تفسير سورة سورة القصص من كتاب تفسير القرآن العزيز
المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
.
لمؤلفه
ابن أبي زَمَنِين
.
المتوفي سنة 399 هـ
وهي مكية كلها
ﰡ
ﮝ
ﰀ
قَوْله: ﴿طسم تِلْكَ آيَات﴾ هَذِه آيَات ﴿الْكتاب الْمُبين﴾ الْبَين
﴿ تلك آيات ﴾ هذه آيات ﴿ الكتاب المبين( ٢ ) ﴾ البين.
﴿نتلو عَلَيْك من نبإ مُوسَى﴾ مِنْ خَبَرِ مُوسَى ﴿وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لقوم يُؤمنُونَ﴾ يصدقون
﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ﴾ أَيْ: بَغَى ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ أَيْ: فِرَقًا ﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يذبح أَبْنَاءَهُم ويستحيي نِسَاءَهُمْ﴾ يَعْنِي: بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا بِمِصْرَ فِي يَدَيْ فِرْعَوْنَ، وَالطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَ يُذَبِّحُ: الْأَبْنَاءَ، وَالْطَائِفَةُ الَّتِي كَانَ يَسْتَحْيِي: النِّسَاءُ، وَقَدْ كَانَ يفعل هَذَا فِرْعَوْن.
﴿و﴾ نَحن ﴿نُرِيد أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْض﴾ يَعْنِي: بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾ قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ: وُلَاةً (فِي الأَرْض) (ل ٢٥٣) ﴿ونجعلهم الْوَارِثين﴾ أَي: يَرِثُونَ الْأَرْضِ بَعْدَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، فَفَعَلَ الله ذَلِك بهم
﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ﴾ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ (مَا كَانُوا
316
يحذرون} قَالَ قَتَادَة: ذكر لنا أَن حَازِرًا حَزَرَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ يُوْلَدُ فِي هَذَا الْعَامُ غُلَامٌ يَسْلِبُكَ مُلْكَكَ، فَتَتَبَّعَ أَبْنَاءَهُمْ يَقْتُلُهُمْ حَذَرًا مِمَّا قَالَ لَهُ الْحَازِرُ.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٧ - آيَة ١٣).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٧ - آيَة ١٣).
317
﴿وأوحينا إِلَى أم مُوسَى﴾ أَيْ: قَذَفَ فِي قَلْبِهَا، وَلَيْسَ بِوَحْيِ النُّبُوَّةِ ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خفت عَلَيْهِ﴾ الطّلب ﴿فألقيه فِي اليم﴾ ﴿فِي الْبَحْر﴾ (وَلَا تخافي} عَلَيْهِ الضَّيْعَة ﴿وَلَا تحزني﴾ ﴿أَنْ يُقْتَلَ﴾ (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} قَالَ قَتَادَةُ: فَجَعَلَتْهُ فِي تَابُوتٍ، ثمَّ قَذَفته فِي الْبَحْر
﴿فالتقطه آل فِرْعَوْن﴾ قَالَ يَحْيَى: بَلَغَنِي أَنَّ الْغَسَّالَاتِ عَلَى النِّيلِ الْتَقَطْنَهُ ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عدوا﴾ ﴿فِي دينهم﴾ (وحزنا} يُحْزِنُهُمْ بِهِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُهُ: ﴿ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا﴾ أَيْ: لِيَصِيرَ الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ؛
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُهُ: ﴿ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا﴾ أَيْ: لِيَصِيرَ الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ؛
317
لَا أَنَّهُمْ طَلَبُوهُ وَأَخَذُوهُ لِذَلِكَ، وَمَثْلُهُ مِنَ الْكَلَامِ قَوْلُهُمْ لِلَّذِي كَسَبَ مَالًا؛ فَأَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى الْهَلَاكِ: إِنَّمَا كَسَبَ فُلَانُ لِحَتْفِهِ، وَهُوَ لَمْ يَطْلُبِ الْمَالَ لِحَتْفِهِ، وَلَكِنْ صَارَ الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ وَهَذِهِ اللَّامُ يُسَمِّيهَا بَعْضُ النَّحْوِييِّنَ لَام الصيرورة.
318
﴿وَقَالَت امْرَأَة فِرْعَوْن قُرَّة عين لي وَلَك﴾ تَقُولُهُ لِفِرْعَوْنَ. قَالَ قَتَادَةُ: أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ رَحْمَتُهَا حِينَ أَبْصَرَتْهُ ﴿لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أَنَّ هَلَاكَهُمْ عَلَى يَدَيْهِ وَفِي زَمَانه
﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: أَيْ: فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرِ ذِكْرِ مُوسَى لَا تَذْكُرُ غَيْرَهُ ﴿إِنْ كَادَتْ لتبدي بِهِ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: لِتُبَيِّنَ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ شِدَّةِ وَجْدِهَا ﴿لَوْلا أَنْ ربطنا على قَلبهَا﴾ بِالْإِيمَانِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الرَّبْطُ عَلَى الْقَلْبِ: إِلْهَامُ الصَّبْرِ وَتَشْدِيدُهُ وَتَقْوِيَتُهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الرَّبْطُ عَلَى الْقَلْبِ: إِلْهَامُ الصَّبْرِ وَتَشْدِيدُهُ وَتَقْوِيَتُهُ.
﴿وَقَالَت﴾ أم مُوسَى ﴿لأخته﴾ لأخت مُوسَى ﴿قصيه﴾ أَيْ: اتْبَعِي أَثَرَهُ ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جنب﴾ أَيْ: مِنْ بَعِيدٍ ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أَنَّهَا أُخْتُهُ؛ جَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَكَأَنَّهَا لَا تريده
﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: جَعَلَ لَا يُؤْتَى بِامْرَأَةٍ إِلَّا لَمْ يَأْخُذْ ثَدْيَهَا ﴿فَقَالَت هَل أدلكم﴾ أَلَا أَدُلُّكُمْ ﴿عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يكفلونه لكم﴾ أَي: يضمونه فيرضعونه
﴿وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ يَعْنِي: الَّذِي قُذِفَ فِي قَلْبِهَا ﴿وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾ يَعْنِي: جَمَاعَتهمْ.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ١٤ - آيَة ١٩).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ١٤ - آيَة ١٩).
﴿وَلما بلغ أشده﴾ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ: بَلَغَ عِشْرِينَ سَنَةً ﴿واستوى﴾ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾.
﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ من أَهلهَا﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: يَوْمَ عِيدٍ لَهُمْ، وَهُمْ فِي لَهْوِهِمْ وَلَعِبِهِمْ ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شيعته﴾ مَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿وَهَذَا مِنْ عدوه﴾ (قِبْطِيٌّ) مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: أَرَادَ الْقِبْطِيُّ أَنْ يُسَخِّرَ الْإِسْرَائِيلِيَّ؛ لِيَحْمِلَ حَطَبًا لِمَطْبَخِ فِرْعَوْنَ فَأَبَى فَقَاتَلَهُ، فَوَكَزَهُ مُوسَى وَلم يتَعَمَّد قَتْلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَحِلُّ قَتْلَ الْكَافِرِ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: لَكَزَهُ وَوَكَزَهُ (وَلَهَزَهُ) بِمَعْنًى وَاحِدٍ: إِذا دَفعه.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: لَكَزَهُ وَوَكَزَهُ (وَلَهَزَهُ) بِمَعْنًى وَاحِدٍ: إِذا دَفعه.
319
﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّه عَدو مضل مُبين﴾ بَين الْعَدَاوَة
320
﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ يَعْنِي: بقتل القبطي
﴿فَلَنْ أكون ظهيرا﴾ أَي: عوينا ﴿للمجرمين﴾.
قَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ: فَلَنْ أُعِينَ بعْدهَا على فجرة
قَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ: فَلَنْ أُعِينَ بعْدهَا على فجرة
﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ مَنْ قَتْلِهِ النَّفْسَ؛ يَتَرَقَّبُ أَنْ يُؤْخَذَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَعْنَى (يَتَرَقَّبُ): يَنْتَظِرُ سُوءًا يَنَالُهُ. ﴿فَإِذَا الَّذِي استنصره بالْأَمْس يستصرخه﴾ أَيْ: يَسْتَعِينُهُ ﴿قَالَ لَهُ مُوسَى﴾ للإسرائيلي ﴿إِنَّك لغَوِيّ مُبين﴾ أَيْ: بَيِّنُ الْغَوَاءِ [ثُمَّ أَدْرَكَتْ مُوسَى الرأفة عَلَيْهِ]
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَعْنَى (يَتَرَقَّبُ): يَنْتَظِرُ سُوءًا يَنَالُهُ. ﴿فَإِذَا الَّذِي استنصره بالْأَمْس يستصرخه﴾ أَيْ: يَسْتَعِينُهُ ﴿قَالَ لَهُ مُوسَى﴾ للإسرائيلي ﴿إِنَّك لغَوِيّ مُبين﴾ أَيْ: بَيِّنُ الْغَوَاءِ [ثُمَّ أَدْرَكَتْ مُوسَى الرأفة عَلَيْهِ]
﴿فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدو لَهما﴾ (ل ٢٥٤) بِالْقِبْطِيِّ خَلَّى الْإِسْرَائِيلِيُّ عَنِ الْقِبْطِيِّ ﴿وَقَالَ يَا مُوسَى﴾ الْإِسْرَائِيلِيُّ يَقُوْلُهُ: ﴿أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ﴾ مَا تُرِيدُ ﴿إِلا أَنْ تَكُونَ جبارا﴾ أَيْ: قَتَّالًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقِيلَ الْمَعْنَى: فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ الْمُسْتَصْرِخُ أَنْ يَبْطِشَ مُوسَى بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا، وَلَمْ يَفْعَلْ مُوسَى، وَقَالَ لِلْمُسْتَصْرِخِ: ﴿إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ قَالَ لَهُ الْمُسْتَصْرِخُ: ﴿يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تقتلني﴾ الْآيَةُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَصْلُ الْجَبَّارِ فِي اللُّغَةِ: الْمُتَعَظِّمُ الَّذِي لَا يَتَوَاضَعُ لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [فِي الأَرْض].
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٠ آيَة ٢١).
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقِيلَ الْمَعْنَى: فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ الْمُسْتَصْرِخُ أَنْ يَبْطِشَ مُوسَى بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا، وَلَمْ يَفْعَلْ مُوسَى، وَقَالَ لِلْمُسْتَصْرِخِ: ﴿إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ قَالَ لَهُ الْمُسْتَصْرِخُ: ﴿يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تقتلني﴾ الْآيَةُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَصْلُ الْجَبَّارِ فِي اللُّغَةِ: الْمُتَعَظِّمُ الَّذِي لَا يَتَوَاضَعُ لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [فِي الأَرْض].
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٠ آيَة ٢١).
﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يسْعَى﴾ أَيْ: يُسْرِعُ ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾.
قَالَ مُحَمَّد: (يأتمرون) هُوَ يَفْتَعِلُونَ مِنَ الْأَمْرِ؛ الْمَعْنَى: يَأْمُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِكَ.
قَالَ قَتَادَةُ: وَذَلِكَ أَنَّ الْقِبْطِيَّ [الْآخَرَ] لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ الْإِسْرَائِيلِيِّ لِمُوسَى: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ أَفْشَى عَلَيْهِ، فَائْتَمَرَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ لِيَقْتُلُوهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ وَهُوَ الَّذِي جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة، فَأخْبر مُوسَى.
قَالَ مُحَمَّد: (يأتمرون) هُوَ يَفْتَعِلُونَ مِنَ الْأَمْرِ؛ الْمَعْنَى: يَأْمُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِكَ.
قَالَ قَتَادَةُ: وَذَلِكَ أَنَّ الْقِبْطِيَّ [الْآخَرَ] لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ الْإِسْرَائِيلِيِّ لِمُوسَى: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ أَفْشَى عَلَيْهِ، فَائْتَمَرَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ لِيَقْتُلُوهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ وَهُوَ الَّذِي جَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة، فَأخْبر مُوسَى.
﴿فَخرج مِنْهَا﴾ من الْمَدِينَة ﴿خَائفًا يترقب﴾.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٢ آيَة ٢٤).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٢ آيَة ٢٤).
﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيل﴾ يَعْنِي: الطَّرِيقِ إِلَى مَدْيَنَ، وَكَانَ خَرَجَ وَلَا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ إِلَى مَدين.
﴿وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ﴾ وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ (تَذُودَانِ النَّاسَ عَنْ
321
شِيَائِهِمَا) أَيْ: تَمْنَعَانِ غَنَمَهُمَا أَنْ تختلط بأغنام النَّاس ﴿قَالَ﴾ لَهما مُوسَى ﴿مَا خطبكما﴾ مَا أَمْرُكُمَا ﴿قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يصدر الرعاء﴾ أَيْ: حَتَّى يَسْقِي النَّاسُ، ثُمَّ نتتبع فُضَالَتِهِمْ؛ هَذَا تَفْسِيرُ الْحَسَنِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ: (حَتَّى يُصْدِرَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ، فَالْمَعْنَى: لَا نَقْدِرُ أَنْ نَسْقِيَ حَتَّى يَرُدَّ الرِّعَاءُ غَنَمَهُمْ وَقَدْ شَرِبَتْ، والرعاء جمع: رَاع.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ: (حَتَّى يُصْدِرَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ، فَالْمَعْنَى: لَا نَقْدِرُ أَنْ نَسْقِيَ حَتَّى يَرُدَّ الرِّعَاءُ غَنَمَهُمْ وَقَدْ شَرِبَتْ، والرعاء جمع: رَاع.
322
﴿فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيّ من خير فَقير﴾ يَعْنِي: الطَّعَام.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٥ آيَة ٢٨).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٥ آيَة ٢٨).
﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أجر مَا سقيت لنا﴾ قَالَ الْحَسَنُ: وَيَقُولُونَ: هُوَ شُعَيْبٌ، وَلَيْسَ بِشُعَيْبٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ سَيِّدَ أَهْلِ الْمَاءِ يَوْمَئِذٍ. وَقَالَ ابْنُ
322
عَبَّاسٍ: اسْمُ خَتَنِ مُوسَى: يَثْرَى
323
﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأمين﴾ تَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ فِي قَوْلِهِ: (الْقَوِيُّ): أَنه سَأَلَهُمَا: هَل هَاهُنَا بِئْرٌ غَيْرُ هَذِهِ؟ فَقَالَتَا: نَعَمْ، وَلَكِنْ عَلَيْهَا صَخْرَةٌ لَا يَرْفَعُهَا إِلَّا أَرْبَعُونَ رَجُلًا، فَرَفَعَهَا مُوسَى وَحْدَهُ.
وَتَفْسِيرُ الْحَسَنِ: أَنَّ الْأَمَانَةَ الَّتِي رَأَتْ مِنْهُ؛ أَنَّهَا حِينَ جَاءَتْهُ تَدْعُوهُ. قَالَ لَهَا: كُوْنِي ورائي وَكره أَن يستدبرها.
وَتَفْسِيرُ الْحَسَنِ: أَنَّ الْأَمَانَةَ الَّتِي رَأَتْ مِنْهُ؛ أَنَّهَا حِينَ جَاءَتْهُ تَدْعُوهُ. قَالَ لَهَا: كُوْنِي ورائي وَكره أَن يستدبرها.
﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحين﴾ أَي: فِي الرِّفْق بك
﴿قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَليْنِ قضيت﴾ يَعْنِي: أَي الْأَجَليْنِ قضيت، و (مَا) زَائِدَة ﴿فَلَا عدوان﴾ أَيْ: فَلَا سَبِيلَ عَلَيَّ.
قَالَ مُحَمَّد: (عدوان) مَنْصُوبٌ بِ (لَا) وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْعَدَاءِ؛ وَهُوَ الظُّلْمُ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتَ فَلَا تَعْتَدِ عَلَيَّ؛ بَأَنْ تُلْزِمَنِي أَكْثَرَ مِنْهُ. ﴿وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكيل﴾ أَي: شَهِيد.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٩ آيَة ٣٠).
قَالَ مُحَمَّد: (عدوان) مَنْصُوبٌ بِ (لَا) وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْعَدَاءِ؛ وَهُوَ الظُّلْمُ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتَ فَلَا تَعْتَدِ عَلَيَّ؛ بَأَنْ تُلْزِمَنِي أَكْثَرَ مِنْهُ. ﴿وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكيل﴾ أَي: شَهِيد.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٢٩ آيَة ٣٠).
﴿فَلَمَّا قضى مُوسَى الْأَجَل﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَضَى أَوْفَاهُمَا وَأَبَرهمَا: الْعشْر.
323
﴿وَسَار بأَهْله﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: أَقَامَ بَعْدَ أَنْ قَضَى الأَجَلَ عَشْرَ سِنِينَ ﴿آنَسَ من جَانب الطّور نَارا﴾ قَدْ مَضَى تَفْسِيرُهُ ﴿أَوْ جَذْوَةٍ من النَّار﴾ يَعْنِي: أَصْلَ شَرَرٍ ﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ وَكَانَ (شاتيا)
324
﴿نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى﴾.
قَالَ مُحَمَّد: (أَن) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ الْمَعْنَى: نُوْدِيَ بِأَنَّهُ يَا مُوسَى، وَكَذَلِكَ ﴿وَأَنْ ألق عصاك﴾ عطف عَلَيْهَا.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٣١ آيَة ٣٥).
قَالَ مُحَمَّد: (أَن) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ الْمَعْنَى: نُوْدِيَ بِأَنَّهُ يَا مُوسَى، وَكَذَلِكَ ﴿وَأَنْ ألق عصاك﴾ عطف عَلَيْهَا.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٣١ آيَة ٣٥).
﴿كَأَنَّهَا جَان﴾ كَأَنَّهَا حَيَّة ﴿ولى مُدبرا﴾ هَارِبا مِنْهَا ﴿وَلم يعقب﴾ أَيْ: يَرْجِعُ؛ فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ
﴿اسلك يدك فِي جيبك﴾ اسْلُكْ؛ أَيْ: أَدْخِلْهَا فِي جَيْبِكَ [أَيْ: قَمِيصِكَ] ﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غير سوء﴾.
324
قَالَ مُحَمَّد: يُقَال: سلكت (ل ٢٥٥) يَدِي وَأَسْلَكْتُهَا. ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ يَعْنِي: يدك ﴿من الرهب﴾ [أَيْ: مِنُ الرُّعْبِ] يَقُولُ: اضْمُمْهَا إِلَى صَدْرِكَ؛ فَيَذْهَبُ مَا فِيهِ مِنَ الرُّعْبِ، وَكَانَ قَدْ دَخَلَهُ فَزَعٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ﴿فَذَانِكَ برهانان من رَبك﴾ أَيْ: بَيَانَانِ؛ يَعْنِي: الْعَصَا وَالْيَدَ.
325
﴿فَأرْسلهُ معي ردْءًا﴾ أَي: عونا ﴿يصدقني﴾ أَيْ: يَكُونُ مَعِي فِي الرِّسَالَةِ ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: رَدَأْتُهُ عَلَى كَذَا؛ أَيْ: أَعَنْتُهُ، وَمَنْ قَرَأَ (يُصَدِّقْنِي) بِالْجَزْمِ فَهُوَ عَلَى جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ: أَرْسِلْهُ يُصَدِّقْنِي، وَمَنْ رَفَعَ (يُصَدِّقُنِي) فَالْمَعْنَى: رِدْءًا مُصَدِّقًا لِي.
وَذَكَرَ ابْنُ مُجَاهِدٍ أَنَّ نَافِعًا وَحْدَهُ قَرَأَ (رِدًّا) مُنَوَّنَةً بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَأَنَّ سَائِرَ الْقُرَّاءِ يَقْرَءُونَ: (رِدْءًا) بِالْهَمْز.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٣٦ آيَة ٣٨).
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: رَدَأْتُهُ عَلَى كَذَا؛ أَيْ: أَعَنْتُهُ، وَمَنْ قَرَأَ (يُصَدِّقْنِي) بِالْجَزْمِ فَهُوَ عَلَى جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ: أَرْسِلْهُ يُصَدِّقْنِي، وَمَنْ رَفَعَ (يُصَدِّقُنِي) فَالْمَعْنَى: رِدْءًا مُصَدِّقًا لِي.
وَذَكَرَ ابْنُ مُجَاهِدٍ أَنَّ نَافِعًا وَحْدَهُ قَرَأَ (رِدًّا) مُنَوَّنَةً بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَأَنَّ سَائِرَ الْقُرَّاءِ يَقْرَءُونَ: (رِدْءًا) بِالْهَمْز.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٣٦ آيَة ٣٨).
﴿وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهدى من عِنْده﴾ أَيْ: إِنِّي أَنَا جِئْتُ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ ﴿وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَة الدَّار﴾ دَارُ الْآخِرَةِ؛ يَعْنِي: الْجَنَّةَ ﴿إِنَّهُ لَا يفلح الظَّالِمُونَ﴾ الْمُشْركُونَ
﴿وَقَالَ فِرْعَوْن يَا أَيهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي﴾ قَالَ الْحَسَنُ: تَعَمَّدَ الْكَذِبَ ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ أَي: فاطبخ لي آجرا؛ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ طَبَخَ الْآجُرَّ ﴿فَاجْعَلْ لي صرحا﴾ أَيِ: ابْنِ لِي قَصْرًا؛ فَبَنَى لَهُ صَرْحًا عَالِيًا، وَقَدْ عَلِمَ فِرْعَوْنُ أَنَّ مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ، وَهَذَا القَوْل مِنْهُ كذب.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٣٩ آيَة ٤٣).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٣٩ آيَة ٤٣).
﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ﴾ يَوْم الْقِيَامَة
﴿فَانْظُر﴾ يَا مُحَمَّدُ ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمين﴾ أَيْ: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ صيرهم إِلَى النَّار.
﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ أَيْ: يَتْبَعُهُمْ مَنْ بَعْدَهَمْ مِنَ الْكفَّار
﴿وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً﴾ يَعْنِي: الْغَرَقَ الَّذِي عَذَّبَهُمْ بِهِ (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ
326
هم من المقبوحين} يَقُولُ: أَهْلُ النَّارِ مُشَوَّهُونَ سُودٌ زرق
327
﴿وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب﴾ التَّوْرَاةَ؛ وَهُوُ أَوَّلُ كِتَابٍ نَزَلَ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ وَالْأَحْكَامُ ﴿بَصَائِرَ للنَّاس﴾.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٤٤ آيَة ٤٦).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٤٤ آيَة ٤٦).
﴿وَمَا كنت﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بِجَانِب الغربي﴾ يَعْنِي: غَرْبِيَّ الْجَبَلِ ﴿إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمر﴾ يَعْنِي: الرِّسَالَةَ ﴿وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدين﴾ أَي: لم تشاهد ذَلِك
﴿وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمر﴾ كَانَ بَين عِيسَى وَمُحَمّد خَمْسمِائَة سنة، وَقيل: سِتّمائَة سَنَةٍ ﴿وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ أَيْ: لَمْ تَكُنْ يَا مُحَمَّدُ مُقِيمًا بِمَدْيَنَ؛ فَتَعْلَمَ كَيْفَ كَانَ أَمْرُهُمْ، فَتُخْبِرَ أَهْلَ مَكَّةَ بِشَأْنِهِمْ وَأمرهمْ
﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نادينا﴾ قَالَ بَعْضُهُمْ: نُودِيَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ: أَجَبْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ تَدْعُونِي، وَأَعْطَيْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُونِي ﴿وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا﴾ يَعْنِي: قُرَيْشًا؛ فِي تَفْسِيرِ السُّدِّيِّ ﴿لَعَلَّهُم يتذكرون﴾ لكَي يتذكروا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ (رَحْمَةً) بِالنَّصْبِ، فَالْمَعْنَى: فَعَلْنَا ذَلِكَ لِلرَّحْمَةِ؛ كَمَا تَقُولُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ الْخَيْر؛ أَي: لابتغاء الْخَيْر.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ (رَحْمَةً) بِالنَّصْبِ، فَالْمَعْنَى: فَعَلْنَا ذَلِكَ لِلرَّحْمَةِ؛ كَمَا تَقُولُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ الْخَيْر؛ أَي: لابتغاء الْخَيْر.
327
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٤٧ آيَة ٥٠).
328
﴿وَلَوْلَا أَن تصيبهم مُصِيبَة﴾ يَعْنِي: الْعَذَابَ ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ بِالَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ ﴿فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا﴾ الْآيَةُ، يَقُولُ: وَلَوْ أَنَّا عَذَّبْنَاهُمْ لَاحْتَجُّوا، فَقَالُوا: رَبَّنَا لَوْلَا: هَلَّا ﴿أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ ونكون من الْمُؤمنِينَ﴾ فَقَطَعَ اللَّهُ عُذْرَهُمْ بِمُحَمَّدٍ؛ فَكَذَّبُوهُ. قَالَ الله:
﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ ﴿قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ﴾ يعنون: النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ﴿مثل مَا أُوتِيَ مُوسَى﴾ أَيْ: هَلَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً؛ كَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى جُمْلَةً وَاحِدَةً.
قَالَ الله: ﴿أَو لم يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قبل﴾ وَقَدْ كَانَ كِتَابُ مُوسَى عَلَيْهِمْ حُجَّةً؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ ﴿قَالُوا ساحران تظاهرا﴾ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ؛ وَهَذَا قَوْلُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ ﴿وَقَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون﴾ يَعْنِي: بِالتَّوْرَاةِ وَالْقُرْآن.
قَالَ الله: ﴿أَو لم يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قبل﴾ وَقَدْ كَانَ كِتَابُ مُوسَى عَلَيْهِمْ حُجَّةً؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ ﴿قَالُوا ساحران تظاهرا﴾ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ؛ وَهَذَا قَوْلُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ ﴿وَقَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون﴾ يَعْنِي: بِالتَّوْرَاةِ وَالْقُرْآن.
قَالَ اللَّهُ: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا﴾ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ ﴿أَتَّبِعْهُ﴾.
﴿فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لَك﴾ لِيَأْتُوا بِهِ، وَلَا يَأْتُونَ بِهِ؛ وَلَكِنَّهَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين﴾ (ل ٢٥٦) يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ عَلَى شركهم.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٥١ آيَة ٥٥).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٥١ آيَة ٥٥).
﴿وَلَقَد وصلنا لَهُم القَوْل﴾ أَخْبَرْنَاهُمْ بِأَنَّا أَهْلَكْنَا مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُمْ ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ لكَي يتذاكروا، فَيَحْذَرُوا أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نزل بهم فيؤمنوا
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ﴾ مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنَ ﴿هُمْ بِهِ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿يُؤمنُونَ﴾ يَعْنِي: مَنْ كَانَ مُسْتَمْسِكًا بِأَمْرِ مُوسَى وَعِيسَى، ثُمَّ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ
﴿وَإِذا يُتْلَى عَلَيْهِم﴾ الْقُرْآنُ ﴿قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا من قبله﴾ مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ بِهِ ﴿مُسْلِمِينَ﴾
﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ عَلَى دِينِهِمْ ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ تَفْسِيرُ السُّدِّيُّ: يَدْفَعُونَ بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ وَالْعَفْوِ الْأَذَى وَالْأَمْرَ الْقَبِيحَ ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ﴾ يَعْنِي: الزَّكَاة الْوَاجِبَة
﴿وَإِذا سمعُوا اللَّغْو﴾ يَعْنِي: الشَّتْمَ وَالْأَذَى مِنْ كُفَّارِ قَومهمْ ﴿أَعرضُوا عَنهُ﴾ أَيْ: لَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِمْ ﴿وَقَالُوا﴾ لِلْمُشْرِكِينَ: (لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلام
329
عَلَيْكُم} كَلِمَةُ حِلْمٍ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، وَتَحِيَّةٌ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ أَي: لَا نَكُون مِنْهُم.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقِيلَ: مَعْنَى ﴿سَلامٌ عَلَيْكُم﴾ هَاهُنَا؛ أَيْ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْمُسَالَمَةُ، وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ (يُؤْمَرُوا بِقِتَالِهِمْ).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٥٦ آيَة ٥٩).
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقِيلَ: مَعْنَى ﴿سَلامٌ عَلَيْكُم﴾ هَاهُنَا؛ أَيْ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْمُسَالَمَةُ، وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ (يُؤْمَرُوا بِقِتَالِهِمْ).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٥٦ آيَة ٥٩).
330
﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ، حَيْثُ أَرَادَهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ فَأَبَى ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين﴾ أَيْ: مَنْ قُدِّرَ لَهُ الْهُدَى
﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ﴾ يَعْنِي: التَّوْحِيدَ ﴿نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ لِقِلَّتِنَا فِي كَثْرَةِ الْعَرَبِ، وِإِنَّمَا يَنْفِي الْحَرْبَ عَنَّا أَنَّا عَلَى دِينِهِمْ؛ فَإِنْ آمَنَّا بِكَ وَاتَّبَعْنَاكَ خَشِينَا أَنْ يَتَخَطَّفَنَا النَّاسُ؛ قَالَ الله للنَّبِي: ﴿أَو لَو نمكن لَهُم حرما آمنا﴾ الْآيَةُ. يَقُولُ: قَدْ كَانُوا فِي حَرَمِي يَأْكُلُونَ رِزْقِي وَيَعْبُدُونَ غَيْرِي وَهُمْ آمِنُونَ، فَيَخَافُونَ إِنْ آمَنُوا أَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ مَنْ يَقْتُلُهُمْ وَيَسْبِيهِمْ؟! مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾ يَعْنِي: من لم يُؤمن مِنْهُم
(وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ
330
قَرْيَة بطرت معيشتها} [هُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ﴿بطرت معيشتها﴾ أَيْ:] أَشِرَتْ فِي مَعِيشَتِهَا، وَنَصْبُ (معيشتها) بِإِسْقَاط (فِي).
قَالَ مُحَمَّدٌ: قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ﴿بطرت معيشتها﴾ أَيْ:] أَشِرَتْ فِي مَعِيشَتِهَا، وَنَصْبُ (معيشتها) بِإِسْقَاط (فِي).
331
﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى﴾ أَيْ: مُعَذِّبَهُمْ؛ يَعْنِي: هَذِهِ الْأُمَّةَ ﴿حَتَّى يبْعَث فِي أمهَا﴾ يَعْنِي: مَكَّة ﴿رَسُولا﴾ وَالرَسُولُ: مُحَمَّدٌ ﴿إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ مُشْرِكُونَ ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأبقى﴾ ﴿الْجنَّة﴾ (أَفلا تعقلون} يَقَوْلُهُ لِلْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ قَالَ عَلَى الِاسْتِفْهَام.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٦٠ آيَة ٦٣).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٦٠ آيَة ٦٣).
﴿أَفَمَن وعدناه وَعدا حسنا﴾ يَعْنِي الْجَنَّةَ ﴿فَهُوَ لاقِيهِ [كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ]﴾ أَيْ: أَنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ. يُقَالُ: نزلت فِي النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ
﴿قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ﴾ الْغَضَبُ؛ يَعْنِي: الشَّيَاطِينَ الَّذِينَ دَعَوْهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ: (رَبَّنَا
331
هَؤُلَاءِ الَّذين أغوينا أغويناهم} أضللناهم ﴿كَمَا غوينا﴾ ﴿ضَلَلْنَا﴾ (تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إيانا يعْبدُونَ} أَيْ: بِسُلْطَانٍ كَانَ لَنَا عَلَيْهِمُ اسْتَكْرَهْنَاهُمْ بِهِ، وَإِنَّمَا دَعَوْنَاهُمْ بِالْوَسْوَسَةِ؛ كَقَوْلِه إِبْلِيسَ: ﴿وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لي﴾.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٦٤ آيَة ٧١).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٦٤ آيَة ٧١).
332
﴿وَقيل ادعوا شركاءكم﴾ يَعْنِي: الأَوْثَانَ ﴿فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُم وَرَأَوا الْعَذَاب﴾ أَيْ: وَدَخَلُوا الْعَذَابَ ﴿لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾ أَيْ: لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُهْتَدِينَ فِي الدُّنْيَا مَا دَخَلُوا الْعَذَابَ.
﴿وَيَوْم يناديهم﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ ﴿فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسلين﴾ يُسَتَفْهِمُهُمْ؛ يَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، وَلَا يَسْأَلُ الْعِبَادَ عَنْ أَعْمَالهم إِلَّا الله وَحده
﴿فعميت عَلَيْهِم الأنباء﴾ الْحُجَجُ؛ فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ ﴿يَوْمَئِذٍ فهم لَا يتساءلون﴾ أَي يَحْمِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ مَنْ ذُنُوبِهِمْ شَيْئًا؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ.
﴿فَأَما من تَابَ﴾ من شركه ﴿وآمن﴾ أَيْ: أَخْلَصَ الْإِيمَانَ لِلَّهِ ﴿وَعَمِلَ صَالحا﴾ فِي إِيمَانِهِ ﴿فَعَسَى أَنْ يَكُونَ من المفلحين﴾ و (عَسى) من الله وَاجِبَة
﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ مِنْ خَلْقِهِ لِلنُّبُوَّةِ. ﴿مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة﴾ يَعْنِي: أَن يختاروا هُوَ [الْأَنْبِيَاء (ل ٢٥٧) فيتبعونهم]. ﴿سُبْحَانَ الله﴾ (ينزه نَفسه) ﴿وَتَعَالَى﴾ ارْتَفَعَ ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
[﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُم اللَّيْل سرمدا﴾ أَيْ: دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ، أَمْرُهُ يقَوْلُهُ لِلْمُشْرِكِينَ ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بضياء أَفلا تَسْمَعُونَ﴾].
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٧٢ آيَة ٧٥).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٧٢ آيَة ٧٥).
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُم النَّهَار سرمدا﴾ أَيْ: دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ، أَمْرُهُ أَنْ يَقَوْلَهُ لِلْمُشْرِكِينَ ﴿مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ﴾ أَي: يسكن فِيهِ الْخلق.
﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَار لتسكنوا فِيهِ﴾ يَعْنِي: فِي اللَّيْلِ ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضله﴾ بِالنَّهَارِ؛ وَهَذَا رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ؛ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَتَتِمُّ عَلَيْهِ رَحْمَةُ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَهِي رَحْمَةٌ لَهِ فِي الدُّنْيَا، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَة نصيب.
﴿وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾ أَيْ: أَحْضَرْنَا رَسُولًا ﴿فَقُلْنَا هَاتُوا برهانكم﴾ حُجَّتُكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِمَا كُنْتُم عَلَيْهِ من الشّرك ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ يَعْنِي: أَوْثَانَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٧٦ ٧٩).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٧٦ ٧٩).
﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى﴾ كَانَ ابْنَ عَمِّهِ؛ أَخِي أَبِيهِ ﴿فبغى عَلَيْهِم﴾ كَانَ عَامِلًا لِفِرْعَوْنَ، فَتَعَدَّى عَلَيْهِمْ وظلمهم ﴿وَآتَيْنَاهُ من الْكُنُوز﴾ أَيْ: مِنَ الْأَمْوَالِ؛ يَعْنِي: قَارُونَ ﴿مَا إِن مفاتحه﴾ يَعْنِي: مَفَاتِحُ خَزَائِنِهِ؛ فِي تَفْسِيرِ بَعضهم ﴿لتنوء بالعصبة﴾ أَيْ: لَتُثْقِلُ الْعُصْبَةَ ﴿أُولِي الْقُوَّةِ﴾ يَعْنِي: الشِّدَةَ؛ وَهُمْ هَا هُنَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: نَأَتْ بِالْعُصْبَةِ؛ أَيْ: مَالَتْ بِهَا، وَأَنْأَتِ الْعُصْبَةُ؛
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: نَأَتْ بِالْعُصْبَةِ؛ أَيْ: مَالَتْ بِهَا، وَأَنْأَتِ الْعُصْبَةُ؛
334
أَيْ: أَمَالَتْهَا.
قَوْلُهُ: ﴿لَا تَفْرَحْ﴾ لَا تَبْطَرْ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يحب الفرحين﴾ يَعْنِي: الْبَطِرِينَ؛ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ لَا (يشركُونَ) اللَّهَ فِيمَا أَعْطَاهُمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مِنَ الْفَرَحِ مَا يَكُونُ مَعْنَاهُ: الأشر والبطر. قَالَ الشَّاعِر:
يَقُولُ: لَسْتُ بِأَشِرٍ وَلَا بَطِرٍ؛ لَيْسَ هُوَ مِنَ الْفَرَحِ الَّذِي مَعْنَاهُ السرُور.
قَوْلُهُ: ﴿لَا تَفْرَحْ﴾ لَا تَبْطَرْ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يحب الفرحين﴾ يَعْنِي: الْبَطِرِينَ؛ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ لَا (يشركُونَ) اللَّهَ فِيمَا أَعْطَاهُمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مِنَ الْفَرَحِ مَا يَكُونُ مَعْنَاهُ: الأشر والبطر. قَالَ الشَّاعِر:
(وَلَيْسَت بِمِفْرَاحٍ إِذَا الدَّهْرُ سَرَّنِي | وَلَا جَازِعٌ مِنْ صَرْفِهِ الْمُتَحَوِّلِ) |
335
﴿وابتغ فِيمَا آتاك الله﴾ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ ﴿الدَّارَ الآخِرَةَ﴾ يَعْنِي: الْجَنَّةَ ﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ من الدُّنْيَا﴾ يَقُولُ: اعْمَلْ فِي دُنْيَاكَ لِآخِرَتِكَ. ﴿وَأحسن﴾ فِيمَا افْترض الله عَلَيْك
﴿قَالَ﴾ قَارون ﴿إِنَّمَا أُوتِيتهُ﴾ يَعْنِي: مَا أُعْطِيَ مِنَ الدُّنْيَا ﴿على علم عِنْدِي﴾ أَيْ: بِقُوَّتِي وَعِلْمِي.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ [أَقْرَأُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِلتَّوْرَاةِ] وَلِذَلِكَ ادَّعَى أَنَّ الْمَالَ أُعْطِيَهُ لِعِلْمِهِ. قَالَ اللَّهُ: بل هِيَ فتْنَة: بلية. ﴿أَو لم يعلم﴾ يَعْنِي: قَارُونَ ﴿أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأكْثر جمعا﴾ مِنَ الْجُنُودِ وَالرِّجَالِ؛ أَيْ: بَلَى قَدْ عَلِمَ ﴿وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذنوبهم المجرمون﴾ الْمُشْرِكُونَ لِتُعْلَمَ ذُنُوبُهُمْ مِنْ عِنْدِهِمْ
قَالَ مُحَمَّدٌ: قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ [أَقْرَأُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِلتَّوْرَاةِ] وَلِذَلِكَ ادَّعَى أَنَّ الْمَالَ أُعْطِيَهُ لِعِلْمِهِ. قَالَ اللَّهُ: بل هِيَ فتْنَة: بلية. ﴿أَو لم يعلم﴾ يَعْنِي: قَارُونَ ﴿أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأكْثر جمعا﴾ مِنَ الْجُنُودِ وَالرِّجَالِ؛ أَيْ: بَلَى قَدْ عَلِمَ ﴿وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذنوبهم المجرمون﴾ الْمُشْرِكُونَ لِتُعْلَمَ ذُنُوبُهُمْ مِنْ عِنْدِهِمْ
﴿فَخرج على قومه﴾ يَعْنِي: قَارون ﴿فِي زينته﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: أَنَّهُ خَرَجَ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ حُمْرٌ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، وَمَعَهُ أَرْبَعمِائَة جَارِيَةٍ عَلَيْهِنَّ ثِيَابٌ حُمْرٌ عَلَى بِغَالٍ بِيضٍ (قَالَ
335
الَّذين يُرِيدُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مثل مَا أُوتِيَ قَارون﴾ الْآيَة.
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٨٠ آيَة ٨٢).
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٨٠ آيَة ٨٢).
336
﴿وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم﴾ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ لِلْمُشْرِكِينَ ﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله﴾ يَعْنِي: الْجنَّة ﴿خير﴾ ﴿وَلَا يلقاها﴾ يُعْطَاهَا؛ يَعْنِي: الْجَنَّةَ ﴿إِلا الصَّابِرُونَ﴾ وهم الْمُؤْمِنُونَ.
﴿فَخَسَفْنَا بِهِ﴾ بقارون ﴿وَبِدَارِهِ﴾ يَعْنِي: مَسْكَنَهُ، فَهُوَ يُخْسَفُ بِهِ كُلَّ يَوْمٍ قَامَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة؛ فِي تَفْسِير قَتَادَة
﴿وَأصْبح الَّذِي تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ الله﴾ أَيْ: أَنَّ اللَّهَ ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لمن يَشَاء﴾ ﴿﴾ (ويكأنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ} أَيْ: وَإِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُهُ: ﴿وَيْكَأَنَّ اللَّهَ﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَبِيلُهَا سَبِيلُ: (أَلَمْ تَرَ) وَقَدْ رَأَيْتُ بَيْنَ النَّحْوِيِّينَ وَأَصْحَابِ اللُّغَةِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَة (ويكأنه) اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُهُ: ﴿وَيْكَأَنَّ اللَّهَ﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَبِيلُهَا سَبِيلُ: (أَلَمْ تَرَ) وَقَدْ رَأَيْتُ بَيْنَ النَّحْوِيِّينَ وَأَصْحَابِ اللُّغَةِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَة (ويكأنه) اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ.
336
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٨٣ آيَة ٨٥).
337
﴿لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ﴾ يَعْنِي: شركا ﴿وَلَا فَسَادًا﴾ قتل الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤمنِينَ
﴿من جَاءَ بِالْحَسَنَة﴾ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴿فَلَهُ خير مِنْهَا﴾ أَيْ: فَلَهُ مِنْهَا خَيْرٌ. ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ بِالشِّرْكِ ﴿فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يَقُولُ: جَزَاؤُهُمُ النَّارُ خَالِدِينَ فِيهَا.
﴿إِن الَّذِي فرض﴾ يَعْنِي: أنزل ﴿عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد﴾.
قَالَ يَحْيَى: بَلَغَنِي: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ هَاجَرَ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ وَهُوَ بِالْجَحْفَةِ مُوَّجِهٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: أَشْتَقْتَ يَا مُحَمَّدُ إِلَى بِلَادِكَ الَّتِي وُلِدْتَ بِهَا فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد﴾ يَعْنِي إِلَى مَوْلِدِكَ الَّذِي خَرَجْتَ مِنْهُ، ظَاهِرًا عَلَى أَهْلِهِ ". ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى﴾ أَيْ: مُحَمَّدٌ جَاءَ بِالْهُدَى، فَآمَنَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ (ل ٢٥٨) ﴿وَمن هُوَ﴾ أَيْ: أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ ﴿فِي ضلال مُبين﴾
قَالَ يَحْيَى: بَلَغَنِي: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ هَاجَرَ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ وَهُوَ بِالْجَحْفَةِ مُوَّجِهٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: أَشْتَقْتَ يَا مُحَمَّدُ إِلَى بِلَادِكَ الَّتِي وُلِدْتَ بِهَا فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد﴾ يَعْنِي إِلَى مَوْلِدِكَ الَّذِي خَرَجْتَ مِنْهُ، ظَاهِرًا عَلَى أَهْلِهِ ". ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى﴾ أَيْ: مُحَمَّدٌ جَاءَ بِالْهُدَى، فَآمَنَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ (ل ٢٥٨) ﴿وَمن هُوَ﴾ أَيْ: أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ ﴿فِي ضلال مُبين﴾
337
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ٨٦ آيَة ٨٨).
338
﴿وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْك﴾ يَعْنِي النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام. ﴿أَن يلقى إِلَيْك الْكتاب﴾ يَعْنِي: أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكَ [وَقَوْلُهُ: ﴿ترجو﴾ يَقُوله للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام] ﴿إِلَّا رَحْمَة من رَبك﴾ يَقُولُ: [وَلَكِنْ] نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴿فَلا تَكُونَنَّ ظهيرا﴾ عوينا ﴿للْكَافِرِينَ﴾.
﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ﴾ يَعْنِي: إِلَّا هُوَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: ﴿وَجهه﴾ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، الْمَعْنَى: إِلَّا إِيَّاهُ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ يَحْيَى. ﴿لَهُ الحكم﴾ الْقَضَاء ﴿وَإِلَيْهِ ترجعون﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: ﴿وَجهه﴾ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، الْمَعْنَى: إِلَّا إِيَّاهُ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ يَحْيَى. ﴿لَهُ الحكم﴾ الْقَضَاء ﴿وَإِلَيْهِ ترجعون﴾.
338
تَفْسِيرُ سُوْرَةِ الْعَنْكَبُوتِ
وَهِيَ مَكِّيَةُ كُلُّهَا إِلَّا عَشْرَ آيَاتٍ مَدَنِيَّةٍ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقين﴾.
وَهِيَ مَكِّيَةُ كُلُّهَا إِلَّا عَشْرَ آيَاتٍ مَدَنِيَّةٍ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقين﴾.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةٌ المعنكبوت من (آيَة ١ آيَة ٨).339