تفسير سورة المدّثر

جامع البيان في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة المدثر من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن .
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة المدثر مكية
وهي ست وخمسون آية وفيها ركوعان

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ يا أيها المدثر ﴾ : المتدثر، أي : لابس الدثار١، والأصح بل الصحيح أنه أول سورة نزلت بعد فترة الوحي جمعا بين الأحاديث الصحاح، وعليه الجمهور، فإن أول ما نزلت ﴿ اقرأ باسم ربك ﴾( العلق : ١ ) وفي صحيح مسلم " إنه- عليه السلام- يحدث عن فترة الوحي قال : فبينما أنا أمشي سمعت صوتا من السماء، فإذا الملك الذي جاءني بحراء، فخفت منه، فجئت أهلي فقلت : زملوني زملوني، فأنزل الله ﴿ يا أيها المدثر قم فأنذر ﴾ وفي الطبراني " تأذى من قريش فتغطى بثوبه محزونا٢، فنزلت "
١ وهو ما يلبس فوق الشعار، وهو الذي يلي الجسد/١٢ وجيز..
٢ أخرجه الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس- رضي الله عنه- كما قال السيوطي في "الدر المنثور" (٦/٤٥٠).
﴿ قم ﴾ : من مضجعك، أو قم قيام جد، ﴿ فأنذر ﴾، ترك المفعول للتعميم،
﴿ وربك فكبر ﴾ : خصص ربك بالتكبير، والتعظيم، والفاء في مثله بمعنى الشرط، كأنه قال : ما يكن من شيء فكبر أنت ربك،
﴿ وثيابك فطهر ﴾ : لا تكن عاصيا غادرا، والعرب تقول للفاجر : دنس الثياب، وإذا وفى، وأصلح، مطهر الثياب، أو طهر نفسك من الأخلاق الذميمة، أو طهر ثوبك من النجاسات، فإن المشركين لا يطهرون، أو أعرض عما قالوا، ولا تلتفت إليهم،
﴿ والرجز ﴾ : الأصنام، ﴿ فاهجر ﴾، أو اترك ما يؤدي إلى العذاب،
﴿ ولا تمنن تستكثر ﴾ أي : لا تعط طالبا لكثير نهي أن يهب شيئا طامعا في عوض أكثر، وهذا خاصة له عليه السلام، أو نهى تنزيه، أو لا تمنن بنبوتك على الناس طالبا لكثرة الأجر، منهم، أو لا تضعف عن الطاعة طالبا لكثرة الخير،
﴿ ولربك فاصبر ﴾ : استعمل الصبر لله، فيشمل الصبر على الأذى، وعلى الطاعات،
﴿ فإذا نقر في الناقور ﴾ : نفخ في الصور، الفاء للسببية، كأنه قال : اصبر على أذاهم، فبين أيديهم يوم عسير،
﴿ فذلك ﴾، الفاء للجزاء، ﴿ يومئذ يوم عسير على الكافرين ﴾، إذا ظرف لما دل عليه الجزاء، لأن معناه عسر الأمر عليهم، وذلك مبتدأ خبره " يوم عسير " و " يومئذ " إما بدل من ذلك، أو معمول له فإنه إشارة إلى وقت النقر أي : وقت النقر في ذلك اليوم، أو ظرف مستقر ليوم عسير أي : وقت النقر وقت عسير حال كون ذلك الوقت في يوم القيامة،
﴿ غير يسير ﴾ : عليهم تأكيد، وتعريض بحال المؤمنين١،
١ فإنه يسير عليهم كما مر في الحديث /١٢ منه..
﴿ ذرني ومن خلقت وحيدا١ : ، حال من الضمير المحذوف أي : خلقته حال كونه وحيدا لا مال له، ولا ولد له،
١ وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: إن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه، فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا، قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له، وأنك كاره له، قال: وماذا أقول؟! فو الله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني لا برجزه، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلوا، وما يعلى، وإنه ليحتم ما تحته، قال: والله لا يرضى قومك حتى تقوم فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت "ذرني ومن خلقت وحيدا" أخرجه الحاكم وصححه البيهقي في الدلائل، وقد أخرجه عبد الرزاق عن عكرمة، وكذا غير واحد/١٢ فتح..
﴿ وجعلت له مالا ممدودا ﴾ : مبسوطا كثيرا١ قيل : وحيدا حال من مفعول ذرني، أو من فاعل خلقت أي : ذرني وحدي معه، فإني أكفيكه، أو كان ملقبا بالوحيد في قومه، فسماه الله تهكما، فيكون نصبا بتقدير أعني، أو وحيدا عن أبيه، فإنه ولد الزنا فالمراد منه وليد بن المغيرة، وهو كما مرّ زنيم،
١ كان لوليد بن المغيرة بين مكة والطائف نعمه، وعبيده، ومزارعه، قاله ابن عباس/١٢ وجيز..
﴿ وبنين شهودا ﴾ : حضورا معه لا يغيبون للتجارة لاستغنائهم وخدمهم يتولون الأمر، وهم ثلاثة عشر، أو عشرة، أو سبعة،
﴿ ومهدت له تمهيدا ﴾ : بسطت له في المال، والجاه، وطول العمر بسطا،
﴿ ثم يطمع أن أزيد ﴾ : على ما أوتيه،
﴿ كلا ﴾، ردع له عن الطمع، ﴿ إنه كان لآياتنا عنيدا ﴾ : معاندا مستأنفة تعليل للردع قيل : ما زال بعد نزول الآية في نقصان،
﴿ سأرهقه ﴾ : سأغشيه، ﴿ صعودا ﴾، عقبة شاقة المصعد مثل للإلقاء في الشدائد، وفي الحديث١ " الصعود جبل في النار "، وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- " صخرة في النار يسحب عليها الكافر على وجهه
١ أخرجه أحمد، والترمذي، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي، قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن دراج قال ابن كثير: وفيه غرابة ونكارة انتهى، وقد أخرجه جماعة من قول أبي سعيد [الحاكم في "المستدرك"(٢/٥٠٨) وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وأقره الذهبي في " التلخيص"]/١٢ فتح..
﴿ إنه فكر ﴾ : فيما يخيل طعنا في القرآن مستأنفة علة للوعيد، ﴿ وقدر ﴾ : في نفسه ما يقول فيه،
﴿ فقتل ﴾، دعاء عليه، ﴿ كيف قدر ﴾، تعجيب من تقديره نحو : قاتلهم الله أنى يؤفكون،
﴿ ثم قتل كيف قدر ﴾، تكرير للمبالغة، وثم للدلالة على أن النظر الثاني فيما قدر يورث تعجبا أبلغ من الأول،
﴿ ثم نظر ﴾ : في أمر القرآن مرة أخرى،
﴿ ثم عبس ﴾ : قبض بين عينيه، كما هو شأن المهتم المتفكر، ﴿ وبسر ﴾ : اشتد عبوسه،
﴿ ثم أدبر ﴾ : عن الحق، ﴿ واستكبر ﴾ : عن إتباعه،
﴿ فقال ﴾ : حين خطرت هذه الكلمة بخاطره من غير تلبث، والفاء يدل عليه، ﴿ إن هذا ﴾ : القرآن، ﴿ إلا سحر يؤثر ﴾ : يروى عن السحرة،
﴿ إن هذا إلا قول البشر ﴾ : كالتأكيد للأول، نقل١ إن وليد بن المغيرة مرة سمع القرآن، فمال قلبه إليه، فلامه قومه، فقالوا : لا بد أن تقول قولا نعلم أنك منكر : قال : والله لا يشبه رجزة، ولا قصيده، ولا أشعار الجن، ووالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، فقالوا : والله لا نرضى إلا أن تقول فيه، قال : دعوني حتى أفكر، فلما فكر قال : سحر يأثره عن غيره٢، فنزلت :﴿ سأصليه سقر ﴾
١ أخرجه الحاكم، وصححه، البيهقي في الدلائل/١٢ فتح..
٢ رجع إلى كفره ضالا لأجل خواطرهم/١٢ وجيز..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:﴿ فقال ﴾ : حين خطرت هذه الكلمة بخاطره من غير تلبث، والفاء يدل عليه، ﴿ إن هذا ﴾ : القرآن، ﴿ إلا سحر يؤثر ﴾ : يروى عن السحرة،
﴿ إن هذا إلا قول البشر ﴾ : كالتأكيد للأول، نقل١ إن وليد بن المغيرة مرة سمع القرآن، فمال قلبه إليه، فلامه قومه، فقالوا : لا بد أن تقول قولا نعلم أنك منكر : قال : والله لا يشبه رجزة، ولا قصيده، ولا أشعار الجن، ووالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، فقالوا : والله لا نرضى إلا أن تقول فيه، قال : دعوني حتى أفكر، فلما فكر قال : سحر يأثره عن غيره٢، فنزلت :﴿ سأصليه سقر ﴾
١ أخرجه الحاكم، وصححه، البيهقي في الدلائل/١٢ فتح..
٢ رجع إلى كفره ضالا لأجل خواطرهم/١٢ وجيز..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:﴿ فقال ﴾ : حين خطرت هذه الكلمة بخاطره من غير تلبث، والفاء يدل عليه، ﴿ إن هذا ﴾ : القرآن، ﴿ إلا سحر يؤثر ﴾ : يروى عن السحرة،
﴿ إن هذا إلا قول البشر ﴾ : كالتأكيد للأول، نقل١ إن وليد بن المغيرة مرة سمع القرآن، فمال قلبه إليه، فلامه قومه، فقالوا : لا بد أن تقول قولا نعلم أنك منكر : قال : والله لا يشبه رجزة، ولا قصيده، ولا أشعار الجن، ووالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، فقالوا : والله لا نرضى إلا أن تقول فيه، قال : دعوني حتى أفكر، فلما فكر قال : سحر يأثره عن غيره٢، فنزلت :﴿ سأصليه سقر ﴾
١ أخرجه الحاكم، وصححه، البيهقي في الدلائل/١٢ فتح..
٢ رجع إلى كفره ضالا لأجل خواطرهم/١٢ وجيز..

﴿ وما أدراك ما سقر ﴾، تعظيم لأمرها،
﴿ لا تبقي ﴾ : شيئا يلقي فيها إلا أهلكته، ﴿ ولا تذر ﴾ : بعد الإهلاك، فإنه يعاد ﴿ كلما نضجت جلودهم ﴾ الآية [ النساء : ٥٦ ]،
﴿ لواحة ﴾ : مسودة، ﴿ للبشر ﴾ : للجلد،
﴿ عليها تسعة عشر ﴾ : ملكا، نزعت منهم الرحمة يدفع أحدهم سبعين ألفا، فيرميهم في جهنم حيث أراد.
لما نزلت قال أبو جهل : أنتم الدهم الشجعاء أيعجز كل عشرة منكم أن تبطشوا بواحدة من خزنتها ؟ فقال أبو الأسود الجمحي : يا معشر قريش اكفوني منهم اثنين، وأنا أكفيكم سبعة عشر إعجابا منه بنفسه، وكان قد بلغ من القوة أنه يقف على جلد بقرة ويجاذبه عشرة لينزعوه من تحت قدمه، فيتمزق الجلد، ولا يتزحزح عنه، وهو الذي قال : إن صرعتني آمنت بك، فصرعه- عليه السلام- مرارا ولم يؤمن فنزل قوله :﴿ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ﴾
لما نزلت قال أبو جهل : أنتم الدهم الشجعاء أيعجز كل عشرة منكم أن تبطشوا بواحدة من خزنتها ؟ فقال أبو الأسود الجمحي : يا معشر قريش اكفوني منهم اثنين، وأنا أكفيكم سبعة عشر إعجابا منه بنفسه، وكان قد بلغ من القوة أنه يقف على جلد بقرة ويجاذبه عشرة لينزعوه من تحت قدمه، فيتمزق الجلد، ولا يتزحزح عنه، وهو الذي قال : إن صرعتني آمنت بك، فصرعه- عليه السلام- مرارا ولم يؤمن فنزل قوله :﴿ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ﴾
﴿ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ﴾ : لا رجالا، فمن ذا الذي يغلب الملائكة، ﴿ وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ﴾ أي : وما جعلنا عددهم إلا عددا قليلا هو سبب لفتنتهم للاستهزاء به يعني إخباري بأنهم على هذا العدد، ﴿ ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ﴾ : بصدق القرآن، وبأن هذا الرسول حق، لأنه نطق بمطابقة ما بأيديهم من الكتب السماوية، فإخبار الله بأنهم على هذا العدد المخصوص علة لاستيقانهم، والوصف أعني : افتتان الكفار بهذا العدد١ لا مدخل له، ﴿ ويزداد الذين آمنوا إيمانا ﴾ : بسبب الإيمان به، أو بتصديق أهل الكتاب، ﴿ ولا يرتاب ﴾، عطف على يستيقن، ﴿ الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ﴾ : في ذلك جمع لهم إثبات اليقين، ونفى الشك للتأكيد، والتعريض بحال من عداهم، فليس لهم يقين، ولهم ريب وشك، ﴿ وليقول الذين في قلوبهم مرض ﴾ : شك، ونفاق، ﴿ والكافرون ﴾ : المشركون، وفي الآية إخبار عن٢ الغيب، لأنها مكية فظهر النفاق في المدينة، ﴿ ماذا أراد الله بهذا ﴾ أي شيء أراد الله بهذا العدد ؟ ! ﴿ مثلا ﴾، حال من هذا أو تمييز له، وسموه مثلا لغرابته، ومرادهم إنكاره، وأنه لو كان من عند الله لما جاء بهذا العدد الناقص، ﴿ كذلك ﴾ : مثل ذلك المذكور من الإضلال والهدى، ﴿ يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء من يعلم وما يعلم جنود٣ ربك إلا هو ﴾ : لا يعلم عددهم، وكمية الموكلين بأمر دون أمر إلا الله، وحكم أمثال ذلك كحكم أعداد السماوات والأرض، وغيرهما لا يطلع عليه إلا بعض المقربين، ﴿ وما هي ﴾ : السقر التي وصفت، ﴿ إلا ذكرى٤ : تذكرة، ﴿ للبشر ﴾.
١ كأنه قال: وما جعلنا عدتهم إلى تسعة عشر، فوضع فتنة للذين كفروا موضع تسعة عشر؛ لأن حال هذه العدة القليلة وأن يفتتن بها من لا يؤمن بالله كأنه قيل، ولقد جعلنا عدتهم عدة من شأنها أن يفتتن بها لأجل استيقان المؤمنين، وحيرة الكافرين/١٢ منه ر ح..
٢ فهو معجزة له- صلى الله عليه وسلم- حيث أخبر، وهو بمكة عما سيكون بالمدينة بعد الهجرة/١٢ فتح..
٣ قال عطاء: يعني من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار لا يعلم عدتهم إلا الله وحده، والمعنى أن خزنة النار، وإن كانوا تسعة عشر فلهم من الأعوان، والجنود من الملائكة ما لا يعلمه إلا الله سبحانه /١٢ فتح..
٤ فدع الكم والكيف واتعظ بها/١٢ وجيز..
﴿ كلا١، ردع لمن أنكرها، ﴿ والقمر ﴾
١ قال ابن جرير الطبري: المعنى رد زعم من زعم أنه يقاوم خزنة جهنم أي: ليس الأمر كما يقول، ثم أقسم على ذلك بالقمر وبما بعده، وهذا هو الظاهر من معنى الآية/١٢ فتح..
﴿ والليل إذ أدبر ﴾ : أدبر على المضي كقبل بمعنى أقبل، وقيل : من دبر الليل النهار إذا خلفه،
﴿ والصبح إذا أسفر ﴾ : أضاء،
﴿ إنها ﴾ أي : سقر، ﴿ لإحدى الكبر ﴾ : لأحدى البلايا الكبر، جمع كبرى، أسقطت ألف التأنيث كتائها، يقال : فعل في جملة فعلة، وعن مقاتل دركات جهنم سبعة : جهنم، ولظى، والحطمة، والسعير، وسقر، والجحيم، والهاوية، وهي١ جواب القسم أو تعليل " لكلا " والقسم معترض للتوكيد،
١ أي: جملة إنها لإحدى الكبر/١٢ منه..
﴿ نذيرا للبشر ﴾ تمييز أي : إنها لإحدى الدواهي إنذارا كقولك : هو أحد الرجال كياسة،
﴿ لمن شاء منكم ﴾، بدل من البشر، ﴿ أن يتقدم أو يتأخر ﴾ مفعول شاء أي : نذيرا لمن شاء التقدم والسبق إلى الخير، أو التأخر، والتخلف عنه، أو أن يتقدم مبتدأ، ولمن شاء خبره نحو ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾ ( الكهف : ٢٩ )
﴿ كل نفس بما كسبت رهينة ﴾ : مرهونة عند الله في القيامة مصدر كالشتيمة١، فإن فعيل الصفة لا يؤنث،
١ بمعنى الشتم/١٢ فتح..
﴿ إلا أصحاب اليمين ﴾ : فإنهم فكوا رقابهم بحسن أعمالهم، ونقل عن علي -رضي الله عنه- إنهم أطفال المسلمين لأنه لا أعمال لهم يرتهنون بها
﴿ في جنات ﴾، حال من أصحاب اليمين، ﴿ يتساءلون ﴾
﴿ عن المجرمين ﴾ أي : يتساءلون المجرمين عن حالهم، فحذف المفعول ؛ لأن ما بعده يدل عليه،
﴿ ما سلككم ﴾ : ما أدخلكم، ﴿ في سقر ﴾ : بيان للتساؤل، وهذا أولى الوجوه،
﴿ قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم١ المسكين ﴾ أي : ما عبدنا ربنا، وما أحسنا إلى خلقه،
١ فيه دليل على أن الكفار مخاطبون بالشرعيات، والفروع فقول صاحب الكشاف: يحتمل أن يدخل بعضهم النار بمجموع ذلك، وهو ترك الصلاة، وترك الإطعام، والخوض في الباطل مع الخائضين، والتكذيب بيوم القيامة، وبعضهم بمجرد ترك الصلاة أو ترك الطعام تخيل منه كما قال صاحب الانتصاب: إن تارك الصلاة يخلد في النار/١٢ فتح..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:﴿ قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم١ المسكين ﴾ أي : ما عبدنا ربنا، وما أحسنا إلى خلقه،
١ فيه دليل على أن الكفار مخاطبون بالشرعيات، والفروع فقول صاحب الكشاف: يحتمل أن يدخل بعضهم النار بمجموع ذلك، وهو ترك الصلاة، وترك الإطعام، والخوض في الباطل مع الخائضين، والتكذيب بيوم القيامة، وبعضهم بمجرد ترك الصلاة أو ترك الطعام تخيل منه كما قال صاحب الانتصاب: إن تارك الصلاة يخلد في النار/١٢ فتح..

﴿ وكنا نخوض ﴾ : في الباطل، ﴿ مع الخائضين١ وكنا نكذب بيوم الدين ﴾ : أي مع هذا كله كنا نكذب بالقيامة،
١ أرادوا المجاهرة بالفسق/١٢ وجيز..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:﴿ وكنا نخوض ﴾ : في الباطل، ﴿ مع الخائضين١ وكنا نكذب بيوم الدين ﴾ : أي مع هذا كله كنا نكذب بالقيامة،
١ أرادوا المجاهرة بالفسق/١٢ وجيز..

﴿ حتى أتانا اليقين١ : الموت،
١ أي: الموت، وكأن سؤالهم سؤال تقريع ليعترفوا بلسانهم بجهلهم، وخسرانهم وإلا فهم عالمون بالسبب/١٢ وجيز.
﴿ فما تنفعهم شفاعة الشافعين ﴾ أي : لو شفعوا أجمعين لهم، وهو قول الله،
﴿ فما لهم عن التذكرة معرضين ﴾ أي : ما لهؤلاء الكفرة معرضين عن التذكير ؟ ف " معرضين " حال من الضمير،
﴿ كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ﴾ أي : كأنهم في نفارهم عن الحق حمر وحشية فرت مِن من يصيدها، أو من الأسد،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ﴾ أي : كأنهم في نفارهم عن الحق حمر وحشية فرت مِن من يصيدها، أو من الأسد،
﴿ بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتي صحفا منشرة ﴾ قالوا : إن سرك أن نتبعك، فأت كلا منا بكتاب من السماء أن اتبع يا فلان محمدا فإنه رسولك، أو كل منهم يريد أن ينزل عليه كما نزل عليك قال تعالى :﴿ وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتي ﴾ الآية ( الأنعام : ١٢٤ )،
﴿ كلا ﴾ : ردع عن تلك الإرادة، ﴿ بل لا يخافون الآخرة ﴾، ولهذا أعرضوا عن التذكرة،
﴿ كلا ﴾، ردع عن الإعراض، ﴿ إنه تذكرة ﴾
﴿ فمن شاء ذكره ﴾ أي : فمن شاء اتعظ به، أو حفظه،
﴿ وما يذكرون ﴾ : وما يتعظون به، ﴿ إلا أن يشاء الله ﴾، ذكرهم، أو مشيئتهم، ﴿ هو أهل التقوى ﴾ : هو أهل أن يتقى، فلا يجعل معه إله، ﴿ وأهل المغفرة ﴾ : وأهل لأن يغفر لمن اتقى أن يجعل معه إلها، كذا رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه في تفسير " هو أهل التقوى وأهل المغفرة ".
والحمد لله رب العالمين.
Icon