القول في تأويل قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (١٠٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"تلك آيات الله"، هذه آيات الله.
* * *
وقد بينا كيف وضعت العرب"تلك" و"ذلك" مكان"هذا" و"هذه"، في غير هذا الموضع فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته. (١)
* * *
وقوله:"آيات الله"، (٢) يعني: مواعظ الله وعبره وحججه. ="نتلوها عليك"، (٣) نقرؤها عليك ونقصُّها=" (بالحق)، يعني بالصدق واليقين.
وإنما يعني بقوله:"تلك آيات الله"، هذه الآيات التي ذكر فيها أمورَ المؤمنين من أنصار رسول الله ﷺ وأمور يهود بني إسرائيل وأهل الكتاب، وما هو فاعل بأهل الوفاء بعهده، وبالمبدِّلين دينه، والناقضين عهدَه بعد الإقرار به. ثم أخبر عز وجل نبيه محمدًا ﷺ أنه يتلو ذلك عليه بالحق، وأعلمه أن من عاقبَ من خلقه بما أخبر أنه معاقبه [به] :(٤) من تسويد وجهه، وتخليده في أليم عذابه وعظيم عقابه =ومن جازاه منهم بما جازاه: من تبييض وجهه وتكريمه وتشريف منزلته لديه، بتخليده في دائم نعيمه، فبغير ظلم منه لفريق منهم، بل بحق استوجبوه، (٥) وأعمال لهم سلفت، جازاهم عليها، فقال تعالى ذكره:"وما الله يريد ظلمًا للعالمين"، يعني بذلك: وليس الله يا محمد=
(٢) انظر تفسير"آية" فيما سلف في فهارس اللغة مادة"أيا".
(٣) انظر تفسير"تلا" فيما سلف ٢: ٤٠٩ - ٤١١، ٥٦٦ - ٥٧٠ / ٦: ٤٦٦.
(٤) في المطبوعة: "أن من عاقبه"، وأثبت ما في المخطوطة فهو صواب. وما بين القوسين زيادة لا بد منها يقتضيها السياق.
(٥) في المطبوعة: "بل لحق"، وأثبت ما في المخطوطة.