي، سَعْيُك مشكور، عبدي، ذَنْبُكَ مغفور.

﴿ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى ﴾ : هو الجزاءُ الأكبرُ والأَجَلُّ، جزاءٌ غير مقطوعٍ ولا ممنوعٍ.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتُهَى ﴾.
إليه المرجعُ والمصيرُ، فابتداءُ الأشياءِ من الله خَلْقاً. وانتهاءُ الأشياءِ إلى الله مصيراً.
ويقال : إذا انتهى الكلامُ إلى اللَّهِ تعالى فاسْكُتُوا.
ويقال : إذا وَصَلَ العبدُ إلى معرفةِ الله فليس بعدَه شيءٌ إلا ألطافاً من مالٍ أو منالٍ أو تحقيق آمالٍ أو أحوالٍ. . . يُجْريها على مرادِه - وهي حظوظٌ للعباد.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ﴾.
أراد به الضحك والبكاء المتعارَف عليهما بين الناس ؛ فهو الذي يُجْريه ويَخْلُقُه.
ويقال : أضحك الأرضَ بالنباتِ، وأبكى السماءَ بالمطرِ.
ويقال : أضحكَ أهلَ الجنة بالجنة، وأبكى أهل النار بالنار.
ويقال : أضحك المؤمنَ في الآخرة وأبكاه في الدنيا، وأضحك الكافرَ في الدنيا وأبكاه في الآخرة.
ويقال : أضحكهم في الظاهر، وأبكاهم بقلوبهم.
ويقال : أضحك المؤمنَ في الآخرة بغفرانه، وأبكى الكافرَ بهوانه.
ويقال : أضحك قلوبَ العارِفِين بالرضا، وأبكى عيونهم بخوف الفراق.
ويقال : أضحكهم برحمته، وأبكى الأعداءَ بسخطه.
قوله جلّ ذكره :﴿ وََأنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ﴾.
أماته في الدنيا، وأحياه في القبر ؛ فالقبر إما للراحة وإِما للإحساس بالعقوبة.
ويقال : أماته في الدنيا، وأحياه في الحشر.
ويقال : أمات نفوسَ الزاهدين بالمجاهدة، وأحيا قلوبَ العارفين بالمشاهدة.
ويقال : أمات نفوسهم بالمعاملات، وأحيا قلوبهم بالمواصلات.
ويقال : أماتها بالهيبة، وأحياها بالأُنْس.
ويقال : بالاستتار، والتجلِّي.
ويقال : بالإعراض عنه، والإقبال عليه.
ويقال : بالطاعة، والمعصية.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ﴾.
سماهما زوجين لازدواجهما عند خلْقهما من النُّطْفة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:قوله جلّ ذكره :﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ﴾.
سماهما زوجين لازدواجهما عند خلْقهما من النُّطْفة.

قوله جلّ ذكره :﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ﴾.
﴿ أَغْنَى ﴾ : أعطى الغِنَى، ﴿ وََأقْنَى ﴾ : أكثر القنية أي المال : وقيل ﴿ وَأَقْنَى ﴾ : أي أحوجه إلى المال - فعلى هذا يكون المعنى : أنه خَلَقَ الغِنَى والفقر.
ويقال :﴿ وََأقْنَى ﴾ أي أرضاه بما أعطاه.
ويقال :﴿ أَغْنَى ﴾ أي أقنع، ﴿ وَأَقْنَى ﴾ : أي أرضى.
( الشِّعرى : كوكبٌ يطلع بعد الجوزاء في شدة الحر، وكانت خزاعة تعبدها فأَعْلَمَ اللَّهُ أنه ربُّ معبودهم هذا ).
عاد الأولى هم قوم هود، وعاد الأخرى هي إرَم ذات العماد، كما أهلك ثموداً فما أبقى منهم أحداً. وأهْلَكَ مِنْ قَبْلِهم قومَ نوحٍ الذين كانوا أظلمَ من غيرهم وأغوى لِطُولِ أعمارهم، وقوة أجسادهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:عاد الأولى هم قوم هود، وعاد الأخرى هي إرَم ذات العماد، كما أهلك ثموداً فما أبقى منهم أحداً. وأهْلَكَ مِنْ قَبْلِهم قومَ نوحٍ الذين كانوا أظلمَ من غيرهم وأغوى لِطُولِ أعمارهم، وقوة أجسادهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:عاد الأولى هم قوم هود، وعاد الأخرى هي إرَم ذات العماد، كما أهلك ثموداً فما أبقى منهم أحداً. وأهْلَكَ مِنْ قَبْلِهم قومَ نوحٍ الذين كانوا أظلمَ من غيرهم وأغوى لِطُولِ أعمارهم، وقوة أجسادهم.
أي المخسوف بها، وهي قرى قوم لوط، قَلَبَها جبريل عليهم، فهي مقلوبة معكوسة.
وقوله :﴿ أَهْوَى ﴾ أي : أسقطها اللَّهُ إلى الأرض بعدما اقتلعها من أصلها، ثم عَكَسَها وألقاها في الأرض، فغشاها ما غشاها من العذاب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٣:أي المخسوف بها، وهي قرى قوم لوط، قَلَبَها جبريل عليهم، فهي مقلوبة معكوسة.
وقوله :﴿ أَهْوَى ﴾ أي : أسقطها اللَّهُ إلى الأرض بعدما اقتلعها من أصلها، ثم عَكَسَها وألقاها في الأرض، فغشاها ما غشاها من العذاب.

قوله جلّ ذكره :﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبَِّكَ تَتَمَارَى ﴾.
فبأي آلاء ربك - أيها الإنسان - تتشكك ؟ وقد ذكر هذا بعد ما عدَّ إنعامَه عليهم وإحسانَه إليهم.
قوله جلّ ذكره :﴿ هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولَى ﴾.
هو محمد صلى الله عليه وسلم، أرسلناه نذيراً كما أرسلنا الرُّسُلَ الآخرين.
أي قَرُبَت القيامة.
ولا يقدر أحدٌ على إقامتها إلا الله، وإذا أقامها فلا يقدر أحدِّ على ردِّها وكَشْفِها إلا الله.
ويقال : إذا قامت قيامة هذه الطائفة – اليومَ - فليس لها كاشفٌ غيره. وقيامتُهم تقوم في اليوم غيرَ مَرَّةٍ. تقوم بالهَجْرِ والنَّوى والفراق.
قوله جلّ ذكره :﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ﴾.
أفمن هذا القرآن تعجبون، وتكونون في شكِّ، وتستهزئون ؟
﴿ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ ﴾ : أي لاهون. .
﴿ فَاسْجُدُواْ لِلَّهِ وَاعْبُدُواْ ﴾ : فاسجدوا لله ولا تعبدوا سواه.
Icon