تفسير سورة سورة القصص من كتاب تفسير العز بن عبد السلام
المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام
.
لمؤلفه
عز الدين بن عبد السلام
.
المتوفي سنة 660 هـ
سورة القصص مكية أو إلا آية ﴿ إن الذي فرض عليك القرآن ﴾ [ ٨٥ ] نزلت بالجحفة.
ﰡ
٤ - ﴿عَلا﴾ بملكه وسلطانه، أو بقتله أبناء بني إسرائيل واستعبادهم، أو بإدعائه الربوبية وكفره.
﴿الأَرْضِ﴾ مصر. لأنه لم يملك الأرض كلها. وعلوِّه لغلبته وقهره، أو لكبره وتجبره.
﴿شِيَعاً﴾ فرقاً؛ فرق بني إسرائيل والقبط، استضعف طائفة بني إسرائيل بالاستعباد والأعمال القذرة
﴿يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ﴾ رأى في نومه ناراً أقبلت من القبلة واشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط
478
وتركت بني إسرائيل فسأل عن تأويلها، فقيل يخرج من هذا البلد رجل يكون على يده هلاك مصر. فأمر بذبح أبنائهم وأسرع الموت في شيوخ بني إسرائيل. فقيل له قد فني شيوخ بني إسرائيل بالموت وصغارهم بالقتل فاستبقهم لعملنا وخدمتنا فأمر أن يقتلوا عاماً ويتركوا عاماً فولد هارون عام الاستحياء وموسى عام القتل، وعاش فرعون أربعمائة سنة وهو أول من خضب بالسواد. وكان قصيراً دميماً. وعاش موسى عليه الصلاة والسلام مائة وعشرين سنة.
479
٥ - ﴿الذين استضعفوا﴾ بنو إسرائيل، أو يوسف / [١٣٤ / أ] وولده: قاله قتادة. ﴿ائمة﴾ ولاة الأمر، أو قادة متبوعين، أو أنبياء لأن الأنبياء بين موسى وعيسى كانوا من بني إسرائيل وكان بينهما ألف ألف نبي. قاله الضحاك ﴿الْوَارِثِينَ﴾ للملك، أو لأرض فرعون. ﴿وَأَوْحَيْنَآ إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافى ولا تخزنى إنّا رآدّوه إليك وجاعلوه من المرسلين فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوا وحزناً إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين وقالت امرأت فرعون قرت عينٍ لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً وهم لا يشعرون﴾
٧ - ﴿وَأَوْحَيْنَآ﴾ ألهمنا، أو رؤيا نوم أو وحي مع الملك كوحي الأنبياء. أوحى إليها برضاعه قبل الولادة، أو بعدها.
﴿خِفْتِ عَلَيْهِ﴾ القتل، أو أن يسمع
479
جيرانك صوته.
﴿الْيَمِّ﴾ البحر وهو النيل.
﴿وَلا تَخَافِى﴾ عليه الغرق، أو الضيعة.
﴿وَلا تَحْزَنِى﴾ لفراقه، أو أن يقتل. فجعلته في تابوت طوله خمسة أشبار وعرضه مثلها. وجعلت المفتاح مع التابوت وألقته في اليم بعد أن أرضعته أربعة أشهر، أو ثلاثة أشهر، أو ثمانية أشهر، ولما فرغ النجار منه أخبر فرعون به، فبعث معه من يأخذه فطمس الله تعالى على عينيه وقلبه فلم يعرف الطريق. فعلم أنه المولود الذي خافه فرعون فآمن ذلك الوقت وهو مؤمن آل فرعون. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنها: فلما غاب عنهما ندَّمها الشيطان فقالت. لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من إلقائه في دواب البحر وحيتانه فقال الله تعالى:
﴿إِنَّا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين﴾.
480
٨ - ﴿فالتقطه آل فِرْعَوْنَ﴾ خرجت جواري امرأة فرعون لاستقاء الماء فوجدن تابوته فحملنه إليها " ع "، أو خرجت امرأة فرعون إلى البحر وكانت برصاء فوجدته فأخذته فبرئت من برصها فقالت هذا صبي مبارك.
٩ - ﴿قرة عَيْنٍ﴾ لما علم أصحاب فرعون بموسى جاءوا ليذبحوه فمنعتهم وأتت فرعون وقالت قرة عين لي ولك. فقال فرعون لها: قرة عينٌ لك أما لي فلا. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" لو أقر بأنه يكون قرة عين له لهداه الله تعالى به كما هداها به ". وقرة العين بردها بالسرور من القر وهو البرد، أو قر دمعها فلم
480
يخرج بالحزن مأخوذ من القرار
﴿لا يَشْعُرُونَ﴾ أن هلاكهم على يديه.
﴿وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾
481
١٠ - ﴿فَارِغاً﴾ من كل شيء إلا من ذكر موسى " ع "، أو من الوحي بنسيانه " ح " أو من الحزن لعلمها أنه لم يغرق، أو نافراً، أو ناسياً، أو والهاً، أو فازعاً من الفزع. ﴿وَأَصْبَحَ﴾ لأنها ألقته ليلاً فأصبح فؤادها فارغاً، أو ألقته نهاراً فيكون أصبح يعني صار. ﴿لَتُبْدِى به﴾ لتصيح به عند إلقائه وابناه " ع "، أو تقول لما حملت لإرضاعه وحضانته هو ابني لأنه ضاق صدرها لما قيل هو ابن فرعون، أو لتبدي بالوحي. ﴿رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ بالإيمان، أو العصمة، ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بِردِّه وجعله من المرسلين.
١١ - ﴿قُصِّيهِ﴾ تتبعي أثره واستعلمي خبره. ﴿جُنُبٍ﴾ جانب / [١٣٤ / ب] " ع " أو بعد، أو شوق بلغة جذام جنبت إليك اشتقت إليك. ﴿لا يَشْعُرُونَ﴾ أنها أخته.
١٢ - ﴿وَحَرَّمْنَا﴾ منعناه ﴿الْمَرَاضِعَ﴾ فلا يؤتى بمرضع فيقبلها. ﴿مِن قَبْلُ﴾ مجيء أخته أو قبل رده إلى أمه.
١٣ - ﴿فَرَدَدْنَاهُ﴾ انطلقت أخته إلى أمه فأخبرتها فجاءت فوضعته في حجرها فترامى إلى ثديها فامتصه حتى امتلأ جنباه رياً " ع ". فقيل لها: كيف ارتضع منك دون غيرك. قالت لأني طيبة الريح طيبة اللبن لا أكاد أوتى بصبي إلا ارتضع مني فَسَخَّر الله تعالى فرعون لتربيته وهو يقتل الخلق لأجله وكان إلقاؤه في البحر وهو سبب لهلاكه سبباً لنجاته. ﴿أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ في رده إليها وجعله من المرسلين حق. ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ ما يراد بهم. أو مثل علمها به. ﴿ولمّا بلغ أشدّه واستوىءاتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين ١٤ ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثاه الذي من شيعته على الذي من عدوّه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنّه عدوٌّ مضلٌّ مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم قال ربّ بما أنعمت علىّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين﴾
١٤ - ﴿أَشُدَّهُ﴾ أربعون سنة، أو أربع وثلاثون، أو ثلاث وثلاثون " ع " أو ثلاثون أو خمس وعشرون، أو عشرون، أو ثماني عشرة، أو خمس عشر، أو
482
الحلم، أو الأشد جمع لا واحد له، أو واحد شُدَّ.
﴿وَاسْتَوَى﴾ باعتدال القوة، أو نبات اللحية، أو انتهاء شبابه، أو بأربعين سنة " ع ".
﴿حُكْماً﴾ عقلاً، أو نبوة، أو القرآن، أو الفقه
﴿وَعِلْماً﴾ بما في دينه وحدوده وشرائعه، أو فهماً أو فقهاً.
483
١٥ - ﴿الْمَدِينَةَ﴾ مصر، أو منف، أو عين شمس. ﴿حِينِ غَفْلَةٍ﴾ نصف النهار وهم قائلون، أو بين المغرب والعشاء " ع "، أو يوم عيد لهم وهم في لهوهم، أو لأنهم غفلوا عن ذكره لبعد عهدهم به ﴿مِن شِيعَتِهِ﴾ إسرائيلي ومن عدوه قبطي " ع " أو من شيعته مسلم ومن عدوه كافر. سخر القبطي الإسرائيلي ليحمل حطباً إلى مطبخ فرعون فامتنع، واستغاث بموسى وكان خبازاً لفرعون ﴿فَوَكَزَهُ﴾ ولكزه واحد إلا أن الوكز الدفع في الصدر واللكز الدفع في الظهر. ولم يرد موسى بذلك قتله. ﴿فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ أي قتله ولم يكن مباحاً حينئذ لأنها حال كف عن القتال " ع " ﴿عَمِلِ الشَّيْطَانِ﴾ إغوائه.
١٧ - ﴿أنعمت علي﴾ من المغفرة، أو الهداية. ﴿فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين﴾
١٨ - ﴿خَآئِفاً﴾ من الله تعالى، أو من قومه، أو أن يؤخذ بقتل النفس، ﴿يَتَرَقَّبُ﴾ يتلفت من الخوف، أو ينتظر عقوبة الله تعالى إن جعلنا خوفه منه، أو أن يسلمه قومه للقتل إن كان خوفه منهم، أو أن يطلب بقتل النفس إن كان خوفه من الأخذ بها. ﴿يَسْتَصْرِخُهُ﴾ على قبطي آخر خاصمه. ﴿لَغَوِىٌّ﴾ قاله للإسرائيلي لأنه أغواه حتى قتل النفس، أو قاله للقطبي فظن الإسرائيلي أنه عناه فخافه " ع ".
١٩ - ﴿أَن يَبْطِشَ﴾ أخذت موسى الرقة على الإسرائيلي فهم بالقبطي فظن الإسرائيلي أنه يريد قتله لما رأى من غضبه وسمع من قوله ﴿إِنَّكَ لَغَوِىٌّ﴾ الآية فقال الإسرائيلي: أتريد أن تقتلني / [١٣٥ / أ]، أو ظن الإسرائيلي أن موسى يقتل القبطي فيقتل به الإسرائيلي فقال ذلك دفعاً لموسى عنه. قيل هذا الإسرائيلي هو السامري، فتركه القبطي وذهب فأشاع أن المقتول بالأمس إنما قتله موسى. ﴿جَبَّاراً﴾ قَتَّالاً. قال عكرمة: ولا يكون الإنسان جباراً حتى يقتل نفسين. ﴿وَجَآءَ رجلٌ من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملآ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إنّى لك من الناصحين﴾
٢٠ - ﴿وَجَآءَ رَجُلٌ﴾ هو مؤمن آل فرعون قيل ابن عم فرعون أخي أبيه.
﴿يَأَتَمِرُونَ﴾ يتشاورون، أو يأمر بعضهم بعضاً. {فخرج منها خائفاً يترقب قال رب نجّني من القوم الظالمين ولما توجه تلقاء مدين قال
484
عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمّةً من الناس يسقون ووجد من دونهم امراتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبيرٌ فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلى من خيرٍ فقيرٌ}
485
٢٢ - ﴿تِلْقَآءَ مَدْيَنَ﴾ عرض له أربع طرق فلم يدر أيها يسلك فقال ﴿عَسَى رَبِّى﴾ الآية، أو قال ذلك بعد أخذه طريق مدين. ﴿سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ قصد الطريق إلى مدين قاله قتادة. ومدين ماء كان عليه قوم شعيب قال " ع " وكان بينه وبينها ثمان مراحل ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر وخرج حافياً فما وصل إليها حتى وقع خف قدميه.
٢٣ - ﴿أُمَّةً﴾ جماعة قال ابن عباس: الأمة أربعون. ﴿تَذُودَانِ﴾ تحبسان، أو تطردان غنمهما عن الماء لضعفهما عن الزحام، أو يمنعان الغنم أن تختلط بغنم الناس، أو يذودان الناس عن غنمهما. ﴿ما خطبكما﴾ ماشأنكما. والخطب تفخيم للشيء والخُطبة لأنها من الأمر المعظم ﴿يُصْدِرَ) ٦ ينصرف ومنه الصدر لأن التدبير يصدر عنه فعلتا ذلك تَصوُّناً عن مزاحمة الرجال، أو لضعفهما عن الزحام {الرِّعَآءُ﴾ جمع راعٍ ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ﴾ قالتا ذلك ترقيقاً لموسى ليعينهما أو اعتذاراً من معاناتهما السقي بأنفسهما.
٢٤ - ﴿فَسَقَى لَهُمَا﴾ بأن زحم القوم فأخرجهم عن الماء ثم سقى لهما، أو أتى بئراً فاقتلع عنها صخرة لا يقلها إلا عشرة من أهل مدين وسقى لهما ولم يستق
485
إلا ذَنُوباً واحداً حتى رويت الغنم
﴿ثمَّ تَوَلَّى﴾ إلى ظل سَمُرة.
﴿فَقَالَ رَبِّ﴾ قال ذلك وقد لصق بطنه بظهره جوعاً وهو فقير إلى شق تمرة ولو شاء إنسان لنظر إلى خضرة أمعائه من الجوع " ع "، أو مكث سبعة أيام لا يذوق إلا بقل الأرض. فعرض لهما بحاله
﴿مِنْ خَيْرٍ﴾ شبعة من طعام " ع "، أو شبعة يومين.
﴿فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلمّا جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين قالت إحداهما يا أبت استئجره إنّ خير من استئجرت القوى الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشّق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين قال ذلك بيني وبينك إيّما الأجلين قضيت فلا عدوان علىّ والله على ما نقول وكيل﴾
486
٢٥ - ﴿فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا﴾ استكثر أبوهما سرعة صدورهما بالغنم حُفَّلاً بِطاناً فقال إن لكما لشأناً فأخبرتاه بصنع موسى فأمر أحداهما أن تدعوه.
﴿عَلَى اسْتِحْيَآءٍ﴾ مستترة بكم درعها، أو لبعدها من النداء له، واستحيت لأنها دعته لتكافئه وكان الأجمل مكافأته من غير إعناء، أو لأنها كانت رسول أبيها، أو ما قاله عمر ليست بسلفع من النساء خراجة ولا
486
ولاجة. أراد تمشي مشي من لم تتعود الخروج حياء وخَفَرَاً وكان أبوهما شعيباً، أو يثرون ابن أخي شعيب قاله الكلبي وأبو عبيدة / [١٣٥ / ب]
﴿لِيَجْزِيَكَ﴾ ليكافئك فمشت أمامه فوصفت الريح عجيزتها فقال: امشي خلفي ودليني للطريق إن أخطأت.
﴿الْقَصَصَ﴾ خبره مع آل فرعون
﴿نَجَوْتَ﴾ إذ لسنا من مملكة فرعون.
487
٢٦ - ﴿قَالَتْ إِحْداهُمَا﴾ الصغرى التي دعته استأجره لرعي الغنم ﴿الْقَوِىُّ﴾ فيما ولي ﴿الأَمِينُ﴾ فيما استودع. " ع " أو القوى في بدنه الأمين في عفافه.
٢٧ - ﴿ثَمَانِى حِجَجٍ﴾ أي رعي الغنم ثماني حجج كانت هي الصداق أو
487
شرطاً للأب في الإنكاح وليست بصداق.
﴿عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ﴾ كانت الثمان واجبة والعشر عدة فوفى بالعشر " ع ".
﴿مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ في حسن الصحبة، أو فيما وعده به. وكان جعل له كل سخلة تُوضَع على خلاف شبه أمها. فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام أن الق عصاك في الماء فولدن كلهن خلاف شبههن، أو جعل له كل بلقاء تولد فولدن كلهن بلقاً.
488
٢٨ - ﴿فَلا عُدْوَانَ﴾ فلا سبيل. ﴿وَكِيلٌ﴾ شهيد، أو حفيظ، أو رقيب. ﴿فلمّا قضى موسى الأجل وسار بأهله ءانس من جانب الطور ناراً قال لأهله امكثوا إني ءانست ناراً لعلىءاتيكم منها بخبرٍ أو جذوةٍ من النار لعلّكم تصطلون فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني انا الله ربّ العالمين وأن ألق عصالك فلما رءاها تهتز كأنها جان ولى مدبراً ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الأمنين أسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من رّبك إلى فرعون وملإيه إنّهم كانوا قوماً فاسقين﴾
٢٩ - ﴿قَضَى مُوسَى الأَجَلَ﴾ وَفَّى العمل. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" أَجَّر موسى نفسه لعفة فرجه وطعمة بطنه. فقيل: أي الأجلين قضى. قال أبرهما
488
وأوفاهما ".
﴿آنس﴾ رأى
﴿امْكُثُواْ﴾ اقيموا مكانكم
﴿جَذْوَةٍ﴾ أصل شجرة فيها نار، أو عود في بعضه نار وليست في بعضه، أو عود في بعضه نار ليس له لهب، أو شهاب من نار ذو لهب " ع ".
﴿تَصْطَلُونَ﴾ تستدفئون.
489
٣٠ - ﴿أنا الله رب العالمين﴾ عرف وحدانيته ولم يَصِرْ بذلك رسولاً. لأنه لم يأمره بالرسالة وإنما صار بذلك من أصفيائه
﴿الشجرة﴾ العليق وهو العوسج " ع ". ٣١ / ٣٢ -
﴿وألق عَصَاكَ﴾ ليعلم بذلك أن الذي سمعه كلام الله تعالى.
﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ لم يثبت مأخوذ من العقب الذي يثبت به القدم أو لم يتأخر لسرعة مبادرته.
﴿الأَمِنِينَ﴾ من الخوف فلا يصير رسولاً إلا بقوله
﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ﴾، أو الآمنين المرسلين لقوله:
﴿لا يخاف لدي المرسلون﴾ فيصير بذلك رسولاً.
﴿بُرْهَانَانِ﴾ اليد والعصا
﴿الرَّهْبِ﴾ الكم، أو الخوف.
489
﴿قال رب إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني إني أخاف أن يكذّبون قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما بئاياتنا أنتما ومن أتبعكما الغالبون.﴾
490
﴿ وألق عصاك ﴾ ليعلم بذلك أن الذي سمعه كلام الله تعالى. ﴿ ولم يُعقّب ﴾ لم يثبت مأخوذ من العقب الذي يثبت به القدم أو لم يتأخر لسرعة مبادرته. ﴿ الآمنين ﴾ من الخوف فلا يصير رسولاً إلا بقوله ﴿ فذانِك برهانان من ربك إلى فرعون ﴾، أو الآمنين المرسلين لقوله :﴿ لا تخف إني لا يخاف لديّ المرسَلون ﴾ [ النمل : ١٠ ] فيصير بذلك رسولاً. ﴿ برهانان ﴾ اليد والعصا ﴿ الرهب ﴾ الكم، أو الخوف.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣١:﴿ وألق عصاك ﴾ ليعلم بذلك أن الذي سمعه كلام الله تعالى. ﴿ ولم يُعقّب ﴾ لم يثبت مأخوذ من العقب الذي يثبت به القدم أو لم يتأخر لسرعة مبادرته. ﴿ الآمنين ﴾ من الخوف فلا يصير رسولاً إلا بقوله ﴿ فذانِك برهانان من ربك إلى فرعون ﴾، أو الآمنين المرسلين لقوله :﴿ لا تخف إني لا يخاف لديّ المرسَلون ﴾ [ النمل : ١٠ ] فيصير بذلك رسولاً. ﴿ برهانان ﴾ اليد والعصا ﴿ الرهب ﴾ الكم، أو الخوف.
٣٤ - ﴿ردءا﴾ عوناً، أو زيادة والردء: الزيادة. ﴿فلمّا جاءهم موسى بئاياتنا بيناتٍ قالوا ما هذا إلا سحرٌ مفترى وما سمعنا بهذا في ءابائنا الأولين وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنّه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنّهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم أئمةٌ يدعون إلى النار ويوم القيمامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنةً ويوم القيامة هم من المقبوحين﴾
٣٨ - ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم﴾ كان بينها وبين قوله
﴿أنا ربكم الأعلى﴾ أربعون سنة " ع "
﴿عَلَى الطِّينِ﴾ هو أول من طبخ الآجُر.
﴿صَرْحاً﴾ قصراً عالياً وهو
490
أول من صنع الصرح فصعده ورمى نُشَّابة نحو السماء فعادت ملتطخة دماً فقال قتلت إله موسى.
491
٤٠ - ﴿الْيَمِّ﴾ بحر يقال له أساف من وراء مصر غرقوا فيه.
٤١ - ﴿أَئِمَّةً﴾ يقتدى بهم في الكفر، أو يأتم بهم المعتبرون ويتعظ بهم ذوو البصائر ﴿إِلَى النَّارِ﴾ إلى عملها، أو إلى ما يوجب دخولها.
٤٢ - ﴿لعنه﴾ خزياً وغضباً، أو طرداً منها / [١٣٦ / أ] بالهلاك فيها. ﴿الْمَقْبُوحِينَ﴾ بسواد الوجوه وزرقة الأعين، أو المشوهين بالعذاب، أو المهلكين، أو الملعونين. ﴿ولقد ءاتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدىً ورحمةً لعلهم يتذكرون﴾
٤٣ - ﴿الْكِتَابَ﴾ ست من المثاني السبع المنزلة على محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو التوراة وهي أول كتاب نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام.
﴿مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى﴾ قال أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه " لم تهلك قريةٍ ولا أمة ولا قرن بعذاب من السماء ولا من الأرض بعد نزول التوراة، إلا الذين مسخوا قردة "
﴿بَصَآئِرَ﴾ بينات
﴿وَهُدىً﴾ دلالة
﴿وَرَحْمَةً﴾ نعمة
﴿يَتَذَكَّرُونَ﴾ هذه
491
النعم فيثبتون على إيمانهم.
﴿وما كنت بجانب الغربى إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلوا عليهم ءاياتنا ولكنّا كنّا مرسلين وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلّهم يتذكرون ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدّمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع ءاياتك ونكون من المؤمنين﴾
492
٤٦ - ﴿وَمَا كُنتَ﴾ يا محمد
﴿بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا﴾ يا أمة محمد استجبت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني، أو نودوا في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت.
﴿وَلَكِن رَّحْمَةً﴾ ما نودي به موسى من جانب الطور من ذكرك نعمة من ربك، أو إرسالك إلى قومك نعمة مني. {فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهر وقالوا إنا بكل كافرون قل فأتوا بكتابٍ من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنّما يتبعون أهواءهم ومن أضلّ ممن أتبع هواه بغير هدى
492
من الله إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون}
493
٤٨ - ﴿قالوا﴾ موسى ومحمد ﴿ساحران﴾ قاله مشركو العرب، أو موسى وهارون قالته اليهود من ابتداء الرسالة، أو عيسى ومحمد وهو قول اليهود اليوم ﴿سِحْرَانِ﴾. التوراة والقرآن، أو التوراة والإنجيل، أو القرآن والإنجيل وقائل ذلك اليهود. أو قريش.
٥١ - ﴿وَصَّلْنَا﴾ بَيَّنا، أو أتممنا كصلتك الشيء بالشيء، أو أتبعنا بعضه بعضاً. ﴿الْقَوْلَ﴾ الخبر عن أمر الدنيا والآخرة، أو الخبر عمن أهلكناهم بماذا أهلكناهم من أنواع العذاب ﴿يَتَذَكَّرُونَ﴾ محمداً فيؤمنون به " ع "، أو يتذكرون فيخافون أن ينزل بهم كما نزل بمن قبلهم، أو يتعظون بالقرآن عن عبادة الأوثان. ﴿الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذ يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنّه الحق من رّبّنا إنّا كنا من قبله مسلمين ٨ أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين﴾
٥٢ - ﴿الْكِتَابَ) {التوراة والإنجيل﴾ (قَبْلِهِ} من قبل محمد هم بمحمد يؤمنون، أو من قبل القرآن هم بالقرآن يؤمنون. نزلت والتي بعدها في تميم الداري والجارود العبدي وسلمان الفارسي، أو في أربعين رجلاً من أهل
493
الإنجيل. آمنوا بالرسول [صلى الله عليه وسلم] قبل مبعثه. اثنان وثلاثون من الحبشة قدموا مع جعفر بن أبي طالب على الرسول [صلى الله عليه وسلم] وثمانية قدموا من الشام منهم بحيرا أو أبرهة
494
٥٤ - ﴿أَجْرَهُمْ مَّرَّتَيْنِ﴾ لإيمانهم بالكتاب الأول، والكتاب الآخر، ﴿بِمَا صَبَرُواْ﴾ على الإيمان، أو الأذى أو الطاعة وعن المعصية ﴿بِالْحَسَنَةِ﴾ يدفعون بالعمل الصالح ما سلف من الذنب، أو بالحلم جهل الجاهل، أو بالسلام قبح اللقاء، أو بالمعروف المنكر، أو بالخير الشر. ﴿يُنفِقُونَ﴾ الزكاة " ع "، أو نفقة الأهل وهذا قبل نزول الزكاة، أو يتصدقون من أكسابهم.
٥٥ - ﴿وإذا سمعوا اللغو﴾ / [١٣٦ / ب] قوم أسلموا من اليهود فكان اليهود يلقونهم بالسب والأذى فيعرضون، أو أسلم منهم قوم فكانوا إذا سمعوا ما غُيِّر من التوراة. من نعت الرسول [صلى الله عليه وسلم] كرهوه وأعرضوا عنه، أو المؤمنون إذا سمعوا الشرك أعرضوا عنه، أو ناس من أهل الكتاب ليسوا يهود ولا نصارى وكانوا على دين الأنبياء ينتظرون مبعث الرسول [صلى الله عليه وسلم] فلما سمعوا بظهوره بمكة أتوه فعرض عليهم القرآن فأسلموا فكان أبو جهل ومن معه يلقونهم فيقولون لهم: " أُفٍّ لكم من قوم منظور إليكم تبعتم غلاماً قد كرهه قومه وهم أعلم به منكم " فإذا قالوا ذلك أعرضوا عنهم.
﴿أَعْمَالُنَا﴾ لنا ديننا ولكم دينكم، أو لنا حلمنا ولكم سفهكم.
﴿لا نَبْتَغِى الجاهلين﴾ لا نتبعهم أو لا نجازيهم.
494
﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرماً ءامناً يجبي إليه ثمرات كل شيءٍ رزقاً من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾
495
٥٦ - ﴿مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ هدايته، أو أحببته لقرابته نزلت في أبي طالب. ﴿يَهْدِى مَن يَشَآءُ﴾ قال قتادة: يعني العباس ﴿بِالْمُهْتَدِينَ﴾ بمن قَدَّر له الهدى.
٥٧ - ﴿وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى﴾ نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] إنا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك مخافة أن يتخطفنا العرب في أرضنا يعني مكة وإنما نحن أكلة رأس للعرب ولا طاقة لنا بهم.
﴿آمنا﴾ بما طبعت عليه النفوس من السكون إليه حتى لا يفر الغزال من الذئب والحمام من الحدأ، أو أمر بأن يكون آمناً لمن دخله ولاذ به يقول كنتم آمنين في حرمي تأكلون رزقي وتعبدون غيري. أفتخافون إذا عبدتموني
495
وآمنتم بي.
﴿يُجْبَى﴾ يجمع
﴿ثَمَرَاتُ كُلِّ﴾ أرض وبلد
﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ لا يعقلون، أو لا يتدبرون.
﴿وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنّا نحن الوارثين وما كان ربّك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلوا عليهم ءاياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون﴾
496
٥٨ - ﴿بَطِرَتْ﴾ البطر: الطغيان بالنعمة ﴿مَعِيشَتَهَا﴾ في معيشتها قاله الزجاج أو أبطرتها معيشتها.
٥٩ - ﴿أُمِّهَا﴾ أوائلها " ح "، أو معظم القرى من سائر الدنيا، أو مكة. ﴿وما أوتيتم من شىءٍ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خيرٌ وأبقى أفلا تعقلون أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين﴾
٦١ - ﴿أفمن وعدناه﴾ الرسول [صلى الله عليه وسلم]
﴿وَعْداً حَسَناً﴾ النصر في الدنيا والجنة في الآخرة أو حمزة بن عبد المطلب، والوعد الحسن الجنة وملاقاتها دخولها.
﴿كَمَن مَّتَّعْنَاهُ﴾ أبو جهل
﴿الْمُحْضَرِينَ﴾ للجزاء، أو في النار، أو المجهولين.
496
﴿ويوم يناديهم فيقول أين شركاءى الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيّانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذٍ فهم لا يتساءلون فأمّا من تاب وءامن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين﴾
497
٦٦ - ﴿الأَنبَآءُ﴾ الحجج، أو الأخبار. ﴿لا يَتَسَآءَلُونَ﴾ بالأنساب، أو لا يسأل بعضهم بعضاً عن حاله، أو أن يحمل من ذنوبه شيئاً. ﴿وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون وربّك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون قل أرءيتم إن جعل الله عليكم الّيل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياءٍ أفلا تسمعون قل أرءيتم إن جعل الله عليكم ألنهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليلٍ تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم اليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون﴾
٦٨ - ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ كان قوم في الجاهلية يجعلون خير أموالهم
497
لآلهتهم. فقال
﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ من خلقه
﴿وَيَخْتَارُ﴾ منهم ما يشاء لطاعته، أو يخلق ما يشاء من الخلق ويختار من يشاء للنبوة، أو يخلق ما يشاء النبي ويختار الأنصار لدينه
﴿وما كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ أي يختار للمؤمنين الذي فيه خيرتهم، أو " ما " نافية أن يكون للخلق على الله تعالى خيرة نزلت في الذين / [١٣٧ / أ]
﴿جعلوا للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيباً فَقَالُواْ هذا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وهذا لِشُرَكَآئِنَا﴾ [الأنعام: ١٣٦]، أو في الوليد بن المغيرة قال
﴿لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١] يعني نفسه وأبا مسعود الثقفي فقال الله تعالى ما كان لهم أن يتخيروا على الله الأنبياء.
﴿ويوم يناديهم فيقول أين شركاءى الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمةٍ شهيداً فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون﴾
498
٧٥ - ﴿وَنَزَعْنَا﴾ أخرجنا ﴿مِن كُلِّ أُمَّةٍ﴾ رسولاً مبعوثاً إليها، أو أحضرناه ليشهد عليها أن قد بلغها الرسالة. ﴿بُرْهَانَكُمْ﴾ حجتكم، أو بينتكم. ﴿الْحَقَّ لِلَّهِ﴾ التوحيد، أو العدل، أو الحجة. ﴿إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وءاتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ٧٧﴾
٧٦ - ﴿قارون﴾ كان ابن موسى أخي أبيه وقطع البحر مع بني إسرائيل
498
ونافق كما نافق السامري.
﴿فَبَغَى﴾ كفر بالله، أو زاد في طول ثيابه شبراً، أو علا بكثرة ماله وولده، أو كان غلاماً لفرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم، أو نسب ما أتاه الله تعالى من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته، أو لما أمر موسى برجم الزاني دفع قارون إلى بَغِيٍّ مالاً قيل ألفي درهم وأمرها أن تدعي على موسى أنه زنا بها ففعلت فعظم ذلك على موسى فأحلفها بالله تعالى الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى إلا صدقت. فقالت: أشهد أنك برىء وأن قارون أعطاني مالاً وحملني على ذلك " ع "
﴿مِنَ الْكُنُوزِ﴾ أصاب كنزاً، أو كان يعمل الكيمياء
﴿مَفَاتِحَهُ﴾ خزائنه، أو أوعيته، أو مفاتيح خزائنه وكانت من جلود يحملها أربعون بغلاً، أو مفاتيحها: إحاطة علمه بها.
﴿لتنوء﴾ لتثقل العصبة " ع "، أو لتمر بالعصبة من النأي وهو البعد، أو ينهض بها العُصبة
﴿العصبة﴾ الجماعة يتعصب بعضهم لبعض مهم سبعون رجلاً، أو ما بين العشرة إلى الأربعين، أو ما بين العشرة إلى الخمسة عشر، أو ستة أو سبعة، أو ما بين الثلاثة والتسعة وهم النفر، أو عشرة قال أبو عبيدة: هذا من المقلوب تأويله أن العصبة لتنوء بالمفاتيح
﴿الْقُوَّةِ﴾ الشدة {إِذْ قال له
499
قومه} مؤمنوا قومه، أو موسى
﴿لا تَفْرَحْ﴾ لا تبغ، أو لا تبخل، أو لا تبطر.
500
٧٧ - ﴿وابتغ فيما آتاك﴾ بطلب الحلال في الكسب " ح "، أو بالصدقة وصلة الرحم ﴿وَلا تَنسَ﴾ حظك من الدنيا أن تعمل فيه لآخرتك " ع "، أولاً تنس الغَناء بالحلال عن الحرام أو لا تنس ما أنعم الله عليك فيها أن تشكر الله بطاعته. ﴿وَأَحْسِن﴾ فيما فرض عليك كما أحسن الله تعالى في نعمه عليك، أو في طلب الحلال. كما أحسن إليك بالإحلال، أو أعط فضل مالك كما زادك على قدر حاجتك. ﴿لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ لا يقربهم، أو لا يحب أعمالهم. ﴿قال إنما أوتيته على علم عندي أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون﴾
٧٨ - ﴿عِلْمٍ عِندِى﴾ بقوتي وعملي، أو خير عندي، أو لرضا الله عني وعلمه باستحقاقي، أو علم بوجه المكاسب، أو صنعه الكيمياء علمه موسى ثلث الصنعة ويوشع الثلث وهارون / [١٣٧ / ب] الثلث. فخدعهما قارون وكان على إيمانه فعلم ما عندهما فعمل الكيمياء وكثرت أمواله.
﴿ولا يسأل عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ سؤال استعتاب، أو لا تسأل عنهم الملائكة لأنهم يعرفونهم بسيماهم، أو يعذبون ولا يحاسبون، أو لا يسألون عن إحصاء أعمالهم ويعطون
500
الصحائف فيعرفونها ويعترفون بها.
﴿فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظٍ عظيمٍ وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خيرٌ لمن ءامن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون﴾
501
٧٩ - ﴿فِى زِينَتِهِ﴾ حشمه، أو تَبَعِه سبعين ألفاً عليهم المعصفرات وهو أول يوم رؤيت فيه المعصفرات وكان أول من خضب بالسواد، أو جَوارٍ بيض على بغال بيض بسروج من ذهب على قُطُف أرجوان ﴿حظ﴾ درجة، أو جد. ﴿فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون﴾
٨١ - ﴿فخسفنا﴾ قيل شكاه موسى عليه الصلاة والسلام إلى الله تعالى فأمر الأرض أن تطيع موسى فأقبل قارون وشيعته فقال موسى عليه الصلاة والسلام " يا أرض خذيهم " فأخذتهم إلى أعقابهم، ثم قال: خذيهم فأخذتهم إلى أوساطهم ثم قال: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم فخسف بهم وبدار قارون وكنوزه، أو قال بنو إسرائيل: إنما أمر الأرض بابتلاعه ليرث ماله لأنه كان ابن
501
عمه فخسف بداره وبجميع أمواله بعد ثلاثة أيام.
502
٨٢ - ﴿وَيْكَأَنَّ﴾ أو لا يعلم أن الله، أو لا يرى أن الله، أو ولكن الله بلغة حمير، أو الياء صلة تقديره كأن الله، أو الياء والكاف صلتان تقديره وأن الله، أو الكاف صلة والياء للتنبيه، أو ويك مفصولة بمعنى ويح فأبدل الحاء كافاً، أو ويلك فحذف اللام، أو وي منفصلة على جهة التعجب ثم استأنف كأن الله. قاله الخليل. ﴿وَيَقْدِرُ﴾ يختار له. " ع "، أو ينظر له إن كان الغنى خيراً له أغناه وإن كان الفقير خيراً له أفقره. " ح " أو يضيق. {تلك الدّار الأخرة نجعلها للذين لا يردون علوّا فى الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتّقين من جآء بالحسنة فله خيرٌ منها ومن جآء بالسّيئة فلا يجزى الذين عملوا السّيئات إلا ما كانوا يعملون
٨٣ - ﴿عُلُوّاً﴾ بغياً، أو تكبراً، أو شرفاً وعزاً، أو ظلماً، أو شركاً أو لا يجزعون من ذلها ولا يتنافسون في عزها.
﴿فَسَاداً﴾ أخذها بغير حق، أو المعاصي، أو قتل الأنبياء والمؤمنين.
﴿والعاقبة﴾ الثواب، أو الجنة. {إن الذى فرض عليك القرءان لرآدّك إلى معاد قل رّبى أعلم من جآء بالهدى ومن هو فى ضلال مّبين وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من رّبك فلا تكونن ظهيراً للكافرين ولا يصدّنّك عن ءايات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع
502
إلى ربك ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إلاهاً اخر لا إلاه إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعوني}
503
٨٥ - ﴿فرض عليك القرآن﴾ أنزله، أو أعطاكه، أو ألزمك العمل به، أو حَمَّلك تأديته وتبليغه، أو بينه على لسانك. ﴿مَعَادٍ﴾ مكة، أو بيت المقدس، أو الموت. " ع "، أو يوم القيامة، أو الجنة.
٨٨ - ﴿إِلا وَجْهَهُ﴾ إلا هو، أو ملكه، أو ما أريد به وجهه، أو إلا موت العلماء فإن علمهم باق، أو إلا جاهه، لفلان جاه ووجه بمعنى، أو العمل،
﴿لَهُ الْحُكْمُ﴾ القضاء في خلقه بما شاء، أو ليس للعباد أن يحكموا إلا بأمره
﴿تُرْجَعُونَ﴾ في القيامة فتجزون بأعمالكم.
503
سورة العنكبوت
مكيه أو إلا عشر آيات من أولها مدنية إلى
﴿وليعلمن المنافقين﴾ [١١]، أو كلها مدنية وقال علي رضي الله تعالى عنه نزلت بين مكة والمدنية.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيّئات أن يسبقونا سآء ما يحكمون﴾
504