ﰡ
﴿ ن ﴾ الأحرف التي تبدأ بها بعض السور قيل إنها أسماء لله، وقيل أقسام له تعالى، وقيل أسرار محجوبة، وقيل إشارة إلى ابتداء كلام وانتهاء كلام، وقيل أسماء لتلك السور. ﴿ يسطرون ﴾ أي يسطرون.
﴿ ما أنت بنعمة ربك بمجنون ﴾ أي ما أنت –منعما عليك بالنبوة وحصافة الرأي – بمجنون.
﴿ غير ممنون ﴾ أي غير مقطوع، من منه أي قطعه. أو غير ممنون به عليك، من المن.
﴿ بأيكم المفتون ﴾ أي أيكم الذي فتن بالجنون، والباء زائدة، وقيل بأيكم المفتون أي الجنون، لأن المفتون مصدر من مصادر فتن كالمفتون سواء بسواء.
﴿ لو تدهن ﴾ أي لو تداهن وتلاين. يقال دهن فلانا يدهنه وأدهنه وداهنه نافقه.
﴿ مهين ﴾ حقير، من المهانة.
﴿ هماز ﴾ أي كثير الهمز وهو الطعن. يقال همزه يهمزه عابه وطعن عليه. ﴿ مشاء بنميم ﴾ أي كثير المشي بالنميمة.
﴿ عتلّ ﴾ أي جاف غليظ. ﴿ زنيم ﴾ دعي منسوب لغير قومه.
﴿ أساطير ﴾ أي ما سطروه من خرافاتهم، جمع إسطارة وأسطورة.
﴿ سنسمه على الخرطوم ﴾ أي سنعلم أنفه. يقال وسمه يسمه أي جعل له علامة، والخرطوم الأنف.
﴿ إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة ﴾ أي إنا اختبرناهم وامتحناهم كما امتحنا أصحاب الجنة، يريد بستانا كان قرب صنعاء، وكان لرجل ينادي الفقراء وقت الصرام، أي وقت قطع البلح، ويترك لهم ما أخطأه المنجل، أو ألقته الريح فيجتمع لهم شيء كثير. فلما مات لم يرد أبناؤه أن يقتدوا به، فحلفوا ليصرمنها أي ليقطعنها " أي ثمرات النخل ". ﴿ مصبحين ﴾ أي وهم داخلون في الصباح.
﴿ ولا يستثنون ﴾ أي ولا يقولون : إن شاء الله.
﴿ طائف ﴾ أي بلاء طائف. والمعنى : فطاف عليها بلاء طائف وأهلك ثمرها وجعلها كالنخل المنزوع ثمره عقابا لهم.
﴿ كالصريم ﴾ أي كالبستان الذي صرمت ثماره أي قطعت.
﴿ فتنادوا مصبحين ﴾ أي فنادى بعضهم بعضا وهم داخلون في الصبح.
﴿ أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين ﴾ أي أن اخرجوا وقت الغداة أي أول ساعات النهار إلى زرعكم إن كنتم صارمين، أي قاطعين ثمر نخلكم. يقال صرم النخل يصرمه.
﴿ وهم يتخافتون ﴾ أي وهم يخفضون أصواتهم حتى لا يعلم بها أحد. يقال خفت الصوت يخفت أي انخفض، وأخفته أي خفضه.
﴿ وغدوا على حرد قادرين ﴾ أي وانطلقوا الغداة قادرين على منع لا غير. والحرد من حاردت السنة إذا انعدم مطرها، وحرد عليه يحرد حردا غضب عليه.
﴿ فلما رأوها ﴾ أي جنتهم. ﴿ قالوا إنا لضالون ﴾ أي تائهون عن طريقها.
﴿ بل نحن محرومون ﴾ أي بل حُرمنا خيرها بجنايتنا.
﴿ قال أوسطهم ﴾ رأيا أو سنا. ﴿ ألم أقل لكم لولا تسبحون ﴾ أي ألم أقل لكم حين عزمتم على حرمان الفقراء : هلا تسبحون الله أي تذكرونه وتتوبون إليه.
﴿ قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين ﴾ لأنفسنا بإيثار الشح على الإنفاق.
﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ﴾ أي يلوم بعضهم بعضا.
﴿ طاغين ﴾ أي متجاوزين الحدود في الظلم. فعله طغا يطغو طغوا، أي تجاوز الحد.
﴿ جنات النعيم ﴾ أي جنات ليس فيها إلا النعيم.
﴿ أفنجعل المسلمين كالمجرمين ﴾ هذا إنكار لقول الكفرة إذ كانوا يقولون : إن صح أننا نبعث كما يقول محمد، فنحن سنكون أحسن حالا من المؤمنين كما نحن عليه الآن في الدنيا. وهو غرور عظيم، فإن الله لا يسوي بين المسلمين والمجرمين.
﴿ ما لكم كيف تحكمون ﴾ كيف تحكمون هذا الحكم الجائر المخالف لبداهة العقل ؟
﴿ أم لكم كتاب فيه تدرسون ﴾ هل لكم كتاب تقرءون فيه مثل هذه الأحكام ؟
﴿ إن لكم فيه لما تخيرون ﴾ أي إن لكم في ذلك الكتاب ما تختارونه من الأباطيل.
﴿ أم لكم إيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة ﴾ أي عهود مؤكدة بالأيمان، وبالغة أي متناهية في التأكيد نحن مرتبطون بها إلى يوم القيامة. ﴿ إن لكم لما تحكمون ﴾ هو جواب القسم. والتقدير : ألكم علينا أيمان بالغة بأن لكم لما تحكمون به لأنفسكم ؟
﴿ سلهم أيهم بذلك زعيم ﴾ أي أيهم زعيم بذلك الحكم أي مطالب به.
﴿ أم لهم شركاء ﴾ يشاركونهم في هذا القول. { فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين.
﴿ يوم يكشف عن ساق ﴾ أي يوم يشتد الأمر وهو يوم القيامة، وكشف الساق كناية عن اشتداد الحال. ﴿ ويدعون إلى السجود ﴾ توبيخا لهم. ﴿ فلا يستطيعون ﴾ لزوال القدرة عليه.
﴿ خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ﴾ أي تلحقهم ذلة. يقال رهقه يرهقه رهقا أي غشيه ولحقه. ﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ﴾ فيستهزئون.
﴿ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث ﴾ هذا قول الله، أي فدعني ومن يكذب بهذا القرآن، كِلْ أمره إلي وأنا أكفيكه. ﴿ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ﴾ أي سنقربهم من العذاب قليلا قليلا من حيث لا يشعرون. يقال استدرجه إلى كذا قربه إليه، أو أنعم عليه نعمة كلما جدد خطيئته وأنساه الاستغفار.
﴿ وأملى لهم ﴾ أي وأمهلوا. ﴿ إن كيدي متين ﴾ لا يدفع.
﴿ أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون ﴾ أي أم تطلب إليهم أجرا على إبلاغك الرسالة إليهم فهم من مغرم مبهظون ؟
﴿ أم عندهم الغيب فهم يكتبون ﴾ أي فهم يكتبون منه ما يحكمون به.
﴿ كصاحب الحوت ﴾ يونس. ﴿ مكظوم ﴾ أي مملوء غيظا.
﴿ لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم ﴾ أي لرمى بأرض عارية من النبات وهو مذموم.
﴿ فاجتباه ربه ﴾ أي فاختاره. ﴿ فجعله من الصالحين ﴾ أي المستأهلين لحمل أعباء النبوة والرسالة.
﴿ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون ﴾ وإن مخففة من إن. يكاد أي يقرب. ليزلقونك أي ليجعلونك تزلق. والمعنى : إنهم لينظرون إليك شزرا بحيث يكادون يزلون قدمك.
﴿ وما هو إلا ذكر للعالمين ﴾ وما هذا القرآن إلا موعظة للناس أجمعين.