تفسير سورة سورة القلم من كتاب البحر المحيط في التفسير
.
لمؤلفه
أبو حيان الأندلسي
.
المتوفي سنة 745 هـ
سورة القلم
هذه السورة مكية. قال ابن عطية : ولا خلاف فيها بين أحد من أهل التأويل. انتهى. ومعظمها نزل في الوليد بن المغيرة وأبي جهل.
ومناسبتها لما قبلها : أنه فيما قبلها ذكر أشياء من أحوال السعداء والأشقياء، وذكر قدرته الباهرة وعلمه الواسع، وأنه تعالى لو شاء لخسف بهم أو لأرسل عليهم حاصباً. وكان ما أخبر تعالى به هو ما تلقفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي، وكان الكفار ينسبونه مرة إلى الشعر، ومرة إلى السحر، ومرة إلى الجنون ؛ فبدأ سبحانه وتعالى هذه السورة ببراءته مما كانوا ينسبونه إليه من الجنون، وتعظيم أجره على صبره على أذاهم، وبالثناء على خلقه العظيم.
هذه السورة مكية. قال ابن عطية : ولا خلاف فيها بين أحد من أهل التأويل. انتهى. ومعظمها نزل في الوليد بن المغيرة وأبي جهل.
ومناسبتها لما قبلها : أنه فيما قبلها ذكر أشياء من أحوال السعداء والأشقياء، وذكر قدرته الباهرة وعلمه الواسع، وأنه تعالى لو شاء لخسف بهم أو لأرسل عليهم حاصباً. وكان ما أخبر تعالى به هو ما تلقفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي، وكان الكفار ينسبونه مرة إلى الشعر، ومرة إلى السحر، ومرة إلى الجنون ؛ فبدأ سبحانه وتعالى هذه السورة ببراءته مما كانوا ينسبونه إليه من الجنون، وتعظيم أجره على صبره على أذاهم، وبالثناء على خلقه العظيم.
ﰡ
ﮉﮊﮋﮌﮍ
ﰀ
ﮏﮐﮑﮒﮓ
ﰁ
ﮕﮖﮗﮘﮙ
ﰂ
ﮛﮜﮝﮞ
ﰃ
ﮠﮡ
ﰄ
ﮣﮤ
ﰅ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ
ﰆ
ﯓﯔﯕ
ﰇ
ﯗﯘﯙﯚ
ﰈ
ﯜﯝﯞﯟﯠ
ﰉ
ﯢﯣﯤ
ﰊ
ﯦﯧﯨﯩ
ﰋ
ﯫﯬﯭﯮ
ﰌ
ﯰﯱﯲﯳﯴ
ﰍ
ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ
ﰎ
ﯾﯿﰀ
ﰏ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ
ﰐ
ﭜﭝ
ﰑ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ
ﰒ
ﭧﭨ
ﰓ
ﭪﭫ
ﰔ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ
ﰕ
ﭵﭶﭷ
ﰖ
ﭹﭺﭻﭼﭽﭾ
ﰗ
ﮀﮁﮂﮃ
ﰘ
ﮅﮆﮇﮈﮉ
ﰙ
ﮋﮌﮍ
ﰚ
ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ
ﰛ
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ﰜ
ﮞﮟﮠﮡﮢ
ﰝ
ﮤﮥﮦﮧﮨ
ﰞ
ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ
ﰟ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ
ﰠ
ﯡﯢﯣﯤﯥﯦ
ﰡ
ﯨﯩﯪ
ﰢ
ﯬﯭﯮﯯ
ﰣ
ﯱﯲﯳﯴﯵ
ﰤ
ﯷﯸﯹﯺﯻ
ﰥ
ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ
ﰦ
ﰊﰋﰌﰍ
ﰧ
ﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ
ﰨ
ﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﰠ
ﰩ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ
ﰪ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ
ﰫ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯ
ﰬ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ
ﰭ
ﭹﭺﭻﭼﭽ
ﰮ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ
ﰯ
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ
ﰰ
ﮖﮗﮘﮙﮚ
ﰱ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ
ﰲ
ﮩﮪﮫﮬﮭ
ﰳ
سورة القلم
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١ الى ٥٢]
فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)
وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذَا مالٍ وَبَنِينَ (١٤)
إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩)
فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤)
وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩)
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قالُوا يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (٣٢) كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤)
أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩)
سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤)
وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩)
فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢)
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ١ الى ٥٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩)
وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذَا مالٍ وَبَنِينَ (١٤)
إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩)
فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤)
وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩)
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قالُوا يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (٣٢) كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤)
أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩)
سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤)
وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩)
فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢)
231
الْمَهِينُ، قَالَ الرُّمَّانِيُّ: الْوَضِيعُ لِإِكْثَارِهِ مِنَ الْقَبَائِحِ، مِنَ الْمَهَانَةِ، وَهِيَ الْقِلَّةُ. الْهَمْزُ:
أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الضَّرْبُ طَعْنًا بِالْيَدِ أَوْ بِالْعَصَا أَوْ نَحْوِهَا، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلَّذِي يَنَالُ بِلِسَانِهِ. قَالَ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ: وَبِعَيْنِهِ وَإِشَارَتِهِ. النَّمِيمُ وَالنَّمِيمَةُ: مصدران لنمّ، وَهُوَ نَقْلُ مَا يَسْمَعُ مِمَّا يَسُوءُ وَيُحَرِّشُ النُّفُوسَ. وَقِيلَ: النَّمِيمُ جَمْعُ نَمِيمَةٍ، يُرِيدُونَ بِهِ اسْمَ الْجِنْسِ. الْعُتُلُّ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَالْفَرَّاءُ: الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: هُوَ الْفَاحِشُ اللَّئِيمُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقِيلَ: الَّذِي يَعْتِلُ النَّاسَ: أَيْ يَجُرُّهُمْ إِلَى حَبْسٍ أَوْ عَذَابٍ، وَمِنْهُ: خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ «١». قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: عَتَلْتُهُ وَعَتَنْتُهُ بِاللَّامِ وَالنُّونِ. الزَّنِيمُ: الدَّعِيُّ. قَالَ حَسَّانُ:
وقال أيضا:
أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الضَّرْبُ طَعْنًا بِالْيَدِ أَوْ بِالْعَصَا أَوْ نَحْوِهَا، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلَّذِي يَنَالُ بِلِسَانِهِ. قَالَ الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ: وَبِعَيْنِهِ وَإِشَارَتِهِ. النَّمِيمُ وَالنَّمِيمَةُ: مصدران لنمّ، وَهُوَ نَقْلُ مَا يَسْمَعُ مِمَّا يَسُوءُ وَيُحَرِّشُ النُّفُوسَ. وَقِيلَ: النَّمِيمُ جَمْعُ نَمِيمَةٍ، يُرِيدُونَ بِهِ اسْمَ الْجِنْسِ. الْعُتُلُّ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَالْفَرَّاءُ: الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: هُوَ الْفَاحِشُ اللَّئِيمُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
بِعُتُلٍّ مِنَ الرِّجَالِ زَنِيمٍ | غَيْرِ ذِي نَجْدَةٍ وَغَيْرِ كَرِيمٍ |
زَنِيمٌ تَدَاعَاهُ الرِّجَالُ زِيَادَةً | كَمَا زِيدَ فِي عَرْضِ الْأَدِيمِ الأكارع |
وأنت زَنِيمٌ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ | كَمَا نِيطَ خَلْفَ الراكب القدح الفرد |
(١) سورة الدخان: ٤٤/ ٤٧.
232
وَالزَّنِيمُ مِنَ الزَّنَمَةِ، وَهِيَ الْهَنَةُ مِنْ جِلْدِ الْمَاعِزِ، تُقْطَعُ فَتُخَلَّى مُعَلَّقَةً فِي حَلْقَةٍ، سُمِّيَ الدَّعِيُّ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مُعَلَّقَةٌ بِغَيْرِ أَهْلِهِ. وَسَمَهُ: جَعَلَ لَهُ سِمَةً، وَهِيَ الْعَلَامَةُ تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ. قَالَ جَرِيرٌ:
الْخُرْطُومُ: الْأَنْفُ، وَالْخُرْطُومُ مِنْ صِفَاتِ الْخَمْرِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
قَالَ الشَّمَنْتَرِيُّ: الْخُرْطُومُ أَوَّلُ خُرُوجِهَا مِنَ الدَّنِّ، وَيُقَالُ لَهَا الْأَنْفُ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَصْفَى لَهَا وَأَرَقُّ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: الْخُرْطُومُ: الْخَمْرُ، وَأَنْشَدَ لِلْأَعْرَجِ الْمُغَنِيِّ:
الصِّرَامُ: جِدَادُ النخل. الجرد: الْمَنْعُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: حَارَدَتِ الْإِبِلُ إِذَا قَلَّتْ أَلْبَانُهَا، وَحَارَدَتِ السَّنَةُ: قَلَّ مَطَرُهَا وَخَيْرُهَا، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْقُتَبِيُّ، وَالْحَرْدُ: الْغَضَبُ. قَالَ أَبُو نَضْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ صَاحِبُ الْأَصْمَعِيِّ: وَهُوَ مُخَفَّفٌ، وَأَنْشَدَ:
وَقَالَ الْأَشْهَبُ بْنُ رُمَيْلَةَ:
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَقَدْ يُحَرَّكُ، تَقُولُ: حَرِدَ بِالْكَسْرِ حَرْدًا فَهُوَ حَرْدَانُ، وَمِنْهُ قِيلَ:
أَسَدٌ حَارِدٌ، وَلُيُوثٌ حَوَارِدُ، وَالْحَرْدُ: الِانْفِرَادُ، حَرَدَ يَحْرِدُ حُرُودًا: تَنَحَّى عَنْ قَوْمِهِ وَنَزَلَ مُنْفِرَدًا وَلَمْ يُخَالِطْهُمْ، وَكَوْكَبٌ حَرُودٌ: مُعْتَزِلٌ عَنِ الْكَوَاكِبِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْمُنْحَرِدُ:
الْمُنْفَرِدُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ. انْتَهَى. وَالْحَرْدُ: الْقَصْدُ، حَرَدَ يَحْرِدُ بِالْكَسْرِ: قَصَدَ، وَمِنْهُ حَرَدْتُ حَرْدَكَ: أَيْ قَصَدْتُ قَصْدَكَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ، مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ، وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ، وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ، فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ، بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ، فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ، وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ، وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ، أَنْ كانَ ذَا مالٍ وَبَنِينَ، إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ، إِنَّا بَلَوْناهُمْ
لما وضعت على الفرزدق مَيْسَمِي | وَعَلَى الْبَعِيثِ جَدَعْتُ أَنْفَ الْأَخْطَلِ |
قَدْ أَشْهَدُ الشَّرْبَ فِيهِمُ مِزْهَرٌ زَنِمُ | وَالْقَوْمُ تَصْرَعُهُمْ صَهْبَاءُ خُرْطُومُ |
تَظَلُّ يَوْمَكَ فِي لَهْوٍ وَفِي لَعِبٍ | وَأَنْتَ بِاللَّيْلِ شَرَّابُ الْخَرَاطِيمِ |
إِذَا جِيَادُ الْخَيْلِ جَاءَتْ تَرَدَّى | مَمْلُوءَةً مِنْ غَضَبٍ وَحَرْدِ |
أُسُودُ شَرًى لَاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ | تَسَاقَوْا عَلَى حَرْدٍ دِمَاءَ الْأَسَاوِدِ |
أَسَدٌ حَارِدٌ، وَلُيُوثٌ حَوَارِدُ، وَالْحَرْدُ: الِانْفِرَادُ، حَرَدَ يَحْرِدُ حُرُودًا: تَنَحَّى عَنْ قَوْمِهِ وَنَزَلَ مُنْفِرَدًا وَلَمْ يُخَالِطْهُمْ، وَكَوْكَبٌ حَرُودٌ: مُعْتَزِلٌ عَنِ الْكَوَاكِبِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْمُنْحَرِدُ:
الْمُنْفَرِدُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ. انْتَهَى. وَالْحَرْدُ: الْقَصْدُ، حَرَدَ يَحْرِدُ بِالْكَسْرِ: قَصَدَ، وَمِنْهُ حَرَدْتُ حَرْدَكَ: أَيْ قَصَدْتُ قَصْدَكَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَجَاءَ سَيْلٌ كَانَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ | يَحْرِدُ حَرْدَ الْجَنَّةِ الْمُغِلَّهْ |
233
كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ، وَلا يَسْتَثْنُونَ، فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ، فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ، أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ، فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ، أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ، وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ، فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ، قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ، قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ، فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ، قالُوا يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ، عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ، كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. انْتَهَى.
وَمُعْظَمُهَا نَزَلَ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأَبِي جَهْلٍ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا: أَنَّهُ فِيمَا قَبْلَهَا ذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ أَحْوَالِ السُّعَدَاءِ وَالْأَشْقِيَاءِ، وَذَكَرَ قُدْرَتَهُ الْبَاهِرَةَ وَعِلْمَهُ الْوَاسِعَ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَاءَ لَخَسَفَ بِهِمْ أَوْ لَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ حَاصِبًا. وَكَانَ مَا أَخْبَرَ تَعَالَى بِهِ هُوَ ما تلقفه رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ، وَكَانَ الْكُفَّارُ يَنْسُبُونَهُ مَرَّةً إِلَى الشِّعْرِ، وَمَرَّةً إِلَى السِّحْرِ، وَمَرَّةً إِلَى الْجُنُونِ فَبَدَأَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ بِبَرَاءَتِهِ مِمَّا كَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْجُنُونِ، وَتَعْظِيمِ أَجْرِهِ عَلَى صَبْرِهِ عَلَى أَذَاهُمْ، وَبِالثَّنَاءِ عَلَى خُلُقِهِ الْعَظِيمِ.
ن: حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، نَحْوَ ص وق، وَهُوَ غَيْرُ مُعْرَبٍ كَبَعْضِ الْحُرُوفِ الَّتِي جَاءَتْ مَعَ غَيْرِهَا مُهْمَلَةً مِنَ الْعَوَامِلِ وَالْحُكْمُ عَلَى مَوْضِعِهَا بِالْإِعْرَابِ تَخَرُّصٌ. وَمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ: أَنَّهُ اسْمُ الْحُوتِ الْأَعْظَمِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرْضُونَ السَّبْعُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ: أَنَّهُ اسْمُ الدَّوَاةِ. وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ: يَرْفَعُهُ أَنَّهُ لَوْحٌ مِنْ نُورٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّهُ آخِرُ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الرَّحْمَنِ.
وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ: أَنَّهُ نَهْرٌ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ
، لَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: ن حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، فَلَوْ كَانَ كَلِمَةً تَامَّةً أُعْرِبَ كَمَا أُعْرِبَ الْقَلَمُ، فَهُوَ إِذَنْ حَرْفُ هِجَاءٍ كَمَا فِي سَائِرِ مَفَاتِيحِ السُّوَرِ. انْتَهَى. وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ اسْمُ الدَّوَاةِ أَوِ الْحُوتِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُقْسَمٌ بِهِ كَالْقَلَمِ، فَإِنْ كَانَ عَلَمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجَرَّ، فَإِنْ كَانَ مُؤَنَّثًا مُنِعَ الصَّرْفَ، أَوْ مُذَكَّرًا صُرِفَ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا أُعْرِبَ، وَنُوِّنَ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَضَعُفَ الْقَوْلُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إِذَا كَانَ اسْمًا لِلدَّوَاةِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لُغَةً لِبَعْضِ الْعَرَبِ، أَوْ لَفْظَةً أَعْجَمِيَّةً عُرِّبَتْ، قَالَ الشَّاعِرُ:
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. انْتَهَى.
وَمُعْظَمُهَا نَزَلَ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأَبِي جَهْلٍ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا: أَنَّهُ فِيمَا قَبْلَهَا ذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ أَحْوَالِ السُّعَدَاءِ وَالْأَشْقِيَاءِ، وَذَكَرَ قُدْرَتَهُ الْبَاهِرَةَ وَعِلْمَهُ الْوَاسِعَ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَاءَ لَخَسَفَ بِهِمْ أَوْ لَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ حَاصِبًا. وَكَانَ مَا أَخْبَرَ تَعَالَى بِهِ هُوَ ما تلقفه رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ، وَكَانَ الْكُفَّارُ يَنْسُبُونَهُ مَرَّةً إِلَى الشِّعْرِ، وَمَرَّةً إِلَى السِّحْرِ، وَمَرَّةً إِلَى الْجُنُونِ فَبَدَأَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ بِبَرَاءَتِهِ مِمَّا كَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْجُنُونِ، وَتَعْظِيمِ أَجْرِهِ عَلَى صَبْرِهِ عَلَى أَذَاهُمْ، وَبِالثَّنَاءِ عَلَى خُلُقِهِ الْعَظِيمِ.
ن: حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، نَحْوَ ص وق، وَهُوَ غَيْرُ مُعْرَبٍ كَبَعْضِ الْحُرُوفِ الَّتِي جَاءَتْ مَعَ غَيْرِهَا مُهْمَلَةً مِنَ الْعَوَامِلِ وَالْحُكْمُ عَلَى مَوْضِعِهَا بِالْإِعْرَابِ تَخَرُّصٌ. وَمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ: أَنَّهُ اسْمُ الْحُوتِ الْأَعْظَمِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرْضُونَ السَّبْعُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ: أَنَّهُ اسْمُ الدَّوَاةِ. وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ: يَرْفَعُهُ أَنَّهُ لَوْحٌ مِنْ نُورٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّهُ آخِرُ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الرَّحْمَنِ.
وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ: أَنَّهُ نَهْرٌ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ
، لَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: ن حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، فَلَوْ كَانَ كَلِمَةً تَامَّةً أُعْرِبَ كَمَا أُعْرِبَ الْقَلَمُ، فَهُوَ إِذَنْ حَرْفُ هِجَاءٍ كَمَا فِي سَائِرِ مَفَاتِيحِ السُّوَرِ. انْتَهَى. وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ اسْمُ الدَّوَاةِ أَوِ الْحُوتِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُقْسَمٌ بِهِ كَالْقَلَمِ، فَإِنْ كَانَ عَلَمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجَرَّ، فَإِنْ كَانَ مُؤَنَّثًا مُنِعَ الصَّرْفَ، أَوْ مُذَكَّرًا صُرِفَ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا أُعْرِبَ، وَنُوِّنَ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَضَعُفَ الْقَوْلُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إِذَا كَانَ اسْمًا لِلدَّوَاةِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لُغَةً لِبَعْضِ الْعَرَبِ، أَوْ لَفْظَةً أَعْجَمِيَّةً عُرِّبَتْ، قَالَ الشَّاعِرُ: