تفسير سورة المدّثر

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة المدثر من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
تفسير سورة المدثر
أهداف سورة المدثر
( سورة المدثر مكية، وآياتها ٥٦ آية، نزلت بعد سورة المزمل )
وينطبق على سورة المدثر –من ناحية سبب نزولها، ووقت نزولها- ما ينطبق على سورة المزمل. فهناك روايات بأنها هي أول ما نزل بعد سورة العلق، ورواية أخرى بأنها نزلت بعد الجهر بالدعوة، وإيذاء المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم.
ويمكن التوفيق بين هذه الروايات، بأن صدر سورة المدثر أول ما نزل من القرآن بعد سورة العلق، وهو من أول السورة إلى قوله تعالى : ولربك فاصبر. ( المدثر : ٧ ).
وأن الآيات التالية قد نزلت بعد الجهر بالدعوة، وربما كانت تعني شخصا معينا هو الوليد بن المغيرةi.
وأيا ما كان السبب والمناسبة، فقد تضمنت السورة في مطلعها ذلك النداء العلوي، بانتداب النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر الجلل، وانتزاعه من النوم والتدثر والدفء إلى الجهاد والكفاح والمشقة. ( انظر الآيات من ١-٧ ).
ثم تضمنت بعد هذا تهديدا ووعيدا للمكذبين بالآخرة، وبحرب الله مباشرة، كما تضمنت سورة المزمل سواء بسواء. ( انظر الآيات من ٨-١٧ ).
وتعيّن سورة المدثر أحد المكذبين بصفته، وترسم مشهدا من مشاهد كيده، على نحو ما ورد في سورة القلم، وربما كان الشخص المعني هنا وهناك واحدا، وقد قيل إنه الوليد بن المغيرة. ( انظر الآيات من ١٨-٣٠ ).
ثم تتحدث السورة عن عالم الغيب، ووصف سقر، والملائكة القائمين عليها، وعددهم وامتحان الله لعباده بذلك العدد، وذلك في آية واحدة طويلة هي الآية ( ٣١ ).
ثم تتحدث عن مشاهد الكون، وأدلتها على وجود الله. ( انظر الآيات من ٣٢-٣٧ ).
كما تعرض مقام المجرمين، ومقام أصحاب اليمين، حيث يعترف المكذبون اعترافا طويلا، بأسباب استحقاقهم للارتهان والقيد في يوم الجزاء والحساب، يعقب عليه بكلمة الفصل في أمرهم، الذي لا تنفعهم فيه شفاعة شافع. ( انظر الآيات من ٣٨-٤٨ ).
وفي ظل هذا المشهد المخزي، والاعتراف المهين، يتساءل مستنكرا موقف المكذبين من الدعوة إلى التذكرة والنجاة من هذا المصير، ويرسم لهم مشهدا ساخرا يثير الضحك والزراية، من نفارهم الحيواني الشموس. ( انظر الآيات من ٤٩ -٥١ ).
ويكشف السياق عن حقيقة الغرور الذي يساورهم فيمنعهم من الاستجابة لصوت المذكّر الناصح، ويبين أنه الحسد للنبي صلى الله عليه وسلم، والرغبة في أن يؤتى كل منهم الرسالة، والسبب الآخر هو قلة التقوى. ( انظر الآيتين ٥٢، ٥٣ ).
وفي الختام يجئ التقدير الجازم الذي لا مجاملة فيه، وردّ الأمر كله إلى مشيئة الله وقدره. ( انظر الآيات من ٥٤ -٥٦ ).
وهكذا تمثل السورة حلقة من حلقات الكفاح النفسي، الذي كافحه القرآن للجاهلية وتصوراتها في قلوب قريش، كما كافح العناد والكيد، والإعراض الناشئ عن العمد والقصد بشتى الأساليب... والمشابهات كثيرة بين اتجاهات هذه السورة، واتجاهات سورة المزمل، وسورة القلم، مما يدل على أنها جميعا نزلت متقاربة، لمواجهة حالات متشابهة.
وسورة المدثر قصيرة الآيات، سريعة الجريان، منوعة الفواصل، يتئد إيقاعها أحيانا، ويجري لاهثا أحيانا، وبخاصة عند تصوير مشهد هذا المكذب، وهو يفكر ويقدر ويعبس ويبسر... وتصوير مشهد سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر.
مع آيات السورة
١- ٧- بدأت السورة بنداء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ليقوم بأمر جليل هو إنذار البشرية، وتخليصها من الشر في الدنيا، ومن النار في الآخرة.
ثم يوجه الله رسوله صلى الله عليه وسلم في خاصة نفسه، بأن يكبر ربه وحده، فهو سبحانه الكبير المتعال، وهو القوي المتين، وهو على كل شيء قدير. ويوجهه إلى التطهر بأنواعه، ويشمل طهارة الثوب، وطهارة البدن، وطهارة القلب، ليكون أهلا للتلقي عن الملأ الأعلى، ويوجهه إلى هجران الشرك، وموجبات العذاب، والتحرز والتطهر من مسّ هذا الدنس.
ويوجهه إلى إنكار ذاته، وعدم المنّ بما يقدمه من الجهد أو استكثاره أو استعظامه، فكل ما يقدمه الإنسان من خير هو بتوفيق الله وعونه، وذلك يستحق الشكر لله لا المنّ والاستكثار.
ويوجهه أخيرا إلى الصبر على الطاعة، والصبر على الأذى والتكذيب، وعدم الجزع من أذى المخالفين.
١- ٣٠- حين ينفخ إسرافيل في الصور، يجد الكافرين أمامهم يوما عسيرا، لا يسر فيه ولا هوادة، بل يجدون الحساب السريع، والجزاء العادل، والعقاب الرادع.
وقد روى ابن جرير الطبري أن الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة، حين فكر في تهمة يلصقها بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم ادعى أن النبي ساحر، وقد كان الوليد يسمى الوحيد لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضرع والتجارة، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد وهشام والوليد، وقد بسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
ويتجه السياق إلى تهديد هذا المشرك فيقول : خلّ بيني وبين هذا المشرك، الذي أخرجته من بطن أمه وحيدا، لا مال له ولا ولد، ثم بسطت له الرزق والجاه العريض، فكفر بأنعم الله عليه.
لقد أعطيته المال الكثير، ورزقته بنين من حوله حاضرين شهودا، فهو منهم في أنس وعزوة، ومهدت له الحياة، ويسرتها له تيسيرا، ثم هو يطمع في مزيد من الثراء والجاه.. كلا، لن نزيده من نعمنا، بل سنذهب عنه كل ما أنعمنا به عليه، لأنه كان معاندا ومعارضا لآيات القرآن الكريم، سأكلفه ما لا يطيق من كربة وضيق، كأنما يصعد في السماء، أو يصعد الجبال الوعرة الشاقة.
إنه فكر وتروى ماذا يقول في القرآن، وبماذا يصفه حين سئل عن ذلك، ثم لعن كيف قدر، ثم نظر إلى قومه في جد مصطنع، وقطب وجهه عابسا، وقبض ملامح وجهه باسرا ليستجمع فكره، فقال : ما هذا القرآن إلا سحر ينقله محمد عن السحرة، كمسيلمة وأهل بابل، وليس هذا من كلام الله، وإنما هو من كلام البشر.
سأدخله سقر، وما أعلمك بشأنها، إنها شيء أعظم وأهول من الإدراك، فهي : لا تبقي ولا تذر. ( المدثر : ٢٨ ).
فهي تكنس كنسا، وتبلع بلعا، وتمحو محوا، فلا يقف لها شيء، ولا يبقى وراءها شيء، ولا يفضل منها شيء، وهي : لوّاحة للبشر. ( المدثر : ٢٩ ). تلوح الجلد فتحرقه وتغير لونه.
وعلى النار تسعة عشر، لا ندري أهم أفراد من الملائكة الغلاظ الشداد، أم صفوف، أم أنواع من الملائكة وصنوف.
٣١- ولم نجعل المدبرين لأمر النار إلا ملائكة، فمن يطيق الملائكة ومن يغلبهم ؟
وما جعلنا عددهم تسعة عشر إلا امتحانا للذين كفروا، وليستيقن الذين أوتوا الكتاب بصحة القرآن، لأنهم يرون أن ما يجيء فيه موافق لما في كتبهم، ويزداد الذين آمنوا إيمانا، وذلك بتصديق أهل الكتاب له، وتستشعر قلوب المؤمنين حكمة الله في هذا العدد، وتقديره الدقيق في الخلق، وتثبت هذه الحقيقة في قلوب أهل الكتاب، وقلوب المؤمنين، فلا يرتابون بعدها فيما يأتيهم من عند الله.
وليقول الذين في قلوبهم مرض النفاق والكافرون : ماذا أراد الله بهذا العدد المستغرب استغراب المثل ؟
كذلك يضل الله من يشاء من المنافقين والمشركين، لسوء استعدادهم، ويهدي من يشاء من المؤمنين، لتزكية نفوسهم، وتوجيه استعدادهم للخير، وما يعلم جموع خلق الله إلا هو، وإن خزنة النار وإن كانوا تسعة عشر، فإن لهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلمه إلا الله سبحانه، وما هذه السورة إلا تذكرة للبشر.
٣٢ -٣٧- كلا وحق القمر، والليل إذا تولى، والصبح إذا تجلى، إن الآخرة وما فيها، أو سقر والجنود التي عليها، هي إحدى الأمور الكبيرة العجيبة، المنذرة للبشر، بما وراءهم من الخطر، ولكل نفس أن تختار طريقها، وأن تتقدم في سبيل الخير أو تتخلف عنه.
٣٨- ٤٨- تعرض الآيات مقام أصحاب اليمين، فهم في جنات يسأل بعضهم بعضا عن المجرمين.
ويقال لهم : أيها المجرمون ما الذي أدخلكم في جهنم ؟ فيعترفون اعترافا طويلا مفصلا، يتناول الجرائر الكثيرة التي انتهت بالمجرمين إلى سقر.
قالوا : دخلنا جهنم لأننا لم نك من المؤمنين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض في الباطل مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الجزاء والحساب، حتى جاءنا الموت الذي يقطع كل شك، وينهي كل ريب، فما تنفعهم بعد ذلك شفاعة الشافعين، لأنه يكون قد انقضى وقت الإمهال.
٤٩- ٥٦- فما لهم عن التذكرة معرضين، إذا كان الحال في الآخرة سيكون كما وصفنا في الآيات السابقة، فما بالهم معرضين عن القرآن، كأنهم –في هربهم من سماع كلام الله ونفورهم منه- حمير نافرة، فرت من أسد تطلب النجاة من بطشه، تلك هيئتهم الظاهرة.
ثم يرسم القرآن نفوسهم من الداخل، وما يعتلج فيها من المشاعر، فيبين أن الحسد هو الذي منعهم من الإيمان، بل يرغب كل منهم أن يكون في منزلة الرسول، وأن يؤتى صحفا تنشر على الناس وتعلن، وإنما حملهم على ذلك أنهم لا يصدّقون بالآخرة، ولا يخافون أهوالها، إن هذا القرآن تذكرة تنبّه وتذكّر، فمن أراد الانتفاع بالقرآن قرأه وانتفع به.
وما يهتدون إلا بمشيئة الله، وهو سبحانه أهل بأن يتقى عذابه، وترجى مغفرته، وهو سبحانه صاحب المغفرة يتفضل بها على عباده وفق مشيئته.
مقاصد السورة إجمالا
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الخلق إلى الإيمان، وتقرير صعوبة القيامة على أهل الكفر والعصيان، وتهديد الوليد بن المغيرة الذي منحه الله مالا وفيرا، وعشرة من البنين، وبسط له في العيش لكنه قابل هذه النعم بالجحود والعناد.
وذكر جل شأنه كيف استهزأ الوليد برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف اتهمه بالسحر، فأنذره الله تعالى بسقر، ثم وصفها ووصف زبانية الجحيم، وعذاب أهل النار، ثم ذكر تعالى الأبرار ونعيمهم، والمجرمين وصفاتهم، وهي البعد عن الصلاة والإيمان، والبخل بالمال، والخوض في إيذاء المؤمنين، لقد سلبوا هداية السماء، ففروا من سماع القرآن فرار حمر الوحش إذا رأت أسدا، وحرمت قلوبهم بركة التقوى، والله تعالى هو الجدير بأن يتقيه العباد، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.

إرشادات للنبي صلى الله عليه وسلم في بدء الدعوة
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ يا أيها المدّثر ١ قم فأنذر ٢ وربك فكبّر ٣ وثيابك فطهّر ٤ والرّجز فاهجر ٥ ولا تمنن تستكثر ٦ ولربك فاصبر ٧ فإذا نقر في النّاقور ٨ فذلك يومئذ يوم عسير ٩ على الكافرين غير يسير ١٠ ﴾
المفردات :
المدّثر : المتلفف بثيابه عند نزول الوحي عليه، وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
قم : من مضجعك، أو قم قيام عزم وتصميم.
فأنذر : فحذّر الناس، وخوفهم من عذاب الله.
التفسير :
١، ٢- يا أيها المدّثر* قم فأنذر.
روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( جاورت بحراء شهرا، فلما قضيت جواري نزلت، فنوديت، فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء، فرجعت فقلت : دثروني، فأنزل الله : يا أيها المدثر* قم فأنذرii.
والمعنى :
يا أيها المتلفف بثيابه، أو المتدثر بالنبوة والكمالات النفسية، أو المتغشّي بثوبه رعبا من رؤية الملك، قم من مضجعك، أو قم قيام عزم وتصميم، وشمّر عن ساعد الجدّ، فقد جاء الأمر الإلهي باصطفائك رسولا، وجاء الأوان لتباشر مهمتك، لتدعو الناس إلى توحيد الله والإيمان به، وتحذرهم من عذاب الآخرة.
قل ابن كثير : قم فأنذر. أي : شمّر عن ساق العزم وأنذر الناس.
المفردات :
وربك فكبر : اخصص ربك بالتكبير والتعظيم، أو بقول : الله أكبر.
التفسير :
١- وربك فكبّر.
اخصص ربك بالتكبير والتعظيم، فنواصي الخلائق بيده، ولا يصدّنك شيء عن الإنذار.
وقيل : المعنى : قل الله أكبر في بداية الصلاة.
المفردات :
وثيابك فطهر : طهّر ثيابك من النجاسات، فإن التطهير واجب في الصلاة، أو هو كناية عن تطهير النفس من المذامّ، والتخلّق بالأخلاق الحسنة.
التفسير :
٢- وثيابك فطهّر.
طهّر ثيابك من النجاسات، واجعلها طاهرة لتصحّ بها الصلاة، وطهّر نفسك من المعاصي والذنوب. يقال : فلان طاهر الإزار، كناية عن طهارة النفس والبعد عن الفحشاء.
المفردات :
والرّجز فاهجر : الرّجز ( بضم الراء وكسرها ) العذاب، أي : اهجر المآثم الموجبة للعذاب.
التفسير :
٣- والرّجز فاهجر.
الرّجز هو العذاب، والمراد : اهجر المعاصي والذنوب، وابتعد عن عبادة الأوثان والأصنام التي يعبدها قومك، واهجرها ولا تقربها، والمراد : ابتعد عن أسباب العذاب، وقد يكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد كل من يتأتى منه الخطاب.
المفردات :
ولا تمنن تستكثر : ولا تعط مستكثرا، أي : رائيا ما تعطيه كثيرا، أو لا تمنن على الله بعبادتك مستكثرا إياها.
التفسير :
٤- ولا تمنن تستكثر.
ولا تعط مستكثرا، أي رائيا ما تعطيه كثيرا، أو لا تمنن على أصحابك وغيرهم بتبليغ الوحي، مستكثرا ذلك عليهم، وإذا أعطيت أحدا عطية فأعطها لوجه الله، ولا تمنّ بعطيتك على الناس.
المفردات :
ولربك فاصبر : ولوجه ربك وابتغاء مرضاته، فتخلق بالصبر.
التفسير :
٥- ولربك فاصبر.
ولربك وحده، ومن أجل مرضاته سبحانه وتعالى، فاصبر على تبليغ الدعوة والرسالة، وتحمّل في سبيل ذلك مما تتحمله.
قال تعالى : إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب. ( الزمر : ١٠ ).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :( يقول الله تعالى : إذا وجّهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده، ثم استقبل ذلك بصبر جميل، استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا، أو أنشر له ديوانا ).
المفردات :
فإذا نقر في الناقور : فإذا نفخ في الصور للبعث والنشور.
التفسير :
٦- فإذا نقر في النّاقور.
فإذا نفخ إسرافيل في الصور –الذي هو القرن أو النفير- النفخة الثانية، قامت الناس من قبورها، تستعد لأمر الحساب والجزاء، وتجد الكثير من هول هذا اليوم، الذي تشيب فيه الولدان، وتضع فيه كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم سكارى، ولكن عذاب الله شديد.
قال تعالى : ونفخ في الصّور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ( الزمر : ٦٨ ).
٩، ١٠- فذلك يومئذ يوم عسير* على الكافرين غير يسير.
والمراد : اصبر يا محمد على أذاهم، فأمامهم موقف رهيب، حين ينفخ في الصور، فيخرج الناس من قبورهم، وقد شاهدوا يومئذ يوما عسيرا شديدا، على الكفار غير سهل.
والمراد أن عسره كامل، ليس عسيرا من وجه ويسيرا من وجه آخر، بل هو عسير من جميع الوجوه.
غير يسير : أي : غير سهل ولا ميسر على الكفار، بل هو يسير على المؤمنين، حتى يكون كما بين الظهر والعصر، عسير على الكافرين.
أخرج ابن سعد، والحكم، عن بهز بن حكيم قال : أمّنا زرارة بن أوفى فقرأ المدّثر، فلما بلغ قوله تعالى : فإذا نقر في الناقور. خرّ ميتا فكنت فيمن حمله.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، والإمام أحمد، عن ابن عباس قال : لما نزلت : فإذا نقر في الناقور. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( كيف أنعم وصاحب الصّور قد التقم القرن، وحنى جبهته يستمع متى يؤمر ؟ قالوا : كيف نقول يا رسول الله ؟ قال :( قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل، وعلى الله توكلنا ).
عناد الوليد بن المغيرة
﴿ ذرني ومن خلقت وحيدا ١١ وجعلت له مالا ممدودا ١٢ وبنين شهودا ١٣ ومهّدت له تمهيدا ١٤ ثم يطمع أن أزيد ١٥ كلاّ إنه كان لآياتنا عنيدا ١٦ سأرهقه صعودا ١٧ إنه فكّر وقدّر ١٨ فقتل كيف قدّر ١٩ ثم قتل كيف قدّر ٢٠ ثم نظر ٢١ ثم عبس وبسر ٢٢ ثم أدبر واستكبر ٢٣ فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ٢٤ إن هذا إلا قول البشر ٢٥ سأصليه سقر ٢٦ وما أرداك ما سقر ٢٧ لا تبقي ولا تذر ٢٨ لوّاحة للبشر ٢٩ عليها تسعة عشر ٣٠ ﴾
المفردات :
ذرني ومن خلقت وحيدا : دعني وإياه، فإني أكفيكه.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
التفسير :
١١-ذرني ومن خلقت وحيدا.
أي : دعني وحدي ومن خلقته، فأنا أكفيك أمره، وأغنيك في الانتقام منه عن كل منتقم.
قال ابن عباس وغيره : نزلت هذه الآية وما بعدها في الوليد بن المغيرة، بل قيل إن هذا القول متفق عليه.
قال مقاتل :
المعنى : خلّ بيني وبينه فأنا أنفرد بهلكته، وفي هذا وعيد شديد على تمرده، وعظيم عناده واستكباره، لما أوتيه من بسطة المال والجاه، وكان يقول : أنا الوحيد ابن الوحيد، ليس لي في العرب نظير، ولا لأبي نظير، وقد تهكم الله به وبلقبه، وصرفه عن الغرض الذي كانوا يقصدونه، من مدحه والثناء عليه إلى ذمّه وعيبه، فجعله وحيدا في الشر والخبث.
ولك أن تتصور مخلوقا ضعيفا أمام قدرة الخالق المدبّر، الذي يقول للشيء كن فيكون، وذكر المفسرون أن هذا الشقي –الوليد بن المغيرة- ما زال بعد نزول هذه الآية في نقص من ماله وولده حتى هلك.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
المفردات :
ممدودا : كثيرا.
التفسير :
١- وجعلت له مالا ممدودا.
بسطت له في المال والزراعة والنماء والتجارة.
قال ابن عباس : كان ماله ممدودا بين مكة والطائف.
وقال مقاتل : كان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره صيفا ولا شتاء.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
المفردات :
شهودا : حضورا معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم.
التفسير :
٢- وبنين شهودا.
أي : وأولادا مقيمين معه في بلده، يحضرون معه المحافل والمجامع، لا يحتاجون إلى السفر من أجل التجارة والمال بسبب غنى والدهم، حيث كان مستأنسا بهم، وله بهم عز ومنعة.
قال المفسرون : كان له عشرة بنين لا يفارقونه سفرا ولا حضرا، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد. iii.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
المفردات :
ومهدت له تمهيدا : بسطت له الرياسة والجاه العريض.
التفسير :
٣- ومهّدت له تمهيدا.
يسّرت له أسباب الجاه والسلطان، والعزّ والسيادة، فكان في قريش عزيزا منيعا، وسيدا مطاعا.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
التفسير :
٤- ثم يطمع أن أزيد.
أي : لم يقنع ولم يشبع، بل كان يتطلع إلى المزيد من حطام الدنيا، لشدة حرصه وجشعه.
قال في ظلال القرآن : لعله كان يطمع في أن ينزل عليه الوحي، وأن يعطي كتابا. اه.
ولعله كان أحد العظماء الذين عنتهم قريش حين قالت : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم. ( الزخرف : ٣١ ).
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
٥- كلاّ إنه كان لآياتنا عنيدا.
كلا : حرف ردع وزجر.
أي : كلا لن أزيده فقد وقف معاندا ساخرا من القرآن ومن الرسول، حيث ادعى أن محمدا ساحر يفرّق بين المرء وزوجه، والمرء وعشيرته، وبعد أن مدح القرآن استفزّه أبو جهل وحرّضه على أن يقول في النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفي القرآن كلاما سيئا، فكان كما قال القرآن الكريم : أفرأيت الذي تولّى* وأعطى قليلا وأكدى. ( النجم : ٣٣، ٣٤ ).
ومعنى أكدى : منع، أي أعطى مدحا للقرآن قليلا، ثم منع ذلك العطاء، ونكص على عقبيه.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
المفردات :
سأرهقه : سأكلّفه.
صعودا : عقبة شاقة لا تطاق.
التفسير :
٦- سأرهقه صعودا.
سأكلّفه مشقة من العذاب الذي لا راحة له فيه، ولعل ذلك يشير إلى عذابه النفسي في الدنيا، حيث يسير في طريق وعر شاق، ويقطع الحياة في قلق وشدة وكربة وضيق، فإذا كان يوم القيامة كلّف بالصعود إلى أعلى جبل في جهنم، ثم يقذف به من شاهق، ثم يتكرر ذلك العذاب مع التصعيد في الطريق، وهو أشقّ السير وأشدّه إرهاقا، فإذا كان دفعا من غير إرادة من الشخص، كان أكثر مشقة وأعظم إرهاقا.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
المفردات :
إنه فكر : إنه فكر ماذا يقول في شأن القرآن والرسول من الاختلاق.
وقدر : ورتب وهيّأ في نفسه قولا كاذبا في القرآن والنبيّ.
التفسير :
٧- إنه فكّر وقدّر.
تأتي هذه الآيات كالتعليل لما سبقها، أي أنه قد استحق العذاب بسبب مواقفه المعادية للإسلام.
فقد ثبت أنه قد مدح القرآن الكريم حين سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحين سمعه من أبي بكر الصديق، فقالت قريش : صبأ والله الوليد، ولئن صبأ الوليد لتصبأن قريش كلها، فذهب إليه أبو جهل، وحرّضه على أن يقف موقفا معاديا لمحمد صلى الله عليه وسلم وللقرآن الكريم، فذهب إلى قومه وقال : تزعمون أن محمدا مجنون أو ساحر أو كذاب أو شاعر، فهل جربتم عليه الجنون أو السحر أو الكذب أو الشعر، قالوا : لا، ثم قال قومه له : فماذا تقول أنت يا أبا الوليد ؟ فأخذ يعمل عقله، ويعيد التفكير والتقدير مرارا، حتى يقول قولا يخالف ضميره، ويخالف مدحه السابق للقرآن، ويتناسب مع إعراضه عن الحق بعد ظهوره له، واستكباره من الهدى بعد أن لاحت بوادره، فاتهم محمدا بالسّحر، وأنه يفرّق بين المرء وقومه، والمرء وزوجته، والمرء وأخيه، واتهم القرآن بأنه كلام البشر، فاستحق الوليد عذاب الضمير في الدنيا، وعذاب جهنم في الآخرة.
والمعنى :
إنه فكّر وقدّر.
إنه فكّر في أمر القرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم، وقدّر وزوّر كلاما في نفسه، قد حضّره ليقوله عن القرآن، عنادا ومكابرة.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
المفردات :
فقتل : لعن وكذّب وقهر وغلب.
كيف قدر : كيف هيّأ هذا الطعن، وذلك تعجيب من تقديره، وإصابته الغرض الذي يرجوه قومه.
التفسير :
٨- فقتل كيف قدّر.
أي : لعنه الله وأخزاه، كيف زوّر هذا الكلام الذي فرحت به قريش، وعظم ألم النبي صلى الله عليه وسلم منه.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
٩- ثم قتل كيف قدّر.
تكرير للتأكيد، وتعجّب من إبداعه في الشر، أو ثناء عليه تهكما، أو حكاية لما كرروه عند سماع كلامه.
فالعرب تقول : قتله الله ما أشجعه، وأخزاه الله ما أشعره، يريدون أنه قد بلغ المبلغ الذي هو حقيق بأن يحسد، ويدعو عليه حاسده بذلك.
والآيات صورة باهرة لهذا الشيطان الذي عرف الحق، ثم نكص عن اتّباعه، ثم دبر كلاما معاديا للقرآن وللرسول الأمين، يستحق أن يدعى عليه بأن يقتل، وأن يتكرر قتله لقاء ما قال من الزور والبهتان، واتهام القرآن بأنه سحر يؤثر.
تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
المفردات :
عبس : قطّب ما بين عينيه.
بسر : كلح وجهه.
لواحة : من لوّحته الشمس، إذا سوّدت ظاهره وأطرافه.
البشر : واحدها بشرة، وهي ظاهر الجلد.
التفسير :
٢١، ٢٢، ٢٣، ٢٤، ٢٥- ثم نظر* ثم عبس وبسر* ثم أدبر واستكبر* فقال إن هذا إلا سحر يؤثر* إن هذا إلا قول البشر.
ثم أعاد النظر والتّروي، والتأمّل في الطعن في القرآن، ثم قطّب وجهه لمّا لم يجد مطعنا يطعن به القرآن، وكلح وجهه، وتغيّر واكفهّر، وأظهر الكراهة، ثم أعرض عن الإيمان، واستكبر عن الانقياد، والإصغاء للقرآن، وجاء بقول يخالف ضميره فقال :
إن هذا إلا سحر يؤثر.
ما هذا إلا سحر ينقل ويروى ويحكى، نقله محمد عن غيره ممن قبله، وحكاه ورواه عنهم، فليس بكلام الله.
إن هذا إلا قول البشر.
اختلقه محمد من عند نفسه، ونسبه لله زورا.
وقد رأيت أن القرآن الكريم جاء بكلمة ثم. بعد الآيات ( ١٩، ٢٠، ٢١، ٢٢ ) ليبين أنه كان يتروّى ويتأنّى بعض الوقت في تفكيره، لكن الآية ( ٢٥ ) جاءت بدون حرف العطف للإفادة بأنه قال : إن هذا إلا سحر يؤثر، وأتبع بعده بدون فاصل : إن هذا إلا قول البشر.
أي : أسرع في اتهام القرآن بأنه سحر، وبأنه قول البشر، بدون تأنّ أو تفكير، كما يقول الإمام الزمخشري في تفسير الكشّاف.
وبعد أن عرض القرآن تهمه الباطلة، وتفكيره المستكبر عن الحق، أتبع ذلك بمآله الذي ينتظره.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.

المفردات :

عبس : قطّب ما بين عينيه.
بسر : كلح وجهه.
لواحة : من لوّحته الشمس، إذا سوّدت ظاهره وأطرافه.
البشر : واحدها بشرة، وهي ظاهر الجلد.

التفسير :

٢١، ٢٢، ٢٣، ٢٤، ٢٥- ثم نظر* ثم عبس وبسر* ثم أدبر واستكبر* فقال إن هذا إلا سحر يؤثر* إن هذا إلا قول البشر.
ثم أعاد النظر والتّروي، والتأمّل في الطعن في القرآن، ثم قطّب وجهه لمّا لم يجد مطعنا يطعن به القرآن، وكلح وجهه، وتغيّر واكفهّر، وأظهر الكراهة، ثم أعرض عن الإيمان، واستكبر عن الانقياد، والإصغاء للقرآن، وجاء بقول يخالف ضميره فقال :
إن هذا إلا سحر يؤثر.
ما هذا إلا سحر ينقل ويروى ويحكى، نقله محمد عن غيره ممن قبله، وحكاه ورواه عنهم، فليس بكلام الله.
إن هذا إلا قول البشر.
اختلقه محمد من عند نفسه، ونسبه لله زورا.
وقد رأيت أن القرآن الكريم جاء بكلمة ثم. بعد الآيات ( ١٩، ٢٠، ٢١، ٢٢ ) ليبين أنه كان يتروّى ويتأنّى بعض الوقت في تفكيره، لكن الآية ( ٢٥ ) جاءت بدون حرف العطف للإفادة بأنه قال : إن هذا إلا سحر يؤثر، وأتبع بعده بدون فاصل : إن هذا إلا قول البشر.
أي : أسرع في اتهام القرآن بأنه سحر، وبأنه قول البشر، بدون تأنّ أو تفكير، كما يقول الإمام الزمخشري في تفسير الكشّاف.
وبعد أن عرض القرآن تهمه الباطلة، وتفكيره المستكبر عن الحق، أتبع ذلك بمآله الذي ينتظره.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.

المفردات :

عبس : قطّب ما بين عينيه.
بسر : كلح وجهه.
لواحة : من لوّحته الشمس، إذا سوّدت ظاهره وأطرافه.
البشر : واحدها بشرة، وهي ظاهر الجلد.

التفسير :

٢١، ٢٢، ٢٣، ٢٤، ٢٥- ثم نظر* ثم عبس وبسر* ثم أدبر واستكبر* فقال إن هذا إلا سحر يؤثر* إن هذا إلا قول البشر.
ثم أعاد النظر والتّروي، والتأمّل في الطعن في القرآن، ثم قطّب وجهه لمّا لم يجد مطعنا يطعن به القرآن، وكلح وجهه، وتغيّر واكفهّر، وأظهر الكراهة، ثم أعرض عن الإيمان، واستكبر عن الانقياد، والإصغاء للقرآن، وجاء بقول يخالف ضميره فقال :
إن هذا إلا سحر يؤثر.
ما هذا إلا سحر ينقل ويروى ويحكى، نقله محمد عن غيره ممن قبله، وحكاه ورواه عنهم، فليس بكلام الله.
إن هذا إلا قول البشر.
اختلقه محمد من عند نفسه، ونسبه لله زورا.
وقد رأيت أن القرآن الكريم جاء بكلمة ثم. بعد الآيات ( ١٩، ٢٠، ٢١، ٢٢ ) ليبين أنه كان يتروّى ويتأنّى بعض الوقت في تفكيره، لكن الآية ( ٢٥ ) جاءت بدون حرف العطف للإفادة بأنه قال : إن هذا إلا سحر يؤثر، وأتبع بعده بدون فاصل : إن هذا إلا قول البشر.
أي : أسرع في اتهام القرآن بأنه سحر، وبأنه قول البشر، بدون تأنّ أو تفكير، كما يقول الإمام الزمخشري في تفسير الكشّاف.
وبعد أن عرض القرآن تهمه الباطلة، وتفكيره المستكبر عن الحق، أتبع ذلك بمآله الذي ينتظره.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.

المفردات :

عبس : قطّب ما بين عينيه.
بسر : كلح وجهه.
لواحة : من لوّحته الشمس، إذا سوّدت ظاهره وأطرافه.
البشر : واحدها بشرة، وهي ظاهر الجلد.

التفسير :

٢١، ٢٢، ٢٣، ٢٤، ٢٥- ثم نظر* ثم عبس وبسر* ثم أدبر واستكبر* فقال إن هذا إلا سحر يؤثر* إن هذا إلا قول البشر.
ثم أعاد النظر والتّروي، والتأمّل في الطعن في القرآن، ثم قطّب وجهه لمّا لم يجد مطعنا يطعن به القرآن، وكلح وجهه، وتغيّر واكفهّر، وأظهر الكراهة، ثم أعرض عن الإيمان، واستكبر عن الانقياد، والإصغاء للقرآن، وجاء بقول يخالف ضميره فقال :
إن هذا إلا سحر يؤثر.
ما هذا إلا سحر ينقل ويروى ويحكى، نقله محمد عن غيره ممن قبله، وحكاه ورواه عنهم، فليس بكلام الله.
إن هذا إلا قول البشر.
اختلقه محمد من عند نفسه، ونسبه لله زورا.
وقد رأيت أن القرآن الكريم جاء بكلمة ثم. بعد الآيات ( ١٩، ٢٠، ٢١، ٢٢ ) ليبين أنه كان يتروّى ويتأنّى بعض الوقت في تفكيره، لكن الآية ( ٢٥ ) جاءت بدون حرف العطف للإفادة بأنه قال : إن هذا إلا سحر يؤثر، وأتبع بعده بدون فاصل : إن هذا إلا قول البشر.
أي : أسرع في اتهام القرآن بأنه سحر، وبأنه قول البشر، بدون تأنّ أو تفكير، كما يقول الإمام الزمخشري في تفسير الكشّاف.
وبعد أن عرض القرآن تهمه الباطلة، وتفكيره المستكبر عن الحق، أتبع ذلك بمآله الذي ينتظره.

تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.
المفردات :
عليها تسعة عشر : يتولى أمر النار، ويلي تعذيب أهلها تسعة عشر ملكا، أو صفّا، أو صنفا.
التفسير :
٢٦، ٢٧، ٢٨، ٢٩، ٣٠- سأصليه سقر* وما أدراك ما سقر* لا تبقي ولا تذر* لوّاحة للبشر* عليها تسعة عشر.
أي : سأدخله جهنم، وسأغمره فيها من جميع جهاته.
وسقر من أسماء النار، وإنما سميت جهنم سقر من : سقرته الشمس، إذا أذابته ولوّحته، وأحرقت جلد وجهه.
وما أدراك ما سقر.
أي شيء أعلمك ما سقر، والمراد : تعظيم هولها وآلامها، ومما يصيب الكافرين من ألوان عذابها.
لا تبقي ولا تذر.
لا تترك في الكافرين عظما ولا لحما، ولا دما ولا شيئا إلا أهلكته، فهي تبلع بلعا، وتمحو محوا، ولا يقف لها شيء، ولا يبقى وراءها شيء، ولا يفضل منها شيء، ثم يعاد أهلها خلقا جديدا، فلا تتركهم بل تعاود إحراقهم بأشد مما كانت.
قال تعالى : كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب... ( النساء : ٥٦ ).
وتبرز جهنم لأهلها لترهبهم بعذابها، قال تعالى : وبرّزت الجحيم للغاوين. ( الشعراء : ٩١ ).
لوّاحة للبشر.
تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل، وتنزل الآلام بالجلود، ويبدّل الله الجلود ليذوق أهلها العذاب.
عليها تسعة عشر.
يحرس جهنم زبانية أشداء أقوياء، عددهم تسعة عشر ملكا، أو صفّا أو صنفا، والجمهور على أن المراد بهم النقباء، فمعنى كونهم عليها : أنهم يتلون أمرها وتعذيب أهلها، وإليهم رئاسة زبانيتها، وأما جملتهم فالعبادة تعجز عنها، كما قال تعالى : وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر. ( المدثر : ٣١ ).
وفي الصحيح عن عبد اله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها )iv.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٦:تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.

المفردات :

عليها تسعة عشر : يتولى أمر النار، ويلي تعذيب أهلها تسعة عشر ملكا، أو صفّا، أو صنفا.

التفسير :

٢٦، ٢٧، ٢٨، ٢٩، ٣٠- سأصليه سقر* وما أدراك ما سقر* لا تبقي ولا تذر* لوّاحة للبشر* عليها تسعة عشر.
أي : سأدخله جهنم، وسأغمره فيها من جميع جهاته.
وسقر من أسماء النار، وإنما سميت جهنم سقر من : سقرته الشمس، إذا أذابته ولوّحته، وأحرقت جلد وجهه.
وما أدراك ما سقر.
أي شيء أعلمك ما سقر، والمراد : تعظيم هولها وآلامها، ومما يصيب الكافرين من ألوان عذابها.
لا تبقي ولا تذر.
لا تترك في الكافرين عظما ولا لحما، ولا دما ولا شيئا إلا أهلكته، فهي تبلع بلعا، وتمحو محوا، ولا يقف لها شيء، ولا يبقى وراءها شيء، ولا يفضل منها شيء، ثم يعاد أهلها خلقا جديدا، فلا تتركهم بل تعاود إحراقهم بأشد مما كانت.
قال تعالى : كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب... ( النساء : ٥٦ ).
وتبرز جهنم لأهلها لترهبهم بعذابها، قال تعالى : وبرّزت الجحيم للغاوين. ( الشعراء : ٩١ ).
لوّاحة للبشر.
تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل، وتنزل الآلام بالجلود، ويبدّل الله الجلود ليذوق أهلها العذاب.
عليها تسعة عشر.
يحرس جهنم زبانية أشداء أقوياء، عددهم تسعة عشر ملكا، أو صفّا أو صنفا، والجمهور على أن المراد بهم النقباء، فمعنى كونهم عليها : أنهم يتلون أمرها وتعذيب أهلها، وإليهم رئاسة زبانيتها، وأما جملتهم فالعبادة تعجز عنها، كما قال تعالى : وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر. ( المدثر : ٣١ ).
وفي الصحيح عن عبد اله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها )iv.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٦:تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.

المفردات :

عليها تسعة عشر : يتولى أمر النار، ويلي تعذيب أهلها تسعة عشر ملكا، أو صفّا، أو صنفا.

التفسير :

٢٦، ٢٧، ٢٨، ٢٩، ٣٠- سأصليه سقر* وما أدراك ما سقر* لا تبقي ولا تذر* لوّاحة للبشر* عليها تسعة عشر.
أي : سأدخله جهنم، وسأغمره فيها من جميع جهاته.
وسقر من أسماء النار، وإنما سميت جهنم سقر من : سقرته الشمس، إذا أذابته ولوّحته، وأحرقت جلد وجهه.
وما أدراك ما سقر.
أي شيء أعلمك ما سقر، والمراد : تعظيم هولها وآلامها، ومما يصيب الكافرين من ألوان عذابها.
لا تبقي ولا تذر.
لا تترك في الكافرين عظما ولا لحما، ولا دما ولا شيئا إلا أهلكته، فهي تبلع بلعا، وتمحو محوا، ولا يقف لها شيء، ولا يبقى وراءها شيء، ولا يفضل منها شيء، ثم يعاد أهلها خلقا جديدا، فلا تتركهم بل تعاود إحراقهم بأشد مما كانت.
قال تعالى : كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب... ( النساء : ٥٦ ).
وتبرز جهنم لأهلها لترهبهم بعذابها، قال تعالى : وبرّزت الجحيم للغاوين. ( الشعراء : ٩١ ).
لوّاحة للبشر.
تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل، وتنزل الآلام بالجلود، ويبدّل الله الجلود ليذوق أهلها العذاب.
عليها تسعة عشر.
يحرس جهنم زبانية أشداء أقوياء، عددهم تسعة عشر ملكا، أو صفّا أو صنفا، والجمهور على أن المراد بهم النقباء، فمعنى كونهم عليها : أنهم يتلون أمرها وتعذيب أهلها، وإليهم رئاسة زبانيتها، وأما جملتهم فالعبادة تعجز عنها، كما قال تعالى : وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر. ( المدثر : ٣١ ).
وفي الصحيح عن عبد اله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها )iv.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٦:تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.

المفردات :

عليها تسعة عشر : يتولى أمر النار، ويلي تعذيب أهلها تسعة عشر ملكا، أو صفّا، أو صنفا.

التفسير :

٢٦، ٢٧، ٢٨، ٢٩، ٣٠- سأصليه سقر* وما أدراك ما سقر* لا تبقي ولا تذر* لوّاحة للبشر* عليها تسعة عشر.
أي : سأدخله جهنم، وسأغمره فيها من جميع جهاته.
وسقر من أسماء النار، وإنما سميت جهنم سقر من : سقرته الشمس، إذا أذابته ولوّحته، وأحرقت جلد وجهه.
وما أدراك ما سقر.
أي شيء أعلمك ما سقر، والمراد : تعظيم هولها وآلامها، ومما يصيب الكافرين من ألوان عذابها.
لا تبقي ولا تذر.
لا تترك في الكافرين عظما ولا لحما، ولا دما ولا شيئا إلا أهلكته، فهي تبلع بلعا، وتمحو محوا، ولا يقف لها شيء، ولا يبقى وراءها شيء، ولا يفضل منها شيء، ثم يعاد أهلها خلقا جديدا، فلا تتركهم بل تعاود إحراقهم بأشد مما كانت.
قال تعالى : كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب... ( النساء : ٥٦ ).
وتبرز جهنم لأهلها لترهبهم بعذابها، قال تعالى : وبرّزت الجحيم للغاوين. ( الشعراء : ٩١ ).
لوّاحة للبشر.
تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل، وتنزل الآلام بالجلود، ويبدّل الله الجلود ليذوق أهلها العذاب.
عليها تسعة عشر.
يحرس جهنم زبانية أشداء أقوياء، عددهم تسعة عشر ملكا، أو صفّا أو صنفا، والجمهور على أن المراد بهم النقباء، فمعنى كونهم عليها : أنهم يتلون أمرها وتعذيب أهلها، وإليهم رئاسة زبانيتها، وأما جملتهم فالعبادة تعجز عنها، كما قال تعالى : وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر. ( المدثر : ٣١ ).
وفي الصحيح عن عبد اله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها )iv.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٦:تمهيد :
تفيد كتب الحديث والسيرة أن هذه الآيات نزلت في شخص معيّن هو الوليد بن المغيرة، وقد سمع القرآن الكريم فتأثر به، وذهب إلى قومه من بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه، ثم انصرف إلى منزله، فقال قريش : صبأ والله الوليد، ولتصبونّ قريش كلها، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه، فانطلق حتى جلس إلى جنب الوليد حزينا، فقال الوليد : ما لي أراك حزينا يا ابن أخي ؟ فقال : وما يمنعني أن أحزن، وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك، ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامكم ؟ فغضب الوليد وقال : ألم تعلم قريش أني أكثرهم مالا وولدا ؟ وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ؟ ثم أتى مجلس قومه مع أبي جهل فقال لهم : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه قط تكهّن ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟ قالوا : اللهم لا، قال : تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأيمن قبل النبوة لصدقه ) ثم قالوا : فما هو ؟ قال : ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يأثره من مسيلمة وأهل بابل، فارتجّ النادي فرحا، وتفرقوا معجبين بقوله، متعجبين منه، فنزلت هذه الآيات.
وقد كان الوليد يسمى الوحيد، لأنه وحيد في قومه، فماله كثير، فيه الزرع والضّرع والتجارة، وكان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونعم، وعبيد وجوار، وله عشرة أبناء يشهدون المحافل والمجامع، أسلم منهم ثلاثة : خالد، وهشام، والوليد، وقد يسط الله له الرزق، وطال عمره مع الجاه العريض والرياسة في قومه، وكان يسمى ريحانة قريش.

المفردات :

عليها تسعة عشر : يتولى أمر النار، ويلي تعذيب أهلها تسعة عشر ملكا، أو صفّا، أو صنفا.

التفسير :

٢٦، ٢٧، ٢٨، ٢٩، ٣٠- سأصليه سقر* وما أدراك ما سقر* لا تبقي ولا تذر* لوّاحة للبشر* عليها تسعة عشر.
أي : سأدخله جهنم، وسأغمره فيها من جميع جهاته.
وسقر من أسماء النار، وإنما سميت جهنم سقر من : سقرته الشمس، إذا أذابته ولوّحته، وأحرقت جلد وجهه.
وما أدراك ما سقر.
أي شيء أعلمك ما سقر، والمراد : تعظيم هولها وآلامها، ومما يصيب الكافرين من ألوان عذابها.
لا تبقي ولا تذر.
لا تترك في الكافرين عظما ولا لحما، ولا دما ولا شيئا إلا أهلكته، فهي تبلع بلعا، وتمحو محوا، ولا يقف لها شيء، ولا يبقى وراءها شيء، ولا يفضل منها شيء، ثم يعاد أهلها خلقا جديدا، فلا تتركهم بل تعاود إحراقهم بأشد مما كانت.
قال تعالى : كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب... ( النساء : ٥٦ ).
وتبرز جهنم لأهلها لترهبهم بعذابها، قال تعالى : وبرّزت الجحيم للغاوين. ( الشعراء : ٩١ ).
لوّاحة للبشر.
تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل، وتنزل الآلام بالجلود، ويبدّل الله الجلود ليذوق أهلها العذاب.
عليها تسعة عشر.
يحرس جهنم زبانية أشداء أقوياء، عددهم تسعة عشر ملكا، أو صفّا أو صنفا، والجمهور على أن المراد بهم النقباء، فمعنى كونهم عليها : أنهم يتلون أمرها وتعذيب أهلها، وإليهم رئاسة زبانيتها، وأما جملتهم فالعبادة تعجز عنها، كما قال تعالى : وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر. ( المدثر : ٣١ ).
وفي الصحيح عن عبد اله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها )iv.

خزنة جهنم
﴿ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدّتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضلّ الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر ٣١ كلاّ والقمر ٣٢ والليل إذ أدبر ٣٣ والصبح إذا أسفر ٣٤ إنها لإحدى الكبر ٣٥ نذير للبشر ٣٦ لمن شاء منكم أن يتقدّم أو يتأخّر ٣٧ ﴾
المفردات :
أصحاب النار : خزنة جهنم.
ملائكة : أي : ليسوا بشرا مثلكم يطاقون.
فتنة : سبب فتنة واختبار وامتحان، أو ضلال للذين كفروا.
ليستيقن : ليستبين، أو ليوقن.
أوتوا الكتاب : اليهود والنصارى.
مرض : نفاق وشك.
مثلا : حديثا، أو ماذا أراد الله بهذا العدد المستغرب استغراب المثل.
كذلك : مثل إضلال المنكر لهذا العدد، كأبي جهل وأحزابه، وهداية مصدّقه.
جنود ربك : خلقه من الملائكة وغيرهم.
ذكرى : تذكرة وموعظة للناس.
تمهيد :
وردت روايات في كتب التفسير والحديث تفيد أن أبا جهل بن هشام، لما سمع مع قوله تعالى : عليها تسعة عشر. قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم، أيخبركم محمد أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الدّهم ( الشجعان )، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم نخرج من جهنم ؟ فقال له أبو الأشدّ بن كلدة الجمحي- وكان شديد البطش- : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة. أي : لم نجعلهم رجالا فيستطيع الكفار مغالبتهم.
التفسير :
٣١- وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدّتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر.
لم نجعل زبانية جهنم أفرادا من البشر حتى يزعم كفار مكة أنهم يستطيعون التغلّب عليهم، بل هم ملائكة لا حدود لطاقاتهم، فقد استطاع جبريل وحده أن يقتلع قرى قوم لوط، وأن يرفعها إلى السماء، ثم يهوي بها حيث جعل الله عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، فالملائكة قوة خارقة للعادة، ولا تأخذهم الرحمة أو الرأفة بأهل النّار.
قال تعالى : عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ( التحريم : ٦ ).
ولأن الملائكة أشد خلق الله بأسا، وأقواهم بطشا، فلا يقدر أهل النار عليهم، ولا يستطيعون مغالبتهم.
وما جعلنا عدّتهم إلا فتنة للذين كفروا...
أي : امتحانا للكفار، واختبارا لهم، حيث استبعدوا أن يكون العدد القليل كافيا لتعذيب أهل جهنم، وما علموا أنّ أحوال القيامة لا تقاس بأحوال الدنيا، وليس للعقل فيها مجال، ولأنهم قالوا : لم هذا العدد بالذّات، ولم يكملوا عشرين ؟ وما علموا أن أفعال الله تعالى لا تعلل، فقد ذكر الله ذلك العدد لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، كما أفاد بذلك الفخر الرازي في تفسيره الكبير.
ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا...
ليتيقن الذين أوتوا الكتاب –وهم اليهود والنصارى- بأن محمدا صادق، وأن القرآن حقّ، حيث إن العدد الذي ذكره القرآن الكريم، هو نفس العدد الذي ذكرته الكتب السماوية التي بين أيديهم.
ويزداد الذين آمنوا إيمانا بصدق نبيّهم، وكتاب ربهم، حيث ينضمّ إيمانهم بذلك إلى إيمانهم بسائر ما أنزل.
قال الآلوسي : أخرج الترمذي، وابن مردويه، عن جابر قال : قال ناس من اليهود لأناس من المسلمين : هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم ؟ فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال :( هكذا وهكذا )، في مرة عشرة، وفي مرة تسعة.
وبذلك ترى أن ازدياد الذين آمنوا إيمانا، حيث يزيدون تصديقا لنبيّهم ولكتاب ربهم، وحيث يجدون ذلك مؤيدا بما في الكتب السابقة.
ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون...
أي : فعلنا ذلك ليكتسب أهل الكتاب اليقين من نبوته صلى الله عليه وسلم، وليزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، ولتزول كل شبهة قد تطرأ على قلوب الذين أوتوا الكتاب، وعلى قلوب المؤمنين، وهذا الكلام تأكيد لما قبله، من الاستيقان وزيادة الإيمان، ونفي لما قد يعترى المستيقن من شبهة وشكّ، فإذا جمع لهم إثبات اليقين ونفي الشك، كان آكد وأبلغ.
وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون...
أي : ليقول المنافقون والكافرون بمكة، المصرّون على التكذيب.
ماذا أراد الله بهذا مثلا...
ما الذي أراده الله بهذا العدد ( ١٩ ) المستغرب استغراب المثل ؟ وأي حكمة قصدها الله من جعل الملائكة تسعة عشر لا عشرين ؟ ومرادهم إنكار الأمر من أصله، وأنه ليس من عند الله، وأنه لو كان من عند الله لما جاء بهذا العدد الناقص، كما يقول الزمخشري.
كذلك يضلّ الله من يشاء ويهدي من يشاء...
كذلك يضل الله من يشاء من الكافرين، ويهدي من يشاء من المؤمنين، ولله الحجة البالغة والحكمة العالية.
ولا يضلّ إلا من آثر الهوى، وكره الهدى، وآثر الحياة الدنيا، فالجحيم هي مأواه، ولا يهدي إلا من تأمّل في دلائل الإيمان، وآثر الآخرة على الدنيا، وخاف مقام ربه واستهدى بهدايته.
وما يعلم جنود ربك إلا هو...
أي : لا يعلم عددهم وكثرتهم وقدرتهم وقوّتهم إلا الله تعالى، لئلا يتوهم متوهم أنهم تسعة عشر وقد ثبت في حديث الإسراء الذي أخرجه الشيخان، في صفة البيت المعمور الذي في السماء السابعة :( فإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه آخر ما عليهم ).
وروى الإمام أحمد، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء وحقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، ولخرجتم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله تعالى )v.
أخرجه أحمد، والترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي : حسن غريب.
وأخرج الحافظ الطبراني، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف، إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، إلا أنّا لم نشرك بك شيئا ).
وقد أورد الحافظ ابن كثر في تفسيره –وغيره من المفسرين- طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة تبين كثرة جنود الله تعالى، وامتلاء السماء بملائكة ساجدين راكعين.
كما قال تعالى : وإنّا لنحن الصّافّون* وإنا لنحن المسبّحون. ( الصافات : ١٦٥، ١٦٦ ).
وما هي إلا ذكرى للبشر.
ليست سقر التي ذكرنا لكم أن عليها تسعة عشر ملكا، إلا تذكرة للبشر، ليتعظوا ويتجنّبوا حرّها ولهيبها، ويذكروا قدرة الله الواسعة التي لا تحتاج إلى ملك ولا إلى تسعة عشر، ويعلموا كمال قدرة الله وأنه لا يحتاج إلى أعوان وأنصار.
تمهيد :
وردت روايات في كتب التفسير والحديث تفيد أن أبا جهل بن هشام، لما سمع مع قوله تعالى : عليها تسعة عشر. قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم، أيخبركم محمد أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الدّهم ( الشجعان )، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم نخرج من جهنم ؟ فقال له أبو الأشدّ بن كلدة الجمحي- وكان شديد البطش- : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة. أي : لم نجعلهم رجالا فيستطيع الكفار مغالبتهم.
المفردات :
كلا : حقّا.
التفسير :
٣٢- كلاّ والقمر.
كلاّ. حرف ردع وزجر، لمن أنذر بسقر ولم يخف، وأقسم بالقمر.
تمهيد :
وردت روايات في كتب التفسير والحديث تفيد أن أبا جهل بن هشام، لما سمع مع قوله تعالى : عليها تسعة عشر. قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم، أيخبركم محمد أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الدّهم ( الشجعان )، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم نخرج من جهنم ؟ فقال له أبو الأشدّ بن كلدة الجمحي- وكان شديد البطش- : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة. أي : لم نجعلهم رجالا فيستطيع الكفار مغالبتهم.
المفردات :
أدبر : ولّى وذهب.
التفسير :
٣٣- والليل إذ أدبر.
وأقسم بالليل إذا ولّى وذهب.
تمهيد :
وردت روايات في كتب التفسير والحديث تفيد أن أبا جهل بن هشام، لما سمع مع قوله تعالى : عليها تسعة عشر. قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم، أيخبركم محمد أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الدّهم ( الشجعان )، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم نخرج من جهنم ؟ فقال له أبو الأشدّ بن كلدة الجمحي- وكان شديد البطش- : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة. أي : لم نجعلهم رجالا فيستطيع الكفار مغالبتهم.
المفردات :
أسفر : أضاء وانكشف وأشرق.
التفسير :
٣٤- والصبح إذا أسفر.
وأقسم بالصبح إذا أضاء وانكشف فيه ضوء النهار، حيث يتبدد ظلام الليل، ويبدأ نور النهار بصورة مبهرة تظهر للعين آثار القدرة.
تمهيد :
وردت روايات في كتب التفسير والحديث تفيد أن أبا جهل بن هشام، لما سمع مع قوله تعالى : عليها تسعة عشر. قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم، أيخبركم محمد أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الدّهم ( الشجعان )، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم نخرج من جهنم ؟ فقال له أبو الأشدّ بن كلدة الجمحي- وكان شديد البطش- : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة. أي : لم نجعلهم رجالا فيستطيع الكفار مغالبتهم.
المفردات :
إنها لإحدى الكبر : إن سقر لإحدى الدواهي العظيمة.
التفسير :
٣٥- إنها لإحدى الكبر.
إن سقر لإحدى الكبر العظائم، والخطوب الجسام، أي أن سقر التي تهكم بها وبخزنتها الكافرون، لهي إحدى الأمور العظام، والدواهي الكبار التي قلّ أن يوجد لها نظير أو مثيل في عظمها، وفي شدة عذاب من يصطلى بنارها.
تمهيد :
وردت روايات في كتب التفسير والحديث تفيد أن أبا جهل بن هشام، لما سمع مع قوله تعالى : عليها تسعة عشر. قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم، أيخبركم محمد أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الدّهم ( الشجعان )، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم نخرج من جهنم ؟ فقال له أبو الأشدّ بن كلدة الجمحي- وكان شديد البطش- : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة. أي : لم نجعلهم رجالا فيستطيع الكفار مغالبتهم.
التفسير :
٣٦- نذيرا للبشر.
لقد ذكرها الله إنذارا للبشر، وردعا لهم عن التمادي في الكفر والضلال، فالنذر هنا بمعنى الإنذار.
قال الحسن : والله ما أنذر الخلائق بشيء أدهى من جهنم.
تمهيد :
وردت روايات في كتب التفسير والحديث تفيد أن أبا جهل بن هشام، لما سمع مع قوله تعالى : عليها تسعة عشر. قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم، أيخبركم محمد أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الدّهم ( الشجعان )، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم نخرج من جهنم ؟ فقال له أبو الأشدّ بن كلدة الجمحي- وكان شديد البطش- : أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة. أي : لم نجعلهم رجالا فيستطيع الكفار مغالبتهم.
المفردات :
أن يتقدم : إلى الخير والإيمان والجنة.
يتأخر : يتخلف عن الإيمان إلى الكفر.
التفسير :
٣٧- لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر.
لقد ذكرنا ما ذكرنا في هذه السورة، أو في وصف جهنم، تحذيرا للبشر من جهنم وأهوالها، وهذا التحذير لمن شاء أن يتقدم نحو الإيمان والإسلام والهداية والرضوان، أو يتأخر إلى الكفر والفسوق والعصيان، فإنه يمهّد نفسه للنيران.
قال ابن عباس : من شاء اتبع طاعة الله، ومن شاء تأخّر عنها بمعصيته.
وقال الحسن : هذا وعيد وتهديد وإن خرج مخرج الخبر، كقوله تعالى : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر... ( الكهف : ٢٩ ).
في ظلال القرآن الكريم
الله تعالى إذا كلّف ملكا بشيء وهبه القدرة التي ينفّذ بها ما كلف به، فانشغال الكفار بعدد الملائكة من حرّاس جهنم في غير موضعه، لأمر الأمر متعلق بقدرة الله وإرادته، وهو إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، والملائكة : لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ( التحريم : ٦ ). وإذا كانت الملائكة قد كلّفت بالقيام على سقر، فهم مزوّدون من قبله تعالى بالقوة المطلوبة لهذه المهمة، ولا طاقة للبشر في مغالبة قدرة الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ( يوسف : ٢١ ).
والقسم بالقمر يلفت النظر إلى التأمل في هذا الكوكب، وتنقّله من هلال إلى بدر ثم تناقصه، ثم التملّي بجلاله وجماله، كأنه يغسل النفس والقلب.
وقل أن يستيقظ قلب لمشهد الليل عند إدباره، في تلك الهدأة التي تسبق الشروق، وعندما يبدأ هذا الوجود كله يفتح عينيه ويفيق، ثم لا ينطبع فيه أثر من هذا المشهد، وتدبّ في أعماقه خطرات رفّافة شفّافة.
وقلّ أن يستيقظ قلب لمشهد الصبح عند إسفاره وظهوره، لا تنبض فيه نابضة من إشراق وتفتح، وانتقال شعوري من حال إلى حال، يجعله أشد ما يكون صلاحية لاستقبال النور الذي يشرق في الضمائر، مع النور الذي يشرق في النواظر.
ولله تعالى الذي خلق القلب البشري، ويعلم ما ينبعث فيه، من استقبال ما في القمر، وما في الليل، وما في الصبح، من عجائب الدقة المبدعة، والحكمة المدبّرة، والتنسيق الإلهي لهذا الكون، لذلك يلفت القرآن النظر إلى جمال الكون ونظامه، بتلك الدقة البالغة التي يحيّر تصورها العقولvi.
وجاء في التفسير المنير للدكتور وهبة الزحيلي ما يأتي :
أقسم الله تعالى بالقمر والليل والصبح تشريفا لها، وتنبيها على ما يظهر بها وفيها من عجائب الله وقدرته، وقوام الوجود بإيجادها، والمقسم عليه أن سقر ( جهنم ) إحدى الدواعي، وأنها نذير للبشر أو ذات إنذار. اه.
الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرمين
﴿ كل نفس بما كسبت رهينة ٣٨ إلا أصحاب اليمين ٣٩ في جنات يتساءلون ٤٠ عن المجرمين ٤١ ما سلككم في سقر ٤٢ قالوا لم نك من المصلين ٤٣ ولم نك نطعم المسكين ٤٤ وكنا نخوض مع الخائضين ٤٥ وكنا نكذّب بيوم الدين ٤٦ حتى أتانا اليقين ٤٧ فما تنفعهم شفاعة الشافعين ٤٨ فما لهم عن التذكرة معرضين ٤٩ كأنهم حمر مستنفرة ٥٠ فرّت من قسورة ٥١ بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ٥٢ كلاّ بل لا يخافون الآخرة ٥٣ كلاّ إنه تذكرة ٥٤ فمن شاء ذكره ٥٥ وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة ٥٦ ﴾
المفردات :
بما كسبت رهينة : مرهونة عند الله تعالى بعملها.
تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
التفسير :
٣٨- كل نفس بما كسبت رهينة.
كل إنسان مرتهن بعمله يوم القيامة، فمن أطاع الله وأدى واجبه في الدنيا فقد أعتق نفسه من نار جهنم، ومن عصى الله ولم يلتزم بأوامره، ولم يجتنب نواهيه، كان مرتهنا في جهنم، ليصطلى بنارها جزاء وفاقا لعمله.
وفي الحديث الشريف :(... كل الناس يغدو، فبائع لنفسه فمعتقها أو موبقها ).
تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
٣٩- إلا أصحاب اليمين.
وهم المسلمون المخلصون. أي : لكن أصحاب اليمين غير مرتهنين، فقد فكوا رقابهم بصالح أعمالهم، وتفضل الله عليهم فضاعف حسناتهم، وضاعف ثوابهم.
تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
المفردات :
يتساءلون عن المجرمين : يسأل بعضهم بعضا عن الكافرين.
ما سلككم في سقر : أي شيء أدخلكم النار ؟
التفسير :
٤٠، ٤١، ٤٢- في جنات يتساءلون* عن المجرمين* ما سلككم في سقر.
يقيم أصحاب اليمين في جنات عالية، يتنعمون فيها نعيما أبديا سرمديا، ثم يسأل بعضهم بعضا عن عصاة أهل النار، الذين كانوا يجاورونهم في الدنيا، أو يتطاولون عليهم، ويسخرون منهم، فيقول المؤمن للكفار في جهنم : أي شيء أدخلكم جهنم وجعلكم تسلكون عذابها، وتصلون لهيبها، وتذوقون أهوالها ؟
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.

المفردات :

يتساءلون عن المجرمين : يسأل بعضهم بعضا عن الكافرين.
ما سلككم في سقر : أي شيء أدخلكم النار ؟

التفسير :

٤٠، ٤١، ٤٢- في جنات يتساءلون* عن المجرمين* ما سلككم في سقر.
يقيم أصحاب اليمين في جنات عالية، يتنعمون فيها نعيما أبديا سرمديا، ثم يسأل بعضهم بعضا عن عصاة أهل النار، الذين كانوا يجاورونهم في الدنيا، أو يتطاولون عليهم، ويسخرون منهم، فيقول المؤمن للكفار في جهنم : أي شيء أدخلكم جهنم وجعلكم تسلكون عذابها، وتصلون لهيبها، وتذوقون أهوالها ؟

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.

المفردات :

يتساءلون عن المجرمين : يسأل بعضهم بعضا عن الكافرين.
ما سلككم في سقر : أي شيء أدخلكم النار ؟

التفسير :

٤٠، ٤١، ٤٢- في جنات يتساءلون* عن المجرمين* ما سلككم في سقر.
يقيم أصحاب اليمين في جنات عالية، يتنعمون فيها نعيما أبديا سرمديا، ثم يسأل بعضهم بعضا عن عصاة أهل النار، الذين كانوا يجاورونهم في الدنيا، أو يتطاولون عليهم، ويسخرون منهم، فيقول المؤمن للكفار في جهنم : أي شيء أدخلكم جهنم وجعلكم تسلكون عذابها، وتصلون لهيبها، وتذوقون أهوالها ؟

تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
التفسير :
٤٣، ٤٤- قالوا لم نك من المصلين* ولم نك نطعم المسكين.
أجاب الكفار عن سبب دخولهم جهنم، بأنهم كانوا لا يؤدون الصلاة، ولم يخضعوا لربهم، ولم يعبدوه حق عبادته.
ولم نك نطعم المسكين.
وكنا لا نؤدّي الزكاة، ولا نعطف على الفقراء والمساكين، ولا نتعاون مع الضعفاء والمحتاجين، أي أنهم لم يؤدّوا حق الله وهو عبادة الله وحده لا شريك له، ولم يؤدّوا حق الفقراء والمساكين بإخراج الزكاة، مع التصدق والإحسان والعطف على المساكين والمحتاجين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.

التفسير :

٤٣، ٤٤- قالوا لم نك من المصلين* ولم نك نطعم المسكين.
أجاب الكفار عن سبب دخولهم جهنم، بأنهم كانوا لا يؤدون الصلاة، ولم يخضعوا لربهم، ولم يعبدوه حق عبادته.
ولم نك نطعم المسكين.
وكنا لا نؤدّي الزكاة، ولا نعطف على الفقراء والمساكين، ولا نتعاون مع الضعفاء والمحتاجين، أي أنهم لم يؤدّوا حق الله وهو عبادة الله وحده لا شريك له، ولم يؤدّوا حق الفقراء والمساكين بإخراج الزكاة، مع التصدق والإحسان والعطف على المساكين والمحتاجين.

تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
المفردات :
كنا نخوض : نشرع في الباطل ولا نبالي به.
مع الخائضين : مع الشارعين من أهل الباطل في باطلهم.
التفسير :
٤٠- وكنا نخوض مع الخائضين :
وكنا نلعب مع الاعبين، ونستهزئ بالمؤمنين، ونقول عن محمد : هو شاعر أو كاهن أو كذاب، أو لا نبالي بالخوض في الباطل، ولا نتحرز عن مشاركة المكذبين بالإسلام والمتهمين للقرآن بالزور والبهتان.
تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
المفردات :
بيوم الدين : بيوم البعث والجزاء.
اليقين : الموت ومقدماته.
التفسير :
٤٦، ٤٧- وكنا نكذب بيوم الدين* حتى أتانا اليقين.
وكنا ننكر البعث والحساب والجزاء، والقيامة والجنة والنار، وقد استمرت حياتهم على ارتكاب هذه الكبائر، وهي :
١- ترك الصلاة وترك عبادة الله.
٢- ترك الزكاة وترك العطف على المساكين.
٣- الخوض مع الخائضين في الباطل والزّور والبهتان.
٤- التكذيب بيوم القيامة.
ومجموع هذه الأربعة يؤدّي إلى تصور خاطئ عن الكون والحياة، والدنيا والآخرة.
وتفيد الآيات أنهم استمروا على كفرهم وسوء أعمالهم، حتى جاءهم الموت، وهذا عند جمهور المفسرين.
وقال ابن عطية : اليقين عندي : صحة ما كانوا يكذّبون به من الرجوع إلى الله تعالى والدار الآخرة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٦:تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.

المفردات :

بيوم الدين : بيوم البعث والجزاء.
اليقين : الموت ومقدماته.

التفسير :

٤٦، ٤٧- وكنا نكذب بيوم الدين* حتى أتانا اليقين.
وكنا ننكر البعث والحساب والجزاء، والقيامة والجنة والنار، وقد استمرت حياتهم على ارتكاب هذه الكبائر، وهي :

١-
ترك الصلاة وترك عبادة الله.

٢-
ترك الزكاة وترك العطف على المساكين.

٣-
الخوض مع الخائضين في الباطل والزّور والبهتان.

٤-
التكذيب بيوم القيامة.
ومجموع هذه الأربعة يؤدّي إلى تصور خاطئ عن الكون والحياة، والدنيا والآخرة.
وتفيد الآيات أنهم استمروا على كفرهم وسوء أعمالهم، حتى جاءهم الموت، وهذا عند جمهور المفسرين.
وقال ابن عطية : اليقين عندي : صحة ما كانوا يكذّبون به من الرجوع إلى الله تعالى والدار الآخرة.

تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
التفسير :
٤٨- فما تنفعهم شفاعة الشافعين.
هناك شفاعة للمؤمنين من العلماء والملائكة والأنبياء والصالحين، وهم لا يشفعون إلا لمن أذن له الرحمان ورضى له قولا، أي أن الشفاعة منّة إلهية لمن يستحقها من أهل التوحيد، أما الكفار فإن لهم جهنم خالدين فيها أبدا، وعلى فرض وجود شافعين لهم من الأنبياء والصالحين والعلماء والمرسلين، فإن ذلك لن ينفعهم، ولن ينقذهم من عذاب النار، فما تنفعهم شفاعة الشافعين.
تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
المفردات :
فما لهم عن التذكرة معرضين : فما لأهل مكة عن العظة بالقرآن منصرفين.
التفسير :
٤٩- فما لهم عن التذكرة معرضين.
ما الذي حمل كفار مكة على الإعراض والابتعاد عن القرآن، وعن هدى محمد صلى الله عليه وسلم، والانصراف عن الإسلام ؟
قال مقاتل :
الإعراض عن القرآن من وجهين :
١- الجحود والإنكار.
٢- والوجه الآخر ترك العمل به.
ونلاحظ أن القرآن الكريم يسمى تذكرة، لاشتماله على التذكرة الكبرى والموعظة العظمى.
تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
المفردات :
حمر مستنفرة : حمر وحشية، شديدة النّفار.
من قسورة : من أسد، أو من الرماة القنّص.
التفسير :
٥٠، ٥١- كأنهم حمر مستنفرة* فرّت من قسورة.
إن القرآن الكريم سبب للهداية واطمئنان النفس، والإيمان وسعادة الدارين، لكن هؤلاء الكفار نفروا من تذكير القرآن لهم نفورا شديدا، أشبه بنفور الوحشية إذا شاهدت أسدا يحاول اقتناصها، أو مجموعة مدرّبة على الاقتناص والصيد من الصيادين المهرة، وهو تشبيه يزرى بهم، ويجعلهم يخرجون من دائرة الآدميين الذين يتفاهمون أو يتفهّمون القرآن والتذكرة إلى دائرة الحمر التي تركض ركضا شديدا عندما تجد ما يدعوها إلى النّفار والفرار.
وقريب من ذلك قوله تعالى : مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين. ( الجمعة : ٥ ).
والقسورة : إما جماعة الرماة الذين يتصيدون الحمر الوحشية : أو الأسد، وسمى قسورة لأنه يقهر السباع ويقسرها ويستولي عليها قسرا.
قال ابن عباس :
الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت، كذلك هؤلاء المشركون إذا رأوا محمدا صلى الله عليه وسلم هربوا منه، كما يهرب الحمار الوحشي من الأسد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.

المفردات :

حمر مستنفرة : حمر وحشية، شديدة النّفار.
من قسورة : من أسد، أو من الرماة القنّص.

التفسير :

٥٠، ٥١- كأنهم حمر مستنفرة* فرّت من قسورة.
إن القرآن الكريم سبب للهداية واطمئنان النفس، والإيمان وسعادة الدارين، لكن هؤلاء الكفار نفروا من تذكير القرآن لهم نفورا شديدا، أشبه بنفور الوحشية إذا شاهدت أسدا يحاول اقتناصها، أو مجموعة مدرّبة على الاقتناص والصيد من الصيادين المهرة، وهو تشبيه يزرى بهم، ويجعلهم يخرجون من دائرة الآدميين الذين يتفاهمون أو يتفهّمون القرآن والتذكرة إلى دائرة الحمر التي تركض ركضا شديدا عندما تجد ما يدعوها إلى النّفار والفرار.
وقريب من ذلك قوله تعالى : مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين. ( الجمعة : ٥ ).
والقسورة : إما جماعة الرماة الذين يتصيدون الحمر الوحشية : أو الأسد، وسمى قسورة لأنه يقهر السباع ويقسرها ويستولي عليها قسرا.

قال ابن عباس :

الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت، كذلك هؤلاء المشركون إذا رأوا محمدا صلى الله عليه وسلم هربوا منه، كما يهرب الحمار الوحشي من الأسد.

تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
المفردات :
صحفا منشرة : قراطيس واضحة مكشوفة.
التفسير :
٥٢- بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة.
كان الحقد والحسد يحمل كبراء مكة وعظماءها على عدم الإيمان حجودا وكبرا، بل كل واحد من هؤلاء الكبراء، كان يطمع أن ينزل عليه وحي السماء، مكتوبا في صحف مفتوحة كما كان يكتب القرآن الكريم، والله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته، فهو لا يختار الرسل لمنزلتهم المادية، أو عظم موقعهم المالي، ولكن لاعتبارات يعلمها الله، منها الخلق والطهارة والسموّ والأمانة، ورجاحة العقل والاستعداد للنهوض بأمر الرسالة، وقد أشار القرآن إلى هذه المعاني.
وقال تعالى : الله أعلم حيث يجعل رسالته... ( الأنعام : ١٢٤ ).
وقال تعالى : الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس... ( الحج : ٧٥ ).
وقال سبحانه : وقالوا لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم. ( الزخرف : ٣١ ).
وقد بلغ من حنق أبي جهل وجماعة من قريش على النبي صلى الله عليه وسلم أن قالوا : يا محمد، ائتنا بكتب من رب العالمين مكتوب فيها : إني قد أرسلت لكم محمدا.
ونظيره ما حكاه القرآن من قولهم : أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيّك حتى تنزّل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا. ( الإسراء : ٩٣ ).
وقال مجاهد :
أرادوا أن ينزل على كل واحد منهم كتاب من السماء، فيه : من رب العلمين إلا فلان ابن فلان، إن محمدا رسول الله فاتبعه.
تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
التفسير :
٣٩- كلاّ بل يخافون الآخرة.
كلا. حرف ردع وزجر.
أي : لا أفعل ما يطلبون، فإن الله يعطي للناس العقل والإرادة والاختيار والكسب، ويرسل للناس الرسل، وينزل الكتب السماوية، ويترك للبشر حرية الاختيار، فمن آثر الهدى والإيمان فله الجنة، ومن آثر الدنيا وشهواتها فله النار، وهؤلاء كفار مكة لا يخافون الآخرة، ولا يؤمنون بالثواب والعقاب، بل آثروا الدنيا وباعوا الآخرة، فذلك يعرضون عن التذكرة، ويقترحون على النبي صلى الله عليه وسلم اقتراحات متعددة تتعلق بمتع الدنيا ومظاهرها.
تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
المفردات :
كلا إنه تذكرة : حقا إن القرآن عظة.
التفسير :
٥٤، ٥٥- كلاّ إنه تذكرة* فمن شاء ذكره.
يردعهم القرآن مرة أخرى، ويخبرهم أن هذا القرآن تذكرة وتنبيه، حيث يلفت النظر إلى الخلق والكون، والصباح والمساء، والزروع الناضرة، والمطر الهاطل، والسحاب المسير، والأرض والسماء، والجبال والبحار، والليل والنهار، ويبين أن هذا الكون البديع المنظّم لا بد له من خالق رازق، مبدع قادر، فعال لما يريد.
فمن شاء ذكره.
فمن شاء القرآن واتعظ به، وتذكر ما فيه، واهتدى بهدايته، وجعل له الله حسنة في الدنيا وحسنة في الآخرة، ومن شاء أعرض عن هذه التذكرة، وكذّب بها وكفر، فاستحق المهانة في سقر.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٤:تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.

المفردات :

كلا إنه تذكرة : حقا إن القرآن عظة.

التفسير :

٥٤، ٥٥- كلاّ إنه تذكرة* فمن شاء ذكره.
يردعهم القرآن مرة أخرى، ويخبرهم أن هذا القرآن تذكرة وتنبيه، حيث يلفت النظر إلى الخلق والكون، والصباح والمساء، والزروع الناضرة، والمطر الهاطل، والسحاب المسير، والأرض والسماء، والجبال والبحار، والليل والنهار، ويبين أن هذا الكون البديع المنظّم لا بد له من خالق رازق، مبدع قادر، فعال لما يريد.
فمن شاء ذكره.
فمن شاء القرآن واتعظ به، وتذكر ما فيه، واهتدى بهدايته، وجعل له الله حسنة في الدنيا وحسنة في الآخرة، ومن شاء أعرض عن هذه التذكرة، وكذّب بها وكفر، فاستحق المهانة في سقر.

تمهيد :
كان أهل مكة في نفار وإعراض عن القرآن الكريم، وهو هداية ونور، لكنهم أعرضوا عنه، وأسرعوا في البعد عنه إسراع الحمر الوحشية حين تحس بالأسد يطاردها، أو مجموعة من الصيادين المقتنصين، وقد قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه : من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، ونؤمر فيه باتّباعك. وقد استعرضت الآيات جانبا من مشاهد الآخرة.
المفردات :
أهل التقوى : الله تعالى حقيق بأن يتّقى عذابه، أو أن يتقيه عباده.
وأهل المغفرة : حقيق بأن يغفر لمن آمن به وأطاعه.
التفسير :
٤٠- وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
تختم سورة المدثر ببيان طلاقه المشيئة الإلهية، فهو سبحانه خالق الإنسان، وهو العليم بما توسوس به نفسه، فمن رأى منه –سبحانه- الاستجابة للحق، والرغبة في الهدى، يسر له اليسرى، ووفقه وأعانه، ومنحه الهداية والمعونة، واللطف والخير، ومن دسّى نفسه، وآثر الهوى والشهوات، وأعرض عن هدايات السماء، سلب الله عنه الهدى والتوفيق، والاستماع للتذكرة، والاستفادة بهدي القرآن الكريم.
قال المفسرون :
وما يتعظون به إلا أن يشاء الله لهم الهدى، فيتذكروا ويتعظوا، وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، وترويح عن قلبه الشريف، مما كان يخامره من إعراضهم وتكذيبهم له.
هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
الله عز وجل أهل لأن يتقى، وأن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يخاف الإنسان مقام ربه، وينهى النفس عن الهوى، والله تعالى أهل للمغفرة والرحمة، لمن اتقاه وأطاعه.
روى الإمام أحمد، والترمذي وحسّنه، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية : هو أهل التقوى وأهل المغفرة. ثم قال :( قال ربكم : أنا أهل أن أتقى، فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها، فأنا أهل أن أغفر له )vii.
تم بحمد الله تفسير سورة ( المدثر ) مساء الثلاثاء * من المحرم ١٤٢٢ ه، الموافق ٣ من أبريل ٢٠٠١ م بمدينة المقطم بالقاهرة.
نسأل الله تعالى القبول والتوفيق، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم اجعلنا جميعا من أهل التقوى، ومن أهل المغفرة، اللهم آمين.
i انظر تفسير الخطيب، الجزء الرابع، تفسير سورة المزمل، وفي ظلال القرآن ٢٩/١٨٠.
ii جاورت بحراء فلما قضيت جواري :
رواه البخاري في تفسير القرآن ( ٤٩٢٢ ) ومسلم في الإيمان( ١٦١ ) من حديث يحيى بن أبي كثير قال : سألت أبا سلمة ابن عبد الرحمان عن أول ما نزل من القرآن قال :﴿ يا أيها المدثر ﴾ قلت : يقولون :﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق ﴾ فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن ذلك وقلت له مثل قلت : فقال جابر : لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عله وسلم قال :( جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت أمامي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فرأيت شيئا، فأتيت خديجة فقلت : دثّروني وصبوا علي ماء باردا قال : فدثّروني وصبوا علي ماء باردا، قال : فنزلت ﴿ يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر ﴾.
iii ذكر بعض المفسرين تبعا للزمخشري أن الذين أسلموا :( خالد، وعمارة، وهشام )، والصحيح انه الوليد، أما عمارة فإنه مات كافرا. انظر صفوة التفاسير للصابوني نقلا عن حاشية الشهاب ٨/٢٧٤.
iv يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام :
رواه مسلم في الجنة ( ٢٨٤٢ ) والترمذي في صفة جهنم ( ٢٥٧٣ ) من حديث عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ).
v إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون :
رواه الترمذي في الزهد ( ٢٣١٢ ) وابن ماجة في الزهد ( ٤١٩٠ ) وأحمد في مسنده ( ٢١٠٠٥ ) من حديث أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرشات، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله، والله لوددت أني كنت شجرة تعضد ). وقال الترمذي : حسن غريب.
vi في ظلال القرآن الجزء ٢٩، ص( ١٩٢، ١٩٣ ) بتلخيص وتصرف، الطبعة السادسة، بدون ذكر اسم المطبعة. والغالب أنها طبعة مصورة في بيروت ثم لم تذكر اسمها.
vii أنا أهل أن أتقى فمن اتقاني :
رواه أحمد في مسنده ( ١٢٠٣٤ ) والترمذي في تفسير القرآن ( ٣٣٢٨ ) وابن ماجة في الزهد ( ٤٢٩٩ ) والدارمي في الرقاق ( ٢٧٢٤ ) من حديث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية ﴿ هو أهل التقوى وأهل للمغفرة ﴾ قال :( قال الله عز وجل : أنا أهل أن أتقى فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له ).
قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب، وسهيل ليس بالقوي في الحديث، وقد تفرد بهذا الحديث عن ثابت.
Icon