ﰡ
- فهو " حلاف "، أي كثير الحلف، ولا يكثر الحلف إلا الكاذب.
- وهو " مهين "، أي : لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس.
- وهو " هماز "، أي : يهمز الناس ويعيبهم في حضورهم وغيبتهم.
- وهو " مشاء بنميم "، أي : يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم، ويقطع أرحامهم.
- وهو " مناع للخير "، أي : يمنع الخير عن نفسه وعن الناس.
- وهو " معتد "، أي " متجاوز للعدل وللحق باستمرار.
- وهو " أثيم "، أي : يرتكب المعاصي ويمارس الآثام على الدوام.
- وهو " عتل "، أي : غليظ جافي الطبع، لئيم النفس، سيء المعاملة.
- وهو " زنيم "، أي : مشهور بالخبث والشر إن لم يكن " ظنينا " في النسب.
- فهو " حلاف "، أي كثير الحلف، ولا يكثر الحلف إلا الكاذب.
- وهو " مهين "، أي : لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس.
- وهو " هماز "، أي : يهمز الناس ويعيبهم في حضورهم وغيبتهم.
- وهو " مشاء بنميم "، أي : يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم، ويقطع أرحامهم.
- وهو " مناع للخير "، أي : يمنع الخير عن نفسه وعن الناس.
- وهو " معتد "، أي " متجاوز للعدل وللحق باستمرار.
- وهو " أثيم "، أي : يرتكب المعاصي ويمارس الآثام على الدوام.
- وهو " عتل "، أي : غليظ جافي الطبع، لئيم النفس، سيء المعاملة.
- وهو " زنيم "، أي : مشهور بالخبث والشر إن لم يكن " ظنينا " في النسب.
- فهو " حلاف "، أي كثير الحلف، ولا يكثر الحلف إلا الكاذب.
- وهو " مهين "، أي : لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس.
- وهو " هماز "، أي : يهمز الناس ويعيبهم في حضورهم وغيبتهم.
- وهو " مشاء بنميم "، أي : يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم، ويقطع أرحامهم.
- وهو " مناع للخير "، أي : يمنع الخير عن نفسه وعن الناس.
- وهو " معتد "، أي " متجاوز للعدل وللحق باستمرار.
- وهو " أثيم "، أي : يرتكب المعاصي ويمارس الآثام على الدوام.
- وهو " عتل "، أي : غليظ جافي الطبع، لئيم النفس، سيء المعاملة.
- وهو " زنيم "، أي : مشهور بالخبث والشر إن لم يكن " ظنينا " في النسب.
- فهو " حلاف "، أي كثير الحلف، ولا يكثر الحلف إلا الكاذب.
- وهو " مهين "، أي : لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس.
- وهو " هماز "، أي : يهمز الناس ويعيبهم في حضورهم وغيبتهم.
- وهو " مشاء بنميم "، أي : يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم، ويقطع أرحامهم.
- وهو " مناع للخير "، أي : يمنع الخير عن نفسه وعن الناس.
- وهو " معتد "، أي " متجاوز للعدل وللحق باستمرار.
- وهو " أثيم "، أي : يرتكب المعاصي ويمارس الآثام على الدوام.
- وهو " عتل "، أي : غليظ جافي الطبع، لئيم النفس، سيء المعاملة.
- وهو " زنيم "، أي : مشهور بالخبث والشر إن لم يكن " ظنينا " في النسب.
- فهو " حلاف "، أي كثير الحلف، ولا يكثر الحلف إلا الكاذب.
- وهو " مهين "، أي : لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس.
- وهو " هماز "، أي : يهمز الناس ويعيبهم في حضورهم وغيبتهم.
- وهو " مشاء بنميم "، أي : يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم، ويقطع أرحامهم.
- وهو " مناع للخير "، أي : يمنع الخير عن نفسه وعن الناس.
- وهو " معتد "، أي " متجاوز للعدل وللحق باستمرار.
- وهو " أثيم "، أي : يرتكب المعاصي ويمارس الآثام على الدوام.
- وهو " عتل "، أي : غليظ جافي الطبع، لئيم النفس، سيء المعاملة.
- وهو " زنيم "، أي : مشهور بالخبث والشر إن لم يكن " ظنينا " في النسب.
- فهو " حلاف "، أي كثير الحلف، ولا يكثر الحلف إلا الكاذب.
- وهو " مهين "، أي : لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس.
- وهو " هماز "، أي : يهمز الناس ويعيبهم في حضورهم وغيبتهم.
- وهو " مشاء بنميم "، أي : يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم، ويقطع أرحامهم.
- وهو " مناع للخير "، أي : يمنع الخير عن نفسه وعن الناس.
- وهو " معتد "، أي " متجاوز للعدل وللحق باستمرار.
- وهو " أثيم "، أي : يرتكب المعاصي ويمارس الآثام على الدوام.
- وهو " عتل "، أي : غليظ جافي الطبع، لئيم النفس، سيء المعاملة.
- وهو " زنيم "، أي : مشهور بالخبث والشر إن لم يكن " ظنينا " في النسب.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا : " إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
في المصحف الكريم
في آخر الربع الماضي فسرنا الآيات الكريمة التي تناولت بالوصف والتحليل، ما كان عليه بعض أقطاب الشرك والتدجيل من عقلية جامدة، وأخلاق فاسدة، وقد وصفها الحق سبحانه لعباده المؤمنين، حتى يتجنبوها ويقاطعوا كل من اتصف بها من الفاسدين المفسدين، حيث قال تعالى :﴿ ولا تطع كل حلاّف مهين ﴾، إلى قوله تعالى في نفس الآية :﴿ أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ﴾. وبذلك أشار كتاب الله إلى أن هذا النموذج المنحرف من نماذج الضلال والخبال كان يستعلي على الرسول والمؤمنين، وكان يتكاثر بما عنده من مال وبنين، ناسيا أن الله له بالمرصاد، وأنه إنما يملي له ويستدرجه من حيث لا يعلم.
وبمناسبة ما أشار إليه كتاب الله في هذا الموضوع من استكبار هذا النموذج المتكبر، وبطره بنعمة الله، انتقلت الآيات الكريمة مباشرة من الحديث عنه إلى الحديث عن قصة قديمة، لها علاقة وثيقة بهذا الصنف من الناس، الذين يقابلون نعمة الله بالكفر لا بالشكر، فينتزعها الله منهم، ويعاقبهم بالسلب والحرمان، والحديث عن هذه القصة العجيبة هو الذي يستغرق الآيات الأولى من الربع الذي نفسره اليوم.
وخلاصة هذه القصة فيما تنقله الروايات، أن جماعة من أهل اليمن كانت لهم قرب صنعاء ضيعة مزدهرة، تحتوي على أنواع الثمار والفواكه، وهي في غاية النضارة والازدهار، فلما حل أوان قطف ثمارها، أخذوا يتذاكرون فيما بينهم، هل عندما يقطفون ثمارها يعطون من محصولها جزءًا للمساكين صدقة عليهم، وشكرا لله على فضله، أم أنهم يستأثرون لأنفسهم بكل شيء، ولا يعطون للمساكين شيئا، وكان من بينهم واحد يحب الخير والإحسان، فأشار عليهم بأن لا يهملوا حق المساكين من ثمرات تلك الضيعة، غير أن الأغلبية منهم رفضت قبول نصيحته، رغبة في الاستئثار بمجموع المحاصيل، والانفراد باستغلالها والانتفاع بها المائة في المائة، واتفقت تلك الأغلبية على قطف ما في الضيعة دون التصدق منه بقليل ولا كثير، وتواعد أفراد الجماعة فيما بينهم على موعد القطف، وتستّروا ما أمكنهم التستر، حتى لا يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى ؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.
وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾، أي : اختبرناهم، ﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾، أي : أصحاب الضيعة، ﴿ إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين١٧ ولا يستثنون١٨ ﴾، أي : حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا :" إن شاء الله "، ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون١٩ ﴾، أي : أصابتها آفة سماوية بأمر الله في الوقت الذي كانوا يغطّون في نومهم، ﴿ فأصبحت كالصّريم٢٠ ﴾، أي : أصبحت كأنها مقطوعة الثمار، لأن الآفة السماوية قضت على ثمارها، ﴿ فتنادوا مصبحين ٢١أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين٢٢ ﴾، أي : لما كان وقت الصبح، نادى بعضهم بعضا أن يذهبوا إلى قطف الثمار، ﴿ فانطلقوا وهم يتخافتون ٢٣أن لا يدخلنّها اليوم عليهم مسكين ٢٤ وغدوا على حرد قادرين٢٥ ﴾، أي : ذهبوا وهم يتكلمون بصوت منخفض، يحذر بعضهم بعضا من أن يدخل عليهم المساكين وهم يقطفون الثمار، لأنهم لا يعترفون للمساكين بأي حق فيما آتاهم الله من فضله، ﴿ فلما رأوها قالوا إنا لضالون٢٦ ﴾، أي : لمّا رأوا مزرعتهم على حالة يرثى لها، ظنوا أنهم دخلوا إلى مزرعة أخرى غير مزرعتهم، وذلك من هول المفاجأة، ولمّا تأكدوا أنها هي بنفسها لا غيرها، قالوا :﴿ بل نحن محرومون٢٧ ﴾، أي : أدركوا أن الله عاقبهم وعاملهم بالحرمان، جزاء كفرهم بنعمته وعدم شكره عليها، ولما تيقنوا من عقاب الله، ﴿ قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون٢٨ ﴾، أي : ذكرهم أرجحهم عقلا وأفضلهم سلوكا، بما كان قد نصحهم به من قبل، من إعطاء المساكين حقهم في ثمرات تلك المزرعة، شكرا لله على ما آتاهم، ولما عرفوا أنه كان محقا فيما نصحهم به، ﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين٢٩ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون٣٠ ﴾، أي : أخذ بعضهم يلوم البعض الآخر، واعترفوا بذنبهم جميعا، ﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين٣١ ﴾، أي : كنا على غير حق فيما بيتناه من هضم حقوق المساكين وحرمانهم، وها نحن قد أصابنا ما أصابنا جزاء أنانيتنا وطغياننا. ثم التجأوا إلى الله مضطرين، ولم يذكروه إلا في ذلك الحين، طالبين مغفرته وإحسانه قائلين :﴿ عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون٣٢ ﴾، لكن كتاب الله أكد أنهم، علاوة على العذاب الذي نالهم في الدنيا، سينالهم في الآخرة عذاب أكبر وأشد، ﴿ كذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون٣٣ ﴾.
وتساءل كتاب الله هل يعقل أن يكون الذين آمنوا واتقوا، -عند ربهم- في درجة الذين كفروا وأجرموا، وإنه لسؤال لا يصعب الجواب عنه جوابا منطقيا :﴿ أفنجعل المسلمين كالمجرمين٣٥ مالكم، كيف تحكمون٣٦ ﴾.
وتساءل كتاب الله هل يعقل أن يكون الذين آمنوا واتقوا، -عند ربهم- في درجة الذين كفروا وأجرموا، وإنه لسؤال لا يصعب الجواب عنه جوابا منطقيا :﴿ أفنجعل المسلمين كالمجرمين٣٥ مالكم، كيف تحكمون٣٦ ﴾.
- هل عندكم أيها المشركون " كتاب منزل " تتدارسونه فيما بينكم، تستمدون منه هذه الأحكام السخيفة التي تحكمون بها لأنفسكم، وتحكمون بها على غيركم، طبقا لشهواتكم وأهوائكم :﴿ أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون٣٨ ﴾.
- هل عندكم أيها المشركون عهود ومواثيق من الله أعطاها لكم، وعاهدكم عليها، وواثقكم بمقتضاها، حتى تفعلوا ما تشتهون، وتحكموا بما تشاءون، ﴿ أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة، إن لكم لما تحكمون٣٩ ﴾.
ودعا كتاب الله المشركين أن يحضروا معهم شركاءهم من الأصنام والأوثان، إن كان شركاؤهم صادقين في بذل العون لهم عند الحاجة، وإغاثتهم وقت الضيق :﴿ أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين٤١ ﴾، وبين كتاب الله أن أولئك الشركاء لن يعينوا المشركين الذين أشركوهم بالله في قليل ولا كثير، بل سيسلمونهم إلى مصيرهم المفجع يوم القيامة :﴿ يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون٤٢ خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون٤٣ ﴾.
ودعا كتاب الله المشركين أن يحضروا معهم شركاءهم من الأصنام والأوثان، إن كان شركاؤهم صادقين في بذل العون لهم عند الحاجة، وإغاثتهم وقت الضيق :﴿ أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين٤١ ﴾، وبين كتاب الله أن أولئك الشركاء لن يعينوا المشركين الذين أشركوهم بالله في قليل ولا كثير، بل سيسلمونهم إلى مصيرهم المفجع يوم القيامة :﴿ يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون٤٢ خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون٤٣ ﴾.
ودعا كتاب الله المشركين أن يحضروا معهم شركاءهم من الأصنام والأوثان، إن كان شركاؤهم صادقين في بذل العون لهم عند الحاجة، وإغاثتهم وقت الضيق :﴿ أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين٤١ ﴾، وبين كتاب الله أن أولئك الشركاء لن يعينوا المشركين الذين أشركوهم بالله في قليل ولا كثير، بل سيسلمونهم إلى مصيرهم المفجع يوم القيامة :﴿ يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون٤٢ خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون٤٣ ﴾.
وتحذيرا من أن يفهم بعض المؤمنين من هذه الآيات الكريمة تنقيصا من قدر يونس عليه السلام نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته إلى احترام مقامه وتوقيره، وعدم المفاضلة بينه وبين يونس، فقال صلى الله عليه وسلم كما روي في الصحيحين : " لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ".
وتحذيرا من أن يفهم بعض المؤمنين من هذه الآيات الكريمة تنقيصا من قدر يونس عليه السلام نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته إلى احترام مقامه وتوقيره، وعدم المفاضلة بينه وبين يونس، فقال صلى الله عليه وسلم كما روي في الصحيحين :" لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ".
وتحذيرا من أن يفهم بعض المؤمنين من هذه الآيات الكريمة تنقيصا من قدر يونس عليه السلام نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته إلى احترام مقامه وتوقيره، وعدم المفاضلة بينه وبين يونس، فقال صلى الله عليه وسلم كما روي في الصحيحين :" لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ".