تفسير سورة المدّثر

تفسير القرآن
تفسير سورة سورة المدثر من كتاب تفسير القرآن .
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة المدثر

بسم الله الرحمن الرحيم١.
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى :﴿ يا أيها المدثر ﴾ قال : فتر الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم فترة قال : وكان أول شيء٢ أنزل عليه :﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق ﴾ حتى بلغ ﴿ ما لم يعلم ﴾، فلما فتر عنه الوحي حزن حزنا شديدا حتى جعل يغدوا مرارا إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها فكلما أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فيقول إنك نبي الله حقا فيسكن بذلك جأشه وترجع إليه نفسه٣.
قال عبد الرزاق : قال معمر : قال الزهري : فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال : فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي قال : فبينا أنا أمشي يوما إذ رأيت الملك الذي كان أتاني بحراء على الكرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعبا فرجعت إلى خديجة [ فقلت : زملوني زملوني ]٤، قالت خديجة : فدثرناه فأنزل الله تعالى عليه :﴿ يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر. . . ﴾
١ البسملة من (م)..
٢ أي أول شيء أنزل عليه على الإطلاق، وليس أول شيء أنزل عليه بعد فترة الوحي كما قد يتوهم من السياق..
٣ رواه البخاري في التعبير مطولا ج ٨ ص ٦٧..
٤ هذه الكلمات مطموسة في (ق) وقد أثبتناها من (م).
أنظر الرواية في البخاري في بدء الخلق ج ٤ ص ٨٤.
ومسلم في الإيمان ج ٢ ص ٩٨.
والترمذي في التفسير ج ٥ ص ١٠٠..

﴿ وثيابك فطهر ﴾ قال معمر : وقال قتادة : وهي كلمة عربية كانت العرب تقولها طهر ثيابك أي من الذنب،
﴿ والرجز فاهجر ﴾ قال معمر : وقال الزهري : الأوثان.
قال :﴿ ولا تمنن تستكثر ﴾ قال معمر : وقال قتادة : وابن طاوس عن أبيه مثله، قال ولا تعط شيئا لتثاب أفضل منه. قال معمر : وقال الحسن : لا تمنن عملك ولا تستكثر.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ فإذا نقر في الناقور ﴾ قال : إذا نفخ في الصور.
عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن عكرمة أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال : أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا، قال : ولم ؟ قال : ليعطوكه، فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله، قال : قد علمت قريش أني من أكثرها مالا قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر لما قال، وأنك كاره له، قال : ماذا أقول فيه ؟ ! فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن مني والله ما يشبه الذي يقول شيء من هذا، والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه معذق١ حتى أسفله وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو وما يعلى. فقال : قف٢، والله لا يرضى عنك وقومك حتى تقول فيه، قال : فدعني حتى أفكر فيه، قال : فلما فكر، قال : هذا سحر يؤثر، أي يأثره عن غيره٣ فنزلت فيه :﴿ ذرني ومن خلقت وحيدا ﴾.
١ هكذا في (ق) معذق بالعين المهملة والذال المعجمة، وفي (م) وكذلك في هامش (ق) مغدق. بالغين المعجمة والدال المهملة. معنى مغذق أي له شعوب، ومعنى معذق أي كثير غزير يقال: ماء مغدق أي غزير. ووصف الوليد للقرآن بذلك أنه يحتوي على المعاني الكثيرة في الكلمات القليلة.
انظر لسان العرب ج ١٠ ص ٢٣٨ و ص ٢٨٢..

٢ في (م) قد..
٣ أخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه. أنظر ج ٢ ص ٥٠٦ والبيهقي في الدلائل..
عبد الرزاق عن قيس بن الربيع عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ مالا ممدودا ﴾ قال : ألف دينار.
عبد الرزاق عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ سأرهقه صعودا ﴾ قال : جبل في النار.
عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمار الدهني عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى :﴿ سأرهقه صعودا ﴾ قال : إن صعودا صخرة في جهنم إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت وإذا رفعوها عادت واقتحامها فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة.
عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي في قوله :﴿ عبس وبسر ﴾ قال : عبس وكلح.
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال قتادة : خرج من بطن أمه وحيدا. قال : نزلت فيه هذه الآيات حتى بلغ ﴿ عليها تسعة عشر ﴾ قال أبو جهل : يحدثكم محمد أن خزنة جهنم تسعة عشر، وأنت الدهم، فيجتمع على كل واحدة عشرة١.
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال أيوب عن عكرمة في قول الوليد بن المغيرة : إنه يأمر بالعدل والإحسان٢.
١ أخرجه عبد بن حميد وابن جرير. الدر ج ٦ ص ٢٨٤..
٢ أي أن كلام الوليد السابق عن القرآن (إن لقوله الذي يقول لحلاوة...) قاله عندما سمع قوله تعالى: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان..﴾.
معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ﴾ قال : ليستيقن أهل الكتاب حين وافق عدة خزنة أهل النار ما١ في كتابهم.
١ كلمة (ما) من رواية الطبري، والسياق يقتضيها..
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ لإحدى الكبر ﴾ قال : هي النار.
عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن عثمان بن قيس، قال : سمعت زاذان يقول : قال علي :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ﴾ قال : هم أولاد المسلمين.
عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن الزبير يقول :﴿ في جنات يتساءلون عن المجرمين ﴾ يا فلان ﴿ ما سلككم في سقر ﴾، قال عمرو فحدثني لقيط أن ابن الزبير قال : سمعت عمر يقرؤها كذلك.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ كنا نخوض مع الخائضين ﴾ قال : يقولون : أي كلما غوى غاو غوينا معه.
عبد الرزاق قال معمر : تلا قتادة :﴿ فما تنفعهم شفاعة الشافعين ﴾١ قال : يعلمون أن الله يشفع المؤمنين بعضهم في بعض.
عبد الرزاق عن معمر قال : أخبرني ثابت أنه سمع أنسا يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة والرجل للرجال " ٢. عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال : يدخل الله بشفاعة رجل من هذه الأمة الجنة مثل بني تميم أو قال أكثر من بني تميم.
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال الحسن وغيره : مثل ربيعة ومضر٣.
عبد الرزاق عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة أنه قال : إن الله تبارك وتعالى إذا فرغ من القضاء بين خلقه أخرج كتابا من تحت العرش فيه إن رحمتي سبقت غضبي وأنا أرحم الراحمين، قال : فيخرج من النار مثل أهل الجنة، أو قال : مثلي أهل الجنة مكتوب في نحورهم عتقاء الله، قال : وأشار الحكم إلى نحره.
١ في (م) فما تنفعهم شفاعة الشافعين، كما هي قراءة الجمهور من قراء الأمصار أما على قراءة قتادة، فالمعنى: أن شفاعتهم لغيرهم لا تنفع، وهذا المعنى فيه بعد لأن أهل النار بحاجة إلى شفاعة غيرهم. لا العكس..
٢ في (م) إن الرجل ليشفع للرجل والرجلين والثلاثة والرجل للرجل رواه الإمام أحمد بألفاظ مختلفة ج ٣ ص ٢٠، ٦٣، ج ٤ ص ٢١٢.
والترمذي في صفة القيامة ج ٤ ص ٤٦..

٣ جاء في بعض روايات الترمذي التصريح باسم الرجل وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر الترمذي ج ٤ ص ٤٦ وأحمد ج ٣ ص ٤٧٠..
عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ فرت من قسورة ﴾ قال : هو ركز الناس١. عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله :﴿ فرت من قسورة ﴾ قال : قسورة النبل.
١ أي فرت من ركز الناس أي أصواتهم ﴿أو تسمع لهم ركزا﴾ أي صوتا وقد جاء مصرحا بذلك في بعض روايات الطبري: حدثنا أبو بكر قال: ثنا ابن عيينة عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس (فرت من قسورة} قال: ركز الناس أصواتهم.
وفي رواية الدر المنثور أيضا.. قال: هو ركز الناس يعني أصواتهم..

عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ أهل التقوى ﴾ قال : أهل أن تتقى محارمه ﴿ وأهل المغفرة ﴾ قال : أهل أن يغفر الذنوب.
Icon