ﰡ
٤٣٧٨ - فقام يَذُوْدُ الناسَ عنها بسَيْفِه | ....................... |
٤٣٧٩ - على ما قام يَشْتِمُني لَئيمٌ | ....................... |
قوله: ﴿فَأَنذِرْ﴾ مفعولُه محذوفٌ. أي: أنذِرْ قومَك عذابَ اللَّهِ. والأحسنُ أَنْ لا يُقَدَّرَ له مفعولٌ أي: أَوْقعْ الإِنذارَ.
قوله: ﴿تَسْتَكْثِرُ﴾ العامَّةُ على رفعِه، وفيه وجهان، أحدهما: أنه في موضع الحالِ أي: لا تَمْنُنْ مُسْتَكْثِراً ما أعطَيْتَ. وقيل: معناه: لِتَأْخُذْ أكثرَ مِمَّا أَعْطَيْتَ. والثاني: أنَّه على حَذْفِ «أَنْ» يعني أنَّ الأصلَ: ولا تَمْنُنْ أَنْ تستكثرَ، فلمَّأ حُذِفَتْ «أَنْ» ارتفع الفعلُ كقولِه:
وقرأ الحسنُ أيضاً وبانُ أبي عبلة «تستكثِرْ» جزماً، وفيه ثلاثةُ أوجه، أحدُها: أَنْ يكونَ بدلاً من الفعلِ قبله، كقولِه تعالى: ﴿يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ﴾ [الفرقان: ٦٨ - ٦٩] ف «يُضاعَفْ» بدلٌ مِنْ «يَلْقَ» وكقولِه:
٤٣٨٠ - ألا أيُّهذا الزَّاجري أَحْضُرُ الوغى | .............................. |
٤٣٨١ - مَتى تَأْتِنا تُلْمِمْ بنا في ديارِنا | تَجِدْ حَطَباً جَزْلاً وناراً تَأجَّجا |
وهذا كما قالوا في قولِ امرِىء القيس:
٤٣٨٢ - فاليومَ أشرَبْ غيرَ مُسْتَحْقِبٍ | إثماً من الله ولا واغلِ |
الثالث: أَنْ ينتصِبَ بما دَلَّ عليه» فذلك «لأنه إشارةٌ إلى النَّقْر، قاله أبو البقاء. ثم قال:» ويومَئذٍ بدلٌ مِنْ «إذا» و «ذلك مبتدأٌ» والخبرُ «يومٌ عسيرٌ» أي: نُقِر يوم. الرابع: أَنْ يكونَ «إذا» مبتدأً، و «فذلك» خبرُه. والفاءُ مزيدةٌ فيه، وهو رأيُ الأخفشِ.
وأمَّا «يومَئِذٍ» ففيه أوجهٌ، أحدها: أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ «إذا» وقد تقدَّم ذلك في الوجهِ الثالث. والثاني: أَنْ يكونَ ظرفاً ل «يومٌ عسيرٌ» كما تقدَّم
٤٣٨٣ - إنَّ امرَأً خَصَّني عمْداً مَوَدَّتَه | على التنائي لَعِنْدي غيرُ مَكْفورِ |
وقوله: ﴿نُقِرَ فِي الناقور﴾ أي صُوِّتَ يقال: نَقَرْتُ الرجلَ إذا صَوَّتَّ له بلسانِك وذلك بأَنْ تُلْصِقَ لسانَك بنُقْرَة حَنكِكَ. ونَقَرْتُ الرجلَ: إذا خَصَصْتَه بالدعوة، كأنك نَقَرْتَ له بلسانِك مُشيراً إليه، وتلك الدعوةُ يقال لها النَّقَرى، وهي ضدُّ الدعوةِ الجَفَلَى. قال الشاعر:
٤٣٨٤ - نحن في المَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلَى | لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ |
٤٣٨٥ - أنا ابنُ ماوِيَّةَ إذْ جَدَّ النُّقُرْ... يريد: «النَّقْرُ» أي: الصوتُ. وقال أيضاً:
٤٣٨٦ - أُخَفِّضُه بالنَّقْرِ لَمَّا عَلَوْتُه | ويَرْفَعُ طَرْفاً غيرَ جافٍ غَضِيضٍ |
قولِه: ﴿وَحِيداً﴾ فيه أوجه، أحدها: أنه حالٌ من الياء في «ذَرْني» أي: ذَرْنِي وَحْدي معه فأنا أَكْفِيْكَ في الانتقام منه. الثاني: أنه حالٌ مِنَ التاء في «خَلَقْتُ» أي: خَلَقْتُه وَحْدي لم يُشْرِكْني في خَلْقِه أحدٌ، فأنا أَمْلِكُه. الثالث: أنَّه حالٌ مِنْ «مَنْ». الرابع: أنه حالٌ من عائدِ المحذوفِ أي: خَلَقْتُه وحيداً. الخامس: أن ينتصِبَ على الذمِّ. و «وحيد» كان لَقَباً للوليدِ بن المُغِيرة. ومعنى «وحيداً» : ذليلاً قليلاً. وقيل: كان يَزْعُمُ أنه وحيدٌ في فَضْلِه ومالِه. وليس في ذلك ما يَقْتَضي صِدْقَ مقالتِه؛ لأنَّ هذا لَقَبٌ له شُهِر به، وقد يُلَقَّبُ الإِنسانُ بما لا يَتَّصِفُ به، وإذا كان لَقَباً تَعَيَّنَ نصبُه على الذمِّ.
٤٣٨٧ - كأن في أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ | مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ قُرونَ الأُيَّلِ |
قال:
٤٣٨٨ - صَبَحْنا تميماً غَداةَ الجِفارِ | بشَهْباءَ مَلْمومَةٍ باسِرَةْ |
وقد عُطِفَ في هذه الجملِ بحروفٍ مختلفةٍ ولكلٍ منها مناسَبَةٌ. أمَّا ما عُطِفَ ب» ثُمَّ «فلأنَّ بين الأفعالِ مهلةً، وثانياً لأنَّ بين النَّظَر والعُبوس وبين العُبوسِ والإِدْبار تراخياً. قال الزمخشري/: و» ثُمَّ نظر «عَطْفٌ على» فَكَّر وقَدَّر «والدعاءُ اعتراضٌ بينهما». قلت: يعني بالدعاءِ قولَه: «فقُتِلَ». ثم قال: «فإنْ قُلْتَ ما معنى» ثم «الداخلةِ على تكريرِ الدعاء؟ قلت: الدلالة على أنَّ الكرَّة الثانية أَبْلَغُ من الأولى، ونحوُه قولُه:
٤٣٨٩ - ألا يا اسْلمي ثُمَّ اسْلمي ثُمَّت اسْلمي | ........................... |
٤٣٩٠ - وتعجَبُ هندٌ أَنْ رَأَتْنِيَ شاحباً... تقول: لَشَيءٌ لوَّحَتْه السَّمائِمُ
ويقال: لاحَه يَلُوْحه: إذا غَيَّر حِلْيَتَيْه، وأُنْشِد:
٤٣٩١ - تقول:
ما لاحك يا مسافِرُ | يا بنةَ عمِّي لاحَني الهواجِرُ |
٤٣٩٢ - سَقَتْني على لَوْحٍ مِنْ الماءِ شَرْبَةً | سَقاها به اللَّهُ الرِّهامَ الغَواديا |
وقرأ أنسٌ وابنُ عباس «تسعةُ» بضمِّ التاء، «عَشَرَ» بالفتح، وهذه حركةُ بناءٍ، ولا يجوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ كونُها إعراباً؛ إذا لو كانَتْ للإِعرابِ لَجُعِلَتْ في الاسمِ الأخيرِ لِتَنَزُّلِ الكلمتَيْن منزلةَ الكلمةِ الواحدةِ، وإنما عُدِل إلى الضمة كراهةَ توالي خمسِ حركاتٍ. وعن المهدويِّ. «مَنْ قرأ» تسعةُ عَشَر «فكأنه من التداخُلِ كأنه أراد العطفَ فتركَ التركيبَ ورَفَعَ هاءَ
وعن أنس أيضاً «تسعةُ أَعْشُرَ» بضم «تسعةُ» وأَعْشُرَ بهمزةٍ مفتوحةٍ ثم عينٍ ساكنةٍ ثم شين مضمومة. وفيها وجهان، قال أبو الفضل: «يجوزُ أَنْ يكونَ جَمعَ العَشَرةَ على أَعْشُر ثم أجراه مُجْرى تسعة عشر». وقال الزمخشري: «جمع عَشير، مثل يَمين وأَيْمُن. وعن أنسٍ أيضاً» تسعَةُ وَعْشُرَ «بضم التاءِ وسكونِ العينِ وضمِّ الشين وواوٍ مفتوحةٍ بدلَ الهمزةِ. وتخريجُها كتخريجِ ما قبلَها، إلاَّ أنَّه قَلَبَ الهمزةَ واواً مبالغةً في التخفيفِ، والضمةُ كما تقدَّم للبناءِ لا للإِعرابِ. ونقل المهدويُّ أنه قُرِىءَ» تسعةُ وَعَشَرْ «قال:» فجاء به على الأصلِ قبلَ التركِيبِ وعَطَفَ «عشراً على تسعة» وحَذَفَ التنوينَ لكثرةِ الاستعمالِ، وسَكَّنَ الراءَ مِنْ عشر على نيةِ الوقفِ.
وقرأ سليمان بن قتة بضمِّ التاءِ، وهمزةٍ مفتوحةٍ، وسكونِ العين، وضم الشين وجرِّ الراءِ مِنْ أَعْشُرٍ، والضمةُ على هذا ضمةُ إعرابٍ، لأنه أضاف الاسمَ لِما بعده، فأعربَهما إعرابَ المتضايفَيْنِ، وهي لغةٌ لبعضِ العربِ يَفُكُّون تركيبَ الأعدادِ ويُعْرِبُونهما كالمتضايفَيْنِ كقول الراجز:
قوله: ﴿لِيَسْتَيْقِنَ الذين﴾ متعلِّقٌ ب «جَعَلْنا» لا ب «فتنة». وقيل: بفعلٍ مضمرٍ، أي: فَعَلْنا ذلك ليسْتَيْقِنَ. وللزمخشري هنا كلامٌ متعلِّقٌ بالإِعرابِ ليجُرَّه إلى غرضِه مِنْ الاعتزال.
قوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ نعتٌ لمصدرٍ أو حالٍ منه على ما عُرِفَ غيرَ مرةٍ. و «ذلك» إشارةٌ إلى ما تقدَّم مِنْ الإِضلالِ والهدى، أي: مثلَ ذلك الإِضلالِ والهدى يُضِلُّ ويَهْدي. و «مثلاً» تمييزاً أو حالٌ. وتسميةُ هذا مثلاً على سبيل الاستعارةِ لغرابتِه.
قوله: ﴿جُنُودَ رَبِّكَ﴾ مفعولٌ واجبُ التقديمِ لحَصْرِ فاعلِه، ولعَوْدِ الضميرِ على ما اتَّصل بالمفعول.
قوله: ﴿وَمَا هِيَ﴾ يجوزُ أَنْ يعودَ الضميرُ على «سقر»، أي: وما سَقَرُ إلاَّ تذكرةٌ. وأَنْ يعودَ على الآياتِ المذكورةِ فيها، أو النارِ لتقدُّمِها أو الجنودِ، أو نارِ الدنيا، وإن لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ أو العُدَّة. و «للبشر» مفعولٌ ب «ذِكْرى» واللامُ فيه مزيدةٌ.
واختلفوا: هل دَبَر وأَدْبَر، بمعنى أم لا؟ فقيل: هما بمعنىً واحدٍ/ يقال: دَبَر الليلُ والنهارُ وأَدْبَرَ، وقَبَلَ وأَقْبل. ومنه قولُهم «أمسٌ الدابرُ» فهذا مِنْ دَبَرَ، وأمسٌ المُدْبر قال:
٤٣٩٣ - كُلِّفَ مِنْ عَنائِه وشِقْوَتِهْ | بنتَ ثماني عَشْرَةٍ مِنْ حَجَّتِهْ |
٤٣٩٤ -........................... | ............. ذهبوا كأمس الدابِر |
٤٣٩٥ - يا بنَ المُعَلَّى نَزَلَتْ إحدى الكُبَرْ | داهيةُ الدهرِ وصَمَّاءُ الغِيَرْ |
والنصبُ قراءةُ العامَّةِ، وابن أبي عبلة وأُبَيُّ بنُ كعبٍ بالرفع. فإنْ كان المرادُ النارَ جاز لك وجهان: أَنْ يكونَ خبراً بعد خبر، وأَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ، أي: هي نذيرٌ، والتذكيرُ لِما تقدَّم مِنْ معنى النَّسَبِ، وإنْ كان المرادُ الباريَ تعالى أو رسولَه عليه السلام كان على خبر مبتدأ مضمرٍ، أي: هو نذيرٌ.» وللبشر «إمَّا صفةٌ. وإمَّأ مفعولٌ لنذير، واللامُ مزيدةٌ لتقويةِ العامل.
٤٣٩٦ - أبعدَ الذي بالنّعْفِ نَعْفِ كُوَيْكِبٍ | رَهينةٍ رَمْسٍ ذي تُرابٍ وجَنْدلِ |
وأدغم أبو عمروٍ «سَلَككم» وهو نظيرُ ﴿مَّنَاسِكَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٠٠] وقد تقدَّم
٤٣٩٧ - على لاحِبٍ لا يُهْتَدَى بمنارِه | ................................ |
وقرأ العامَّةُ «حُمُرٌ» بضمِّ الميم، والأعمش بإسكانِها. وقرأ نافعٌ وابنُ عامر بفتح الفاء مِنْ «مُسْتَنْفَرة» على أنه اسمُ مفعولٍ، أي: نَفَّرها القُنَّاص. والباقون بالكسرِ بمعنى: نافِرة: يُقال: استنفر ونَفَر بمعنى نحو: عَجِب واستعجب، وسخِر واسْتَسْخر. قال الشاعر:
٤٣٩٨ - أَمْسِكْ حِمارَكَ إنَّه مُسْتَنْفِرُ | في إثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لغُرَّبِ |
ورجَّحَ بعضُهم الكسرَ لقولِه «فَرَّتْ» للتناسُبِ. وحكى محمدُ ابنُ سَلاَّم قال: «سألتُ أبا سَوَّار الغَنَويَّ وكان عربياً فصيحاً، فقلت:
والقَسْوَرَةُ: قيل: الصائِدُ. وقيل: ظلمةُ الليل. وقيل: الأسد، ومنه قولُ الشاعر:
٤٣٩٩ - مُضَمَّرٌ تَحْذَرُه الأبطالُ | كأنه القَسْوَرَةُ الرِّئْبالُ |
٤٤٠٠ - يا بنتُ، كثوني خَيْرَةً لخَيِّرَهْ | أخوالُها الجِنُّ وأهلُ القَسْوَرَهْ |
والقَسْوَرَةُ : قيل : الصائِدُ. وقيل : ظلمةُ الليل. وقيل : الأسد، ومنه قولُ الشاعر :
٤٤٠١ - إذا ما هَتَفْنا هَتْفَةً في نَدِيِّنا | أتانا الرجالُ العانِدون القساوِرُ |
مُضَمَّرٌ تَحْذَرُه الأبطالُ | كأنه القَسْوَرَةُ الرِّئْبالُ |
يا بنتُ، كثوني خَيْرَةً لخَيِّرَهْ | أخوالُها الجِنُّ وأهلُ القَسْوَرَهْ |
إذا ما هَتَفْنا هَتْفَةً في نَدِيِّنا | أتانا الرجالُ العانِدون القساوِرُ |
قوله: ﴿إِلاَّ أَن يَشَآءَ﴾ بمعنى: إلاَّ وقتَ مشيئتِه لا على أنَّ «أنْ» تنوبُ عن الزمانِ بل على حَذْفِ مضاف.