ﰡ
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر | لبست ولا من غدرة أتقنع |
وقوله تعالى :﴿ والرجز فاهجر ﴾ قال ابن عباس : والرجز وهو الأصنام فاهجر، وقال الضحّاك ﴿ والرجز فاهجر ﴾ : أي اترك المعصية، وعلى كل تقدير، فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك كقوله تعالى :﴿ ياأيها النبي اتق الله وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين ﴾ [ الأحزاب : ١ ]. وقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ﴾، قال ابن عباس : لا تعط العطية تلتمس أكثر منها، وقال الحسن البصري : لا تمتن بعملك على ربك تستكثره، واختاره ابن جرير، وقال مجاهد : لا تضعف أن تستكثرهم بها تأخذ عليه عوضاً من الدنيا، فهذه أربعة أقوال، والأظهر القول الأول، والله أعلم. وقوله تعالى :﴿ وَلِرَبِّكَ فاصبر ﴾ أي اجعل صبرك على أذاهم لوجه ربك عزَّ وجلَّ، قال مجاهد. وقال إبراهيم النخعي : اصبر عطيتك لله عزَّ وجلَّ. وقوله تعالى :﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ قال ابن عباس ومجاهد :﴿ الناقور ﴾ الصور، قال مجاهد : وهو كهيئة القرن، وفي الحديث :« » كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ؟ « فقال أصحاب رسول الله ﷺ وسلم : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال :» قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا « »، وقوله تعالى :﴿ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴾ أي شديد، ﴿ عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ أي غير سهل عليهم، كما قال تعالى :﴿ يَقُولُ الكافرون هذا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ [ القمر : ٨ ]، وقد روينا عن ( زرارة بن أوفى ) قاضي البصرة أنه صلى بهم الصبح فقرأ هذه السورة، فلما وصل إلى قوله تعالى :﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ شهق شهقة، ثم خرّ ميتاً رحمه الله تعالى.
وقد رابني منها صدود رأيته | وإعراضها عن حاجتي وبُسُورها |
وقوله تعالى :﴿ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ ﴾ قال مجاهد : أي للجلد، وقال أبو رزين : تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل، وقال ابن عباس : تحرق بشرة الإنسان، وقوله تعالى :﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ أي من مقدمي الزبانية، عظيم خلقهم، غليظ خلقهم، روى ابن أبي حاتم، عن البراء في قوله تعالى :﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ قال :« إن رهطاً من اليهود سألوا رجلاً من أصحاب رسول الله ﷺ عن خزنة جهنم، فقال : الله ورسوله أعلم، فجاء رجل فأخبر النبي ﷺ، فأنزل الله تعالى عليه ساعتئذٍ ﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ فأخبر أصحابه » وروى الحافظ البزار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال :« جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : يا محمد، غلب أصحابك اليوم، فقال :» بأي شيء «؟ قال : سألتهم يهود : هل أعلمكم نبيكم عدة خزنة أهل النار؟ قالوا : لا نعلم حتى نسأل نبينا ﷺ، قال رسول الله ﷺ :» أفغلب قوم يسألون عما لا يعلمون فقالوا : لا نعلم، حتى نسأل نبينا ﷺ ؟ عليَّ بأعداء الله، لكنهم قد سألوا نبيهم أن يريهم الله جهرة «، فأرسل إليهم فدعاهم، قالوا : يا أبا القاسم كم عدة خزنة أهل النار؟ قال :» هكذا « وطبّق كفيه، ثم طبقه كفيه مرتين وعقد واحدة، وقال لأصحابه :» إن سئلتم عن تربة الجنة فهي الدرمك « فلما سألوه فأخبرهم بعدة خزنة أهل النار، قال لهم رسول الله ﷺ :» ما تربة الجنة « فنظر بعضه إلى بعض، فقالوا : خبزة يا أبا القاسم، فقال :» الخبز من الدرمك « ».
وروى الإمام أحمد، عن أبي ذر قال، قال رسول الله ﷺ :« » إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلاّ عليه ملك ساجد، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى « فقال أبو ذر : والله لوددت أني شجرة تعضد »، وعن جابر بن عبد الله قال، « قال رسول الله ﷺ : ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف، إلاّ وفيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعاً سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلاّ أنا لم نشرك بك شيئاً »