ﰡ
قوله عز وجل :﴿ ن وَالْقَلَمِ ﴾.
تخفي النون الآخرة، وتظهرها، وإظهارها أعجب إليّ ؛ لأنها هجاء، والهجاء كالموقوف عليه وإن اتصل، ومن أخفاها بنى على الاتصال. وقد قرأت القراء بالوجهين ؛ كان الأعمش وحمزة يبينانها، وبعضهم يترك التبيان.
مقطوع، والعرب تقول : ضعُفت مُنتي عن السفر، ويقال للضّعيف : المنينُ، وهذا من ذلك، والله أعلم.
المفتون ها هنا بمعنى : الجنون : هو في مذهب الفتون، كما قالوا : ليس له معقول رأي، وإن شئت جعلته بأيكم : في أيكم أي : في أي الفريقين المجنون، فهو حينئذ اسم ليس بمصدر.
يقال : ودوا لو تلينُ في دينك، فيلينون في دينهم، وقال بعضهم : لو تكفر فيكفرون، أي : فيتبعونك على الكفر.
في هذا الموضع هو الشديد الخصومة بالباطل، والزنيم : الملصق بالقوم، وليس منهم وهو : الدعي.
قرأها الحسن البصري وأبو جعفر المدني بالاستفهام «أأن كان »، وبعضهم. «أن كان » بألف واحدة بغير استفهام، وهي في قراءة عبد الله : ولا تُطِعْ كلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ أن كان : لا تطعه أَنْ كان لأِنْ كان ذا مالٍ.
ومن قرأ : أ أن كان ذا مال وبنين، فإِنه وبّخه : ألأَِنْ كان ذا مالٍ وبنين تطيعه ؟ وإن شئت قلت : ألأَِن كان ذا مالٍ وبنين، إذا تليت عليه آياتنا قال : أساطير الأولين. وكلٌّ حسن.
قرأها الحسن البصري وأبو جعفر المدني بالاستفهام «أأن كان »، وبعضهم. «أن كان » بألف واحدة بغير استفهام، وهي في قراءة عبد الله : ولا تُطِعْ كلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ أن كان : لا تطعه أَنْ كان لأِنْ كان ذا مالٍ.
ومن قرأ : أ أن كان ذا مال وبنين، فإِنه وبّخه : ألأَِنْ كان ذا مالٍ وبنين تطيعه ؟ وإن شئت قلت : ألأَِن كان ذا مالٍ وبنين، إذا تليت عليه آياتنا قال : أساطير الأولين. وكلٌّ حسن.
أي : سنسمه سِمَة أهل النار، أي سنسوّد وجهه، فهو وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة، فإِنه في مذهب الوجه ؛ لأن بعض الوجه يؤدّي عن بعض.
والعرب تقول : أما والله لأسمنّك وسما لا يفارقك. تريد : الأنفَ، وأنشدني بعضهم :
لأعْلِطَنَّكَ وسْما لا يفارقه | كما يُحَزّ بِحُمىَّ المِيسمِ البَحرُ |
بلونا أهل مكة كما بلونا أصحاب الجنة، وهم قوم من أهل اليمن كان لرجل منهم زرع، ونخل، وكرم، وكان يترك للمساكين من زرعه ما أخطأه المنجل، ومن النخل ما سقط على البسط، ومن الكرم ما أخطأه القطاف. كان ذلك يرتفع إلى شيء كثير، ويعيش فيه اليتامى والأرامل والمساكين فمات الرجل، وله بنون ثلاثة ؛ فقالوا : كان أبونا يفعل ذلك، والمال كثير، والعيال قليل، فأما إِذ كثر العيال، وقلّ المال فإنا ندع ذلك، ثم تآمروا أن يصرموا في سَدَف : في ظلمة باقية من الليل لئلا يبقى للمساكين شيء، فسلط الله على مالهم نارا فأحرقته، فغَدوا على مالهم ليصرموه، فلم يروا شيئا إلا سوادا ؛ فقالوا :«إنا لضالُّون »، ما هذا بمالنا، ثم قال بعضهم : بل هو مالنا حرمناه بما صنعنا بالأرامل والمساكين، وكانوا قد أقسموا ليصرمنها أول الصباح، ولم يستثنوا : لم يقولوا : إن شاء الله، فقال أخ لهم أوسطهم، أعدلهم قولا : أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحون ؟ فالتسبيح ها هنا في معنى الاستثناء، وهو كَقوله :﴿ واذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾.
بلونا أهل مكة كما بلونا أصحاب الجنة، وهم قوم من أهل اليمن كان لرجل منهم زرع، ونخل، وكرم، وكان يترك للمساكين من زرعه ما أخطأه المنجل، ومن النخل ما سقط على البسط، ومن الكرم ما أخطأه القطاف. كان ذلك يرتفع إلى شيء كثير، ويعيش فيه اليتامى والأرامل والمساكين فمات الرجل، وله بنون ثلاثة ؛ فقالوا : كان أبونا يفعل ذلك، والمال كثير، والعيال قليل، فأما إِذ كثر العيال، وقلّ المال فإنا ندع ذلك، ثم تآمروا أن يصرموا في سَدَف : في ظلمة باقية من الليل لئلا يبقى للمساكين شيء، فسلط الله على مالهم نارا فأحرقته، فغَدوا على مالهم ليصرموه، فلم يروا شيئا إلا سوادا ؛ فقالوا :«إنا لضالُّون »، ما هذا بمالنا، ثم قال بعضهم : بل هو مالنا حرمناه بما صنعنا بالأرامل والمساكين، وكانوا قد أقسموا ليصرمنها أول الصباح، ولم يستثنوا : لم يقولوا : إن شاء الله، فقال أخ لهم أوسطهم، أعدلهم قولا : أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحون ؟ فالتسبيح ها هنا في معنى الاستثناء، وهو كَقوله :﴿ واذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾.
لا يكون الطائف إِلاَّ ليلا، ولا يكون نهاراً، وقد تكلم به العرب، فيقولون : أطفت به نهاراً وليس موضعه بالنهار، ولكنه بمنزلة قولك : لو ترك القطا ليلا لنام ؛ لأنَّ القطا لا يسري ليلا، قال أنشدني أبو الجراح العقيلي :
أطفت بها نهاراً غير ليلٍ | وألهى ربَّها طلبُ الرّخال |
وفي قراءة عبد الله :«لا يدخلنها »، بغير أن، لأنّ التخافت قول، والقول حكاية، فإذا لم يظهر القول جازت «أن » وسقوطها، كما قال الله :﴿ يُوصِيكُمُ اللهُ في أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن ﴾ ولم يقل : أنّ للذّكر، ولو كان كان صوابا.
وفي قراءة عبد الله :«لا يدخلنها »، بغير أن، لأنّ التخافت قول، والقول حكاية، فإذا لم يظهر القول جازت «أن » وسقوطها، كما قال الله :﴿ يُوصِيكُمُ اللهُ في أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن ﴾ ولم يقل : أنّ للذّكر، ولو كان كان صوابا.
على جدٍّ وقدرة في أنفسهم [ ٢٠٣/ب ] والحرد أيضاً : القصد، كما يقول الرجل للرجل : قد أقبلت قِبلك، وقصدت قصدك، وحَرَدْتُ حَردك، وأَنشدني بعضهم :
وجاء سيلٌ كان من أمر الله | يحرِد حَرْدَ الجنة المُغِلَّهْ |
يقول بعضهم لبعض : أنت الذي دللتنا، وأشرت علينا بما فعلنا. ويقول الآخر : بل أنت فعلت ذلك، فذلك تلاومهم.
القراء على رفع «بالغة » إلاّ الحسن، فإنه نصبها على مذهب المصدر، كقولك : حقاً، والبالغُ في مذهب الحق يقال : جيِّد بالغ، كأنه قال : جيّد حقا قد بلغ حقيقة الجودة، وهو مذهب جيد وقرأه العوام، أن تكون البالغة من نعت الأيمان أحب إليّ، كقولك ينتهي بكم إلى يوم القيامة أيمان علينا بأنَّ لكم ما تحكمون، فلما كانت اللام في جواب إِنّ كسرتها، ويقال : أئن لكم ما تحكمون بالاستفهام، وهو على ذلك المعنى بمنزلة قوله :﴿ أئذا كُنا تراباً ﴾ ﴿ أئنا لَمَرْدُودُونَ في الْحافِرَة ﴾.
يريد : كفيل، ويقال له : الحميل ؛ والقبيل، والصبير، والزعيم في كلام العرب : الضامن والمتكلم عنهم، والقائم بأمرهم.
وفي قراءة عبد الله :«أم لهم شرك فليأتوا بشركهم ». والشّرك، والشركاء في معنى واحد، تقول : في هذا الأمر شِرْك، وفيه شركاء.
القراء مجتمعون على رفع الياء [ حدثنا محمد ] قال : حدثنا الفراء قال : حدثني سفيان عن عمرو ابن دينار عن ابن عباس أنه قرأ «يوم تكشف عن ساق »، يريد : القيامة والساعة لشدتها قال : وأنشدني بعض العرب لجد أبي طرفة.
كشفَتْ لهم عن ساقها | وبدا من الشرِّ البراحُ |
معنى فذرني ومن يكذب أي : كِلْهم إِليّ، وأنت تقول للرجل : لو تركتك ورأيك ما أفلحت، أي : لو وكلتك إلى رأيك لم تفلح، وكذلك قوله :﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وحِيداً ﴾، و( من ) في موضع نصب، فإذا قلت : قد تُرِكتَ ورأيَك، وخُليت ورأيك نصبت الرأي ؛ لأن المعنى : لو ترِكتَ إلى رأيك، فتنصب الثاني لحسن هذا المعنى فيه، ولأنّ الإسم قبله متصل بفعل.
فإذا قالت العرب : لو تركت أنت ورأيُكَ، رفعوا بقوة : أنت، إذ ظهرت غير متصلة بالفعل. وكذلك يقولون : لو ترك عبد الله والأسدُ لأكله، فإِن كنّوا عن عبد الله، فقالوا : لو ترك والأسدَ أكله، نصبوا ؛ لأن الإسم لم يظهر، فإن قالوا : لو ترك هو والأسد، آثروا الرفع في الأسد، ويجوز في هذا ما يجوز في هذا إلا أن كلام [ ٢٠٤/ا ] العرب على ما أنبأتك به إلا قولَهم : قد ترك بعضُ القوم وبعض، يؤثرون في هذا الإتباعَ ؛ لأن بعضَ وبعضٌ لما اتفقتا في المعنى والتسمية أختير فيهما الإتباع والنصب في الثانية غير ممتنع.
يقول : أعندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون منه، ويجادلونك بذلك.
كيونس صلى الله عليه وسلم، يقول : لا تضجر بهم ؛ كما ضجر يونس حتى هرب من أصحابه ؛ فألقى نفسه في البحر ؛ حتى التقمه الحوت.
حين نبذ وهو مذموم، ولكنه نبد عير مذموم، ﴿ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ ﴾.
وفي قراءة عبد الله :«لولا أن تداركته »، وذلك مثل قوله :﴿ وَأخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ﴾ ﴿ وأخذت ﴾ في موضع آخر ؛ لأن النعمة اسم مؤنث مشتق من فعل، ولك في فعله إذا تقدم التذكير والتأنيث.
وقوله :﴿ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء ﴾. العراء الأرض.
[ حدثنا محمد بن الجهم قال : حدثنا الفراء ].
حين نبذ وهو مذموم، ولكنه نبد عير مذموم، ﴿ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ ﴾.
وفي قراءة عبد الله :«لولا أن تداركته »، وذلك مثل قوله :﴿ وَأخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ ﴾ ﴿ وأخذت ﴾ في موضع آخر ؛ لأن النعمة اسم مؤنث مشتق من فعل، ولك في فعله إذا تقدم التذكير والتأنيث.
وقوله :﴿ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء ﴾. العراء الأرض.
[ حدثنا محمد بن الجهم قال : حدثنا الفراء ].
قرأها عاصم والأعمش :( ليُزلِقونك ) بضم الياء، من أزلقتُ، وقرأها أهل المدينة :( ليَزلقونك ) بفتح الياء من زَلَقْتُ، والعرب تقول للذي يحلق الرأس : قد زلقه وأزلقه. وقرأها ابن عباس :«ليُزْهقونك بأبصارهم » حدثنا محمد قال : سمعت الفراء قال : حدثنا بذلك سفيان بن عيينة عن رجل ابن عباس، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود كذلك بالهاء :«ليزهقونك »، أي : ليلقونك بأبصارهم ؛ وذلك أن العرب كان أحدهم إذا أراد أن يعتان المال، أي : يصيبه بالعين تجوّع ثلاثاً، ثم يتعرض لذلك المال فيقول : تالله مالا أكثر ولا أحسن [ يعني ما رأيت أكثر ] فتسقط منه الأباعر، فأرادوا برسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلم مثل ذلك فقالوا : ما رأينا مثل حججه، ونظروا إليه ليعينوه، فقالوا : ما رأينا مثله، وإنه لمجنون، فقال الله عز وجل :﴿ وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾. ويقال :( وإن كادوا ليزلقونك ) أي : ليرمون بك عن موضعك، ويزيلونك عنه بأبصارهم، كما تقول : كاد يصرعني بشدة نظره، وهو بيِّن من كلام العرب كثير، كما تقول : أزهقت السهم فزهَق.
قرأها عاصم والأعمش :( ليُزلِقونك ) بضم الياء، من أزلقتُ، وقرأها أهل المدينة :( ليَزلقونك ) بفتح الياء من زَلَقْتُ، والعرب تقول للذي يحلق الرأس : قد زلقه وأزلقه. وقرأها ابن عباس :«ليُزْهقونك بأبصارهم » حدثنا محمد قال : سمعت الفراء قال : حدثنا بذلك سفيان بن عيينة عن رجل ابن عباس، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود كذلك بالهاء :«ليزهقونك »، أي : ليلقونك بأبصارهم ؛ وذلك أن العرب كان أحدهم إذا أراد أن يعتان المال، أي : يصيبه بالعين تجوّع ثلاثاً، ثم يتعرض لذلك المال فيقول : تالله مالا أكثر ولا أحسن [ يعني ما رأيت أكثر ] فتسقط منه الأباعر، فأرادوا برسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلم مثل ذلك فقالوا : ما رأينا مثل حججه، ونظروا إليه ليعينوه، فقالوا : ما رأينا مثله، وإنه لمجنون، فقال الله عز وجل :﴿ وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾. ويقال :( وإن كادوا ليزلقونك ) أي : ليرمون بك عن موضعك، ويزيلونك عنه بأبصارهم، كما تقول : كاد يصرعني بشدة نظره، وهو بيِّن من كلام العرب كثير، كما تقول : أزهقت السهم فزهَق.